أحدث الأخبار مع #أحمدبنعليالعمري


جريدة الرؤية
منذ 2 أيام
- صحة
- جريدة الرؤية
الشائعات.. معاول هدم
د. أحمد بن علي العمري يقول المولى عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " (الحجرات: 6). الشائعاتُ مرضٌ اجتماعيٌّ مزمنٌ يصعبُ التغلبُ عليه أو علاجُه، ولم يُكتَشَفْ حتى الآن علاجٌ مناسبٌ له. إنها تنتشر كالنار في الهشيم، فلا تُبقي ولا تذر! كم دُمِّرَت مجتمعاتٌ، وتباعدَ الإخوةُ، وتفرَّق الأحبابُ، وتولَّدت العداواتُ بين الأصدقاء بسببها. يُطلقها البعضُ، إمّا بحسنِ نيّةٍ، أو في أغلب الأحيان بسوءِ نيةٍ، دون أن يُلقي لها بالًا أو يُدرك عواقبها، فإذا بها تحرِقُ الأخضرَ واليابس، وتُدمِّرُ وتُشتِّتُ، وتُفرِّقُ وتُبيد. وفي عصرنا الحالي، ومع تقدُّم التكنولوجيا وتوسُّع وسائل التواصل الاجتماعي، بلغت الشائعاتُ ذروتَها، وأصبحت القوةَ الضاربةَ التي تهدمُ هيكلَ المجتمعِ والأفرادِ على حدٍّ سواء. كم أطاحت بتنميةٍ مجتمعيّةٍ! وكم هدمت أسرًا! وكم فرَّقت بين الأحباب! وكم حوّلت الصداقاتِ إلى عداوات! إنها لا تحتاج إلى رمزِ فتحٍ معقّدٍ أو مُشفَّر، بل رمزُها بسيطٌ وسهلٌ ومتداولٌ بين الجميع، وهو: "سمعت...". بمجرد أن ينشر أحدُهم عبر "واتساب" أو يغردَ أو حتى يُرسلَ رسالةً صوتيةً دون التحقُّق من مصدرها، قائلًا: "سمعتُ أنَّه حدثَ كذا وكذا...". يبدأ الخبرُ بالانتشار، ويُصدِّقه المتلقُّون؛ بل إنّ بعضَهم يتبنّاهُ وينشرُه أكثر، ليتحوّل إلى "حقيقةٍ" يتعاملُ معها الجميعُ وكأنها أمرٌ مُسلّمٌ به، ويتدحرجُ ككرةِ الثلجِ التي تكبُرُ كلّما تدحرجت، حتى يصبحَ من الصعبِ السيطرةُ عليها أو تفنيدُها... رغم أنَّها قد تكون مجرّدَ كذبةٍ أو حتى دعابة! ما هو ذنب المجتمعِ والأفرادِ أمام هذه الكارثة؟ لقد أمرنا اللهُ تعالى بعدمِ التسرُّعِ في تصديق الأخبارِ، وعدمِ الإيمانِ بمن يُلقي بالإشاعات، فقد يكون كاذبًا، أو مُبالغًا، أو حتى صاحبَ أجندةٍ خفيّةٍ لا نعلمُها! فإنَّ عدمَ التحقُّقِ قد يُؤدِّي إلى عواقبَ وخيمةٍ. يجب التأكُّدُ من عدمِ إيذاءِ الأبرياءِ بسبب التصديقِ السريعِ للشائعاتِ، حيثُ إنَّ كثيرًا من الأضرارِ الاجتماعيةِ تنشأُ من نشرِ أخبارٍ كاذبةٍ، حتى لو بدا ناقلُ الخبرِ صالحًا أو حسنَ النيّةِ. فالشائعاتُ قد تأتي من مصادرَ خادعةٍ ومضلِّلة، كما أنَّ دينَنا الحنيفَ يُحذِّرُنا من سوءِ الظنِّ، إذ قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ " (الحجرات: 12). لذلك، علينا ألّا نُشارِكَ في نشرِ الأخبارِ المشبوهةِ عبر وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ دونَ التأكُّدِ من مصادرِها، بل يجب أن نتريّثَ ونسألَ أنفسَنا: - هل هذا الخبرُ صحيحٌ؟ - هل سيضرُّ المجتمعَ أو الأفرادَ؟ وقد قال النبيُّ ﷺ: "كفى بالمرءِ كذبًا أن يُحدِّثَ بكلِّ ما يسمعُ" (رواه مسلم). نحنُ في سلطنةِ عُمان، هذا البلدُ الآمنُ المستقرُّ المتسامحُ المتعايشُ المتعاضدُ، الذي تتلاحمُ فيه القلوبُ كالبنيانِ المرصوصِ، أدعو وأتمنّى وأطلبُ من كلِّ فردٍ من أبناءِ هذهِ الأرضِ الطيّبةِ، ذاتِ الجذورِ العريقةِ الضاربةِ في عمقِ التاريخ، أن ننبذَ أيَّ إشاعةٍ، ونرفضَها، ونحاربَها. كما أُهيبُ بأهلِ الوطنِ، من روّادٍ ومشاهيرَ ومدوِّنينَ وصُنّاعِ محتوى، أن يتحرَّوا الدقَّةَ وألّا ينشروا أيَّ معلومةٍ إلّا بعدَ التأكُّدِ والتثبُّتِ من مصدرِها الرسميِّ. لقد سمعنا فيما مضى إشاعاتٍ مختلفةً، سواءً كانتْ تتعلّقُ بالشأنِ الاجتماعيِّ أو الأمنيِّ أو السياديِّ أو الاقتصاديِّ أو حتّى التوظيفِ وبيعِ الأصولِ، أو عن الأرباحِ والخسائرِ، أو حتى ما يخصُّ رؤية "عُمان 2040"، وهي بالنسبةِ لنا الأملُ والطموحُ والمبتغى. وقد أثارت العديدُ من هذه الشائعاتِ الرأيَ العامَ، وأحدثتْ بلبلةً في المجتمعِ، وأطاحتْ علينا برياحِ الفتنِ والقلقِ. فلنحافظْ على أمنِنا وأمانِنا، فهناكَ من يتساءلُ من حينٍ لآخر: "ماذا استفدنا من الأمنِ والأمان؟"، وهنا نهمسُ في أذنهِ ونقولُ له: بلادُنا لديها الرقمُ صفرُ في الإرهابِ.. بلادُنا لديها الرقمُ صفرُ في الحروبِ.. أليسَ هذا إنجازًا لا يُقدّرُ بثمنٍ؟! فإنَّ نعمةَ الأمنِ والأمانِ لا يُدركُ قيمتَها إلا من فقدَها. وعليه.. يجب أن نكونَ متّحدين، ملتفّينَ حولَ قائدِ نهضتِنا المتجدِّدةِ المباركة، **مولانا حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السلطانِ هيثم بن طارق المعظّم- حفظه اللهُ ورعاهُ- مُحبّينَ لبلدِنا الغاليةِ سلطنةِ عُمان، مُتّحدينَ في التوجّهِ والهدفِ كعادتِنا. حفظَ اللهُ عُمانَ وسلطانَها وشعبَها.


جريدة الرؤية
١١-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- جريدة الرؤية
سلطنة عُمان.. الودق الذي يُطفئ الحروب
د. أحمد بن علي العمري سلطنة عُمان… بلد الأمن والأمان والسلام والإسلام والاعتدال والحياد والأعراف والعادات والتقاليد وحسن التعامل والتسامح، حيث إن الأعراف والتقاليد لدى العُماني أقوى من أي قانون؛ الأمر الذي جعلها محل ثقة وتقدير واحترام العالم أجمع دون استثناء. ومع ذلك؛ فالرأي مفتوح للجميع، وسقف الحرية مرتفع بحكم القانون العُماني. ولقد لفت انتباهي الانطباع الذي خرج به المشاركون في معرض مسقط الدولي للكتاب من زوار ومؤلفين وناشرين؛ حيث عبّروا عن الحرية التي وجدوها؛ فهناك الكثير من الكتب التي يُمنع نشرها في العديد من الدول وجدت حريتها في عُمان تنتظرها، وأكدوا أن في عُمان مجالًا رحبًا للرأي والرأي الآخر، وأفقًا للرأي الواسع، كما أشاروا إلى حفظ الحقوق واحترام وتقدير الآخرين. لقد وجدوا التطبيق الفعلي لعدم مصادرة الفكر؛ بل حمايته وتهيئة الجو المناسب له، فقد قالها السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه -: "إننا لا نصادر الفكر.. أبدًا"، وأتت النهضة المتجددة لتؤكد على استمرارها ونموها وتوسعها؛ فأضحت عُمان بلا منازع محل تقدير ومركز تسامح وموقعًا لثقة الجميع. المعروف أن الودق هو المطر الذي يُنهي الجفاف ويحيي الأرض، وفي السياق الأدبي أو الثقافي يُستخدم كرمز للخير والسلام، وعندما نقول إنه يطفئ الحروب، فهو تعبير مجازي عن دور عُمان التاريخيّ في إخماد النزاعات بالحكمة والدبلوماسية، كما فعلت عبر تاريخها في الوساطة بين الأطراف المتنازعة. إن سلطنة عُمان معروفة بسياسة الاعتدال والحوار؛ سواء كان ذلك في محيطها الخليجي أو العربي أو على المستوى الدولي، مما جعلها صانعة للسلام بامتياز. وهكذا فإن الودق العُماني ليس مجرد مطر مادي، وإنما هو إشارة للغيث الأخلاقي في البوتقة السياسية الذي تقدمه عُمان لتهدئة الصراعات ومسبباتها ووأد الفتنة في مهدها. لقد وقفت السلطنة كعادتها الدائمة والثابتة والراسخة على الحياد؛ فلم تقطع العلاقات مع جمهورية مصر العربية إبان اتفاقية كامب ديفيد، وكذلك الحياد في اتفاقيات مدريد وأوسلو ووادي عربة، وبقيت محايدة في الحرب العراقية الإيرانية، ولم تتدخل في الحروب التي تستعر هنا وهناك من حينٍ لآخر؛ فلم تتدخل في حرب ليبيا، ولا الصومال، ولا اليمن، ولا السودان؛ بل أغلقت أجواءها أمام الاستخدام العسكري لأي من الطرفين المتنازعين. وقد كانت الوسيط لإطلاق عدد كبير من المحتجزين للعديد من الدول، كما إنها كانت وسيط الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، وحاليًا تقوم بالوساطة ذاتها بين أمريكا وإيران للوصول إلى اتفاقية ثابتة وملزمة ومحكمة. ومؤخرًا تدخلت السلطنة لإطفاء الحرب الملتهبة بين أمريكا واليمن، والتوصل للاتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين، وهي حرب بالغة في التعقيد، لكن الدبلوماسية العُمانية المعهودة كان لها التأثير السلس الذي يتواصل مع الفرقاء برقة النسيم، وعذوبة الودق، وشذى الياسمين. كل ذلك بهدوء ودون صخب إعلامي أو ضجيج القنوات الفضائية أو جعجعة الحناجر، كعادتها عُمان تبتعد عن المنّ والأذى. إن الطائر الميمون الذي يقلّ المقام السامي لحضرة مولانا صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - بين العديد من عواصم العالم بين الحين والآخر، إنما يحمل على جناحيه غصن الزيتون ومرتكزاته وأهدافه، هو نشر السلام والتسامح؛ فعُمان تلتقي ولا تودع، وتجمع ولا تفرّق، وتلمّ ولا تشتّت، وتمُدّ يد السلام والوئام والتسامح والأُلفة للجميع. حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.


جريدة الرؤية
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- جريدة الرؤية
شطحات ترامب
د. أحمد بن علي العمري "خالف تُعرف".. هذا هو المبدأ الذي يعمل به ويطبقه دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابع والأربعون، والذي أتى للرئاسة وللفترة الثانية بفوز ساحق لم يحدث منذ عدة عقود، اكتسح به الديمقراطيين وحوّل خارطة أمريكا إلى اللون الأحمر، لون حزبه الجمهوري، وليس هذا فحسب، بل وبأغلبية أيضًا في مجلسي النواب ومجلس الشيوخ ليحكم قبضته الحديدية على الكونغرس ويحقق كل ما أراده وتمناه. فإذا به يرفع سيف النصر زهوًا وفخرًا، فالرجل مهووس بالشهرة منذ أن استضاف طاقم فيلم في فندقه مجانًا مقابل أن يظهر في لقطة خاطفة في الفيلم، وذلك في بداياته، ثم إلى حلبات المصارعة الحرة، وحاليًا في مسرح السياسة العالمي الواسع وغيرها. لقد ركّز الرجل في تعييناته على الولاءات وليس بالضرورة الكفاءات، وقرّب القريبين منه والتابعين له. والأمثلة على هذا كثيرة ومتنوعة، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر: ماركو روبيو الذي عيّنه وزيرًا للخارجية، ثم جمع 4 مناصب في وقت واحد في أمر غير مسبوق ليُطلق عليه "وزير كل شيء"، وأيضًا إيلون ماسك، أكبر الداعمين لحملته، الذي ولاه ملف مكافحة الدولة العميقة وتخفيض التكاليف وتقليل عدد الموظفين؛ حيث وصل عدد المسرّحين من أعمالهم حتى الآن إلى 200 ألف موظف، وقد قرر ماسك مؤخرًا تخفيف العمل مع إدارة ترامب لإعطاء المزيد من الوقت لشركاته. كما أن الرجل أحضر طفله الصغير للبيت الأبيض عدة مرات، ومنها عند توقيع مراسيم رئاسية، ولم يظهر ولو مرة واحدة مرتديًا ربطة عنق، والتي أعابها الرئيس الأمريكي على الرئيس الأوكراني الذي حضر للبيت الأبيض بدونها. وأيضًا ويتكوف، صديقه منذ أربعين عامًا، وهو رجل عقاري، أسند إليه أَسْخَن الملفات، وهي ملف غزة والحرب الروسية الأوكرانية وملف إيران النووي، حتى وزير الدفاع الذي كان مقدمًا لبرنامج تلفزيوني، وغيرهم. وبعد أن اتخذ جميع الإجراءات ضد خصومه، بدأ الرجل في القصف على جميع الاتجاهات. فبدأ بالحملة المسعورة ضد الهجرة غير الشرعية، وحتى بدون أي محاكمات، ضاربًا عرض الحائط جميع التحديات القانونية واللوجستية، وطبعًا هذا أثر على اليد العاملة ورفع سعرها، ثم أعلن ضم كندا، وصرح أكثر من مرة ولا يزال بأنها ستكون الولاية رقم 51 للولايات المتحدة الأمريكية، وأيضًا ضم غرينلاند التابعة للدنمارك. بعدها نظر بطرف عينه إلى الشرق الأوسط وأبدى رغبته في امتلاك قطاع غزة لتحويلها إلى منتجع سياحي، وأطلق عليها "ريفييرا الشرق الأوسط"، وطبعًا بعد تهجير سكانها الذين طلب من مصر والأردن استيعابهم، وهدّد بفتح أبواب الجحيم لإنقاذ الرهائن الإسرائيليين، مستغربًا لماذا انسحبت إسرائيل من قطاع غزة من قبل. كما انسحب من منظمة الصحة العالمية ومن مجلس حقوق الإنسان ومن اتفاقية باريس للمناخ، وفي الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى التجارة الحرة والسوق المفتوحة، فجّر "القنبلة النووية" في الاقتصاد العالمي بفرض الرسوم التجارية على العالم أجمع دون استثناء، إيمانًا منه بأن ذلك سيعزز الاقتصاد الأمريكي؛ بل وعاد إلى إعادة فتح مناجم الفحم وتشجيعها، وكأنه يريد أن يعود للعصر الحجري في خضم التكنولوجيا وأوج وقتها. ولكنه عندما وجد الند القوي، كالتنين الصيني، بدأ يتراجع ويعلن أن الرئيس الصيني صديقه، وقد أعلن أنه تحدّث معه هاتفيًا، كما أعلن ضرورة مرور السفن الأمريكية العسكرية والتجارية عبر قناتي بنما والسويس مجانًا. لقد أعلن من قبل أنه لو كان في البيت الأبيض لما حدثت حرب غزة ولا الحرب الروسية الأوكرانية، ليعلن بعدها أنه سينهي حرب غزة في أول يوم في البيت الأبيض، وحرب روسيا وأوكرانيا خلال أربع وعشرين ساعة. لقد وصف نفسه بأنه الشخص المختار لمواجهة الصين، وقد وقع حتى الآن أكثر من 140 مرسومًا رئاسيًا. لقد انتخب العرب والمسلمون في ميشيغان وغيرها من الولايات ترامب، وذلك لوعده بإنهاء حرب غزة، والذي لم يحدث. لقد تعودنا من الرؤساء الأمريكيين الرزانة والهدوء والحنكة والدهاء السياسي، ولكنه مختلف عن الجميع. فبعد أن تمكن من كل شيء، بدأ وكأنه ينزع العباءة الجمهورية لتحل محلها العباءة "الترامبية"، فكل شيء يجب أن يكون "ترامبي"، حتى الطلاء الداخلي للبيت الأبيض مطلي بالذهب، يتوسطه بالكتابة العريضة اسم "ترامب"، وجميع المسؤولين لابد أن يذكروا اسم "ترامب" ويشيدوا به في كل تصريحاتهم. فهل نحن أمام ملك قادم؟! لقد تمنّى الرجل أن يكون بابا المسحيين القادم، وإن كان على هيئة دعابة، وقد أعلن البيت الأبيض أنه سيكون هناك استعراض عسكري بمناسبة عيد ميلاد ترامب في 14 يونيو! لقد أعابوا على أحد الرؤساء عندما أعلن أنه ملك ملوك قارته، فماذا سيقولون عن "ملك ملوك العالم"؟ جرت العادة في الولايات المتحدة الأمريكية أن يتم تقييم أداء أي رئيس في أول 100 يوم من تنصيبه، على الرغم من بقاء 1361 يومًا في الفترة الرئاسية. ولكنه سبق الجميع في خطابه أمام حشد كبير من أنصاره في ميشيغان، معلنًا أنه أنجز أفضل 100 يوم على الإطلاق، وأنه أنجز في هذه المئة يوم ما يعادل مئة عام من إنجازات الآخرين. ولكن إذا نظرنا إلى الواقع، نجد أنه- كما يقول المحللون- زلزال سياسي اقتصادي عالمي، وحالة من عدم اليقين وفوضى عالمية. فقد أوقف الدعم الفيدرالي المالي عن الجامعات، والناتج عن هذا حتمًا إضعاف البحوث التي ميزت أمريكا ورفعت من شأنها، ويرغب في تحويل التعليم إلى الولايات المحلية ليصبح محليًا وليس قوميًا. كما فقد ثقة الحلفاء قبل الأعداء، وسجلت الأسهم أسوأ أداء لها منذ السبعينات، كما سجل أسوأ سعر للدولار، وأسعار النفط العالمية في مهب الريح بلا عنوان ولا اتجاه. أما شعار "أمريكا أولًا"، فقد فُسّر على أن أمريكا لوحدها، وأن أوروبا "أخيرًا"، كما رفض الدعم الاستخباراتي والجوي للأوروبيين أمام روسيا، ووجّه رسالة حادة لهم. كما أعلنت بريطانيا أن هناك قلقًا دائمًا من الخطوة المقبلة لأمريكا، حيث لجأ إلى أسلوب التهديد لجلب الاستقرار، وهذا طبعًا من غير الممكن. أما فيما يخص الشرق الأوسط، فقد تماهى مع إسرائيل، بمعنى "افعلوا ما بدا لكم، ودعوني أقول ما أريده"، وسمح لشحنات الأسلحة إلى إسرائيل التي كان قد أوقفها بايدن، وغضّ النظر عن حرب غزة وضرب إسرائيل للبنان وسوريا. وعلى الرغم من أنه أعلن في خطاب تنصيبه أنه يحمل رسالة السلام للعالم، فقد بدأ بهجوم مكثف على اليمن منذ منتصف شهر مارس ولا يزال حتى الآن. فهل العالم بصدد كتابة تاريخ جديد ليقال فيما بعد: "العالم قبل ترامب وبعد ترامب"، كما نقول الآن: "ما قبل 11 سبتمبر وما بعدها"؟ فهل هذه بداية النهاية؟ أم بماذا يمكن تفسيرها؟ والله يستر لما هو قادم.


جريدة الرؤية
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- جريدة الرؤية
"رؤية 2040".. فكر وجهد ومستقبل سلطنة عُمان
د. أحمد بن علي العمري رؤية سلطنة عُمان 2040 هي حلمٌ وأمنيةٌ وطموحٌ وأملٌ ومُبتغى وهدفٌ وغايةٌ لكلِّ عُمانيٍّ على هذه الأرض الطيبة المُباركة. وقد بذلت من أجلها الحكومةُ كلَّ الجهودِ وسخَّرت لها جميع الإمكانيات لإخراجها إلى حيِّز الوجود، بل لقد مرت على جميع محافظات السلطنة دون استثناء، مما يعني أنها أخذت حقها الكامل في تفادي جميع النتوءات والسلبيات وسدِّ جميع الثغرات أينما وجدت، هذا بالإضافة إلى عرضها على مجلس عُمان بشقيه: الدولة والشورى. ومن رحمة القدر ولطف رب العالمين على عُمان وأهلها أن يكون ربانها وعرّابها منذ البداية، ومن موقعه السابق، مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - وهي راسخةٌ في فكره، وقلمٌ بيده، ومنهاجٌ في نظرته. إنها خطة استراتيجية طويلة الأمد، أطلقتها عُمان في عام 2020 لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتعزيز الاقتصاد، ورفع جودة الحياة لعُمان وأهلها والمُقيمين على أرضها، ومن يقصدها للاستثمار، وذلك حتى تتكامل بحلول عام 2040. وهي تعتمد على الابتكار والتنويع الاقتصادي والثبات، والسير بخطى واثقة مُحددة المعالم، مع الحفاظ على الهوية العُمانية الثابتة والقيم الوطنية الأصيلة. وأبرز محاورها هي: التنويع الاقتصادي، والتعليم والمهارات، والصحة والرفاه الاجتماعي، والاستدامة البيئية، والحوكمة والتحول الرقمي، والمجتمع وهويته الوطنية. وبالتأكيد هناك تحديات، من أهمها: تقلبات أسواق النفط عالميًا، والمنافسة الإقليمية، خاصة في مجالات مثل السياحة واللوجستيات، والحاجة إلى تطوير البنية التحتية الرقمية. وفي المُقابل هناك فرص وهِبات ربانية، مثل: موقع عُمان الاستراتيجي بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وهي أول بلد تشرق عليه الشمس في الوطن العربي، وتضاريس طبيعية متنوعة: بحار، وشواطئ، وجبال، وصحاري، ومجتمع شاب وطموح، قادر على قيادة التحول، والتضحية، وبذل الوقت والجهد والمثابرة. وعليه، فإنَّ الرؤية تسعى إلى جعل السلطنة مركزًا اقتصاديًا وتكنولوجيًا إقليميًا وربما عالميًا، مع الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وبيئتها الطبيعية، يعتمد نجاحها على التخطيط الاستراتيجي السليم والتعاون المُستمر بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى المشاركة الفاعلة من المواطنين. لقد كانت هناك رؤية سابقة وهي "عُمان 2020"، لم تؤتِ أُكلها ولم تكتمل جميع أركانها حسب ما كان مخططاً لها أو مرادٌ منها، ولهذا يجب أن نحرص جميعًا على إنجاح الرؤية الحالية بكل تفاصيلها، لتحقيق ما أراده مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه. صحيحٌ أن الرؤية شاملةٌ وعامةٌ لجميع مناحي الحياة وشتى تفاصيلها، ومع ذلك نلاحظ بين الحين والآخر أن هناك من يصرح بأنَّ هذا وذاك يتماشى مع رؤية عُمان 2040، على الرغم من أن الفعاليات أحيانًا لا تكون لها صلةٌ مباشرةٌ بالرؤية، لكنها أصبحت ثابتةً على لسان كل من يتحدث أو يصرح، وأخشى أن يؤثر ذلك على جوهر الرؤية ويضعف من تركيزها ومضمون أهدافها. لذا، أرجو ألّا نحمل الرؤية فوق طاقتها، وألّا نجعلها شماعةً نغطي بها أي ثغرات أو نسد بها أي هفوات أو فجوات، ولهذا فلابد لكل من يربط فعاليته بالرؤية أن يذكر هذا الربط بوضوح أمام الرأي العام، بحيث يُحدّد المحور من الرؤية وحتى أي بندٍ من هذا المحور. لذا، فإنني أدعو؛ بل وأرجو أن تُقيَّم، وتُمحَّص، وتُفحص، وتُراجع بشكل دقيق، إن لم يكن كل 6 أشهر، فعلى الأقل كل عام، ثم بعد ذلك كل 5 أعوام. وها نحن في العام الخامس منها، حتى نتمكن من الوقوف على الوضع الحقيقي من برنامج الرؤية، ومعرفة أين وصلنا، والتدارك لأي نقص أو انحرافٍ عن خطاها. صحيحٌ أن هناك وحدة متابعة تنفيذ الرؤية، التي نقدم لها وللعاملين بها كل الشكر والاحترام على جهودهم، ولكن يتوجب أن تكون المراجعةُ شاملةً، ولجميع القطاعات، كلٌّ فيما يخصه، ولجميع محاور الرؤية وأهدافها، بشكلٍ مُفصَّلٍ ودقيقٍ وواضحٍ وصريح. وللتأكيد والاطمئنان، يمكننا النظر إلى تجارب الدول المشابهة لنا في برامجها الاستراتيجية، للاستفادة من تجاربها، وأخذ الإيجابيات، وتفادي السلبيات. وعلى سبيل المثال، وليس الحصر، تجربة الشقيقة المملكة العربية السعودية، فقد نشرت مؤخرًا تقريرًا عن رؤيتها 2030، قطعت فيه ثلثيها خلال 9 سنوات، وأنجزت 85% من مبادراتها، حيث كانت قصة صعودٍ من عام 2016 حتى عام 2024. وقد نما لديها الاقتصاد غير النفطي بشكلٍ واضح، وتم تحقيق 674 مبادرة من أصل 1502، وهي تجربة جديرةٌ بالاطلاع عليها لمعرفة أسباب ومبررات النجاح. حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.


جريدة الرؤية
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- جريدة الرؤية
المرجل في إسرائيل.. والمنطقة على صفيح ساخن
د. أحمد بن علي العمري كان العرب يعيشون في قبائل مشتتة في أنحاء شبه الجزيرة العربية، البقاء فيها للأقوى وللرمح والسيف، حتى أعزهم الله بالإسلام وبعث فيهم ومنهم خير الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لينطلق من عندهم وبهم دين الله الخالد إلى الإقليمية والعالمية والإنسانية جمعاء. توسَّع الإسلام في جميع أرجاء الأرض حتى وصل إلى أبعد من فارس شرقًا وروما غربًا، وخرج منهم العلماء والمبدعون والمبتكرون، ليس في الفقه والدين فقط، وإنما في جميع العلوم وفي شتى مناحي التخصصات. وقد صدّروا علومهم وعلمهم إلى جميع البقاع لتتعلّم منهم حتى أوروبا التي كانت غارقة حينها في جهلها العميق، وتتعلم منهم الأساسات والقواعد العلمية. وعندما عاد العرب والمسلمون إلى خلافاتهم واختلافاتهم التي أنتجت تشتتهم وتشرذمهم، رجعوا إلى تخلفهم. في الوقت الذي بدأت فيه أوروبا تتكون وتقوى حتى وصلت إلى الثورة الصناعية التي فتحت لهم آفاقًا لم تكن في مخيلتهم. وقد زادت أطماعهم وجشعهم بعد ذلك، ولم يكتفوا بما عندهم، فانتشروا غُزاةً في كل أراضي الكون، وكانت منطقتنا أحد أهدافهم. وأضحى الشرق الأوسط مطمعًا يسيل له اللعاب، حتى وإن كان للبرتغاليين والهولنديين والفرنسيين تواجد، إلّا أن بريطانيا استأثرت بالشرق الأوسط. نعم، الشرق الأوسط الذي هو مهبط جميع الديانات ومسقط رأس كل الأنبياء. ومن حينها وهم يتحكمون بنا كما يشاؤون، وخوفًا من أن تعود المنطقة للتوحد والتعاضد، فقد عملوا على تقسيم المُقسّم وتجزئة المُجزّأ. فأتى وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو لتقضي على أي نفس فيها الروح أو أي أمل للعودة والوحدة. وعندما شاخت بريطانيا العظمى، تسلمت الراية بعدها الولايات المتحدة لتكمل نفس المشوار وبذات الخطى ووحدة الهدف. والهدف الموحد هو تقوية إسرائيل وإضعاف العرب وإخضاعهم. فهل سأل أحد منا سؤالًا، وهو: لماذا يعملون معنا هكذا؟! الإجابة وبكل صراحة وبساطة هي: المصالح. مصالحهم في مخزونات الأرض وبيع جميع منتجاتهم، وأولها السلاح، وجعلنا بحاجة دائمة ومستمرة لهم في العلوم والتكنولوجيا والاقتصاد، وحتى في الغذاء والماء. وقد عملوا على ذلك جاهدين ليجعلوا منا شعوبًا مستهلكة لا شعوبًا منتجة، ونعتمد عليهم في كل شيء من الإبرة إلى السيارة. وعندما شقّت عليهم المسافة وحسبوا بعدها، قالوا لأنفسهم: لماذا نعد الطبخ في أوروبا وأمريكا وننقله إلى الشرق الأوسط؟ فرأوا بعد تفكير وتمحيص نقل المرجل إلى إسرائيل (المرجل بالعُمانية هو الوعاء الكبير الذي تُطبخ فيه الولائم الكبيرة). وطبعًا إسرائيل هي الصديق الصدوق والموثوق والدلوعة الغالية التي لا يُرفض لها طلب أبدًا مهما كان. إسرائيل التي بدأت حسب زعمهم دولة ديمقراطية علمانية، ها هي تُكشّر عن أنيابها وتعلن عن نواياها بأنها دولة يهودية. ويا ليت اليهودية المعروفة كدين، وإن كان فيها بعض التحريف بأيديهم، ولكنها الصهيونية. وكلنا نعلم أن اليهودية دين، والصهيونية فكر، والفكر هذا ممكن أن يدخل فيه من الأديان الأخرى وحتى الملحدون ممكن أن ينضموا إليه… وهكذا. واليوم تعيش المنطقة على صفيح ساخن جدًا في لبنان وسوريا واليمن والسودان وليبيا وغيره؛ فالحروب تشعبت عندنا من حرب بلد لبلد آخر إلى حروب داخل الدولة الواحدة، وهذا هو تجزئة المُجزَّأ حتى الاستثمارات المليارية التي تنوي بعض الدول تقديمها لأمريكا، هل هي في مأمن وخاصة في عهد الرئيس دونالد ترامب الذي هو تاجر قبل أن يكون رجل سياسة، وسهل جدًا أن يأخذ الدولار، ولكن من الصعب جدًا أن يعطيه. وكما نقول نحن العمانيين "بيسته بيسة" وإذا لا قدر الله حدثت أي وعكة سياسية؛ سواءً كانت مقنعة أو غير مقنعة، منطقية أو غير منطقية، فلربما تُصادَر هذه المليارات، كما حدث مع إيران، ومؤخرًا مع روسيا وغيرها، وقد سخَّروا إعلامهم ليطلقوا على من قال "لا إله إلا الله محمد رسول الله" أنه إرهابي، وأبعدوا الصفات الحقيقية للدين الإسلامي وهي العدل والمساواة والتسامح ونبذ التطرف والتعصب والبغضاء، وألصقوا بنا وبديننا الغلو والتطرف، وصدَّقنا نحن، بينما عقلاؤهم يعلمون الحقيقة، ووصلنا لدرجة أن نرى إخوتنا الفلسطينيين يُذبحون ويبادون ويجوعون ويعطشون ويُمنع عنهم حتى الدواء، ويُخنقوا بحصار مُطبق، بينما لا تذرف لنا عين دمعة واحدة، ولا يخشع قلب، في الوقت الذي يزيد فيه التطرف والغلو عند اليهود، ويعملون على تقليل عدد الفلسطينيين وتضييق مساحة أراضيهم، أمام مرأى ومسمع من العالم، دون أن يتحرك ساكن أو يعيب معيب في الوقت الذي نعرف الحلول ونراها، ولكن لا نقدر أن ننطق بها. وعلى سبيل المثال وليس الحصر: ماذا لو اتفقت المملكة العربية السعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي مع إيران وتركيا ومصر، وأكيد سوف تنضم إليهم جميع البلاد العربية والإسلامية، وربما تبارك هذا التوجه بلدان مثل الصين، التي تبنَّت مبادرة عودة العلاقات السعودية الإيرانية عام 2023، وكذلك روسيا، وهي دول عظمى لها مصالح مشتركة دائمة مع التجمع ألّا تستطيع هذه الدول أن تصنع غذاءها ودواءها وسلاحها وأن تتكامل فيما بينها وتكون قوة في الأرض ضاربة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا ولوجستيًا، والشعوب تتوق لذلك.