
علي ذراع.. قامة إعلامية وسياسية تترجل
ترجل الرجل الذي أحب الجزائر، واستمات في الدفاع عنها، في كل المجالس والمحافل، مسنودا بزاد ثوري وموروث سياسي حافل، تكرس عبر مسار مهني طويل، جعل منه شخصية إعلامية، لا يختلف حولها اثنان. جمع بين قوة الحجة وصلابة الموقف، حين يتعلق الأمر بالوطن. كان الالتزام عنده عقيدة، التزام برسالة الشهداء وتطلعات الأجيال القادمة. ترك في الوسط الإعلامي إجماعا على محبته وتقديره واحترامه، فكان مثالا يحتذى به من قبل الأجيال التي انخرطت في ميدان الإعلام في العقود الأخيرة، لما يحمله من قيم ومواقف وقدرة على احتواء الحالات الصعبة، والتواصل مع الجميع، وفق قاعدة أساسية 'نختلف في الكثير من الأشياء ولا نتوافق في الآراء حول الكثير من المشكلات، لكننا لا يمكن أن نختلف على الوطن'. ترجل علي ذراع وهو يتأبط محبة أجيال من الصحفيين، والمواطنين، واحتراما من كل الذين عرفوه في السياسة والإعلام.
محمد يعقوبي: عندما ترحل متسامحا ومنصفا.. ستبكيك كل الصحافة
كان خبر وفاة الأستاذ علي ذراع صادمًا لنا جميعًا. لم يكن رحيله عاديًا، ولا وداعه مثل غيره، لأن علي ذراع لم يكن مجرد إعلامي، بل كان إنسانًا استثنائيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
عرفناه صحفيًا هادئًا، لا يدخل في الصراعات، ولا يحب الاستقطاب ولا ينحاز إلا للحقيقة. كان يقف على مسافة واحدة من الجميع، يحترم كل الآراء والتيارات، ويعامل الجميع بجزائريته النقية، التي تجمع ولا تفرّق. لهذا السبب، رأينا في جنازته وجوهًا من كل الاتجاهات: الإسلامي، العلماني، الوطني، وكل من عرفه أو عمل معه، جاء ليودعه.
لم يكن فقط صحفيًا ناجحًا، بل كان مناضلًا وطنيًا صادقًا. في كل اللحظات الصعبة التي مرت بها البلاد، كان حاضرًا بصوته الهادئ ومواقفه الواضحة. أيام الحراك وبعده، وقف مع وطنه، وساهم بطريقته في دعم المسار الدستوري، وساعد في حماية الجزائر من الوقوع في الفوضى.
تشرفت بالعمل معه لسنوات طويلة في جريدة الشروق، عندما كنت رئيس تحرير، وكان هو المستشار الإعلامي للجريدة. كان سندًا لنا، يقدّم النصيحة بحكمة، ويساعدنا في اتخاذ القرارات الصعبة. كان مرجعًا نلجأ إليه كلما واجهتنا مشاكل مهنية أو حتى شخصية. لم يكن يبخل علينا أبدًا، وكان دائمًا حاضرًا لمن يحتاجه.
علي ذراع لم يكن فقط صحفيًا، بل كان أبًا وأخًا وصديقًا. يسأل عندما ننساه ويستمع للجميع حينما يلجأون اليه، ويحتويهم، ويخفف عنهم. فقدانه خسارة كبيرة للمهنة، ولنا جميعًا. لكن وفاته يجب أن تكون درسا لنا بأن الإعلامي الحقيقي هو من يخدم وطنه، ويكون جامعا لا مفرقا ويبتعد عن الفتن، ويعامل الناس بإنسانية واحترام… رحم الله علي ذراع، وأسكنه فسيح جناته.
الإعلامي رشيد ولد بوسيافة:
الرّاحل علي ذراع… صوت العقل وضمير المهنة
لم تكن لي معرفة شخصية بالراحل علي ذراع، رحمه الله، قبل أن يلتحق بالشروق في 2007. وكانت تلك الهالة التي تحيط به كواحد من الإعلاميين الكبار تجعلنا نضع مسافة معينة في التعامل معه، لكن بساطة الرجل وتواضعه وهدوءه في التعامل معنا جعلتنا نقترب منه في الأيام الأولى، وخلال أشهر قليلة أصبح ملازما لنا في أعمالنا اليومية موجها وناصحا ومؤطرا.
كان للأستاذ علي ذراع مكانة خاصة لدى كلّ العاملين في الشّروق أيام قوّتها وانتشارها، إذ وضع خبرته الطّويلة في العمل الإعلامي وكذا علاقاته المتشابكة مع الفاعلين في السلطة وفي المعارضة، في خدمة الصحفيين، وطالما استشرناه في القضايا الشائكة التي تتطلب قدرا كبيرا من الحنكة والتجربة والحذر.
لعب الأستاذ علي ذراع دورا محوريا في استقرار الطّاقم التحريري والتقني للشّروق من خلال المهمّة التي كلفه بها الأستاذ علي فضيل رحمه الله، حين أسند إليه لجنة الانضباط داخل المجمّع، فحوّلها إلى لجنة للعقلاء تعمل على تجاوز الأزمات وتحل الخلافات بالحوار والتّسامح بدل الإجراءات العقابية، وهنا ظهرت إنسانية الرَّجل رزانته وحبه للجميع واجتهاده في الحفاظ على تماسك الفريق وقوته، وقد وقفت على هذا الأمر بنفسي لما أصبحت عضوا في هذه اللجنة ممثلا للصحفيين.
وبعد أن تربّعت الشّروق على عرش الصّحافة المكتوبة في الجزائر، دخلت الجريدة مرحلة أخرى كان للراحل علي ذراع دور محوري فيها، إذ بدأت سنة 2009 في تكريم العلماء والمصلحين، وكانت أول شخصية كرمناها هي العالم الجليل عبد الرحمان جيلالي، لتنطلق سلسلة التكريمات التي استمرت إلى غاية سنة 2023، تم خلالها تكريم أزيد من 300 شخصية علمية وسياسية وإعلامية من داخل وخارج الوطن، وكان الراحل علي ذراع يشارك بكل فعالية، وقد تطلب منه الأمر السفر خارج العاصمة للإشراف على فعاليات التكريم، وهو ما حدث في ولاية غرداية حين تنقل رفقة الزميلين صالح عوض وعبد الحميد عثماني لتكريم العالمين الجليلين محمد سعيد كعباش والأخضر الدهمة.
كان الراحل علي ذراع نموذجا للإعلامي الملتزم بقضايا وطنه ودينه، وهو ابن الشهيد الذي كرَّس نفسه لخدمة الثوابت الوطنية، فكان عضوا فعالا في اللجنة الجزائرية للدفاع عن الفلسطينيين في غزة، وأشرف بنفسه على الكثير من الفعاليات الإعلامية المساندة للقضية الفلسطينية رفقة عدد من المناضلين والمجاهدين الكبار من أمثال الراحل عبد الحميد مهري والمجاهدة جميلة بوجيرد والراحل لخضر بورقعة، وكان مكتبه في الطابق الأرضي لمقر الشروق بمثابة غرفة للعمليات يجتمع فيه هؤلاء لتسطير برامج التحركات نصرة للقضية الفلسطينية.
لم يكن علي ذراع إمعة أو مطبلا للسلطة، وأذكر أنه اتخذ موقفا معارضا للعهدة الثالثة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وتحرَّك رفقة عدد من الشَّخصيات ضد تعديل الدستور آنذاك محذرا من خطورة فتح العهدات الرئاسية، وقدم بذلك درسا مفيدا للجميع بأن التخندق مع الوطن وقضاياه لا يعني التطبيل للسلطة القائمة.
صالح عوض: كاتب فلسطني
كان كالنسمة في 'الشروق' وهذه مواقفه مع بومدين وفلسطين
'عندما التقيته في مجمع الشروق قبل 15 سنة أحسست بإنسان يعرفني ويقدم لي الود مباشرة واقتربت منه وجالسته على خلوة في مكتبه فأباح لي بكثير من ذكرياته.. تسكنك في اللحظة الأولى الراحة وأنت تستمع لرجل يسرد الذكريات وهو يبتسم أو يضحك مهما كانت الظروف قاسية أو مرة.. حدثني كثيرا عن معركة التعريب في الجزائر وهو قيادي طلابي وقد تعرضت التظاهرة للقمع.. وكيف كان لقاؤه مع المرحوم الرئيس بومدين. حكي لي رحمه الله انه عندما قابل الرئيس كان مغاضبا ويتكلم باندفاع فهدأه الرئيس قائلا له: وهل تريدون تعريبا وعربية من دون تضحيات.. استمروا ان كنتم مؤمنين بالعربية في احتجاجاتكم وقابلوا القمع بإصرار ولكن دون إضرار بأمن الدولة..'.
'حدثني الحبيب علي ذراع عن رحلته إلى موسكو في إطار لقاءات كان يعقدها الحزب الشيوعي السوفيتي لطلبة الدول الاشتراكية.. وكم كان يبتسم ويضحك من تلك التجربة وهو على يقين انها تجربة لا تنفع بلادنا'..
'في الشروق كان الحاج كالنسمة يمر على المكاتب بهدوء وابتسامة يجامل هنا ويمزح هناك وكلما قابلته يقول لي بارك الله فيك.. دايما لازم يظل خطنا عربي إسلامي ضد الصهيونية والاستعمار..'.
اما فلسطين فلها مع الحاج حكاية خاصة هي ترمومتر أفكاره ومواقفه.. سألته مرة عن قوة الموقف الجزائري تجاه فلسطين، فقال لي رحمه الله اقولك شيئا واحتفظ به.. ان في الجزائر حزبا يتجاوز كل الأحزاب وعابر لكل الأفكار انه حزب فلسطين.. استفسرت فرد علي، هل تعرف اننا نلتقي بيننا مجموعات كثيرة، نتسامر ولا نطرح الا موضوع فلسطين بمدنها وقراها ومخيماتها..
معلومي ياسين:
سافرت معه وكان يقول لي دائما يجب أن نحب هذا الوطن
'لا أجد الكلمات للحديث عن رجل وهب كل حياته من أجل الجزائر، عرفته رجلا شهما طيبا وطنيا حتى النخاع.. فهو من عائلة ثورية، ويحظى باحترام الجميع، علاقتي بالأستاذ علي ذراع كانت أكثر من علاقة الابن بأبيه، سافرت معه، تقاسمت معه نفس الغرفة، وأكلت معه في نفس الطبق، أديت معه فريضة الحج… كان يقول لي دائما، لا بد أن نحب هذا الوطن الذي استشهد من أجله والدي، وأعمامي.. وأبناء بلدي… كان يلقبه الجميع بـ'سي علي'، احتراما وتقديرا له.. كان يحب العلم و العلماء… ولد في 15 جانفي 1948، وشاء القدر أن يغادرنا في 15 جويلية 2028، 77 سنة من عمره قضاها في خدمة الوطن… قضيت معه أكثر من عشر سنوات في مجمع الشروق، حيث كان يتقاسم ولمدة تجاوزت 12 سنة نفس المكتب مع الأستاذ رشيد فضيل، ويتقاسم معه أيضا السفريات إلى مكة من أجل الحج أو العمرة.
رحم الله عمي علي وغفر له وأسكنه فسيح الجنان ورزقنا وذويه جميل الصبر السلوان… وداعا أيها الأخ والصديق والأب.. في جنات النعيم إن شاء الله
الإعلامي مسعود هدنة:
كان ينصحني ويثني عليّ أمام مديري المرحوم علي فضيل
' فجعني اليوم – بعد العصر بتوقيت فرجينيا – خبر رحيل عمي علي ذراع، بعد أن كنت أتابع منذ يومين نقله إلى مستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة، ودعوت له بالشفاء والعافية، عمي علي ليس قامة وطنية وإعلامية عادية، إنه رجل لا يغادر مجاميع الشباب كما الكهول كما الشخصيات السياسية، يسدي النصيحة ويتابع ويحث وينهى.. جزائري قحّ.. يتنفس ثورة التحرير.
شخصيا كان عمي علي ينصحني في الإعلام، ومرة أثنى على مقال كتبته أمام مديري الأسبق علي فضيل رحمه الله، ولست أنسى له هذه، وكيف كان فخورا بذلك المقال ووزّع منه نسخا على معارفه. كنا نلتقي في أعالي تيبازة نمارس هواية صيد الأرانب والبط في عرش مناصر، وتناولنا أطباقهم التقليدية، وهم عائلة ثورية منذ أيام الأمير عبد القادر، وكان عمي علي طوّافا علينا لا تغادر ضحكاته آذاننا، وقد تهلّل وجهه الأحمر سعادة ولمعت عيناه الزرقاوان، عمي علي رجل وطني خالص لله، زاهد في المسؤوليات، قريب من الجميع..'.
الإعلامي صالح سعودي
عرفناه بحكمته وطيبته وابتسامته
'الفقيد علي ذراع، ابن شهيد متشبع بكل معاني الوطنية والوفاء للوطن والرسالة الإعلامية. كان واحدا من الوجوه البارزة التي صنعت مجد الصحافة الجزائرية على مدار سنوات طويلة.. اتيحت لي فرصة التعرف عليه في عام 2014 حين كان مستشارا في مجمع الشروق. عرفناه بطيبته وحكمته وابتسامته الدائمة ونصائحه القيمة التي تجمع بين الخبرة وروح الأبوة..
عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني
رحيل صاحب المواقف الوطنية ورمز التعاون والأخوة
'نعزي الأسرة الثورية ومنظمات أبناء الشهداء التي انتمى إليها، بكون علي ذراع ابن الشهيد الذي قدم والده أغلى ما يملك من أجل الجزائر، وأمضى وثيقة الولاء للوطن بدمائه الزكية، التي كانت مرافقة للفقيد طوال حياته، فكان وقفا على الوطن وقضاياه الأساسية.
ونعزي الأسرة الإعلامية في أحد الرجال المؤسسين للإعلام الملتزم، والنزيه، والصادق، الباحث عن الحقيقة والمدافع عنها، منذ أيام الإعلام الأولى، وخلال كل مراحل التحولات التي لم تغيره عن قيمه ومبادئه، فخرج على يديه مئات الإعلاميين الحريصين على المدرسة الإعلامية الوطنية وقيمها، في صفحات الإعلام وقنواته المختلفة.
ونعزي القوى السياسية، التي كان الأستاذ علي حاضرا في مختلف مبادراتها، واجتماعاتها، وتطلعاتها، صديقا لمناضليها وقادتها، حريصا على التقريب بينها، ساعيا لتكون الجزائر أولوية نضالها، معتزا بالتعددية التي تصب في مصالح الشعب والوطن..
أبو جرة سلطاني سيناتور بمجلس الأمة
عاش مبتسما ومات مبتسما..
' رحل عنا صديقي الإعلامي علي ذراع الذي لا تفارق البسمة محياه حتى في أحرج اللحظات. فارقنا وقد أحب في وطنه ثلاثة:
الوطنيين وكان قدوته المناضل الكبير مهري رحمه الله.
والإسلاميين وكان أكبر تقديره للشيخ محفوظ نحناح رحمه الله.
والمنافحين عن اللغة العربية. وكان محط إعجابه سعادة السفير عبد القادر حجار.
عاش مبتسما.. ومات مبتسما.. ولم تكتب لي الأقدار أن أودعه رغم أنني رافقته ليلا من البليدة إلى الحي الذي يسكنه في آخر لقاء جمعنا في زفاف نجل صديق مشترك.
السيرة الذاتية للراحل علي ذراع
الإعلامي علي ذراع، ابن شهيد، سليل مشّاط بالميلية 'جيجل' من مواليد 15 يناير 1948 .
المسار العلمي:
المدرسة الابتدائية 'الكتانية' بولاية قسنطينة.
معهد عبد الحميد ابن باديس.
حاصل على شهادة البكالوريا، شعبة العلوم سنة 1968.
حاصل على شهادة الليسانس في الهندسة الكيماوية جامعة هواري بومدين بباب الزوار سنة 1975.
حاصل على شهادة الليسانس في العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر سنة 1975.
حاصل على شهادة الماجستير في القانون بجامعة الجزائر سنة 1984.
المسار المهني:
التحق بشركة 'سوناطراك' ثم تفرغ للعمل النقابي.
عضوا في الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين خلال فترة تعليمه الجامعي.
متطوع في الثورة الصناعية تحت قيادة الرئيس الراحل هواري بومدين من سنة 1972 إلى غاية 1975.
صحفي في مجلة الشباب التابعة لجبهة التحرير الوطني.
عضو في اللجنة الوطنية للتكوين بالخارج في وزارة التعليم العالي.
مدير مجلة الوحدة من سنة 1982 إلى غاية 1985.
عضو الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية سنة 1986.
مدير عام في جريدة المساء سنة 1989.
مؤسس جريدة الجزائر اليوم سنة 1991.
مستشار للمدير العام لمجمع الشروق علي فضيل سنة 2003 إلى غاية وفاته.
عضو السلطة الوطنية للانتخابات الرئاسية 2019.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبر للأنباء
منذ 10 ساعات
- خبر للأنباء
من الجباية إلى الجفاف: دولة ضد الحياة
عبدالوهاب قطران الحياة كلها أخذٌ وعطاء، والعلاقات البشرية لا تستقيم إلا بتبادل المنفعة: بين الأب وابنه، الزوج وزوجه، المواطن ودولته... لكن السلطة في صنعاء وحدها، تأخذ كل شيء... ولا تعطي شيئًا! تنهب المواطن باسم الدولة: ضرائب، جمارك، زكوات، رسوم، إتاوات، جبايات... تخلس جلده، تمتص دمه، وتتركه يمشي في الطرقات عاري الكرامة معدوم الحق. لا تعليم، لا صحة، لا كهرباء، لا ماء، لا مرتبات، لا طرقات، لا خدمات! بل إنهم حولوا مؤسسات الدولة إلى "دكاكين تجارية" تبيع ما يجب أن يُمنح مجانًا أو شبه مجاني: المدارس والجامعات، المستشفيات، الكهرباء، الاتصالات، المياه، الوقود، الغاز... كلها أصبحت مصادر ربح وثراء فاحش. الكهرباء الحكومية؟ الكيلو بـ230 ريالاً، وألف ريال اشتراك شهري! ويُضاف إليها رسوم نظافة، وصندوق معلم، ومجلس محلي! ثم لا خدمات، لا راتب، لا أمن، لا عدالة، لا دولة! ركود اقتصادي خانق، كساد غير مسبوق، بطالة، جوع، فقر، هروب للاستثمارات ورؤوس الأموال... وآخر المهاجرين رجل الأعمال الكبوس! ولم تتوقف الكارثة عند الاقتصاد... فالسماء جفّ ماؤها، والآبار نضبت، والمزروعات ماتت، والربيع مرّ دون مطر، والصيف بلا خيرات... دخل اليوم "نجم العلب" أول نجوم الخريف، وما زال الجفاف والقحط سيد المشهد. حتى صلاة الاستسقاء لم تجدِ نفعًا، لأن الله لا يُغيث الظالمين ولا يصلح عمل المفسدين! إنها سلطة تُخالف سنن الكون ونواميس الحياة... تأخذ كل شيء، ولا تعطي أي شيء. وسلطة كهذه، لا بد أن تزول، وتندثر.. *من صفحة الكاتب على الفيسبوك


خبر للأنباء
منذ 18 ساعات
- خبر للأنباء
في عزاء المؤتمر برحيل الشيخ زيد أبو علي
"يا العافية ودعتش الله والموت مرحب به مياتي إذا تولى الأمر رجعي فالموت أبقى من حياتي" عبر برنامج حصاد السنين كانت هذه آخر الكلمات للشيخ زيد أبو علي في الحلقة الأولى من المقابلة التي نشرتها معه قناة السعيدة خلال الأيام الماضية، كانت هذه الكلمات تأكيداً لقناعات وموقف أسرة بيت أبو علي في رحلتها المتوجة بالتضحيات في ركب الجمهورية، حيث وقف والده ذلك الموقف البطولي في فك حصار السبعين والذي انتهى باستشهاده، وقد حمل الشيخ الابن من بعده تلك القناعة وأكدها بالوقوف المستمر في وجه محاولات تقويض الدولة، منذ حرب الجبهة في المناطق الوسطى، مرورا بالأزمات التي مرت بها اليمن بعد عام 2011، وحتى انتفاضة ديسمبر ضد الرجعية الجديدة والتي حافظ فيها على ثباته الجمهوري في وجه مختلف التحولات السياسية في البلاد. كان الشيخ زيد محمد أبو علي عضوًا في مجلس النواب عن مديرية الطويلة محافظة المحويت، بل وأبرز أعضاء اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام، فإذا ما تحدثت عن الدولة أو القبيلة أو الحزب، ستجده في مختلف ميادينها رجل الكفاءة الوطنية وصوت العقل، وقد عُرف بحرصه على حل النزاعات القبلية ووساطة الصلح، ومنع الكثير من الصراعات الدموية في مختلف مناطق البلاد، ولم يخفت أو يختفي دوره البارز وخطابه المعتدل تحت قبة البرلمان، والذي لطالما دعا فيه إلى الحوار، الوحدة الوطنية، واحترام المؤسسات والقانون. في الفعالية التي دعا إليها المؤتمر الشعبي العام بمناسبة ذكرى تأسيسه في الرابع والعشرين من أغسطس من العام 2017م، تعرض له الحوثيون لمنعه من دخول العاصمة صنعاء وتم حجزه مؤقتًا، وخلال الدعوة إلى انتفاضة ديسمبر كانت محافظة المحويت من أولى المحافظات التي سقطت فيها الإمامة الجديدة، وهو الأمر الذي مثل هاجس خوف وقلق أمني متزايد من رجالات هذه المحافظة فسعوا إلى تطويعهم، إلا أن الرجل ظل محافظاً على مبادئه وقناعاته ضد هذه الجماعة الكهنوتية، وهو ما يمكننا الاستدلال عليه بما جاء في مقابلته الأخيرة من حصاد السنين وهو يسرد قصة تضحياتهم ضد الإمامة والرجعية وكأنها موقف مستمر. زيد أبو علي كان من المقرّبين والمؤمنين بمشروع الدولة الذي مثّله الزعيم علي عبدالله صالح، وارتبطت مسيرته البرلمانية والسياسية بشكل وثيق بالحكم الجمهوري، إلى أن جاء نبأ وفاته تزامناً مع ذكرى التحولات السياسية والنهضوية والجمهورية التي شهدها اليمن وهي ذكري تولي الزعيم علي عبدالله صالح الحكم في 17 يوليو 1978، ولعل موته في هذا اليوم يعطي انطباعًا بـ"الوفاء الزمني" لمسار سياسي واجتماعي كامل، حيث غاب الرجل في ذكرى اليوم الذي بدأت مرحلة التحولات الوطنية والجمهورية والذي عاش لها ومات عليها. ونحن نشاهد مواكب التوديع وصلاة الفراق ومراسيم الدفن والعزاء، تتورم القلوب وتمطر الأعين ويتسع الجرح ويكبر الألم الذي هو نتيجة حاصلة منذ إعلان نبأ وفاته... كيف لا وقد غيب الموت رجلاً ظل بتوازناته شوكة الميزان في زمن التطفيف، وهكذا يرحل الرجال الصح في الزمن المليء بالغلط، ويا لقسوة المصاب وعِظَم الخسارة حين تغيب الجبال الكبار في ظل وقت يسود -بعض يمنه وزمنه- الحصى والرمل وغبار التاريخ! إنه مصاب جلل وغصة خانقة ورحيل مؤلم وفقد موجع، وخسارة كبيرة ذلك أن تفقد اليمن عامة والمحويت خاصة، رجلاً بهذا الحجم.. فهل الأمر بحاجة إلى إنزال صورته؟ لا بأس، ولكن ربما الجميع يعرفه، وهنا الثروة الحقيقية التي تركها الشيخ أبو علي؛ مواقفه الثابتة، والسيرة الطيبة، وبصماته وحضوره القوي في طول وعرض التاريخ اليمني الحديث وجغرافيته ووجدانه وإنسانه... هل الكلام عن الشيخ أبو علي فقط؟ في هذه لا، ينطبق الكلام عليه وعلى كثير ممن رحلوا من رجالات المؤتمر الشعبي العام على امتداد الوطن، والذين مضوا وقضوا على درب الزعيم صالح ورفيقه الشيخ عارف الزوكا -تغشاهما الله بواسع الرحمة وعظيم المغفرة-، وهم شاهقون كالرواسي مروراً بالشيخ ياسر العواضي وناجي جمعان الجدري، وصولاً إلى الشيخ زيد أبو علي.. والذين مثلوا نماذج بارزة للقيادي القبلي والسياسي الوطني الذي عمل على التوازن بين الدفاع عن القيم القبلية والوطنية، والوفاء لمبادئ الدولة، حتى في أصعب الظروف. رحمهم الله، وأعظم الله أجر الجميع في فقدانهم.. إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون...


الشروق
منذ يوم واحد
- الشروق
القسّام من بدأتها ومن تُنهيها
تقترب حرب الإبادة الإرهابية على غزة، من طيّ سنتها الثانية، وتقترب من خلالها صورة العالم بأسره أن تتّضح، بعد أن سقطت كل الأقنعة عن الأقنعة، وما عاد بإمكان الرمادي أن يصمد بين لونين، كشفتهما نيران المقاومة من المسافة صفر، وأيضا نيران العدوان الصهيوني على غزة وعلى الشعب الفلسطيني الذي تأكد بأن مصيره في يديه، وليس في يدي أمة أخرى. الذين قالوا إن القسّام بإعلانه 'طوفان الأقصى' في 7 أكتوبر 2023، إنما ورّط الأمة في حرب غير متوازنة، وراحوا يحمّلونه هذا الخراب، وكل الأرواح التي سقطت في اليمن ولبنان والعراق وسوريا وإيران، وخاصة في فلسطين، لا ندري من يحمّلونه مسؤولية الأرواح التي سقطت في الأيام الأخيرة في سوريا وقبلها في بلاد عربية كثيرة من العراق إلى ليبيا، فالقسّام لم يكن موجودا، في نكبة 1948 ولا نكسة 1967 ولا في المجازر التي لا عدّ لها، من دير ياسين إلى صبرا وشتيلا… وما كان حينها، لا هنية ولا نصر الله ولا السنوار ولا الضيف، بل إن المجازر مازالت قوت الصهاينة الذي يلتهمونه يوميًّا، وقد مرّ على استشهاد هؤلاء شهورٌ، وكانوا يقولون، ويردد معهم كثير من العرب، إن مأساة لبنان في وجود السيد حسن نصر الله، ونكبة فلسطين في وجود يحيى السنوار وإخوته، فرحل هؤلاء جميعا وما رحل الإرهاب الصهيوني الذي تأكد بأن عداءه ليس للإنسان الفلسطيني فقط، وإنما أيضا للحجارة والهواء والماء والتاريخ، ولكل ما هو فلسطيني وعربي ومسلم وربما إنساني. المشروع الصهيوني قدّم نفسه للعالم، فجغرافيتُه لا تتوقف في فلسطين، وأعداؤه ليسوا أفرادا، وكتائب القسّام أيضا قدّمت نفسها للعالم، فهي ليست ثورة مبتورة تنطفئ مع مقتل قادتها، فقد حضّرت لمعركتها طويلا وبنت لحربها صرحا لا يتزعزع، وكلما ارتقى واحدٌ من قادتها شهيدا ازدادت شراسة وضراوة، وها هي تواصل حربها بما تمتلكه من قوة من دون دعم قادم من لبنان أو إيران، مؤمنة بأن من يحرّر فلسطين، هم أبناء فلسطين، ومؤمنة بأن النصر قادم، رغم القوة التي يظهر عليها العدو دائما بحلفائه من عجم وعرب. عندما تستمع وبشكل يكاد يكون يوميا، عن 'حدث أمني صعب' على الجنود الإسرائيليين، برفح أو خان يونس جنوب غزة أو الشجاعية وبيت حانون بشمالها، وعن مروحيات تنقل الجرحى والقتلى، وعن أنفاق مازالت تُخرج أثقالها، وعن حديث عن هدنة لا يمكن أن تكون سوى بين طرفين، والبعض ظن بأنه ليس في المكان سوى طرف واحد، تدرك بأنك أمام فصيل من المجاهدين، هيهات هيهات منه الذّلة، على حدّ تعبير أهل المقاومة، فقد بدأوها، وهم وحدهم من يُنهونها.