أحدث الأخبار مع #«العصفور»


العرب اليوم
١١-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- العرب اليوم
عن محسنة توفيق
جاءت ذكرى غيابها لتعيدها إلى الفضاء الرقمي. يكتبون عن محسنة توفيق ويستعيدون مواقف وأدواراً مشهودة لها فأتذكّر لقائي بها يوم زارتنا في بغداد. ذهبت إليها في الفندق وفق موعد مسبق. هاتفتها من مكتب الاستقبال فطلبت مني أن أصعد إلى غرفتها. لديها وعكة طارئة. وجدت في السرير بهية التي هزّتنا في فيلم «العصفور» مع يوسف شاهين. خياطة بسيطة تخرج إلى الشارع بعد خطاب التنحّي وهي تصرخ: «لا... هنحارب!». لم ينقطع هاتف غرفتها عن الرنين. آلو... أهلاً يا أمير... اطلع لي الغرفة. ويُطرق الباب ويدخل زميلنا في جريدة «الثورة» الصحافي المصري أمير إسكندر. يسلّم عليها ويقبل يدها. كنت في بداياتي، لم يغادرني التحفظ الذي يطبع حياتنا البغدادية والخفر الذي يلوّن الوجنات. كيف يمكن لنزيلة في فندق أن تستدعي رجلاً إلى غرفتها؟ لكن زميلنا لم يكن الوحيد. وخلال سويعة من وجودي معها تعاقب على الحضور خمسة مصريين آخرين من أصدقائها. جاءوا يسلمون عليها وكأنها واحد منهم. من دون تاء التأنيث. فهي لم تكن ممثلة مثل نبيلة عبيد أو نادية الجندي. ليست نجمة شاشة أو مدام فلانة ولا حتى زميلة في المهنة. كانت الرفيقة المناضلة محسنة توفيق. كان السادات، في ذلك الوقت من أوائل السبعينات، قد أصدر قراره بفصل قائمة طويلة من أبرز المثقفين. وقد لا يصح القول إن «مصائب قوم عند قوم فوائد»، لكنها كانت بالفعل فرصة عظيمة لنا في بغداد التي احتضنت عدداً منهم. صحافيون ومفكرون وفنانون تابعناهم وقرأنا لهم. نراهم يقيمون بيننا. نتحاور معهم ونسمع تجاربهم ونتعلم أو لا نتعلم. هي الفترة التي تعرفنا فيها على غالي شكري، وعبد الرحمن الخميسي، ومحمد عفيفي مطر، ومصطفى طيبة، وأمير إسكندر، ونوال السعداوي، وشريف حتاتة، وصلاح زكي، ونبيل زكي، وعلية إحسان، وسعد التايه وآخرين. وهي أيضاً الفترة التي تعاقد فيها معهد التدريب الإذاعي مع المخرجين صلاح أبو سيف وتوفيق صالح والسيناريست علي الزرقاني لتقديم دورة لعدد منا في فن كتابة السيناريو. وكان هناك في قسم الصحافة الدكتور خليل صابات. وفي الجامعة المستنصرية الأستاذة صافي ناز كاظم. كان رأي غالي شكري أنها كاتبة إسلامية إلا عندما تكتب في النقد المسرحي. وحدث أن جاءت الصحافية سكينة السادات في زيارة خاطفة. وأقام لها زميلنا سعد زغلول فؤاد حفل عشاء حضره محمود السعدني. وطوال السهرة لم يتوقف السعدني عن التنكيت على شقيقها الرئيس. وكانت تضحك والكل يضحك وأنا أتعجب من سماحة أولئك المصريين. أين منهم طبعنا العراقي الحامي؟ وكل يوم، كانت غرفة محسنة توفيق، المطلة على دجلة، تتحول إلى ملتقى للفن والود. فلما شاهدناها، بعد سنوات، في مسلسل «ليالي الحلمية»، لم نفهم كيف ستملأ الموقع الذي غادرته فردوس عبد الحميد. يمامة بدل صقر. لكن «أنيسة» أخذتنا معها إلى صحبة من نوع آخر.

السوسنة
١١-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- السوسنة
عن محسنة توفيق
جاءت ذكرى غيابها لتعيدها إلى الفضاء الرقمي. يكتبون عن محسنة توفيق ويستعيدون مواقف وأدواراً مشهودة لها فأتذكّر لقائي بها يوم زارتنا في بغداد.ذهبت إليها في الفندق وفق موعد مسبق. هاتفتها من مكتب الاستقبال فطلبت مني أن أصعد إلى غرفتها. لديها وعكة طارئة. وجدت في السرير بهية التي هزّتنا في فيلم «العصفور» مع يوسف شاهين. خياطة بسيطة تخرج إلى الشارع بعد خطاب التنحّي وهي تصرخ: «لا... هنحارب!».لم ينقطع هاتف غرفتها عن الرنين. آلو... أهلاً يا أمير... اطلع لي الغرفة. ويُطرق الباب ويدخل زميلنا في جريدة «الثورة» الصحافي المصري أمير إسكندر. يسلّم عليها ويقبل يدها. كنت في بداياتي، لم يغادرني التحفظ الذي يطبع حياتنا البغدادية والخفر الذي يلوّن الوجنات. كيف يمكن لنزيلة في فندق أن تستدعي رجلاً إلى غرفتها؟ لكن زميلنا لم يكن الوحيد. وخلال سويعة من وجودي معها تعاقب على الحضور خمسة مصريين آخرين من أصدقائها. جاءوا يسلمون عليها وكأنها واحد منهم. من دون تاء التأنيث. فهي لم تكن ممثلة مثل نبيلة عبيد أو نادية الجندي. ليست نجمة شاشة أو مدام فلانة ولا حتى زميلة في المهنة. كانت الرفيقة المناضلة محسنة توفيق.كان السادات، في ذلك الوقت من أوائل السبعينات، قد أصدر قراره بفصل قائمة طويلة من أبرز المثقفين. وقد لا يصح القول إن «مصائب قوم عند قوم فوائد»، لكنها كانت بالفعل فرصة عظيمة لنا في بغداد التي احتضنت عدداً منهم. صحافيون ومفكرون وفنانون تابعناهم وقرأنا لهم. نراهم يقيمون بيننا. نتحاور معهم ونسمع تجاربهم ونتعلم أو لا نتعلم.هي الفترة التي تعرفنا فيها على غالي شكري، وعبد الرحمن الخميسي، ومحمد عفيفي مطر، ومصطفى طيبة، وأمير إسكندر، ونوال السعداوي، وشريف حتاتة، وصلاح زكي، ونبيل زكي، وعلية إحسان، وسعد التايه وآخرين. وهي أيضاً الفترة التي تعاقد فيها معهد التدريب الإذاعي مع المخرجين صلاح أبو سيف وتوفيق صالح والسيناريست علي الزرقاني لتقديم دورة لعدد منا في فن كتابة السيناريو. وكان هناك في قسم الصحافة الدكتور خليل صابات. وفي الجامعة المستنصرية الأستاذة صافي ناز كاظم. كان رأي غالي شكري أنها كاتبة إسلامية إلا عندما تكتب في النقد المسرحي.وحدث أن جاءت الصحافية سكينة السادات في زيارة خاطفة. وأقام لها زميلنا سعد زغلول فؤاد حفل عشاء حضره محمود السعدني. وطوال السهرة لم يتوقف السعدني عن التنكيت على شقيقها الرئيس. وكانت تضحك والكل يضحك وأنا أتعجب من سماحة أولئك المصريين. أين منهم طبعنا العراقي الحامي؟وكل يوم، كانت غرفة محسنة توفيق، المطلة على دجلة، تتحول إلى ملتقى للفن والود. فلما شاهدناها، بعد سنوات، في مسلسل «ليالي الحلمية»، لم نفهم كيف ستملأ الموقع الذي غادرته فردوس عبد الحميد. يمامة بدل صقر. لكن «أنيسة» أخذتنا معها إلى صحبة من نوع آخر.


بوابة الأهرام
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- بوابة الأهرام
صاحبة مقولة «الجو عندنا ربيع طول السنة» .. نبيلة قنديل.. شاعرة شهيرة «منسية»
حلاوة شمسنا..وخِفّة ضلّنا الجو عندنا.. ربيع طول السناااا لا أحد يستطيع نسيان ذلك المشهد من فيلم «غرام فى الكرنك»، المتألق بموسيقى على إسماعيل، ورقصات فريدة فهمى، وتكوينات «فرقة رضا»، وغناء ودلال «الثلاثى المرح». لكن هل انتبه أحد وسط هذا الجمال لصاحبة الكلمات التى بُنيّ عليها المشهد!! نبيلة قنديل المبدعة نبيلة قنديل.. شاعرة كبيرة وشهيرة منسية. اشتهرت أغانيها أكثر منها! وشكّلت ثنائيا فنّيا مع زوجها الموسيقار على إسماعيل، فقدما الكثير من الأعمال الرائعة. كانت تلك واحدة من أروع استهلالات الموسيقار على إسماعيل المشهودة، أتحفنا فيها بنقرات «قانون» تعكس رقرقة الماء، ألحقها بشجن «ناى» جريح، وتوترات «كمان» توحى بتتابع أمواج النيل. ومن هذا الجمال تنسلّ فريدة فهمى من باب كبير، ضمن ديكور قاعة حكم ملكى بقصر مصرى قديم، تتناغم حركاتها مع كل ما حولها. وينفتح المشهد على الملك على كرسى العرش، أمين هنيدى، ويهدل «الثلاثى المرح» بصوتهن العذب ويتهادين برشاقة كأنهن «بنات بحرى» فى لوحة «محمود سعيد» الشهيرة: الوادى كله شجر ونخيل ونسيم بيهمس بينهم همس بيشربوا شهد من النيل ويستحموا بنور الشمس كأن نبيلة قنديل نَسَّلَتْ معانيها من ثوب كتّانيِّ مصريّ قديم، نسجه أجدادنا على نول الدأب والإبداع فى بواكير الحضارة الإنسانية: الجنّة ف أرضنا والحِنَّة ف رملنا حلاوة شمسنا وخفّة ضلنا الجو عندنا ربيع طول السنااا قمر بلدنا اللى مفيش زيّه مفيش زيّه ولافيش جماله ف كل الدنيا كل الدنيا يفرش بساط فضّة من ضيّه ويبدر الألماظ ع الميّه وقفت المبدعة المرهفة ندّا نسائيا وحيدا ومساويا لشعراء الخمسينيات والستينيات، وانشغلت مثلهم بالهمّ العام، موقنة بدور الفن كأداة تقدم ومقاومة. فكانت أول شاعرة غنائية بالنصف الأول من القرن العشرين، راوحت موهبتها الراسخة بين أغانى رمضان والرومانسية والوطنية التى تهزّ الوجدان، وتقشعر لها الأبدان: رايحين.. رايحين شايلين فى ايدنا السلاح راجعين راجعين رافعين رايات النصر سالمين سالمين حالفين بعهد الله نادرين نادرين واهبين حياتنا لمصر اللافت أن أغنية «رايات النصر» هذه كتبت خصيصا لفيلم «العصفور» عام 1972. وبعد انتصار أكتوبر 1973، أهداها المخرج يوسف شاهين إلى «الإذاعة»، لتنتشر حينها انتشارا واسعا، وتلهب حماس المصريين، وتؤجج فرحهم الكبير بالنصر العظيم. ورغم تعلّق الناس بأغانيها إلى الآن، لم يتوقفوا يوما أمام هذه المؤلفة الموهوبة، وعالمها الإبداعي!!. نعم، ما يزال إلى الآن صوت «الثلاثى المرح» يترنم بأغنيات «رمضان» ويملأ الدنيا فرحا بقدوم شهر الصيام: «أهوُ جِه يا ولاد»، و»سِبحة رمضان»، و»افرحوا يا بنات». وهى من ألحان زوجها الموسيقار على إسماعيل. وكانت تحب شهر رمضان، وتنتظر قدومه بشغف، ومع استطلاع الهلال كانت تنادى ابنتها وبنات عمّها: «افرحوا يا بنات»، وحوّلت جملتها تلك إلى أغنية رمضانية تعبّر عن طفولتها وولعها بطقوس شهر الصيام. قدمت كلمات «أهو جه يا ولاد» للإذاعة عام 1959، وكانت لجنة النصوص مكوّنة من الشاعر أحمد رامى، أمين اللجنة، وعضوية الشعراء محمود حسن إسماعيل، وصالح جودت، وصلاح عبدالصبور، وطاهر أبو فاشا، وعبد الفتاح مصطفى، وعزيز أباظة. أقرّت اللجنة أغنيتها، وأسندت تلحينها إلى الموسيقار على اسماعيل مقابل 20 جنيها، ولحّنها فى ساعتين!! «الثلاثى المرح» تغنى بـ «حلاوة شمسنا» وغيرها وقدّم هو فرقة «الثلاثى المرح»، وهن الصديقات الثلاث: سهام توفيق، وصفاء لطفى، وسناء البارونى، اللاتى درسن بـ«معهد الموسيقى العربية»، وكانت انطلاقتهن الأولى فى الإذاعة، واختارهن الملحن الكبير لاقتناعه بأنها أغنية جماعية، ليستغرق تسجيلها ساعتين بتكلفة 200 جنيه فقط: أهو جه يا ولاد.. هيّصُوا يا ولاد أهو جه يا ولاد.. زقطّطُوا يا ولاد فى كل عام ويّانا معاد وعمره مابيخلفش معاد وغنّى لها أيضا المطرب محمد فوزي: «هاتوا الفوانيس يا ولاد»، وأغنية عذبة أخرى شدا بها فوزي: يا طالع الشجرة.. يا شعب يا مجاهد.. المجد بين أياديك لك كل يوم نصرة.. والنصر لك شاهد.. ع اللى اتبنى بايديك وكانت «الشاعرة الكبيرة المنسية» قد استهلت حياتها الفنّيّة بتأليف وغناء «المنولوجات» فى عز ازدهار إسماعيل يس، وثريا حلمى، وغيرهما. وخوفا من أهلها انتحلت اسم «سعاد وجدى»، وقدمت كثيرا من «المنولوجات» الجميلة مثل: «على روحك»، و»خير البر عاجله»، و»زوغان»، و»قلبى طبّ»، و»من أين لك هذا»، وغيرهم. وكتبت، لاحقا، كثيرا من الأغانى لمطربين كبار، مثل «رايحة فين يا عروسة» لشادية، و»أبو عيالى» لفايزة أحمد، بجانب أيقونة فيلم «الأرض» الشهيرة: الأرض لو عطشانة.. نرويها بدمانا عهد وعلينا أمانة.. تفضل بالخير مليانة. ولها تعاون وحيد هى وزوجها على اسماعيل مع الفنانة سعاد حسنى فى أغنية «تمام يا دفعة». وهى أغنية غير معروفة ولم تُذع للجمهور، ومسجلة بصوت السندريلا فى بروفة، وموجودة على موقع على إسماعيل، والتعليق تحتها يوضح أنها قدمت فى حفل تخرج دفعة الكلية الحربية فى سبتمبر 1973. ويبدو أيضا أن السندريلا غنّتها للجنود على الجبهة قبل حرب أكتوبر مباشرة. وتتبادل كلماتها سعاد حسنى مع الكورس: سعاد: تمام يا دفعة الكورس: كله تمام سعاد: كله تمام الكورس: آخر نظام سعاد: انتباه يا جنود.. تعظيم سلام.. لليمين والشمال.. من الخلف دور للأمام.. بالخطوة السريعة للعلا كتفا سلاح الكورس: تمام يا دفعة سعاد: تمام يا دفعة.. بالفرحة الكبيرة مبروك عليك الوسام عنوان البطولة على صدر الجندى الهمام وأثناء حرب أكتوبر تأثرت نبيلة قنديل بحزن صديقتها الفنانة شريفة فاضل فى عزاء ابنها الشهيد، فاختلت بنفسها فى ركن، وكتبت أغنيتها المعروفة «أم البطل» التى مسّت قلب أم الشهيد، وناحت بها من فورها، تحية لروح ابنها وسائر شهداء الوطن: ابنى حبيبى يا نور عيني بيضربوا بيك المثل كل الحبايب بتهنيني طبعا ما أنا أم البطل من يُنصت جيدا لأغانى نبيلة قنديل يدرك موهبتها الفريدة، وينتبه لمواقيت أغانيها الوطنية الدقيقة، ويندهش لبساطة قصائدها وعمقها، وفرادة مفرداتها، وسهولة معانيها على المستمعين. الشاعرة نبيلة قنديل بصحبة رفيق دربها الموسيقار على إسماعيل وكانت قد تزوجت الموسيقار على إسماعيل عن قصة حب كبيرة، تحدّت فيها أهلها، ليعيشا حياة سعيدة أنجبا خلالها أبناءهم الثلاثة شجون ومصطفى وحسين. وقيل أنها اكتأبت مع مفاوضات السلام وكامب ديفيد عام 1979، وتوقفت تماما عن الكتابة إلى أن توفيت فى 14 يناير 1988.