
ترامب يُصعد حربه التجارية ويفرض رسوما على السيارات المستوردة
صدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب قطاع السيارات العالمي بإعلانه فرض رسوم جمركية 25% على جميع واردات السيارات وقطع غيار السيارات إلى الولايات المتحدة ، بدءا من 2 أبريل/ نيسان المقبل على أن تكون دائمة.
ويرجح أن تطبيق الرسوم الجديدة لفترة طويلة قد يرفع تكلفة شراء سيارة أميركية من الفئة المتوسطة بآلاف الدولارات ويعرقل إنتاج المركبات في أميركا الشمالية بالكامل.
يعود ذلك إلى تضافر عمليات الإنتاج بين شركات صناعة السيارات في كندا والمكسيك والولايات المتحدة على مدى العقود الثلاثة الماضية.
تشير بيانات من شركة الأبحاث غلوبال داتا بأن ما يقرب من نصف السيارات التي بيعت في الولايات المتحدة العام الماضي كانت مستوردة.
تراجع أسهم السيارات
وإثر قرار ترامب، انخفضت أسهم شركة جنرال موتورز (عملاق منتج السيارات الأميركية) 8% في التعاملات بعد إغلاق السوق، وتراجعت أسهم فورد وستلانتس المدرجة في السوق الأميركية بنحو 4.5% لكل منهما، وفي اليابان، انخفضت أسهم شركات تويوتا موتور وهوندا موتور وهيونداي موتور بما يتراوح من 3 إلى 4%.
وانخفض سهم شركة تسلا (مصنعة السيارات الكهربائية) التي تصنع جميع سياراتها التي تباع في الولايات المتحدة محليا لكنها تستورد بعض المكونات، بما يعادل 1.3%.
وقال ترامب إن الرسوم الجمركية التي أُعلن عنها قد تؤثر سلبا على تسلا أو ربما تفيدها، وأضاف أن الرئيس التنفيذي للشركة وحليفه المقرب إيلون ماسك لم يقدم له أي نصيحة بشأن الرسوم الجمركية على السيارات.
وفي منشور على موقع التواصل إكس عقب إعلان القرار، قال ماسك إن الرسوم الجمركية سيكون لها تأثير على تسلا.
وذكر في منشور منفصل على إكس "سيؤثر ذلك على أسعار قطع غيار سيارات تسلا المستوردة من دول أخرى… التأثير على التكلفة ليس بسيطا".
وتسببت رسوم ترامب الجمركية وتهديداته المرتبطة بفرضها منذ بدء ولايته الثانية في حالة من الضبابية لدى الشركات وأثارت اضطرابا في الأسواق العالمية، ويوم الأربعاء، أكد مجددا أنه يتوقع أن تدفع هذه الرسوم الجمركية شركات صناعة السيارات إلى زيادة استثماراتها في الولايات المتحدة بدلا من كندا أو المكسيك.
وقالت مجموعة أوتو درايف أميركا التي تمثل كبرى شركات صناعة السيارات الأجنبية مثل هوندا وهيونداي وتويوتا وفولكس فاغن "الرسوم الجمركية المفروضة اليوم ستزيد من تكلفة إنتاج وبيع السيارات في الولايات المتحدة، مما سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار، وتقليص الخيارات المتاحة للمستهلكين، وتراجع وظائف قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة".
وتتمتع شركات صناعة السيارات في أميركا الشمالية بوضع التجارة الحرة إلى حد كبير منذ 1994، ووضعت اتفاقية 2020 بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا التي قادها ترامب قواعد جديدة تهدف إلى زيادة إنتاج المكونات بالمنطقة.
وبعد فرض رسوم جمركية 25% على المكسيك وكندا في أوائل مارس/ آذار الجاري، منح ترامب مهلة شهرا للسيارات المنتجة وفقا لشروط الاتفاقية، مما كان له أثر إيجابي على الشركات الأميركية.
غير أن القواعد الجديدة لا تنطوي على تمديد هذه المهلة.
وأضاف البيت الأبيض أن مستوردي السيارات بموجب الاتفاقية بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا سيحظون بفرصة التصديق على مكوناتهم المصنوعة محليا، كي لا تطبق الرسوم إلا على المكونات غير الأميركية.
وقبل إعلان الرسوم الجمركية الجديدة توقعت شركة كوكس أوتوموتيف، وهي شركة متخصصة في خدمات السيارات، أن يضيف القرار 3 آلاف دولار إلى تكلفة السيارات المصنوعة في الولايات المتحدة، وستة آلاف دولار إلى تكلفة السيارات المنتجة في كندا أو المكسيك.
وفي حال تطبيق الرسوم الجمركية تتوقع كوكس حدوث خلل في إنتاج السيارات في أميركا الشمالية "بالكامل تقريبا" بحلول منتصف أبريل/ نيسان، مما سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج 20 ألف سيارة يوميا، أو بما يعادل نحو 30%.
وأشادت نقابة عمال السيارات المتحدين، التي تمثل عمال المصانع في شركات صناعة السيارات الثلاث الكبرى في ديترويت، بقرار ترامب.
وقال شون فاين رئيس النقابة في بيان "بفضل تلك الرسوم الجمركية، يمكن إعادة آلاف الوظائف ذات الأجور الجيدة في قطاع صناعة السيارات إلى الطبقة العاملة في جميع أنحاء الولايات المتحدة في غضون أشهر قليلة".
إدانة وتهديد
وأدانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الرسوم الجمركية الجديدة على السيارات المستوردة إلى الولايات المتحدة، التي أعلنها ترامب.
وقالت في بيان: "أعبر عن بالغ أسفي لقرار الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية على الصادرات الأوروبية من السيارات"، ووصفت هذه الرسوم بأنها "سيئة للأعمال التجارية، وأسوأ للمستهلكين على حد سواء في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".
وأضافت رئيسة المفوضية أن الاتحاد الأوروبي "سيواصل السعي إلى حلول تفاوضية، مع الحفاظ على مصالحه الاقتصادية".
وتابعت: "بصفتنا قوة تجارية رئيسية ومجتمعا قويا يضم 27 دولة عضوا، سنعمل معا على حماية عمالنا وشركاتنا ومستهلكينا في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي". وأشارت إلى أن الإعلان الأخير لترامب و "التدابير الأخرى التي تعتزم الولايات المتحدة اتخاذها في الأيام المقبلة" سيتم تقييمها الآن.
تهديد لكندا وأوروبا
من جانبه، هدد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي وكندا إذا عمل كلاهما معا "لإلحاق ضرر اقتصادي بالولايات المتحدة".
وكتب ترامب في منشور على موقع تروث سوشيال "إذا عمل الاتحاد الأوروبي مع كندا لإلحاق ضرر اقتصادي بالولايات المتحدة، فسنفرض رسوما جمركية كبيرة، أكبر بكثير من المخطط لها حاليا، على كليهما من أجل حماية أفضل صديق لهذين البلدين على الإطلاق".
ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخطوة بأنها "سيئة للشركات، وأسوأ بالنسبة للمستهلكين"، في حين قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إن الرسوم الجمركية "هجوم مباشر" على العمال الكنديين وإن كندا تدرس اتخاذ تدابير مضادة.
وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيؤجل المجموعة الأولى من التدابير المضادة إلى منتصف أبريل/ نيسان.
رد أوروبي
قال وزير المالية الفرنسي، إيريك لومبار اليوم الخميس إن خطة ترامب لفرض رسوم جمركية على السيارات والشاحنات الخفيفة المستوردة بدءا من الأسبوع المقبل "أنباء سيئة للغاية" مضيفا أن الحل الوحيد حاليا هو أن يرفع الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية.
وأضاف لومبار، الذي كان يتحدث لإذاعة فرانس أنتير، أنه يأمل أن يتمكن من مناقشة خفض تلك الرسوم قريبا مع الجانب الأميركي، مضيفا أن الحرب التجارية لن تؤدي إلى شيء.
وطالب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك الاتحاد الأوروبي برد حاسم على الرسوم الجمركية على السيارات التي أعلنتها الولايات المتحدة، مع تجنب دوامة من الرسوم الجمركية.
وكتب هابيك اليوم الخميس على منصة "إكس": "من المهم الآن أن يقدم الاتحاد الأوروبي ردا حاسما على الرسوم الجمركية – يجب أن يكون واضحا أننا لن نستسلم للولايات المتحدة. القوة والثقة بالنفس مطلوبتان… وفي
الوقت نفسه، سندعم المفوضية الأوروبية في مواصلة التفاوض على حل مع الولايات المتحدة من شأنه أن يحول دون حدوث دوامة من الرسوم الجمركية"، مضيفا أن الرسوم الجمركية تضر في نهاية المطاف بالولايات المتحدة
والاتحاد الأوروبي والتجارة العالمية ككل.
من جهتها قالت وزيرة المالية البريطانية ريتشل ريفز اليوم إن بريطانيا لا ترغب في تصعيد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وتعمل بشكل مكثف مع واشنطن للحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية.
وقالت ريفز لشبكة سكاي نيوز عند سؤالها عما إذا كانت بريطانيا ستفرض رسوما جمركية مضادة على الولايات المتحدة "في الوقت الحالي لسنا في وضع نريد فيه القيام بأي شيء لتصعيد هذه الحروب التجارية… الحروب التجارية ليست في صالح أحد".
تعليق الصين
وقالت وزارة الخارجية الصينية اليوم الخميس إن الرسوم الجمركية الأميركية المزمع فرضها على السيارات المستوردة تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية ولن تساعد واشنطن في حل مشاكلها الخاصة.
وذكر متحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحفي دوري إنه لا يمكن لأي دولة تحقيق الرخاء من خلال فرض رسوم جمركية إضافية.
كوريا الجنوبية
قال وزير الصناعة الكوري الجنوبي اليوم الخميس إنه يتوقع أن يواجه قطاع السيارات في كوريا الجنوبية "صعوبات كبيرة" عندما تدخل الرسوم الجمركية الأمريكية على السيارات التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب حيز التنفيذ.
وأضاف أن الحكومة تعتزم اتخاذ إجراءات طارئة ردا على ذلك بحلول أبريل/ نيسان.

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles


Alarab Alqatariah
3 hours ago
- Alarab Alqatariah
أمين مجلس التعاون: القمة الثلاثية بين مجلس التعاون ورابطة الآسيان والصين تعكس إدراكا مشتركا لأهمية تعزيز التشاور السياسي
قنا أكد السيد جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن القمة الثلاثية بين مجلس التعاون ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) وجمهورية الصين الشعبية، تمثل حدثا استثنائيا بكل المقاييس، وتعكس إدراكا مشتركا لأهمية تعزيز التشاور السياسي، وتبادل الرؤى حول قضايا السلم والتنمية الاقتصادية، وترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. وقال البديوي في كلمته خلال انعقاد القمة الثلاثية بين مجلس التعاون ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) وجمهورية الصين الشعبية، اليوم، بالعاصمة الماليزية /كوالالمبور/، إن "مجلس التعاون لدول الخليج العربية احتفل قبل يومين بمناسبة مرور أربعة وأربعين عاما على تأسيسه، ويواصل بثقة مسيرته نحو تعزيز التنمية المستدامة، وترسيخ السلم والاستقرار في المنطقة، وتوسيع علاقاته وشراكاته مع الدول والمجموعات الدولية، خصوصا مع الشركاء الآسيويين، الذين تربطه بهم علاقات حضارية وتاريخية ومصالح اقتصادية متبادلة، في مجالات التجارة، وسلاسل الإمداد، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، بما يعزز تطلعات شعوبنا نحو نمو مستدام". وأضاف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن هذه القمة الثلاثية تنطلق لتعكس واقعا جديدا تؤكده أرقام لا تقبل التأويل، حيث يمثل تعداد سكان دولنا أكثر من 2.14 مليار نسمة، أي نحو 27% من سكان العالم، ضمن سوق يمتد من الخليج العربي إلى المحيط الهادئ، ويحمل إمكانات استهلاكية وإنتاجية هائلة لا يمكن تجاهلها في معادلات الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون، والآسيان، والصين تبلغ أكثر من 24 تريليون دولار أمريكي، أي ما يعادل أكثر من 22% من الناتج العالمي، مع توقعات بنمو سنوي يتراوح بين نسبة 4 إلى 6% حتى عام 2030، مدفوعا بالتحول الرقمي، والطاقة النظيفة، وسلاسل التوريد الذكية. وأشار إلى أنه على مستوى التبادل التجاري، فقد بلغ حجم التجارة بين دول مجلس التعاون وكل من الصين والآسيان معا نحو 347 مليار دولار في عام 2023م، وهو ما يشكل أكثر من ثلث تجارة مجلس التعاون مع دول العالم قاطبة، مع مؤشرات واضحة على أن هذا الرقم قد يتجاوز 500 مليار دولار بحلول عام 2030، في ظل تصاعد الشراكات القطاعية وتحرير الأسواق، وأن هذه الأرقام، في مضمونها، هي دعوة واضحة لتفعيل الشراكة، وتعميق الثقة، وبناء نموذج تنموي يقوم على تشارك الفرص واستدامة العوائد. وأشار الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى أن "التجربة لدينا قد أثبتت القواسم المشتركة ما يفوق التباينات، وأننا قادرون، من خلال هذه الشراكة الثلاثية، على تأسيس علاقات تقوم على الاحترام المتبادل، والتكافؤ، والسيادة، والمنافع المشتركة، وتسهم في إرساء دعائم الاستقرار الإقليمي والدولي، ومواجهة التحديات العالمية"، موضحا أن التعاون مع دول رابطة جنوب شرق آسيا (الآسيان)، شكل نموذجا ناجحا للتكامل بين التكتلات، توج بقمة الرياض في أكتوبر 2023، التي أرست إطارا استراتيجيا للفترة (2024-2028)، يشمل مجالات السياسة، والاقتصاد، والطاقة، والأمن الغذائي، والتكنولوجيا، وغيرها من أوجه التعاون المشترك. وقال البديوي "علاقاتنا مع الصين تشهد نموا متسارعا وتطورا نوعيا، حيث إن القمة الخليجية الصينية الأولى التي استضافتها الرياض في ديسمبر 2022، أسفرت عن اعتماد خطة العمل المشترك (2023-2027م)، والتي غطت طيفا واسعا من مجالات التعاون، من السياسة والاقتصاد، والطاقة، والفضاء، إلى البيئة، والزراعة، والتعليم، والسياحة، والتكنولوجيا، والأمن السيبراني، مؤكدا أن الصين تعد أحد أهم الشركاء التجاريين لدول المجلس".


Alarab Alqatariah
5 hours ago
- Alarab Alqatariah
مجموعة «QNB» تتصدر تصنيف العلامات التجارية في قطر
الدوحة - العرب عززت مجموعة QNB، أكبر مؤسسة مالية في الشرق الأوسط وأفريقيا، ريادتها مجددًا بحصولها على المركز الأول كأكثر العلامات التجارية قيمة في قطر، بقيمة بلغت 9.358 مليار دولار أمريكي، وذلك وفقًا لأحدث تقرير صادر عن «براند فاينانس». ويعكس هذا التصنيف المميز التزام مجموعة QNB الراسخ بالتميز والابتكار، وقوة علامتها التجارية محليًا وعالميًا، كما يسلط الضوء على الأداء المالي القوي للمجموعة وانتشارها الدولي، واستمرارها في الاستثمار في تحسين تجربة العملاء. ويأتي هذا الاعتراف بالتزامن مع النجاح الكبير لحملة QNB 'الأزرق بكل مكان'، والتي أبرزت الحضور الواسع للمجموعة وتأثيرها في مختلف الأسواق. واحتفت الحملة بوضوح علامة QNB في حياة العملاء اليومية، من الخدمات المصرفية إلى الشراكات الكبرى، بما في ذلك المنصات الثقافية والرياضية المرموقة. وفي تعليقها على التصنيف، قالت السيدة هبة التميمي، نائب رئيس تنفيذي أول للاتصالات في مجموعة QNB 'يعد حصولنا على لقب العلامة التجارية الأكثر قيمة في قطر إنجازًا نفخر به، ويعكس قوة علامة QNB والثقة التي بنيناها مع جميع أصحاب المصلحة. ويعد هذا الإنجاز شهادة على التزام موظفينا ووفاء عملائنا». وتعد مجموعة QNB إحدى المؤسسات المالية الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وواحدة من العلامات التجارية المصرفية الأعلى قيمة في المنطقة. وهي تتواجد في أكثر من 28 دولة عبر آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتقدم منتجات وخدمات مصرفية ومالية متنوعة مدعومة بالابتكار، مع فريق عمل يضم أكثر من 31,000 متخصص لقيادة التميز المصرفي في جميع أنحاء العالم.


Al Jazeera
7 hours ago
- Al Jazeera
5 أسئلة حول الصفقة المرتقبة بين حماس وإسرائيل
في الساعات الأولى من صباح الاثنين، تناقلت وسائل الإعلام الأميركية تصريحات للرئيس دونالد ترامب يبشر فيها بقرب ظهور أخبار سارة حول نهاية الحرب في قطاع غزة. ومع منتصف النهار، تتالت الأخبار العاجلة من شبكة الجزيرة ووكالة رويترز، حول موافقة حركة حماس على مقترح أميركي يتضمن هدنة لمدة 60 يوما. لكن الموقف سرعان ما اتسم بالغموض، فظهرت تصريحات إسرائيلية تنفي القبول بالمقترح، فيما أدلى المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف بتصريح يقول فيه إنه قدم مقترحا ستوافق عليه إسرائيل "وعلى حماس القبول به": 1 – فما الذي جرى أمس بشأن المفاوضات؟ وفق مصادر مطلعة تحدثت للجزيرة، فإن المبعوث الأميركي قدم لحماس خطة تتضمن وقفا لإطلاق النار مدته 60 يوما. ويشهد اليوم الأول من الهدنة الإفراج عن 5 أسرى إسرائيليين، ويتم الإفراج عن خمسة آخرين في اليوم الستين. ووفق الصفقة المسربة فإن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضمن وقف إطلاق النار خلال 60 يوما، وانسحاب القوات الإسرائيلية حسب اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي. ويضم مقترح ويتكوف تحرير أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل غير مشروط من اليوم الأول، والدخول لاحقا في مفاوضات لوقف إطلاق النار بشكل دائم. 2 – ما موقف حماس؟ تقول المصادر المطلعة إن حركة حماس وافقت على المقترح الأميركي. ورغم أن و قف إطلاق النار مؤقت مبدئيا، فإنه ينص على تهيئة الظروف لمباحثات حول وقف دائم لإطلاق النار. ثم إن هذا الاتفاق لا يجرد حماس من قوتها التفاوضية، حيث ستٌبقى بحوزتها على نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء، إلى جانب جثث آخرين. وفي وقت سابق، كشف مصدر مقرب من حماس- في تصريحات خاصة للجزيرة- عن تفاصيل للاقتراح الذي يشمل إدخال المساعدات الإنسانية بالكامل، بواقع ألف شاحنة يوميا، وانسحاب قوات الاحتلال من المناطق الشرقية والشمالية والجنوبية لقطاع غزة في اليوم الخامس من بدء سريان التهدئة. وأضاف المصدر أن هناك تعهدا أميركيا بقيادة مفاوضات جادة تفضي إلى وقف شامل للحرب، وضمان عدم العودة إلى العمليات العسكرية إن تعثرت المفاوضات خلال فترة التهدئة. وبحسب هيئة البث الإسرائيلية ذكرت مصادر مشاركة بالمفاوضات أن حماس طالبت بضمانات حقيقية من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب. ويرى المحلل السياسي إبراهيم المدهون، في تصريحات للجزيرة نت، أن قبول حماس بمبادرة ويتكوف لم يكن قرارا سهلا، خصوصا بعد عشرات آلاف الشهداء، وبعد أن تحول قطاع غزة إلى مسرح مفتوح لآلة القتل الإسرائيلية. وقال المدهون إن الحركة رأت في هذه اللحظة الفارقة ضرورة التحرك لوقف الإبادة الجماعية المستمرة منذ ما يقارب 600 يوم، في ظل عجز القوى الإقليمية والدولية عن إنهاء الحرب أو حماية الشعب الفلسطيني. من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للعدالة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية- إن إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة على رأس أولويات حكومته. وأضاف أنه يأمل أن يعلن ما وصفها بالبشرى بهذا الشأن اليوم (الاثنين) أو غدا (اليوم الأربعاء). ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن المبعوث الأميركي نقل الاتفاق إلى حكومة نتنياهو وينتظر ردها النهائي عليه. لكن مكتب نتنياهو سارع إلى القول إن رئيس الوزراء لم يقصد الإعلان عن شيء اليوم أو غدا، بل أشار فقط إلى جهود التوصل إلى صفقة. بدورها نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة أنها لم تلحظ أي تقدم في المحادثات ولا تعرف ماذا يقصد نتنياهو بكلامه. وبهذه التسريبات، خيم الغموض على الموقف الإسرائيلي. ولاحقا، قال مسؤول إسرائيلي إنّه لا يمكن لأي حكومة مسؤولة أن "تقبل مقترح حماس بشأن وقف إطلاق النار". وفي مؤشر على استمرار الاحتلال في التصعيد وعدم جنوحه للتفاوض، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن الحكومة صدّقت على استدعاء 450 ألف جندي من الاحتياط. 4 – فلماذا تعنتت إسرائيل؟ إن الوصول لهدنة طويلة يعني تصدع حكومة نتنياهو وربما سقوطها، ذلك أن وزراءه الأكثر تطرفا مثل بن غفير وسموتريتش، يربطون بقاءهم في الائتلاف الحاكم باحتلال قطاع غزة ومواصلة تجويع الشعب الفلسطيني. وفي محطات تفاوضية سابقة، بدا أن نتنياهو غير قادر على التحرر من ضغوط سموتريتش وبن غفير، لأن انسحابهما يعني سقوط حكومته والتوجه لانتخابات جديدة. وبالتزامن مع تسريب المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، كرر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش دعوته لاحتلال قطاع غزة بالكامل وإعادة بناء المستوطنات فيه، وذلك خلال مشاركته الاثنين في احتفالات المستوطنين بذكرى احتلال القدس الشرقية. وليست ضغوط سموتريتش وبن غفير وحدها، وراء تعنت نتنياهو، بل هل هناك الخوف من أحداث اليوم التالي للحرب في إسرائيل: أولا ، انتهاء الحرب، يعني وقف الذرائع التي تحول دون المضي في تحقيقات 7 أكتوبر/ والتي قد تفضي لتحميل نتنياهو المسؤولية عن فشل جيش الاحتلال في التصدي لعملية طوفان الأقصى. ثانيا، لن يكون بإمكان نتنياهو لاحقا التذرع بإجراء مشاورات أمنية للتهرب من استجوابه في قضايا الفساد التي يحاكم فيها. ثالثا هذه العوامل مجتمعة ستقود نتنياهو للسجن، وفي أقل الأحوال تبقيه خارج المشهد السياسي في إسرائيل، مع الحد من سفره للخارج حيث تطالب المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله لمحاكمته على جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها في قطاع غزة. 5- هل ستضغط أميركا على إسرائيل وهل من أفق للتوصل لصفقة؟ تشير تقديرات المراقبين والخبراء إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرر المضي قدما في رسم تحالفاته ومصالحه في الشرق الأوسط، دون الخضوع لأجندات بنيامين نتنياهو. ومن دون أن يشرك الإسرائيليين في الرأي، توصّل ترامب لصفقة مع الحوثيين، وتخلص من الأعباء المالية والسياسية لمواجهتهم في البحر الأحمر ، وترك إسرائيل وحدها في جبهة اليمن. كذلك، دخل ترامب في مفاوضات مع إيران. وقد أكد أكثر من مرة سعيه للتوصل لحل دبلوماسي مع طهران حول برنامجها النووي، وقال إنه يريد لإيران الازدهار والتطور مقابل عدم امتلاكها للقنبلة الذرية. بينما تريد إسرائيل فقط شن ضربات جوية على إيران وعدم رفع العقوبات عنها وإذلالها على المسرح الدولي بتفكيك منشآتها النووية وإبطال برنامجها للصواريخ. وليست حماس، استثناء، فقد تفاوضت معها إدارة ترامب مباشرة بشأن الأسير إلكسندر عيدان، وبدا أن براغماتية الحركة وجديتها لفتت انتباه المفاوضين الأميركيين. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن واشنطن تمارس ضغوطا كبيرة للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة، وسط أنباء عن "تحول إيجابي في موقف حماس بإمكانية التوصل لاتفاق جزئي. وفي صحيفة هآرتس، كتب الخبير والأكاديمي الإسرائيلي عيران يشيب أن علاقة نتنياهو مع ترامب تمر بأسوأ مراحلها، مشيرا إلى أن الأخير يوشك على اتخاذ موقف لإزاحة نتنياهو. وقال يشيب إن ترامب الذي يتعامل مع إسرائيل بمنطق "الاستثمار" لم يعد مهتما بضخ المزيد من الأموال في مشاريع لا تعود عليه أو على بلاده بنفع مباشر، مشيرا إلى أن إسرائيل تلقت العام الماضي مساعدات عسكرية أميركية بنحو 18 مليار دولار. وتابع يشيب "ترامب لا يريد مواصلة الاستثمار في أوكرانيا أو إسرائيل، ولا يرى في التصعيد بالشرق الأوسط جزءا من أجندته. بل على العكس، هو يسعى إلى اتفاقيات اقتصادية تضمن له ولعائلته مكاسب شخصية، على غرار ما حدث مع اتفاقيات أبراهام ، ويرى أن نتنياهو يعيق هذه المساعي". وفي ظل تصاعد الأصوات الأوروبية والعالمية المنادية بمعاقبة إسرائيل على الإبادة الجماعية في غزة، من الوارد ان تواصل إدارة ترامب ضغوطها على حكومة نتنياهو للتوصل لصفقة مع حماس تفضي لوقف دائم لإطلاق النار. ويقول المحلل السياسي المدهون إن حركة حماس حرصت على الحصول على تعهد شخصي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، باعتباره الطرف الوحيد القادر على التأثير الفعلي والضغط على حكومة بنيامين نتنياهو.