
الإمارات.. ريادة في التنمية والحفاظ على الهوية
منذ قيامها في الثاني من ديسمبر عام 1971، جسّدت دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً فريداً في الجمع بين الحفاظ على التراث والهوية الوطنية من جهة، وتحقيق قفزات تنموية واقتصادية وعلمية جعلتها في مصاف الدول الرائدة عالمياً من جهة أخرى. الإمارات نجحت في ترسيخ جذور هويتها.
وتأسس الاتحاد على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحرصت القيادة على أن يكون الإنسان الإماراتي محور التنمية، مع ترسيخ القيم الأصيلة والهوية الوطنية التي تستمد روحها من قيمنا العربية والإسلامية وثقافة مجتمعنا التي صقلت شخصية الأجداد. ونستشهد على ذلك بما قاله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر ولا مستقبل». استثمرت الدولة الكثير لتأصيل مفهوم الهوية الوطنية في الوقت الراهن من خلال تعزيز اللغة والتاريخ، والفنون الشعبية، والمهرجانات التراثية مثل مهرجان قصر الحصن ومهرجان الشيخ زايد التراثي، كما أنشأت المؤسسات والبرامج التعليمية لتعزيز الهوية الوطنية في نفوس الأجيال الجديدة، مؤكدة أن الانفتاح على العالم لا يعني الذوبان فيه، وإنما التفاعل الواعي والمبدع.
وللتنمية الاقتصادية في الدولة دور فاعل في تطوير مسارات التقدم والازدهار الاقتصادي، فعلى الرغم من الموارد المحدودة عند التأسيس، فقد تمكنت الدولة من صياغة رؤية واضحة للتنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال الاستثمار في البنى التحتية، والتعليم، والابتكار، والسياحة، والطاقة المتجددة. وفي هذا السياق أصبحت الإمارات واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم خلال العقود الماضية، ومركزاً مالياً وتجارياً وسياحياً إقليمياً وعالمياً، بفضل سياسات اقتصادية مرنة وجاذبة للاستثمار، وبيئة أعمال تنافسية، وتوّجت هذه الرؤية الطموحة بتحقيق إنجازات غير مسبوقة في قطاع الفضاء، حيث أطلقت «مسبار الأمل» في يوليو 2020، ليصل إلى مدار كوكب المريخ في فبراير 2021 كأول مهمة عربية إلى الكوكب الأحمر.
كما أعلنت الإمارات عن خطة للوصول إلى القمر وإنشاء مستعمرة بشرية على المريخ خلال المئة عام القادمة، لتثبت أن الأحلام الكبيرة تتحقق بالإرادة والتخطيط. لدى الإمارات قوّة ناعمة ناجحة تتغلب بها على التحديات الراهنة، حيث لم تكن رحلة الإمارات سهلة، فقد واجهت تحديات إقليمية ودولية، وصعوبات تنموية وثقافية واجتماعية، لكنها اعتمدت على قوتها الناعمة المتمثلة في الدبلوماسية الإنسانية، والاحترام المتبادل، والاستثمار في الثقافة والرياضة والتعليم لبناء صورة إيجابية عالمية. ووفق تقرير Brand Finance Global Soft Power Index 2024، جاءت الإمارات الأولى عربياً في القوة الناعمة لعام 2024 وأطلقت العديد من المبادرات التي عززت حضورها الإيجابي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأثبتت أن التنمية ليست فقط بالبنية التحتية، وإنما أيضاً ببناء الجسور مع الشعوب والثقافات.
وللدبلوماسية الإماراتية نجاحات متتالية بتعاملها المتوازن والفاعل بين الدول، من خلال سياسات الاعتدال والحوار والسلام.
ولعبت الدبلوماسية الإماراتية دوراً محورياً في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، وساهمت في جهود الوساطة لحل النزاعات، وقدّمت مساعدات إنسانية سخية لدول العالم، مما جعلها من أكبر المانحين في العالم مقارنة بدخلها القومي. كما نجحت الدولة في توقيع معاهدات واتفاقيات استراتيجية، ترسي من خلالها دعائم جديدة للتنمية والرخاء والتعاون في المنطقة. ونجحت دولة الإمارات في أن تكون نموذجاً عالمياً يجمع بين الأصالة والمعاصرة، والهوية والانفتاح، والتنمية والإنسانية.
لقد أثبتت أن الحفاظ على الجذور لا يتناقض مع التحليق نحو النجوم، وأن الإيمان بالقدرات الوطنية قادر على تخطي أصعب التحديات. من الصحراء إلى المريخ، تواصل الإمارات مسيرتها برؤية طموحة وعزيمة لا تعرف المستحيل.
*كاتبة إماراتية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 14 دقائق
- الاتحاد
حكاية من الذاكرة
حكاية من الذاكرة أذكر جيداً متى دخلت كلمة «جمعية» حيز مفرداتنا، وأصبحت من الكلمات والمصطلحات المتداولة، فقبل ذلك كان مصطلح «سوبر ماركت» أكثر شيوعاً، وأصبحت كلمة «جمعية» مسموعة في بيئات العمل عند دفع الأقساط، وعند توليف الأنشطة التراثية تحت لواء الحفظ والصون، وعند شراء حاجيات البيوت أو الأسهم الاستثمارية وغيرها. عندما انتصف الليل قررت الذهاب إلى جمعيتي المفضلة، ركنت السيارة وهرعت بلهفة إلى الداخل، كان المكان يَصفر «ولا الصريخ» وكانت الأرفف في أعلى مستوى من الترتيب. سحبت أحد قوارب النجاة، وسرت بين الصفوف، علّي أرى ما يجذبني فيلهمني لأجربه في مرحلة الصيام المتقطع. كان «القارب» يجرني من مكانٍ إلى آخر وكأنني جئت رفقة طفلٍ يبحث في ممرات الحلوى والألعاب عن الممتع والمسلي، رن هاتفي فقلت من ذا الذي يريد أن يبيع لي عقاراً في مثل هذه الساعة. جاء صوت أختي: «سلام عليك عائشة، الله يخليك ييبي لنا من الخبز اللي مدحتيه ترانا نسوي ريجيم بعد». الحاصل، اشتريت ما يبعد عن ضميري غصة الندم، وقد وردت كلمة «قليل»، «خفيف»، «خالي»، «طبيعي»، و«من دون» في أغلب تلك المشتريات. بين تلكؤ عجلات العربة وصرير إطاراتها التي تعودت على الأوزان الثقيلة سحبت رجليّ إلى حيث تحدث المقايضة. أمامي ثلاثة أشخاص وكلهم من الرجال التفتوا إليّ، وهز الأول رأسه بطريقه بها عظيم الاعتذار، وقال: «آسف أختي، لم أدعك تحاسبين قبلي فقد بدأ المحاسب في مسوحاته الضوئية وأنا في منتصف المعاملة» فقلت له: «لا بأس الدور ياي وأنا لست مستعجلة وجزاك الله كل الجزاء على هذا الذوق الرفيع»، ثم دفع بالبطاقة وغادر من دون الالتفات إلى الوراء. الشخص الثاني جاء لشراء علبة سجائر دفع ثمنها، وكان خارج الحسبة قبل أن ينتبه إليه أحد. أما الثالث، فقد كان شاباً وسيماً سَمْحَ الوجه قال بصوتٍ هادئ: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لو سمحت لي سأضع أغراضك على (الكاونتر)!» فقلت له: «وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لك مني جزيل الشكر لا أرى أي داعٍ لذلك» نظر إلى بإمعانٍ وكأنه يعرفني، وقال: «أنا مطيري من الكويت، ولك مني الحشمة والكرامة وأقسم بالله مشترياتك كلها عليّ»، وسار يضع الأغراض في الأكياس ودفع المستحقات وترك أغراضه واعداً المحاسب بأنه سيعود ومشى بخطوات ثابتة ليدفع العربة إلى حيث سيارتي فقلت له: «يا ابن الحلال هذا لا يجوز فنحن في بلادنا وعلينا فعل ذلك بدلاً منك! فقال مقاطعاً: أين هي سيارتك؟» للعارفين أقول: قبل عام التقيت بشابٍ مثله في المخبز اشترى لي خبزاً، واليوم، وكأنه موعدٌ سنوي يأتيني المطيري. ترى من هؤلاء الذين يغيرون مجرى حياتنا بأخلاقهم وقيمهم وكرمهم ويعيدون حسابات الفلك والموازين القيمية التي تُستدام؟! أكذب عليكم إن قلت لكم: إن هذا الموقف لم يبكني، نحبت بكل وجدان الإنسانية المتأصلة في روحي وأنا ما زلت أتساءل: ما الذي وجده فيّ ليعاملني وكأني محور الكون؟! وأقول للمطيري: «شكراً لك وغفر الله لوالديك، فقد أحسنوا التربية، وحفظك الله فخراً وذخراً وعزوة لنا جميعاً».

البوابة
منذ ساعة واحدة
- البوابة
رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفال الكنيسة الإنجيلية بالعمرانية بضم أعضاء جدد
شارك الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، في احتفال الكنيسة الإنجيلية بالعمرانية بمناسبة ضم أعضاء جدد إلى عضوية الكنيسة، وذلك بحضور القس نجاح كريم، راعي الكنيسة، والقس هاني سمير، راعي الكنيسة الإنجيلية بالمنصورة، وعدد من شيوخ وأعضاء مجلس الكنيسة، وبمشاركة كبيرة من أبناء الكنيسة. وألقى الدكتور القس أندريه زكي كلمة روحية بهذه المناسبة، هنأ فيها الأعضاء الجدد، معربًا عن سعادته الكبيرة، قائلاً: "انضمام أعضاء جدد للكنيسة هو تأكيد على أن رسالة الإنجيل ما زالت حية ومؤثرة في حياة الناس، وأن الكنيسة ما زالت تقدم شهادة فعالة في المجتمع." الدكتور القس أندريه زكي: "الثبات في الإيمان يقوم على عقل ناضج يتطلب تمييزًا وعمقًا وتجذرًا في كلمة الله" وفي كلمته، أكد رئيس الطائفة الإنجيلية على أهمية الثبات في الإيمان، مشددًا على أن هذا الثبات لا يتحقق إلا من خلال النضوج الروحي والفكري، قائلاً: "الإيمان الحقيقي لا يقوم على مجرد المشاعر، بل على عقل ناضج، ناقد، واعٍ، قادر على تمييز الحق من الزيف، وسط عالم من المعلومات المغلوطة والصور المفبركة والأفكار المشوشة." "لا يجوز أن نفصل بين العقيدة والفعل فالإيمان المسيحي هو ارتباط بين ما نؤمن به وما نعيشه في الواقع" وأضاف: "نحتاج إلى الثقة بكلمة الله التي تزرع فينا اليقين، وتقوي التزامنا وتوجهنا." وتابع الدكتور القس أندريه زكي: "لا يجوز أبدًا أن نفصل بين العقيدة والفعل، بين الروحانية والسلوك اليومي، فالإيمان المسيحي هو ارتباط بين ما نؤمن به وما نعيشه في الواقع." كما حذّر من خطر الانجراف وراء المعلومات السريعة والمضللة، داعيًا الحاضرين إلى أن يتحلوا بالتمييز الروحي والنضج العقلي، قائلاً: "احذروا من سهولة وسرعة التصديق، ومن الانفتاح غير المنضبط على المحتوى الرقمي، فالثبات في الإيمان يتطلب تمييزًا وعمقًا وتجذرًا في كلمة الله." وفي ختام كلمته، قال رئيس الطائفة: "أصلي اليوم من أجل أن نحيا جميعًا في ثبات الإيمان، والثقة بكلمة الله، وأن نمتلك قوة العقيدة ويقينية الالتزام." من جانبه، عبّر القس نجاح كريم، راعي الكنيسة الإنجيلية بالعمرانية، عن شكره العميق لرئيس الطائفة الإنجيلية على حضوره ومشاركته الفعالة، معتبرًا أن هذه الزيارة تمثل دعمًا روحيًّا ومعنويًّا كبيرًا لأبناء الكنيسة، ولا سيما الأعضاء الجدد.


الاتحاد
منذ 2 ساعات
- الاتحاد
قياس الكفاءات المهنية وتعزيز الأداء التربوي
قياس الكفاءات المهنية وتعزيز الأداء التربوي يُشكّل التعليم حجر الزاوية في بناء المجتمعات المعاصرة، ويأتي المعلمون والقائمون على العملية التعليمية في صدارة المسؤولين عن إعداد الأجيال المقبلة وتمكينها بالمعارف والمهارات اللازمة للتغلب على تحديات المستقبل. وتنسجم المبادرات المتواصلة لدولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير المنظومة التعليمية مع رؤية القيادة الرشيدة التي تُؤمن بأن الاستثمار في العنصر البشري هو الركيزة الأساسية لمستقبل مستدام، وتعزيز القدرات الوطنية لمواكبة التحولات العالمية المتسارعة. وفي ضوء هذه الرؤية، أطلقت وزارة التربية والتعليم مؤخراً مشروع «قياس الكفاءات المهنية للكوادر المدرسية» للعام الأكاديمي 2025-2026، كخطوة استراتيجية هدفها رفع كفاءة الأداء التربوي والارتقاء بالممارسات المهنية داخل المدارس، انسجاماً مع أهداف «رؤية الإمارات 2031» القائمة على ضرورة ترسيخ معايير الكفاءة والابتكار. وفي الواقع، فإن الاهتمام بتطوير تعليم عصري كان من أولويات دولة الإمارات منذ تأسيسها عام 1971، وهنا تجدر الإشارة إلى ما قاله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «إن تعليم الناس وتثقيفهم في حد ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم ثروة ونحن نبني المستقبل على أساس علمي»، ما يعكس الاهتمام الخاص بأهمية العلم وكونه حجر الأساس الجوهري لنهضة الإمارات. وفي امتداد لهذا النهج، الذي يجعل التعليم في صدارة الأولويات الوطنية، يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على أهمية التعليم كضرورة وطنية قصوى، قائلًا سموه: «خيار دولة الإمارات الوحيد حاضرًا ومستقبلًا هو التعليم النوعي وليس الكمي، والاستثمار في التعليم وتخريج كوادر نوعية متميزة يرتكز في الأساس على إعداد معلم متميز». وفي سياق المبادرات المتواصلة لوزارة التربية والتعليم لترسيخ التعليم العصري، جاء إطلاق مشروع «قياس الكفاءات المهنية وتعزيز الأداء التربوي» الذي يُعد أداة مهمة لتحديد الاحتياجات التدريبية وتقييم الأداء المهني للمعلمين وقادة المدارس والكوادر المساندة، دون أن تُستخدم نتائجه لأغراض رقابية، بل لخدمة التطوير المستدام للمنظومة التعليمية. ويرتكز هذا المشروع الحيوي على آليات تقييم شاملة تشمل اختبارات متعددة الخيارات وأسئلة تحليلية ومهاماً لحل المشكلات. ويستهدف 27 ألف مشارك من الكوادر المدرسية، بما في ذلك 14059 معلماً من المدارس الحكومية، و10865 من رياض الأطفال والحلقة الأولى، و911 من القيادات والوظائف الداعمة، بالإضافة إلى 2283 من التخصصات المتنوعة. وقد تم تنفيذ المشروع حتى 16 يوليو 2025، عبر 28 مركزاً في 10 مواقع رئيسة شملت جميع إمارات الدولة، مع جلسات يومية صباحية ومسائية، وفرق إشراف ميدانية لضمان سلاسة العملية. وتنعكس أهمية هذا المشروع في تكوين قاعدة بيانات معيارية للكفاءات المهنية، مما يمكّن من تحديد الفجوات المهارية وصياغة خطط تطوير فردية ومؤسسية، على النحو الذي يرفع من جودة التعليم ويضمن تكيف الكوادر مع المتغيرات التكنولوجية والتربوية، بالانسجام مع حقيقة رئيسية مفادها أن الاستثمار الحقيقي في عملية التنمية البشرية يبدأ من المعلم، وأن جودة التعليم تنبع من توفير الكفاءات اللازمة. والحاصل أن مشروع «قياس الكفاءات المهنية وتعزيز الأداء التربوي» يتكامل مع مبادرات أخرى لاستمرار التطوير الدائم للمنظومة التعليمية، ومنها منصة «كفاءات» التي أطلقتها الوزارة لتدريب 25000 قائد ومعلم وإداري من خلال برامج متخصصة، تم تطويرها بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية وتربوية عالمية، لضمان مواكبة أحدث الممارسات التربوية. وتشمل هذه البرامج حلولاً تطويرية تركز على تعزيز الكفاءات المهنية، من أجل تمكين الكوادر التعليمية. لقد حرصت دولة الإمارات منذ تأسيسها على تهيئة الظروف المواتية لبناء نظام تعليمي رائد من حيث المعايير والشكل والمضمون، وتأسيس بيئة تعليمية فائقة الجودة، ومزودة بأدوات التقنية الحديثة. ولا شك أن إطلاق مشروع «قياس الكفاءات المهنية وتعزيز الأداء التربوي» يعكس التزام الإمارات الراسخ بجعل التعليم ركيزة للتقدم الوطني، ومع استمرار هذه الجهود، سيشهد النظام التعليمي قفزات نوعية تعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي للمعرفة والابتكار. * صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.