أحدث الأخبار مع #«ملفاتبيبي»


مصراوي
١٧-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- مصراوي
نتنياهو الداعم الأكبر لحماس.. وفق «ملفات بيبي»
أصبح بنيامين نتنياهو في مأزق خطير. كان مؤكداً للجميع أنه سينتهي به إلى السجن منذ أُبلغ في نوفمبر 2019 بقرار تقديمه للمحاكمة بتهم تتعلق بخيانة الأمانة و«الرشوة» وإساءة استغلاله السلطة، وهو ما يعني وجود أدلة قوية دامغة تٌدينه، وذلك كما يٌوضح فيلم «ملفات بيبي» للمخرجة ألكس بلوم التي حصدت أربعة جوائز دولية، ورشحت لتسع جوائز أخرى من بينها ثلاث جوائز برايم تايم إيمي. لكن بيبي لم يستسلم للقضاء، لم يخضع للقانون معتبراً نفسه هو القانون ذاته، إذ قام بمحاولات مستميتة للإفلات من السجن. ومنها تشكيل حكومة يمينية متطرفة من إرهابيين إسرائيليين، محاولاً التأثير على القضاء وخاصة الحد من قدرة المحكمة العليا، وهو ما قلب أرجاء إسرائيل رأسا على عقب واندلعت المظاهرات الشعبية لنحو ٣٩ أسبوعاً متتالية المنددة بأفعاله، والمطالبة بالتنحي ومحاكمته في مشاهد ملهمة، حيث أصيب فيها مصور هذا الفيلم واعتقل مرات عدة، وشارك فيها شباب وشابات ومسنين من كافة الأطياف السياسية والتوجهات الفكرية. أثناء تلك المحاكمة لرئيس وزراء إسرائيل الذي رفض التنحي عن منصبه - على خلاف ما يحدث عادة في تلك المواقف - وأثناء المظاهرات المشتعلة اندلعت أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣. هنا يطفو على السطح تساؤلين: الأول: ما الذي اختلف في العام ٢٠٢٣ عن غيره من السنوات السابقة طوال حكم نتنياهو؟ والإجابة باختصار تقبع في كلمتي «المحكمة العليا» والتي تحتاج حلقة بمفردها، سنطرحها لاحقاً. السؤال الثاني: هل حقاً لم ينتبه نتنياهو ونظامه لهذا الخطر الذي كانت حماس تٌخطط له؟ هل حقاً لم يعلم به خصوصاً في ظل نٌظم التجسس فائقة الحساسية، والتي أثبت خلال حربه القذرة أنه قادر على معرفة أكثر وأعقد الأماكن سرية حيث اختباء قيادات ثم اغتيالها، سواء عبر التكنولوجيا أو عبر الجواسيس من الخونة المغروسين بين المقاتلين والفدائيين؟ أم أن نتنياهو كان يعلم بذلك المخطط الحماسي وتركه - عن عمد - يأخذ مجراه ويخرج إلي النور، حتى يكون تكئة لإعلان الحرب التي هي الثغرة الوحيدة لإفلات بيبي من الزج به خلف قضبان السجن؟ خصوصاً أن شهادات عدد من الشخصيات بالفيلم، واللقطات الأرشيفية تُوثق لاستنجاد الضحايا بالجيش أثناء هجوم حماس في ذلك اليوم، لكن لم يٌستجب لنداءاتهم، فأين كان الجيش؟ لماذا لم يهرع أفراد الجيش الإسرائيلي لنجدة المستغيثين؟ أم أن بيبي كان يٌريد أن يمنح حماس فرصة كافية لتنفيذ هجومها كاملاً مما يمنحه الفرصة ليُبرر رد فعله الوحشي لاحقاً؟ وهو أمر يُذكرنا بحلقات «قوة الكوابيس». إذ يبدو أن نتنياهو تعلم الدرس جيداً من أسياده الأمريكان. يلوم أغلب المشاركين بالفيلم الوثائقي «ملفات بيبي» نتنياهو على وقوع أحداث ٧ أكتوبر ويحملونه مسئولية وقوعها - وذلك عبر الشهادات المصورة خصيصاً للفيلم، وكذلك عبر اللقطات الأرشيفية من الإعلام الإسرائيلي. تنطلق أصابع الإدانة من اعتباره الشخص الذي كان يُغذي الوحش. صحيح أنه لم يخلق حماس، لكنه كان يُغذيها ويمدها بالدعم. نتنياهو الذي يعارض السلام، ويعارض إقامة دولة فلسطينية تعامل مع حماس لفترة طويلة على أنها صديق استراتيجي. إنه يقول للمحقق: «هذا أمر سري ولا يمكن تسريبه.. اتفقنا؟ لدينا جيران هنا، إنهم أعداء لدودون، أنا أٌرسل إليهم رسائل باستمرار، أُربكهم وأضللهم، أكذب عليهم، ثم أضربهم على رؤوسهم.» بيبي يٌصدق على دعم حماس بملايين الدولارات كانت خطة نتنياهو - وفق شهود الفيلم - أن تبقى غزة تحت سيطرة حماس، في حين تبقى الضفة الغربية تحت سيطرة فتح، وكان يمنع الاثنين من الاتحاد بأي شكل من الأشكال، محاولاً التفريق والإيقاع بينهما. لتحقيق ذلك كان طوال الوقت يساعد حماس على البقاء والصمود، والدليل على ذلك أنه في نفس الوقت الذي كان يخضع فيه للتحقيق القانوني رتب نتنياهو صفقة مع قطر كي تحصل حماس على ٣٥ مليون دولار شهريا من قطر. فهل نلوم قطر؟ بالطبع لا.. لأنها كانت تريد أن تدعم فلسطين، لكن الأهم أن نتأمل ما وراء تصرف نتنياهو الذي «لم يكن له أن يمنح المال بنفسه، ولن تعطي إسرائيل المال لحماس بشكل مباشر. كذلك، لا يمكن تحويل هذا المال عبر البنوك، لأن البنوك لا تُريد أن تتورط، ولا تريد التعاون، لذلك قام رئيس وزراء إسرائيل بالتوسل لهذه الدولة الغنية جدا قطر، فهذه الحقائب المليئة بالأموال تم تسليمها إلى حماس بناء على طلب من بنيامين نتنياهو شخصيا» - حيث نرى وثيقة عليها توقيعه - و«لأن القطريين كانوا يعرفونه منذ البداية، ولا يثقون فيه، فكانوا يطلبون منه إرسال طلباته لهم كتابياً لأنهم كانوا يعلمون أن نتنياهو سيكذب في المستقبل. لقد سمح بتحويل أكثر من مليار دولار إلى أيدي حماس.» والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا سمح بيبي بمرور تلك الملايين؟ ماذا كان يتوقع بشأن إنفاق هذه الأموال؟ ألم يكن متوقعاً أن تٌنفق في التسليح؟ أم ماذا كان يعتقد هذا العقل المدبر بشأن إنفاق حماس لهذا المليار دولار؟ أليس بيبي هو مهندس الفوضى كما يصفونه؟ فماذا كان يخطط لإنجازه فوضوياً من وراء هذا المليار؟ وهل حقاً أنه سمح به لاعتقاده أنه يستطيع السيطرة على مستوى الكراهية وعلى نيران الحقد كما يفسر هو نفسه عندما سٌئل من إعلام بلده عن رأيه في دخول الأموال القطرية إلى غزة إذ رد قائلاً: «أنا أفعل كل ما في وسعي بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية لإعادة الهدوء إلى البلدات في جنوب إسرائيل، كل خطوة لها ثمنها دون استثناء، فعندما تتخذ خطوات كقائد هناك دائما ثمن، وإذا لم تستطع دفع الثمن فلا يمكنك القيادة، وأنا أعرف كيف أتحمل الثمن.» عندما نتأمل ما خفي من الصورة، والتي يرسمها بوضوح وحسم فيلم «ملفات بيبي»، بكل الاعترافات والأقوال - من كاميرات التحقيق المهربة - سنجد أنفسنا أمام نسيج لمخطط ماكر شديد الدهاء كي تُعلن حرب إبادة غزة بضراوة، مع الحرص على إبقائها متأججة، فقد كان نتنياهو يٌغذي حماس ويمنحها الإمكانيات التي تمكنها من اتخاذ الخطوة الأولي، «كانت استراتيجيته أن يدعم المتطرفين ويٌضعف المعتدلين، حيث إبقاء حماس في غزة، بينما السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وقد انفجر هذا في وجوهنا بأبشع طريقة ممكنة في 7 أكتوبر»، بينما هو يٌخبر العالم مرارا وتكرارا بأنه: يعرف كيف يٌْواجه الإرهاب وأنه خبير في مكافحة الإرهاب، أنه حامي إسرائيل، لكننا تحت قيادته دخلنا هذه الحرب غير المعقولة والمجنونة.» «بدأ الأمر بمقتل جيراني في المستوطنة التي أعيش فيها، في النقب، والآن هو مستمر بمقتل جيراني في غزة. أقول للذين يتحدثون عن حل عسكري إن ما يحدث الآن ليس حلاً، إنه مجرد مجزرة في غزة، لا أعتقد أن ذلك يجعل أي شيء في مستقبلنا أو حاضرنا أفضل، إنه ببساطة أمر مروع، هذا الموت، وهذا الألم وهذه القسوة أصبحت أكبر من احتمالنا» هكذا تنطق فتاة إسرائيلية عمرها ٢٠ عاماً. بينما يقول آخرون: إن اليمين المتطرف في إسرائيل يريد حربا مستمرة، حرباً لا تنتهي لأنهم يعتقدون في مخيلتهم أنه يمكننا القضاء على حماس في قطاع غزة، ثم يمكننا القضاء على حزب الله في لبنان، وربما يمكننا أن نحقق وجودنا اليهودي في قطاع غزة وأيضاً في جنوب لبنان. مجددا، إنها شهادات كاشفة موثقة من الداخل الإسرائيلي، وللحديث بقية.


وضوح
٢٨-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- وضوح
'ملفات بيبي'.. هل ستدفع مصر والعرب فاتورة فساد نتنياهو؟!
بقلم. د. أمل الجمل «فقط لنتأكد من أننا فهمنا كلامك بدقة، هل يٌحتمل أن تكون زوجتك قد حصلت على هذه المجوهرات دون علمك؟»إنه أحد أخف الأسئلة الشائكة التي طرحها المحققون الإسرائيليون على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومنها أسئلة أخرى تتعلق بقضايا رشوة وفساد وتضارب المصالح في صفقة الغواصات الألمانية، واتهامات بالاحتيال وخيانة الأمانة بسبب محاولته تعديل قوانين لصالح أرنون ميلشان، إضافة إلى منح مزايا تنظيمية لرجال أعمال مقابل تغطية إعلامية إيجابية له ولأفراد أسرته باستحواذه على أحد أبرز المواقع الإخبارية.ظل نتنياهو ينفي الاتهامات جميعها بينما تُعلق مساعدة المنتج الأمريكي أرنون ميلشان إحدى الشخصيات المتورطة في توصيل الهدايا وشرائها: «هل يُعقل أنه لا يتذكر الألماس الذي حصلت عليه زوجته سارة. لقد كان متورطا في الأمر بشكل شخصي. لقد طلب منها تغييره واصفاً إياه بأنه «روماني» ومبالغ فيه وسيلفت نظر الناس فيجعلهم يتساءلون: من أين لهما به؟ هذه المجوهرات كانت تساوي ربع مليون دولار على الأقل.»المحقق موجهاً حديثه لنتنياهو متسائلاً: هل تدرك أنك ترد على ٩٥٪ من أسئلتنا بعبارة: «لا أتذكر»؟نتنياهو: أنا صدقا لا أتذكرأوزي بيلر صديق نتنياهو منذ الطفولة – «أو كما يصف نفسه بالفيلم أنه صديقه الوحيد – يرد قائلاً: «بيبي يكذب دائما.. أقصد أن الكذب بالنسبة له ليس أمرا سيئا حقا.»ما سبق مجرد شذرات عابرة تتطاير عبر دقائق الفيلم الوثائقي «ملفات بيبي» – مدته ساعتان إلا خمس دقائق – للمخرجة ألكس بلوم التي حصدت أربعة جوائز دولية، ورشحت لتسع جوائز أخرى من بينها ثلاثة جوائز برايم تايم إيمي.الفيلم إنتاج مشترك للعام ٢٠٢٤ بين خمسة أشخاص منهم: مخرجة الفيلم الجنوب أفريقية ألكس بلوم، والصحفي الاستقصائي الإسرائيلي رفيف دروكر أحد الشهود الأساسين بالفيلم والذي رفع ضده نتنياهو ثلاثة قضايا وخسرها جميعاً، والمخرج والمنتج الأمريكي «أليكس جيبني» – الحائز على جائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي ٢٠٠٨ عن شريطه «تاكسي إلى الجانب المظلم».يُوثق الفيلم لكثير من فساد بنيامين نتنياهو ومحاولاته المستميته لقمع الأصوات الصحفية الحرة التي تسعى لكشف فساده، بالحجة والدليل، ومحاولاته لإجراء تعديلات في نظام القضاء – لحماية وتحصين نفسه وأفراد أسرته – والتي ظلت تواجه معارضة قوية واحتجاجات قلبت إسرائيل رأساً على عقب إلى أن انفجرت حرب الإبادة في غزة.يعتمد الفيلم على ثلاثة مصادر: لقطات من الشرائط الصورة – تم تسريبها – للتحقيقات مع نتيناهو على مدار أشهر طويلة كادت أن تبلغ ثلاث سنوات منذ ٢٠١٦ وحتى ٢٠١٨. التحقيقات طالت زوجته، وابنه يائير، إضافة لشخصيات كبيرة من هوليوود مثل المنتج الشهير أرنون ميلشان، وأحد أبرز الشخصيات الاقتصادية الإسرائيلية الآخري القابعة في الظل بخلاف ميلشان، لكن نفوذه كان يمتد للإعلام. وبعضهم تم استجوابه ثلاث وأربع مرات.أثناء مشاهدة الفيلم لديك فرصة نادرة لرؤية أقوى الشخصيات في إسرائيل خلال هذه التحقيقات.. وهم داخل غرفة الاستجواب، ويتعاون مع أسئلة غير مسبوقة، وتحقيقات لم يمروا بها من قبل.. ماذا قدمت؟ على ما حصلت؟ كم عدد المرات التي التقيت به؟ وترى الناس في أكثر لحظات حياتهم توترا.هناك أيضاً لقطات أرشيفية من التلفاز الإسرائيلي، وكثير من الحوارات المصورة خصيصاً للفيلم مع عاملين في بيته، ومع الشخصيات المحيطة بنتنياهو أو المتورطة معه في تلك القضايا، وصحافيين استقصائيين قادوا حملات ضد فساد رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اعتبرته بعض الدول مجرم حرب.تنبع قوة الفيلم من أمرين: أولهما أن الفيلم نظرة من الداخل، فهو قادم من داخل إسرائيل، ينهض على وثائق إسرائيلية، بالصوت والصورة، والشهود إسرائيليين، والمتهم الأساسي على قيد الحياة حر طليق لايزال يمارس فعل الإبادة ضد شعب غزة، ثم تحول مؤخراً لشن الحرب على الضفة الغربية، ثم ها هو يساوم أو يعمل بجهد على ابتزاز مصر والعرب من خلاله مباشرة أو من خلاله حلفائه في البيت الأبيض.ثانيهما، أنه إضافة لما سبق، يكشف العلاقة بين أمريكا وإسرائيل من خلال تورط أحد أنجح منتجي الأفلام في عصره، يتجاوز عددها المائة، ونقصد رجل الأعمال الإسرائيلي والملياردير الذي لم يتوقف عند كونه منتجاً سينمائياً، لكنه كان جاسوس سابق وداعم قوي في تكوين برنامج إسرائيل النووي.«ملفات بيبي» ليس كما زعم البعض – في دهاء – أنه محاكمة سينمائية لطموحات نتنياهو. على النقيض من ذلك، إنه في تقديري عمل سينمائي كاشف للأسباب الحقيقية وراء اندلاع حرب غزة، وعواقبها، وما يريد أن يفعله نتنياهو بمصر والعرب.إنه عمل سينمائي منسوج بمهارة يكشف ويُوثق محاكمة قانونية لفساد نتنياهو المتجذر، والذي ما خفي منه ربما يكون أعظم، لكن ماذا سيكون أعظم من حرب الإبادة التي قادها ضد شعب غزة لتشتيت الانتباه عن محاكمته والإفلات من السجن؟ «فبعد أحداث ٧ أكتوبر تحولت الحرب إلى وسيلة أخرى لضمان بقائه في السلطة.. إنه يزدهر في أوقات الحروب، يزدهر في أوقات عدم الاستقرار، ويزدهر عندما نشغل بالصراعات بيننا.»السؤال الآن: ما علاقة فيلم «ملفات بيبي» – وكل ما تضمنه من أفعال للفساد وخيانة الأمانة وكافة التهم الموجهة إلى بنيامين نتنياهو – بما يحدث حاليا مع مصر وعدد من الدول العربية، سواء ابتزاز ترامب وخططه غير القانونية التي يسعى جاهدا لفرضها على مصر والمنطقة العربية لأجل تهجير سكان غزة إلى أراضيها؟العلاقة أساسية وقوية جدا. أساسا كيف وضع بيبي تخطيطاً هندسيا لبث الفوضى على مدار سنوات، لتنصيب شخصيات إرهابية، ويمينية متطرفة لتدعمه أصلا في شن الحرب بعد أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ .. فكل جهود نتنياهو لإبادة شعب غزة ما هي إلا محاولة للإفلات من المحاكمة فقد كان قرار سجنه على الأبواب، ولو لم يقم بهذه الحرب، ولو لم يستمر في تأجيجها، ويتأكد دوما من بقائها مشتعلة، لولا كل ما سبق لم تكن الدولة الديموقراطية ستسمح له بالإفلات من العدالة كما فعلت من مسؤولين إسرائيليين سابقين.. هذا ما يُؤكده الشهود بالفيلم، وهذا ما سنحكي عنه تفصيلا في الحلقات التالية

مصرس
٢٤-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- مصرس
«ملفات بيبي».. هل ستدفع مصر والعرب فاتورة فساد نتنياهو؟!
«فقط لنتأكد من أننا فهمنا كلامك بدقة، هل يٌحتمل أن تكون زوجتك قد حصلت على هذه المجوهرات دون علمك؟» إنه أحد أخف الأسئلة الشائكة التي طرحها المحققون الإسرائيليون على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومنها أسئلة أخرى تتعلق بقضايا رشوة وفساد وتضارب المصالح في صفقة الغواصات الألمانية، واتهامات بالاحتيال وخيانة الأمانة بسبب محاولته تعديل قوانين لصالح أرنون ميلشان، إضافة إلى منح مزايا تنظيمية لرجال أعمال مقابل تغطية إعلامية إيجابية له ولأفراد أسرته باستحواذه على أحد أبرز المواقع الإخبارية.ظل نتنياهو ينفي الاتهامات جميعها بينما تُعلق مساعدة المنتج الأمريكي أرنون ميلشان إحدى الشخصيات المتورطة في توصيل الهدايا وشرائها: «هل يُعقل أنه لا يتذكر الألماس الذي حصلت عليه زوجته سارة. لقد كان متورطا في الأمر بشكل شخصي. لقد طلب منها تغييره واصفاً إياه بأنه «روماني» ومبالغ فيه وسيلفت نظر الناس فيجعلهم يتساءلون: من أين لهما به؟ هذه المجوهرات كانت تساوي ربع مليون دولار على الأقل.»المحقق موجهاً حديثه لنتنياهو متسائلاً: هل تدرك أنك ترد على 95٪ من أسئلتنا بعبارة: «لا أتذكر»؟نتنياهو: أنا صدقا لا أتذكرأوزي بيلر صديق نتنياهو منذ الطفولة - «أو كما يصف نفسه بالفيلم أنه صديقه الوحيد - يرد قائلاً: «بيبي يكذب دائما.. أقصد أن الكذب بالنسبة له ليس أمرا سيئا حقا.»ما سبق مجرد شذرات عابرة تتطاير عبر دقائق الفيلم الوثائقي «ملفات بيبي» - مدته ساعتان إلا خمس دقائق - للمخرجة ألكس بلوم التي حصدت أربعة جوائز دولية، ورشحت لتسع جوائز أخرى من بينها ثلاثة جوائز برايم تايم إيمي.الفيلم إنتاج مشترك للعام 2024 بين خمسة أشخاص منهم: مخرجة الفيلم الجنوب أفريقية ألكس بلوم، والصحفي الاستقصائي الإسرائيلي رفيف دروكر أحد الشهود الأساسين بالفيلم والذي رفع ضده نتنياهو ثلاثة قضايا وخسرها جميعاً، والمخرج والمنتج الأمريكي «أليكس جيبني» - الحائز على جائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي 2008 عن شريطه «تاكسي إلى الجانب المظلم».يُوثق الفيلم لكثير من فساد بنيامين نتنياهو ومحاولاته المستميته لقمع الأصوات الصحفية الحرة التي تسعى لكشف فساده، بالحجة والدليل، ومحاولاته لإجراء تعديلات في نظام القضاء - لحماية وتحصين نفسه وأفراد أسرته - والتي ظلت تواجه معارضة قوية واحتجاجات قلبت إسرائيل رأساً على عقب إلى أن انفجرت حرب الإبادة في غزة.يعتمد الفيلم على ثلاثة مصادر: لقطات من الشرائط الصورة - تم تسريبها - للتحقيقات مع نتيناهو على مدار أشهر طويلة كادت أن تبلغ ثلاث سنوات منذ 2016 وحتى 2018. التحقيقات طالت زوجته، وابنه يائير، إضافة لشخصيات كبيرة من هوليوود مثل المنتج الشهير أرنون ميلشان، وأحد أبرز الشخصيات الاقتصادية الإسرائيلية الآخري القابعة في الظل بخلاف ميلشان، لكن نفوذه كان يمتد للإعلام. وبعضهم تم استجوابه ثلاث وأربع مرات.أثناء مشاهدة الفيلم لديك فرصة نادرة لرؤية أقوى الشخصيات في إسرائيل خلال هذه التحقيقات.. وهم داخل غرفة الاستجواب، ويتعاون مع أسئلة غير مسبوقة، وتحقيقات لم يمروا بها من قبل.. ماذا قدمت؟ على ما حصلت؟ كم عدد المرات التي التقيت به؟ وترى الناس في أكثر لحظات حياتهم توترا.هناك أيضاً لقطات أرشيفية من التلفاز الإسرائيلي، وكثير من الحوارات المصورة خصيصاً للفيلم مع عاملين في بيته، ومع الشخصيات المحيطة بنتنياهو أو المتورطة معه في تلك القضايا، وصحافيين استقصائيين قادوا حملات ضد فساد رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اعتبرته بعض الدول مجرم حرب.تنبع قوة الفيلم من أمرين: أولهما أن الفيلم نظرة من الداخل، فهو قادم من داخل إسرائيل، ينهض على وثائق إسرائيلية، بالصوت والصورة، والشهود إسرائيليين، والمتهم الأساسي على قيد الحياة حر طليق لايزال يمارس فعل الإبادة ضد شعب غزة، ثم تحول مؤخراً لشن الحرب على الضفة الغربية، ثم ها هو يساوم أو يعمل بجهد على ابتزاز مصر والعرب من خلاله مباشرة أو من خلاله حلفائه في البيت الأبيض.ثانيهما، أنه إضافة لما سبق، يكشف العلاقة بين أمريكا وإسرائيل من خلال تورط أحد أنجح منتجي الأفلام في عصره، يتجاوز عددها المائة، ونقصد رجل الأعمال الإسرائيلي والملياردير الذي لم يتوقف عند كونه منتجاً سينمائياً، لكنه كان جاسوس سابق وداعم قوي في تكوين برنامج إسرائيل النووي.«ملفات بيبي» ليس كما زعم البعض - في دهاء - أنه محاكمة سينمائية لطموحات نتنياهو. على النقيض من ذلك، إنه في تقديري عمل سينمائي كاشف للأسباب الحقيقية وراء اندلاع حرب غزة، وعواقبها، وما يريد أن يفعله نتنياهو بمصر والعرب.إنه عمل سينمائي منسوج بمهارة يكشف ويُوثق محاكمة قانونية لفساد نتنياهو المتجذر، والذي ما خفي منه ربما يكون أعظم، لكن ماذا سيكون أعظم من حرب الإبادة التي قادها ضد شعب غزة لتشتيت الانتباه عن محاكمته والإفلات من السجن؟ «فبعد أحداث 7 أكتوبر تحولت الحرب إلى وسيلة أخرى لضمان بقائه في السلطة.. إنه يزدهر في أوقات الحروب، يزدهر في أوقات عدم الاستقرار، ويزدهر عندما نشغل بالصراعات بيننا.»السؤال الآن: ما علاقة فيلم «ملفات بيبي» - وكل ما تضمنه من أفعال للفساد وخيانة الأمانة وكافة التهم الموجهة إلى بنيامين نتنياهو - بما يحدث حاليا مع مصر وعدد من الدول العربية، سواء ابتزاز ترامب وخططه غير القانونية التي يسعى جاهدا لفرضها على مصر والمنطقة العربية لأجل تهجير سكان غزة إلى أراضيها؟العلاقة أساسية وقوية جدا. أساسا كيف وضع بيبي تخطيطاً هندسيا لبث الفوضى على مدار سنوات، لتنصيب شخصيات إرهابية، ويمينية متطرفة لتدعمه أصلا في شن الحرب بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023 .. فكل جهود نتنياهو لإبادة شعب غزة ما هي إلا محاولة للإفلات من المحاكمة فقد كان قرار سجنه على الأبواب، ولو لم يقم بهذه الحرب، ولو لم يستمر في تأجيجها، ويتأكد دوما من بقائها مشتعلة، لولا كل ما سبق لم تكن الدولة الديموقراطية ستسمح له بالإفلات من العدالة كما فعلت من مسؤولين إسرائيليين سابقين.. هذا ما يُؤكده الشهود بالفيلم، وهذا ما سنحكي عنه تفصيلا في الحلقات التالية.


مصراوي
٢٤-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- مصراوي
«ملفات بيبي».. هل ستدفع مصر والعرب فاتورة فساد نتنياهو؟!
«فقط لنتأكد من أننا فهمنا كلامك بدقة، هل يٌحتمل أن تكون زوجتك قد حصلت على هذه المجوهرات دون علمك؟» إنه أحد أخف الأسئلة الشائكة التي طرحها المحققون الإسرائيليون على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومنها أسئلة أخرى تتعلق بقضايا رشوة وفساد وتضارب المصالح في صفقة الغواصات الألمانية، واتهامات بالاحتيال وخيانة الأمانة بسبب محاولته تعديل قوانين لصالح أرنون ميلشان، إضافة إلى منح مزايا تنظيمية لرجال أعمال مقابل تغطية إعلامية إيجابية له ولأفراد أسرته باستحواذه على أحد أبرز المواقع الإخبارية. ظل نتنياهو ينفي الاتهامات جميعها بينما تُعلق مساعدة المنتج الأمريكي أرنون ميلشان إحدى الشخصيات المتورطة في توصيل الهدايا وشرائها: «هل يُعقل أنه لا يتذكر الألماس الذي حصلت عليه زوجته سارة. لقد كان متورطا في الأمر بشكل شخصي. لقد طلب منها تغييره واصفاً إياه بأنه «روماني» ومبالغ فيه وسيلفت نظر الناس فيجعلهم يتساءلون: من أين لهما به؟ هذه المجوهرات كانت تساوي ربع مليون دولار على الأقل.» المحقق موجهاً حديثه لنتنياهو متسائلاً: هل تدرك أنك ترد على ٩٥٪ من أسئلتنا بعبارة: «لا أتذكر»؟ نتنياهو: أنا صدقا لا أتذكر أوزي بيلر صديق نتنياهو منذ الطفولة - «أو كما يصف نفسه بالفيلم أنه صديقه الوحيد - يرد قائلاً: «بيبي يكذب دائما.. أقصد أن الكذب بالنسبة له ليس أمرا سيئا حقا.» ما سبق مجرد شذرات عابرة تتطاير عبر دقائق الفيلم الوثائقي «ملفات بيبي» - مدته ساعتان إلا خمس دقائق - للمخرجة ألكس بلوم التي حصدت أربعة جوائز دولية، ورشحت لتسع جوائز أخرى من بينها ثلاثة جوائز برايم تايم إيمي. الفيلم إنتاج مشترك للعام ٢٠٢٤ بين خمسة أشخاص منهم: مخرجة الفيلم الجنوب أفريقية ألكس بلوم، والصحفي الاستقصائي الإسرائيلي رفيف دروكر أحد الشهود الأساسين بالفيلم والذي رفع ضده نتنياهو ثلاثة قضايا وخسرها جميعاً، والمخرج والمنتج الأمريكي «أليكس جيبني» - الحائز على جائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي ٢٠٠٨ عن شريطه «تاكسي إلى الجانب المظلم». يُوثق الفيلم لكثير من فساد بنيامين نتنياهو ومحاولاته المستميته لقمع الأصوات الصحفية الحرة التي تسعى لكشف فساده، بالحجة والدليل، ومحاولاته لإجراء تعديلات في نظام القضاء - لحماية وتحصين نفسه وأفراد أسرته - والتي ظلت تواجه معارضة قوية واحتجاجات قلبت إسرائيل رأساً على عقب إلى أن انفجرت حرب الإبادة في غزة. يعتمد الفيلم على ثلاثة مصادر: لقطات من الشرائط الصورة - تم تسريبها - للتحقيقات مع نتيناهو على مدار أشهر طويلة كادت أن تبلغ ثلاث سنوات منذ ٢٠١٦ وحتى ٢٠١٨. التحقيقات طالت زوجته، وابنه يائير، إضافة لشخصيات كبيرة من هوليوود مثل المنتج الشهير أرنون ميلشان، وأحد أبرز الشخصيات الاقتصادية الإسرائيلية الآخري القابعة في الظل بخلاف ميلشان، لكن نفوذه كان يمتد للإعلام. وبعضهم تم استجوابه ثلاث وأربع مرات. أثناء مشاهدة الفيلم لديك فرصة نادرة لرؤية أقوى الشخصيات في إسرائيل خلال هذه التحقيقات.. وهم داخل غرفة الاستجواب، ويتعاون مع أسئلة غير مسبوقة، وتحقيقات لم يمروا بها من قبل.. ماذا قدمت؟ على ما حصلت؟ كم عدد المرات التي التقيت به؟ وترى الناس في أكثر لحظات حياتهم توترا. هناك أيضاً لقطات أرشيفية من التلفاز الإسرائيلي، وكثير من الحوارات المصورة خصيصاً للفيلم مع عاملين في بيته، ومع الشخصيات المحيطة بنتنياهو أو المتورطة معه في تلك القضايا، وصحافيين استقصائيين قادوا حملات ضد فساد رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اعتبرته بعض الدول مجرم حرب. تنبع قوة الفيلم من أمرين: أولهما أن الفيلم نظرة من الداخل، فهو قادم من داخل إسرائيل، ينهض على وثائق إسرائيلية، بالصوت والصورة، والشهود إسرائيليين، والمتهم الأساسي على قيد الحياة حر طليق لايزال يمارس فعل الإبادة ضد شعب غزة، ثم تحول مؤخراً لشن الحرب على الضفة الغربية، ثم ها هو يساوم أو يعمل بجهد على ابتزاز مصر والعرب من خلاله مباشرة أو من خلاله حلفائه في البيت الأبيض. ثانيهما، أنه إضافة لما سبق، يكشف العلاقة بين أمريكا وإسرائيل من خلال تورط أحد أنجح منتجي الأفلام في عصره، يتجاوز عددها المائة، ونقصد رجل الأعمال الإسرائيلي والملياردير الذي لم يتوقف عند كونه منتجاً سينمائياً، لكنه كان جاسوس سابق وداعم قوي في تكوين برنامج إسرائيل النووي. «ملفات بيبي» ليس كما زعم البعض - في دهاء - أنه محاكمة سينمائية لطموحات نتنياهو. على النقيض من ذلك، إنه في تقديري عمل سينمائي كاشف للأسباب الحقيقية وراء اندلاع حرب غزة، وعواقبها، وما يريد أن يفعله نتنياهو بمصر والعرب. إنه عمل سينمائي منسوج بمهارة يكشف ويُوثق محاكمة قانونية لفساد نتنياهو المتجذر، والذي ما خفي منه ربما يكون أعظم، لكن ماذا سيكون أعظم من حرب الإبادة التي قادها ضد شعب غزة لتشتيت الانتباه عن محاكمته والإفلات من السجن؟ «فبعد أحداث ٧ أكتوبر تحولت الحرب إلى وسيلة أخرى لضمان بقائه في السلطة.. إنه يزدهر في أوقات الحروب، يزدهر في أوقات عدم الاستقرار، ويزدهر عندما نشغل بالصراعات بيننا.» السؤال الآن: ما علاقة فيلم «ملفات بيبي» - وكل ما تضمنه من أفعال للفساد وخيانة الأمانة وكافة التهم الموجهة إلى بنيامين نتنياهو - بما يحدث حاليا مع مصر وعدد من الدول العربية، سواء ابتزاز ترامب وخططه غير القانونية التي يسعى جاهدا لفرضها على مصر والمنطقة العربية لأجل تهجير سكان غزة إلى أراضيها؟ العلاقة أساسية وقوية جدا. أساسا كيف وضع بيبي تخطيطاً هندسيا لبث الفوضى على مدار سنوات، لتنصيب شخصيات إرهابية، ويمينية متطرفة لتدعمه أصلا في شن الحرب بعد أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ .. فكل جهود نتنياهو لإبادة شعب غزة ما هي إلا محاولة للإفلات من المحاكمة فقد كان قرار سجنه على الأبواب، ولو لم يقم بهذه الحرب، ولو لم يستمر في تأجيجها، ويتأكد دوما من بقائها مشتعلة، لولا كل ما سبق لم تكن الدولة الديموقراطية ستسمح له بالإفلات من العدالة كما فعلت من مسؤولين إسرائيليين سابقين.. هذا ما يُؤكده الشهود بالفيلم، وهذا ما سنحكي عنه تفصيلا في الحلقات التالية.