logo
#

أحدث الأخبار مع #المؤسسةالأوروبيةالعربية

الاقتصاد العربى والاستثمار الاجتماعى
الاقتصاد العربى والاستثمار الاجتماعى

بوابة الأهرام

timeمنذ 3 أيام

  • أعمال
  • بوابة الأهرام

الاقتصاد العربى والاستثمار الاجتماعى

شهد العالم فى العقود الأخيرة تحولات بنيوية ضخمة فى أنماط الإنتاج والاستهلاك والعمل والممارسات، دفعت لإعادة النظر فى الأدوار التقليدية القطاعات العام والخاص والأهلى فى التنمية والاستثمار، وأبرزت ما يُعرف بـ«القطاع الرابع» كأحد مكونات الاقتصاد الاجتماعى الجديد، وهو فضاء اقتصادى يجمع بين البعد الربحى والبعد الاجتماعى، وخلق قيمة اجتماعية واقتصادية، ويتسم بكونه اقتصادًا قائمًا على المبادرة المجتمعية والتضامن، لتحقيق التنمية المستدامة من الأسفل إلى الأعلى، ويسهم الاقتصاد الاجتماعى بشكل كبير فى الاقتصاد العالمى، وتقدر مساهمته بنحو 7% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى. وتلبية لدعوة المؤسسة الأوروبية العربية للدراسات العليا التى استحدثها الاتحاد الأوروبى، لخلق فضاء للحوار والتعاون بين بلدانه والدول العربية, شاركت فى المنتدى الأورمينا الثالث للاقتصاد الاجتماعى والتضامنى الذى نظمته المؤسسة بالتعاون مع مؤسسة الأميرة العنود بنت عبدالعزيز بن مساعد الخيرية، وهى مؤسسة خيرية رائدة فى المملكة السعودية، وشارك بالمنتدى خبراء وأكاديميون وتنفيذيون من سويسرا، بلجيكا، إنجلترا، المغرب، البحرين، فرنسا والسعودية وقدموا تجارب وأبحاثا عن الاقتصاد الاجتماعى والتضامنى فى مختلف دول العالم، وقدمت بحثا حول فرص مساهمة الاقتصاد الاجتماعى والتضامنى فى الإدماج الاجتماعى والاقتصادى والتنمية المستدامة فى العالم العربى، وقارنت بالاستعانة بتقرير التنمية البشرية عام 2024 الدول العربية وفقا لمؤشر التنمية البشرية الذى يصنفها إلى أربع فئات: دول بمؤشر مرتفع جداً وهى دول الخليج, ثم دول بمؤشر مرتفع ومنها ليبيا وتونس والمغرب ومصر ولبنان، ثم دول بمؤشر متوسط منها العراق وسوريا، ثم الدول بمؤشر منخفض، منها موريتانيا والسودان وجيبوتى واليمن، ويلاحظ تباين عمق وتجارب الاقتصاد الاجتماعى فى مجموعات الدول، نتيجة تباين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتشريعات وفجوة الخدمات، فالدول بالمؤشر منخفض ومتوسط مازالت تجاربها تركز على تحديات غياب وهشاشة الدولة، وغالبية مبادراتها إغاثية طارئة تتعامل مع مظاهر مشاكل الفقر والتشرد وغياب الخدمات وتحاول توظيف التعاطف والفردية، بمفهوم «عربة الاسعاف». بينما نجد فى الدول مرتفعة مؤشر التنمية البشرية، تعاونيات نشطة تاريخياً، فالمغرب مثلاً يضم 15 مليون تعاونى وتسهم التعاونيات بنسبة 1.5% فى الناتج المحلى الإجمالى، وفى مصر جمعيات أهلية ومؤسسات اجتماعية كبيرة ومتنوعة، وباستثناءات صغيرة لمؤسسات تنموية، مثل مؤسسة ساويرس للتنمية وجمعية رجال أعمال الإسكندرية فى مصر ومؤسسة أندا فى تونس، ومؤسسة الفنار لتمويل الأثر فى لبنان، فالجزء الأكبر من المؤسسات الاجتماعية يركز على العمل الخيرى الرعوى ونهج توزيع المساعدات ومبادرات فى ظاهرها تمكينية لكن باطنها أعمال إغاثة و«إطفاء الحرائق»، ويمتد القليل منها للتعامل مع جذور القضايا، بينما يتسم نموذج الاقتصاد الاجتماعى فى الدول بمؤشر تنمية مرتفع جدا، (دول الخليج) بالميل نحو الاستثمار الاجتماعى ومؤسسات وقفية وتنموية تدير مشروعات واستثمارات دولية بالمليارات، مثل برنامج «أجفند» الذى أسس 9 بنوك للفقراء يستفيد منها 5 ملايين فقير وتمول 100 مليون دولار سنويا فى تسع دول، ومؤسسة صلتك فى قطر التى بلغ رأسمالها عند التأسيس 100 مليون دولار، وتعمل على تمكين الشباب العربى، ومؤسسة عبداللطيف جميل للتمويل التى تعمل داخل وخارج السعودية، واحتفلت نهاية 2024 بتخطّى قيمة القروض المتناهية الصغر حاجز 3.5 مليار ريال سعودى، وبعض هذه الدول تدعم الاقتصاد الاجتماعى بشكل واضح، فتستهدف رؤية السعودية 2030 تنمية المؤسسات غير الهادفة للربح كجزء من الهيكل الاقتصادى الوطنى، وزيادة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى من 0.9% فى عام 2023 إلى 5% فى عام 2030. ويشهد العالم الآن تجارب رائدة، ليست فقط فى الدول الصناعية مثل إنجلترا، مهد التعاونيات التى أحدثت ثورة فى مفهوم وفكر التعاونيات منذ سنوات، وإسبانيا التى بات الاقتصاد الاجتماعى يسيطر فيها على أنشطة المنتجات الزراعية والغذائية وصناعة النقل والسياحة، ولكن ايضاً فى الهند وبنجلادش واندونيسيا، وفى أمريكا اللاتينية التى تمتلك تاريخا من الحركة التعاونية ويُقدّم فيها الاقتصاد الاجتماعى، كبديل للتنمية (الرأسمالية)؛ وتجسيدًا لأجندة الإصلاح الهيكلى النيوليبرالية, هذه التجارب أثبتت أن نجاح الاقتصاد الاجتماعى يرتكز على توافر ثلاثة عناصر رئيسية: أولها وجود تشريعات وسياسات داعمة، فتونس مثلاً أول دولة عربية أصدرت قانونا لمؤسسات الاقتصاد الاجتماعى سنة 2020، واقترح مجلس أعلى هيئة للاقتصاد الاجتماعى، وقبله عام 2018 أصدرت قانونا لتنظيم المسئولية المجتمعية للمؤسسات، وثانيها فى توفير التحفيز وفرص دخول السوق امام مؤسسات القطاع، وثالثها بناء قدرات كل من المؤسسات والعاملين فى الاقتصاد الاجتماعى، فالسعودية تتبنى منظومة بيئية للاقتصاد الاجتماعى واستثمار الأثر، وأطلقت المركز الوطنى لدعم القطاع غير الهادف للربح، لتنميته ودعمه، مع صلاحيات واسعة لتنظيم إنشاء الجمعيات وترخيصها وتشغيلها وتمويلها. مجمل الصورة أن الدول العربية تحتاج ترسيخ أقدام الاقتصاد الاجتماعى الآن أكثر من أى وقت مضى، لتفعيل الطاقة الابداعية بمجتمعاتها التى تمزّقها النزاعات، والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والديون، ورغم تنامى الاهتمام الرسمى الظاهر بالمنظمات الأهلية والخيرية والأوقاف، إلا أن مؤسساتها تعانى ضعف البنية المؤسسية وعدم ملاءمة التشريعات وصعوبة الاستدامة المالية، وعلى الدول أن تسارع لوضع إستراتيجيات وطنية لتفعيل الاقتصاد الاجتماعى كقطاع اقتصادى مستقل له آثر وموقع ضمن البنية الاقتصادية العامة، ومساهمه مؤثرة فى الناتج المحلى الإجمالى، وهذا دور الحكومات وليس الإفراد وأختم بمقولة مارتن لوثر كينج: «القانون والنظام موجودان لإرساء العدالة، وعندما يفشلان فى تحقيق هذا الهدف، يُصبحان سدودًا خطيرة تُعيق التقدم الاجتماعى». > أستاذ ريادة الأعمال

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store