رمضان شهر الاقتصاد والاعتدال في الانفاق
حسام عطيةمع حلول شهر رمضان الكريم شهدت الاسواق المحلية هذا الاسبوع حركة استهلاكية نشطة على غير العادة، خاصة على المواد الغذائية، ومواد خاصة بالشهر الكريم، وان الانفاق هو أسلوب حياة ويؤثر بشكل كبير على اقتصاد المستهلك والعائلة ومن المعلوم أن شهر رمضان يفرض بعض التغيير في حياة المستهلكين، وكذلك العيد مما يخل بميزانية العائلة؛ لأن السائد هو مبالغة المستهلك في الشراء برمضان، ولذلك لابد من تغيير العادات الغذائية وطرق الانفاق، حتى لا يتم التخلص من الكميات الفائضة من الاغذية في نهاية المطاف، وهذا إهدار للمال، فينبغي أن نتعامل مع شهر رمضان في جانب الأكل كأي شهر آخر وإن أردنا التغيير فيكون تغيير معقول.وشهر رمضان يجب أن يكون شهر الاقتصاد، لأن نسبة الاستهلاك فيه ينبغي أن تنخفض إلى الثلث، باعتبار أن تخفيض عدد الوجبات من ثلاث وجبات في الأيام العادية إلى وجبتين في ذلك الشهر الكريم، ولكن الذي يحدث عكس ذلك جراء الهاجس النفسي الذي يسيطر على بعض الصائمين بعدم مواصلة الصوم إلا بالتخمة، وتكون النتيجة عكس المبتغاة اقتصاديا وصحيا في آن واحد، إذن رمضان محاولة لصياغة نمط استهلاكي رشيد وعملية تدريب مكثف تستغرق شهرا واحدا، إنه بحق بمثابة دورة تدريبية تفهم الإنسان أنه بالإمكان أن يعيش بإلغاء الاستهلاك المفرط من خلال ضبط النفس ومقامة الإسراف، فالإسراف في كل شيء ممقوت حتى مع السعة، فقد جاء التوجيه النبوي لمن أراد الوضوء بعدم الإسراف في الماء ولو كان على نهر جار، فيما أصبح الجميع يلهث وراء ما يشبع رغباته، ويرضي تطلعاته التي زينها له عصر الاستهلاك، فيأتي شهر رمضان ليفتح للمسلم صفحة جديدة، يملأها بالعبادة الزاهدة، ويحيي لياليها بالصلاة والذكر، لكي يهيئهم لمواجهة تحديات باقي شهور السنة.مدرسة تربويةبدوره يقول الخبير الاجتماعي ومدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان، شهر رمضان شهر خير وبركة، وهو مدرسة تربوية يتعلم فيها الصائم امورا كثيرة، منها الصبر والتحمل والاقبال على عمل الخير والتعاون وهو وشهر الاقتصاد والاعتدال في الانفاق، وشهر رمضان إذن هو شهر الاقتصاد بامتياز، والشرط هو العودة إلى الصورة الأصلية لأداء الفريضة، ووضعها في الموضع الذي اختاره لها الدين الحنيف، أداة تهذيب وتربية للنفس على الاكتفاء بالقليل من حاجة الجسم.ونوه سرحان ان الفهم الخاطئ لحكم الصيام ومقاصده جعل منه عند الكثيرين شهراً لمزيد من الانفاق والمبالغة في الصروفات لدرجة أن هذا الشهر أصبح عبئاً مالياً ثقيلاً على الكثير من الأسر وتلجأ خلاله إلى الاستدانة.وغالبية الانفاق عند هذه الأسر تكون على الطعام الذي تتضاعف كمياته وتتنوع أصنافه يومياً إضافة إلى أنواع الحلويات والعصائر مع أن جزء كبير من هذا الطعام لا يتم استهلاكه، وفي كثير من الأحيان يتم القائه في النفايات وهو ما يعني استنزافاً ليس فقط لموارد الأسرة بل لموارد للمجتمع. إضافة إلى أن هذه السلوكيات بعيده عن منهج الإسلام الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال في كل شيء.ويضيف سرحان الاقتصاد في النفقات وعدم التبذير والاسراف مسؤولية الجميع افراداً وأسر ومؤسسات وفي كل الظروف. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة» ويقول عليه الصلاة والسلام «اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم»، فشهر رمضان ليس للتباهي بأنواع الطعام إنما هو تربية للنفس على الصبر وجهاد لها للبعد عن مظاهر البذخ والاسراف، ومع حلول شهر رمضان المبارك والظروف الاقتصادية التي تعيشها غالبية الأسر فإن الحاجة أكبر إلى الوعي بأهمية الاعتدال في الانفاق واتخاذ خطوات عملية للتقليل من المصروفات وأن لا نجعل من شهر الصيام عبئاً اقتصادياً. ويقول: مما يؤدي الى ذلك الادراك الصحيح لحقيقة الصيام ومقاصد الشريعة وتوفر القناعة عند أفراد الأسرة.وينصح سرحان، بتجهيز المستلزمات الأساسية لهذا الشهر دون مبالغة حتى لا نساهم في ارتفاع الأسعار الذي غالباً ما يكون في الأيام الأولى من هذا الشهر حيث زيادة الطلب على السلع يؤدي إلى رفع أسعارها، ولابد أن تتذكر الأسرة وخصوصاً النساء أن هذا الشهر هو شهر للعبادة وأن الوقت فيه ثمين وأن هدر الوقت في الأسواق يفقدها فرصة ثمينة لاستثمار أيام رمضان ولياليه.ويقول سرحان: يمكن للأسر تقليل التكاليف عن طريق استغلال فرصة العروض التي تقيمها المحلات التجارية والأسواق في شهر رمضان والتي تكون فيها الأسعار مقبولة الى حد ما وان كانت هذه العروض تعد فرصة للتوفير، ولكن من ناحية أخرى قد تشجع على شراء كميات أكبر من الحاجة أو أصناف قد لا تحتاجها الأسرة.ويضيف سرحان إن شراء الخضروات والفواكه أو المواد الغذائية خلال فترة العروض شيء محبب ولكن يحتاج إلى حسن تدبير في التعامل معها حتى لا تتلف نتيجة سوء التخزين، فيمكن حفظه بالتفريز أو التخليل لاستعماله خلال شهر رمضان المبارك في إعداد الوجبات اليومية مما يوفر الوقت والمال. وهناك الكثير من الوسائل لتعلم حفظ الأطعمة ومتاحة للجميع خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تنشر طرق كثيرة يقدمها مختصون وهواة.ويقول سرحان ثقافة الاستهلاك اصبحت جزء اساسي من حياة الكثيرين وتنوع السلع والمستلزمات وتغير الأصناف والأشكال من عام لآخر زاد الأعباء على الأسر التي تسعى إلى التماشي مع الدارج من السلع، وتعدى ذلك الى الكماليات والإكسسوارات ومستلزمات الزينة التي يُنفق عليها جزء ليس بالقليل من المال واحياناً يكون على حساب سلع ضرورية.وحول كميات الطعام يقول سرحان الحكمة تتطلب أن تكون كمية الطعام مناسبة لعدد أفراد الأسرة دون مبالغة وعدم الاكثار من أصناف الطعام على المائدة الواحدة لأن ذلك يزيد من الأعباء المالية للأسرة، وكذلك الاستفادة من بقايا الوجبات في أيام أخرى سواء كوجبة رئيسية أو ثانوية، مؤكدا أن إدارة ميزانية الأسرة فن ومسؤولية ليس للزوجة وحدها بل هي مسؤولية جميع أفراد الأسرة.

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles


Al Wakeel
3 hours ago
- Al Wakeel
بنك الإسكان يحتفل بعيد استقلال المملكة التاسع والسبعين
الوكيل الإخباري- احتفل بنك الإسكان يوم الخميس الموافق 22 أيار الجاري بعيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، من خلال فعالية خاصة نظّمها في مبنى الإدارة العامة بمشاركة واسعة من موظفيه. وجاءت الاحتفالية تجسيداً لحرص البنك على المشاركة في المناسبات الهامة والعزيزة على قلوب الأردنيين باعتباره جزءاً لا يتجزأ من نسيج المجتمع، كما جاءت تعبيراً عن قيم الانتماء والاعتزاز الوطني، مقدماً صورة من صور الأسرة الأردنية الواحدة. حمى الله الأردن أرضاً وقيادة وشعباً. اضافة اعلان


5 hours ago
بنك الإسكان يحتفل بعيد استقلال المملكة التاسع والسبعين
أخبارنا : احتفل بنك الإسكان يوم الخميس الموافق 22 أيار الجاري بعيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، من خلال فعالية خاصة نظّمها في مبنى الإدارة العامة بمشاركة واسعة من موظفيه. وجاءت الاحتفالية تجسيداً لحرص البنك على المشاركة في المناسبات الهامة والعزيزة على قلوب الأردنيين باعتباره جزءاً لا يتجزأ من نسيج المجتمع، كما جاءت تعبيراً عن قيم الانتماء والاعتزاز الوطني، مقدماً صورة من صور الأسرة الأردنية الواحدة. حمى الله الأردن أرضاً وقيادة وشعباً.


Al Wakeel
6 hours ago
- Al Wakeel
بنك الإسكان يحتفل بعيد استقلال المملكة التاسع والسبعين
الوكيل الإخباري- احتفل بنك الإسكان يوم الخميس الموافق 22 أيار الجاري بعيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، من خلال فعالية خاصة نظّمها في مبنى الإدارة العامة بمشاركة واسعة من موظفيه. وجاءت الاحتفالية تجسيداً لحرص البنك على المشاركة في المناسبات الهامة والعزيزة على قلوب الأردنيين باعتباره جزءاً لا يتجزأ من نسيج المجتمع، كما جاءت تعبيراً عن قيم الانتماء والاعتزاز الوطني، مقدماً صورة من صور الأسرة الأردنية الواحدة. حمى الله الأردن أرضاً وقيادة وشعباً. اضافة اعلان