د. زهور غرايبة تكتب : بعد اقتراب عام على تشكيلها هل تلتزم حكومة حسان بخطاب التحديث السياسي؟
د. زهور غرايبة تكتب
مع اقتراب مرور عام على تكليف الدكتور جعفر حسان بتشكيل الحكومة، تتجدد التساؤلات حول مدى التزام حكومته بمسار التحديث السياسي، خصوصًا في ما يتعلق بتمكين الشباب والنساء، وإشراكهم الفعلي في مواقع صنع القرار والإدارة العامة، لا سيما في ظل الاستحقاقات المقبلة المتعلقة بالإدارة المحلية واللامركزية.
التشكيلات الأخيرة للّجان المؤقتة المكلفة بإدارة البلديات، والتي جاءت عقب قرار حلّ المجالس المنتخبة، مثّلت مؤشرًا مهمًا على توجّه الحكومة، فقد تم تعيين 43 عضو من القطاع الشبابي من أصل تقريبًا 613 عضوًا، أي ما نسبته نحو 7% تقريبًا من إجمالي التعيينات، وهي نسبة وإن كانت متواضعة، فإنها تشير إلى بداية تحوّل في النظرة تجاه دور الشباب في العمل العام.
أما على صعيد التمثيل النسائي، فقد حملت هذه التعيينات دلالة لافتة، حيث بلغت نسبة النساء كرئيسات لجان بلديات 11.5%، فيما وصلت نسبة النساء في عضوية مجالس البلديات إلى 21.2%، وتُعدّ هذه الأرقام مؤشرًا مهمًا على حضور نسائي لا يزال دون مستوى الطموح الوطني، لكنه يعكس جهدًا حكوميًا في إتاحة الفرصة للنساء للمشاركة في إدارة الشأن المحلي، بما ينسجم مع خطاب الدولة حول ضرورة توسيع المشاركة السياسية للمرأة الأردنية، وتعزيز العدالة التمثيلية بين الجنسين في مواقع صنع القرار.
تأتي هذه المؤشرات في سياق التزام الأردن بتنفيذ توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتعديلات التشريعية التي أقرت عام 2021، والتي نصّت صراحة على تفعيل دور الشباب والنساء كجزء لا يتجزأ من عملية التحديث السياسي، وتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم المحلي.
ومع الحديث المتزايد في الصالونات السياسية عن تعديل وزاري مرتقب، تتجه الأنظار نحو حكومة جعفر حسان لرصد مدى انعكاس هذه التوجهات في اختيار الأسماء القادمة، سواء في الحقائب الوزارية أو المواقع العليا في الإدارة العامة، ويُنظر إلى هذا التعديل باعتباره اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية الحكومة في الالتزام بخيارات التمكين السياسي الفعلي، خصوصًا في ما يتعلق برفع نسب تمثيل الشباب والنساء، لا الاكتفاء بتمثيل رمزي أو محدود التأثير.
ويأتي ذلك في وقت انخفض فيه التمثيل النسائي في الحكومة الحالية إلى 15.6%، بعد أن كان قد بلغ 24.1% في عام 2023 حسب الاحصاءات الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة الأردنية، وهو ما أثار انتقادات من قبل ناشطات ومراقبين اعتبروا هذا التراجع إشارة سلبية تتنافى مع روح التحديث السياسي، كما أن التمثيل الشبابي لا يزال دون المستوى المأمول، رغم وجود طاقات شابة مؤهلة تسعى للانخراط في الشأن العام، وهو ما يفرض على الحكومة في المرحلة المقبلة ضرورة إعادة التوازن داخل الفريق الوزاري وضخ قيادات شبابية تمتلك الكفاءة والرؤية.
وفي هذا السياق، لا يمكن فصل هذه الجهود عن الإرادة السياسية العليا التي تتمثل برؤية جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظة الله ورعاه وولي العهد، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي لطالما شدّد في خطاباته على أهمية إشراك الشباب والنساء، ليس كشريحة تحتاج إلى الرعاية، إنما كشركاء فاعلين في بناء المستقبل، وصنّاع حقيقيين للقرار والتغيير.
إن تمكين الشباب والنساء اليوم يعتبر ضرورة سياسية ووطنية لمواجهة تحديات المرحلة، وإعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، حيث لم يعد مجرد مطلب حقوقي أو شعار تنموي، كما يجب تجديد النخب القيادية والإدارية بروح جديدة وفكر مستنير.
ومع أن تعيينات اللجان المؤقتة تشكل خطوة مهمة، إلا أن التغيير الحقيقي يبقى مرهونًا بإرادة سياسية واضحة، وقدرة الدولة على تحويل هذه المؤشرات الإيجابية إلى نهج دائم، لا مجرد حالة استثنائية مرتبطة بمرحلة انتقالية.
فهل تنجح حكومة جعفر حسان في ترسيخ هذا النهج؟ وهل تتحول نسب المشاركة الشبابية والنسائية من هامش الجدول إلى عمق القرار؟
الشباب والنساء ينتظرون الاجابة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ 5 دقائق
- خبرني
جاهة كريمة من عشيرة المبيضين تطلب يد المحامية يقين للمحامي سليمان
خبرني - ترأس الدكتور حسن المبيضين جاهة كريمة من وجهاء عشيرة المبيضين والاصدقاء توجهت الى أبناء عمومتهم من أبناء عشيرة المبيضين ، لطلب يد كريمتهم المحامية يقين المبيضين إلى المحامي سليمان المبيضين و كان في استقبال الجاهة معالي وزير الأعلام السابق الدكتور مهند المبيضين و قوبل طلبهم بالقبول، حيث سادت الجلسة الموده والمحبه ، الف الف مبارك للعرسان وذويهم وبالرفاه والبنين إن شاء الله تعالى.


الانباط اليومية
منذ 23 دقائق
- الانباط اليومية
نائب الملك يزور ضريح الملك المؤسس
الأنباط - زار نائب جلالة الملك، سمو الأمير فيصل بن الحسين، ضريح المغفور له بإذن الله، جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، طيب الله ثراه، في الذكرى الرابعة والسبعين لاستشهاده التي تصادف اليوم الأحد، وقرأ الفاتحة ووضع إكليلا من الزهور على الضريح. ولدى وصول نائب جلالة الملك، استعرض سموه حرس الشرف الذي اصطف لتحيته، وعزف الصداحون لحن الرجوع الأخير. كما زار الضريح وقرأ الفاتحة ووضع أكاليل الزهور سمو الأمير مرعد بن رعد، كبير الأمناء في الديوان الملكي الهاشمي، ورؤساء السلطات، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.

عمون
منذ 34 دقائق
- عمون
عندما تطفئ النخوة لهب الطبيعة وتشعل ذاكرة العروبة
في ريفِ اللاذقية، حيث تهمسُ الأشجار للبحر وتتعانق الظلالُ مع زرقةِ الأفق، اندلعت النارُ لا كحدثٍ عابر، بل كاختبارٍ وجوديٍّ للضمير الإنساني. ففي الثالث من تموز/يوليو 2025، اجتاحت الحرائقُ نحو 15,000 هكتار من الغابات الحراجية والزراعية، تبتلعها ألسنةٌ نَهِمة، مدفوعةً بحرارةٍ تجاوزت الأربعين وريحٍ تهدر كغضبٍ قديم. لم تكن اللاذقية تحترق فقط، بل كانت تستغيث، وكأنّ الطبيعةَ نفسها تنادي من خلف الدخان: "هل من نخوةٍ تُشبه الإنسان؟" وفي هذا المشهد الرمادي، أشرقت صورةٌ خالدةٌ من العروبة: وفاءٌ لا يعرف تأشيرة، واستجابةٌ لا تنتظر بروتوكولات. فكان الأردن أول من سمع النداء. لم يسأل عن حدود، ولا عن خرائط، بل عبر بقلوب رجاله – رجال الدفاع المدني – كما تعبر النبضاتُ إلى القلب. عبروا من نصيب، لا كضيوف، بل كأشقاءٍ يطفئون النار بأكفّهم، ويرسمون على الرماد ملامح أُخُوَّة لا تحترق. هنا، لم تكن الاستجابة لنداء طارئ، بل لصرخة هوية. فكما قال جلاله الملك الحسين بن طلال، رحمه الله: "سوريا لا تحتاج إلى جواز سفر لتدخل قلب الأردني، فالنخوة لا تُختم بالختم الرسمي." واليوم، يُعيد جلاله الملك الملك عبد الله الثاني المعظم ذات المعنى، حيث تصدر التأشيرات من الحدقة، لا من الحواجز. في الأذقية، حين كانت الجبال تئن، لم يكن اللهب عدوًا فقط، بل مرآةً تكشف مَن ما زال في عروقه ضمير. لم ينتظر الأردني قانونًا يبيح له القفز نحو الخطر، بل اندفع بغريزة النبل، يدرك أن إطفاء الشجرة هو إنقاذٌ للروح، وأن بقاء الأخ السوري هو بقاءٌ لما تبقّى من إنسانيتنا. حين يُستبدل الحبر بالنخوة، والورق بالفعل، تتحوّل الحدود من جغرافيا إلى جسور. تسقط الفوارق بين لهجة درعا ولهجة إربد، بين زعتر الشام وسُفرة السلط، لأن الكارثة لا تسأل عن الأصل، بل عن الأثر. لم يأتِ الدفاع المدني الأردني لإخماد حرائق الأشجار فقط، بل لإيقاظ الجذوة القديمة فينا: أننا حين نتكئ على بعضنا، نكون أكثر قدرة على مواجهة الطوفان. لم يكن جيشًا، بل ذاكرة أمةٍ استجابت حين خرس الجميع. وما أن دخلت مركبات الإطفاء، وتبعتها المروحيات، حتى تبدّلت صورة الحدود: لم تعد فواصل سياسية، بل تواصل إنساني. وفي المقابل، كانت سوريا تنزف ولكنها لم تنهزم. غرفة طوارئها تنبض، وأجهزتها تسابق الزمن، لتحاصر اللهب الممتد من "قسطل معاف" إلى "نبع المر" وحتى "الجبل العنيف". عشرةُ أيام من المواجهة، كانت فيها الطبيعةُ الخصمَ، لكن الإرادة كانت السلاح. وأقول أنا النار تُطفأ بالماء، لكن نار الوفاء حين تشتعل لا يطفئها شيء. إنها الحرائق التي تُنبت الأشجار من جديد، وتُنبت معها شجرة الإنسان. من شعري: تضامُنًا رقّتْ خطانا كأنّها جُسورٌ من نارٍ لا يكسُرها جَناحُ في الأذقيهِ لهَبٌ اشتدّ، فلم نتهجّــــمْ كالريحِ، بل صِرنا الجناحُ والسِلاحُ حديدُ الذكرى لا يصدأ حين تُطبَع بطبعٍ من نُشاما، لا بالقَسَمِ يُباحُ وتظلّ أخوّةُ الأردن وسوريا نبضَ قارعةٍ لضمائرَ لا تُباعُ