logo
#

أحدث الأخبار مع #آلانغاربر،

ترامب في الـ100 يوم الأولى: مشروع للفوضى غير الخلاقة
ترامب في الـ100 يوم الأولى: مشروع للفوضى غير الخلاقة

الجزيرة

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الجزيرة

ترامب في الـ100 يوم الأولى: مشروع للفوضى غير الخلاقة

تُمثل المائة يوم الأولى لأي رئيس أميركي فرصةً ذهبية لتهيئة الظروف الملائمة لترسيخ قيادته، وتحديد منظوره الرئاسي للتعاطي مع القضايا الملحة التي تواجه الولايات المتحدة الأميركية على الصعيدين؛ الداخلي والخارجي، وبات الجدل حول مخرجات الـ 14 أسبوعًا الأولى للرئيس جزءًا من نقاشات النخبة المثقفة في واشنطن، ورؤيتها للخطاب السياسي لساكن البيت الأبيض وفريق عمله التنفيذي. ومن هنا يحاول هذا المقال تقديم رؤية تحليلية للمائة يوم الأولى للرئيس ترامب من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية: ما حجم التهديد الذي شكلته هذه الفترة من رئاسة ترامب على مشروع الديمقراطية الأميركية، وما المؤشرات الدالة على ذلك؟ ما تأثير السياسات التي تبناها خلال هذه الفترة على الوضع الاقتصادي الداخلي للولايات المتحدة الأميركية؟ إلى أي مدى أسهمت مخرجات سياساته الداخلية في التأثير على الخيارات الخارجية لواشنطن؟ ما التوقعات التي ينتظرها العالم من أميركا، وإلى أي مدى تُعد واقعية؟ وهل يشهد العالم أُفول الإمبراطورية الأميركية، وما مترتبات ذلك على الأمن الإقليمي والدولي؟ تهديد المشروع الديمقراطي الأميركي ينظر الكثير من الأميركيين للرئيس ترامب كمهدد للمشروع الديمقراطي الذي بناه الآباء المؤسسون، وذلك من خلال المؤشرات التالية: إعلان أولًا: تمدد السلطة التشريعية للرئيس يُمثل مبدأ الفصل بين السلطات أحد أهم المعايير المعتمدة في تحديد ديمقراطية النظام الأميركي، وهذا يعني استقلالية كل سلطة عن الأخرى في أداء عملها، ويلاحظ في هذا الجانب أنّ ترامب قد تغوّل على صلاحيات تُعد من اختصاص الكونغرس، والتي من بينها القضايا المتعلقة بالتجارة مع الدول الأخرى، فالكونغرس يتولى مسؤولية تقديم المشورة والمراقبة والتشريع بشأن قضايا السياسة التجارية الأميركية. وتتولى لجنتان، هما لجنة الوسائل والطرق في مجلس النواب ولجنة المالية في مجلس الشيوخ، المسؤولية الرئيسية عن قضايا السياسة التجارية. ولكلٍّ من هاتين اللجنتين لجنة فرعية معنية بالتجارة. ووفقًا لرأي شريحة من أساتذة القانون الدستوري، تُعتبر سياسات ترامب الجمركية التي أربكت الاقتصاد العالمي واحدة من تمظهرات هذا التغول في الأمر التشريعي الذي هو من اختصاص الكونغرس، على الرغم من وجود تشريعات تعطي الرئيس الحق في مباشرة دور مهم ومؤثر على صعيد التجارة الخارجية في حالة وجود ما يهدد الأمن الوطني الأميركي. وبالتالي فإنّ الحرب التجارية التي أشعلها ترامب تُعد في رأي كثير من المحللين نوعًا من التهديد المُتخيل الذي لا وجود له إلا في ذهن الرئيس، بيد أنّ الأمر المهم في هذا الجانب هو التغول على سلطات تشريعية هي من اختصاص الكونغرس، وهو أمر مقلق من منظور استدامة النظام الديمقراطي الأميركي الذي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات. واجهت شرائح مقدرة من الأفراد، والمنظمات والجامعات خطر الملاحقات الجنائية وقطع التمويل والفصل من العمل بمعياري عدم الولاء، ومعاداة السامية، وفي هذا الجانب تمثل المعركة الشرسة الدائرة بين إدارة ترامب وجامعة هارفارد واحدة من تجليات التدخل السافر في الحرية الأكاديمية لمؤسسات التعليم العالي الأميركية. وقد دفع ذلك رئيس الجامعة آلان غاربر، لكتابة رسالة مفتوحة إلى الإدارة الجمهورية برئاسة ترامب رافضًا فيها قائمة مطالب قدمتها الأخيرة إلى الجامعة، حيث أكد غاربر أنه : "لا ينبغي لأي حكومة – بغض النظر عن الحزب الحاكم – أن تُملي على الجامعات الخاصة ما يُمكنها تدريسه، وقبوله وتوظيفه، ومجالات الدراسة والبحث التي يُمكنها متابعتها". ويدخل في إطار عملية توظيف القانون لملاحقة الخصوم السياسيين كأحد مهددات النظام الديمقراطي، ما قامت به المدعية العامة الفدرالية العليا في نيوجيرسي ألينا هابا التي عيّنها ترامب قبل شهر مضى، حيث فتحت تحقيقًا مع الحاكم الديمقراطي فيل مورفي والمدعي العام للولاية مات بلاتكين؛ بسبب توجيههما أجهزة إنفاذ القانون بالولاية بعدم التعاون مع العملاء الفدراليين الذين ينفذون قوانين الهجرة، مع الأخذ في الاعتبار أن القانون يعطي السلطات الولائية والمحلية الحق في عدم التعاون في إنفاذ أوامر القبض والإبعاد الصادرة من سلطات الهجرة. وكان من ضحايا هذا التعسف في توظيف القانون لحسم الخصومة السياسية الناشئة عن اختلاف زوايا النظر للمجازر التي ارتكبت ضد الأبرياء في غزة، عددٌ من الطلاب الدوليين، وبات كل الذين تظاهروا ضد تلك المجازر إبان الحراك الطلابي الأميركي هدفًا للإبعاد بواسطة سلطات الهجرة، حيث لم يُعطوا حق الدفاع عن أنفسهم. وفي ذات المنحى أُلغيت الكثير من التأشيرات سارية المفعول التي كان يتمتع بها أولئك الطلاب. وفي نظر كثير من الجمعيات الحقوقية والمدنية، فإنّ تلك الإجراءات تُعد انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان، والتي من بينها الحق في المحاكمة العادلة حال ثبوت الجرم، بجانب أنّ التعسف في توظيف القانون يُعد تقويضًا للحرية المدنية التي تُعد واحدة من ملامح الديمقراطية الأميركية. الأوامر التنفيذية شكلت المائة يوم الأولى من الولاية الثانية لترامب أكثر الفترات زعزعةً للاستقرار في التاريخ الأميركي الحديث، وبدلًا من اللجوء للكونغرس في تمرير أجندته التشريعية، لجأ لسياسة إصدار الأوامر التنفيذية والعمل على الالتفاف على الهيئة التشريعية، والدفع بمشروعه السياسي دون أي دور رقابي. وفي هذا السياق، فإن ترامب منذ توليه الرئاسة وحتى لحظة إكماله الثلاثة أشهر الأولى، قام بإصدار 142 أمرًا تنفيذيًا، على خلاف فترة رئاسته الأولى في العام 2017 والتي شهدت 33 أمرًا تنفيذيًا، وتُعد هذه النسبة العليا في تاريخ الرؤساء خلال فترة المائة يوم الأولى. وهذا يعكس حجم الإرباك؛ بسبب تجاوز المؤسسة التشريعية، رغم أن حزبه يسيطر على مجلسي النواب والشيوخ. تسييس الخدمة المدنية تُشكّل عملية تسييس الخدمة المدنية إحدى المعاضل التي تعاني منها الدول النامية، ويتمثل ذلك في تعيين أهل الثقة والولاء وتقديمهم على أصحاب الكفاءة، ولم تكن هذه الظاهرة حاضرة في القاموس السياسي الأميركي، خاصة في المؤسسات ذات الطابع المهني، كالخارجية، والدفاع والمؤسسات الأمنية، بيد أنّ هؤلاء في نظر الرئيس ترامب امتداد لما يسميهم بالدولة العميقة التي قامت بتعطيل مشروعه السياسي في فترة رئاسته الأولى، وبالتالي وجب استئصالهم بفرضية أنّهم أعداء الأمة. وكانت عملية استئصال هؤلاء تدخل ضمن وعوده الانتخابية التي قال فيها: " يجب أن نسترد الدولة من أعضاء الدولة العميقة، فهم أعداء يعيشون بيننا"، ولذلك قام بإصدار سلسلةً من الأوامر والمذكرات التي أعاقت عمل وكالات ودوائر حكومية عديدة، فجاء التفكير في إنشاء إدارة الكفاءة الحكومية المعروفة اختصارًا بـDOGE، وأُسندت إدارتها لإيلون ماسك؛ بغرض تحسين كفاءة الوكالات الحكومية، ولكن تم توظيف هذه الوكالة الجديدة في التخلص من عدد كبير من الموظفين الفدراليين، ومن المرجح أن يُلغي 100 ألف وظيفة على أقل التقديرات، وربما أكثر من ذلك بكثير ما لم تُلغِ المحاكم هذه القرارات. وفي المقابل تم توظيف عدد كبير من أصحاب الولاء لترامب، وهذا التطهير الذي طال الموظفين الفدراليين ستكون له انعكاسات كبيرة على مستقبل الولايات المتحدة، وقدرتها التنافسية في مواجهة الصين وبقية المنافسين الإستراتيجيين. الوضع الاقتصادي يُمكن قراءة الوضع الاقتصادي من خلال أحد استطلاعات الرأي التي أجرتها قناة فوكس نيوز المقربة من ترامب، والتي أشارت إلى أنّ نسبة المؤيدين لسياسات ترامب الاقتصادية بلغت 38% فقط، وترتبط النسبة المنخفضة لشعبية ترامب فيما يلي إدارته للملف الاقتصادي خلال فترة المائة يوم الأولى؛ بسبب عامل ارتفاع أسعار السلع والخدمات، والذي قاد لازدياد معدلات التضخم؛ بسبب رفع التعريفة الجمركية على واردات السلع الأجنبية. وقد أشار رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي جيروم باول في هذا الصدد في مؤتمر صحفي، إلى أنّ الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب بدأت في دفع التضخم إلى الارتفاع، ومن المرجح أن تعرقل التقدم الذي شهده البنك المركزي في خفض التضخم الذي بلغ ذروته في عام 2022. وحسب توقعات باول، فإنّ بنك الاحتياطي الفدرالي لا يزال يتوقع عودة التضخم إلى ما يقرب من 2% بحلول نهاية العام المقبل، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ نسبة التضخم الحالية تبلغ 2.4%، مؤكدًا على أنّ التعريفات الجمركية قد تؤدي فقط إلى زيادة في الأسعار، بدلًا من تعزيز التضخم بشكل مستمر. ومن المنظور التحليلي، يمكن القول إنه رغم هذه الصورة المتفائلة التي رسمت للاقتصاد الأميركي من رئيس بنك الاحتياطي المركزي، تظل الحقيقة الماثلة الآن بالنسبة للمواطن الأميركي العادي الذي يتعامل مع احتياجاته اليومية في مراكز بيع السلع والخدمات، أنّ الأسعار تتجاوز قدرته على الإنفاق، وهذا ما انعكس على انخفاض شعبية ترامب فيما يتصل بإدارته للملف الاقتصادي، إذ بلغت 36%، ويمكن لهذا الارتفاع الجنوني الذي تشهده الأسواق الأميركية، إذا استمر، أن تكون له نتائج سياسية مباشرة في تركيبة السلطة في واشنطن على مستوى انتخابات التجديد النصفي القادمة، وعلى المستوى الخارجي. البريكست التجاري وتداعياته لم يسبق قرار ترامب خلال مئويته الأولى بمحاربة العالم أجمع، والخروج من النظام الاقتصادي العالمي الذي تشكلت ملامحه عبر اتفاق بريتون وودز الموقع في عام 1944، والذي كان أساسًا للتجارة الحرة بين الدول، أي فترة انتقالية مثلما حدث في تجربة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. بيد أنّ العيب الرئيسي لخروجها وقتذاك تمثل في اضطراب العلاقات الاقتصادية والتجارية. ليقود ذلك فيما بعد إلى تراجع اقتصادها (المملكة المتحدة) وتراجع تجارتها مع أقرب جيرانها، وواجهت بسبب ذلك حواجز أكبر أمام التجارة وتدفقات رأس المال وتنقل العمالة، مما أثر سلبًا على الإنتاج والوظائف، وذات الأمر يمكن أن ينطبق على الولايات المتحدة الأميركية؛ نتيجة الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأميركي خلال مئويته الأولى. ويعتقد الرئيس ترامب أنّه قادر على إعادة رسم خريطة النظام التجاري العالمي، وإجبار غرمائه التجاريين على الجلوس على طاولة المفاوضات عبر الضغط التجاري، وهو ما لم يحدث حتى الآن. فحظوظ واشنطن في التواجد الدولي وقيادة النظام العالمي ترتبط مباشرة بانفتاحها على العالم، وليس انغلاقها على نفسها، والتقوقع في محيط السياسات الحمائية التي ستضعف من قدراتها على التفاعل الإيجابي، وإثراء تجربتها التي ازدهرت بفعل حرية حركة رؤوس الأموال والأفراد. فالبريكست البشري الذي عزّزته سياسة غلق الحدود وإبعاد المهاجرين وترحيلهم إلى بلدانهم التي جاؤوا منها، رغم أنّه يقع ضمن نطاق وعود ترامب الانتخابية، والتي نجح فيها بصورة واضحة خلال المائة يوم الماضية، فإنّه يُشكل تعطيلًا لرافد طالما أثرى الخلق والابتكار في رحلة أميركا نحو التميز في ضروب شتى خاصة قطاع التكنولوجيا، وما تجربة السيليكون فالي وروادها ببعيدة. ولعل أبرز المستفيدين من بريكست واشنطن التجاري، هي الصين، التي ستتاح لها فرصة التغلغل في أقاليم مختلفة من العالم، وذلك بمنطق أنّ أي فراغ ستخلفه أميركا سيُملأ بفاعل صيني، مع الأخذ في الاعتبار أنّ بكين قطعت أشواطًا بعيدة في اتجاه ربط نفسها بمختلف أقاليم العالم عبر مبادرة الحزام والطريق، وبالتالي فإن حرب ترامب التجارية في مئويته الأولى، واختياره العزلة الحمائية، سيتيحان فرصة أكبر للصين بتقديم نفسها كقوة بديلة مستعدة للدخول في شراكات مثمرة ستُمكنها فيما بعد بترجمة النفوذ التجاري والاقتصادي إلى نفوذ عسكري ودفاعي يُمكنها من فرض شروط وقواعد اللعبة التي انفردت بها أميركا لعقود. شهدت المائة يوم الأولى للرئيس ترامب على الصعيد الخارجي، تفاقم أزمة الثقة في النظام الأميركي برمته، وذلك بسبب استمرار واشنطن في استخدام سياساتها الاقتصادية كسلاح، وتقويض مؤسساتها الداخلية التي بنيت على قاعدة تعزيز حكم القانون. وفي هذا الصدد، يشير الرئيس التنفيذي لشركة ديفير إلى أن الثقة بالدولار ارتكزت منذ زمن طويل على سيادة القانون، والاستقرار الجيوسياسي، والقيادة الاقتصادية الأميركية الثابتة، ولكن مع تفكيك ترامب خريطة تحالفاته مع شركائه الأوروبيين، واعتماده في الحكم على قرارات تنفيذية، قاد ذلك لإضعاف ثقة الكثير من الشركاء الفعليين، والشركاء المحتملين في الولايات المتحدة، وبات ينظر لها رغم مكانتها باعتبارها شريكًا غير موثوق به. ومن العوامل التي عززت من عدم الثقة في الإدارة الأميركية، أنّ إدارة ترامب لم تضغط على نتنياهو للتفاوض بجدية لوقف الحرب في غزة، رغم أنّ الطرف الفلسطيني قد أوفى بتعهداته، ولم يحرك إصرارُ رئيس الوزراء الإسرائيلي على حقه في مواصلة الحرب، حتى لو أطلقت حماس سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، الإدارةَ الأميركية الجديدة في أن تتقدم خطوة تجاه الوفاء بتعهداتها للناخبين وللعالم، الأمر الذي يُضعف من أي فرص لتعاطي العالم مع واشنطن بوصفها شريكًا مؤتمنًا يمكن الوثوق به. ولعل ما رشح من معلومات عن دخولها في تفاوض سري مع إيران بغية الوصول لتسوية ربما تحيّد طهران عن المضي قدمًا في مشروعها النووي، وتحويله للأغراض السلمية، يعزز من عدم الموثوقية في أميركا، والتي ربما أدارت ظهرها بهكذا خطوة لشركائها الخليجيين، وهو ما حدث للحلفاء الأوروبيين، خاصة في الملف الأوكراني. وعليه فإنّ أي تراجع في دور واشنطن بسبب الانكفاء الداخلي، أو عدم ثقة الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية في أميركا سيصبّ في صالح الصين. ثمة موضوع آخر يمكن الإشارة إليه في سياق خطأ المقاربة الخارجية لترامب في مئويته الأولى، وهو موضوع إحلال السلام في أوكرانيا، حيث وعد بإنهاء الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا في وقت وجيز، بيد أنّ خطأ التقديرات السياسية، قاد إلى خلق نوع من عدم الثقة بين واشنطن وكييف من جهة، وأميركا والشركاء الأوروبيين من جهة أخرى، الأمر الذي يصب في محصلته النهائية في إضعاف الدور الخارجي للولايات المتحدة الأميركية. الخلاصة تُمثل المئوية الأولى من فترة رئاسة ترامب الثانية تحديًا حقيقيًا للداخل الأميركي وللخارج، فعلى الصعيد الداخلي فإنّ إضعاف روح القانون وسيادته وتوظيف المؤسسات العدلية للعب دور سياسي، أمرٌ بالغ الخطورة، ولعل أحد أهم تداعياته هو أنّ الديمقراطية الأميركية ستكون مهددة بشكل كامل، وربما يتعاظم هذا التهديد بعد انتهاء ولاية ترامب الثانية، وذلك من واقع أنّ ما يقوم به ترامب سيضعف ثقة الناس في المؤسسات باعتبارها قائمة على الولاء، وليس على الكفاءة، وبالتالي سينزع ذلك عنها ثوب الشرعية، الأمر الذي سيجعل من الصعوبة، إن لم يكن من الاستحالة، أن تلعب واشنطن دورًا خارجيًا مؤثرًا باعتبارها قوة عظمى؛ بسبب انكشاف ظهرها، وصعوبة ترميم ما قام به ترامب خلال مائة يوم، ناهيك عما سيقوم به خلال أكثر من ثلاث سنوات قادمة. وفي المقابل، فإنّ تآكل أميركا من الداخل، وعجزها عن لعب دور يتّسق ومكانتها على الصعيد الخارجي، سيُغريان الصين وعددًا من المنافسين الدوليين بملء الفراغ الذي ستخلفه واشنطن، ولن تمضي الحرب التجارية التي أشعلها ترامب ضد الكل بدون تداعيات. ولعل أبرز تلك المترتبات هو أنّ هناك أطرافًا عديدة باتت قادرة على أن تقول لأميركا لا يمكنك فعل ذلك بدون ثمن، ومع عجز ترامب عن الوفاء بتعهداته التي قطعها على نفسه في خطاب التنصيب بأنّه قادر على إعادة "الإيمان والثروة والديمقراطية والحرية" فإنّ الباب يظل مفتوحًا لتشكل نظام متعدد الأقطاب تلعب فيه أميركا دورًا محدودًا أسوة بالآخرين.

بعد 100 يوم في الحكم.. هل قضى ترامب على أميركا؟
بعد 100 يوم في الحكم.. هل قضى ترامب على أميركا؟

الجزيرة

time٣٠-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الجزيرة

بعد 100 يوم في الحكم.. هل قضى ترامب على أميركا؟

تُمثل المائة يوم الأولى لأي رئيس أميركي فرصةً ذهبية لتهيئة الظروف الملائمة لترسيخ قيادته، وتحديد منظوره الرئاسي للتعاطي مع القضايا الملحة التي تواجه الولايات المتحدة الأميركية على الصعيدين؛ الداخلي والخارجي، وبات الجدل حول مخرجات الـ 14 أسبوعًا الأولى للرئيس جزءًا من نقاشات النخبة المثقفة في واشنطن، ورؤيتها للخطاب السياسي لساكن البيت الأبيض وفريق عمله التنفيذي. ومن هنا يحاول هذا المقال تقديم رؤية تحليلية للمائة يوم الأولى للرئيس ترامب من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية: ما حجم التهديد الذي شكلته هذه الفترة من رئاسة ترامب على مشروع الديمقراطية الأميركية، وما المؤشرات الدالة على ذلك؟ ما تأثير السياسات التي تبناها خلال هذه الفترة على الوضع الاقتصادي الداخلي للولايات المتحدة الأميركية؟ إلى أي مدى أسهمت مخرجات سياساته الداخلية في التأثير على الخيارات الخارجية لواشنطن؟ ما التوقعات التي ينتظرها العالم من أميركا، وإلى أي مدى تُعد واقعية؟ وهل يشهد العالم أُفول الإمبراطورية الأميركية، وما مترتبات ذلك على الأمن الإقليمي والدولي؟ تهديد المشروع الديمقراطي الأميركي ينظر الكثير من الأميركيين للرئيس ترامب كمهدد للمشروع الديمقراطي الذي بناه الآباء المؤسسون، وذلك من خلال المؤشرات التالية: إعلان أولًا: تمدد السلطة التشريعية للرئيس يُمثل مبدأ الفصل بين السلطات أحد أهم المعايير المعتمدة في تحديد ديمقراطية النظام الأميركي، وهذا يعني استقلالية كل سلطة عن الأخرى في أداء عملها، ويلاحظ في هذا الجانب أنّ ترامب قد تغوّل على صلاحيات تُعد من اختصاص الكونغرس، والتي من بينها القضايا المتعلقة بالتجارة مع الدول الأخرى، فالكونغرس يتولى مسؤولية تقديم المشورة والمراقبة والتشريع بشأن قضايا السياسة التجارية الأميركية. وتتولى لجنتان، هما لجنة الوسائل والطرق في مجلس النواب ولجنة المالية في مجلس الشيوخ، المسؤولية الرئيسية عن قضايا السياسة التجارية. ولكلٍّ من هاتين اللجنتين لجنة فرعية معنية بالتجارة. ووفقًا لرأي شريحة من أساتذة القانون الدستوري، تُعتبر سياسات ترامب الجمركية التي أربكت الاقتصاد العالمي واحدة من تمظهرات هذا التغول في الأمر التشريعي الذي هو من اختصاص الكونغرس، على الرغم من وجود تشريعات تعطي الرئيس الحق في مباشرة دور مهم ومؤثر على صعيد التجارة الخارجية في حالة وجود ما يهدد الأمن الوطني الأميركي. وبالتالي فإنّ الحرب التجارية التي أشعلها ترامب تُعد في رأي كثير من المحللين نوعًا من التهديد المُتخيل الذي لا وجود له إلا في ذهن الرئيس، بيد أنّ الأمر المهم في هذا الجانب هو التغول على سلطات تشريعية هي من اختصاص الكونغرس، وهو أمر مقلق من منظور استدامة النظام الديمقراطي الأميركي الذي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات. واجهت شرائح مقدرة من الأفراد، والمنظمات والجامعات خطر الملاحقات الجنائية وقطع التمويل والفصل من العمل بمعياري عدم الولاء، ومعاداة السامية، وفي هذا الجانب تمثل المعركة الشرسة الدائرة بين إدارة ترامب وجامعة هارفارد واحدة من تجليات التدخل السافر في الحرية الأكاديمية لمؤسسات التعليم العالي الأميركية. وقد دفع ذلك رئيس الجامعة آلان غاربر، لكتابة رسالة مفتوحة إلى الإدارة الجمهورية برئاسة ترامب رافضًا فيها قائمة مطالب قدمتها الأخيرة إلى الجامعة، حيث أكد غاربر أنه : "لا ينبغي لأي حكومة – بغض النظر عن الحزب الحاكم – أن تُملي على الجامعات الخاصة ما يُمكنها تدريسه، وقبوله وتوظيفه، ومجالات الدراسة والبحث التي يُمكنها متابعتها". ويدخل في إطار عملية توظيف القانون لملاحقة الخصوم السياسيين كأحد مهددات النظام الديمقراطي، ما قامت به المدعية العامة الفدرالية العليا في نيوجيرسي ألينا هابا التي عيّنها ترامب قبل شهر مضى، حيث فتحت تحقيقًا مع الحاكم الديمقراطي فيل مورفي والمدعي العام للولاية مات بلاتكين؛ بسبب توجيههما أجهزة إنفاذ القانون بالولاية بعدم التعاون مع العملاء الفدراليين الذين ينفذون قوانين الهجرة، مع الأخذ في الاعتبار أن القانون يعطي السلطات الولائية والمحلية الحق في عدم التعاون في إنفاذ أوامر القبض والإبعاد الصادرة من سلطات الهجرة. وكان من ضحايا هذا التعسف في توظيف القانون لحسم الخصومة السياسية الناشئة عن اختلاف زوايا النظر للمجازر التي ارتكبت ضد الأبرياء في غزة، عددٌ من الطلاب الدوليين، وبات كل الذين تظاهروا ضد تلك المجازر إبان الحراك الطلابي الأميركي هدفًا للإبعاد بواسطة سلطات الهجرة، حيث لم يُعطوا حق الدفاع عن أنفسهم. وفي ذات المنحى أُلغيت الكثير من التأشيرات سارية المفعول التي كان يتمتع بها أولئك الطلاب. وفي نظر كثير من الجمعيات الحقوقية والمدنية، فإنّ تلك الإجراءات تُعد انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان، والتي من بينها الحق في المحاكمة العادلة حال ثبوت الجرم، بجانب أنّ التعسف في توظيف القانون يُعد تقويضًا للحرية المدنية التي تُعد واحدة من ملامح الديمقراطية الأميركية. الأوامر التنفيذية شكلت المائة يوم الأولى من الولاية الثانية لترامب أكثر الفترات زعزعةً للاستقرار في التاريخ الأميركي الحديث، وبدلًا من اللجوء للكونغرس في تمرير أجندته التشريعية، لجأ لسياسة إصدار الأوامر التنفيذية والعمل على الالتفاف على الهيئة التشريعية، والدفع بمشروعه السياسي دون أي دور رقابي. وفي هذا السياق، فإن ترامب منذ توليه الرئاسة وحتى لحظة إكماله الثلاثة أشهر الأولى، قام بإصدار 142 أمرًا تنفيذيًا، على خلاف فترة رئاسته الأولى في العام 2017 والتي شهدت 33 أمرًا تنفيذيًا، وتُعد هذه النسبة العليا في تاريخ الرؤساء خلال فترة المائة يوم الأولى. وهذا يعكس حجم الإرباك؛ بسبب تجاوز المؤسسة التشريعية، رغم أن حزبه يسيطر على مجلسي النواب والشيوخ. تسييس الخدمة المدنية تُشكّل عملية تسييس الخدمة المدنية إحدى المعاضل التي تعاني منها الدول النامية، ويتمثل ذلك في تعيين أهل الثقة والولاء وتقديمهم على أصحاب الكفاءة، ولم تكن هذه الظاهرة حاضرة في القاموس السياسي الأميركي، خاصة في المؤسسات ذات الطابع المهني، كالخارجية، والدفاع والمؤسسات الأمنية، بيد أنّ هؤلاء في نظر الرئيس ترامب امتداد لما يسميهم بالدولة العميقة التي قامت بتعطيل مشروعه السياسي في فترة رئاسته الأولى، وبالتالي وجب استئصالهم بفرضية أنّهم أعداء الأمة. وكانت عملية استئصال هؤلاء تدخل ضمن وعوده الانتخابية التي قال فيها: " يجب أن نسترد الدولة من أعضاء الدولة العميقة، فهم أعداء يعيشون بيننا"، ولذلك قام بإصدار سلسلةً من الأوامر والمذكرات التي أعاقت عمل وكالات ودوائر حكومية عديدة، فجاء التفكير في إنشاء إدارة الكفاءة الحكومية المعروفة اختصارًا بـDOGE، وأُسندت إدارتها لإيلون ماسك؛ بغرض تحسين كفاءة الوكالات الحكومية، ولكن تم توظيف هذه الوكالة الجديدة في التخلص من عدد كبير من الموظفين الفدراليين، ومن المرجح أن يُلغي 100 ألف وظيفة على أقل التقديرات، وربما أكثر من ذلك بكثير ما لم تُلغِ المحاكم هذه القرارات. وفي المقابل تم توظيف عدد كبير من أصحاب الولاء لترامب، وهذا التطهير الذي طال الموظفين الفدراليين ستكون له انعكاسات كبيرة على مستقبل الولايات المتحدة، وقدرتها التنافسية في مواجهة الصين وبقية المنافسين الإستراتيجيين. الوضع الاقتصادي يُمكن قراءة الوضع الاقتصادي من خلال أحد استطلاعات الرأي التي أجرتها قناة فوكس نيوز المقربة من ترامب، والتي أشارت إلى أنّ نسبة المؤيدين لسياسات ترامب الاقتصادية بلغت 38% فقط، وترتبط النسبة المنخفضة لشعبية ترامب فيما يلي إدارته للملف الاقتصادي خلال فترة المائة يوم الأولى؛ بسبب عامل ارتفاع أسعار السلع والخدمات، والذي قاد لازدياد معدلات التضخم؛ بسبب رفع التعريفة الجمركية على واردات السلع الأجنبية. وقد أشار رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي جيروم باول في هذا الصدد في مؤتمر صحفي، إلى أنّ الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب بدأت في دفع التضخم إلى الارتفاع، ومن المرجح أن تعرقل التقدم الذي شهده البنك المركزي في خفض التضخم الذي بلغ ذروته في عام 2022. وحسب توقعات باول، فإنّ بنك الاحتياطي الفدرالي لا يزال يتوقع عودة التضخم إلى ما يقرب من 2% بحلول نهاية العام المقبل، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ نسبة التضخم الحالية تبلغ 2.4%، مؤكدًا على أنّ التعريفات الجمركية قد تؤدي فقط إلى زيادة في الأسعار، بدلًا من تعزيز التضخم بشكل مستمر. ومن المنظور التحليلي، يمكن القول إنه رغم هذه الصورة المتفائلة التي رسمت للاقتصاد الأميركي من رئيس بنك الاحتياطي المركزي، تظل الحقيقة الماثلة الآن بالنسبة للمواطن الأميركي العادي الذي يتعامل مع احتياجاته اليومية في مراكز بيع السلع والخدمات، أنّ الأسعار تتجاوز قدرته على الإنفاق، وهذا ما انعكس على انخفاض شعبية ترامب فيما يتصل بإدارته للملف الاقتصادي، إذ بلغت 36%، ويمكن لهذا الارتفاع الجنوني الذي تشهده الأسواق الأميركية، إذا استمر، أن تكون له نتائج سياسية مباشرة في تركيبة السلطة في واشنطن على مستوى انتخابات التجديد النصفي القادمة، وعلى المستوى الخارجي. البريكست التجاري وتداعياته لم يسبق قرار ترامب خلال مئويته الأولى بمحاربة العالم أجمع، والخروج من النظام الاقتصادي العالمي الذي تشكلت ملامحه عبر اتفاق بريتون وودز الموقع في عام 1944، والذي كان أساسًا للتجارة الحرة بين الدول، أي فترة انتقالية مثلما حدث في تجربة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. بيد أنّ العيب الرئيسي لخروجها وقتذاك تمثل في اضطراب العلاقات الاقتصادية والتجارية. ليقود ذلك فيما بعد إلى تراجع اقتصادها (المملكة المتحدة) وتراجع تجارتها مع أقرب جيرانها، وواجهت بسبب ذلك حواجز أكبر أمام التجارة وتدفقات رأس المال وتنقل العمالة، مما أثر سلبًا على الإنتاج والوظائف، وذات الأمر يمكن أن ينطبق على الولايات المتحدة الأميركية؛ نتيجة الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأميركي خلال مئويته الأولى. ويعتقد الرئيس ترامب أنّه قادر على إعادة رسم خريطة النظام التجاري العالمي، وإجبار غرمائه التجاريين على الجلوس على طاولة المفاوضات عبر الضغط التجاري، وهو ما لم يحدث حتى الآن. فحظوظ واشنطن في التواجد الدولي وقيادة النظام العالمي ترتبط مباشرة بانفتاحها على العالم، وليس انغلاقها على نفسها، والتقوقع في محيط السياسات الحمائية التي ستضعف من قدراتها على التفاعل الإيجابي، وإثراء تجربتها التي ازدهرت بفعل حرية حركة رؤوس الأموال والأفراد. فالبريكست البشري الذي عزّزته سياسة غلق الحدود وإبعاد المهاجرين وترحيلهم إلى بلدانهم التي جاؤوا منها، رغم أنّه يقع ضمن نطاق وعود ترامب الانتخابية، والتي نجح فيها بصورة واضحة خلال المائة يوم الماضية، فإنّه يُشكل تعطيلًا لرافد طالما أثرى الخلق والابتكار في رحلة أميركا نحو التميز في ضروب شتى خاصة قطاع التكنولوجيا، وما تجربة السيليكون فالي وروادها ببعيدة. ولعل أبرز المستفيدين من بريكست واشنطن التجاري، هي الصين، التي ستتاح لها فرصة التغلغل في أقاليم مختلفة من العالم، وذلك بمنطق أنّ أي فراغ ستخلفه أميركا سيُملأ بفاعل صيني، مع الأخذ في الاعتبار أنّ بكين قطعت أشواطًا بعيدة في اتجاه ربط نفسها بمختلف أقاليم العالم عبر مبادرة الحزام والطريق، وبالتالي فإن حرب ترامب التجارية في مئويته الأولى، واختياره العزلة الحمائية، سيتيحان فرصة أكبر للصين بتقديم نفسها كقوة بديلة مستعدة للدخول في شراكات مثمرة ستُمكنها فيما بعد بترجمة النفوذ التجاري والاقتصادي إلى نفوذ عسكري ودفاعي يُمكنها من فرض شروط وقواعد اللعبة التي انفردت بها أميركا لعقود. شهدت المائة يوم الأولى للرئيس ترامب على الصعيد الخارجي، تفاقم أزمة الثقة في النظام الأميركي برمته، وذلك بسبب استمرار واشنطن في استخدام سياساتها الاقتصادية كسلاح، وتقويض مؤسساتها الداخلية التي بنيت على قاعدة تعزيز حكم القانون. وفي هذا الصدد، يشير الرئيس التنفيذي لشركة ديفير إلى أن الثقة بالدولار ارتكزت منذ زمن طويل على سيادة القانون، والاستقرار الجيوسياسي، والقيادة الاقتصادية الأميركية الثابتة، ولكن مع تفكيك ترامب خريطة تحالفاته مع شركائه الأوروبيين، واعتماده في الحكم على قرارات تنفيذية، قاد ذلك لإضعاف ثقة الكثير من الشركاء الفعليين، والشركاء المحتملين في الولايات المتحدة، وبات ينظر لها رغم مكانتها باعتبارها شريكًا غير موثوق به. ومن العوامل التي عززت من عدم الثقة في الإدارة الأميركية، أنّ إدارة ترامب لم تضغط على نتنياهو للتفاوض بجدية لوقف الحرب في غزة، رغم أنّ الطرف الفلسطيني قد أوفى بتعهداته، ولم يحرك إصرارُ رئيس الوزراء الإسرائيلي على حقه في مواصلة الحرب، حتى لو أطلقت حماس سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، الإدارةَ الأميركية الجديدة في أن تتقدم خطوة تجاه الوفاء بتعهداتها للناخبين وللعالم، الأمر الذي يُضعف من أي فرص لتعاطي العالم مع واشنطن بوصفها شريكًا مؤتمنًا يمكن الوثوق به. ولعل ما رشح من معلومات عن دخولها في تفاوض سري مع إيران بغية الوصول لتسوية ربما تحيّد طهران عن المضي قدمًا في مشروعها النووي، وتحويله للأغراض السلمية، يعزز من عدم الموثوقية في أميركا، والتي ربما أدارت ظهرها بهكذا خطوة لشركائها الخليجيين، وهو ما حدث للحلفاء الأوروبيين، خاصة في الملف الأوكراني. وعليه فإنّ أي تراجع في دور واشنطن بسبب الانكفاء الداخلي، أو عدم ثقة الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية في أميركا سيصبّ في صالح الصين. ثمة موضوع آخر يمكن الإشارة إليه في سياق خطأ المقاربة الخارجية لترامب في مئويته الأولى، وهو موضوع إحلال السلام في أوكرانيا، حيث وعد بإنهاء الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا في وقت وجيز، بيد أنّ خطأ التقديرات السياسية، قاد إلى خلق نوع من عدم الثقة بين واشنطن وكييف من جهة، وأميركا والشركاء الأوروبيين من جهة أخرى، الأمر الذي يصب في محصلته النهائية في إضعاف الدور الخارجي للولايات المتحدة الأميركية. الخلاصة تُمثل المئوية الأولى من فترة رئاسة ترامب الثانية تحديًا حقيقيًا للداخل الأميركي وللخارج، فعلى الصعيد الداخلي فإنّ إضعاف روح القانون وسيادته وتوظيف المؤسسات العدلية للعب دور سياسي، أمرٌ بالغ الخطورة، ولعل أحد أهم تداعياته هو أنّ الديمقراطية الأميركية ستكون مهددة بشكل كامل، وربما يتعاظم هذا التهديد بعد انتهاء ولاية ترامب الثانية، وذلك من واقع أنّ ما يقوم به ترامب سيضعف ثقة الناس في المؤسسات باعتبارها قائمة على الولاء، وليس على الكفاءة، وبالتالي سينزع ذلك عنها ثوب الشرعية، الأمر الذي سيجعل من الصعوبة، إن لم يكن من الاستحالة، أن تلعب واشنطن دورًا خارجيًا مؤثرًا باعتبارها قوة عظمى؛ بسبب انكشاف ظهرها، وصعوبة ترميم ما قام به ترامب خلال مائة يوم، ناهيك عما سيقوم به خلال أكثر من ثلاث سنوات قادمة. وفي المقابل، فإنّ تآكل أميركا من الداخل، وعجزها عن لعب دور يتّسق ومكانتها على الصعيد الخارجي، سيُغريان الصين وعددًا من المنافسين الدوليين بملء الفراغ الذي ستخلفه واشنطن، ولن تمضي الحرب التجارية التي أشعلها ترامب ضد الكل بدون تداعيات. ولعل أبرز تلك المترتبات هو أنّ هناك أطرافًا عديدة باتت قادرة على أن تقول لأميركا لا يمكنك فعل ذلك بدون ثمن، ومع عجز ترامب عن الوفاء بتعهداته التي قطعها على نفسه في خطاب التنصيب بأنّه قادر على إعادة "الإيمان والثروة والديمقراطية والحرية" فإنّ الباب يظل مفتوحًا لتشكل نظام متعدد الأقطاب تلعب فيه أميركا دورًا محدودًا أسوة بالآخرين.

جامعة هارفارد تقاضي إدارة ترامب لرفع تجميد تمويل منح بحثية بأكثر من 2.2 مليار دولار
جامعة هارفارد تقاضي إدارة ترامب لرفع تجميد تمويل منح بحثية بأكثر من 2.2 مليار دولار

يورو نيوز

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • يورو نيوز

جامعة هارفارد تقاضي إدارة ترامب لرفع تجميد تمويل منح بحثية بأكثر من 2.2 مليار دولار

اعلان ففي رسالة وجّهتها الإدارة الأمريكية إلى الجامعة في وقت سابق من هذا الشهر، دعت إدارة ترامب إلى إجراء إصلاحات شاملة في الحوكمة والقيادة داخل هارفارد، بالإضافة إلى تغييرات في سياسات القبول. كما طالبت بإجراء مراجعة شاملة لوجهات النظر المتعلقة بالتنوع على مستوى الحرم الجامعي، والتوقف عن الاعتراف ببعض الأندية الطلابية. لكن رئيس جامعة هارفارد ، آلان غاربر، أكد بعدها أن المؤسسة التعليمية لن ترضخ لهذه المطالب. وبعد ساعات من هذا التصريح، اتخذت الحكومة قرار تجميد منح للجامعة بمليارات الدولارات من التمويل الفيدرالي وجاء في نص الدعوى التي قُدّمت إلى المحكمة الفيدرالية في بوسطن: "لم تتمكن الحكومة، ولا يمكنها، أن تثبت أي علاقة منطقية بين مخاوفها بشأن معاداة السامية وبين تمويل الأبحاث الطبية والعلمية والتكنولوجية، الذي تم تجميده. حيث أن تلك البرامج تهدف إلى إنقاذ الأرواح الأميركية، وتعزيز النجاح الأميركي، والحفاظ على أمن البلاد، وضمان استمرار قيادتها العالمية في مجال الابتكار". طلاب وأساتذة وأفراد من مجتمع جامعة هارفارد يتظاهرون في كامبريدج، ماساتشوستس، الخميس 17 أبريل/ نيسان 2025 (أسوشيتد برس) AP/Copyright 2025 The AP. All Rights Reserved. وجاء في حيثيات الدعوى أيضا: "لم تعترف الحكومة بالتبعات الهائلة التي يسببها هذا التجميد غير المحدود على برامج البحث العلمي في هارفارد، وعلى المستفيدين من هذه الأبحاث، وعلى المصلحة الوطنية الأمريكية في دعم الابتكار والتقدم العلمي". هذا ولم ترد إدارة ترامب بشكل فوري على طلب للتعليق من وكالة "أسوشيتد برس"، كما رفضت المتحدثة باسم وزارة التعليم، مادي بيدرمان، التعليق على القضية. وفي الرسالة المؤرخة بتاريخ 11 أبريل/ نيسان، طالبت الإدارة الأمريكية جامعة هارفارد بفرض عقوبات أشد على المتظاهرين، وإخضاع الطلبة الدوليين لفحص دقيق للكشف عما إذا كانوا "معادين للقيم الأمريكية". طلاب وأساتذة وأفراد من مجتمع جامعة هارفارد يتظاهرون في كامبريدج، ماساتشوستس AP/Copyright 2025 The AP. All Rights Reserved. كما دعت الرسالة إلى إصلاحات شاملة في قيادة الجامعة، وتعديلات في سياسات القبول، وسحب الاعتراف ببعض الأندية الطلابية. وطلبت الحكومة كذلك إجراء تدقيق على الهيئة التدريسية والطلابية لضمان وجود تنوع واسع في وجهات النظر داخل كل قسم أكاديمي، وإن لزم الأمر، قبول طلبة جدد وتوظيف أساتذة جدد لتحقيق ذلك. وفي يوم الإثنين الماضي، أكدت الجامعة رفضها الامتثال، مستندة في موقفها إلى التعديل الأول من الدستور الأمريكي الذي يكفل حرية التعبير. وفي اليوم التالي، نشر الرئيس ترامب تعليقاً على منصته "تروث سوشيال"، تساءل فيه عمّا إذا كان ينبغي سحب الإعفاء الضريبي الذي تستفيد منه الجامعة "إذا استمرت في ترويج ما وصفه بـ'المرض' السياسي والأيديولوجي، بل والمستوحى من الإرهاب أو الداعم له". كما هددت إدارة ترامب بمنع الجامعة من تسجيل طلبة دوليين في المستقبل. وترى جامعة هارفارد أن مطالب الحكومة لا تمثّل تهديداً للجامعة فحسب، بل لاستقلالية الجامعات الأمريكية عموماً، وهو الحق الذي لطالما أقرّته المحكمة العليا في الولايات المتحدة. من جهتها، تعتبر إدارة ترامب أن هارفارد تمثل أول تحدٍ كبير في مساعيها لفرض تغييرات على المؤسسات الأكاديمية، التي يرى الجمهوريون أنها أصبحت معقلاً لليبرالية ومعاداة السامية. Related ترامب يعلن مشاركته في مراسم جنازة البابا فرنسيس عائلات الأسرى الإسرائيليين تقف على حدود غزة وتناشد ترامب إنهاء الحرب ترامب يشيد بجولة المباحثات الثانية مع إيران: "محادثات جيدة للغاية" وقد أدى هذا النزاع إلى توتر العلاقة التاريخية بين الحكومة الفيدرالية والجامعات التي تعتمد على التمويل الحكومي في دعم الأبحاث العلمية الرائدة. فبينما كان يُنظر إلى هذا التمويل على أنه يخدم الصالح العام، بات وسيلة ضغط بيد إدارة ترامب. وقال آلان غاربر، في رسالة وجهها الإثنين إلى مجتمع هارفارد الأكاديمي: "اليوم، نقف دفاعاً عن القيم التي جعلت من التعليم العالي الأمريكي منارة للعالم". وأشاد تايلر كاوارد، المستشار القانوني في مؤسسة "الحرية الفردية والتعبير"، وهي مؤسسة غير حزبية تُعنى بالدفاع عن حرية التعبير، بموقف هارفارد، قائلاً: "نثمّن الموقف المبدئي الذي اتخذته الجامعة في وجه تجاوزات الحكومة الفيدرالية التي تهدد القيم الجوهرية للتعليم العالي". أما مجلس التعليم الأمريكي، وهو منظمة غير ربحية تضم أكثر من 1600 مؤسسة تعليمية، فقد عبّر عن دعمه للجامعة. وقال رئيس المجلس، تيد ميتشل: "منذ أسابيع، كان واضحاً أن تصرفات الإدارة تنتهك الإجراءات القانونية والقاعدة القانونية. نُشيد بهارفارد لاتخاذها هذه الخطوة ونتطلع إلى موقف قضائي واضح يدين محاولات تقويض البحث العلمي والتعليم".

ترامب وهارفارد وحقوق الإنسان
ترامب وهارفارد وحقوق الإنسان

جزايرس

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • جزايرس

ترامب وهارفارد وحقوق الإنسان

سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. هل سيفهم من كلامي السابق أو اللاحق أنني أبرر لأي أنظمة قمعية في العالم الثالث أن تنتهك حقوق الإنسان في بلدانها؟!الإجابة هي النفي القاطع، والطبيعي أن يتم احترام هذه الحقوق لأن الشعوب تستحق ذلك، وليس بسبب الضغوط الأميركية أو الأوروبية. أعود إلى ما بدأت به، والجديد فيه وأحدث دليل عليه هو قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء الماضي، بتجميد معونات بقيمة 2٫2 مليار دولار لجامعة هارفارد المعروفة، وكذلك تجميد عقود حكومية معها بقيمة 60 مليون دولار، لأن الجامعة رفضت طلباً من ترامب لاتخاذ إجراءات عقابية ضد الطلاب الرافضين للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وكذلك تضييق الخناق على التظاهرات الداعية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وعدوانها المستمر على سورية ولبنان. رئيس الجامعة، آلان غاربر، خاطب الطلاب وقال لهم: إن مطالب ترامب تتجاوز صلاحيات إدارته، وتنتهك حقوق الجامعة المنصوص عليها في الدستور، وهي مطالب غير مسبوقة وتسعى للسيطرة على الجامعة. نعلم أن الاحتجاجات الداعمة لفلسطين بدأت مع اشتداد العدوان العام الماضي من جامعة كولومبيا وامتدت إلى أكثر من 50 جامعة، واحتجزت الشرطة أكثر من 3100 شخص من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. ونعلم أيضاً أن إدارة ترامب حاولت وتحاول طرد ناشطين ضد الجرائم الإسرائيلية شاركوا في هذه الاحتجاجات، ومنهم مثلاً الفلسطيني محسن مهداوي ابن الضفة الغربية، وقبله طالب الدراسات العليا الفلسطيني أيضاً محمود خليل الذي صدر قرار أخير بإمكانية ترحيله.سيقول بعض المغرمين بالنموذج الأميركي: إن المشكلة فقط في شخص ترامب، وإن إدارة جو بايدن الديمقراطية لم تكن كذلك.ولهؤلاء نقول: إن ترامب ليس مجرد شخص، بل إنه جاء بأغلبية كاسحة، تعبر عن المزاج الأميركي المنحاز لإسرائيل، ثم إن بايدن وإدارته الديمقراطية قدما كل شيء لإسرائيل لارتكاب جرائم الحرب ضد الفلسطينيين من المال والسلاح، نهاية بالفيتو، مروراً بمحاربة المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وسائر الهيئات والمؤسسات الدولية، خصوصاً استخدام الفيتو لمجرد أنها تجرأت وانتقدت إسرائيل. هل هناك حقوق للإنسان في الدول الغربية؟ المؤكد أن الإجابة هي نعم. وهل هذه الدول أفضل منا نحن الشعوب العربية ودول العالم الثالث في هذا المضمار؟!الإجابة هي نعم أيضاً، وحال العرب وغالبية المسلمين والأفارقة تصعب على الكافر في مسألة حقوق الإنسان.أقول ذلك حتى لا يعتقد البعض أنني أبرر انتهاكات حقوق الإنسان في أي مكان، وهو أمر أرفضه بكل قوة.الهدف من الكلمات السابقة أن يفيق بعضنا، وندرك أن النموذج الغربي لحقوق الإنسان مزيف جداً وغير مبدئي، بل إنه لا يخدم الإنسان بصورة مبدئية.فحينما تدافع الحكومات والمؤسسات الغربية عن العدوان الإسرائيلي غير المسبوق على الشعب الفلسطيني واللبناني والسوري، فهي تنكر أساساً أن هناك إنساناً عربياً له حقوق مثله مثل الإسرائيلي تماماً.هناك دول أوروبية صارت الآن تشترط ضرورة الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود لكي تمنح الإقامة أو الجنسية للأجانب، وقد توسع مفهوم «معاداة السامية» ليشمل كل من ينتقد السياسات الإسرائيلية الإجرامية أو لا يعترف بالصهيونية.أنا أفهم وكثيرون غيري معاداة السامية باعتبارها معاداة اليهود، وهو أمر نرفضه لأن اليهودية دين سماوي مثلها مثل الإسلام والمسيحية ينبغي احترامها.لكن نحن نختلف مع الصهيونية ومع الجرائم الإسرائيلية، ونقدر ونحترم القوى والشخصيات الغربية والإسرائيلية التي تدين الجرائم الإسرائيلية وينبغي تشجيعها ودعمها، فربما يأتي يوم وتتمكن من التصدي لجرائم الحرب الصهيونية. الأيام الفلسطينية

إدارة ترامب تخطط لسحب تمويل إضافي بقيمة مليار دولار من جامعة هارفرد
إدارة ترامب تخطط لسحب تمويل إضافي بقيمة مليار دولار من جامعة هارفرد

الميادين

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الميادين

إدارة ترامب تخطط لسحب تمويل إضافي بقيمة مليار دولار من جامعة هارفرد

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يخطط لسحب مليار دولار إضافي من تمويل جامعة هارفرد المخصص للأبحاث الصحية، بعدما بلغ غضبه منها ذروته بعد أسبوع من تصاعد الخلاف بين الجانبين، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وأشارت المصادر إلى أن مسؤولي إدارة ترامب ظنوا أن قائمة المطالب الطويلة التي أرسلوها إلى هارفرد يوم الجمعة الماضي كانت نقطة انطلاق سرية للمفاوضات، ولكنهم فوجئوا يوم الاثنين عندما نشرت الجامعة الرسالة علناً. ووفقاً لها، كانت الإدارة تخطط يوم الاثنين لمعاملة هارفرد بتساهل أكبر من جامعة كولومبيا، لكن المسؤولين الآن يريدون ممارسة المزيد من الضغط على أبرز جامعة في البلاد. ويقول أشخاص مطلعون على رد هارفرد إنه لم يكن هناك اتفاق على إبقاء الرسالة سرية، وإن محتوياتها - بما في ذلك الشروط التي تسمح فيها للحكومة الفيدرالية بالإشراف على القبول والتوظيف وأيديولوجية الطلاب والموظفين - كانت غير قابلة للتنفيذ. وأوضحت الصحيفة أن الرسائل إلى هارفرد وجامعات أخرى تأتي من لجنة جديدة تابعة لترامب تُسمى "فرقة العمل لمكافحة معاداة السامية". اليوم 14:03 اليوم 13:11 وفي رسالة مفتوحة إلى المجتمع، قال رئيس جامعة هارفارد، آلان غاربر، إن قائمة المطالب أوضحت أن "النية ليست التعاون معنا لمعالجة معاداة السامية بطريقة تعاونية وبناءة". وأضاف: "لقد أبلغنا الإدارة من خلال مستشارنا القانوني بأننا لن نقبل اتفاقهم المقترح". ويقول مقربون من جامعة هارفرد، بحسب الصحيفة، إن فريق العمل يُصعّد الآن من معركته لحماية سمعته. وقد لاقت رسالة المطالب الحكومية الموجهة إلى هارفرد ردود فعل سلبية بعدما نشرتها الجامعة، بما في ذلك من بعض اليمينيين الذين اعتبروها تجاوزاً للحدود. ولفتت الصحيفة إلى أن نشر جامعة هارفارد للرسالة يوم الاثنين صوّرها كوجهٍ للمقاومة ضد إدارة ترامب، وقدّم لفريق العمل خطةً مختلفةً تماماً عن خطة جامعة كولومبيا، التي وافقت سريعاً على المطالب لمحاولة استرداد 400 مليون دولار من التمويل الفيدرالي. ووفقاً لأشخاصٍ مطلعين على الأمر، ظنّت فرقة العمل أن هارفرد ستوافق أيضاً.وبدلاً من ذلك، ازدادت حدة الخلاف بين الجانبين؛ فبعد ساعاتٍ من نشر هارفرد قائمة المطالب وإعلانها نيتها القتال، جمّد البيت الأبيض تمويلاً بقيمة 2.26 مليار دولار. كما هددت الإدارة بتغيير وضع هارفرد المعفيّة من الضرائب وقدرتها على تسجيل الطلاب الدوليين. ومن شأن هذه الهجمات أن تستنزف مليارات الدولارات من الجامعة. وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن هارفرد تواصلت مع إدارة ترامب في أواخر مارس/ آذار في محاولةٍ لتجنب المواجهة. وقالت الصحيفة: "كانت هارفرد قد أمضت شهوراً بالفعل في بذل جهودٍ لقمع معاداة السامية في الحرم الجامعي وتنفيذ تغييراتٍ هيكليةٍ لمنعها من الظهور مجدداً، واعتقدت أنها تتوافق مع المطالب العامة الواردة في رسالة 3 أبريل/ نيسان من فريق العمل الحكومي، لكنها طلبت بعد ذلك تفاصيل أكثر". قال مقربون من جامعة هارفرد إن المطالب اللاحقة في رسالة 11 أبريل/ نيسان كانت أكثر تطفلاً مما يمكنهم قبوله، واعتبروا المراسلات بمنزلة عرض نهائي. لم تُصنَّف الرسالة على أنها خاصة، لكن أعضاء فريق العمل يقولون إنهم أوضحوا قبل أسابيع رغبتهم في الحفاظ على سرية مناقشاتهم. وتنفي جامعة هارفرد وجود أي اتفاق بشأن السرية. وكانت وزارة التعليم الأميركية قد قررت تجميد الدعم الحكومي المخصص لجامعة "هارفرد"، والبالغ 2.2 مليار دولار، بعد رفض الجامعة إدخال تعديل على سياساتها الداخلية، وهو ما اعتبرته الجامعة تخلياً عن استقلاليتها السياسية. أتى ذلك بعدما شنّ البيت الأبيض هجوماً على عدد من الجامعات، واتهمها بعدم اتخاذ ما يكفي من إجراءات لمكافحة ما سمّاه "معاداة السامية" في الحرم الجامعي عقب أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 والتظاهرات الطالبية الداعمة لفلسطين والمناهضة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store