logo
#

أحدث الأخبار مع #«علمالنفس

ما بعد الحرية المطلقة في العالم الغربي
ما بعد الحرية المطلقة في العالم الغربي

الشرق الأوسط

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

ما بعد الحرية المطلقة في العالم الغربي

تشكل الحرية أحد المبادئ الأساسية التي قامت عليها المجتمعات الغربية الحديثة، حيث تُعدّ ركيزة أساسية في النظم الديمقراطية التي تؤكد حرية الفرد في التعبير، والاعتقاد، والاختيار، ومع ذلك، فإن الحرية المطلقة - أي التحرر من كل الضوابط والمعايير المجتمعية التقليدية - أثارت نقاشات واسعة حول تداعياتها النفسية والاجتماعية، فمن ناحية، عززت هذه الحرية الابتكار والاستقلالية، لكنها من ناحية أخرى أدت إلى تحديات اجتماعية وسلوكية أثرت في استقرار النظم الاجتماعية، وفي الهوية الفردية. يسعى هذا المقال إلى تحليل التأثيرات النفسية والاجتماعية للحرية المطلقة في المجتمعات الغربية، مستنداً إلى النظريات السيكولوجية والاجتماعية، مع تسليط الضوء على انعكاساتها على السلوك الفردي وتماسك المجتمعات. أولاً: الحرية المطلقة بين الفلسفة والسيكولوجيا ترتبط فكرة الحرية المطلقة ارتباطاً وثيقاً بالفلسفات الليبرالية والوجودية، فقد رأى الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر أن الإنسان «محكوم بأن يكون حراً»، أي أنه مسؤول بشكل كامل عن أفعاله وقراراته، بينما دعا جون ستيوارت ميل إلى حرية الفرد ما دامت لا تسبب ضرراً للآخرين. لكن المشكلة تكمن في أن تحديد مفهوم «الضرر» يظل مسألة نسبية، ما يفتح الباب أمام تفسيرات متباينة للحرية قد تؤدي إلى فوضى اجتماعية. الحرية المطلقة من منظور سيكولوجي، من الناحية النفسية، تُشير حسب نظرية «القلق الوجودي» لإيرفين يالوم إلى أن الحرية المطلقة قد تؤدي إلى شعور عميق بالقلق نتيجة غياب المعايير الخارجية التي توجه السلوك؛ فحين يكون الإنسان حراً بلا حدود، يصبح مسؤولاً عن صياغة قيمه الخاصة، مما قد يولد حالة من التوتر وعدم اليقين. كذلك، يرى عالم النفس إريك فروم في كتابه «الهروب من الحرية» أن الحرية غير المنضبطة قد تدفع الأفراد إلى البحث عن هويات بديلة، أو إلى الانخراط في أنماط سلوكية غير مستقرة، بسبب عدم قدرتهم على تحمل ثقل المسؤولية الفردية المطلقة. ثانياً: تداعيات الحرية المطلقة على السلوك الفردي أدت الحرية المطلقة في بعض المجتمعات الغربية إلى تراجع القيم التقليدية التي كانت توجه السلوك الاجتماعي، مثل الأسرة، والدين، والالتزامات المجتمعية، فقد أصبحت مفاهيم مثل «النجاح الشخصي» و«الإشباع الذاتي» أكثر أهمية من المسؤوليات الاجتماعية. ووفقاً لدراسات في علم النفس الاجتماعي، فإن هذا التحول أدى إلى زيادة النزعة النرجسية بين الأفراد، حيث باتت الأولوية لإشباع الحاجات الشخصية على حساب القيم الجماعية. تشير دراسات علم النفس إلى أن الحرية المطلقة قد تكون عاملاً مؤثراً في تزايد معدلات القلق والاكتئاب، وبخاصة بين الشباب، فبدلاً من أن تؤدي الحرية إلى راحة نفسية، فإنها قد تخلق ضغوطاً نفسية متزايدة بسبب غياب المعايير المحددة... فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة نُشرت في مجلة «علم النفس غير الطبيعي» أن الأفراد الذين يعيشون في مجتمعات ذات حرية غير مقيدة يعانون من مستويات أعلى من التوتر، مقارنة بأقرانهم في المجتمعات التي تضع حدوداً أخلاقية أو قانونية أكثر وضوحاً. من تداعيات الحرية المطلقة أيضاً زيادة معدلات الإدمان على المخدرات، والكحول، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يبحث الأفراد عن أشكال من الهروب النفسي في ظل غياب الضوابط الذاتية. فمع انتشار فلسفة «افعل ما تريد»، أصبح الإشباع الفوري من السمات الأساسية للسلوك الاستهلاكي في المجتمعات الغربية، مما أدى إلى أنماط حياة تفتقر إلى الانضباط والسيطرة الذاتية. ثالثاً: تأثير الحرية المطلقة على النظم الاجتماعية أدت الحرية المطلقة إلى تفكك الأسرة وتراجع العلاقات الاجتماعية؛ فالأسرة التقليدية كانت لقرون طويلة حجر الأساس في النظم الاجتماعية، لكن مع تزايد النزعة الفردية في الغرب، شهدت الأسرة تحولات جذرية، حيث ارتفعت معدلات الطلاق، وتراجعت معدلات الزواج، وازدادت الأسر ذات العائل الواحد. ويرجع علماء الاجتماع هذا التفكك إلى غياب القيود المجتمعية عن العلاقات الشخصية، حيث باتت القرارات تُتخذ بناءً على الرغبات الفردية دون اعتبار كافٍ للالتزامات العائلية. ساهمت الحرية المطلقة أيضاً في تقليل الشعور بالانتماء، حيث بات الأفراد أقل ارتباطاً بجماعاتهم التقليدية، مثل العائلة أو الحي أو حتى الدولة، ويرى عالم الاجتماع روبرت بوتنام في كتابه «البولينغ وحيداً» أن هذا التراجع في الروابط الاجتماعية أدى إلى انخفاض رأس المال الاجتماعي، مما يؤثر سلباً على التضامن الاجتماعي، ويؤدي إلى زيادة العزلة. تزايد النزعات الفردية على حساب المصلحة العامة... ففي ظل انتشار فلسفة «الحرية المطلقة»، أصبح من الصعب تحقيق توافق مجتمعي حول القضايا الكبرى مثل البيئة، والعدالة الاجتماعية، أو توزيع الثروة. ومع التركيز على الحقوق الفردية من دون الالتزامات الاجتماعية، باتت القرارات تُتخذ وفقاً للمصلحة الذاتية لا للمصلحة العامة، مما أدى إلى تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية. رابعاً: نحو توازن بين الحرية والمسؤولية في ضوء هذه التحديات، من الضروري إعادة التفكير في مفهوم الحرية المطلقة من خلال: - تعزيز مفهوم «الحرية المسؤولة»: يجب أن يتم ربط الحرية بالمسؤولية الاجتماعية، بحيث تكون حرية الفرد مكفولة، ولكن في إطار يحترم مصلحة المجتمع. - إعادة بناء القيم المجتمعية: ينبغي تعزيز قيم التعاون والتضامن الاجتماعي من خلال مؤسسات التربية والتعليم والإعلام. - توفير الدعم النفسي والاجتماعي: يجب أن تكون هناك آليات لدعم الأفراد نفسياً لمواجهة الضغوط الناجمة عن الحرية المطلقة، مثل تعزيز ثقافة التوجيه والإرشاد النفسي. - إعادة النظر في دور الأسرة والمجتمع: من الضروري إعادة الاعتبار لدور الأسرة باعتبارها مؤسسة اجتماعية تساهم في تشكيل هوية الأفراد وضبط سلوكياتهم ضمن إطار مجتمعي أكثر توازناً. وأخيراً ورغم أن الحرية تُعتبر قيمة أساسية في المجتمعات الحديثة، فإن إطلاقها من دون حدود قد يؤدي إلى نتائج عكسية تؤثر على استقرار الأفراد والمجتمعات. فبينما ساهمت الحرية المطلقة في الابتكار والتقدم، فإنها أيضاً خلقت تحديات نفسية واجتماعية خطيرة، مثل ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، وتفكك الأسرة، وتراجع الروابط الاجتماعية؛ لذا، فإن التحدي الرئيسي الذي يواجه المجتمعات الغربية اليوم هو تحقيق توازن بين الحرية والمسؤولية، بحيث يتمتع الأفراد بحقوقهم من دون أن يكون ذلك على حساب الاستقرار المجتمعي والتماسك الاجتماعي.

لماذا نساعد الآخرين؟
لماذا نساعد الآخرين؟

صحيفة الخليج

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • صحة
  • صحيفة الخليج

لماذا نساعد الآخرين؟

في إحدى محطات القطار في مدينة نيويورك، سقط رجل مُسن فجأة على الرصيف، وأصبح غير قادر على النهوض. خلال أقل من دقيقة، اقتربت منه شابة كانت تسير بسرعة، ساعدته على الجلوس، اطمأنت عليه، ثم أكملت طريقها دون أن تنتظر شكراً أو حتى نظرة امتنان. مشهد كهذا نراه بين الحين والآخر، لكنّه يُثير سؤالاً أعمق من مجرد «موقف جميل»: لماذا نساعد الآخرين حقاً؟ يعتقد الكثيرون أن مساعدة الآخرين نابعة من «الإيثار الخالص»، أي من رغبة داخلية صادقة دون انتظار أي مقابل. لكن في علم النفس الاجتماعي هناك جدل طويل حول ما إذا كان هذا النوع من الإيثار موجوداً فعلاً، أم أن كل سلوك مساعد يخفي خلفه دافعاً شخصياً ما، كالشعور بالرضا عن الذات، أو بناء صورة إيجابية أمام الآخرين، أو حتى الهروب من الشعور بالذنب. في دراسة نُشرت في مجلة «علم النفس الاجتماعي والشخصية»، عام1987 تم عرض فيلم قصير على مجموعة من الأشخاص يُظهر طفلاً يعاني مرضاً عضالاً. بعد المشاهدة، طُلب من المشاركين التبرع لجمعية خيرية تساعد الأطفال في نفس الحالة. ما أظهرته الدراسة هو أن الأشخاص الذين شعروا بعاطفة قوية أثناء مشاهدة الفيلم كانوا أكثر ميلاً للتبرع، لكن عندما طُلب منهم التفكير بشكل تحليلي قبل اتخاذ القرار، انخفضت معدلات التبرع بشكل كبير. تشير هذه النتيجة إلى أن دوافعنا نحو المساعدة قد تكون أكثر تعقيداً مما نتصور، فغالباً ما تدفعنا المشاعر اللحظية، وليس المبادئ المجردة، لاتخاذ قرارات تساعد الآخرين. نحن نتصرف بدافع من التعاطف، نعم، لكن أحياناً أيضاً بدافع من الراحة النفسية أو الهروب من الشعور السلبي. ومع ذلك، فإن وجود دافع شخصي لا يلغي قيمة الفعل، فحتى لو ساعدنا لأننا نشعر بالرضا أو لأننا لا نحتمل رؤية الألم، فإن هذه المساعدة لا تزال فعلاً نافعاً وضرورياً. المهم أن الفعل يتم، وأن الأثر يُحدث فرقاً، سواء أكان بدافع الإيثار أم بدافع شعورنا بالمسؤولية. السؤال الأهم ربما ليس: «لماذا نساعد؟»، بل: «هل نستمر في المساعدة حتى عندما لا نشاهد النتائج أو نحصل على الامتنان؟» هذه هي النقطة التي يختبر فيها عمق نوايانا. لعلنا لا نحتاج دائماً إلى إجابة دقيقة عن دوافعنا، بقدر ما نحتاج إلى أن نكون صادقين مع أنفسنا، فالمساعدة، حتى لو كانت مشوبة ببعض النوازع الشخصية، تظل واحدة من أنبل ما يمكن أن نفعله كبشر. وكل مرة نختار فيها أن نمد يداً لشخص ما، فإننا بطريقة ما نعيد تأكيد إنسانيتنا، ونذكّر أنفسنا بأنه في عالم مليء بالفردية، لا يزال التعاطف حياً.

«مصطفى حجازي»: مفكّر طبع بصمته في الوجدان
«مصطفى حجازي»: مفكّر طبع بصمته في الوجدان

عكاظ

time٢١-٠٣-٢٠٢٥

  • صحة
  • عكاظ

«مصطفى حجازي»: مفكّر طبع بصمته في الوجدان

طبع المفكر اللبناني الدكتور مصطفى حجازي، بصمته في وعي ووجدان النخب العربية، طيلة حياته التي امتدت 88 عاماً، وعُرف القارئ (حجازي) عالم النفس والمترجم، وعاشق الفلسفة، والتحليل السيكولوجي ومن كتبه «التخلف الاجتماعي مدخل لدراسة سيكولوجية الإنسان المقهور/ ‏سيكولوجية الإنسان المهدور». كان رحيل حجازي في الرابع عشر من أكتوبر الماضي. ومصطفى حجازي حصل على ليسانس علم النفس من جامعة عين شمس في مصر عام 1960، وفي عام 1964 سافر من أجل زيارة دراسية في إنجلترا للاطلاع على مؤسسات رعاية الطفولة والناشئة المتكيفة، وخصوصاً تجارب العلاج المؤسسي. في عام 1965 حصل على دبلوم علم الجريمة العيادي من جامعة ليون في فرنسا، ثم على دكتوراه في علم النفس من نفس الجامعة. من كتبه الشهيرة «علم النفس والعولمة، إطلاق طاقات الحياة، ثقافة الطفل العربي بين التغريب والأصالة». وفي عام 1983، بدأ العمل أستاذاً لعلم النفس المشارك في الجامعة اللبنانية، وفي الفترة من 1990 إلى 2006 عمل مصطفى حجازي أستاذاً للصحة الذهنية بجامعة البحرين. بين 1995– 2006 أصبح منسق دبلوم إرشاد النفسي في جامعة البحرين. وفي الأعوام بين 1997 –2001 أصبح رئيس لجنة الترقيات الأكاديمية – جامعة البحرين. في عام 2007 عين أستاذاً زائراً في كلية طب جامعة الخليج العربي، بداية من 2008 تقاعد وتفرغ للبحث والاستشارة. أخبار ذات صلة مصطفى حجازي

هل يولد الإنسان بجينات التطرف، أم أنه يكتسب التطرف، سواء اختيارا أو عبر ضغوط مجتمعية ناعمة؟،
هل يولد الإنسان بجينات التطرف، أم أنه يكتسب التطرف، سواء اختيارا أو عبر ضغوط مجتمعية ناعمة؟،

المصري اليوم

time١٦-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • المصري اليوم

هل يولد الإنسان بجينات التطرف، أم أنه يكتسب التطرف، سواء اختيارا أو عبر ضغوط مجتمعية ناعمة؟،

فى ورقة منشورة على موقع «علم النفس اليوم» الأمريكى الكثير من التفاصيل. يسأل الكاتب «إيوان موريسون»: «هل التعصب متوارث فى العائلات؟»، ويجيب من واقع خبرته الشخصية أنه نشأ فى بيت وصفه بـ«غريب الأطوار»، حيث ثلاثة أجيال حمل كل منها معتقدات متطرفة. الجدة كانت تنتمى للكالفينية البروتستانتية، وتعتقد أن 99 بالمائة من سكان البلدة آثمون عصاة ضلوا طريق الهدى. الأب كان يعتنق مبادئ ميليشيا أسكتلندية شبه عسكرية تؤمن باستقلال أسكتلندا عن بريطانيا بطريق العنف، ويكتب أبياتا شعرية غزلا فى الإرهابيين الذين يحرقون ويقتلون فى سبيل هذه الغاية. وكاتب المقال كان ينتمى للحزب الشيوعى الثورى ويشارك فى احتجاجات للمطالبة بإقامة ثورة عالمية عنيفة وإسقاط كل الأنظمة. يقول الكاتب إن المضحك هو أن الأجيال الثلاثة من المتطرفين اعتنقوا ثلاث أفكار متعصبة تناصب كل منها العداء، وهو ما قد يعنى أن أفراد الأسرة عانوا من حاجة نفسية عميقة لاعتناق روايات متطرفة يعيشون بأفكارها وسردياتها، وهو ما يشبه التشبث بإطار عاطفى، وليس التعمق فى المعتقد الفعلى. ويضيف: ثلاثتنا اختلف عن الآخر فى معتقده المتطرف، لكن اتفقنا على شىء واحد فقط: كلنا أحببنا فكرة تمنى حرق أعدائنا والمختلفين معنا، ولو لم نصرح بذلك جهرا. ويرى أن أفراد الأسرة المتطرفين الثلاثة أبدوا رغبة نفسية شديدة فى التعلق بهذه المعتقدات، بغض النظر عن محتواها الفعلى، بل ربما وجدوا فى التعلق بها واعتناقها ما أرضى نفوسهم أو أراحها أو أضفى عليها شعورا مفتقدا بالثقة أو الإنجاز أو التفرد. وهنا يطرح فكرة (ليست إجابة)، مفادها أن بحوثا نفسية وجدت العديد من أوجه الشبه والتطابق فى التركيبة النفسية لنازيين وشيوعيين ويمينيين متطرفين ومتحولين من دين لآخر ومعتنقين النسخة المتشددة من التدين، أكثر من أوجه الاتفاق فى أيديولوجياتهم المتطرفة التى يعتنقونها. ومن أهم التفسيرات التى قدمها الكاتب لاختيار الشخص لفكرة متطرفة لتكون معتنقه هو سعيه الدؤوب، ربما دون أن يدرى، ليتخلص من مسؤولية الحرية الشخصية والاختيارات المتفردة، التى يفترض أن الإنسان يتمتع ويتميز بها. يبحث عن فكرة «شماعة» أو أيديولوجيا غارقة فى التطرف، وربما الجنون، لكن بشرط أن يكون ضمن جماعة تعتنق الفكرة شديدة التطرف نفسها، وهو ما يتيح له تسليم مفاتيح حريته الشخصية التى تمثل عبئا وثقلا بالنسبة له. ما يسعى إليه هؤلاء هو التحرر من مسؤولية الوجود الفردى، ومن العبء المخيف المتمثل فى الاختيار الحر. وتكون هناك ميزة مضافة حين يجد من يقنعه أنه موجود ليقوم بمهمة التفكير نيابة عنه، ثم يتطور الأمر، فيبدأ «مسؤول التفكير» بمنعه من التفكير، ووصمه وربما تكفيره، (فى حال الأفكار الدينية)، إن فكر يوما فى استعادة قدرته على التفكير، ولحديث الجينات والاختيارات بقية.

عبء التفكير (3)
عبء التفكير (3)

العرب اليوم

time١٦-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العرب اليوم

عبء التفكير (3)

هل يولد الإنسان بجينات التطرف، أم أنه يكتسب التطرف، سواء اختيارا أو عبر ضغوط مجتمعية ناعمة؟، فى ورقة منشورة على موقع «علم النفس اليوم» الأمريكى الكثير من التفاصيل. يسأل الكاتب «إيوان موريسون»: «هل التعصب متوارث فى العائلات؟»، ويجيب من واقع خبرته الشخصية أنه نشأ فى بيت وصفه بـ«غريب الأطوار»، حيث ثلاثة أجيال حمل كل منها معتقدات متطرفة. الجدة كانت تنتمى للكالفينية البروتستانتية، وتعتقد أن 99 بالمائة من سكان البلدة آثمون عصاة ضلوا طريق الهدى. الأب كان يعتنق مبادئ ميليشيا أسكتلندية شبه عسكرية تؤمن باستقلال أسكتلندا عن بريطانيا بطريق العنف، ويكتب أبياتا شعرية غزلا فى الإرهابيين الذين يحرقون ويقتلون فى سبيل هذه الغاية. وكاتب المقال كان ينتمى للحزب الشيوعى الثورى ويشارك فى احتجاجات للمطالبة بإقامة ثورة عالمية عنيفة وإسقاط كل الأنظمة. يقول الكاتب إن المضحك هو أن الأجيال الثلاثة من المتطرفين اعتنقوا ثلاث أفكار متعصبة تناصب كل منها العداء، وهو ما قد يعنى أن أفراد الأسرة عانوا من حاجة نفسية عميقة لاعتناق روايات متطرفة يعيشون بأفكارها وسردياتها، وهو ما يشبه التشبث بإطار عاطفى، وليس التعمق فى المعتقد الفعلى. ويضيف: ثلاثتنا اختلف عن الآخر فى معتقده المتطرف، لكن اتفقنا على شىء واحد فقط: كلنا أحببنا فكرة تمنى حرق أعدائنا والمختلفين معنا، ولو لم نصرح بذلك جهرا. ويرى أن أفراد الأسرة المتطرفين الثلاثة أبدوا رغبة نفسية شديدة فى التعلق بهذه المعتقدات، بغض النظر عن محتواها الفعلى، بل ربما وجدوا فى التعلق بها واعتناقها ما أرضى نفوسهم أو أراحها أو أضفى عليها شعورا مفتقدا بالثقة أو الإنجاز أو التفرد. وهنا يطرح فكرة (ليست إجابة)، مفادها أن بحوثا نفسية وجدت العديد من أوجه الشبه والتطابق فى التركيبة النفسية لنازيين وشيوعيين ويمينيين متطرفين ومتحولين من دين لآخر ومعتنقين النسخة المتشددة من التدين، أكثر من أوجه الاتفاق فى أيديولوجياتهم المتطرفة التى يعتنقونها. ومن أهم التفسيرات التى قدمها الكاتب لاختيار الشخص لفكرة متطرفة لتكون معتنقه هو سعيه الدؤوب، ربما دون أن يدرى، ليتخلص من مسؤولية الحرية الشخصية والاختيارات المتفردة، التى يفترض أن الإنسان يتمتع ويتميز بها. يبحث عن فكرة «شماعة» أو أيديولوجيا غارقة فى التطرف، وربما الجنون، لكن بشرط أن يكون ضمن جماعة تعتنق الفكرة شديدة التطرف نفسها، وهو ما يتيح له تسليم مفاتيح حريته الشخصية التى تمثل عبئا وثقلا بالنسبة له. ما يسعى إليه هؤلاء هو التحرر من مسؤولية الوجود الفردى، ومن العبء المخيف المتمثل فى الاختيار الحر. وتكون هناك ميزة مضافة حين يجد من يقنعه أنه موجود ليقوم بمهمة التفكير نيابة عنه، ثم يتطور الأمر، فيبدأ «مسؤول التفكير» بمنعه من التفكير، ووصمه وربما تكفيره، (فى حال الأفكار الدينية)، إن فكر يوما فى استعادة قدرته على التفكير، ولحديث الجينات والاختيارات بقية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store