
منظمة الصحة العالمية: أزمة مدمّرة في السودان لا تحظى بالاهتمام الكافي
25 مليون متضرر و770 ألف طفل يواجهون سوء التغذية الحاد
كتبت: د. هيام الإبس
وصفت منظمة الصحة العالمية الأزمة الصحية والإنسانية في السودان بأنها 'مدمّرة' وغير مسبوقة، محذّرة من خطورتها المتزايدة وسط تجاهل دولي لا يرقى إلى مستوى الكارثة. وأكدت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية للمنظمة لشرق المتوسط، أن أكثر من 25 مليون شخص يعانون من الجوع وسوء التغذية، من بينهم 770 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد وخطير خلال العام الجاري.
تفشي الأوبئة في ظل نظام صحي منهك
وأشارت بلخي خلال مؤتمر صحفي إلى أن تفشي الأمراض المعدية مثل الكوليرا، وشلل الأطفال، والحصبة، وحمى الضنك، والملاريا، ينهك نظامًا صحيًا يعاني أصلًا من آثار الحرب والدمار، ويقوّض قدرته على الاستجابة للأزمات المتلاحقة.
كما أكدت أن استمرار العنف والتشريد وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية جعل من الصعب حصول ملايين السودانيين على الرعاية الصحية الأساسية، في وقت انخفضت فيه معدلات التحصين إلى أقل من 50%.
167 هجومًا على المرافق الصحية و1120 قتيلًا
في استعراض مروّع للأوضاع، كشفت بلخي عن توثيق منظمة الصحة العالمية 167 هجومًا على المرافق الصحية وسيارات الإسعاف والعاملين في القطاع الصحي، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 1120 شخصًا.
كما لفتت إلى استمرار الهجمات على البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الهجمات بالطائرات المسيّرة على ميناء بورتسودان ونقاط دخول المساعدات.
تمويلات شبه معدومة ونداء عاجل للدعم
وفي تحذير خطير، أكدت بلخي أن ركيزة الصحة ضمن خطة الاستجابة الإنسانية لم تُموّل سوى بنسبة 9.7% فقط، في حين تواجه منظمة الصحة العالمية نفسها فجوة تمويلية بنسبة 67% تهدد استمرارية تدخلاتها الحيوية.
ودعت إلى دعم دولي مستدام لإنقاذ الأرواح، وإعادة بناء النظام الصحي المنهار في السودان، وشددت على ضرورة تأمين وصول المساعدات دون عوائق، وتجاوز العوائق البيروقراطية، ووقف الهجمات على المدنيين والمرافق الصحية فورًا.
ولاية الخرطوم: تفاؤل حذر وانخفاض إصابات الكوليرا
وفي السياق ذاته، أعلنت حكومة ولاية الخرطوم عن انخفاض متوقع في إصابات الكوليرا، عقب تشغيل محطة مياه أم درمان، وتوسيع نطاق التدابير الاحترازية. وأغلقت السلطات جميع الآبار في منطقة جبل أولياء للاشتباه بتلوث المياه، وأكدت أن أغلب الوفيات سجلت بين محتجزين سابقين بمعتقلات الدعم السريع في مناطق الصالحة وجنوب أم درمان.
وتشير تقارير غير رسمية إلى إصابة أكثر من 2000 شخص بالكوليرا في العاصمة الخرطوم، ووفاة ما يقرب من 150 شخصًا في جنوب أم درمان خلال الأسابيع الأخيرة.
السودان في عامه الثالث من الحرب: مأساة إنسانية بلا أفق للسلام
دخلت حرب السودان عامها الثالث وسط مأساة إنسانية صنفتها منظمات دولية بأنها 'الأسوأ في العالم اليوم'، حيث بلغ عدد النازحين واللاجئين أكثر من 15 مليون شخص، بينما تتفشى الأمراض والأوبئة بلا رحمة، في ظل غياب الأمل بأي تسوية سياسية قريبة.

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles


El Mostaqbal
2 hours ago
- El Mostaqbal
السودان تعلن انتشار عدوي بكتيرية وارتفاع أعداد الإصابات
السودان تعلن انتشار عدوي بكتيرية وارتفاع أعداد الإصابات. حيث لا تزال السودان تعاني من موجة جديدة من مرض الكوليرا. حيث أفاد مسؤولو وزارة الصحة السودانية بتسجيل مئات حالات الإصابة بهذا المرض في ولاية الخرطوم. وتم توثيق أكثر من 2300 إصابة جديدة بالكوليرا، بينها 51 حالة وفاة خلال الأسابيع الثلاثة الفائتة. مع الإشارة إلى أن 90% من هذه الحالات كانت في الخرطوم. الكوليرا ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الكوليرا هي عدوى بكتيرية شديدة غالبًا ما تنتشر عبر المياه أو الطعام غير النظيف. وهذه العدوى معروفة بقدرتها على التسبب في إسهال مائي شديد. وإذا لم يعالج بسرعة، فقد تكون قاتلة خلال بضع ساعات. أعراض الكوليرا وكشفت تقارير أنه على الرغم من أن عددًا من المصابين قد لا تظهر عليهم أي أعراض، إلا أنهم يمكنهم نقل العدوى إلى الآخرين. ويعد الإسهال المائي الغزير هو أهم الأعراض الرئيسية للكوليرا. وهو ما قد يؤدي إلى جفاف شديد وخطر. وفي حالات أقل شدة قد يشعر المصاب بحمى وآلام في العضلات. منظمة الصحة العالمية وبين 1 يناير و30 مارس 2025، أبلغت منظمة الصحة العالمية عن 116,574 حالة كوليرا و1514 حالة وفاة في 25 دولة عبر 3 مناطق. وكانت المنطقة الأفريقية الأكثر تضررًا، تليها منطقة شرق المتوسط وجنوب شرق آسيا. شبكة أطباء السودان أما في فبراير الماضي، أعلنت شبكة أطباء السودان عن وفاة 83 شخصًا وإصابة 1197 آخرين بسبب الكوليرا. وفي مارس 2025 تم تسجيل 32,985 حالة جديدة على مستوى العالم، مما يدل على انخفاض بنسبة 9% مقارنة بشهر فبراير. وباء الكوليرا في روسيا وعلى الرغم من هذا التراجع، سجلت 517 حالة وفاة وهو ما يبرز خطورة هذا المرض. أما في أبريل الماضي، أعلنت الهيئة الفيدرالية الروسية لحماية حقوق المستهلك 'Rospotrebnadzor' عن اكتشاف حالة كوليرا في ضواحي موسكو.

Dostor
3 hours ago
- Dostor
انهيار الصحة في السودان.. كيف تمهّد الكوليرا لكارثة إنسانية أشمل؟
في ظل انقطاع الكهرباء وشح المياه، يشهد السودان ارتفاعًا خطيرًا في حالات الكوليرا مع تفاقم الحرب الأهلية التي عطّلت الخدمات الأساسية وأدت إلى تصاعد معدلات الإصابة بالمرض. وأعلنت الصحة السودانية تسجيل 2700 إصابة جديدة بالكوليرا و172 حالة وفاة خلال أسبوع واحد فقط، في أسوأ موجة للمرض منذ اندلاع الحرب في البلاد العام الماضي. انهيار الوصول الى المياه والكهرباء أوضحت الوزارة، الثلاثاء، أن نحو 90٪ من الإصابات تم تسجيلها في ولاية الخرطوم، حيث انهار الوصول إلى المياه النظيفة والكهرباء نتيجة تصعيد الضربات الجوية بالطائرات المسيرة من قبل ميليشيا الدعم السريع. وحسب تقرير عبر وكالة تي ار تي جلوبال فأن هذه الهجمات زادت من زعزعة الاستقرار في مدينة الخرطوم، التي تعاني أصلاً من شلل شبه كامل بعد أكثر من عام من المعارك العنيفة بين ميليشيات الدعم السريع والجيش السوداني. أزمة المياه تسرّع انتشار المرض وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن 3 محطات كهرباء رئيسية في العاصمة تعرضت لهجمات أدت إلى تعطيلها بالكامل، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن محطات معالجة المياه التي تزود الخرطوم بالمياه النقية. صرح سليمان عمار، منسق الشؤون الطبية في المنظمة بالخرطوم:"لم تعد محطات معالجة المياه تمتلك الطاقة لتشغيل مضخات النيل، وبالتالي لم تعد قادرة على توفير مياه آمنة للسكان". ودفع هذا الانهيار السكان إلى استخدام مصادر مياه غير آمنة، مما سرّع من وتيرة انتشار الكوليرا. دخلت الحرب، التي بدأت في أبريل 2023، عامها الثالث، وقد دمرت البنية التحتية الصحية الهشة في البلاد بالكامل تقريبًا. وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن النظام الصحي في السودان وصل إلى "نقطة الانهيار"، بينما أفادت نقابة الأطباء السودانيين بأن ما يصل إلى 90٪ من المستشفيات توقفت عن العمل في وقت ما بسبب الحرب، إذ تعرض العديد منها للنهب أو القصف أو الاحتلال من قبل أطراف النزاع. ومنذ بداية الصراع، قُتل عشرات الآلاف، ونزح أكثر من 13 مليون شخص، في ما وصفته الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة جوع ونزوح في العالم. وتُعد الكوليرا الآن طبقة جديدة من المعاناة التي يتكبدها المدنيون العالقون بين نيران الحرب ومخاطر الأوبئة، في بلد تتكامل فيه الكارثة الصحية مع الكارثة الإنسانية.


Dostor
3 hours ago
- Dostor
كيف عمّق انتشار الكوليرا في السودان جراح الحرب والنزوح؟
سلّطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الثلاثاء، الضوء على تدهور الأوضاع الصحية والازمة في السودان، جراء استمرار الحرب المستمرة لاكثر من عامين على التوالي في البلاد، جاء تمرد ميليشيا الدعم السريع. واوضحت الصحيفة في تقريرها الى أن الأزمة الصحية في السودان وانتشار وباء الكوليرا تضاف إلى سلسلة من التحديات التي تواجه السودان، بما في ذلك تفشي أمراض أخرى مثل الملاريا والحصبة، وتفاقم الأوضاع الإنسانية بسبب النزاع المستمر. تفشي وباء الكوليرا وأفادت الصحيفة أن السودان يشهد تفشيًا جديدًا لوباء الكوليرا أودى بحياة أكثر من 170 شخصًا خلال أسبوع واحد، وفقًا لما أعلنته السلطات الصحية السودانية يوم الثلاثاء. انتشار المرض في الخرطوم والعديد من الولايات وأضافت أنه تم تسجيل أكثر من 2.500 حالة إصابة، معظمها في العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان المجاورة، إضافة إلى ولايات شمال كردفان وسنار والنيل الأبيض. وأفادت منظمة "أطباء بلا حدود" بأن الارتفاع الحاد في عدد الحالات بدأ في منتصف مايو، حيث عالجت فرقها ما يقرب من 2,000 حالة مشتبه بها خلال الأسبوع الماضي فقط. وأشارت المنظمة إلى أن مراكز العلاج في أم درمان مكتظة بالمرضى، وكثير منهم يصلون في حالات متأخرة يصعب إنقاذها. أوضحت جويس باكر، منسقة "أطباء بلا حدود" في السودان، أن "العديد من المرضى يصلون في وقت متأخر جدًا، ولا نعرف الحجم الحقيقي للتفشي حيث يمكن لفرقنا رؤية جزء صغير فقط من الصورة الكاملة" وودعت إلى استجابة موحدة تشمل تحسين المياه والصرف الصحي وزيادة عدد مراكز العلاج. عودة العديد من النازحين الى المدينة كما أشارت الصحيفة في تقرير لها إلى أن الزيادة في حالات الكوليرا في منطقة الخرطوم تُعزى إلى عودة العديد من النازحين إلى المدينة، ما زاد من الضغط على الموارد المائية المحدودة. يأتي هذا التفشي في ظل أزمة إنسانية متفاقمة في السودان، حيث اندلع الصراع بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع في أبريل 2023، ما أسفر عن مقتل أكثر من 20.000 شخص وتشريد أكثر من 14 مليونًا. ووفقا للتقرير فقد أدى النزاع إلى تدمير البنية التحتية الصحية حيث إن أكثر من 80% من المستشفيات أصبحت خارج الخدمة، وتواجه المستشفيات المتبقية نقصًا حادًا في الإمدادات الطبية. وتُعد الكوليرا مرضًا معديًا ينتقل عبر المياه الملوثة، ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة خلال ساعات إذا لم يُعالج وتُحذر منظمة الصحة العالمية من أن الوضع يتطلب استجابة عاجلة لمنع المزيد من الوفيات.