logo
#

أحدث الأخبار مع #«حربالخليج

لِنَرَ المشهد من زاوية أخرى
لِنَرَ المشهد من زاوية أخرى

وكالة خبر

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • وكالة خبر

لِنَرَ المشهد من زاوية أخرى

يمكن فهم الموضوع على نحو أكثر بساطة، وأقصد ظاهرة التشدد والتعصب في الرأي لمن هم خارج فلسطين (وتحديداً خارج غزة)، في مسألة دعم المقاومة وتأييد «حماس»، لدرجة نكران الواقع وتجاهله، واتهام أي رأي مخالف بالخيانة والتخاذل.. ويمكنني تذكّر الطريقة غير الواقعية التي كنت أفكر بها قبل عودتي إلى الوطن منذ نحو ثلاثين سنة.. ولن أدعي أن طريقة تفكيري تمثل الجميع، ولكني أرى تشابهاً وتطابقاً بينها وبين ما ألمسه وأقرؤه الآن من تعليقات ومقالات لعموم من هم خارج فلسطين. كان الصديق مروان بركات قد أصدر كتاباً سنة 1992 عنوانه «حرب الخليج في الصحف الأردنية»، أجرى فيه بحثاً معمقاً حول أداء الصحف الرسمية والحزبية في الأردن، منذ اجتياح الكويت وحتى بدء العدوان، وخلص بنتيجة أن جميع العناوين والمقالات وتحليلات الخبراء (بلا استثناء) كانت واثقة بقوة الجيش العراقي، وعلى ثقة كاملة بهزيمة التحالف، وانتصار صدام، باستثناء مقال يتيم حمل عنوان «غيوم ثقيلة تغطي المنطقة» اختفى كاتبه من بعدها. وكانت الجماهير تحمل نفس الأفكار والتوقعات والآمال.. لا يهم الآن من الذي غذى أوهام الآخر وخدعه؛ الجماهير أم الإعلام؟ هذا مجرد مثال لنعرف كيف تفكر الجماهير أثناء الأزمات، بطريقة عاطفية لا تترتب عليها تضحيات. وبالعودة إلى موضوعنا، سنجد أنه منذ بدايات تفجر الصراع قبل أكثر من قرن، مروراً بانتفاضات وثورات الشعب الفلسطيني في مواجهة الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي، وانطلاقة الثورة في الـ65 وحتى السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان الموقف الشعبي تجاه المقاومة داعماً ومؤيداً بلا تحفظ، وأعتقد جازماً أنه سيظل كذلك حتى زوال الاحتلال ونيل الحرية، ولمزيد من الدقة كانت هناك وجهات نظر مختلفة ومنتقدة حول جدوى الكفاح المسلح، خاصة من قبل النخب، مع أن ممارسته كانت ضمن المعقول وفي سياق منسجم إلى حد ما مع مكونات المشهد السياسي، وضمن حدود وقدرات الشعب الفلسطيني، وجميع العمليات المسلحة التي حدثت كانت توقع إصابات محدودة في الطرف الإسرائيلي، وكانت ردود الفعل الإسرائيلية يمكن تحملها، مثل قتل المهاجمين، وهدم منازلهم، أو فرض عقوبات جماعية على المنطقة ولفترة محدودة.. وهذا الأمر مكّن من استمرار العمليات المسلحة، فضلاً على أن الرد الإسرائيلي لم يكن يشكل تهديداً وجودياً على الشعب الفلسطيني، ولم تكن حينها مخططات التهجير والترانسفير مطروحة (على الأقل علانية) ولم يكن المجتمع الدولي وحتى حلفاء إسرائيل يسمحون لها بالتمادي في الانتقام. ما حدث منذ السابع من أكتوبر مختلف كلياً: فإسرائيل تكبدت أكبر خسارة بشرية في تاريخها في يوم واحد، وأهين جيشها، وتهدد أمنها، وهذه كانت ذريعة كافية لإسرائيل لأن تتصرف على نحو مختلف جذرياً عن كل سلوكها السابق. مباشرة أعلنت إسرائيل الحرب، وهذا لم تفعله سابقاً سوى مرات معدودة، حتى أن اجتياحها لبنان صيف 1982 لم تسمّه حرباً، بل اعتبرته عملية عسكرية.. وكان واضحاً أنها ستستغل الفرصة إلى أبعد مدى ممكن، وستمارس إجرامها لدرجة تفوق خيال الشيطان، وستحظى بدعم دولي مفتوح، وهذا ما كان. ويبدو أن جماهيرنا في الخارج لم تستوعب هذه الحقيقة، ولم تقرأ المشهد جيداً، وظل الاعتقاد وطريقة التفكير والتفاعل مع الحدث كما كان سابقاً.. تصفيق وابتهاج لأي عمل مقاوم، ودعوة لتصعيد المقاومة العسكرية، مع أن أثر كل أعمال المقاومة كان محدوداً جداً من الناحية العسكرية والسياسية، واقتصر على البعد المعنوي، في حين كانت ممارسات الاحتلال تفوق ببشاعتها وعنفها كل ما سبق، وبدرجة مجنونة. هل كان بوسع إسرائيل قتل ستين ألف فلسطيني في الانتفاضة الأولى التي هزت أركان إسرائيل وأضرت بصورتها وأعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة؟ هل كان بوسعها تدمير المدن والبلدات والقرى الفلسطينية في الانتفاضة الثانية كما فعلت في غزة الآن، رغم أن تلك الانتفاضة كانت عنيفة وشبه عسكرية، وتسببت بمقتل أزيد من ألف إسرائيلي؟ هل كان بوسع إسرائيل حصار الضفة وإغلاق الحدود ومنع المساعدات وتجويع الناس وقصف المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس وتجريف الطرق وتدمير البيوت (كما فعلت حرفياً في غزة) حين كان الشبان ينفذون عمليات من حين إلى آخر؟ خطورة ما تفعله إسرائيل الآن لا تتوقف عند قتلها ستين ألف إنسان، وجرح وإعاقة أضعافهم (وهذه جريمة كبرى)، ولا تتوقف عند حجم التدمير الهائل (وهذه خسائر باهظة لا تعوّض)، ولا تتوقف عند حجم معاناة الناس وآلامهم وجوعهم وتشريدهم وخوفهم وبؤسهم (وتلك مأساة إنسانية فظيعة وغير مسبوقة)، الخطورة التي لا تقل أهمية تتمثل في مواصلة سعيها الحثيث لشطب قطاع غزة عمرانياً وحضارياً وتراثياً، وإعادة احتلاله (حتى لو بشكل غير مباشر)، وتحويله إلى مجرد ذكرى بعيدة. الخطورة في طرح مخططات التهجير علانية وبمنتهى الوقاحة والوضوح، والبدء بتنفيذها فعلياً، وتهيئة الظروف لإتمامها والتخلص من الكتلة البشرية التي ظلت تمثل التواجد الفلسطيني على أرض غزة الفلسطينية، بكل ما يعنيه ذلك من أبعاد وتداعيات مستقبلية. الخطورة فيما تفعله بالتوازي في الضفة الغربية من مصادرة أراض وتوسع استيطاني وشق طرق التفافية، وإطلاق يد المستوطنين، وإعادة الاحتلال لمناطق ومدن فلسطينية، وضم الجزء الأكبر من مساحة الضفة وتهويد القدس.. وهذا المخطط قديم، ولكن يجري تنفيذه بتسارع غير مسبوق منذ بدء العدوان، ولم يكن بوسعها تنفيذه بهذا الشكل لولا الظروف السياسية التي وفرتها الحرب، ولولا الدعم الأميركي والدولي التي وفرتها ذريعة السابع من أكتوبر، لدرجة بات مكنناً طرح موضوع التهجير. وهذا خطر حقيقي ينبغي رؤيته وعدم الاستخفاف به. والخطورة أن تستغل إسرائيل أجواء الحرب (السياسية والإعلامية) لتصفية القضية الفلسطينية كلياً، وشطب حق تقرير المصير (بعد أن صعّدت إجراءاتها لشطب حق العودة وبالتعاون مع الإدارة الأميركية)، وخلخلة الاعتراف العالمي بالشعب الفلسطيني، وتفريغ القضية الفلسطينية من محتواها السياسي، وهذا يتطلب ضرب وحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني، بإنهاء منظمة التحرير، أو بخلق منظمات بديلة، وإعادة تصوير الشعب الفلسطيني على أنهم قبائل وعشائر (متناحرة) ومجرد سكان (مشاغبين)، ومقاومتهم مجرد (إرهاب إسلامي). طالما أن الحرب مستمرة ستظل هذه المخاطر ماثلة، وسيكون بوسع إسرائيل تحويلها إلى حقائق وعلى العالم القبول بها.. ومن الممكن أن يقبل بها.. وإذا لم يدرك الفلسطينيون ذلك، بوعي وطني مسؤول، دون مزايدة، ودون عواطف وشعارات براقة، وإذا لم ننجح بإيجاد مخرج سياسي معقول يضمن لنا الاستمرار والبقاء في أرضنا، سنصبح الهنود الحمر في الشرق الأوسط.

لِنَرَ المشهد من زاوية أخرى
لِنَرَ المشهد من زاوية أخرى

جريدة الايام

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • جريدة الايام

لِنَرَ المشهد من زاوية أخرى

يمكن فهم الموضوع على نحو أكثر بساطة، وأقصد ظاهرة التشدد والتعصب في الرأي لمن هم خارج فلسطين (وتحديداً خارج غزة)، في مسألة دعم المقاومة وتأييد «حماس»، لدرجة نكران الواقع وتجاهله، واتهام أي رأي مخالف بالخيانة والتخاذل.. ويمكنني تذكّر الطريقة غير الواقعية التي كنت أفكر بها قبل عودتي إلى الوطن منذ نحو ثلاثين سنة.. ولن أدعي أن طريقة تفكيري تمثل الجميع، ولكني أرى تشابهاً وتطابقاً بينها وبين ما ألمسه وأقرؤه الآن من تعليقات ومقالات لعموم من هم خارج فلسطين. كان الصديق مروان بركات قد أصدر كتاباً سنة 1992 عنوانه «حرب الخليج في الصحف الأردنية»، أجرى فيه بحثاً معمقاً حول أداء الصحف الرسمية والحزبية في الأردن، منذ اجتياح الكويت وحتى بدء العدوان، وخلص بنتيجة أن جميع العناوين والمقالات وتحليلات الخبراء (بلا استثناء) كانت واثقة بقوة الجيش العراقي، وعلى ثقة كاملة بهزيمة التحالف، وانتصار صدام، باستثناء مقال يتيم حمل عنوان «غيوم ثقيلة تغطي المنطقة» اختفى كاتبه من بعدها. وكانت الجماهير تحمل نفس الأفكار والتوقعات والآمال.. لا يهم الآن من الذي غذى أوهام الآخر وخدعه؛ الجماهير أم الإعلام؟ هذا مجرد مثال لنعرف كيف تفكر الجماهير أثناء الأزمات، بطريقة عاطفية لا تترتب عليها تضحيات. وبالعودة إلى موضوعنا، سنجد أنه منذ بدايات تفجر الصراع قبل أكثر من قرن، مروراً بانتفاضات وثورات الشعب الفلسطيني في مواجهة الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي، وانطلاقة الثورة في الـ65 وحتى السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان الموقف الشعبي تجاه المقاومة داعماً ومؤيداً بلا تحفظ، وأعتقد جازماً أنه سيظل كذلك حتى زوال الاحتلال ونيل الحرية، ولمزيد من الدقة كانت هناك وجهات نظر مختلفة ومنتقدة حول جدوى الكفاح المسلح، خاصة من قبل النخب، مع أن ممارسته كانت ضمن المعقول وفي سياق منسجم إلى حد ما مع مكونات المشهد السياسي، وضمن حدود وقدرات الشعب الفلسطيني، وجميع العمليات المسلحة التي حدثت كانت توقع إصابات محدودة في الطرف الإسرائيلي، وكانت ردود الفعل الإسرائيلية يمكن تحملها، مثل قتل المهاجمين، وهدم منازلهم، أو فرض عقوبات جماعية على المنطقة ولفترة محدودة.. وهذا الأمر مكّن من استمرار العمليات المسلحة، فضلاً على أن الرد الإسرائيلي لم يكن يشكل تهديداً وجودياً على الشعب الفلسطيني، ولم تكن حينها مخططات التهجير والترانسفير مطروحة (على الأقل علانية) ولم يكن المجتمع الدولي وحتى حلفاء إسرائيل يسمحون لها بالتمادي في الانتقام. ما حدث منذ السابع من أكتوبر مختلف كلياً: فإسرائيل تكبدت أكبر خسارة بشرية في تاريخها في يوم واحد، وأهين جيشها، وتهدد أمنها، وهذه كانت ذريعة كافية لإسرائيل لأن تتصرف على نحو مختلف جذرياً عن كل سلوكها السابق. مباشرة أعلنت إسرائيل الحرب، وهذا لم تفعله سابقاً سوى مرات معدودة، حتى أن اجتياحها لبنان صيف 1982 لم تسمّه حرباً، بل اعتبرته عملية عسكرية.. وكان واضحاً أنها ستستغل الفرصة إلى أبعد مدى ممكن، وستمارس إجرامها لدرجة تفوق خيال الشيطان، وستحظى بدعم دولي مفتوح، وهذا ما كان. ويبدو أن جماهيرنا في الخارج لم تستوعب هذه الحقيقة، ولم تقرأ المشهد جيداً، وظل الاعتقاد وطريقة التفكير والتفاعل مع الحدث كما كان سابقاً.. تصفيق وابتهاج لأي عمل مقاوم، ودعوة لتصعيد المقاومة العسكرية، مع أن أثر كل أعمال المقاومة كان محدوداً جداً من الناحية العسكرية والسياسية، واقتصر على البعد المعنوي، في حين كانت ممارسات الاحتلال تفوق ببشاعتها وعنفها كل ما سبق، وبدرجة مجنونة. هل كان بوسع إسرائيل قتل ستين ألف فلسطيني في الانتفاضة الأولى التي هزت أركان إسرائيل وأضرت بصورتها وأعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة؟ هل كان بوسعها تدمير المدن والبلدات والقرى الفلسطينية في الانتفاضة الثانية كما فعلت في غزة الآن، رغم أن تلك الانتفاضة كانت عنيفة وشبه عسكرية، وتسببت بمقتل أزيد من ألف إسرائيلي؟ هل كان بوسع إسرائيل حصار الضفة وإغلاق الحدود ومنع المساعدات وتجويع الناس وقصف المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس وتجريف الطرق وتدمير البيوت (كما فعلت حرفياً في غزة) حين كان الشبان ينفذون عمليات من حين إلى آخر؟ خطورة ما تفعله إسرائيل الآن لا تتوقف عند قتلها ستين ألف إنسان، وجرح وإعاقة أضعافهم (وهذه جريمة كبرى)، ولا تتوقف عند حجم التدمير الهائل (وهذه خسائر باهظة لا تعوّض)، ولا تتوقف عند حجم معاناة الناس وآلامهم وجوعهم وتشريدهم وخوفهم وبؤسهم (وتلك مأساة إنسانية فظيعة وغير مسبوقة)، الخطورة التي لا تقل أهمية تتمثل في مواصلة سعيها الحثيث لشطب قطاع غزة عمرانياً وحضارياً وتراثياً، وإعادة احتلاله (حتى لو بشكل غير مباشر)، وتحويله إلى مجرد ذكرى بعيدة. الخطورة في طرح مخططات التهجير علانية وبمنتهى الوقاحة والوضوح، والبدء بتنفيذها فعلياً، وتهيئة الظروف لإتمامها والتخلص من الكتلة البشرية التي ظلت تمثل التواجد الفلسطيني على أرض غزة الفلسطينية، بكل ما يعنيه ذلك من أبعاد وتداعيات مستقبلية. الخطورة فيما تفعله بالتوازي في الضفة الغربية من مصادرة أراض وتوسع استيطاني وشق طرق التفافية، وإطلاق يد المستوطنين، وإعادة الاحتلال لمناطق ومدن فلسطينية، وضم الجزء الأكبر من مساحة الضفة وتهويد القدس.. وهذا المخطط قديم، ولكن يجري تنفيذه بتسارع غير مسبوق منذ بدء العدوان، ولم يكن بوسعها تنفيذه بهذا الشكل لولا الظروف السياسية التي وفرتها الحرب، ولولا الدعم الأميركي والدولي التي وفرتها ذريعة السابع من أكتوبر، لدرجة بات مكنناً طرح موضوع التهجير. وهذا خطر حقيقي ينبغي رؤيته وعدم الاستخفاف به. والخطورة أن تستغل إسرائيل أجواء الحرب (السياسية والإعلامية) لتصفية القضية الفلسطينية كلياً، وشطب حق تقرير المصير (بعد أن صعّدت إجراءاتها لشطب حق العودة وبالتعاون مع الإدارة الأميركية)، وخلخلة الاعتراف العالمي بالشعب الفلسطيني، وتفريغ القضية الفلسطينية من محتواها السياسي، وهذا يتطلب ضرب وحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني، بإنهاء منظمة التحرير، أو بخلق منظمات بديلة، وإعادة تصوير الشعب الفلسطيني على أنهم قبائل وعشائر (متناحرة) ومجرد سكان (مشاغبين)، ومقاومتهم مجرد (إرهاب إسلامي). طالما أن الحرب مستمرة ستظل هذه المخاطر ماثلة، وسيكون بوسع إسرائيل تحويلها إلى حقائق وعلى العالم القبول بها.. ومن الممكن أن يقبل بها.. وإذا لم يدرك الفلسطينيون ذلك، بوعي وطني مسؤول، دون مزايدة، ودون عواطف وشعارات براقة، وإذا لم ننجح بإيجاد مخرج سياسي معقول يضمن لنا الاستمرار والبقاء في أرضنا، سنصبح الهنود الحمر في الشرق الأوسط.

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 إبريل 1990.. قلق فى الرياض والقاهرة وتل أبيب من تهديد الرئيس العراقى صدام حسين بحرق نصف إسرائيل حال استخدامها هجوم نووى ضد بلاده
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 إبريل 1990.. قلق فى الرياض والقاهرة وتل أبيب من تهديد الرئيس العراقى صدام حسين بحرق نصف إسرائيل حال استخدامها هجوم نووى ضد بلاده

اليوم السابع

time٠٣-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • اليوم السابع

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 إبريل 1990.. قلق فى الرياض والقاهرة وتل أبيب من تهديد الرئيس العراقى صدام حسين بحرق نصف إسرائيل حال استخدامها هجوم نووى ضد بلاده

كان الرئيس العراقى صدام حسين يقوم بتقليد بعض قادة وضباط الجيش العراقى بالأوسمة والنياشين، يوم 2 إبريل1990، وإذا به يلقى قنبلته: «سنرد على إسرائيل إذا استعملت ضدنا أسلحة نووية».. ثم توعد: «إذا تعرض العراق لهجوم نووى، سنستعمل أسلحة متطورة تحرق بالنار نصف إسرائيل». كان كلام الرئيس العراقى تاليا لحالة من التربص الغربى للعراق، وسلسلة من التهديدات الإسرائيلية يرصدها الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «حرب الخليج.. أوهام القوة والنصر»، ففى يوم 28 مارس 1990، أعلنت السلطات البريطانية أنها عثرت على شحنات من أجهزة «الكريترون» التى تستخدم فى التفجيرات النووية، ثم أعلنت هذه السلطات أن هذه الشحنات كانت متجهة للعراق، وأنها قامت بمصادرتها، وفى نفس اليوم وقف صدام حسين فى اجتماع علنى وقد وضع أمامه على المنضدة مجموعة من أجهزة «الكرتيرون» قائلا: «إنها أجهزة بريئة تستعمل فى بعض الصناعات البتروكيماوية، وأن العراق ينتجها فعلا، ولا يحتاج أن يستوردها من الخارج»، ثم أضاف: «القصة كلها ملفقة بتنسيق بين مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى، وإدارة المخابرات البريطانية، وأن الهدف هو التشهير بالعراق». وفى يوم 30 مارس 1990، أعلن الجنرال «أوهاد باراك» رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلى: «إن إسرائيل لا بد أن تكون جاهزة لضربة وقائية ضد العراق فى أى وقت تشعر فيه أن قواته خطر عليها»، ثم تبعها إسحاق شامير رئيس وزراء إسرائيل بقوله: «إن إسرائيل سوف تهاجم العراق إذا أحست أنها اقتربت من إنتاج أسلحة نووية». تصدرت التهديدات التى أطلقها صدام حسين اهتمام الدوائر السياسية العربية الرسمية والشعبية من اليوم التالى لإطلاقها، وتصدرت اهتمام الصحف العربية، كما لم تتركها إسرائيل تمر هكذا، وحسب «هيكل»: «أطلقت إسرائيل فى يوم 3 إبريل، مثل هذا اليوم، 1990 قمرا صناعيا للتجسس العسكرى، أطلقت عليه اسم «أوفوك»، وهى كلمة عبرية تعنى «أفق»، أما على صعيد الدوائر الرسمية العربية، فكانت السعودية ومصر هما أكثر الجهات قلقا وتفاعلا ومحاولة للتهدئة، حيث قام العاهل السعودى الملك فهد بالاتصال بالرئيس صدام مبديا خشيته من تصاعد حدة الحملات، والحملات المضادة على هذا النحو». يذكر «هيكل» أنه أثناء الحديث بين الملك فهد والرئيس صدام، اقترح «فهد» على «صدام» أن يبعث برسائل تطمين إلى كل من الرئيس الأمريكى جورج بوش «الأب» والسيدة مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا، ووافق صدام على هذا الاقتراح وطلب من الملك أن يرسل إليه بندر بن سلطان سفير السعودية بأمريكا، ليكون رسوله إلى «بوش» و«تاتشر»، وبالفعل وصل الأمير بندر يوم 5 إبريل 1990 إلى مدينة «سرستك» فى الموصل، حيث كان الرئيس صدام هناك، واجتمع به ودار بينهما حديث طويل». أما فى مصر، فكانت جهود الرئيس مبارك تسير بالتوازى مع الجهود التى يبذلها العاهل السعودى بهدف «تهدئة الأمور والإمساك بزمامها قبل أن تفلت»، حسبما يذكر «هيكل»، ويكشف: «قام الرئيس مبارك بالاتصال مع الرئيس بوش لطمأنته أن الرئيس صدام رجل سلام، كذلك بعث الرئيس مبارك بنفس الرسالة إلى إسرائيل طالبا عدم تصعيد الموقف، لأن الأمور على هذا النحو سوف تؤدى إلى عواقب خطيرة، ثم وجد الرئيس مبارك أن الأمر يقتضى علاجا أوسع، وفى 8 إبريل 1960 أعاد مبارك تأكيد اقتراح مصرى منذ سنوات بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية». على الصعيد الإعلامى، أخذت معظم الصحف العربية الصادرة فى يوم 3 إبريل موقف الإشادة بتهديدات صدام حسين لإسرائيل، ففى الأردن قالت صحيفة الدستور فى افتتاحيتها: «إن الرئيس صدام حسين أيقظ يوم أمس أعمق ما فى قلوب أبناء هذه الأمة الكبيرة من توق شديد إلى وقفة عزة عربية ممهورة بطابع القوة والاقتدار والكبرياء القومى»، وأضافت الدستور: «وضع الرئيس صدام بكلمته الصريحة والمباشرة حدا لسياسة الاستخذاء العربى الطويل أمام الضربات الإسرائيلية»، وقالت صحيفة الرأى: «صوت صدام حسين كان أمس صوت أمتنا كلها من الماء إلى الماء، وصوت إرادتها وعزتها وعنفوانها»، وفى البحرين قالت صحيفة أخبار الخليج: «تصريحات الرئيس صدام جاءت فى توقيت مناسب، وبالغ الأهمية بعد الحملة الإسرائيلية الغربية غير المبررة التى ثارت مؤخرا ضد امتلاك العرب للسلاح النووى». وفى قطر، قالت صحيفة المشرق: «الرئيس صدام استطاع أن يتحدث مع دول الغرب بنفس اللغة التى تعترف بها وهى لغة القوة»، وفى الكويت قالت صحيفة القبس: «إن هذه الكلمة من الرئيس صدام حسين هى تحديد واضح لمسار العراق نحو التحرر من التعبية بكل صورها الاقتصادية، والعلمية والتكنولوجية والتسليحية، وتأكيد على أن العراق لا يساوم على مبادئه ولا على أمنه أو أمن الدول العربية».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store