
مفتي الجمهورية: الذكاء الاصطناعي لا يمكنه الاستقلال بصناعة الفتوى
جاء ذلك خلال كلمة فضيلته في المؤتمر الخامس لكلية الآداب بجامعة المنصورة، تحت عنوان: "الذكاء الاصطناعي أُسسه المنطقية وأبعاده المستقبلية".
وأوضح المفتي أن الإسلام رفع من شأن العقل وجعله مناطًا للتكليف، وأساسًا للتكريم، وأن الشرع لا يتصادم مع العقل السليم، بل ينيره ويهديه، مشيرًا إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي بُنيت على المنطق الرياضي، والتعلم الإحصائي، ونمذجة المعرفة، وهي أدوات تجسد العقل الإنساني في أدق صوره، وتنتج أنظمة قادرة على التعلم والفهم والتحليل والتشخيص، مشيرًا إلى أن الحديث عن الذكاء الاصطناعي لا يمكن فصله عن استشراف المستقبل من جهتين: الجهة الأولى، تتمثل في الأمل في نفع البشرية، مشيرًا الى أن ما يمكن أن تقدمه هذه التقنيات من تحسينات للحياة أمر لا يستهان به، والجهة الثانية: تكمن في الحذر من التهديدات والتحديات التي تنشأ عنه، فالذكاء الاصطناعي -رغم مزاياه- يحمل بين طياته تهديدات أخلاقية ومعرفية عميقة، فتصبح قرارات الآلة انعكاسًا لانحرافات الإنسان في مجالات شتى.
وشدَّد المفتي على أن هذه التهديدات تتجلى في أبشع صورها حين يستخدم الذكاء الاصطناعي في القتل، كما في العدوان على غزة، حيث استُخدمت التقنية في تحليل الصور والتنبؤ بالحركات واستهداف الأحياء السكنية بدقة؛ ما أدَّى إلى وقوع آلاف الضحايا. وهنا تبرز الحاجة إلى ميثاق أخلاقي وإنساني عالمي ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي، لا من منطلق السوق والربح، بل من منطلق العدل والرحمة وصيانة الكرامة الإنسانية، مبينًا أن الإسلام رسم طريقًا وسطًا في التعامل مع هذه التقنيات، يوازن بين الاحتفاء بالعقل وضبطه بالوحي، وأن الذكاء الاصطناعي لا يُحكم عليه بذاته، بل بمآلات استخدامه، في الخير أو في الشر.
ودعا فضيلة مفتي الجمهورية إلى صياغة ميثاق أخلاقي عالمي مستند إلى القيم الإنسانية ومقاصد الشريعة، وتعزيز البرامج لتحصين الأجيال القادمة من الانبهار الأعمى بهذه التقنية، من خلال تنشئة تربوية ودينية تعلمهم أن التقنية وسيلة، لا غاية. كما دعا فضيلته إلى ضرورة الموازنة بين العقل والنقل.
وأوضح أن دار الإفتاء المصرية، ممثلة في الأمانة العامة، تتعامل مع واقع الذكاء الاصطناعي بوعي علمي رصين ومسؤولية شرعية، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء ستعقد مؤتمرها العالمي العاشر بعنوان: "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، يومَي 12 و13 أغسطس 2025، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتأصيل دَور المفتي المعاصر في التعامل مع النصوص والواقع المتغير.
وأشار فضيلة المفتي إلى أن هذا المؤتمر قد جاء في وقته وحينه؛ ليقطع الطريق على أولئك الذين يحاولون التقليل من سائر العلوم الفلسفية والمنطقية، ويؤكد تلك العَلاقة بين العلوم الفلسفية وسائر العلوم الإنسانية والتجريبية. كما أوصى فضيلته بأن يكون من ضمن مخرجات المؤتمر وتوصياته؛ ضرورة المحافظة على تدريس المواد الفلسفية والمنطقية؛ وذلك تحقيقًا لواجبٍ وإقرارًا بفضلٍ.
وفي ختام كلمته أكد الجمهورية أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه الاستقلال بصناعة الفتوى؛ لأنه يفتقد مَلَكة الفقه، وروح المقاصد، داعيًا الشباب إلى التمييز بين أدوات المعرفة وأدوات الإفتاء، فبرامج الذكاء قد تنتج فتاوى غير صحيحة تؤدي إلى فوضى فكرية. كما أشار إلى أن دار الإفتاء تستقبل الأفكار الإبداعية لتطوير الخطاب الإفتائي بما يناسب تحولات المجتمع.
وقد شهد المؤتمر حضور لفيفٍ من القيادات الأكاديمية وأعضاء هيئة التدريس بجامعة المنصورة، يتقدَّمهم أ.د شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة و أ.د محمود الجعيدي، عميد كلية الآداب، وأ.د مسعد سلامة، وكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ 40 دقائق
- المنار
السيد الحوثي: أهالي غزة في حالة جوع والأمة تتفرج عاجزة
قال قائد أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي إن 'مأساة غزة رهيبة جدا'، واكد أن 'الكثير من أهالي غزة في حالة جوع شديد ومأساة رهيبة وهم بين مئات الملايين من العرب وبين ملياري مسلم يتفرجون كأنهم أُمَّـة عاجزة'. واضاف السيد الحوثي في كلمة له الاحد ان 'الشعب الفلسطيني في غزة هو الآن في أصعبِ مرحلة من مراحل التجويع ووصل إلى أن يستشهد الأطفال من الجوع بشكل يومي'، ولفت إلى أن 'العدوّ الإسرائيلي هندس قضيةَ المساعدات الإنسانية ليجعل منها مصائد للقتل والإبادة'. ولفت السيد الحوثي الى أن 'حجمَ المأساة والمظلومية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة هو خطرٌ على الأُمة كلها وأن ما يحدُثُ على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة مأساةٌ رهيبة جِـدًّا ومظلومية كبرى'، وندد 'بتفرُّجِ الأُمة وتنصُّلها عن المسؤولية تجاه غزة' واشار الى ان 'ذلك يكشفُ عن حجمِ التدنِّي في واقعها على مستوى الوعي والمشاعر الإنسانية ومكارم الأخلاق'، واعتبر أن 'غياب النخوة والشهامة وصل إلى حد رهيب جِـدًّا ويكشف عن حاجة الأُمة إلى أن تصحح وضعيتها وفق سنة الله في التغيير'. ورأى السيد الحوثي أن 'تفرج الأُمة عن المشاهد المأساوية لأطفال غزة وهم يموتون من التجويع هو حالة مخزية جِـدًّا للعرب في المقدمة ولبقية المسلمين'، واكد أن 'حجم التخاذل الرهيب للأُمة جعل العدوّ الإسرائيلي ومعه الأمريكي يطمئنان إلى انعدام أية ردة فعل مهما فعلا ضد الشعب الفلسطيني'، ونبه من 'الطغيان الأمريكي الإسرائيلي في عصرنا الحاضر، الذي يشكل خطرا على الأُمة في الاستعباد والإذلال لها وفي الظلم والإفساد لواقع الحياة'، وشدد على ان 'الطغيان الأمريكي الإسرائيلي يستهدف مقدّسات الأُمة ويهدف لطمس معالم إسلامها'. وأوضح السيد الحوثي أن 'السبيل الصحيح لمواجهة الخطر الأمريكي الإسرائيلي هو التحَرّك الجاد على أَسَاس من الاهتداء بالقرآن الكريم والانطلاقة الإيمانية'، مُشيرًا إلى أن'التصدِّي للخطر الأمريكي الإسرائيلي في هجمته بالحرب التي تسمى بالحرب الناعمة وبالحرب الصلبة هو بالاهتداء بنور القرآن'. المصدر: قناة المسيرة


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
الزمن الجميل... زمن الأخلاق والمناقبيّة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب مرّ على لبنان زمن جميل، كانت الاخلاق مسيطرة، والمناقبية ميزة المؤسسات. تغيرت الامور، وبتنا في أجواء يسيطر عليها الخارج والاحزاب وبعض المرجعيات واصحاب النفوذ، مع انعدام الخبرة وتقنية معالجة الامور بذكاء وحنكة. ويكفي ان نستعرض اسماء المسؤولين ايام زمان واسماء المسؤولين الحاليين حتى نرى الفرق. منذ عدة سنوات قبل وفاة احد كبار الادباء، وفي مقابلة على إذاعة صوت لبنان سألته الاعلامية: استاذ جورج شو رأيك بمستوى اللغة العربية؟. فأجابها: مستوى اللغة اللغة؟ قديمًا كان البستاني والمنذر وعبد الساتر يعلمون اللغة العربية واليوم زوجتي يولا تعلمها. فشو رأيك بمستوى اللغة العربية؟ ونعود الى الزمن الجميل. بحكم تدرجي في مكتب النائب المحامي المرحوم اوغست باخوس، وتعاوني اللاحق معه لمدة اربعين سنة، وحضوري اليومي منذ الصباح الباكر الى المكتب الكائن في الطابقين الاول والثاني من البناء الذي يقيم فيه في الوقت عينه، كنت ارى زوجته "تانت ناديا" تصعد في السيارة بونجور تانت ناديا – فتجيب: بونجور حبيبي. وبعد عدة سنوات، وفي جلسة مسائية مع الاستاذ أوغست قال لي بصوته الجَهْوَري: الله يساعدني على ناديا. على الرغم من كبر عمرها ومرضها وتعبها، تصر على الذهاب كل يوم اثنين وكل يوم خميس الى دار العجزة في المنصورية مع مجموعة من النساء ومنهن الشيخة جنفياف الجميل (ارملة الشيخ بيار)، ويقمن بالتنظيف والتعزيل. ويطعمن النساء المسنات ويحممهن. فوجئت بما قاله لي الاستاذ باخوس وانا الذي كنت اعتقد انها تذهب للتسوق: لا تصوير، ولا كاميرات "ولا تربيح جميلة"، ولا حركات بلا طعمة. هذا هو الزمن الجميل. ويأتيك ايضًا من يتكلم على التكنولوجيا والتقدم ووجوب التغيير. وكأن من هم اكبر منهم سنًا واكثر حكمة وخبرة باتوا من الزمن الغابر والبائد. وكأن التكنولوجيا هي في السفر المتكرر وتنظيم الرحلات وتنظيم العقود. وإذا وقعوا في مشكلة بسبب تنفيذ العقد يركضون نحو المحامين الذين يجيدون كتابة الشكاوى والاستحضارات وخصوصا كتابة التمييز وإيجاد الأسباب التمييزية. وبالتالي اذا لم تذهب الى دبي او قطر، فأنت متخلف (تماما كما كان يحصل ايام باريس) واذا لم تكن تجيد تنظيم عقد Fidus، فأنت لست مهما. ليتنا نعود الى الزمن الجميل، زمن الاخلاق والحكمة واحترام الآخرين، والمبادئ الثابتة في التعامل، بعيدًا عن التصنع والمحاصصة والنفاق.


الشرق الجزائرية
منذ ساعة واحدة
- الشرق الجزائرية
فضل الله: إننا في عصر الفتن نحتاج من يئدها لا من يسعرها
عقد العلامة السيد علي فضل الله لقاء حواريا في المركز الإسلامي الثقافي في حارة حريك، بعنوان 'الكلمة وتداعياتها على المجتمع'. وشدد على أن 'الاختلاف أمر طبيعيّ، وهو سنّة من سنن الله في خلقه(…)'. وأشار إلى 'مدى تأثير الكلمة إن خرجت عن الدور المرسوم لها من كونها أداة للإصلاح والوعي، وبث روح المحبة والتَّآلف بين النَّاس وبعث الخير في نفوسهم، وتحوَّلت إلى كونها أداة لبثِّ التفرقة وزرع الفتن والأحقاد والعداوات ونشر الظلم والفساد أو الإعانة عليهما مشيرا إلى خطورة الآثار التي تتركها الكلمة، إن على صعيد الأفراد أو المجتمعات أو الأوطان، وهي تزداد مع تطوّر وسائل الإعلام وانتشار مواقع التَّواصل (…)'. ورأى فضل الله اننا في' عصر الفتن، بحاجة إلى من يئدها، لا من يسعّرها، وإلى من يبرّد القلوب، لا من يثير مكامن الحقد فيها، وهذا لا يتمّ إلا بالكلمة الطيّبة التي تقرّب القلوب، وتعزّز أواصر الوحدة، وتزيل التوترات والأحقاد من النفوس'. وأكد اننا 'نؤمن بالدوائر المنفتحة وليس المغلقة ونحن من الذين يخلصون لوطنهم وقدموا التضحيات الجسام من اجل الحفاظ على سيادته وكرامة إنسانه وهذا الإخلاص والانتماء لم يمنعا من ان نقف مع كل القضايا العادلة والمحقة من خلال دراسة السبل الواقعية للمساعدة والتي تأخذ في الاعتبار كل المحاذير والمتغيرات (…)'. وشدد على ضرورة 'تغليب لغة الحوار على لغة الاقتتال والدم والتفرقة والعمل على إزالة كل ما يعرض سوريا إلى مخاطر الحرب الاهلية والتقسيم حتى يعود لها دورها الريادي وتكون ملجأً لكل مكوناتها'.