١٠-٠٧-٢٠٢٥
كيف ساعد الذكاء الاصطناعي زوجان على الحمل؟
بعد 18 عاماً من محاولات الحمل، أصبحت زوجة حاملاً بطفلها الأول بفضل قوة الذكاء الاصطناعي.
وخضع الزوجان لعدة جولات من التلقيح الصناعي (IVF)، وزارا مراكز الخصوبة حول العالم، على أمل إنجاب طفل. وتتضمن عملية التلقيح الصناعي استخراج بويضة من المرأة ودمجها مع حيوان منوي في مختبَر لتكوين جنين، يُزرَع بعد ذلك في الرحم.
اضافة اعلان
لكن بالنسبة لهذين الزوجين، باءت محاولات التلقيح الصناعي بالفشل بسبب انعدام الحيوانات المنوية، وهي حالة نادرة لا توجد فيها حيوانات منوية قابلة للقياس في السائل المنوي للشريك الذكر، مما قد يؤدي إلى العقم عند الذكور. وتحتوي عينة السائل المنوي النموذجية على مئات الملايين من الحيوانات المنوية، لكن الرجال المصابين بانعدام الحيوانات المنوية، لديهم عدد منخفض جداً لدرجة أنه لا يمكن العثور على خلايا الحيوانات المنوية، حتى بعد ساعات من البحث الدقيق تحت المجهر.
لذلك، توجَّه الزوجان، اللذان يرغبان في عدم الكشف عن هويتيهما لحماية خصوصيتهما، إلى مركز الخصوبة بجامعة كولومبيا؛ لتجربة نهج جديد.
وتُسمى هذه الطريقة «ستار»، وتستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد واستعادة الحيوانات المنوية المخفية لدى الرجال، الذين ظنوا سابقاً أنهم لا يملكون حيوانات منوية، على الإطلاق. كل ما كان على الزوج فعله هو ترك عينة من السائل المنوي، للفريق الطبي، وفق شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وحلّل الباحثون في مركز الخصوبة عينة السائل المنوي باستخدام نظام الذكاء الاصطناعي. عُثر على ثلاثة حيوانات منوية مخفية، واستُعيدت، واستُخدمت لتخصيب بويضات الزوجة عن طريق التلقيح الصناعي، وأصبحت بذلك أول حالة حمل ناجحة تُمكّنها طريقة «ستار».
وقالت الزوجة، في بيانٍ مُرسل عبر البريد الإلكتروني: «قللنا آمالنا بعد كل هذه الخيبات». وتابعت: «استغرقني الأمر يومين لأُصدق أنني حامل بالفعل. ما زلت أستيقظ في الصباح، ولا أصدق إن كان هذا صحيحاً أم لا. ما زلت لا أُصدق أنني حامل حتى أرى نتائج الفحوصات». ومن المتوقع ولادة الطفل في ديسمبر (كانون الأول).
نتائج مذهلة
وأسهم الذكاء الاصطناعي في تطوير مجال رعاية الخصوبة بالولايات المتحدة، إذ يستخدم مزيد من المرافق الطبية الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تقييم جودة البويضات أو فحص الأجنّة السليمة أثناء خضوع المرضى للتلقيح الصناعي. لا يزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث والاختبارات، لكن قد يُحرز الذكاء الاصطناعي تقدماً ملحوظاً في مجال العقم عند الرجال، على وجه الخصوص.
وأمضى الدكتور زيف ويليامز، مدير مركز الخصوبة بجامعة كولومبيا، وزملاؤه خمس سنوات في تطوير طريقة «ستار» للمساعدة في الكشف عن الحيوانات المنوية واستعادتها من عينات السائل المنوي المأخوذة من أشخاص يعانون انعدام الحيوانات المنوية. وقد أذهلتهم نتائج النظام.
وقدّم أحد المرضى عيّنة، وقام فنيون ذوو مهارات عالية بفحصها لمدة يومين، محاولين العثور على حيوانات منوية. ولم يعثروا على أيٍّ منها. وبمساعدة نظام «ستار» القائم على الذكاء الاصطناعي. وفي غضون ساعة واحدة، عثر النظام على 44 حيواناً منوياً. ويتابع ويليامز: «عندها أدركنا، قلنا يا إلهي، هذا النظام سيُحدث فرقاً كبيراً للمرضى».
عندما تُوضع عينة من السائل المنوي على شريحة مُصممة خصوصاً تحت المجهر، يتصل نظام «ستار» - وهو اختصار لعبارة «تتبع الحيوانات المنوية واستعادتها» - بالمجهر من خلال كاميرا عالية السرعة وتقنية تصوير عالية الطاقة لمسح العينة، والتقاط أكثر من 8 ملايين صورة في أقل من ساعة للعثور على ما جرى تدريبه على تحديده على أنه خلية منوية.
ويعزل النظام خلية السائل المنوي هذه فوراً في قطرة صغيرة من الوسط، مما يسمح لعلماء الأجنة باستعادة خلايا ربما لم يتمكنوا من العثور عليها أو تحديدها بأعينهم.
«إبرة في كومة قش»
وقال ويليامز: «إن الأمر يشبه البحث عن إبرة متناثرة عبر ألف كومة قش، واستكمال البحث في أقل من ساعة، والقيام بذلك بلطف شديد، دون أي أشعة ليزر ضارة أو بُقع، بحيث لا يزال من الممكن استخدام الحيوانات المنوية لتخصيب البويضة».
واللافت للنظر أنه بدلاً من العدد المعتاد [200 مليون إلى 300 مليون حيوان منوي] في العينة النموذجية، قد يمتلك هؤلاء المرضى اثنين أو ثلاثة فقط، ليس مليونين أو ثلاثة ملايين، بل اثنان أو ثلاثة فقط، كما قال ويليامز. وأضاف: «ولكن بفضل دقة نظام (ستار)، وخبرة علماء الأجنة لدينا، يمكن استخدام حتى هذا العدد القليل لتخصيب البويضة بنجاح».
وهذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الأطباء إلى الذكاء الاصطناعي لمساعدة الرجال الذين يعانون انعدام الحيوانات المنوية، إذ قام فريق بحثي منفصل في كندا ببناء نموذج ذكاء اصطناعي قادر على أتمتة وتسريع عملية البحث عن الحيوانات المنوية النادرة في عينات من الرجال المصابين بهذه الحالة.
وقالت الدكتورة سيفان هيلو، اختصاصية المسالك البولية في مايو كلينك والمتخصصة في العقم عند الرجال والضعف الجنسي، والتي لم تشارك في طريقة «ستار» أو البحث في كندا: «السبب وراء ملاءمة الذكاء الاصطناعي لهذا الغرض هو اعتماده على التعلم - عرض صورة لشكل الحيوان المنوي وشكله والخصائص التي يجب أن يتمتع بها - ثم القدرة على استخدام خوارزمية التعلم هذه للمساعدة في تحديد الصورة المحددة التي تبحث عنها».