أحدث الأخبار مع #«القاهرة»


العرب اليوم
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- العرب اليوم
نشاط سينمائي عربي على «الريفييرا»
مساء غد يبدأ ماراثون مهرجان «كان»، وسط مئات من الأفلام وآلاف من البشر، وجنون الملايين الذين يتابعون الفعاليات عبر «الميديا»، هناك أيضاً الأكثر جنوناً وجنوحاً الذين يقفون بالساعات أمام الفنادق الرئيسية بالقرب من شاطئ «الريفييرا»، التي عادة ما يقيم فيها كبار النجوم، في انتظار أن ينالهم من هذا النجم نظرة، حيث إنه في العادة تبوء أغلب تلك المحاولات بالفشل، وفي اليوم التالي يعاود الجمهور الترقب والانتظار، كما ستلمح أيضاً على ظلال «الكادر» عدداً من اللصوص الذين يؤجرون غرفاً في تلك الفنادق من أجل محاولة سرقة النجوم، إلا أن عين الشرطة الساهرة كثيراً ما تحبط هذه المحاولات. فرنسا هي أم السينما في العالم، حيث انطلقت الشرارة الأولى من باريس، وتحديداً في 28 ديسمبر (كانون الأول) 1895، عن طريق الأخوين أوجست ولويس «لوميير»، كما أن القاعة الرئيسية في المهرجان، تخليداً لهما، تحمل اسم «لوميير». تفاصيل عديدة في «كان» تمنحه هذا التفرد، خاصة في عالمنا العربي؛ إذ إن العديد من المهرجانات الكبرى تحرص على إعلان انطلاق فعاليتها أثناء انعقاده، هكذا تجد مهرجانات «القاهرة» و«قرطاج» و«البحر الأحمر» و«الجونة» و«وهران» وغيرها، تعقد هناك المؤتمرات الصحافية الأولى، ومن المنتظر أن ينضم إلى القائمة «الدوحة»، الذي يستعد هذا العام لانطلاق مهرجان دولي ضخم تقيمه مؤسسة الدوحة للأفلام، وقبل سنوات قليلة كان مهرجانا «دبي» و«أبوظبي» يحرصان على أن يعلنا أيضاً الانطلاق من على الشاطئ نفسه. أتذكر أنه منذ نهاية الثمانينات، وحتى مطلع الألفية الثالثة، كان أغلب النجوم يحرصون على الوجود في توقيت المهرجان، بعضهم بالفعل يشاهد الأفلام بشغف، بينما الآخرون يعتبرون تلك الرحلة نوعاً من تأكيد النجومية. مثلاً تلك الراقصة، التي كانت عادة تصطحب معها من القاهرة فريقاً من المصورين وترتدي ملابس فرعونية تتشابه مع كليوباترا، ثم تعود للقاهرة محملة بتلك التسجيلات، وهي على السجادة الحمراء في طريقها للقاعة، لا أتصورها أكملت مشاهدة أي فيلم، ولكن فقط ظل لديها وثيقة بالصوت والصورة تؤكد أنها كانت هناك. مع الزمن عندما صار شهر رمضان يقترب توقيته من موعد «كان»، تضاءل حضور النجوم؛ لأنهم عادة مشغولون بتصوير مسلسلات وبرامج، وعندما صار «كان» يأتي بعد رمضان بعدة أشهر، كانوا قد تعودوا على الغياب. هذا العام أشعر بأن عدداً كبيراً من النجوم والنجمات بدأوا في معاودة الذهاب إلى هذا الوهج، خاصة أن الأجنحة العربية كثيراً ما تقيم ندوات تتناول المعوقات التي تواجه السينما العربية وكيف نتغلب عليها، خاصة ما يتعلق بالتمويل الأجنبي الذي صار مع الزمن هو المعضلة الكبرى التي تواجه المخرجين، إذ إنه لو رفض التمويل ربما لن يتمكن المخرجون من استكمال المشروع، ولو تمت الموافقة عليه، هناك المتربصون الذين في العادة ما يوجهون نيران الاتهامات إلى هذا النوع من الإنتاج... يوسف شاهين أكثر مخرج عربي تعرض للنيل من مصريته وعروبته، بل طالب البعض بسحب جواز السفر الذي يحمله بمجرد عودته لأرض الوطن، حدث ذلك أكثر من مرة، ومن أشهرها فيلمه «القاهرة منورة بأهلها»، الذي عرض في قسم «أسبوعي المخرجين» عام 1991، مع الزمن صرنا نشاهد هذا الفيلم وغيره على المنصات من دون أي حساسية. الأجنحة المنتشرة على شاطئ المهرجان ستشهد في الساعات القادمة حركة ونشاطاً ومؤتمرات ومناقشات، وسوف تسفر عن مشروعات سينمائية قادمة.


زهرة الخليج
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- زهرة الخليج
مهرجانات: «القاهرة» و«الجونة» و«عمان» تُكثِف استعداداتها لدوراتها السينمائية لعام 2025
#منوعات تحضيراً لدوراتها السينمائية الجديدة لعام 2025، بدأت مهرجانات: «عمان»، و«الجونة»، و«القاهرة» السينمائية، الإعلان عن جوانب من برامجها الفعلية، التي تقدمها لجمهورها هذا العام، في إطار رؤيتها المتجددة للارتقاء بصناعة السينما. فقد أعلن «مهرجان عمان السينمائي - أول فيلم»، في دورته السادسة، عن إطلاق برنامجه الجديد The Spark Series» (TSS)»، تحت مظلة «أيام عمّان لصنّاع الأفلام»، وتُعدّ هذه المبادرة الأولى من نوعها في العالم العربي، حيث تسلط الضوء على مسلسلات «الويب»، كأداة سرد قوية وقصيرة ومتواضعة الكلفة، وقادرة على الوصول والتأثير. وعلى مدار يومين، خلال أيام «المهرجان»، الذي سينطلق منتصف شهر يوليو المقبل، ستُعرض المسلسلات المختارة أمام جمهور من صانعي الأفلام، والموزعين، والمنتجين، والمهنيين في القطاع، ما يتيح للمبدعين فرصة فريدة للظهور والتواصل، وتطوير مشاريعهم. بالإضافة إلى مناقشة كيفية إنتاج وتطوير مسلسلات «ويب»، ذات جودة عالية مع خبراء عالميين. مهرجانات: «القاهرة» و«الجونة» و«عمان» تُكثِف استعداداتها لدوراتها السينمائية لعام 2025 وتشرف على تنسيق البرنامج مديرة التصوير موريل أبو الروس، وهي من الرائدات في هذا المجال بالمنطقة، وحائزة جوائز عدّة. وتملك أبو الروس خبرة تتجاوز الـ25 عاماً، واشتهرت بأعمالها في مسلسلات «الويب»، مثل: «شَنكبوت» الحائز جائزة «إيمي»، و«زيارة»، وكذلك في فيلمَيْ: «رصاصة طائشة»، و«مرسيدس». وعلّقت أبو الروس على هذه المبادرة، بالقول: «مسلسلات (الويب) ليست مجرد بنية مغايرة، بل هي شرارة. إنها تكشف موهبتك ولغتك السينمائية ومسارك كفنان/ فنانة، وستُعلَن الأعمال المختارة للمشاركة، بداية شهر يونيو المقبل». بدَوْره، فتح «مهرجان الجونة السينمائي»، في دورته الثامنة، التي ستقام بين 17، و23 أكتوبر المقبل، باب التسجيل من «سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام»، محدداً تاريخ 1 أغسطس، موعداً نهائياً للتقدم بالمشاريع. وتتألف لجنة تحكيم «سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام» من المخرج والمنتج السوداني أمجد أبو العلاء، وخبيرة الصناعة ومؤسسة «لوكارنو برو» السويسرية ناديا دريستي، والمدير الفني لأيام قرطاج السينمائية لمياء قيقة. مهرجانات: «القاهرة» و«الجونة» و«عمان» تُكثِف استعداداتها لدوراتها السينمائية لعام 2025 وصرح المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لمهرجان الجونة السينمائي، عمرو منسي: «منذ تأسيسه، وضع مهرجان الجونة دعم صناعة السينما العربية هدفاً رئيسياً. واستمرار نجاح الأفلام، التي شاركت في (الجونة) كمشروعات، ثم وصلت لأكبر منصات العالم، دليل بارز على التزام المهرجان المستمر بدعم أفضل الأفلام العربية». كما أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، الذي ستقام دورته الخامسة والأربعون، بين 12، و21 نوفمبر المقبل، في دار الأوبرا المصرية، عن عودته إلى سوق مهرجان كان السينمائي، من خلال جناح مشترك، بالتعاون مع مهرجان الجونة السينمائي، ولجنة مصر للأفلام (EFC). وسيقام الجناح المصري المشترك، خلال الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي، بهدف تحقيق أهداف رئيسية عدة، من بينها: تعزيز التعاون بين المهرجانات السينمائية المصرية والعربية، ودعم صناع السينما، من خلال بحث إمكانيات الإنتاج المشترك، وإبراز مصر كموقع تصوير سينمائي متميز، من خلال تسليط الضوء على الفرص المتاحة للتصوير في مصر، التي نجحت «لجنة مصر للأفلام» في استقطاب أكثر من 60 عملاً عالمياً. ودعم المواهب المصرية الشابة، من خلال تنظيم حلقات نقاشية، وحفلات استقبال تهدف إلى فتح سبل جديدة، للتعاون مع صناع السينما العالمية. مهرجانات: «القاهرة» و«الجونة» و«عمان» تُكثِف استعداداتها لدوراتها السينمائية لعام 2025 وصرّح الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، قائلاً: «سعداء بعودة مصر، بشكل مشرف، إلى سوق مهرجان كان، من خلال جناح مصري، يجمع أكبر مهرجانين سينمائيين في البلاد، بالإضافة إلى (لجنة مصر للأفلام). ونسعى من خلال هذا الجناح إلى تسليط الضوء على السينما المصرية، سواء الأعمال الجديدة أو الكلاسيكية، بما يقدم صورة مشرفة لمصر بعد غياب طويل».


الشرق الأوسط
١١-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشرق الأوسط
تعاون ثلاثي يعيد السينما المصرية لـ«سوق كان»
عبر تعاون ثلاثي مشترك تعود السينما المصرية للتواجد في سوق مهرجان «كان السينمائي الدولي» خلال دورته الـ78 المقرر إقامتها خلال الفترة من 13 إلى 24 مايو (أيار) المقبل، بعد سنوات من غياب «القاهرة السينمائي» عن المشاركة في السوق. ويتشارك مهرجاني «القاهرة» و«الجونة» في الحضور بالجناح مع «لجنة مصر للأفلام» المعنية بالترويج لمصر مع صناع السينما، وتصدر موافقات واستخراج تصاريح التصوير الخارجي للأفلام الأجنبية من خلال «الشباك الواحد»، ونجحت في الفترة الماضية باستقطاب تصوير أكثر من 60 عملاً. ويهدف الجناح بحسب بيان مشترك، الجمعة، إلى تحقيق أهداف رئيسية عدة، منها تعزيز التعاون بين المهرجانات السينمائية المصرية والعربية، ودعم صناع السينما من خلال بحث إمكانيات الإنتاج المشترك، وإبراز مصر كموقع تصوير سينمائي متميز، عبر تسليط الضوء على الفرص المتاحة للتصوير في مصر. وأكد الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، أن الجناح يستهدف تسليط الضوء على السينما المصرية، سواء الأعمال الجديدة أو الكلاسيكية، ما يقدم صورة إيجابية لمصر بعد غياب طويل. وقال المدير الفني لمهرجان القاهرة، محمد طارق إن العودة لسوق «كان» عبر الشراكة الثلاثية تأتي في إطار الأدوار التكاملية لدعم صناعة السينما المصرية. سواء من خلال التعريف بالمهرجانين واللجنة، أو من خلال الحوار مع المهرجانات السينمائية العربية الأخرى حول مستقبل السينما العربية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على مصر كموقع جذاب للتصوير. وسيشهد الجناح المصري تنظيم مجموعة من الفعاليات، بما في ذلك حلقات نقاشية لمناقشة مستقبل صناعة السينما المصرية والعربية، والتحديات التي تواجهها، وحفلات استقبال تهدف إلى تعزيز التعاون بين صناع السينما المصرية والعالمية. سوق الفيلم بمهرجان كانت ملتقى لصناع الأفلام (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي) وأكدت إدارة مهرجان «الجونة السينمائي» على الاستعداد لإقامة فعاليات عدة في الجناح من بينها «حلقات نقاشية» تضم خبراء الصناعة، بالإضافة إلى مناقشات حول أحدث الاتجاهات السينمائية والفرص الإنتاجية مع إتاحة فرص «غير رسمية» للتواصل بين صناع الأفلام والمنتجين والموزعين ومحترفي الصناعة. وكان مهرجان «القاهرة السينمائي» يقيم جناحاً مستقلاً في سوق المهرجان الفرنسي السينمائي الأبرز، لكنه توقف عن إقامة الجناح منذ سنوات عدة لأسباب مالية مع تراجع ميزانية المهرجان، بينما يقيم مهرجان «الجونة» فعالية سنوية على هامش «كان». وسوق مهرجان «كان» تم تأسيسه عام 1959، ويعد أكبر سوق سينمائية في العالم وإحدى أهم الفعاليات المرتبطة بالمهرجان، وهو بمنزلة نقطة التقاء لأهم صنّاع السينما من جميع أنحاء العالم. ويأتي الإعلان عن العودة المصرية للسوق تنفيذاً لوعد كرره رئيس «القاهرة السينمائي» الفنان حسين فهمي مرات عدة بعد عودته لرئاسة المهرجان، مؤكداً أهمية التواجد المصري في السوق من أجل دعم صناعة السينما.


عكاظ
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- عكاظ
أحمد الجميري.. حنجرة ذهبية وصوت فخم ونغم أصيل
الجميري يتوسط زميليه محمد علي عبدالله ود. مبارك نجم. الجميري يصافح ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة. الجميري طفلاً أمام منزل والديه بالمحرق. أحمد يوسف الجميري بين زمنين. الجميري مع رفيق دربه وكاتب كلمات أجمل أغانيه الشيخ عيسى بن راشد. الجميري مُكرماً في الجنادرية من قبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله. كما في مختلف المجالات، شهدت البحرين خلال العقود الماضية منذ ثلاثينات القرن العشرين تطورات متلاحقة في مجال الغناء والطرب قادها أبناؤها ممن تولعوا بالموسيقى وامتلكوا مواهب الأداء والتلحين والتأليف الغنائي. وقد ساعد في ذلك عوامل عديدة؛ منها أولاً موقع البحرين الجغرافي المتوسط في بحر الخليج، وحضارتها العريقة، وهما عاملان ساهما في تأثرها وتفاعلها مع فنون المناطق والحضارات المجاورة، ومنها ثانياً استقرار أوضاع البلاد في ظل الحكم الخليفي، وما شهدته من انفتاح وتحرر ونمو مبكر قبل غيرها من أقاليم الخليج وشبه الجزيرة العربية، ومنها ثالثاً طبيعة البحرين الجغرافية متمثلة في السواحل والشواطئ وبساتين النخيل والبراري، الأمر الذي سمح بظهور ألوان متنوعة من الغناء، مثل أغاني الغوص وأغاني العرضة وأغاني الفلاحة، ومنها رابعاً افتتاح الإذاعة، وانتشار دور الطرب الشعبية، وتأسيس الفرق الموسيقية، وظهور ستوديوهات تسجيل الأسطوانات. وهكذا، فعلى هامش هذه العوامل مجتمعة بدأت الأصوات الغنائية تظهر جيلاً بعد جيل دون حساسية اجتماعية أو محرمات دينية، في الوقت الذي كانت مثيلاتها تقمع في الأقاليم الأخرى بدعوى مخالفتها العادات والتقاليد والأعراف. وإذا كان محمد بن فارس آل خليفة وتلميذاه النجيبان ضاحي بن وليد ومحمد زويد هم المؤسسون الأوائل لفن الصوت البحريني بشكله المتميز، وأوائل من فتحوا الباب للغناء والطرب والموسيقى، فإن من جاؤوا بعدهم استطاعوا أن يطوروا الموسيقى البحرينية ويضيفوا إليها ألواناً وأبعاداً جديدة، شكلاً وأسلوباً ونغماً، بفعل ثقافتهم واحتكاكهم بالخارج وتأثرهم بموسيقى الآخر. وقد تجلى ذلك في ظهور أسماء بحرينية كثيرة، كان لكل واحد منهم ميزة خاصة واجتهاد مشهود وأثر خالد. فمن بعد عبدالله سالم بوشيخة ورائعته «شبعنا من عناهم وارتوينا»، وعلي خالد في رائعته «تسائلني»، ويوسف فوني في «يا سعدي أنا الليلة»، وعبدالواحد عبدالله في أغنيته «آه يا زماني»، برز جيل جديد من الفنانين البحرينيين الذين درسوا الموسيقى على أصولها في المعاهد المصرية، وكان أولهم حمد الدوخي الذي أحدث ضجيجاً برائعته الخالدة «وليفك غاب» وتلاه إبراهيم حبيب الذي فعل الشيء ذاته في باكورة أعماله وهي «دار الهوى دار»، ثم محمد علي عبدالله بأغنيته الرائعة «كم سنة وشهور». على أنه لا يمكن -ونحن نتحدث عن الغناء والموسيقي في البحرين- أن نتجاوز العملاق أحمد الجميري صاحب الحنجرة الذهبية والنغمة الشجية والصوت الفخم والذائقة الموسيقية الرفيعة الذي يستحق فعلاً لقب «عميد الأغنية الخليجية» الذي أطلقته عليه جريدة «البلاد» البحرينية سنة 2024. وُلد أحمد يوسف سعد الجميري في عام 1947 في جزيرة المحرق الشماء، ونشأ وترعرع في بيت جدّه سعد عمران الجميري بفريج العمامرة، حيث كان يلعب مع الصغار في سكيك الفريج مختلف الألعاب الشعبية، ويتشيطن ويشاغب أحياناً. وكان من نتائج ميلاده ونشأته في المحرق أن تأثر مبكراً بسماع أغاني محمد بن فارس ومحمد زويد ومجايليهما. ومن حسن حظه أنه وُلد لأب متعلم ومتذوق للشعر كان يعمل وقتذاك لدى شركة نفط البحرين (بابكو)، فكانت لديه مكتبة وجهاز راديو، وهو ما أتاح للجميري منذ صغره القراءة والاستماع لبرامج إذاعتَي «القاهرة» و«صوت العرب» الموسيقية والأدبية، والتأثر بأغاني عمالقة ونجوم الطرب والغناء في مصر، فضلاً عن تأثره بالخطاب القومي العروبي السائد آنذاك. ومن ناحية أخرى كان في بيتهما جهاز تلفزيون يبث باللونين الأبيض والأسود من محطة أرامكو بالظهران، وهذا بدوره أتاح للجميري فرصة التعرف على مظاهر الحياة خارج البحرين من خلال مشاهدة الأفلام المصرية، والتعلق بصوت وأداء نجمه المفضل عبدالحليم حافظ. يقول الجميري في حوار موسع أُجري معه أن والده حينما علم بحبه لقراءة كتب الشعر، كان يبقيه إلى جانبه أيام الجُمَع ويرشده إلى أمهات القصائد لأبي نواس والمتنبي وأحمد شوقي ويفسرها له، وهو ما ساهم في نمو ذائقته الشعرية وقتذاك، وصواب اختياره لكلمات أغانيه في ما بعد. وهكذا، نراه في مرحلة دراسته المتوسطة بمدرسة الهداية الخليفية يدندن ببعض الأغاني لزملائه الطلبة الذين استحسنوا صوته، فأخبروا مدرس الرسم «خميس الشروقي» بذلك، فما كان من هذا المدرس الذي كان هاوياً للموسيقى وعازفاً للكمان، إلا أن أخذه من يده إلى الفنان عتيق سعيد، الذي كان يقدم من إذاعة البحرين برنامجاً أسبوعياً للأطفال بعنوان «ركن الأشبال» يُجرى فيه اكتشاف المواهب الصغيرة. قدم الجميري، وكان وقتها قد بلغ الثالثة عشرة من عمره، أغنية «مغرور» لعبدالحليم حافظ، فأرسل المستمعون رسائل الإشادة بصوته وأدائه إلى الإذاعة طالبين منها إشراكه في حلقات أخرى. وبالفعل ظهر الجميري في حلقة أخرى، تصادف تسجيلها مع زيارة الفنان المصري محرم فؤاد للبحرين لأول مرة، حيث نشأ تعارف بينهما، بل قام الجميري بغناء أغنية كان محرم فؤاد قد أعدها وسجلها بصوته خصيصاً لإذاعة البحرين أغنية (يا نسمة الخليج). ولما سمعها المطرب المصري بصوت الجميري أثنى عليه وشجعه على المواصلة. منذ تلك اللحظة تحمّس الجميري وراح يحتك بمواطنيه الفنانين والموسيقيين، خصوصاً أحمد الفردان وعيسى جاسم اللذين كانا وقتذاك (عام 1964) قد انفصلا عن «فرقة أسرة هواة الفن» (تأسست عام 1956)، وكوّنا فرقتهما الخاصة تحت اسم «فرقة الأنوار» التي انضم لها الجميري وعازف الكمان محمد جمال وعبدالعزيز الشروقي وخميس الشروقي. انتبه أصدقاؤه من أعضاء الفرقة إلى جمال صوته وشغفه بالموسيقى فمنحوه جرعة دعم إضافية تجلت في بحثهم عن كلمات وألحان كي يؤديها الجميري كأغنية خاصة به لأول مرة. وأثمر البحث عن أغنية «أسمر ولقاني» من كلمات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة وألحان الثنائي أحمد الفردان وعيسى جاسم، التي غناها الجميري من إذاعة البحرين وقام أحمد الفردان - كبادرة دعم إضافية- بتسجيلها على أسطوانة لحسابه الخاص في عام 1964. بعد ذلك تشجع الجميري، وقرر أن تكون أغنيته التالية من ألحانه، فسجل في إذاعة البحرين من ألحانه وكلمات عتيق سعيد أغنية «أضحك على قلب شقى»، وتلتها أغنية «يا مرحبتين كبار» من ألحانه وكلمات حسن كمال، التي سجلها في الكويت عام 1969. كل هذه الأحداث المتلاحقة في حياة الجميري وقعت وهو طالب في المرحلة الثانوية التي كان الجميري يستغل عطلتها الصيفية الممتدة إلى ثلاثة أشهر في العمل -كمعظم مجايليه- من أجل اكتساب بعض النقود الإضافية لمواجهة مصروفاته الشخصية. فقد عمل مثلاً في إحدى العطلات بجمارك البحرين الواقعة آنذاك في الموقع الحالي لمرفأ البحرين المالي، حيث كان يزامله في العمل أحد أقاربه من ناحية والدته واسمه ابراهيم المنصوري. وفي إحدى المرات فوجئ الجميري بأن قريبه هذا يدرس الموسيقى بالنوتة لدى أحد المدربين، فلازمه وأخذ يتعلم منه التنويت ليطبقه لاحقاً في البيت على آلتَي العود والأوكورديون وهو يغني أغاني عبدالحليم حافظ. وتمر الأيام وينهي الجميري دراسته الثانوية، فيأخذه والده إلى شركة النفط على أمل الحصوله له منها على بعثة إلى بريطانيا لدراسة هندسة البترول، فتُجرى له الامتحانات اللازمة وينجح فيها، وتُطلب منه إعادة دراسة بعض المواد العلمية في المنهج الثانوي بالإنجليزية لمدة ستة أشهر بقصد إعداده إعداداً جيداً لمواصلة تعليمه الجامعي بنجاح في المملكة المتحدة. في هذه الأثناء كان شغفه بالفن والموسيقى يلحّ عليه بالاتجاه وجهة أخرى، أي صقل مواهبه الفنية بدراسة الموسيقى أكاديمياً، فكان بين نارين، لكنه في نهاية الأمر، قرر أن يفاتح والده بعدم رغبته في دراسة هندسة البترول، وتفضيله السفر إلى مصر لدراسة الموسيقى. وعلى الرغم من رفض والده وقيامه بمحاولات حثيثة لثنيه عمّا عزم عليه، إلا أن محاولاته باءت بالفشل فاستسلم. وقتها لم يكن في مقدوره أو مقدور والده تدبير نفقات سفره ودراسته في مصر، فلجأ صاحبنا إلى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، الذي كان قد رآه يغني في أحد الاحتفالات الوطنية، فتكرم سموه بمنحه ابتعاثاً إلى مصر على نفقة الديوان الأميري بعد أن عرف قصته وتعرف على طموحه وجديّته. بعد انتهاء حرب حزيران 67، سافر عازف الكمان أحمد جمال إلى القاهرة للحصول على قبول بالمعهد العالي للموسيقى، فحصل على القبول له ولصديقه الجميري. وهكذا ركب الجميري الطائرة لأول مرة في 10 أكتوبر 1967 إلى مصر ليبدأ مشوار الدراسة الأكاديمية التي استغرقت عشر سنوات بدلاً من سبع، حيث كان قد تخصص في التأليف الموسيقى، ثم استبدله بتخصص الآلات، لأن غياباته المتكررة طوال السنة الدراسية في الكويت من أجل إحياء الحفلات وتسجيل أغانيه هناك بمقابل مادي يساعده على الوفاء بتكاليف المعيشة في مصر، كانت سبباً في حرمانه من دخول الامتحانات السنوية ثلاث مرات. في عام 1977 أنهى الجميري دراسته في مصر وعاد إلى البحرين، حاملاً معه أفكاراً وأحلاماً كثيرة حول تأسيس فرقة موسيقية بحرينية كبيرة، وتدريس الموهوبين وابتعاثهم، وتوثيق التراث الموسيقي، وغيرها، إلا أن تلك الأحلام لم يتحقق منها سوى تأسيس «فرقة البحرين الموسيقية» التي اقترحها وزير الإعلام الأسبق محمد المطوع، وظهرت بجهود الجميري وجهود صديقه وكيل وزارة الإعلام للثقافة والتراث الأسبق الدكتور عبدالله عبدالرحمن يتيم، وبتمويل من القطاعين العام والخاص. يقول الجميري عن تجربته في مصر، إنه استفاد كثيراً من دراسته التي علمته تحليل الموسيقى وشروط المقامات، كما استفاد من إقامته هناك في قراءة أمهات الكتب الشعرية، والتعرف على أساطين الموسيقى المصرية مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش ورياض السنباطي وبليغ حمدي وعازف الكمان الأشهر أحمد الحفناوي وأستاذيه عبدالحليم نويرة ويوسف السيسي، والاستمتاع بمباهج مصر الكثيرة والمتنوعة، إلى درجة أنه تزوج منها. التجربة الكويتية أما عن تجربته في الكويت فأخبرنا أنه راح يتردد عليها بدءاً من أواخر الستينات لتسجيل أغانيه مجاناً والحصول من ورائها على مقابل مادي مع الأشرطة لإهدائها إلى إذاعة البحرين، خصوصاً أن ذلك ساهم كثيراً في انتشار اسمه وزيادة رصيده الغنائي، حيث سجل هناك أغنية «خضر نشلج» من كلمات عبدالرحمن رفيع في عام 1969، لكنها لم تشتهر إلا بعد أن أداها عام 1974 على المسرح خلال حفل بمناسبة دورة كأس الخليج العربي الثالثة لكرة القدم، نقله تلفزيون الكويت بالألوان لأول مرة، وفي عام 1970 سجل هناك واحدة من أجمل وأرق أغانيه وهي أغنية «يا الزينة ذكريني»، من كلمات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، وهذه لم تشتهر أيضاً إلا بعد أن غناها لاحقاً في حفلات رابطتَي طلبة البحرين في الكويت والقاهرة. بعد الكويت راح يسجل أغانيه في القاهرة، خصوصاً بعد أن طلبت منه وزارة الإعلام البحرينية إعداد أغانٍ وطنية وتسجيلها هناك بمناسبة العيد الوطني وعيد الجلوس. ومذّاك راحت شركات الإنتاج في الكويت والبحرين والقاهرة تتسابق عليه كي تسجل له. في سنة 1986، وبمناسبة افتتاح جسر الملك فهد، نظم الدكتور غازي القصيبي قصيدة بعنوان «جسر المحبة»، فلحّنها وغنّاها الجميري بطريقة راعى فيها الروابط اللحنية التراثية التي تربط بين تراث المملكة العربية السعودية الموسيقي ومملكة البحرين من حيث فن الدانات الحجازي وفن الصوت البحريني وإيقاعات الدوسري السعودي والعرضة النجدية وغناء الغواصين ومواويلهم وفن العاشوري البحريني، فأبدع. من أغانيه الأخرى الجميلة، أغنية «تو النهار»، التي لحّنها وغنّاها خلال يومين من كلمات الأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل، الذي كتبها خصيصاً للجميري بعد أن تعرف عليه شخصياً إبان نزول سموه مع لاعبي فريق الأهلي الجداوي ضيوفاً على عميد الرياضة البحرينية الشيخ عيسى بن راشد رحمه الله، فأُعجب بها الأمير بعد سماعها، وحققت شهرة واسعة. وهناك أغنية «هلا باللي لفاني» الجميلة كلمة ولحناً، والتي حسبها الجميري من التراث فغناها، فإذا بها من كلمات البحريني مطر عبدالله، ما تسبب في خلافات ونزاعات تمت تسويتها. أما رائعته «شويخ من أرض مكناس» من كلمات الشاعر الأندلسي «أبو الحسن الششتري» وألحان خالد الشيخ، فتُعد العمل الذي أطلق اسمه في أرجاء الوطن العربي. بحوث عدة في فن الصوت للجميري بحوث عدة في فن الصوت، وله مشاركات كثيرة في مؤتمرات موسيقية في الكويت والإمارات ومصر، ومثّل بلاده في مؤتمرات المجمع العربي للموسيقى ومؤتمر الموسيقى العربية الذي يقام منذ عام 1992، وهو عضو في لجنة تحكيم مسابقة الأغنية التي يقيمها سنوياً اتحاد الإذاعات العربية. اشترك مع عد من الفنانين العرب في عام 1996 في أغنية «الحلم العربي» لصالح قضية فلسطين، كما شارك 26 مغنياً عربياً وأجنبياً في تأدية أغنية «بكرة» للموسيقار والمنتج العالمي «كوينسي جونز»، دعماً لنشر الثقافة والفنون والموسيقى في أوساط الأطفال العرب بمساعدة منظمة اليونيسكو، وأشرف على إعادة توزيع وتسجيل السلام الوطني لمملكة البحرين مع أوركسترا لندن الفلهارمونيك. وفي يوليو 2018 انضم إلى الفنانين العرب المشاركين في أداء الأوبريت الوطني «شمس الحضارات»، بمناسبة الذكرى الـ19 لعيد العرش المغربي، وفي فبراير 2020 استضافته إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية في أبوظبي لأداء مجموعة من الموشّحات الأندلسية في الأمسية التاسعة من برنامج شاعر المليون. شغل من 1986 إلى 1991 منصب رئيس مجلس إدارة جمعية البحرين للموسيقى والفنون الشعبية، وتولى ما بين 2000 و2002 وظيفة القائم بأعمال مدير إدارة الثقافة والفنون، وعُيّن منسقاً عاماً لمهرجان البحرين الغنائي حتى 2005، وعمل مستشاراً إعلامياً في وزارة الاعلام من 2003 إلى 2008. تم تكريمه في 1998 من قبل رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان بمنحه جائزة الدولة التقديرية للعمل الوطني، وفي 2002 منحه الملك حمد بن عيسى وسام الكفاءة من الدرجة الأولى في مهرجان الوفاء، وكرّمته الدكتورة رتيبة الحفني رئيسة المجمع العربي للموسيقى بمنحه درع المجمع عام 1999، كما جرى تكريمه في «مهرجان الجنادرية 2001»، وفي مهرجان الفنون الموسيقية بالكويت عام 2011. يقول الصحفي أحمد السماحي، نقلاً عن الموسيقار المصري القديم «كامل الخلعي» في كتابه «الموسيقي الشرقي» ما مفاد أن المغني المتمكن هو من كان صوته شجياً، وصورته مقبولة، وكلامه خالياً من عيوب النطق والتشدق، وقادراً على التحكم في طاقاته الصوتية، وهذا لعمري ينطبق على الجميري، الذي غنّى ولحّن فأجاد وشنّف الآذان وأدهش الجمهور على مدى ستة عقود. أخبار ذات صلة


البيان
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- البيان
أحمد الجميري.. حنجرة ذهبية وصوت فخم ونغم أصيل
كما في مختلف المجالات، شهدت البحرين منذ ثلاثينيات القرن العشرين تطورات متلاحقة في مجال الغناء والطرب، قادها أبناؤها ممن تولعوا بالموسيقى وامتلكوا مواهب الأداء والتلحين والتأليف الغنائي. وقد ساعد في ذلك عوامل عدة؛ منها أولاً موقع البحرين الجغرافي، وحضارتها العريقة، وهما عاملان أسهما في تأثرها وتفاعلها مع فنون المناطق والحضارات المجاورة، ومنها ثانياً استقرار أوضاع البلاد، ومنها ثالثاً ما شهدته من انفتاح ونمو مبكر، ومنها رابعاً طبيعة البحرين الجغرافية متمثلة في السواحل والشواطئ وبساتين النخيل والبراري، الأمر الذي سمح بظهور ألوان متنوعة من الغناء، كأغاني الغوص وأغاني العرضة وأغاني الفلاحة، ومنها خامساً افتتاح الإذاعة، وانتشار دور الطرب الشعبية، وتأسيس الفرق الموسيقية، وظهور استوديوهات تسجيل الأسطوانات. وهكذا، فعلى هامش هذه العوامل مجتمعة بدأت الأصوات الغنائية تظهر جيلاً بعد جيل. وإذا كان محمد بن فارس آل خليفة وتلميذاه ضاحي بن وليد ومحمد زويد، هم المؤسسون الأوائل لفن الصوت البحريني، وأوائل من فتحوا الباب للغناء والطرب والموسيقى، فإن من جاؤوا بعدهم استطاعوا أن يطوروا الموسيقى البحرينية ويضيفوا إليها ألواناً وأبعاداً جديدة، بفعل ثقافتهم واحتكاكهم وتأثرهم بموسيقى الآخر. وقد تجلى ذلك في ظهور أسماء بحرينية كثيرة، كان لكل واحد منهم ميزة خاصة واجتهاد مشهود وأثر خالد. فمن بعد عبدالله سالم بوشيخة ورائعته «شبعنا من عناهم وارتوينا»، وعلي خالد ورائعته «تسائلني»، ويوسف فوني في «يا سعدي أنا الليلة»، وعبدالواحد عبدالله في «آه يا زماني»، برز جيل جديد من الفنانين البحرينيين الذين درسوا الموسيقى على أصولها في المعاهد المصرية، وكان أولهم حمد الدوخي، الذي أحدث ضجيجاً بأغنيته الخالدة «وليفك غاب»، وتلاه إبراهيم حبيب، الذي فعل الشيء ذاته في باكورة أعماله «دار الهوى دار»، ثم محمد علي عبدالله بأغنيته الرائعة «كم سنة وشهور». على أنه لا يمكن، ونحن نتحدث عن الغناء والموسيقى في البحرين، أن نتجاوز العملاق أحمد الجميري، صاحب الحنجرية الذهبية والنغمة الشجية والصوت الفخم والذائقة الموسيقية الرفيعة، الذي يستحق فعلاً لقب «عميد الأغنية الخليجية»، الذي أطلقته عليه صحيفة «البلاد» البحرينية سنة 2024. ولد أحمد يوسف سعد الجميري سنة 1947 بجزيرة المحرق، ونشأ وترعرع في بيت جده سعد عمران الجميري. وكان من نتائج ميلاده ونشأته في المحرق أن تأثر مبكراً بسماع أغاني محمد بن فارس ومحمد زويد ومجايليهما. ومن حسن حظه أنه ولد لأب متعلم ومتذوق للشعر كان يعمل وقتذاك لدى شركة بابكو النفطية، فكان لديه مكتبة وجهاز راديو، وهو ما أتاح للجميري منذ صغره القراءة والاستماع لبرامج إذاعتي «القاهرة» و«صوت العرب»، والتأثر بأغاني عمالقة ونجوم الطرب والغناء المصريين. ومن ناحية أخرى كان في بيتهم جهاز تلفزيون يبث من الظهران باللونين الأبيض والأسود، وهذا بدوره أتاح للجميري فرصة التعرف إلى مظاهر الحياة خارج البحرين من خلال مشاهدة الأفلام المصرية، والتعلق بصوت وأداء نجمه المفضل عبدالحليم حافظ. يقول الجميري في حوار موسع أجري معه أن والده حينما علم بحبه لقراءة الكتب الشعرية، كان يبقيه إلى جانبه أيام الجمع ويرشده إلى أمهات القصائد لأبي نواس والمتنبي وأحمد شوقي ويفسرها له، ما أسهم في نمو ذائقته الشعرية وقتذاك، وصواب اختياره لكلمات أغانيه فيما بعد. وهكذا، نراه في مرحلة دراسته المتوسطة بمدرسة الهداية الخليفية يدندن ببعض الأغاني لزملائه الطلبة، الذين أخبروا مدرس الرسم «خميس الشروقي» بذلك، فما كان من الأخير، إلا أن أخذه من يده إلى الفنان عتيق سعيد، الذي كان يقدم من إذاعة البحرين برنامجاً أسبوعياً للأطفال بعنوان «ركن الأشبال» يُجرى فيه اكتشاف المواهب الصغيرة. قدم الجميري، وكان وقتها قد بلغ الثالثة عشرة من عمره، أغنية «مغرور» لعبدالحليم حافظ، فأرسل المستمعون رسائل الإشادة بصوته وأدائه إلى الإذاعة طالبين منها إشراكه في حلقات أخرى. وبالفعل ظهر الجميري في حلقة أخرى، تصادف تسجيلها مع زيارة الفنان المصري محرم فؤاد للبحرين لأول مرة، حيث نشأ تعارف بينهما، بل قام الجميري بغناء أغنية كان محرم فؤاد قد أعدها وسجلها بصوته خصيصاً لإذاعة البحرين أغنية (يا نسمة الخليج). ولما سمعها المطرب المصري بصوت الجميري أثنى عليه وشجعه على المواصلة. منذ تلك اللحظة تحمس الجميري وراح يحتك بمواطنيه الفنانين والموسيقيين، خصوصاً أحمد الفردان وعيسى جاسم، حيث كانا وقتذاك (عام 1964) قد انفصلا عن «فرقة أسرة هواة الفن»، (تأسست عام 1956)، وكونا فرقتهما الخاصة تحت اسم «فرقة الأنوار»، التي انضم لها الجميري وعازف الكمان محمد جمال وعبدالعزيز الشروقي وخميس الشروقي. انتبه أصدقاؤه من أعضاء الفرقة إلى جمال صوته وشغفه بالموسيقى فمنحوه جرعة دعم تجلت في بحثهم عن كلمات وألحان كي يؤديها الجميري كأغنية خاصة به لأول مرة. وأثمر البحث عن أغنية «أسمر ولقاني» من كلمات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة وألحان أحمد الفردان وعيسى جاسم، التي غناها الجميري من إذاعة البحرين، وقام أحمد الفردان، كبادرة دعم إضافية، بتسجيلها على أسطوانة لحسابه الخاص في عام 1964. بعد ذلك تشجع الجميري، وقرر أن تكون أغنيته التالية من ألحانه، فسجل في إذاعة البحرين من ألحانه وكلمات عتيق سعيد أغنية «أضحك على قلب شقى»، وتلتها أغنية «يا مرحبتين كبار» من ألحانه وكلمات حسن كمال. كل هذه الأحداث في حياة الجميري وقعت وهو طالب في المرحلة الثانوية التي كان صاحبنا يستغل عطلتها الصيفية في العمل، كمعظم مجايليه، من أجل اكتساب بعض النقود لمواجهة مصروفاته الشخصية. فقد عمل مثلاً في إحدى العطلات بجمارك البحرين، حيث كان يزامله في العمل أحد أقاربه من ناحية والدته واسمه إبراهيم المنصوري. وفي إحدى المرات تفاجأ الجميري بأن قريبه هذا يدرس الموسيقى بالنوتة لدى أحد المدربين، فلازمه وأخذ يتعلم منه التنويت ليطبقها لاحقاً في البيت على آلتي العود والأوكورديون وهو يغني أغاني عبدالحليم حافظ. وتمر الأيام وينهي الجميري دراسته الثانوية، فيأخذه والده إلى شركة النفط على أمل حصوله على بعثة إلى بريطانيا لدراسة هندسة البترول. فتجرى له الامتحانات اللازمة وينجح فيها، ويُطلب منه إعادة دراسة بعض المواد العلمية في المنهج الثانوي بالإنجليزية لمدة ستة أشهر بقصد إعداده إعداداً جيداً لمواصلة تعليمه الجامعي بنجاح في بريطانيا. في هذه الأثناء كان شغفه بالفن والموسيقى يلح عليه بالاتجاه نحو صقل مواهبه الفنية بدراسة الموسيقى أكاديمياً، فكان بين نارين، لكنه في نهاية الأمر، قرر أن يفاتح والده بعدم رغبته في دراسة هندسة البترول، وتفضيله السفر إلى مصر لدراسة الموسيقى. وعلى الرغم من رفض والده وقيامه بمحاولات حثيثة لثنيه عما عزم عليه، إلا أن محاولاته باتت بالفشل فاستسلم. وقتها لم يكن في مقدوره أو مقدور والده تدبير نفقات سفره ودراسته في مصر، فلجأ صاحبنا إلى الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، الذي تكرم بمنحه ابتعاثاً إلى مصر على نفقة الديوان الأميري. وسافر عازف الكمان أحمد جمال إلى القاهرة للحصول على قبول بالمعهد العالي للموسيقى، فحصل على القبول له ولصديقه الجميري. وهكذا ركب الجميري الطائرة لأول مرة في 10 أكتوبر 1967 إلى مصر ليبدأ مشوار الدراسة الأكاديمية التي استغرقت عشر سنوات بدلاً من 7 سنوات، لأن غياباته المتكررة طوال السنة الدراسية في الكويت من أجل إحياء الحفلات وتسجيل أغانيه هناك بمقابل مادي، كانت سبباً في حرمانه من دخول الامتحانات السنوية 3 مرات. في عام 1977 أنهى الجميري دراسته في مصر وعاد إلى البحرين، حاملاً معه أفكاراً وأحلاماً كثيرة حول تأسيس فرقة موسيقية بحرينية كبيرة، وتدريس الموهوبين وابتعاثهم، وتوثيق التراث الموسيقي، وغيرها، إلا أن تلك الأحلام لم يتحقق منها سوى تأسيس «فرقة البحرين الموسيقية»، التي ظهرت باقتراح من وزير الإعلام الأسبق محمد المطوع، وبجهود الجميري وصديقه وكيل وزارة الإعلام للثقافة والتراث الأسبق الدكتور عبدالله عبدالرحمن يتيم. يقول الجميري عن تجربته في مصر إنه استفاد كثيراً من دراسته التي علمته تحليل الموسيقى وشروط المقامات، كما استفاد من إقامته هناك في قراءة أمهات الكتب الشعرية، والتعرف إلى أساطين الموسيقى المصرية، والاستمتاع بمباهج مصر الكثيرة والمتنوعة، إلى درجة أنه تزوج منها. أما عن تجربته في الكويت فأخبرنا أنه راح يتردد عليها بدءاً من أواخر الستينيات لتسجيل أغانيه مع الأشرطة لإهدائها إلى إذاعة البحرين، خصوصاً وأن ذلك أسهم كثيراً في انتشار اسمه وزيادة رصيده الغنائي، حيث سجل هناك أغنية «خضر نشلج» من كلمات عبدالرحمن رفيع في عام 1969، لكنها لم تشتهر إلا بعد أن أداها عام 1974 على المسرح خلال حفل بمناسبة دورة كأس الخليج العربي الثالثة لكرة القدم، نقله تلفزيون الكويت بالألوان لأول مرة، وفي عام 1970 سجل هناك واحدة من أجمل وأرق أغانيه وهي أغنية «يالزينة ذكريني»، من كلمات الشيخ عيسى بن راشد، وهذه لم تشتهر أيضاً إلا بعد أن غناها لاحقاً في حفلات رابطتي طلبة البحرين في الكويت والقاهرة. بعد الكويت راح يسجل أغانيه في القاهرة، خصوصاً بعد أن طلبت منه وزارة الإعلام البحرينية إعداد أغانٍ وطنية وتسجيلها هناك بمناسبة العيد الوطني وعيد الجلوس. من أغانيه الأخرى الجميلة، «تو النهار»، التي لحنها وغناها خلال يومين من كلمات الأمير محمد العبدالله الفيصل، الذي كتبها خصيصاً للجميري بعد أن تعرف إليه شخصياً في البحرين. وهناك أغنية «هلا باللي لفاني» الجميلة، والتي حسبها الجميري من التراث فغناها، فإذا بها من كلمات البحريني مطر عبدالله، ما تسبب في خلافات ونزاعات تمت تسويتها. أما رائعته «شويخ من أرض مكناس» من كلمات الشاعر الأندلسي «أبو الحسن الششتري» وألحان خالد الشيخ، فتعد العمل الذي أطلق اسمه في أرجاء الوطن العربي. للجميري بحوث عدة في فن الصوت، وله مشاركات كثيرة في مؤتمرات موسيقية في الكويت والإمارات ومصر. اشترك مع عدد من الفنانين العرب سنة 1996 في أغنية «الحلم العربي»، كما شارك 26 مغنياً عربياً وأجنبياً في تأدية أغنية «بكره» للموسيقار العالمي «كوينسي جونز»، دعماً لنشر الثقافة والفنون والموسيقى في أوساط الأطفال، وأشرف على إعادة توزيع وتسجيل النشيد الوطني البحريني مع أوركسترا لندن الفلهارمونيك. وفي فبراير 2020 استضافته إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية في أبوظبي لأداء مجموعة من الموشحات الأندلسية في الأمسية التاسعة من برنامج شاعر المليون. شغل من 1986 إلى 1991 منصب رئيس مجلس إدارة جمعية البحرين للموسيقى والفنون الشعبية، وتولى ما بين 2000 و2002 وظيفة القائم بأعمال مدير إدارة الثقافة والفنون، وعين منسقاً عاماً لمهرجان البحرين الغنائي حتى 2005، وعمل مستشاراً إعلامياً في وزارة الإعلام من 2003 إلى 2008. وتم تكريمه في 1998 من قبل رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان بمنحه جائزة الدولة التقديرية للعمل الوطني، وفي 2002 منحه الملك حمد بن عيسى وسام الكفاءة من الدرجة الأولى في مهرجان الوفاء، وكرمته الدكتورة رتيبة الحفني، رئيسة المجمع العربي للموسيقى عام 1999، كما جرى تكريمه في «مهرجان الجنادرية 2001»، وفي مهرجان الفنون الموسيقية بالكويت عام 2011. يقول الموسيقار المصري القديم كامل الخلعي في كتابه «الموسيقى الشرقي» إن المغني المتمكن هو من كان صوته شجياً، وصورته مقبولة، وكلامه خالياً من عيوب النطق، وقادراً على التحكم في طاقاته الصوتية، وهذا لعمري ينطبق على الجميري، الذي غنى ولحن فأجاد وشنف الآذان وأدهش الجمهور على مدى ستة عقود.