أحدث الأخبار مع #فالحربالعالميةالأولى


Independent عربية
١٨-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
صدام الأحلام: الواقع والكوابيس
كان هيغل يقول "التاريخ للحروب وليس للسلام تاريخ". وكان الواقع ولا يزال يؤكد أن العالم شكلته الحروب. والشرق الأوسط ليس استثناء من القاعدة. لا في التاريخ القديم، ولا في التاريخ الحديث. فالحرب العالمية الأولى أدت إلى رسم حدود الكيانات على أيدي القوى المنتصرة التي تقاسمت الانتدابات الأجنبية عليها. والحرب العالمية الثانية وسعت طريق الاستقلالات. في حرب 1948 عجزت الجيوش العربية عن منع قيام إسرائيل فاستولت الجيوش على السلطة في عواصم عربية وأنهت مرحلة قصيرة من الحكم المدني مع شيء من الديمقراطية والليبرالية. وفي حرب 1967 خسر العرب كل فلسطين ومعها سيناء المصرية والجولان السوري، وقويت مرحلة المقاومة للاحتلال الإسرائيلي على أيدي فصائل فلسطينية قادت إلى حرب لبنان واتفاق أوسلو. حرب أكتوبر 1973 كانت آخر الحروب الكلاسيكية العربية، لا الإسرائيلية، وقادت الرئيس أنور السادات إلى القدس ثم معاهدة السلام مع إسرائيل واستعادة سيناء، وجعلت الرئيس حافظ الأسد يخوض أياماً قتالية مع إسرائيل قبل استعادة جزء من الجولان عبر اتفاق فك الارتباط، وإجراء مفاوضات مباشرة برعاية أميركية لم تنته إلى تسوية سلمية لأن الثمن الإسرائيلي بدا أكبر مما سماها الأسد "كرتونة البيض"، أي مجموعة التلال والوديان في الجولان. وبقية الحروب كانت مع حركة "حماس" في غزة و"حزب الله" في لبنان، بحيث جرى تشكيل "محور المقاومة" بقيادة إيران. لكن حرب غزة وحدها بدت أصغر من إحداث تغيير واسع في الشرق الأوسط. وهي مع حرب لبنان وتوجيه ضربات قوية إلى "حماس" و"حزب الله" وإحداث دمار كبير في غزة ولبنان، ثم مع سقوط نظام الأسد في سوريا، صارت بداية استراتيجية أميركية جديدة في الشرق الأوسط وسعت بيكار التغيير بدءاً بضرب النفوذ الإيراني في المنطقة، بالتالي العمل لإنهاء المشروع الإقليمي للملالي وتقطيع الأذرع المسلحة التي جرى تأسيسها للدفاع عن المشروع. والتحولات لا تزال في حال سيولة شديدة. غير أنها مصممة في واشنطن لأن تقود إلى شرق أوسط جديد، وكان بنيامين نتنياهو ادعى سلفاً "إننا غيرنا الشرق الأوسط". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وما أكثر الصيغ والطبعات التي أريد لها أن ترسم المشهد الجديد المفترض في المنطقة. غير أن الصيغة التي بقيت ثابتة على سطح التطورات هي غياب الدور العربي وحضور الصراع والتنافس بين ثلاث قوى إقليمية على المسرح العربي، إيران وتركيا وإسرائيل. أما اليوم، فإن اللاعب العربي استعاد دوره، وتراجع دور إيران بمقدار ما توسع دور تركيا وإسرائيل في سوريا التي تجاهد لاستعادة دورها. وظهر حتى في إسرائيل من يتحدث عن أحلام بين ثلاثة مشاريع لقوى إقليمية لكل منها حليف عربي هذه المرة، هذا ما جاء في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" للمؤرخ الإسرائيلي المتخصص في دراسة السلطة العثمانية درور زئيفي. ففي الشرق الأوسط، بحسب زئيفي، ثلاثة أحلام تتصارع. أولها "حلم إيران وأذرعها في المنطقة" حول مشروع إقليمي ومشروع تحرير فلسطين، وهو ما بقي المؤرخ الإسرائيلي ثابتاً على تصنيفه على رغم التحولات التي بدلت أشياء كثيرة. وثانيها "حلم نتنياهو" ومعه أركان "اتفاقات أبراهام" في الخليج، عبر "قيادة مشتركة برعاية أميركية" تصد المحور الإيراني وتبني "قاعدة أمنية واقتصادية مشتركة". وثالثها "حلم أردوغان" ومعه حاكم خليجي والرئيس أحمد الشرع في سوريا لفرض الإسلام السياسي بالصيغة المعتدلة التي يمثلها حزب "العدالة والتنمية" ويسعى إلى التأثير في التنظيمات الجهادية السلفية الحاكمة في سوريا. لكن اللعبة أشد تعقيداً مما تبدو عليه في الصيغ البسيطة. فالصراع بين تركيا وإسرائيل بدأ يأخذ شكلاً عسكرياً في سوريا من خلال الغارات الإسرائيلية لتدمير القواعد التي قيل إن أنقرة ستقيم فيها، وإن قال وزير الخارجية التركي هكان فيدان إن بلاده "لا تريد حرباً مع إسرائيل". وإصرار إيران على متابعة مشروعها الإقليمي والتمسك بتقوية أذرعها والحفاظ على حلمها يصطدم بتركيا وإسرائيل، وقبل ذلك بأميركا وسياسة الرئيس دونالد ترمب. فما يعرضه ترمب على طهران هو إما التخلي عن مشروعها النووي ومشروع الصواريخ الباليستية ونفوذها الإقليمي، وإما أن تواجه حرباً. وتوزيع العالم العربي بين لاعبين مع اللاعبين الإقليميين هو وصفة لفقدان الدور العربي الأساس القائم على التضامن العربي والذي من دونه تتحكم القوى الإقليمية بالعرب، فضلاً أن أميركا هي التي تلعب الدور الأكبر وتدير اللاعبين، وأن روسيا والصين ليستا غائبتين عن المنطقة. والسؤال هو، ماذا لو قاد صدام الأحلام إلى كوابيس؟ وأين ترمب من الرئيس جيفرسون القائل "آمل أن تكبر حكمتنا مع قوتنا حتى نتعلم أن قوتنا ستصبح أعظم إذا استعملناها أقل".


الدستور
١٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الدستور
يوم وطنى عظيم
٩ مارس يوم وطنى مصرى أصيل وعظيم يجمع بين أمرين بالغى الأهمية، الأول هو ذكرى ثورة ١٩١٩، تلك الثورة التى غيرت وجه التاريخ المصرى على الإطلاق، والأمر الثانى هو الاحتفال بيوم الشهيد، تلك الذكرى العطرة تخليدًا لشهداء مصر على مر العصور. فى التاسع من مارس عام ١٩١٩ انطلقت شرارة ثورة مصرية عارمة، غيرت وجه التاريخ المصرى الحديث، التى لم تكن مجرد انتفاضة شعبية عابرة، بل كانت تعبيرًا عن إرادة أمة بأكملها، رافضة الاحتلال البريطانى، ومطالبة بالاستقلال والحرية. لقد كانت لحظة فارقة فى تاريخ مصر، حيث توحد فيها الشعب المصرى بكل فئاته وأطيافه من أجل هدف واحد، هو التحرر من قبضة الاستعمار. كانت الأوضاع فى مصر ملتهبة قبل اندلاع الثورة، فالحرب العالمية الأولى كانت قد انتهت، وتوقعت مصر، كغيرها من الدول، أن تنال استقلالها، ولكن بريطانيا، التى كانت تحتل مصر منذ عام ١٨٨٢، لم تكن مستعدة للتخلى عن هذا البلد المهم، فازداد الغضب الشعبى وتصاعدت المطالب بالاستقلال، وفى هذه الأجواء المشحونة قام سعد زغلول ورفاقه بتشكيل الوفد المصرى، الذى سعى إلى تمثيل مصر فى مؤتمر الصلح فى باريس، وعرض قضية الاستقلال المصرى على المجتمع الدولى. لكن بريطانيا رفضت السماح للوفد المصرى بالسفر، بل وقامت باعتقال سعد ورفاقه، ونفيهم إلى جزيرة مالطا. وكان هذا الإجراء بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، ففى اليوم التالى، التاسع من مارس، اندلعت المظاهرات والاحتجاجات فى جميع أنحاء مصر، وخرج الطلاب والعمال والموظفون والفلاحون إلى الشوارع، مطالبين بالإفراج عن سعد زغلول، وبالاستقلال التام لمصر. لم تكن ثورة ١٩١٩ مجرد مظاهرات عابرة، بل كانت ثورة شعبية شاملة، لم تعدلها فى التاريخ سوى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣. واستخدم المصريون فى ثورة ١٩١٩ كل الوسائل المتاحة للتعبير عن غضبهم، من المظاهرات والاعتصامات والإضرابات، إلى المقاطعة الاقتصادية، بل وحتى المقاومة المسلحة فى بعض المناطق، لقد كانت ثورة عكست وحدة الشعب المصرى، وتصميمه على تحقيق أهدافه. وقد شاركت المرأة المصرية مشاركة فعالة فى هذه الثورة، وخرجت إلى الشوارع، جنبًا إلى جنب مع الرجال، مطالبة بالاستقلال والمساواة، لقد كانت ثورة ١٩١٩ علامة فارقة فى تاريخ الحركة النسائية المصرية، حيث أثبتت المرأة المصرية قدرتها على المشاركة فى الحياة السياسية، والنضال من أجل حقوقها. لقد كانت ثورة ١٩١٩ نقطة تحول حاسمة فى تاريخ مصر، فبفضل تضحيات الشعب المصرى اضطرت بريطانيا إلى تغيير سياستها، وأعلنت فى عام ١٩٢٢ عن إلغاء الحماية البريطانية على مصر، وإعلانها دولة مستقلة ذات سيادة، ولكن هذا الاستقلال كان منقوصًا، حيث احتفظت بريطانيا ببعض الامتيازات، مثل السيطرة على قناة السويس، وبقاء قواتها العسكرية فى مصر. ومع ذلك فقد كانت ثورة ١٩١٩ بمثابة انتصار معنوى كبير للشعب المصرى، فقد أثبتت للعالم أجمع أن مصر قادرة على تحقيق الاستقلال، وأن الشعب المصرى لن يستسلم للاحتلال، وستظل ثورة ١٩١٩ رمزًا للنضال الوطنى المصرى، ومصدر إلهام للأجيال القادمة. أما يوم الشهيد فى مصر فهو يوم وطنى عظيم تحتفل به مصر فى التاسع من مارس من كل عام، لتكريم شهداء الوطن الذين ضحوا بأرواحهم فداءً لمصر وشعبها. إنه يوم يجسد أسمى معانى التضحية والفداء، ويذكرنا بتضحيات الأبطال الذين بذلوا أرواحهم للحفاظ على تراب الوطن وكرامته. ويعود اختيار هذا اليوم إلى ذكرى استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الذى استشهد فى التاسع من مارس عام ١٩٦٩ أثناء حرب الاستنزاف. وقد تم اختيار هذا اليوم ليكون رمزًا لتضحيات جميع شهداء مصر عبر التاريخ. ويوم الشهيد ليس مجرد يوم للذكرى، بل هو يوم للتعبير عن الاعتزاز والفخر بتضحيات الشهداء، وتجديد العهد على مواصلة مسيرتهم فى الدفاع عن الوطن. كما أنه يوم لتقديم الدعم والمساندة لأسر الشهداء، والتأكيد على أن تضحيات أبنائهم لن تذهب سدى. ويحمل يوم الشهيد رسالة قوية إلى العالم أجمع، وهى أن مصر لن تتوانى عن الدفاع عن أرضها وشعبها، وأنها ستبقى دائمًا وفية لذكرى شهدائها الأبطال. كما أنه يوم للتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية والتكاتف بين جميع أفراد الشعب المصرى، لمواجهة التحديات وتحقيق التنمية والازدهار. ويوم الشهيد هو يوم للوفاء والعرفان، يوم لتجديد العهد على مواصلة مسيرة الشهداء فى بناء مصر الحديثة، مصر القوية الشامخة التى تستحق تضحيات أبنائها الأبرار.