logo
#

أحدث الأخبار مع #رونالدروبرتسون

سعود الشرفات يكتب: الأردن المعاصر
سعود الشرفات يكتب: الأردن المعاصر

time٠٩-٠٣-٢٠٢٥

  • علوم

سعود الشرفات يكتب: الأردن المعاصر

أخبارنا : * بين اهمال التاريخ ومحاولات اسكاته تاريخياً؛ ظهرت أسماء "عبر الأردن " وما وراء الأردن" في القرن الثامن قبل الميلاد عندما غزا الآشوريون سوريا وفلسطين. وغني عن القول إن تاريخ الاستيطان البشري في الأردن، المعروف بحدوده الجغرافية اليوم، قديم جدا. ويعود تاريخه إلى العصر الحجري، حيث يعتقد علماء الآثار أن البشر سكنوا الأردن منذ العصر الحجري القديم قبل نصف مليون سنة كما يتضح من بقايا قرى منطقة البيضاء شمال البتراء والتي يعود تاريخها إلى (6800 قبل الميلاد). ويوجد على أرض الأردن أقدم سد مائي معروف في العالم وهو سد "جاوة"، في موقع جاوة الأثري في البادية الشمالية الشرقية، شرق قرية دير القن - محافظة المفرق، بالإضافة إلى أقدم منظومة حصاد مائي في العالم على وادي "راجل" الذي ينبع من جبل العرب في سوريا ويصب في واحة الأزرق. وعلى بعد حوالي 15 كم إلى الشرق من موقع "جاوة"، وجد فريق من علماء الآثار الأوروبيين من جامعة كامبريدج وجامعة لندن وجامعة كوبنهاغن في منطقة "الشبيكة"، على بعد حوالي 20 كم شمال قرية الصفاوي- في البادية الشمالية الشرقية -محافظة المفرق آثار صنع أقدم رغيف خبز في العالم، يعود تاريخه إلى 14,400 عام قبل الميلاد، أي قبل حوالي 4,000 عام من اكتشاف الإنسان للزراعة. لقد ظهر الأردن المعاصر الذي ندرسه هنا منذ قيام الإمارة (1921) مع بداية انطلاق المرحلة الرابعة من سيرورة العولمة التي أطلق عليها عالم الاجتماع البريطاني رونالد روبرتسون مرحلة الصراع من أجل الهيمنة، التي استمرت من العشرينات حتى ستينيات القرن العشرين. وتميزت هذه المرحلة بظهور خلافات وصراعات وحروب عالمية، منها الثورة العربية ضد الدولة العثمانية عام 1916، ثم ما أعقبها من ظهور قوي للقومية العربية والعداء لبريطانيا وفرنسا لدورهما في خداع الهاشميين والعرب بعد الحرب العالمية الأولى ومنع تحقيق العرب الاستقلال، بناء على تفاهمات والتزامات العهود التي تعهدت بها الحكومة البريطانية المعروفة باسم مراسلات حسين - مكماهون خلال الفترة 1915 - 1916 من خلال عشر رسائل متبادلة بين الشريف حسين بن علي والسير هنري مكماهون - المفوض السامي البريطاني في مصر آنذاك - والتي تبين فيما بعد أنها كانت خطة خداع مرعب. لأنه كتب في نفس الوقت أن الخطوات الأولى كانت تسير نحو توقيع اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا، والتي قسمت معظم الدولة العثمانية، بما في ذلك الدول العربية، إلى مناطق نفوذ بين الطرفين. وفي هذه المرحلة الفاصلة في التاريخ تشكلت على أساس نتائجها الواسعة، المؤسسات الرئيسية للعولمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال تشكيلات الأمم المتحدة. صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية. في خضم هذه البيئة السياسية والاجتماعية القاسية، وجد الأردن نفسه محكوما بقسوة جيوسياسية طاحنة مفروضة عليه منذ تأسيسه في العصر الحديث منذ استقلال إمارة شرق الأردن عن بريطانيا وأصبحت تعرف رسميا باسم المملكة الأردنية الهاشمية. وتتويج الأمير عبد الله بن الحسين ملكا للبلاد في 25 مايو 1946. طبعا دون أن ننسى أن هناك نقاشا واسعا في الأوساط الأكاديمية وبين المؤرخين الغربيين والأردنيين، بالإضافة إلى الأوساط الثقافية الأردنية من خلال ما يسمى ب "الحركة الوطنية الأردنية" حول الحياة والنشاط السياسي والثقافي للبلاد قبل مرحلة تأسيس إمارة شرق الأردن وهذا النقاش مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى لكن للأسف ما يزال دون مستوى المطلوب. وفي هذا الإطار يدّعي المُنظر السياسي والمؤرخ الأمريكي إدوارد كار أن (الحقائق تتحدث عن نفسها. وان هذا ليس صحيحا لأن الحقائق تتحدث فقط عندما يدعوها المؤرخ إلى الحديث. هو الذي يقرر الحقائق التي يجب أن يُعطي الكلمة لها، وبأي ترتيب أو سياق). هذا يعني أن الحقائق لا تتحدث عن نفسها، ولكنها توضع في المكان الذي يتحدث فيه المؤرخون عن أنفسهم، وأين يتم وضعها وكيف يتم وضعها. وهذه مهمة مخصصة للمؤرخ الذي يمكنه اختيار وتحديد الحقائق التي تستحق الإظهار، والترتيب الذي تظهر به، وسياقها. مع ضرورة التأكيد على أننا نستطيع أن ننظر إلى الماضي، ونحقق فهمنا للماضي، فقط من خلال عيون الحاضر". ومن أهم مظاهر هذا الإهمال والاسكات أن معظم تاريخ الأردن المعاصر – إن لم يكن كله، لأن هناك عددا قليلا من المؤرخين الأردنيين الذين قدموا إسهامات مفيدة ومقدرة – لم تتم دراسته بطريقة علمية وتحليلية شاملة، والأحداث التاريخية التي يتم تناولها اليوم كانت في معظمها مكتوبة بطريقة غير علمية سطحية تصلح للكتب المدرسية. أما بالنسبة لمعظم الكتابات العلمية فقد كتبها آخرون وغرباء، فعلى سبيل المثال، يقول آفي شلايم، المؤرخ الإسرائيلي والبريطاني من أصل يهودي عراقي وأحد "المؤرخين الجدد" في إسرائيل الذي كتب سيرة ذاتية مهمة للملك حسين بن طلال: "من المفارقات القدر أن أول شخص كتب سيرة وصفي التل كان إسرائيلي، والدراسة الشاملة الوحيدة لمسيرته السياسية كتبت باللغة العبرية". وهنا يقصد شلايم كتاب المؤرخ الإسرائيلي آشر سوسير وكتابه (بين الأردن وفلسطين: السيرة السياسية لوصفي التل) ونشر باللغة الإنجليزية نفس عام توقيع اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل 1994م. طبعاً دون ان ننسى ان نشير الى أن حديث شلايم كان قبل ان تقوم الباحثة والإعلامية الأردنية ملك يوسف التل بنشر كتابها (وصفي التل: مشروع لم يكتمل) عام 2020م أي بعد 26 سنة من نشر كتاب سوسير؟! ولذلك، وبسبب هذا الإهمال والتقصير الواضح، قام الآخرون والغرباء بتفسير وتحليل الأحداث التاريخية في الأردن بطريقتهم الخاصة وفقا لفهمهم وتفسيرهم، ووفقا لمصالحهم الشخصية، ومصالح من يمثلونهم في مراكز الأبحاث الغربية التي تتحدث اللغة الإنجليزية على وجه الخصوص. إن دراسة تاريخ الأردن هنا لا تعني العودة إلى أحداث التاريخ المجرد فقط، بل تحليلها وإعادة تفكيكها وتفسيرها. حيث أنه لا يمكن لي أن أكون مؤرخا (أو باحثا) إذا كنت أعتقد أنه من واجبي المهني أن أكتفي بالعودة إلى الماضي وعدم تركه، وأن أقتصر جهودي على دراسة الأحداث التي وقعت في العصور القديمة وعدم تذكرها إلا لأنها فريدة من نوعها وعدم ربطها بالأحداث التي تحدث في الزمان الذي أعيش فيه. لا جدال في أن هناك بعض المآسي في تاريخ الأردن المعاصر التي يبدو أننا غير قادرين على فعل أي شيء بشأنها، ولكن هناك مأساة واحدة مستمرة يمكننا إيقافها في الأردن، وهي استمرار إهمال تاريخه ومحاولات إسكاته. إن وقف هذه المأساة يحتاج اليوم قبل غدا الى مشروع وطني شامل مدعوم وممول من الدولة ومؤسساتها المختلفة خاصة وزارت الثقافة، والتعليم العالي، ومن القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني الأردنية. * مدير مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب

الشرفات يكتب: الأردن المعاصر
الشرفات يكتب: الأردن المعاصر

عمون

time٠٩-٠٣-٢٠٢٥

  • علوم
  • عمون

الشرفات يكتب: الأردن المعاصر

* بين اهمال التاريخ ومحاولات اسكاته تاريخياً؛ ظهرت أسماء "عبر الأردن " وما وراء الأردن" في القرن الثامن قبل الميلاد عندما غزا الآشوريون سوريا وفلسطين. وغني عن القول إن تاريخ الاستيطان البشري في الأردن، المعروف بحدوده الجغرافية اليوم، قديم جدا. ويعود تاريخه إلى العصر الحجري، حيث يعتقد علماء الآثار أن البشر سكنوا الأردن منذ العصر الحجري القديم قبل نصف مليون سنة كما يتضح من بقايا قرى منطقة البيضاء شمال البتراء والتي يعود تاريخها إلى (6800 قبل الميلاد). ويوجد على أرض الأردن أقدم سد مائي معروف في العالم وهو سد "جاوة"، في موقع جاوة الأثري في البادية الشمالية الشرقية، شرق قرية دير القن - محافظة المفرق، بالإضافة إلى أقدم منظومة حصاد مائي في العالم على وادي "راجل" الذي ينبع من جبل العرب في سوريا ويصب في واحة الأزرق. وعلى بعد حوالي 15 كم إلى الشرق من موقع "جاوة"، وجد فريق من علماء الآثار الأوروبيين من جامعة كامبريدج وجامعة لندن وجامعة كوبنهاغن في منطقة "الشبيكة"، على بعد حوالي 20 كم شمال قرية الصفاوي- في البادية الشمالية الشرقية -محافظة المفرق آثار صنع أقدم رغيف خبز في العالم، يعود تاريخه إلى 14,400 عام قبل الميلاد، أي قبل حوالي 4,000 عام من اكتشاف الإنسان للزراعة. لقد ظهر الأردن المعاصر الذي ندرسه هنا منذ قيام الإمارة (1921) مع بداية انطلاق المرحلة الرابعة من سيرورة العولمة التي أطلق عليها عالم الاجتماع البريطاني رونالد روبرتسون مرحلة الصراع من أجل الهيمنة، التي استمرت من العشرينات حتى ستينيات القرن العشرين. وتميزت هذه المرحلة بظهور خلافات وصراعات وحروب عالمية، منها الثورة العربية ضد الدولة العثمانية عام 1916، ثم ما أعقبها من ظهور قوي للقومية العربية والعداء لبريطانيا وفرنسا لدورهما في خداع الهاشميين والعرب بعد الحرب العالمية الأولى ومنع تحقيق العرب الاستقلال، بناء على تفاهمات والتزامات العهود التي تعهدت بها الحكومة البريطانية المعروفة باسم مراسلات حسين - مكماهون خلال الفترة 1915 - 1916 من خلال عشر رسائل متبادلة بين الشريف حسين بن علي والسير هنري مكماهون - المفوض السامي البريطاني في مصر آنذاك - والتي تبين فيما بعد أنها كانت خطة خداع مرعب. لأنه كتب في نفس الوقت أن الخطوات الأولى كانت تسير نحو توقيع اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا، والتي قسمت معظم الدولة العثمانية، بما في ذلك الدول العربية، إلى مناطق نفوذ بين الطرفين. وفي هذه المرحلة الفاصلة في التاريخ تشكلت على أساس نتائجها الواسعة، المؤسسات الرئيسية للعولمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال تشكيلات الأمم المتحدة. صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية. في خضم هذه البيئة السياسية والاجتماعية القاسية، وجد الأردن نفسه محكوما بقسوة جيوسياسية طاحنة مفروضة عليه منذ تأسيسه في العصر الحديث منذ استقلال إمارة شرق الأردن عن بريطانيا وأصبحت تعرف رسميا باسم المملكة الأردنية الهاشمية. وتتويج الأمير عبد الله بن الحسين ملكا للبلاد في 25 مايو 1946. طبعا دون أن ننسى أن هناك نقاشا واسعا في الأوساط الأكاديمية وبين المؤرخين الغربيين والأردنيين، بالإضافة إلى الأوساط الثقافية الأردنية من خلال ما يسمى ب "الحركة الوطنية الأردنية" حول الحياة والنشاط السياسي والثقافي للبلاد قبل مرحلة تأسيس إمارة شرق الأردن وهذا النقاش مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى لكن للأسف ما يزال دون مستوى المطلوب. وفي هذا الإطار يدّعي المُنظر السياسي والمؤرخ الأمريكي إدوارد كار أن (الحقائق تتحدث عن نفسها. وان هذا ليس صحيحا لأن الحقائق تتحدث فقط عندما يدعوها المؤرخ إلى الحديث. هو الذي يقرر الحقائق التي يجب أن يُعطي الكلمة لها، وبأي ترتيب أو سياق). هذا يعني أن الحقائق لا تتحدث عن نفسها، ولكنها توضع في المكان الذي يتحدث فيه المؤرخون عن أنفسهم، وأين يتم وضعها وكيف يتم وضعها. وهذه مهمة مخصصة للمؤرخ الذي يمكنه اختيار وتحديد الحقائق التي تستحق الإظهار، والترتيب الذي تظهر به، وسياقها. مع ضرورة التأكيد على أننا نستطيع أن ننظر إلى الماضي، ونحقق فهمنا للماضي، فقط من خلال عيون الحاضر". ومن أهم مظاهر هذا الإهمال والاسكات أن معظم تاريخ الأردن المعاصر – إن لم يكن كله، لأن هناك عددا قليلا من المؤرخين الأردنيين الذين قدموا إسهامات مفيدة ومقدرة – لم تتم دراسته بطريقة علمية وتحليلية شاملة، والأحداث التاريخية التي يتم تناولها اليوم كانت في معظمها مكتوبة بطريقة غير علمية سطحية تصلح للكتب المدرسية. أما بالنسبة لمعظم الكتابات العلمية فقد كتبها آخرون وغرباء، فعلى سبيل المثال، يقول آفي شلايم، المؤرخ الإسرائيلي والبريطاني من أصل يهودي عراقي وأحد "المؤرخين الجدد" في إسرائيل الذي كتب سيرة ذاتية مهمة للملك حسين بن طلال: "من المفارقات القدر أن أول شخص كتب سيرة وصفي التل كان إسرائيلي، والدراسة الشاملة الوحيدة لمسيرته السياسية كتبت باللغة العبرية". وهنا يقصد شلايم كتاب المؤرخ الإسرائيلي آشر سوسير وكتابه (بين الأردن وفلسطين: السيرة السياسية لوصفي التل) ونشر باللغة الإنجليزية نفس عام توقيع اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل 1994م. طبعاً دون ان ننسى ان نشير الى أن حديث شلايم كان قبل ان تقوم الباحثة والإعلامية الأردنية ملك يوسف التل بنشر كتابها (وصفي التل: مشروع لم يكتمل) عام 2020م أي بعد 26 سنة من نشر كتاب سوسير؟! ولذلك، وبسبب هذا الإهمال والتقصير الواضح، قام الآخرون والغرباء بتفسير وتحليل الأحداث التاريخية في الأردن بطريقتهم الخاصة وفقا لفهمهم وتفسيرهم، ووفقا لمصالحهم الشخصية، ومصالح من يمثلونهم في مراكز الأبحاث الغربية التي تتحدث اللغة الإنجليزية على وجه الخصوص. إن دراسة تاريخ الأردن هنا لا تعني العودة إلى أحداث التاريخ المجرد فقط، بل تحليلها وإعادة تفكيكها وتفسيرها. حيث أنه لا يمكن لي أن أكون مؤرخا (أو باحثا) إذا كنت أعتقد أنه من واجبي المهني أن أكتفي بالعودة إلى الماضي وعدم تركه، وأن أقتصر جهودي على دراسة الأحداث التي وقعت في العصور القديمة وعدم تذكرها إلا لأنها فريدة من نوعها وعدم ربطها بالأحداث التي تحدث في الزمان الذي أعيش فيه. لا جدال في أن هناك بعض المآسي في تاريخ الأردن المعاصر التي يبدو أننا غير قادرين على فعل أي شيء بشأنها، ولكن هناك مأساة واحدة مستمرة يمكننا إيقافها في الأردن، وهي استمرار إهمال تاريخه ومحاولات إسكاته. إن وقف هذه المأساة يحتاج اليوم قبل غدا الى مشروع وطني شامل مدعوم وممول من الدولة ومؤسساتها المختلفة خاصة وزارت الثقافة، والتعليم العالي، ومن القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني الأردنية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store