منذ 5 أيام
أرجوك.. لا «تسأل مجرب»!
استمع إلى صديقه بحماسة وهو يشرح تأثير المفعول السحري لحقنة استخدمها أحد أقاربه للتخسيس وإزالة الدهون، وكيف تحول من شخص كسول يعاني من السمنة إلى إنسان رشيق ممشوق القوام.
داعبت الفكرة أحلامه بالتخلص من الوزن الزائد سريعاً دون الحاجة إلى ممارسة الرياضة أو القيام بأي مجهود، وسأل صديقه عن مصدر بيع الحقنة، فأرشده إلى حساب بإحدى منصات التواصل الاجتماعي.
تواصل مع شخص كان يتحدث مثل الأطباء تماماً، وسأله الأخير عن معلومات متعلقة بحالته الصحية، ثم حدد له عدد الجرعات، وكيفية الاستخدام، لتبدأ بعد ذلك رحلة معاناة قاسية وطويلة تمثلت في مضاعفات صحية مختلفة، استلزمت خضوعه لعلاج مكثف حتى يتخلص من آثار الحقنة السحرية!
لقد اقتحم الإنترنت عالم الطب منذ سنوات طويلة، ويلجأ كثيرون الآن إلى مجموعات افتراضية على شبكات التواصل تعتمد مبدأ «اسأل مجرب ولا تسأل طبيب» أو يستشيرون «غوغل» وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في حالتهم الصحية، وهذا - حسب شهادات المختصين - أمر بالغ الخطورة، فالمعلومات الطبية تتغير بسرعة، والعلم يخضع دائماً للنقد والبحث والتطوير، وهناك قواعد تنتهي صلاحيتها إما بمرور الوقت، أو اكتشاف عدم صحتها، ومن ثم يجب الابتعاد عن الوصفات والأدوية المنتشرة عبر الإنترنت، فما يصلح لشخص ربما يضر آخر حتى لو عانيا من المرض ذاته.
الجهات المختصة بالدولة، في مقدمتها وزارة الصحة ووقاية المجتمع والهيئات المحلية، تبذل جهوداً كبيرة في التوعية من مخاطر هذه الثقافة، وترصد على مدار الساعة المنتجات الطبية المغشوشة التي تروج إلكترونياً.
كما أن هذه الجهود معززة بقوانين رادعة، من بينها القانون رقم 8 لسنة 2019 الذي ينص في مادته 110 على أنه «يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، كل من غشّ، أو قلد منتجاً طبياً أو مواد أولية، أو كيميائية أو أغذية صحية أو مواد تجميل ذات مرود طبي، أو قام ببيعها للغير أو جلبها بطرق غير مشروعة أو هربها إلى الدولة.
من الضروري إدراك أن مروجي هذه المنتجات ينفقون بسخاء على الدعاية لها لأنهم يجنون أضعاف ذلك، وستبور بضاعتهم إذا انتبهنا إلى أن صحتنا ليست مجالاً للتجربة!
*محكم ومستشار قانوني
لقراءة
مقالات
سابقة
للكاتب،
يرجى
النقر
على
اسمه