أحدث الأخبار مع #«الإسلام


الجمهورية
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الجمهورية
وعدُ ترامب للشرق الأوسط: لا «مُحاضرات حول كيفية العيش»
كان عملياً يُندِّد بعقود من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، مخاطباً مظالم طالما عُبِّر عنها في المقاهي وغرف الجلوس من المغرب إلى عُمان. الثلاثاء، أعلن ترامب، خلال خطاب شامل ألقاه في مؤتمر للاستثمار في العاصمة السعودية الرياض: «في النهاية، ما يُسمّى ببُناة الدول دمّروا دولاً أكثر ممّا بنوا. وكان المتدخّلون يتدخّلون في مجتمعات معقّدة لم يكونوا حتى يفهمونها». وحثّ شعوب المنطقة على رسم «مصائركم بأنفسكم وبطريقتكم الخاصة». وانتشرت ردود الفعل على خطابه بسرعة على شاشات الهواتف المحمولة، في شرق أوسط لا تزال فيه الغزوات الأميركية للعراق وأفغانستان، وأخيراً دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها المتصاعدة في غزة، التي باتت على شفا المجاعة، راسخة في الوعي العام ويتعرّض فيها إلى الانتقاد من الملوك والمعارضين على حدٍ سواء. سخر سلطان العامر، الأكاديمي السعودي، من تصريحات ترامب، قائلاً إنّها بدت وكأنّها مقتبسة من فرانز فانون، المفكر الماركسي في القرن العشرين الذي كتب عن ديناميكيات الاستعمار والقمع. وشارك سوريّون ميمات احتفالية عندما أعلن ترامب أنّه سيُنهي العقوبات الأميركية المفروضة على بلدهم الذي مزّقته الحرب «ليمنحهم فرصة للعظمة». في اليمن، الغارق في الحرب والخاضع لعقوبات أميركية، أبدى عبداللطيف محمد تأييده الضمني لفكرة ترامب عن السيادة، حتى وهو يُعبِّر عن إحباطه من التدخّل الأميركي. وتساءل محمد (31 عاماً)، وهو مدير مطعم في العاصمة صنعاء، عندما سُئل عن الخطاب: «متى ستعترف بنا الدول وتدعنا نعيش مثل بقية العالم؟». وكانت الضربات الجوية الأميركية قد دكّت مدينته خلال رئاسة كل من الرئيس السابق جو بايدن وترامب، مستهدفةً ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، حتى أعلن ترامب بشكل مفاجئ عن وقف إطلاق النار هذا الشهر. وأضاف محمد: «مَن هو ترامب حتى يمنح العفو، أو يرفع العقوبات عن دولة، أو يفرضها؟ لكن هكذا يعمل العالم». وجاءت تصريحات ترامب في مستهل جولة استمرّت 4 أيام شملت 3 دول خليجية ثرية: السعودية، وقطر، والإمارات. وركّز إلى حدٍّ كبير على الصفقات التجارية، بما في ذلك أكثر من تريليون دولار من الاستثمارات في الولايات المتحدة تعهّدت بها الحكومات الخليجية الثلاث. لكنّ خطابه في الرياض أظهر بوضوح أنّه كان يحمل طموحات ديبلوماسية أوسع لرحلته. فقد عبّر عن «رغبة شديدة» في أن تحذو السعودية حذوَ جارتَيها، الإمارات والبحرين، في الاعتراف بدولة إسرائيل (أكّد المسؤولون السعوديون أنّ ذلك لن يحدث إلّا بعد إقامة دولة فلسطينية). وأضاف أنّه يتطلّع بشدّة إلى التوصّل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، لأنّه «لم يؤمن يوماً بوجود أعداء دائمين». الأربعاء، التقى بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، الجهادي السابق الذي أطاح الحاكم الوحشي بشار الأسد. وظهر ترامب في صورة التقطت له مع الشرع وولي العهد السعودي، وهي صورة أذهلت المنطقة والعالم. وكان خطاب ترامب مطوّلاً امتدّ لأكثر من 40 دقيقة، اتسم أحياناً بالارتجال. في السعودية، مهد الإسلام، لم يذكر ترامب ما سبق أن قاله عن أنّ «الإسلام يكرهنا» وأنّ القرآن يُعلّم «بعض الأمور ذات الطابع السلبي للغاية». وبدلاً من ذلك، أثنى على التراث السعودي. وقد بدا ودّه أمام الحشد السعودي متناقضاً مع نهج بايدن الأكثر بروداً تجاه ولي العهد محمد بن سلمان، الذي قاد حملة قصف استمرّت لسنوات في اليمن، بينما خفّف من القيود الاجتماعية بشكل جذري. وعندما زار بايدن السعودية، أعلن أنّه أبلغ ولي العهد بأنّه يعتقد أنّه مسؤول عن قتل وتقطيع أوصال جمال خاشقجي، كاتب عمود في صحيفة «واشنطن بوست» كان ينتقد الأمير. أمّا ترامب، فأغدق المديح على شبه الجزيرة العربية وعلى الأمير محمد، واصفاً إياه بـ»الرجل المذهل. في السنوات الأخيرة، أُصيب عدد كبير من الرؤساء الأميركيِّين بفكرة أنّه من واجبنا التحديق في أرواح القادة الأجانب واستخدام السياسة الأميركية لتوزيع العدالة على خطاياهم». وقد تركت تصريحاته بعض المستمعين العرب قلقين بشأن ما قد يعنيه زوال الضغط الأميركي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان بالنسبة إلى بلدانهم. ولم تُجِب المتحدّثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي عن الأسئلة بشأن ما إذا كان الرئيس أو مساعدوه قد أثاروا قضايا حقوق الإنسان مع المسؤولين السعوديِّين. وعندما سُئلت عن ردود الفعل على خطابه، أوضحت كيلي: «تلقّى الرئيس إشادة واسعة النطاق على خطابه». في قاعة الرياض، تلقّى ترامب تصفيقاً حاراً ووقوفاً. وأكّد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء: «كان خطاب الرئيس مهمّاً بالفعل»، واصفاً إياه بأنّه يُمثل «نهج الشراكة والاحترام المتبادل». واعتبر العامر، الباحث في معهد نيو لاينز في واشنطن، في مقابلة، أنّ كلمات الرئيس تعكس موضوعات «عادةً ما ترتبط بالمفكّرين اليساريِّين والمناهضين للإمبريالية. بينما يبدو هذا مفاجئاً من ناحية أنّنا، كعرب، اعتدنا أن نكون موضعاً للمحاضرات والتدخّلات الأميركية، إلّا أنّه ليس مفاجئاً أيضاً عندما نأخذ في الاعتبار أنّ الحركات الشعبَوية اليمينية الجديدة، في الخليج والولايات المتحدة على حدّ سواء، استعارت بعض هذا الخطاب من اليساريِّين والاشتراكيِّين وأعادت توظيفه لخدمة رؤية محافظة للعالم». أمّا نجاد البرعي، المحامي المصري البارز في مجال حقوق الإنسان، فأوضح أنّه متردّد في إعطاء أهمية كبرى لخطاب ترامب، نظراً لأنّه جاء إلى السعودية في المقام الأول من أجل الحديث عن الاستثمارات. لكن بالنسبة إلى البرعي، فإنّ ترامب كان فقط صريحاً بشأن ما يهتم به الرؤساء الأميركيون حقاً، أي المصالح الأميركية، بغضّ النظر عن مدى تزيين الرؤساء السابقين لأجنداتهم بالحديث عن حقوق الإنسان والديمقراطية.


المصري اليوم
١١-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- المصري اليوم
قانون سعد الهلالي!
طالبت فى مداولات لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب حول مشروع القانون المقدم من الحكومة بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية، الابتعاد بمسافة عن أسماء بعينها قد يستهدفها القانون فى مادته (8) بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو الغرامة بما لا يقل عن خمسين ألف جنيه. طالبت بقانون عام ومجرد، وليس «قانون سعد الهلالى»، وهذا مسجل فى مضبطة اللجنة، ووافقنى بحكمة وأريحية الدكتور «على جمعة» رئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، وبموافقة الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف. وقبل ظهور القانون (المرفوض ابتداء من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف) إلى النور، حدث ما تخوفت منه، وأثار قلقى على طائفة من العلماء يستهدفهم هذا القانون، بمنعهم قسرا عن الولوج إلى ساحة الفتوى التى باتت تشبه سَاحَة الوَغَى، بمعنى سَاحَة الْحَرْبِ، الْمَعْرَكَة، وفى المعجم اِعْتَرَكَ القَوْمُ فى ساحَةِ الوَغَى، تَقاتَلُوا، اِقْتَتَلُوا، على حق الفتوى، واحتكارها، وكما هناك كارتلات احتكارية اقتصادية، هناك كارتلات احتكارية دينية تحتكر الفتوى. أول تطبيق عملى لمشروع القانون المقدم من الحكومة بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية (تحت الإصدار) حمله بلاغ إلى النائب العام تحت رقم (1185985 لسنة 2025)، وتضمن اتهام الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بازدراء الدين الإسلامى، على خلفية تصريحات أشار فيها الهلالى إلى إمكانية المساواة فى الميراث. جملة اتهامات شنيعة، ربما يعاقب الهلالى بأكثر مما ورد فى المادة (8) من القانون، كوكتيل جرائم ترشحه للمؤبد جنائيا ناهيك عن تكفيره وتفسيقه دينيا.. يفكر بمصير طيب الذكر الدكتور «نصر أبوزيد» (الله يرحمه) الذى لقى ربه فى المنفى القسرى الذى ألجأته إليه مطاردات هددت حياته. كوكتيل من الجرائم فى بلاغ، نشر أخبار كاذبة، إثارة الفتن، زعزعة الاستقرار الاجتماعى، هدم القيم المجتمعية، مخالفة أحكام الدستور، والنيل من هيبة الدولة، وتعكير الصفو العام. لا تتعجب من العقلية التى حركت البلاغ، نفس العقلية التى حركت بعض الدعاة على المنابر الجمعة الماضى، وتبارى نفر منهم فى تقبيح وجه الهلالى (بالاسم)، العقلية التى تأبى إلا أن تغلق كل الأبواب إلا بابا واحدا لتحشر فيه الناس أجمعين، مع أن هناك أبوابا أخرى عديدة ومتسعة لمن يرغب للدخول منها!. إنها نفس العقلية التى تنصب نفسها حاكما على الخلق وتوهمهم أنها تحكم بأمر الله وحكم الله منها براء. ■ ■ بعض السطور أعلاه وردت فى كتاب «الإسلام وإنسانية الدولة» من مؤلفات الدكتور «سعد الدين الهلالى» الذى نذر حياته وعلمه لفتح الأعين والعقول على الفضاء الرحب فى الفقه الإسلامى الذى تراكم عبر قرون بفضل الله ثم بفضل جهود العلماء الثقات، والثقات يعد الكتاب مرجعا من المراجع العلمية الهامة فى علم الجرح والتعديل ومعرفة أحوال الرجال، يرجع إليه أئمة الحديث والمجتهدون فى الكشف عن أحوال الرجال ومعرفة الثقات من المجروحين. (الكتاب من تأليف ابن حبان). يقول «الهلالى» مع حفظ المقام: «ذلك الكنز الفقهى الذى كلما تعرفنا عليه أدركنا كم خسرنا عندما ضُيّق علينا، وأُريد بنا أن ننحصر وننحسر فى بقعة ضيقة عقيمة. وكانت النتيجة أن أصبحنا حائلا بين الخلق وخالقهم»! قد يبدو الكتاب صعبا بعض الشىء، ولكن إذا قُرئ بتأنٍ فستزول هذه الصعوبة، فعبارات الدكتور الهلالى سهلة، ومنطقه متسق، ينساب بعقلك فى هدوء ليصل بك إلى هدفه، بأدلة من الكتاب والسنة وبعيدا عن ثقافة الضجيج الفقهى السائدة اليوم! ■ ■ مراجعة صفحة الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن فى كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، على فيسبوك، وأحاديثه الفضائية، واجتهاداته الفقهية، تؤشر على فقيه مصرى مجتهد يذكرنا بالمجتهدين الأوائل الذين ملأوا الدنيا نورا بعلمهم وفقههم على قاعدة التيسير على الطيبين. معلوم، الدكتور «سعد الدين الهلالى» من رواد «مدرسة العقل» وعادة لا يلقى قبول المعممين من خريجى مدرسة «النقل الحرفى» التى تجافى العقل، وبينه وبينهم فراسخ، سنوات ضوئية حتى يفقهوا مدرسته العقلية التى لا تخاصم النص ولكن تعقله، وقاعدته الراسخة الفتوى بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد، وهو أمر مقرر صحيح، وفى يقينه القعود عن الاجتهاد مثل التولى يوم الزحف. فى وصفه، ونرجو توفيقا فى تثمين اجتهاده الثمين، «الهلالى» فقيه صعب المراس، قوى الشكيمة، متبحر فى الفقه، مجدد، متجدد، درس المذاهب جميعا، ووقف مقارنا بينها، مستصحبا علومها، متفردا ببيان عرضها، لا ينحاز إلى مذهب، ولا يقف عند تفسير، ويؤمن بالقلب، وعنوانه الأثير وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم، «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ». والحديث أعلاه حديث القلب من الأربعين النووية، رواه الإمام أحمد عن وابصة بن معبد رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: «جِئْتَ تَسْأَلُنِى عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ نَعَمْ فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِى صَدْرِى وَيَقُولُ يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِى النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِى الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ». ■ ■ يُعدُّ الدكتور الهلالى نقلة نوعية فى مدرسة الفقه، ويصح أن يكون عنوانا لمدرسة التجديد المرتجاة. ملم إلمام الفقيه المحدث بالمذاهب جميعا، لا يغادر تفسيرا أو حديثا أو رواية إلا وأحصاها، ويقف على المتون ولا يهمل الحواشى، ويجتهد فى عرض الآراء جميعا غير منحاز أو مشايع، مع ترك فرجة واسعة للمسلم أن يتخير بقلبه، ويعمل عقله، دون سيطرة من عمامة، أو تسلط من شيخ، الإنسان المسلم هو الأصل، ولست عليهم بمسيطر، هكذا عنوانه العريض. قيمة الدكتور الهلالى العلمية يقدرها العلماء المنصفون، أما زاوية الرؤية الملفتة هى عطفة الهلالى على أصحاب الديانات الأخرى، سيما إخوتنا المسيحيين، يغبطهم حديث الهلالى الذى يفيض بالإنصاف والعدل الذى تعلمه من مدرسة القرآن الكريم، ومتّنها بدراساته فى المدرسة النبوية الشريفة، وتطويع ما تيسر من الحديث والتفسير ما يعلى من قيمة المواطنة والأخوة الإنسانية، ودائمًا ما يستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى أخرجه الإمام أحمد: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم». يحذو بثقة العالم حذو الفقيه المصرى «الليث بن سعد» الملقب بفقيه المواطنة، وهو لقب خلع عليه بعد رحيله بقرون، ولكنه يستحقه بامتياز. ■ ■ خطاب الهلالى يعرف من عناوين مؤلفاته القيمة التى تشتبك مع قضايا المجتمع لإيجاد حلول تجمع الناس على كلمة سواء، ومنها: «حقوق الإنسان فى الإسلام»، و«المعاملات المالية المركبة»، و«الأزمة المالية وحلول إسلامية»، و«البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية»، و«الجانب الفقهى والتشريعى للاستنساخ»، و«حق السِّعاية فى الوظيفة المنسيَّة»، و«الأبُّوَّة الضائعة»، و«إبطال الطلاق الشَّفوى للمتزوجين رسميًّا»، و«الإسلام الدينى والسلام أو الإسلام السياسى والعنف»، و«قضايا وأحكام المسنين المعاصرة»، و«المهارة الأصولية وأثرها فى إنضاج الفقه وتجديده»، و«فقه المواريث على هدى الكتاب والسُّنة»، وأخرى كثيرة لا يستغنى عنها من يسعى إلى السِّلم الاجتماعى وقبول الآخر. الهلالى مصنف ضد الجماعات والشيخات وسطوة العمائم، يفضل ارتداء ثياب عموم الشَّعب دون أن يتميَّز بثياب شهرة، وهو الأزهرى القح ليس مجافيا ولكنه ليس من أصحاب العمائم فى الإعلام أو فى الطرق والمحافل العامة، لاستشهاده بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرتدى كآحاد الناس فى عصره، حتى دخل عليه أعرابى فلم يعرفه من بين جالسيه، فقال لهم: «أيُّكم محمد»؟ يقف صلبًا شامخًا ضد محاولة الوصاية على عقل المسلم، عنده المسلم هو الأساس، واختياره هو الأصل، وحكمه من القلب، وأن كل إنسان فقيه نفسه، وأمانه يوم القيامة مرهون بسلامة قلبه وطمأنينة نفسه، كما قال تعالى: «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم»، وقوله سبحانه: «يا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعى إلى ربِّك راضية مرضيَّة». يعلن الهلالى أن ولى الأمر هو رئيس الدولة بدستورها وقوانينها وأعرافها الجامعة لأبناء الشعب كلٌّ بدينه الذى اختاره على مسؤوليته الشَّخصيَّة، والتى سيحاجج بها عند ربه، على أن يلتزم فى الدنيا بسيادة العقود والقوانين الجامعة لتراضى المتعاملين، فلا نفوذ لفتوى تخالف عقدًا أو قانونًا مسبقًا. ومن هنا فإنه لا يأبه لمرشد، ولا يُنصّب نفسه شيخًا، ويُفقِّه المسلم ويُحفِّزه، أنت أمام ربك، ودليك فى قلبك، استفت قلبك، لا تحتاج إلى مرشد ولا إلى من يسوقك إلى الله، ويعرض على المتلقى – أمينا - كل الآراء، وكل المذاهب، وكل الأدلة، وكل ما ثبت عن الأقدمين، دون إغفال لرأى ولو كان نادرًا، أو لتفسير ولو كان غريبًا، يعرض الآراء كلها، حتى جواز الأضحية بطير توسيعًا وتيسيرًا وحتى لا يحرم المسلم من ثواب الأضحية. ■ ■ الهلالى يؤسس لإحياء تيار السماحة الدينية التى ترضى الله فى قلب كلِّ إنسان، وترضيه عن ربِّه، وتجعله مسؤولًا أمام نفسه فى الدنيا، كما أنه سيكون قاضًيا على نفسه يوم القيامة: «كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا»، فلا يكون تابعًا لغيره فى قطيع. إن الهلالى ينزع القداسة عن أوصياء الدين، ولا يركن إلى تفسير وحيد وإن كان إجماع الفقهاء، هناك دوما رأى مخفى عن عمد أو سهو، وهذا يخالف الأمانة العلمية والفقهية، ولا يستطيب رأى فينتصر لقائله، ولا يغفل اجتهادا منسوبًا لصاحبه. مدرسة الهلالى يصح وصفها بمدرسة «العصف الذهنى»، يعصف الهلالى بالذهن الراكد، يتواصل مع عموم الطيبين، بفكر وتدبر، وقاعدته المؤسسة «الفقه فهم الفقهاء من اجتهاد البشر، أما الشريعة فهى نصوص الوحى المقدسة التى من عند الله»، ويأبى أن تعامل طبقة الشيوخ بقداسة أو ترفيع لما هو فوق إعمال الفكر، وينظر إلى فقه الأقدمين نظرة حداثية لا تهمل ظرفًا مكانيًا أو زمانيًا إلا وأحصته وعرضته، وللمسلم حق الاختيار، لا يسلبه منه كائن من كان.. يرجو رضاء ربه فهو حسبه، أى يكفيه، لإيمانه بقوله تعالى: «يوم لا تملك نفس لنفس شيئًا والأمر يومئذ لله»، وقوله تعالى: «وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه». ■ ■ أخيرًا: كلمة لمن يهمه الأمر، أما آن الأوان لتفعيل تلك الرؤية السمحة التى تليق بدين الله رحمة وعدلًا، وحماية هذا الرَّجل الأمين من سهام وكيد مانعى الوعى، وأوصياء الدِّين، أعداء السِّلم الاجتماعى، حتى يحيا الوطن بأهله لحمة واحدة، مهمومًا بمحو الأميَّة وبالتنمية المستدامة، وليس مشغولًا باختطاف حق الفتوى وبالفتن الدينية؟.


الدستور
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الدستور
داعية أردني: تيارات الإسلام السياسي فشلت فشل ذريع وحظر الإخوان بالأردن قرار صائب
داعية أردني: تيارات الإسلام السياسي فشلت فشل ذريع وحظر الإخوان بالأردن قرار صائب قال الدكتور محمد العايدي من علماء وزارة الأوقاف الأردنية ورئيس مؤسسة أركان الأردنية في تصريحات له اليوم، إن قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين بالأردن قرار صائب للغاية ومصر كانت صاحبة الضربة الأولي لهذا التنظيم الإرهابي، حيث أن تيارات الإسلام السياسي، فشلت فشل ذريع، رغم عشرات السنين من العمل، في أن تقدّم نموذجًا حضاريًا واحدًا يليق بسمو رسالة الإسلام، فلم تبنِ دولة عادلة كما يحلمون بها، ولم تؤسس حضارة أخلاقية تستوعب الجميع، ولم تنهض بمجتمع إنساني يحترم العهود والمواثيق، كل ما أنجزته هو جرّ المجتمعات إلى صراعات عبثية بين التكفير والتخوين، والمساهمة في تعميق الانقسامات الأيديولوجية والدينية، وإعادة صياغة الإسلام بشكل سطحي يفتقر إلى العمق الفكري والأخلاقي والإنساني. وتابع " العايدي" في تصريحات له اليوم: إنه في الحقيقة، هذه التيارات لم تخدم الإسلام، بل حمّلته وزر إخفاقاتها، فكل فشل حصل لها من ضيق أفقها ونظرتها القاصرة، حمّل الناس من التبعات والويلات ما لا يطيقون، وجعلت الدّين يبدو وكأنه مشروع قمع وإقصاء يسعى للسلطة، لا مشروع رحمة وعدل وهداية للناس، رفعت شعار «الإسلام هو الحل»، لكنها حين اقتربت من السلطة، لم تقدم حلولًا عملية، بل أجّجت الأزمات، وأطلقت العنان لصراعات الهوية على حساب تحديات التنمية، والتعليم، والصحة، والحرية. واضاف: لو تخلص العالم من هذا التيار، سيتحرر الإسلام من الاختطاف الأيديولوجي الحزبي الضيق في توجهاته وتطلعاته، وسيعود خطاب الدين صوتًا للضمير الإنساني الحي، لا أداةً للهيمنة، سيعود الإسلام كما كان في أصله: منارة للعلم والعدل، لا مطرقة للتنازع وتفتيت الوعي. وسيتحرر العالم الإسلامي من ثقافة الاصطفاف والانقسام، ذلك الانقسام الذي غذّته حركات الإسلام السياسي عبر خلق «نحن» و»هم»، المؤمنين الحقيقيين مقابل المتهمين بالردة أو الخيانة، سيتحرر العقل المسلم من أن يكون حبيس مشروعات زائفة تسعى للسيطرة على مفاصل الدولة بالتدريج، إلى أن يكون عقلًا منخرطًا في صانعة الحضارة الإنسانية. سيتوقف النزف الداخلي الذي أوجدته هذه الأيديولوجيات السطحية، حيث أصبح كل من خالفهم خائنا، وكل من انتقدهم متآمرا، وسيتحرر الشباب العربي والإسلامي من فخ الوعود الخادعة لتحقيق الحلم المقدس، الذي استخدمته هذه التيارات وقودًا في إدارة معارك عبثية لم ينتصر فيها أحد، بل ألحقت ضررًا بالغًا في المكون العربي والإسلامي في هذا العالم. نعم، سينجو الدّين الإسلامي نفسه من أن يُحاكم أمام العالم على جرائم لم يرتكبها، وسيتحرر المسلمون من ابتزاز الشعارات، ليعودوا إلى جوهر الإسلام: أخوة إنسانية، ورحمة عالمية، وحرية مسؤولة. وأشار الداعية الأردني قائلا: إن اختفاء تيارات الإسلام السياسي لا يعني بالضرورة اختفاء الدين عن المشهد العام، بل تحرير الدين من التسييس المرتبط بأجندة حزبية ضيقة، فالدين حين يتلوث بلعبة السلطة، يفقد صفاءه، وتفتك به أمراض السياسة: الكذب، والاحتيال، والازدواجية، باختفاء الإسلام السياسي عن المشهد، تفسح للمجتمعات العربية والإسلامية الطريق أمام مشروع وطني حضاري جامع، ينظر إلى الإنسان باعتباره قيمةً، لا مجرد أداة للتعبئة الحزبية الضيقة، وتتحرر مؤسسات الدولة من العقبات المفتعلة لإعاقة تقدمها، وتعود الأمة إلى التفكير في المستقبل بدل الانغماس في اجترار أساطير الماضي. وأكد " العايدي ":وفي لو اختفى تيار الإسلام السياسي، ستربح الشعوب فرصة نادرة لتعيد بناء ذاتها، لا على أساس الشعارات الدينية المعلبة، بل على أساس العقلانية، والأخلاق، والعدالة، وهي المبادئ التي جاء بها الدين أصلًا.


أخبار مصر
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- أخبار مصر
#هاني_نسيرة يكتب: ماذا بعد مائة عام على كتاب «الإسلام وأصول الحكم»؟
خلال العام الجارى سيكون قرن من الزمان قد مر على الصدور الأول لكتاب «الإسلام وأصول الحكم»، هذا الكتاب الذى عاش صاحبه على عبدالرازق (١٨٨٨- ١٩٦٦) بعده أربعة عقود، يعانى الهجمات والعزلة ويمارس الكتابة بحذر ورهاب مما أحدثه كتابه الأول، فكان قليل الإنتاج، ولم يصدر له بعده إلا كتابان هما الأمالى وآخر حول الإجماع جمع محاضراته فى الموضوع بكلية الحقوق.لم يكن الشيخ على عبدالرازق غير صوت تاريخى وواقعى، قرأ تاريخ المسلمين، وحاول تحرير عقيدتهم مما شابها باكرًا من فتن الإمامة التى ما سُلَّ سيف فى الإسلام كما سُل عليها، كما كان يقول الشهرستانى صاحب «الملل والنحل»، رآها مسألة تاريخية واجتهادية تقديرية كما رآها الإمام الجوينى صاحب الغياثى، وافترض زوالها دون تأثير على الناس كما افترض إمام الحرمين، وعرف أن الأمر أمر شوكة كما فعل كثير من فقهاء وكتاب الأدب السياسى الإسلامى منذ القرن الرابع الهجرى، ولكن الرجل لم يتحمله أحد، ولم ينصفه أحد، ولاشك أن كتابه ودعوته وطرحه المتخلص من صراخ البكاء على سقوط الخلافة التى صدر بعدها بعام، يحتاج إلى المراجعة وإعادة القراءة المنصفة لأطروحات الكتاب وسياقاته. يبدو كتاب على عبدالرازق وطرحه ردًا من محاولة وطموح ثلاثة عشر حاكمًا فى العالم الإسلامى، لمنصب الخلافة، رغم فقدانها دورها، وحركات وجماعات فى زمانه لاستعادتها مثل حركة الخلافة الهندية (١٩١٩- ١٩٢٤) بقيادة شوكت على، وانضم إليها أبوالكلام أزاد فى مرحلته الأولى، حتى جماعات ودعوات استعادة الخلافة والحاكمية المستمرة حتى الآن، من جماعة الإخوان المسلمين سنة ١٩٢٨، وحزب التحرير سنة ١٩٥٣، وصولًا لحركات أنصار الخلافة بأفغانستان، وداعش (تنظيم الدولة) سنة ٢٠١٤، ولايزال السيل مستمرًا! بل تظل فكرة الخلافة. بعد مائة عام من صدور الكتاب ربما علينا أن نؤكد أن الشيخ على عبدالرازق كان جزءًا من سياقه، ومتفاعلًا مع واقعه، كما لم يأتِ بخارجية شاذة لم يسبق إليها، قدر ما تعاطى وحاول علاج مرض الفتن الكبرى والصغرى حول الإمامة والخلافة، تاريخًا وواقعًا، وتكلم، مستبقًا إذا شئنا دعوة تجديد علم العقيدة والكلام، التى بدأها المفكر الهندى الراحل شبلى النعمانى (١٨٥٧- ١٩١٤) إلى دعوة الشهيد مرتضى مطهرى (١٩١٩- ١٩٧٩) وصولًا لجهود كثيرين بعدهم، وكان الجامع بين كثير ممن يهتمون بهذا الطرح هو تخليص مباحث العقيدة من مبحث….. لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر 'إقرأ على الموقع الرسمي' أدناه

وكالة نيوز
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- وكالة نيوز
«تسونامي» الجماعة الإسلامية في الإقليم
🗞️ لينا فخر الدين – الأخبار بينما كانت القوى السياسية في إقليم الخروب مُحرجة من خوض الانتخابات البلدية والاختيارية على المكشوف، كانت الجماعة الإسلامية تخلع قفازاتها لتدخل إلى المعركة، غير آبهةٍ بـ«زعلٍ» من هنا أو إحراجٍ من هناك. فهي قرّرت أن تثبت وجودها على طاولة الشوف كلاعب أساسي، بعد سنوات من التخفّي والاكتفاء بخدمات صحية، كانت خلالها أشبه بـ«بلوك تجييري» لمصلحة لائحة التحالف بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل. في الانتخابات النيابية الماضية، أطلقت الجماعة تجربتها الأولى، معلنةً عن رقم «تنام» عليه: نحو 5 آلاف صوت موزّعة على عدد من قرى إقليم الخروب. هذه التّجربة سُرعان ما كرّرتها في انتخابات «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» لتخوض انتخابات عضويّتها للمرّة الأولى. صحيح أن ما حصلت عليه من أرقام لا يُبنى عليه الكثير، إلا أن الاستقلالية التي اتبعتها كانت كفيلة بأن تتعامل معها القوى السياسية بعينٍ جديدة، وبأن تكون لها حسابات مختلفة. كلّ ذلك، سمح للجماعة بأن تخوض معركتها البلدية بجرأة أكبر، وإن كانت حاضرة بلدياً بقوّة منذ عام 1998، في عدّة بلدات. تجربتها البلدية وما أُضيف إليها من «حركة عسكرية» قام بها جناحها العسكري، ومواقف سياسية بعد عملية «طوفان الأقصى»، إضافةً إلى تصاعد تيار «الإسلام السياسي»، وبروز حركة «حماس» على الساحة العسكرية، كلها عوامل – إلى جانب اعتكاف تيار المستقبل – استفادت منها الجماعة على المستوى الشعبي، لتدخل الانتخابات البلدية في كبريات بلدات الإقليم: شحيم وبرجا وكترمايا. وبذلك، ستنتقل حكماً إلى معركتها التالية: الانتخابات النيابية، إذ باتت قادرة على نيل حاصل انتخابي قد «يُغري» الاشتراكيين بالتحالف مع مرشّحها في حال عزوف الرئيس سعد الحريري عن المشاركة، وإن كان البعض ينتظر ما سيرشح عن «الفيتوات» السعودية في وجه الجماعة. المسؤول السياسي للجماعة في جبل لبنان، الشيخ أحمد سعيد فواز، قال لـ«الأخبار» إن نتائج الانتخابات البلدية هي بمثابة «مكافأة من أبناء الإقليم على حضورنا السياسي الذي هو حضور إنمائي وخدماتي»، مُعلناً أن «الجماعة اتخذت قرارها بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة في المنطقة». شحيم فوزٌ كاسح لم يؤثّر انسحاب «المستقبل» و«الاشتراكي» من اللائحة الائتلافية في شحيم، في حماسة مسؤولي الجماعة الذين أبقوا على تحالفهم مع النائب السابق محمد الحجار، في لائحة غير مكتملة من 19 مرشحاً فاز منها 13. وسيطر القيادي في الجماعة، إياد الحجار، على المشهد، بعدما شكّل «ديو» ناجحاً مع النائب السابق، فيما يبدو أن اسمه صار يُتداول كأحد المرشحين للمقعد النيابي، إذا ما أعلن الحجار، عزوفه عن الترشح. رغم ذلك، لم تسلم الجماعة من الانتقادات، بعدما اتُّهمت بأنها صبّت أصواتها، بقرار مسبق، لمصلحة بعض الأعضاء في لائحة محمد سعيد عويدات، ما أدّى إلى خسارة مرشحَين يدوران في فلك «المستقبل»، بعدما تبيّن حصول مرشحي الجماعة ومرشحي عويدات على نسب متقاربة. إلا أن مسؤولي الجماعة ينفون ذلك، مؤكدين أن ملء المقاعد المتبقّية تُرك للمناصرين، ولم يكن هناك قرار بضرب أيّ من المرشحين، بل إن بعض الأطراف عملت لصالح مرشحين محدّدين، خصوصاً أن هناك مرشحين أقوياء على لائحة عويدات. وهو ما يؤكده بعض المتابعين بالإشارة إلى أن تشتّت أصوات «المستقبل» والخلافات العائلية، أفضيا إلى هذه النتيجة التي كادت أن تكون مختلفة لو استمرت الأحزاب على ائتلافها. برجا: اتهاماتٌ بعدم الالتزام وإذا كانت أصابع الاتهام الموجّهة للجماعة خجولة في شحيم، فإنها أكثر فجاجةً في برجا، حيث فشلت اللائحة الائتلافية التي تشكّلت بالتحالف بين الجماعة و«المستقبل» و«الاشتراكي» والحزب الشيوعي واللواء علي الحاج، في إيصال مرشحيها الـ 21، إذ خرقتها «لائحة قرار برجا» بثلاثة أعضاء، هم عبد الرحيم الشمعة وأحمد حمية ومحمد جعيد، على حساب المرشح المدعوم من اللواء الحاج، ماهر الحاج، ومرشحَين مقرّبين من «المستقبل»، هما بلال الدقدوقي ووئام الخطيب. التشطيب أدّى إلى تناقل روايات على ألسنة بعض الماكينات الانتخابية في برجا، تُفيد بعدم التزام الجماعة بلائحة «التوافق البرجاوي»، وتنفيذها «مؤامرة» أدّت إلى وصول اثنين من المرشحين على اللائحة الأُخرى (جعيد والشمعة) محسوبين عليها. وإضافةً إلى ذلك، تُفيد الروايات المتناقلة بأن الجماعة لم تُلبِّ طلب اللواء الحاج بسحب المرشحين المحسوبين عليها من اللائحة المواجهة، على عكس ما حصل مع المرشح المقرّب من «الاشتراكي»، الذي سرعان ما أعلن انسحابه. وما يعزّز هذه القناعة تناقل صورة عمّمها أحد مسؤولي الجماعة لجعيد والشمعة، قبل ساعاتٍ من إقفال صناديق الاقتراع، وفي عزّ حماوة المعركة، واعتبروها بمثابة إيعاز للمنظّمين والمناصرين بـ«الصّب» لمصلحتهما. كلّ ذلك، يفتح باب اتهام الجماعة بتجيير ممنهج للأصوات وعدم الالتزام، على عكس الأحزاب الأخرى (علماً أن «المستقبل» لعب دوراً لدى قواعده الشعبية لعدم تشطيب مرشح الحاج)، وبأن ما طالبت به في مفاوضات تشكيل اللائحة بالحصول على النصف زائداً واحداً في مجلس بلدية برجا، حصلت عليه بالمناورة! في المحصّلة، ورغم أن مسؤولي الجماعة ينفون هذه الاتهامات ويؤكدون التزامهم باللائحة، ارتفعت حصّة الجماعة إلى نحو 8 مقاعد في المجلس البلدي، ما يُعد تقدّماً لها على سائر القوى الأُخرى. كترمايا: صدّ التكتّل وإذا كان فوز الجماعة في برجا وشحيم عبر عقد التحالفات، فإن النجاح الذي حقّقته في كترمايا كان من خارج التوقّعات، بعدما تكتّل «المستقبل» و«الاشتراكي» في وجهها دعماً لرئيس البلدية يحيى علاء الدين الذي يمتلك حيثيّة شعبية. وقد تمكّنت الجماعة وحدها من صدّ التّكتّل وإلحاق الهزيمة به، والفوز بـ 8 أعضاء مقابل 7 لعلاء الدين. وبذلك أضافت إلى سجلّها فوزاً جديداً في كترمايا التي تُعدُّ واحداً من «حصونها المنيعة» في الإقليم. ويعزو البعض ما حصل إلى عمليات التشطيب بفعل الحساسيات العائلية، ما أدّى أيضاً إلى خسارة بعض الرموز المحسوبين على الجماعة، الأمر الذي يُعزّز الخشية بإمكانية انفراط عقد المجلس في حال زاد التشنج داخل البلدة، وأدّى إلى خروج أي مكوّن منه. وإذ يشير البعض إلى أن الجماعة استفادت من «أبّة باط» من الوزير السابق علاء الدين، باعتبار أن مرشحها للرئاسة محمد نجيب حسن مُقرّب منه، فإن علاء الدين ينفي الأمر، ويؤكد أنه لم يتدخل خارج برجا، إلّا سعياً للوفاق في عدد من البلدات، ومن دون أن ينسحب الأمر تدخلاً في كترمايا. كما سجّلت الجماعة فوزاً في سبلين وداريا، إضافةً إلى مختار في دلهون، وهو ما تحدّث عنه النائب عماد الحوت أمس، مُنوّهاً بـ«ثقة الجمهور بالجماعة التي أثبتت قوة ارتباطها به». في الحصيلة، أثبتت الجماعة الإسلامية حضورها السياسي والجماهيري، بعد خوضها المعارك فوق الطاولة، وتحوّلت عبرها إلى شريك مضارب لـ«المستقبل» و«الاشتراكي»، وندٍّ لهما.