logo
#

أحدث الأخبار مع #أدولف_هتلر

"فورين أفيرز": ما زالت الحرب العالمية الثانية مستمرّة
"فورين أفيرز": ما زالت الحرب العالمية الثانية مستمرّة

الميادين

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الميادين

"فورين أفيرز": ما زالت الحرب العالمية الثانية مستمرّة

مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر مقالاً مطوّلاً يتناول تأثيرات الحرب العالمية الثانية على التاريخ والسياسة العالمية، بدءاً من أسبابها وتفسيرات بداياتها المختلفة، مروراً بنتائجها الإنسانية والسياسية، ووصولاً إلى استمرار تداعياتها حتى اليوم. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: نادراً ما يكون التاريخ منظّماً. وغالباً ما يفضي إلى تداخل الزمن مع الأعمال غير المنجزة، التي تتراكم من حقبة إلى أخرى. والحرب العالمية الثانية نموذجية بهذا المعنى، وفي حجم آثارها على حياة الناس ومصائر الأمم. ولقد كانت مزيجاً من العديد من تنوّع الصراعات، من ضمنها الكراهية العرقية والقومية العنصرية التي تصاعدت عقب انهيار 4 إمبراطوريّات وإعادة رسم الحدود في مؤتمر باريس للسلام بعد الحرب العالمية الأولى، حيث زعم عدد من المؤرّخين أنّ الحرب العالمية الثانية كانت مرحلة من حرب طويلة استمرّت من عام 1914 إلى عام 1945 أو حتّى انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، أو أنّها حرب أهلية عالمية، اندلعت في البداية بين الرأسمالية والشيوعية، ثمّ بين (الديمقراطية والاستبدادية). لا شكّ في أنّ الحرب العالمية الثانية جمعت خيوط التاريخ العالمي، بامتدادها القارّي من جهة، وتسريعها إنهاء الاستعمار الأوروبي في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط من جهة أخرى. وبالرغم من هذه التجربة وانخراط الدول في النظام المنبثق عقبها، فقد صاغت كلّ دولة رواية مشاركتها على نحو خاص في الصراع الكبير، وتصرّ عليها. حتّى إنّ مسألة متى بدأت الحرب لا تزال موضع نقاش. ففي السردية الأميركية أنّها بدأت فعلاً عندما دخلت الولايات المتحدة الصراع بعد أن هاجمت اليابان بيرل هاربور في 7 كانون الأوّل/ديسمبر 1941، وحين أعلن الطاغية الألماني أدولف هتلر الحرب عليها بعد بضعة أيام من الهجوم الياباني. كذلك، يصرّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنّ الحرب بدأت في حزيران/يونيو 1941، عندما غزا هتلر الاتّحاد السوفياتي، متجاهلاً الغزو السوفياتي والنازي المشترك لبولندا في أيلول/سبتمبر 1939، والذي يمثّل بداية الحرب بالنسبة لمعظم الأوروبيين. كما أنّ البعض يرجعها إلى ما هو أبعد من ذلك. فبالنسبة للصين بدأت في عام 1937، مع الحرب اليابانية الصينية، أو حتّى قبل ذلك مع الاحتلال الياباني لمنشوريا في عام 1931. ويعتقد الكثيرون من اليسار في إسبانيا أنّها بدأت مع إطاحة الجنرال فرانسيسكو فرانكو بالجمهورية في العام 1936، ممّا تسبّب باندلاع الحرب الأهلية في البلاد. ولا تزال هذه الرؤى المتضاربة مصدراً للتوتر وعدم الاستقرار في السياسة العالمية. لقد أنتجت الحرب العالمية الثانية أيضاً توازناً غالباً ما كان متوتّراً بين أوروبا والولايات المتحدة. كما أجبرت طموحات هتلر للهيمنة بريطانيا على التخلّي عن دورها الذي نصّبته لنفسها كشرطي عالمي، والتوجّه إلى الأميركيين طلباً للمساعدة. مع ذلك، كان البريطانيون يفتخرون حقّاً بدورهم في النصر النهائي للحلفاء، لكنّهم حاولوا إخفاء نفوذهم العالمي المتراجع من خلال ترديد المقولة المبتذلة بأنّ المملكة المتحدة تمكّنت من "التفوّق على وزنها"، خلال الحرب، والتمسّك بـعلاقتها الخاصّة مع الولايات المتحدة. كذلك تشرشل كان مستاء من احتمال عودة القوّات الأميركية إلى ديارها بعد انتهاء حرب المحيط الهادئ في العام 1945. وعلى الرغم من أنّ المواقف الأميركية ظلّت تتأرجح بين السعي إلى تأدية دور عالمي نشط والتراجع إلى الانعزالية، لقد أدّى التهديد الذي تشكّله موسكو السوفياتية إلى ضمان بقاء واشنطن منخرطة بقوّة في أوروبا حتّى انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991. الآن دخلت أوّل حرب قارية كبرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عامها الرابع في أوكرانيا، ويرجع هذا جزئياً إلى القراءة الانتقائية التي ينتهجها بوتين للتاريخ الروسي، بينما تهدّد الصراعات القاتلة في الشرق الأوسط وأماكن أخرى بالانتشار على نطاق أوسع. وفي هذه الأثناء، يبدو أنّ إدارة ترامب تتخلّى عن القيادة العالمية للولايات المتحدة في نوبة غضب مرتبكة. قبل 80 عاماً، مهّدت نهاية الحرب العالمية الثانية الطريق لنظام دولي جديد قائم على احترام السيادة الوطنية والحدود. وقد يأتي موعد دفع ثمن باهظ للتردّد الأميركي، والرضا الأوروبي، والانتقام الروسي. لقد حفرت وحشية الحرب العالمية الثانية في ذاكرة أجيال عديدة. كانت أوّل صراع حديث يقتل فيه الملايين من الضحايا المدنيين الذين يفوقون بكثير عدد المقاتلين. وقد حدث كلّ ذلك من خلال نزع الصفة الإنسانية عن العدوّ على أساس أيديولوجي، وإثارة المشاعر القومية إلى أبعد حدّ، والترويج للعنصرية باعتبارها فضيلة من جانب، والحرب الطبقية اللينينية التي أيّدت إبادة كلّ معارضة من جانب آخر. في المجمل قتل نحو 85 مليون شخص في الحرب العالمية الثانية، وهو رقم يشمل من لقوا حتفهم بسبب المجاعة والمرض. وقتل ما يقرب من خُمس سكان بولندا، كما فقد ما يقرب من 6 ملايين آخرين. وخسر الصينيون أكثر من 20 مليون إنسان، كما فاق عدد ضحايا المجاعة والمرض عدد القتلى في ساحة المعركة. وتتراوح تقديرات عدد القتلى السوفيات بين 24 مليوناً و26 مليوناً، وستالين كان يعلم في عام 1945 أنّ العدد الإجمالي تجاوز 20 مليون ضحية، بينما اعترف بثلث هذه الخسارة فقط، محاولاً إخفاء حجم الفظائع التي ألحقها بشعبه، بحسب ما أشار الباحث في العلاقات الدولية ديفيد رينولدز، إلى أنّ ستالين "اكتفى بـ 7.5 ملايين قتيل باعتباره رقماً يبدو بطولياً إلى حدّ ما. لا يكفي أن نتذكّر الضحايا، الذين تعمّد من قتلهم إخفاء هوياتهم الشخصية. وبالنسبة لمن نجوا، من أسرى الحرب والمدنيين المحتجزين في المعسكرات، لقد غيّر الصراع حياة الكثيرين منهم بطرق غير متصوّرة. وأغلب من استسلموا لواقعهم كانوا من أوائل الضحايا. أما الناجون على الأرجح، فكانوا ممّن عزموا بشدّة على العودة إلى عائلاتهم، أو التمسّك بمعتقداتهم، أو الشهادة على جرائم شنيعة، بينما لم يتمكّن العديد من الجنود الأسرى الآخرين من العودة إلى ديارهم. ولعقود بعد الحرب، ظلّت ذكرى مآسيها حيّة في قلوب من عاشوها بأنفسهم، بينما تشكّل نظام ما بعد الحرب على أيدي أجيال كان هدفها منع تكرار مثل هذه المأساة. ولكن بالنسبة لأولئك الذين لم يعيشوا هذا الصراع، وينظرون إلى الماضي بعين اليوم، فإنّ عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية قد يكون مجرّد رقم من الصعب عليهم استيعاب حقيقته بأنّ عشرات الملايين من الضحايا قد سقطوا خلاله. إنّ فقدان هذا الارتباط المباشر بالماضي يعني فقدان العزم المشترك الذي أنتج على مدى 80 عاماً سلاماً متواصلاً، وإن كان غير كامل إلى حدّ كبير، بين القوى العظمى. 8 أيار 13:11 7 أيار 10:11 لقد غيّرت الحرب العالم تماماً. وفي الدول المتحاربة، لم يبقَ سوى القليل من الأرواح من دون أن تمسّ. وكثيرات هنّ اللّواتي فقدن خطّابهنّ في الحرب ولم يتزوّجن قطّ، ولم يرزقن بأطفال. كما أنّ الرجال العائدين لم يتمكّنوا من التكيّف مع حقيقة أنّ النساء تولّين إدارة كلّ شيء، ممّا جعلهم يشعرون بالنقص. وكان ردّ الفعل أقوى في أوروبا مثل ألمانيا، حيث سمع الرجال الذين سجنوا خلال الحرب للمرّة الأولى عن عمليّات الاغتصاب الجماعي التي ارتكبها الجيش الأحمر في الغالب. وشعروا بالإهانة لعدم وجودهم هناك للدفاع عن نسائهم. ولم يتحمّلوا معرفة أنّ النساء تعاملن مع الصدمة بالطريقة الوحيدة الممكنة بالتحدّث مع بعضهنّ البعض عنها. وفي فرنسا وغيرها من الدول التي احتلّت، تساءل الرجال العائدون من معسكرات الاعتقال والعمل القسري في ألمانيا كيف تمكّنت النساء اللواتي يفتقرن إلى أيّ مصدر رزق من البقاء على قيد الحياة، وبدأوا يشتبهون في وجود علاقات بينهنّ وبين جنود العدوّ أو تجّار السوق السوداء. وليس من المستغرب، وقد أدّت هذه المسائل إلى فترة رجعية اجتماعية استمرّت طيلة أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين. كما استمرّ الصراع السياسي العنيف حتّى بعد انتهاء الأعمال العنفية. وفي آب/أغسطس 1945، بعد انتهاء القتال في المسرح الأوروبي بوقت طويل، بدأ الاتحاد السوفياتي بإطلاق سراح الجنود الإيطاليين الذين أسرهم في المرحلة الأخيرة من حملة دول المحور للسيطرة على ستالينغراد. وقد أعيد هؤلاء الجنود إلى ديارهم من دون ضبّاطهم. لأنّ زعيم الحزب الشيوعي الإيطالي ناشد موسكو آنذاك في أن تؤخّر عودة الأسرى ذوي الرتب الأعلى الذين قد يدينون الاتحاد السوفياتي علناً، ويضرّون بفرص الحزب في الانتخابات المقبلة. كما تجمّع الشيوعيون في محطّات السكك الحديدية في إيطاليا للترحيب بالجنود العائدين، وكانوا يتوقّعون منهم أن يكونوا أكثر تعاطفاً مع قضيّتهم، لكنهم شعروا بالفزع عندما رأوا الجنود قد كتبوا عبارة "أباسو كومونيزمو" تسقط الشيوعية، على عربات القطار، واندلعت معارك في المحطّات، ووصفت الصحافة الشيوعية العائدين الذين انتقدوا الاتحاد السوفياتي بأيّ شكل من الأشكال بالفاشيين. أزيلت الحدود أو أعيد ترسيمها في أثناء الحرب وبعدها. ولم يعد كثير من النازحين يعرفون جنسياتهم. وهُجّرت أو أخليت أو قتلت أعداد كبيرة من السكّان، بل مدن بأكملها أحياناً دمّرت، على يد الجماعات شبه العسكرية والشرطة السرّية. وفي عام 1939، أُلقي البولنديون فيما أصبح فجأة غرب أوكرانيا في مساحات كازاخستان أو سيبيريا المهجورة، وتركوا ليموتوا جوعاً. وقد احتلّ السوفيات مدينة لفيف البولندية مرّتين، ومرّة ​​واحدة من قبل النازيين، الذين أرسلوا يهودها إلى معسكرات الموت. وفي مؤتمر يالطا في شباط/فبراير 1945، حيث اجتمع قادة بريطانيا والسوفيات والولايات المتحدة لمناقشة تنظيم أوروبا ما بعد الحرب، أجبر ستالين القوى المتحالفة على قبول نقل بولندا بأكملها إلى الغرب، واستقبال المقاطعات الألمانية السابقة على الجانب الغربي بينما يستوعب الاتحاد السوفياتي المقاطعات البولندية إلى الشرق. ولإكمال تنفيذ هذه الخطة، قام الجيش الأحمر بأكبر عملية تهجير قسري ممنهجة للسكان في العصر الحديث، حيث نقل أكثر من 13 مليون ألماني وبولندي وأوكراني من مناطقهم. مع استمرار مناقشات يالطا في مؤتمر بوتسدام في آب/أغسطس 1945، تكشّفت رغبة ستالين في توسيع الأراضي السوفياتية بوضوح، حيث أبدى اهتماماً بتولّي السيطرة على المستعمرات الإيطالية السابقة في أفريقيا، واقترح إزاحة فرانكو في إسبانيا. "يجب أن يكون من الجيد جدّاً أن تكون في برلين الآن بعد كلّ ما عاناه بلدك"، قال السفير الأميركي أفريل هاريمان لدى الاتحاد السوفياتي، لستالين الذي نظر إلى السفير من دون تغيير بتعابيره، وقال: "ذهب القيصر ألكسندر إلى باريس"، ولم يكن يمزح أنّه في العام السابق، صدرت أوامر القيادة السوفياتية بوضع خطط لغزو فرنسا وإيطاليا والاستيلاء على المضيق بين الدنمارك والنرويج. وفي عام 1945، أخبر الجنرال السوفياتي سيرجي شتيمينكو سيرغو بيريا، الذي كان والده قائداً للشرطة السرية السوفياتية المخيفة خلال عهد ستالين، "كان من المتوقّع أن يتخلّى الأميركيون عن أوروبا التي سقطت في الفوضى، بينما تصاب بريطانيا وفرنسا بالشلل بسبب مشكلاتهما الاستعمارية". عليه اعتقد القادة السوفيات أنّ هذا خلق فرصة وثغرة. وفقط عندما علم السوفيات أنّ الولايات المتحدة كانت على وشك بناء القنبلة الذرّية، تراجعوا عن الخطط، حتّى لو لم تكن شهية موسكو للتوسّع كذلك. أيضاً أطلقت الحرب العالمية الثانية فجر العصر النووي، واختراع القنبلة الذرية المرعبة للعالم الذي اعتبر القصف الأميركي لهيروشيما وناغازاكي جريمة حرب. ومع ذلك، فإنّ استهداف هاتين المدينتين اليابانيتين في آب/أغسطس 1945، تضمّن خياراً أخلاقياً ثقيلاً. وقبل أن يسرّع القصف نهاية الحرب، أراد الجنرالات اليابانيون القتال بدلاً من قبول شروط الاستسلام الصادرة عن قوّات الحلفاء في إعلان بوتسدام في تموز/يوليو 1945. وقد كانوا مستعدّين للتضحية بملايين المدنيين اليابانيين من خلال إجبارهم على مقاومة غزو الحلفاء بحراب الخيزران والمتفجّرات المربوطة بأجسادهم. وبحلول عام 1944، كان نحو 400 ألف مدني يموتون شهرياً من المجاعة في مناطق شرق آسيا والمحيط الهادئ وجنوب شرق آسيا التي احتلتها القوات اليابانية. كذلك أراد الحلفاء أيضاً إنقاذ أسرى الحرب الأميركيين والأستراليين والبريطانيين الذين كانوا يتضوّرون جوعاً حتّى الموت في المعسكرات اليابانية، أو يذبحون من قبل خاطفيهم بناء على أوامر طوكيو. فعلى الرغم من أنّ القنبلة الذرية أودت بحياة أكثر من 200 ألف ياباني، إلّا أنّ هذا السلاح الرهيب ربّما أنقذ الكثير أيضاً في مفارقة أخلاقية مثيرة. للأفضل أو للأسوأ لقد أعادت الحرب العالمية الثانية ضبط مسار السياسة الدولية. ومهّدت هزيمة اليابان الطريق في النهاية لصعود الصين الحديثة. كما كان انهيار الإمبراطوريات البريطانية والهولندية والفرنسية في عامي 1941 و1942 بمثابة نهاية الإمبراطورية الأوروبية، وحفّزت التحرّك نحو التكامل السياسي في القارّة بدل الحروب. كذلك تمّت ترقية كلّ من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي إلى مكانة القوى العظمى، وأطلقت منظمة الأمم المتحدة التي كانت أهدافها الرئيسية هي حماية سيادة البلدان وحظر العدوان المسلح والغزو الأراضي. ولقد كانت الأمم المتحدة إلى حدّ كبير حلم الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، الذي كان مستعدّاً للسماح لستالين بالسيطرة الكاملة على بولندا لتحقيق ذلك. ومع ذلك، منذ نحو شهرين أدارت الولايات المتحدة ظهرها للمبادئ التأسيسية للأمم المتحدة، وصوّتت إلى جانب روسيا ورفضت إدانة العدوان الروسي على أوكرانيا، كما أدّت الحرب العالمية الثانية أيضاً إلى الحرب الباردة. يقول بعض المؤرّخين إنّ هذا الصراع الجديد بدأ في عام 1947 مع اتّفاقية كلاي روبرتسون، حين قرّرت السلطات البريطانية والأميركية تصنيع ألمانيا الغربية، ممّا أثار جنون العظمة لدى ستالين. شهد ذلك العام بالتأكيد تصاعداً في التوتّرات، حيث أصدر ستالين أمراً للأحزاب الشيوعية الأوروبية بتحضير أسلحتها استعداداً لحرب مستقبلية، ووضع الأساس للحصار السوفياتي لبرلين في العام التالي. لكنّ المسألة تعود في أصولها إلى أبعد من ذلك بكثير، ففي حزيران/يونيو 1941. كان ستالين قد أصيب بصدمة بسبب عملية بربروسا، الغزو الذي قاده النازيوّن ضدّ بلاده الذي بدأ في ذلك الشهر. لذلك أصبح مصمّماً على إحاطة نفسه بدول تابعة في جميع أنحاء وسط وجنوب أوروبا، حتّى لا يتمكّن أيّ غاز من مفاجأة الاتحاد السوفياتي مرّة أخرى. لعدة قرون كانت روسيا مهووسة بالسيطرة على جيرانها لمنع تطويقها. وكان جدار الصدّ لستالين هو بولندا. ولقد حافظ بوتين على هذه العقلية الأساسية، وبالنسبة له فإنّ الحدود الأكثر ضعفاً في البلاد هي أوكرانيا، التي يجادل بأنّها تنتمي إلى روسيا. وعندما تصرّف بوتين بناء على هذا الادّعاء بغزو أوكرانيا في العام 2022، أعاد سمة من سمات حقبة الحرب العالمية الثانية التي كانت غائبة إلى حدّ كبير في السياسة العالمية منذ ذلك الحين. وقد شكّل القادة من خلال الأنظمة التي سيطروا عليها مسار هذا الصراع الواسع. من تشرشل إلى روزفلت إلى ستالين، لقد أعادت مكائدهم تنشيط الفكرة في الخيال الشعبي لـ "الرجل العظيم" الذي يقود مجرى التاريخ. وفي السنوات الأخيرة، كان للقادة السياسيين تأثير أقلّ نسبياً. فالنظام الاقتصادي المعولم يقيّد إلى حدّ كبير حرّية عملهم، كما أنّ التفكير المستمرّ في كيفية تأثير القرار في وسائل الإعلام يجعل العديد منهم أكثر حذراً في جرأتهم. ولزمن طويل بدا الأمر كما لو أنّ القادة السياسيين لن يستطيعوا تحديد مسار الأحداث مرّة أخرى بالطريقة التي فعلوها في الحرب العالمية الثانية. لكنّ غزو بوتين لأوكرانيا غيّر كلّ ذلك، بينما الرئيس ترامب يرى في الرئيس الروسي نموذجاً يحتذى به. الآن، وبينما تستعدّ روسيا للاحتفال بيوم النصر، فإنّ بوتين مصمّم على حلب قصّة "الحرب الوطنية العظمى" لبلاده بكلّ ما تستحقّه. قد يعيد اسم مدينة فولغوغراد إلى ستالينغراد الذي غُيّر في عام 1961 كجزء من حملة الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف لإنهاء الستالينية، وتسليط الضوء على انتصار الجيش الأحمر في نهاية المطاف على دول المحور في معركة ستالينغراد في عام 1943، وهي نقطة التحوّل النفسي الكبرى للحرب. في الحقيقة، لا توجد مجموعة واحدة من الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من الحرب العالمية الثانية. فالحرب تتحدّى التعميم ولا تندرج في تفسيرات سهلة. وتحتوي على قصص لا حصر لها عن المأساة والفساد والنفاق والهوس الأناني والخيانة والخيارات المستحيلة والسادية التي لا تصدّق. لكنّها تحتوي أيضاً على قصص عن التضحية بالنفس والرحمة، حيث التشبّث بإيمان أساسي بالإنسانية، على الرغم من الظروف المروّعة والقمع الساحق. نقله إلى العربية: حسين قطايا.

في ذكراها الـ80.. الحرب العالمية الثانية مأساة التاريخ المعاصر الأكثر دموية
في ذكراها الـ80.. الحرب العالمية الثانية مأساة التاريخ المعاصر الأكثر دموية

الجزيرة

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الجزيرة

في ذكراها الـ80.. الحرب العالمية الثانية مأساة التاريخ المعاصر الأكثر دموية

تمر هذه الأيام الذكرى الثمانين لانتصار معسكر الحلفاء في الحرب العالمية الثانية على ما يسمى دول المحور بقيادة ألمانيا النازية، وهي تعد أكثر الحروب دموية في التاريخ البشري. كان لزعيم الحزب النازي، أدولف هتلر، حينها أطماع توسعية لا حدود لها، حيث سعى لتحويل ألمانيا إلى إمبراطورية كبرى وأطلق عليها لقب "الرايخ الثالث" مستلهما من مصطلح الرايخ الذي كان يطلق على الإمبراطورية الرومانية التي استمرت حوالي 9 قرون (911 ـ 1806) لكن لم تدم دولته التي حلم بها أكثر من 12 عامًا. وانتهت الحرب عام 1945، لكن آثارها ما زالت شاهدة على واحدة من أفظع الجرائم التي عرفتها البشرية، فمن معسكرات الاعتقال إلى القصف النووي، تركت الحرب إرثا من الألم والمعاناة لم يُمح من الذاكرة. وبهذا التقرير، نسلط الضوء على التداعيات الإنسانية للحرب، عبر قصص الناجين وأرقام الضحايا، وكيف شكلت السنوات الست ملامح العالم الحديث، بكل ما تحمله من جراح لم تندمل. الحرب في سطور بدأ هتلر تنفيذ مخططاته لتحقيق أطماعه التوسعية في الأول من سبتمبر/أيلول 1939، حيث قصفت القوات الألمانية بولندا واجتاحتها، وبعدها دخلت فرنسا وبريطانيا أيضًا الحرب ضد ألمانيا لتنغمس أوروبا في جحيم. إعلان لقد انخرطت كل القوى العالمية حينها في الحرب، وانقسم العالم إلى معسكرين: دول المحور وتضم ألمانيا وإيطاليا واليابان، ومعسكر الحلفاء ويشمل الولايات المتحدة إلى جانب بريطانيا وفرنسا وروسيا وأستراليا والصين وأغلب الدول الأوروبية. وحققت دول المحور بعض الانتصارات في البداية، فسيطرت القوات الألمانية على فرنسا وأغلب دول أوروبا الشرقية وأجزاء من الاتحاد السوفياتي. وحققت اليابان انتصارات واسعة على الصين وسيطرت على مناطق واسعة من آسيا والمحيط الهادي. لكن مع نهاية عام 1942، بدأت انتصارات دول الحلفاء وتمت استعادة الأراضي التي احتلتها ألمانيا تدريجيا بما في ذلك فرنسا. وفي أوروبا الشرقية حقق الجيش الأحمر انتصارا تاريخيا في ستالينغراد ليتمكن من طرد الألمان من الاتحاد السوفياتي، ثم من أوروبا الوسطى قبل أن يحسم معركة برلين ربيع عام 1945، وفي 8 مايو/أيار 1945 استسلمت ألمانيا دون قيد أو شرط بعد انتحار هتلر. وفي آسيا، استعاد الجيش الأميركي زمام المبادرة منذ صيف عام 1942، لكن الأمر استغرق 3 سنوات أخرى من القتال بفعل شراسة مقاومة اليابانيين الذين لم يستسلموا إلا بعد أن تعرضوا للقصف النووي الوحيد في التاريخ، حيث ألقت الولايات المتحدة قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في 6 و9 أغسطس/آب 1945. التكلفة البشرية للحرب العالمية الثانية لعبت الطائرات دورًا رئيسيًا في الصراع، حيث أودى القصف الإستراتيجي للمراكز السكنية بحياة ملايين الأشخاص، ومن ذلك القنبلتان الذرِّيتان اللَّتان أُلقيتا على هيروشيما وناغازاكي، كما فني عشرات الملايين من الناس بسبب المجازر والجوع والأمراض. وتذهب التقديرات من مصادر مختلفة إلى أن هذه الحرب راح ضحيتها ما بين 50 و85 مليون قتيل غالبيتهم من المدنيين، يضاف إلى هذا العدد عشرات الملايين من الجرحى والمشوهين. وشهدت الحرب تعديات خطيرة على حقوق الإنسان، فبالإضافة إلى قتل الملايين من المدنيين الأبرياء، عرف الصراع أصناف التعذيب والإعدامات واعتقل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء وارتكبت إبادات جماعية بحق العديد من الشعوب، كما استخدم النازيون آلاف الأشخاص عبيدا لديهم. إعلان وفي نهاية الحرب، كانت هناك مأساة من نوع آخر تتعلق بعشرات الملايين من اللاجئين المشردين، وقد قدرت بعض الدراسات أن الحرب العالمية الثانية تسببت في نزوح حوالي 200 مليون شخص في أوروبا وآسيا، 100 مليون منهم في الصين وحدها. معسكر رافنسبروك.. مقتلة جماعية في تقرير لقناة "تي في 5" الفرنسية بعنوان "أمهات المخيم في ذكرى أطفال رافنسبروك" استنطق التقرير بعض الناجين ممن ولدوا داخل معسكر الاعتقال، الواقع على بعد 80 كيلومترًا شمال برلين، وهو أكبر معسكر اعتقال نازي مخصص للنساء والأطفال. تقول الألمانية إنجلور بروشنو، التي ولدت في أبريل/نيسان 1944، إن المعسكر احتجزت فيه أكثر من 130 ألف امرأة، توفي منهن حوالي 30 ألفا أثناء احتجازهن بسبب القتل أو الجوع أو المرض، وكانت الحوامل يتعرضن للإجهاض بالحقن القاتلة، ومن استطاعت إخفاء حملها يقتل طفلها فور اكتشافه، وقد كان الأطفال حديثو الولادة يقتلون خنقا أو حرقا أو إغراقا. وتقول البولندية واليريا بيتش، والدة الطفل ميكولاي المولود في 25 مارس/آذار 1945، وكانت ضمن أكبر قافلة من الحوامل التي وصلت بعد انتفاضة وارسو في أغسطس/آب 1944 "لقد عذبت النساء حتى الموت في بعض الأحيان وتعرضن للأوبئة، وشخصيا تعرضت للضرب والركل على الرغم من حملي المتقدم، وإضافة إلى ذلك كنا نعمل لمدة تتراوح بين 12 و14 ساعة يومياً في دفع العربات، وحمل الطوب، وخياطة الزي الرسمي". وتروي الجندية الفرنسية مادلين أيلمر روبين في كتابها "لقد وهبتُ الحياة في معسكر الموت" أنها أنجبت سرا وبمساعدة سجينات ابنتها سيلفي في 21 مارس/آذار 1945 في "غرفة صغيرة ضيقة، عبارة عن ممر، لا يوجد ماء، ولا مرحاض، ولا كهرباء، لا شيء سوى شمعة على الأرض". وتقول الفرنسية ماري شومبارت إنه ابتداءً من سبتمبر/أيلول 1944، تم تجميع العديد من الأطفال حديثي الولادة في غرفة وكان متوسط ​​أعمارهم حوالي 3 أشهر، وكانت الفئران تقضم أصابع الأطفال المحصورون بمفردهم، كما مات معظمهم بسبب الجوع والأمراض والبرد الذي وصل إلى 15 درجة مئوية تحت الصفر. إعلان ويوضح التقرير أن قليلات من نساء المعتقل تمكنّ من إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية، وفي معظم الأحيان إما يموت الطفل أو تموت الأم أو تمنع من الوصول إلى طفلها لإرضاعه. يقول الفرنسي جان كلود باسرات -الذي وُلِد في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1944- إنه نجا بفضل كرم بعض السجينات في المزرعة التي كانت والدته تعمل فيها، حيث أرضعته امرأة غجرية رومانية وأخرى روسية، فقدتا طفليهما للتو. وينقل التقرير عن الشاهدة ماري خوسيه أن الأطفال سرعان ما يصبحون مثل كبار السن مع بشرة متجعدة، وبطون منتفخة، ووجوه مثلثة، ويعانون من الإسهال الأخضر. وبداية عام 1945، ساءت الأوضاع، حيث تم قصف معسكر رافنسبروك بالغاز وبلغ عدد ضحاياه حوالي 6 آلاف، وبعدها تم إرسال الآلاف من النساء والأطفال إلى معسكرات أخرى. وكانت النساء تخفين الأطفال في تنانيرهن أثناء صعود الحافلات، كما وقع مع سيلفي أيلمر، واضطر أطفال آخرون (كما هو حال إنجلور بروشنو) للسير مع أمهاتهن في "مسيرة الموت" التي امتدت لمسافة 60 كيلومترًا، حيث أجبر النازيون سجناءهم على السير عندما اقترب الجنود السوفيات لنقلهم إلى معسكرات أخرى في ألمانيا والنمسا. جرائم الأميركيين أعظم مسكوت عنه في تقرير بعنوان "المحظور الأكبر في الحرب العالمية الثانية" أوردت الكاتبة الفرنسية إيزابيل مورجير أن المئات -إن لم يكن الآلاف- من الفرنسيات تعرضن للاغتصاب على يد الجنود الأميركيين في جرم ظل مسكوتا عنه، ويكشف أن ليوم النصر أيضا جانبه المظلم. وتوضح إيزابيل أن الجميع تقريبا يعلم أنه في 6 يونيو/حزيران 1944 نزل 156 ألف جندي أميركي وبريطاني وفرنسي على شواطئ نورماندي الفرنسية لتحرير فرنسا من قبضة النازية، لكن ما ليس معلوما لدى كثيرين أنه بعد بضعة أشهر وتحديدا في أكتوبر/تشرين الأول 1944 حاكمت السلطات العسكرية الأميركية 152 جندياً بتهمة اغتصاب فرنسيات. إعلان وتنقل الكاتبة عن المؤرخة الأميركية ومؤلفة كتاب "الجنود والنساء" ماري لويز روبرتس قولها إن الرقم المعلن أقل بكثير من العدد الحقيقي للجنود الأميركيين الذين ارتكبوا جرائم اغتصاب الفرنسيات حيث فضلت العديد من النساء الصمت، فبالإضافة إلى العار المرتبط بالاغتصاب، كان الجو مليئا بالفرح والاحتفال بالمحررين. وتضيف المؤرخة الأميركية أنه لتحفيز الجنود الأميركيين على القتال بعيداً عن الوطن "وعدهم قادتهم بفرنسا التي يسكنها نساء سهلات" وهكذا ترى المؤرخة أنه تم استخدام الجنس وسيلةً للسيطرة على فرنسا. ويقدر التقرير أن هناك الآلاف من حالات الاغتصاب التي ارتكبها الجنود الأميركيون في الفترة ما بين مقدمهم في يونيو/حزيران 1944 ورحيلهم في أبريل/نيسان 1946، ولم يتم الإبلاغ عنها. Voir cette publication sur Instagram Une publication partagée par الجزيرة الوثائقية (@aljazeeradocumentary) ويورد التقرير نماذج من حالات الاغتصاب التي تم التكتم عليها، فينقل عن المواطنة الفرنسية إيمي دوبري (99 عامًا) أنها فضلت الصمت لمدة 80 عامًا بشأن اغتصاب والدتها عام 1944، ولكن مع اقتراب احتفالات إنزال قوات الحلفاء في فرنسا، لم تعد ترغب في الصمت. ففي قريتها الصغيرة مونتور، كانت إيمي ذات الـ19 عامًا سعيدة للغاية، مثل جميع جيرانها، بوصول هؤلاء "المحررين" الذي بشر بنهاية الاحتلال الألماني، لكن سرعان ما ستصاب بخيبة الأمل. وفي مساء يوم 10 أغسطس/آب، دخل جنديان أميركيان إلى مزرعة العائلة و"كانوا في حالة سُكر وكانوا بحاجة إلى امرأة" كما قالت إيمي. وفي رسالة أخرجتها من قطعة قماش قديمة كتبتها لها والدتها حتى لا تنسى أي شيء، تنقل عنها قولها "أطلق الجنود النار على زوجي، واخترقت الرصاصات قبعته، ثم تحركوا بشكل تهديدي نحوك فخرجت لحمايتك، فأخذني الجنود إلى الحقول واغتصبوني 4 مرات بالتناوب". إعلان وبعد 80 عامًا، تقول البنت وقد انكسر صوتها وهي تقرأ رسالة أمها "آه يا أمي، لقد عانيت، إني أفكر في هذا الأمر كل يوم أيضًا" مضيفة "ضحّت أمي بنفسها لحمايتي، وبينما كانوا يغتصبونها، انتظرنا حتى الليل، لا نعلم إن كانت ستعود حيّة أم سيطلقون عليها النار". وفي حالة أخرى، تتذكر جين تورنيلك (95 عاماً) كيف قام جندي أسود من الجيش الأميركي باغتصاب شقيقتها الكبرى (كاثرين) بعد أن حطم باب المنزل وقتل والدها الذي حاول التدخل فأطلق عليه الجندي النار. وبعد الحادثة، ركضت إحدى أخوات كاثرين لإبلاغ حامية أميركية متمركزة على بعد بضعة كيلومترات، قالت لهم إن جنديا ألمانيا هو الذي فعلها، لقد كانت مخطئة، فعندما عاينوا الرصاص اليوم التالي، عرفوا فورًا أنه أميركي. ويقول التقرير إن كاثرين احتفظت بسر اغتصابها الذي سمم حياتها حتى اقترب موعد وفاتها، حين اعترفت بذلك لإحدى بناتها (جينين بلاسار) قالت لها وهي على سريرها في المستشفى "لقد تعرضت للاغتصاب أثناء الحرب خلال التحرير" وسألتها ابنتها إن كانت حدثت أحدا في الأمر، فأجابت "لقد كان التحرير، وكان الجميع سعداء، لم أكن لأقول شيئًا كهذا، لأنه لم يكن أحد ليصدقني". ويتحدث عن عنصرية نمطية مارسها الجيش الأميركي خلال المحاكمات المحدودة حول عمليات اغتصاب الفرنسيات، حيث تم إلقاء اللوم على ذوي البشرة السوداء من الجنود الأميركيين. وينقل التقرير عن كتاب صادر عام 1976 للكاتب لويس جيلو الذي كان مترجما للقوات الأميركية في فرنسا أن "أولئك الذين حُكم عليهم بالإعدام كانوا جميعهم من السود تقريبًا". وتؤكد ماري لويز روبرتس هذا الطرح، حيث تعتبر أنه عندما أدركت القيادة العسكرية الأميركية أن "الوضع أصبح خارج السيطرة"، اختارت "جعل الجنود السود كبش فداء من أجل تحويل الاغتصاب إلى "جريمة سوداء" للحفاظ على سمعة الأميركيين البيض بشكل مطلق". وتبرهن روبرتس على ذلك بإحصائيات "مذهلة": فخلال عامي 1944 و1945، ومن بين 29 جنديًا حُكم عليهم بالإعدام بتهمة الاغتصاب، كان 25 منهم من الجنود السود، وتشير إلى أن "الجيش فسر ذلك بحقيقة أن الأسود كان مغتصبًا محتملاً، وأنهم كانوا يتمتعون بتوجه جنسي متفاقم، وهي صورة نمطية عنصرية سائدة في الولايات المتحدة. ويشير التقرير إلى أنه لحساسية هذه المعلومات وبعد نشر كتابها عام 2013، تم وضع ماري لويز روبرتس تحت مراقبة الشرطة، وهو ما تفسره المؤرخة نفسها بأنه محاولة للاستمرار في إشاعة "أسطورة الجندي الأميركي الشجاع والصادق حامي المرأة الذي تفخر به بلاده" حتى لو كان ذلك يعني الاستمرار في الكذب، حسب المؤرخة الأميركية التي ترى أن الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية فندت ذلك فقد كانت أيضا بمثابة هزائم أخلاقية، مثل حرب فيتنام وحرب أفغانستان. إعلان وكانت الحرب العالمية الثانية إذن أضخم صراع عسكري على مر العصور، سواء من حيث قسوة القتال، أو العواقب الضارة التي لحقت بالسكان والآثار المدمرة على الأرض. لقد أدت تلك الحرب إلى إفناء إمبراطوريات ودول، وفي المقابل رفعت مكانة دول وأفرزت قوى عالمية جديدة وبلورت شكل العالم كما نعرفه اليوم، مع ما يعانيه من اختلالات وظلم، فهل سيحتاج تصحيح الاختلالات الماثلة وإنهاء المظالم القائمة إلى حرب عالمية ثالثة، أم أن الله سيقيض للعالم رشداء يحصنونه بالعدل بعد أن امتلأ جورا وظلما؟

العربية.نت : طه عبد الناصر رمضان
العربية.نت : طه عبد الناصر رمضان

العربية

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العربية

العربية.نت : طه عبد الناصر رمضان

يوم 8 مايو (أيار) 1945، عرفت الحرب العالمية نهايتها على الساحة الأوروبية عقب توقيع الألمان ببرلين على اتفاقية استسلامهم للحلفاء. وعلى الرغم من تواصل العمليات القتالية ضد اليابان على ساحة المحيط الهادئ، تنفس الحلفاء الصعداء عقب تمكنهم من حسم الحرب ضد أدولف هتلر الذي تمكن بوقت ما قبل بضعة سنوات من إخضاع أجزاء واسعة من القارة الأوروبية لسلطته. وعلى الساحة الأوروبية، خلفت الحرب العالمية الثانية دمارا هائلا بالبنية التحتية كما سجلت خسائر بشرية غير مسبوقة بتاريخ الإنسانية. فبينما قتل زهاء 20 مليون سوفيتي، خسر الألمان نحو 7 ملايين شخص بينما بلغت خسائر الفرنسيين 600 قتيل والبريطانيين 450 ألف قتيل. وقبل اتفاقية 8 مايو (أيار) 1945، كان الألمان قد وقعوا اتفاقية استسلام أخرى خلال اليوم السابق. وفي الأثناء، لم يتم اعتماد هذه الاتفاقية بشكل كبير بسبب جوزيف ستالين. التوقيع على اتفاقية ريمس في حدود الساعة الثانية وواحد وأربعين دقيقة ليلا يوم 7 مايو (أيار) 1945، وقع الوفد الألماني بقيادة الجنرال ألفرد جودل (Alfred Jodl)، بالنيابة عن القيادة العسكرية الألمانية والرئيس الألماني الجديد الأميرال كارل دونيتز (Karl Donitz)، اتفاقية استسلام ألمانيا غير المشروطة بإحدى قاعات المعهد التقني بمدينة ريمس (Reims) الفرنسية. من جهة ثانية، وقعت هذه الاتفاقية، التي حررت باللغات الإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية، من طرف الجنرال الأميركي، والمسؤول بالقيادة العسكرية للحلفاء، والتر سميث (Walter B. Smith) كممثل عن الحلفاء. ومن الجانب السوفيتي، تكفل الجنرال إيفان سوسلوباروف (Ivan Susloparov) بالتوقيع عليها كممثل عن السوفيتيين. إلى ذلك، وقع سوسلوباروف على هذه الاتفاقية دون الحصول على موافقة موسكو حيث لم يحصل الأخير بعد على رد من ستالين لتوقيعها. ولهذا السبب، ضمت إتفاقية ريمس بندا سمح بتعويضها بإتفاقية أخرى لاحقا في حال اعتراض أحد الأطراف. إلغاء اتفاقية ريمس بسبب ستالين مع سماعه بخبر توقيع اتفاقية ريمس، عبر القائد السوفيتي ستالين عن غضبه ورفضه لما تضمنته هذه الإتفاقية مؤكدا على ضرورة أن يتم تمثيل الاتحاد السوفيتي (السابق) ضمن هكذا اتفاقيات بوفد رسمي من القيادة العسكرية السوفيتية بزعامة المارشال غيورغي جوكوف (Georgy Zhukov). وعلى إثر الرفض الستاليني لإتفاية ريمس تم تفعيل البند الذي نص على تعويضها باتفاقية أخرى. نزولا عند رغبة ستالين، تم في حدود الساعة العاشرة وثلاثة وأربعين ليلا يوم 8 مايو (أيار) 1945 توقيع اتفاقية استسلام ألمانية جديدة بمنطقة كارلسهورست (Karlshorst) ببرلين. وبعد حفل افتتاح بسيط أقامه المارشال جوكوف بحضور ممثلين عن بقية الحلفاء، وقع المارشال فيلهلم كايتل (Wilhelm Keitel) اتفاقية الاستسلام كممثل عن الجانب الألماني. وفي حدود الساعة الحادية عشر ليلا، بتوقيت وسط أوروبا، بنفس ذلك اليوم، أي ما يعادل الساعة الواحدة ليلا تقريبا يوم 9 مايو (أيار) 1945 بتوقيت موسكو، دخلت معاهدة استسلام ألمانيا حيز التنفيذ بشكل رسمي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store