logo
#

أحدث الأخبار مع #«فيلقالقدس»

الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا
الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا

المغرب اليوم

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • المغرب اليوم

الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا

عادت الحرب بين لبنان وإسرائيل لتطل برأسها مجدداً، بعد انتهاء مدة وقف إطلاق النار المُعلَن في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، والمُمدَّد له حتى 18 فبراير (شباط) الماضي، متخللةً إياه خروقاتٌ إسرائيلية بلغت نحو 1500 خرق، وإعلان وزير الدفاع الإسرائيلي أن النقاط اللبنانية المحتلة ستتحول إلى منطقة حزام أمني عازل. فقد ارتفعت وتيرة التصفيات في صفوف الجهاز العسكري لـ«حزب الله»، لتشمل عدداً من كبار المسؤولين الميدانيين؛ بينهم حسن بدير، معاون مسؤول الملف الفلسطيني في «حزب الله»، الذي ظهرت له صورة قديمة تجمعه داخل طائرة مع قائد «فيلق القدس» الراحل قاسم سليماني، وحسن عباس عز الدين، الذي عرَّفه الجيش الإسرائيلي بأنه مسؤول منظومة الدفاع الجوي في «وحدة بدر» التابعة لـ«الحزب». في سياق هذا التسخين، استعاد «حزب الله» خطاباً متشدداً بشأن مصير سلاحه، معلناً أنه «لا شيء اسمه نزع السلاح»، بعد أشهر قليلة من بوادر انفتاح بهذا الشأن، أملاها إرهاق «الحزب» من حرب طويلة مع إسرائيل كلفته رأسَي أمينيه العامّين حسن نصر الله وخَلَفه هاشم صفي الدين، بالإضافة إلى عموم قادة الصفَّين الأول والثاني في جهازَيه الأمني والعسكري. ولعل ما يفسر هذا التحول الجذري أن «حزب الله» يجد نفسه محاصراً على جميع المستويات، لا سيما تلك التي لم تكن في حساباته حين وافق على قرار وقف إطلاق النار. فلئن كان متوقعاً أن يُنتخب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية، فقد جاءت تسمية الرئيس نواف سلام لتشكيل الحكومة، ثم الطريقة التي جرى بها التشكيل، ومفارقتها ما اعتاده «حزب الله» في السنوات الماضية، لا سيما منذ عام 2008، لتسدد له الصفعة الداخلية الأولى، وتترجم ميزان القوى الجديد؛ السياسي والمعنوي، في البلد. ومما فاقم من تحديات «الحزب» السقوط الدراماتيكي لنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بعد نحو أسبوعين من إعلان وقف إطلاق النار، وما تلا ذلك من تقارب تاريخي بين لبنان وسوريا الجديدَين، وتنسيقهما معاً لتثبيت قطع أحد أهم خطوط الإمداد الإيرانية. فاتفاقُ ضبط الحدود الموقّع في جدة، خلال مارس (آذار) 2025، بين بيروت ودمشق، ثم زيارةُ رئيس الحكومة اللبنانية دمشق ولقاؤه الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، للبحث في سبل تنفيذه، أحكما الطوق على شبكات «حزب الله» اللوجيستية التي اعتمد عليها لعقود بصفتها عمقاً استراتيجياً له، بالتوازي مع تقدم تسليم «الحزب» مواقعه جنوب نهر الليطاني إلى الجيش اللبناني. أما إقليمياً، فيجد «حزب الله» نفسه في حشرة صعبة، في ضوء إعلان إسرائيل أنها ستثبّت احتلالها أراضيَ لبنانية وفق خطة لتحويلها منطقةً عازلة، بالتزامن مع انهيار الهدنة في غزة، والإفصاح عن استراتيجية إسرائيلية لضم أجزاء من القطاع وتقليص مساحته، من دون أن يتجرأ «حزب الله» على استعادة خطاب الإسناد الذي أدخله في أتون هذه الحرب وكبده أثماناً لا شفاء منها. إلى ذلك، تُضاف طبقة من الحسابات المعقدة إلى معادلة «الحزب»، توفرها المفاوضات النووية الأميركية - الإيرانية، الجارية في موازاة حملة دولية تقودها واشنطن لنزع سلاح «الحزب». لا عجب أن «الحزب» المُثخن والقلق يندفع نحو التشدد؛ وسيلةً لتأكيد استقلاليته ومقاومة تحوّله ورقةَ مساومة في المفاوضات، إما بالتنسيق مع طهران الراغبة في البعث برسائل مزدوجة، وإما لأن ثقة «الحزب» باستمرار الدعم من راعيه الإقليمي مهزوزة، بعد أن تُرك ليخوض الحرب وحيداً ويتعرض للدمار من دون إسناد حقيقي. وسط كل هذا، من المفيد أن يعلن «حزب الله»، وبشكل لا لبس فيه، أنه يرفض مناقشة مسألة «نزع السلاح»، ويضعها خارج أي تفاوض أو تسوية. هذا الموقف الصريح، رغم خطورته، يُسقط القناع عن المرحلة الرمادية التي لطالما تحرّكت فيها مؤسسات الدولة اللبنانية وكثرة القوى السياسية، حيث كان الالتباس يُستخدم غطاءً للتعايش مع الأمر الواقع. فما يفعله هذا التصريح أنه يحرّر النقاش الوطني من دوّامة الأعذار التي وُظفت لتبرير سلوك «حزب الله» وتبسيط معضلة معقّدة. قيل إن سلاح «الحزب» ضرورة ما دام الاحتلال الإسرائيلي مستمراً، وإنه يؤمّن توازن ردع يحمي لبنان من الاعتداءات. وقيل أيضاً إن الدولة ضعيفة، وإن السلاح مؤقت إلى أن يشتدّ عود المؤسسات... حتى المبررات الطائفية والسياسية لم تغب: فـ«الحزب» مكوّن لبناني، وله تمثيل شعبي، ولا يمكن عزله أو مواجهته بالسلاح. هكذا تحوّل السلاح من مشكلة إلى «قدر وطني» يجب التعايش معه غصباً. ما تغيّر اليوم هو أن «حزب الله» نفسه أنهى زمن التأجيل، حين قال بوضوح إن «نزع السلاح غير قابل للنقاش». بقوله هذا، انتفت كل المبررات السابقة، التي سقطت قبلها رواية الردع، بعدما ثبت أن إسرائيل، رغم هذا السلاح، قتلت واحتلت وخرقت، ولم يجد السلاح ما يفعله. الواضح أن السلاح بات مجرد درع بيد ميليشيا تحمي وجودها السياسي والأمني، حتى من دون انتحال أي برنامج وطني، ومن دون امتلاك رؤية واضحة لوظيفة أو أهداف. وعليه؛ يستدعي اتضاح طبيعة المواجهة من الدولة اللبنانية أن تتحمّل مسؤولياتها، دون التذاكي المعتاد، أو تزييف اللغة، أو تسمية الأشياء بغير أسمائها.

الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا
الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا

العرب اليوم

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العرب اليوم

الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا

عادت الحرب بين لبنان وإسرائيل لتطل برأسها مجدداً، بعد انتهاء مدة وقف إطلاق النار المُعلَن في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، والمُمدَّد له حتى 18 فبراير (شباط) الماضي، متخللةً إياه خروقاتٌ إسرائيلية بلغت نحو 1500 خرق، وإعلان وزير الدفاع الإسرائيلي أن النقاط اللبنانية المحتلة ستتحول إلى منطقة حزام أمني عازل. فقد ارتفعت وتيرة التصفيات في صفوف الجهاز العسكري لـ«حزب الله»، لتشمل عدداً من كبار المسؤولين الميدانيين؛ بينهم حسن بدير، معاون مسؤول الملف الفلسطيني في «حزب الله»، الذي ظهرت له صورة قديمة تجمعه داخل طائرة مع قائد «فيلق القدس» الراحل قاسم سليماني، وحسن عباس عز الدين، الذي عرَّفه الجيش الإسرائيلي بأنه مسؤول منظومة الدفاع الجوي في «وحدة بدر» التابعة لـ«الحزب». في سياق هذا التسخين، استعاد «حزب الله» خطاباً متشدداً بشأن مصير سلاحه، معلناً أنه «لا شيء اسمه نزع السلاح»، بعد أشهر قليلة من بوادر انفتاح بهذا الشأن، أملاها إرهاق «الحزب» من حرب طويلة مع إسرائيل كلفته رأسَي أمينيه العامّين حسن نصر الله وخَلَفه هاشم صفي الدين، بالإضافة إلى عموم قادة الصفَّين الأول والثاني في جهازَيه الأمني والعسكري. ولعل ما يفسر هذا التحول الجذري أن «حزب الله» يجد نفسه محاصراً على جميع المستويات، لا سيما تلك التي لم تكن في حساباته حين وافق على قرار وقف إطلاق النار. فلئن كان متوقعاً أن يُنتخب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية، فقد جاءت تسمية الرئيس نواف سلام لتشكيل الحكومة، ثم الطريقة التي جرى بها التشكيل، ومفارقتها ما اعتاده «حزب الله» في السنوات الماضية، لا سيما منذ عام 2008، لتسدد له الصفعة الداخلية الأولى، وتترجم ميزان القوى الجديد؛ السياسي والمعنوي، في البلد. ومما فاقم من تحديات «الحزب» السقوط الدراماتيكي لنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بعد نحو أسبوعين من إعلان وقف إطلاق النار، وما تلا ذلك من تقارب تاريخي بين لبنان وسوريا الجديدَين، وتنسيقهما معاً لتثبيت قطع أحد أهم خطوط الإمداد الإيرانية. فاتفاقُ ضبط الحدود الموقّع في جدة، خلال مارس (آذار) 2025، بين بيروت ودمشق، ثم زيارةُ رئيس الحكومة اللبنانية دمشق ولقاؤه الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، للبحث في سبل تنفيذه، أحكما الطوق على شبكات «حزب الله» اللوجيستية التي اعتمد عليها لعقود بصفتها عمقاً استراتيجياً له، بالتوازي مع تقدم تسليم «الحزب» مواقعه جنوب نهر الليطاني إلى الجيش اللبناني. أما إقليمياً، فيجد «حزب الله» نفسه في حشرة صعبة، في ضوء إعلان إسرائيل أنها ستثبّت احتلالها أراضيَ لبنانية وفق خطة لتحويلها منطقةً عازلة، بالتزامن مع انهيار الهدنة في غزة، والإفصاح عن استراتيجية إسرائيلية لضم أجزاء من القطاع وتقليص مساحته، من دون أن يتجرأ «حزب الله» على استعادة خطاب الإسناد الذي أدخله في أتون هذه الحرب وكبده أثماناً لا شفاء منها. إلى ذلك، تُضاف طبقة من الحسابات المعقدة إلى معادلة «الحزب»، توفرها المفاوضات النووية الأميركية - الإيرانية، الجارية في موازاة حملة دولية تقودها واشنطن لنزع سلاح «الحزب». لا عجب أن «الحزب» المُثخن والقلق يندفع نحو التشدد؛ وسيلةً لتأكيد استقلاليته ومقاومة تحوّله ورقةَ مساومة في المفاوضات، إما بالتنسيق مع طهران الراغبة في البعث برسائل مزدوجة، وإما لأن ثقة «الحزب» باستمرار الدعم من راعيه الإقليمي مهزوزة، بعد أن تُرك ليخوض الحرب وحيداً ويتعرض للدمار من دون إسناد حقيقي. وسط كل هذا، من المفيد أن يعلن «حزب الله»، وبشكل لا لبس فيه، أنه يرفض مناقشة مسألة «نزع السلاح»، ويضعها خارج أي تفاوض أو تسوية. هذا الموقف الصريح، رغم خطورته، يُسقط القناع عن المرحلة الرمادية التي لطالما تحرّكت فيها مؤسسات الدولة اللبنانية وكثرة القوى السياسية، حيث كان الالتباس يُستخدم غطاءً للتعايش مع الأمر الواقع. فما يفعله هذا التصريح أنه يحرّر النقاش الوطني من دوّامة الأعذار التي وُظفت لتبرير سلوك «حزب الله» وتبسيط معضلة معقّدة. قيل إن سلاح «الحزب» ضرورة ما دام الاحتلال الإسرائيلي مستمراً، وإنه يؤمّن توازن ردع يحمي لبنان من الاعتداءات. وقيل أيضاً إن الدولة ضعيفة، وإن السلاح مؤقت إلى أن يشتدّ عود المؤسسات... حتى المبررات الطائفية والسياسية لم تغب: فـ«الحزب» مكوّن لبناني، وله تمثيل شعبي، ولا يمكن عزله أو مواجهته بالسلاح. هكذا تحوّل السلاح من مشكلة إلى «قدر وطني» يجب التعايش معه غصباً. ما تغيّر اليوم هو أن «حزب الله» نفسه أنهى زمن التأجيل، حين قال بوضوح إن «نزع السلاح غير قابل للنقاش». بقوله هذا، انتفت كل المبررات السابقة، التي سقطت قبلها رواية الردع، بعدما ثبت أن إسرائيل، رغم هذا السلاح، قتلت واحتلت وخرقت، ولم يجد السلاح ما يفعله. الواضح أن السلاح بات مجرد درع بيد ميليشيا تحمي وجودها السياسي والأمني، حتى من دون انتحال أي برنامج وطني، ومن دون امتلاك رؤية واضحة لوظيفة أو أهداف. وعليه؛ يستدعي اتضاح طبيعة المواجهة من الدولة اللبنانية أن تتحمّل مسؤولياتها، دون التذاكي المعتاد، أو تزييف اللغة، أو تسمية الأشياء بغير أسمائها.

الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا
الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا

الشرق الأوسط

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا

عادت الحرب بين لبنان وإسرائيل لتطل برأسها مجدداً، بعد انتهاء مدة وقف إطلاق النار المُعلَن في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، والمُمدَّد له حتى 18 فبراير (شباط) الماضي، متخللةً إياه خروقاتٌ إسرائيلية بلغت نحو 1500 خرق، وإعلان وزير الدفاع الإسرائيلي أن النقاط اللبنانية المحتلة ستتحول إلى منطقة حزام أمني عازل. فقد ارتفعت وتيرة التصفيات في صفوف الجهاز العسكري لـ«حزب الله»، لتشمل عدداً من كبار المسؤولين الميدانيين؛ بينهم حسن بدير، معاون مسؤول الملف الفلسطيني في «حزب الله»، الذي ظهرت له صورة قديمة تجمعه داخل طائرة مع قائد «فيلق القدس» الراحل قاسم سليماني، وحسن عباس عز الدين، الذي عرَّفه الجيش الإسرائيلي بأنه مسؤول منظومة الدفاع الجوي في «وحدة بدر» التابعة لـ«الحزب». في سياق هذا التسخين، استعاد «حزب الله» خطاباً متشدداً بشأن مصير سلاحه، معلناً أنه «لا شيء اسمه نزع السلاح»، بعد أشهر قليلة من بوادر انفتاح بهذا الشأن، أملاها إرهاق «الحزب» من حرب طويلة مع إسرائيل كلفته رأسَي أمينيه العامّين حسن نصر الله وخَلَفه هاشم صفي الدين، بالإضافة إلى عموم قادة الصفَّين الأول والثاني في جهازَيه الأمني والعسكري. ولعل ما يفسر هذا التحول الجذري أن «حزب الله» يجد نفسه محاصراً على جميع المستويات، لا سيما تلك التي لم تكن في حساباته حين وافق على قرار وقف إطلاق النار. فلئن كان متوقعاً أن يُنتخب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية، فقد جاءت تسمية الرئيس نواف سلام لتشكيل الحكومة، ثم الطريقة التي جرى بها التشكيل، ومفارقتها ما اعتاده «حزب الله» في السنوات الماضية، لا سيما منذ عام 2008، لتسدد له الصفعة الداخلية الأولى، وتترجم ميزان القوى الجديد؛ السياسي والمعنوي، في البلد. ومما فاقم من تحديات «الحزب» السقوط الدراماتيكي لنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بعد نحو أسبوعين من إعلان وقف إطلاق النار، وما تلا ذلك من تقارب تاريخي بين لبنان وسوريا الجديدَين، وتنسيقهما معاً لتثبيت قطع أحد أهم خطوط الإمداد الإيرانية. فاتفاقُ ضبط الحدود الموقّع في جدة، خلال مارس (آذار) 2025، بين بيروت ودمشق، ثم زيارةُ رئيس الحكومة اللبنانية دمشق ولقاؤه الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، للبحث في سبل تنفيذه، أحكما الطوق على شبكات «حزب الله» اللوجيستية التي اعتمد عليها لعقود بصفتها عمقاً استراتيجياً له، بالتوازي مع تقدم تسليم «الحزب» مواقعه جنوب نهر الليطاني إلى الجيش اللبناني. أما إقليمياً، فيجد «حزب الله» نفسه في حشرة صعبة، في ضوء إعلان إسرائيل أنها ستثبّت احتلالها أراضيَ لبنانية وفق خطة لتحويلها منطقةً عازلة، بالتزامن مع انهيار الهدنة في غزة، والإفصاح عن استراتيجية إسرائيلية لضم أجزاء من القطاع وتقليص مساحته، من دون أن يتجرأ «حزب الله» على استعادة خطاب الإسناد الذي أدخله في أتون هذه الحرب وكبده أثماناً لا شفاء منها. إلى ذلك، تُضاف طبقة من الحسابات المعقدة إلى معادلة «الحزب»، توفرها المفاوضات النووية الأميركية - الإيرانية، الجارية في موازاة حملة دولية تقودها واشنطن لنزع سلاح «الحزب». لا عجب أن «الحزب» المُثخن والقلق يندفع نحو التشدد؛ وسيلةً لتأكيد استقلاليته ومقاومة تحوّله ورقةَ مساومة في المفاوضات، إما بالتنسيق مع طهران الراغبة في البعث برسائل مزدوجة، وإما لأن ثقة «الحزب» باستمرار الدعم من راعيه الإقليمي مهزوزة، بعد أن تُرك ليخوض الحرب وحيداً ويتعرض للدمار من دون إسناد حقيقي. وسط كل هذا، من المفيد أن يعلن «حزب الله»، وبشكل لا لبس فيه، أنه يرفض مناقشة مسألة «نزع السلاح»، ويضعها خارج أي تفاوض أو تسوية. هذا الموقف الصريح، رغم خطورته، يُسقط القناع عن المرحلة الرمادية التي لطالما تحرّكت فيها مؤسسات الدولة اللبنانية وكثرة القوى السياسية، حيث كان الالتباس يُستخدم غطاءً للتعايش مع الأمر الواقع. فما يفعله هذا التصريح أنه يحرّر النقاش الوطني من دوّامة الأعذار التي وُظفت لتبرير سلوك «حزب الله» وتبسيط معضلة معقّدة. قيل إن سلاح «الحزب» ضرورة ما دام الاحتلال الإسرائيلي مستمراً، وإنه يؤمّن توازن ردع يحمي لبنان من الاعتداءات. وقيل أيضاً إن الدولة ضعيفة، وإن السلاح مؤقت إلى أن يشتدّ عود المؤسسات... حتى المبررات الطائفية والسياسية لم تغب: فـ«الحزب» مكوّن لبناني، وله تمثيل شعبي، ولا يمكن عزله أو مواجهته بالسلاح. هكذا تحوّل السلاح من مشكلة إلى «قدر وطني» يجب التعايش معه غصباً. ما تغيّر اليوم هو أن «حزب الله» نفسه أنهى زمن التأجيل، حين قال بوضوح إن «نزع السلاح غير قابل للنقاش». بقوله هذا، انتفت كل المبررات السابقة، التي سقطت قبلها رواية الردع، بعدما ثبت أن إسرائيل، رغم هذا السلاح، قتلت واحتلت وخرقت، ولم يجد السلاح ما يفعله. الواضح أن السلاح بات مجرد درع بيد ميليشيا تحمي وجودها السياسي والأمني، حتى من دون انتحال أي برنامج وطني، ومن دون امتلاك رؤية واضحة لوظيفة أو أهداف. وعليه؛ يستدعي اتضاح طبيعة المواجهة من الدولة اللبنانية أن تتحمّل مسؤولياتها، دون التذاكي المعتاد، أو تزييف اللغة، أو تسمية الأشياء بغير أسمائها. الباب الوحيد لمنع تجدد الحرب، التي تتيهأ للتوسع، هو الاتفاق على خريطة طريق لنزع سلاح «حزب الله» من دون أي توريات، والإعلان عن اندراج لبنان التام في مسارات التسوية السياسية بالمنطقة.

تركيا انتصرت على بشار الأسد وإسرائيل وروسيا
تركيا انتصرت على بشار الأسد وإسرائيل وروسيا

الشرق الجزائرية

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الجزائرية

تركيا انتصرت على بشار الأسد وإسرائيل وروسيا

كتب عوني الكعكي: لا نبالغ حين نقول: إنّ تركيا انتصرت على إسرائيل وروسيا وبالتأكيد على الرئيس الهارب بشار الأسد. المصيبة أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حاول مرّات عدّة أن يتقرّب من الرئيس الهارب بشار الأسد، لكن عبثاً لم يستجب الأخير قائلاً جملته الشهيرة: لماذا أجتمع مع الرئيس أردوغان؟ ألتناول المشروبات؟!. هذا يؤكد أنّ الرئيس الهارب لا يصلح لأن يكون رئيساً لدولة «جزر القمر»، فكيف إذا شاءت الظروف والقدر أن يكون رئيساً للدولة السورية؟.. إنّ من لا يعرف قلب العروبة النابض، أعني دولة الأمويين أي بلاد الشام لا يعلم شيئاً… عاصمة الأمويين لها تاريخ مجيد، ويكفي أنّ الرئيس حافظ الأسد شنّ حرباً، ومعه مصر والسعودية والعراق والمغرب والكويت والأردن ضد إسرائيل… وهي المرّة الأولى في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي يحقق العرب فيها فوزاً ونتائج إيجابية… وهو نجح… ولولا وجود الجسر الجوّي الاميركي لكانت إسرائيل في خبر كان، ولكن من يقدر على أميركا؟ وما دمنا نتحدّث عن حرب تشرين المجيدة، كما يحب السوريون تسميتها، وكما يحب المصريون إطلاق حرب 6 أكتوبر عليها، لا بدّ من أن نتذكر أن الرئيس صدّام حسين هو الذي أنقذ سوريا، ومنع الجيش الإسرائيلي من التقدّم نحو دمشق… بالعودة الى موضوع تركيا، علينا أن نتذكر أنّ تركيا استوعبت واستضافت 4 ملايين مهجّر سوري، وأمنّت لهم المساكن ونظّمت وجودهم… كذلك، فإنّ هناك 200 مصنع سوري في حلب، نقلت معداتها الى تركيا.. وأصبحت الجالية السورية في تركيا تعيش بشكل محترم ومنظم.. إذ سُمِح لهم العمل هناك، والسوري وخاصة الحلبي كما هو معروف يتميّز بأنه من العمال ذوي الخبرة والتفاني والإخلاص في عمله، وماهر ومتفوّق. وهكذا استقر السوريون المهجرون هرباً من جرائم وبطش الرئيس الهارب بشار الأسد في تركيا برعاية من الدولة المضيفة التي حافظت على كرامتهم. من ناحية ثانية، ماذا فعل الروس في سوريا؟ فقط تدخلوا وساهموا في قتل الشعب السوري بالبراميل التي كانت ترمى من الطائرات، والتي كانت تحتوي على النيترات التي تستورد من خلال مرفأ بيروت، وللأسف فإنّ الروس استقرّوا في قاعدة «حميميم»، وصاروا يملكون قاعدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في طرطوس. المشكلة أن الروسي، بعد أن قبض خمسة مليارات دولار من فصيل الحرس الثوري وقائد «فيلق القدس» ثمن أسلحة، اكتفى بالأموال وبيع السلاح. اما إسرائيل، فإنها استغلت الجنوب السوري، خصوصاً ان إسرائيل راحت تشجع طائفة الدرزية على تقسيم سوريا، لكنها لا تعلم ان الدروز هم أبناء السلطان باشا الأطرش، وهم عرب أقحاح، وأنّ جميع المحاولات والإغراءات فشلت ولن تنجح أبداً في حرفهم عن مسارهم العروبي والوحدوي. الوحيد الذي عرف كيف يستفيد ويفيد من الموضوع هو الرئيس رجب طيب أردوغان الذي دعم القائد أحمد الشرع وشجعه على إكمال مسيرته.

كيف دَمّر مشروع ولاية الفقيه العراق [الحلقة الثانية]
كيف دَمّر مشروع ولاية الفقيه العراق [الحلقة الثانية]

الشرق الجزائرية

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الجزائرية

كيف دَمّر مشروع ولاية الفقيه العراق [الحلقة الثانية]

كتب عوني الكعكي: تحدثنا البارحة عن مخطط وزير خارجية أميركا هنري كيسينجر، من أجل القضاء على الجيش العراقي، فاتنا موضوع حصار قوات الحرس الثوري عام 1978 على السفارة الأميركية في طهران… وكيف كان الرئيس رونالد ريغان مرشحاً للرئاسة الأميركية، ونذكر تصريحه الذي يحذر فيه الحرس الثوري الذي كان يحاصر السفارة الأميركية بأنه لو انتخب رئيساً، فلن يسمح بحصار السفارة ولو ليوم واحد.. وهدّد بأنه سيمحو إيران من الخارطة. وبالفعل، بعد مرور 444 يوماً والسفارة الأميركية محاصرة، وبعد انتخاب الرئيس رونالد ريغان فُكّ الحصار عن السفارة في اليوم نفسه. وللمعلومات فإنّ أحد أبرز المحاصرين من الحرس الثوري كان محمود أحمدي نجاد الذي أصبح رئيساً لإيران في فترة لاحقة بعد الحصار. بعد الدمار الكبير الذي خلفته الحرب الإيرانية ـ العراقية في البلدين، صار الجيش العراقي شبه مدمّر. لكن الرئيس صدّام حسين الذي كان يعتبر أنّ حربه ضد إيران كانت دفاعاً عن دول الخليج، وعن المملكة العربية السعودية تحديداً، وعن العرب أجمعين، ويجب على العرب أن يعوّضوا عليه مالياً ومعنوياً. وهنا برزت المشكلة فقام بغزو الكويت في آب عام 1990، وبقي حوالى السنة فيها، ونتج عن الاحتلال العراقي لدولة الكويت أن المملكة العربية السعودية وبطلب من الملك فهد موجه للرئيس الأميركي جورج بوش، طالبت باسترجاع الكويت مهما كان الثمن، وأنّ المملكة على استعداد لأن تدفع جميع التكاليف. وبالفعل قامت أميركا بحشد 500 ألف عسكري شاركتهم فرقة من سوريا… وتحرّرت الكويت بالفعل، وصار العراق تحت الحصار، إذ حُدّد له الإنتاج النفطي، وطرحت معادلة جديدة اسمها: «النفط مقابل الغذاء». وظلّت هذه الحال حتى العام 2003 يوم قرّر الرئيس بوش غزو العراق تحت 3 شعارات هي: أولاً: القضاء على الإرهاب. ثانياً: تدمير الأسلحة الكيميائية وأسلحة الدمار الشامل. ثالثاً: تحرير الشعب العراقي من ظلم الرئيس صدّام حسين. جاء الردّ على الرئيس الأميركي بوش من مجلة 'كريستيان ساينس مونيتور' التي كتبت: أولاً: لم يكن هناك من إرهابيين في العراق، ولكن بعد الاحتلال ولدت بيئة إرهابية تريد تحرير العراق. ثانياً: لم يجد الأميركيون أسلحة دمار شامل داخل العراق. ثالثاً: قرّر العراقيون تحرير العراق، فنشأت مقاومة منظمة دخل فيها الكثير من الجماعات الإسلامية المسلحة وغيرها من القوى المحلية الأخرى. المصيبة انه عندما احتل الرئيس بوش العراق أعلن حلّ الجيش العراقي.. وهكذا ترك مليون جندي عراقي من دون رواتب… ومن دون طعام، «خلق» بيئة حاضنة للإرهاب. والمصيبة الأكبر أن احتلال العراق فتح الباب للإيرانيين كي يتحكموا بالعراق.. وبالفعل أصبح الحاكم العسكري الفعلي للعراق هو اللواء قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الذي خصّص لنفسه 6 مليارات دولار من بيع النفط، وراح يصرفها على إنشاء الميليشيات العراقية المتطرفة وهي: الحشد الشعبي، عصائب أهل الحق، سرايا طليعة الخراساني، كتائب الشهداء، حركة حزب الله النجباء، كتائب حزب الله، سرايا السلام، فيلق الوعد الصادق ومنظمة بدر. وكان يدفع رواتب المقاتلين في الميليشيات ويرسلها الى الحكومة العراقية وكأنهم جنود عراقيون، ويدفع من الـ6 مليارات رواتب وأسلحة لحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن. وهكذا تحوّل العراق من أغنى دولة عربية على صعيد النفط والغاز والقوة البشرية «40 مليون نسمة» وفيه نهران: دجلة والفرات وأراضٍ زراعية شاسعة الى أفقر دولة صارت غارقة في ديون كبيرة. باختصار، تحقق الهدف الذي رسمه كيسينجر بدقة متناهية، ودُمّرت الدولة العراقية ودمّر الجيش العراقي، وأصبحت العراق دولة من دون جيش حقيقي تحكمها ميليشيات دينية متطرّفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store