
طريق القـدس.. مذبحة دير ياسين.. 77 عاما من الدم المستباح في فلسطين
اعتمد الكيان الصهيوني في مشروعه السرطاني الذي استهدف الأراضي العربية في فلسطين وجوارها على منظومة متكاملة من الرؤى والأساليب النظرية والعملية الدينية والسياسية والاقتصادية، إلا أن دعم بريطانيا والقوى الإمبريالية وتبنيها للدولة الصهيونية، كان العامل الأساس في الانتقال إلى الخطوات الميدانية لاستيطان عدد من القرى والبلدات الفلسطينية وتهجير سكانها بقوة السلاح، بتشجيع من بريطانيا التي كانت تحتل فلسطين وعدد من الدول العربية وأهمها مصر والعراق والأردن.
غير أنه وبهدف التسريع من وتيرة بسط اليهود الصهاينة على فلسطين، تولت العصابات الصهيونية المسلحة الدور الأكبر في تنفيذ المشروع الصهيوني وارتكاب عشرات المذابح والمجازر الدموية بحق الشعب الفلسطيني، الذي كان يفتقر حينها لأبسط مقومات الدفاع عن النفس، بينما كان اليهود في تسليح منظم ومتصاعد، مع دعم مباشر من قوات الاحتلال البريطاني، الذي كان قوامه لا يقل عن مائة ألف جندي، والآلاف من المعدات والأسلحة الثقيلة المتطورة.
كان المخطط الصهيوني ولا يزال قائم على التهجير القسري لأهل فلسطين، وتحويلها إلى ديموغرافيا يهودية أرضا وسكانا، وفي سبيل ذلك باشرت العصابات الصهيونية وعلى رأسها ' الهاجاناة ' إلى ارتكاب عشرات المذابح والمجازر الدموية، ومن أبرز وأبشع هذه الجرائم مذبحة دير ياسين.
في مثل هذا الشهر وقبل 77 عاما، تحديدا في 9 إبريل 1948م، اقتحمت العصابات الصهيونية بقيادة مناحم بيجن ( الذي سيكون رئيسا لوزراء دولة الكيان بعد 30 عاما على هذه المذبحة ) قرية دير ياسين غربي القدس، وارتكبوا فيها مجزرة مروعة، حيث قتلوا المئات من المدنيين بينهم نساء وأطفال. وإمعانا في التوحش والترويع، بقروا بطون النساء وقطعوا آذان الرجال وألقوا بالأطفال في الأفران المشتعلة، وأسروا العشرات من الأحياء واستعرضوا بهم في الشوارع، ثم قاموا بإعدامهم رميا بالرصاص، وفجروا العشرات من البيوت.
كان وقع المذبحة كبيرا، خاصة أنها لم تكن الوحيدة وإن كانت الأكثر بشاعة، ما اضطر عشرات القرى المجاورة للهرب والنزوح إلى الأراضي العربية المجاورة، فيما كانت الجيوش العربية تستعد للمواجهة وإنقاذ الموقف، خاصة وقد أعلنت العصابات الصهيونية عن قيام دولة إسرائيل، وسارعت الدول الكبرى للاعتراف بها.
وحسب المصادر التاريخية، فإن اليهود احتفلوا بالمذبحة بعد عام من احتلال فلسطين ودير ياسين، واعترف بعض قادتهم بمدى النتائج غير المتوقعة لمذبحة دير ياسين وغيرها، حين خلقت الرعب في أوساط الفلسطينيين والعرب، وساعدت على سقوط عشرات المدن والقرى الأخرى بدون قتال.
ومما لا شك فيه أن سيناريو استباحة الدم والقتل الجماعي لا يزال دأب اليهود المغتصبين، وما يزالون يرتكبون جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني منذ مذبحة دير ياسين، وحتى مئات المجازر التي يتعرض لها أهلنا في غزة ولم تتوقف منذ 7 أكتوبر 2023، وما يزال الهدف الرئيس هو التهجير القسري للسكان، وما تزال الدول الكبرى وبالذات أمريكا وبريطانيا ترعى هذا الإجرام، وتدعم المذابح الدموية وتشجع اليهود على سياسة التهجير القسري واحتلال المزيد من الأراضي العربية..
بعد 77 عاما ما زالت المأساة ماثلة مع فارق أن مذبحة دير ياسين لم يعرف بها العرب إلا بعد فوات الأوان، ومع ذلك تحركت الجيوش العربية وحاولت أن تعمل شيئا لكنها فشلت، أما اليوم فشلال الدم في غزة وفلسطين المحتلة على مرأى ومسمع من العالم، ولكن لا حياة لمن تنادي، أما الجيوش العربية فكأنما ابتلعها الطوفان، وهو ما يشجع اليهود المجرمين على التمادي وارتكاب المزيد من جرائم الإبادة والتطهير العرقي في غزة والضفة الغربية.

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles


Al Masry Al Youm
21 hours ago
- Al Masry Al Youm
نتنياهو ينشر فيديو مزعوم من داخل نفق تحت «الأقصى» وهذا ما قاله (فيديو)
نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مقطع فيديو جديد مدعيًا أنه من نفق يقع تحت المسجد الأقصى حيث يبدأ من بلدة سلوان ويمتد مباشرة إلى أسفل المسجد، حسب مزاعمه. وبثّ نتنياهو الفيديو بمناسبة ذكرى الاحتلال الكامل للقدس عام 1967، من هذا النفق الذي قد يتسبب بأضرار على البنية التحتية للمسجد الأقصى، إذ إن الحفريات تحت المسجد مستمرة منذ سنوات بحثًا عن آثار للهيكل المزعوم دون العثور على أي دليل، بل إن كل ما تم اكتشافه يثبت عدم وجوده. وفي سياق متصل نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قوله: «أمل أن أزف لكم بشرى بشأن الأسرى اليوم أو غدًا». نتنياهو يبثّ فيديو بمناسبة ذكرى الاحتلال الكامل للقدس وهزيمة الجيوش العربية عام 1967، وذلك من نفق يقع تحت المسجد الأقصى، يبدأ من بلدة سلوان ويمتد مباشرة إلى أسفل المسجد. هذا النفق قد يتسبب في انهيار المسجد الأقصى، إذ إن الحفريات تحت المسجد مستمرة منذ سنوات بحثًا عن آثار للهيكل… — Tamer | تامر (@tamerqdh) May 26، 2025


Masrawy
a day ago
- Masrawy
نتنياهو ينشر فيديو مزعوم من داخل نفق تحت المسجد الأقصى
وكالات نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مقطع فيديو له، مدعيًا أنه من نفق يقع تحت المسجد الأقصى حيث يبدأ من بلدة سلوان ويمتد مباشرة إلى أسفل المسجد، حسب مزاعمه. نتنياهو يبثّ فيديو بمناسبة ذكرى الاحتلال الكامل للقدس وهزيمة الجيوش العربية عام 1967، وذلك من نفق يقع تحت المسجد الأقصى، يبدأ من بلدة سلوان ويمتد مباشرة إلى أسفل المسجد. هذا النفق قد يتسبب في انهيار المسجد الأقصى، إذ إن الحفريات تحت المسجد مستمرة منذ سنوات بحثًا عن آثار للهيكل… — Tamer | تامر (@tamerqdh) May 26, 2025 وبثّ نتنياهو الفيديو بمناسبة ذكرى الاحتلال الكامل للقدس عام 1967، من هذا النفق الذي قد يتسبب بأضرار على البنية التحتية للمسجد الأقصى، إذ إن الحفريات تحت المسجد مستمرة منذ سنوات بحثًا عن آثار للهيكل المزعوم دون العثور على أي دليل، بل إن كل ما تم اكتشافه يثبت عدم وجوده . وفي سياق متصل نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قوله: "أمل أن أزف لكم بشرى بشأن الأسرى اليوم أو غدًا".


Shehab News
17-05-2025
- Shehab News
فلسطين بين نكبتين
خيام اللاجئين الفلسطينيين عشية نكبة 1948 لا تختلف كثيراً عن خيام النازحين الفلسطينيين عشية نكبة 2025 ، وفي الحالتين فإن العدو الإسرائيلي واحد، والهدف من العدوان في النكبتين هو السيطرة على كل أرض فلسطين، مقدمة للهيمنة على مقدرات وثروات المنطقة العربية كلها. في النكبة الأولى 1948، حظيت العصابات الصهيونية بكل أشكال الدعم الأوروبي والأمريكي لقيام دولتهم، وفي النكبة الثانية زادت الدول الأوروبية وأمريكا من الدعم والإسناد للصهاينة، في كل المجالات، وساعدتهم في تدمير مقدرات الشعب الفلسطيني في كل فلسطين، وفي غزة بالتحديد. في النكبة الأولى 1948 تعاطفت شعوب العالم مع اللاجئين الفلسطينيين، وقدمت لهم الطعام، وأعلت الأمم المتحدة عن تأسس (الأونروا) وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، واتخذت القرارات بحق العودة إلى فلسطين. أم في النكبة الثانية 2025، فقد تجاهل العالم مأساة النازحين الفلسطينيين، وتركهم جوعى في الخيام بفعل الحصار الإسرائيلي، في الوقت الذي تعمد العدو الإسرائيلي أن يلغي اعترافه بمنظمة الأونروا، ويعيق عملها الإغاثي في خيام النازحين، بل وانتقل الفعل الصهيوني من رفض حق العودة، إلى توسيع مجال الهجرة من غزة إلى المنافي البعيدة. عشية النكبة الأولى 1948، انتهت الحرب مجرد تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ليتوقف الموت والجوع والدمار والخراب، ليبدأ اللاجئون رحلة البحث عن لقمة خبزهم، في النكبة الثانية، لم تنته الحرب رغم تدمير بيوت الفلسطينيين في غزة، ورغم نزوحهم عنها، وعيشهم في الخيام، فما زال الموت والجوع والقصف والحصار يطاردهم في مراكز الإيواء، وتحت ظلال الخيام، ولما تزل الصواريخ الإسرائيلية تتساقط على رأس الفلسطينيين في كل بقعة من أرض غزة بعد 19 شهراً من العدوان. عشية النكبة 1948، تدخلت الجيوش العربية لنجدة فلسطين، وحاولت أن تحارب العصابات الصهيونية، ولو شكلاً، وادعت أنها ستحرر الأرض الفلسطينية من العصابات الصهيونية الغازية. وعشية نكبة 2025، نأت الجيوش العربية بقدارتها عما يجري على أرض فلسطين، وكأن فلسطين ارض خارج اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وكأن غزة جزء من الممتلكات الإسرائيلية، ومن حق جيشها أن يؤدب أهلها على طريقته الخاصة. نكبة 1948، أحدثت هزة عنيفة في وجدان الشعوب العربية، التي عاهدت الله على تحرير فلسطين، وعدم السكوت على العدوان الصهيوني. نكبة 2025 تبلدت المشاعر العربية، وتجمد الوجدان، وكأن الذبح الذي يجري على أرض غزة لا يخص العرب، ولا علاقة له بالمسلمين. والأهم في هذا السياق؛ 1ـ نكبة 1948، شطبت القضية الفلسطينية عن اهتمام السياسية الدولية، ووزعت الشعب الفلسطيني على القبائل العربية، وقضت على الشخصية الفلسطينية. بينما نكبة 2025، أعادت القضية إلى محور اهتمام العالم، وفرض الشعب الفلسطيني نفسه نداً على القوى العالمية الكبرى، وبرزت الشخصية الفلسطينية المقاومة كرمز لمرحلة عربية تبشر بمستقبل عربي لن يكون خانعاً ولا خاضعاً للإسرائيليين ولا تابعاً للسياسة الأمريكية. 2ـ نكبة 1948، كان الأمل والفرح والثقة بالمستقبل تسيطر على مشاعر الصهاينة، وهم يعلنون عن قيام دولتهم على أرض فلسطين. وعشية نكبة 2025، يسيطر الإحباط والفشل والخوف والقلق وفقدان المستقبل على حياة الصهاينة، الذين عجزوا عن تحقيق أي انتصار على أرض غزة، وعجزوا عن تحقيق الحلم بحياة مطمئنة الأمنة مسترقة هانئة على أرض فلسطين.