أحدث الأخبار مع #أمينالجميل


Independent عربية
منذ 7 أيام
- سياسة
- Independent عربية
17 مايو 1983... اتفاق سلام منسي فهل ظلم التاريخ أمين الجميل؟
في الـ17 من مايو (أيار) 1983 وُقِّع واحد من أكثر الاتفاقات إثارة للجدل في تاريخ لبنان الحديث: اتفاق السلام مع إسرائيل برعاية أميركية وبمشاركة مباشرة من إدارة الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان. هذا الاتفاق الذي أقرَّه مجلس النواب اللبناني ووافقت عليه الحكومة رسمياً لم يستكمل بمرسوم رئاسي من قصر بعبدا (مقر رئاسة الجمهورية اللبنانية). وهنا تبدأ فصول من التاريخ الذي كتبه كثر بخلفيات سياسية، والتقييم المُجتزَأ لحقبة مفصلية ظلمت رموزاً سياسية، على رأسها رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل الذي سعى من خلال اتفاق "17 أيار" لمحاولة واقعية لحماية لبنان في زمن كان واضحاً فيه أن البلاد باتت تتحول إلى مربعات للتدخل الدولي والإقليمي. ويبقى السؤال الكبير في ظل الأحداث الراهنة: ماذا لو مضى الجميل حينها للتوقيع على الاتفاق؟ فهل كان لبنان دفع كل الأثمان التي شهدها طوال أربعة عقود؟ هذا سؤال لا يمكن التكهن بجوابه، لكننا إذ ننظر إلى بنود الاتفاق اليوم، نجدها قد تضمنت نصوصاً ليست بعيدة من تجارب السلام بين إسرائيل وبين مصر والأردن وحتى مع السلطة الفلسطينية. لجنة التفاوض اللبنانية - الإسرائيلية بفندق "ليبانون بيتش" في خلدة (غيتي) وأكثر ما وُجِّه من انتقادات حينها للقوى المسيحية، وعلى رأسها "القوات اللبنانية" (اليوم برئاسة سمير جعجع)، أنها فتحت قنوات مع إسرائيل، لكن في الحقيقة، فإن علاقات أنظمة عربية كبرى مثل مصر (اتفاق كامب ديفيد 1979)، والأردن (علاقات تنسيقية سرية قبل اتفاق وادي عربة 1994)، وحتى سوريا التي التزمت بوقف إطلاق نار غير معلن في الجولان منذ عام 1974، كانت تدار خلف الكواليس وبغطاء دولي. لبنان لم يكن استثناءً، بل ضحية اختلال التوازن، وسط انهيار الدولة وتقاطعات دولية حولته إلى ساحة صراع مرتبطة بالقضية الفلسطينية. وبخلاف الرواية السائدة بأن ثورة السادس من فبراير (شباط) هي التي أسقطت الاتفاق، تشير شهادات عدد من المؤرخين والمطلعين على كواليس تلك المرحلة إلى أن الرئيس أمين الجميل لم يقدم على التوقيع، على رغم موافقة الحكومة ومجلس النواب، لأنه أراد توافقاً وطنياً أوسع على خطوة بهذا الحجم. لبنان الخارج من الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، والغارق في حروب طائفية واحتلالات أجنبية، لم يكن موحداً بما يكفي ليحتمل سلاماً منفرداً، في وقت كان فيه معظم النظام الإقليمي إما في حال مساومة غير معلنة مع إسرائيل، أو في حال انسحاب تدريجي من المواجهة. في حين يشير بعض مواكبي تلك المرحلة إلى أن الانقلاب الذي نفذه حينها كل من "حركة أمل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" بدعم من سوريا في السادس من فبراير 1984، والذي روجوا بأن هدفه إجهاض الاتفاق مع إسرائيل، كان هدفه الحقيقي إحكام السيطرة على بيروت الغربية. من بشير إلى أمين المسار الفعلي للاتفاق بدأ مع رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميل الذي أطلق مفاوضات جدية بعد انتخابه رئيساً في صيف 1982. بشير، القادم من خلفية مسيحية مقاومة، كان يحاول صياغة اتفاق لبناني - إسرائيلي ينهي حقبة الاحتلالات ويعيد الاعتبار لسيادة الدولة، أسوة بالدول العربية المحيطة بإسرائيل ومنها مصر التي سبق ووقعت اتفاق "كامب ديفيد"، وكذلك الأردن، وأيضاً سوريا التي أوقفت أعمالها العسكرية ضد إسرائيل على رغم احتلال الجولان. وبعد اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل في الـ14 من سبتمبر (أيلول) 1982 انتقلت المهمة إلى الرئيس أمين الجميل (شقيقه)، وسط واقع سياسي وأمني معقد. لم يكن أمامه هامش كبير للمناورة، الميليشيات الفلسطينية واليسارية كانت قد انكسرت عسكرياً، إسرائيل لا تزال في قلب لبنان، وسوريا عادت لتتمركز في البقاع (شرق). أراد الجميل أن يجنب لبنان مصير التفتت، فسعى لاتفاق يضمن الانسحاب الإسرائيلي مقابل ضمانات أمنية، في ظل تخلٍّ دولي واضح. رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن يلقي كلمته في الكنيست في ذروة الاجتياح الإسرائيلي في الـ30 من يونيو 1982 (غيتي) بين الحرب والسلام في الـ17 من مايو 1983 وقَّعت الحكومة اللبنانية اتفاقاً مع إسرائيل برعاية أميركية، عرف لاحقاً باتفاق "17 أيار"، في محاولة لإنهاء حال الحرب التي استمرت منذ عام 1948. شكل الاتفاق، الذي وقع في بلدة خلدة جنوب بيروت، أول معاهدة لبنانية - إسرائيلية من نوعها، ولو لم تستكمل دستورياً. وبذلك، دخل الاتفاق سجل التاريخ كـ"فرصة سلام ضائعة" بنظر البعض، و"تسوية إذعان" بنظر آخرين، من دون أن يرى التنفيذ الفعلي، لكن محتواه يبقى مرجعاً في النقاش حول مستقبل العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية. ونص الاتفاق على إنهاء حال الحرب بين الجانبين والاعتراف المتبادل بسيادة كل من الدولتين ضمن حدود معترف بها، كما تعهدت إسرائيل الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية التي كانت تحتلها منذ اجتياح 1982، خلال فترة لا تتجاوز 12 أسبوعاً، على أن تتولى الدولة اللبنانية نشر جيشها في الجنوب وضمان أمن الحدود. وتضمنت البنود أيضاً إنشاء مكاتب ارتباط بين الطرفين، بهدف تنسيق المسائل الأمنية والتجارية لاحقاً، إلى جانب التزام متبادل بعدم الدعاية العدائية. كما لحق الاتفاق بروتوكول أمني ينص على إنشاء منطقة أمنية جنوبية منزوعة السلاح، ومراقبة ثلاثية برعاية أميركية. وكانت المفاوضات الرسمية بدأت في فندق "ليبانون بيتش" في بلدة خلدة الساحلية جنوب بيروت في الـ28 من ديسمبر (كانون الأول) 1982، وبعد التوصل إلى لاتفاق جرى حفلان لتوقيعها اتفاق في الـ17 من مايو، الأول في فندق "ليبانون بيتش" في خلدة، وبعد ذلك نقلت مروحية جميع المندوبين إلى مدينة كريات شمونة، قرب الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وجرى حفل توقيع ثانٍ هناك داخل إسرائيل. شرق أوسط جديد وبعد عقود، ومع تغير المشهد الإقليمي إثر ما عرف بـ"طوفان الأقصى" وانهيار ميزان القوى الذي كان لمصلحة محور "الممانعة" الذي تقوده إيران، تشهد المنطقة اليوم تحولاً استراتيجياً بقيادة الولايات المتحدة والسعودية، في اتجاه إعادة تشكيل النظام الإقليمي. هذا التغيير قد يفتح الباب مجدداً أمام نقاشات السلام في المنطقة ومن ضمنها لبنان. ومع توقيع دول عربية عدة على اتفاقات سلام مع إسرائيل، من الإمارات والبحرين إلى السودان والمغرب، يبدو أن لبنان لم يعد وحده في دائرة المحرمات، بل بات خارج الزمن الدبلوماسي الجديد. وهنا يطرح السؤال: هل كان أمين الجميل سابقاً لعصره؟ وهل ظلمته الظروف والتاريخ؟ محاولة لاستعادة السيادة في شهادته عن اتفاق "17 أيار" يقدم الرئيس الجميل مقاربة مغايرة للسرديات السائدة، مؤكداً أن الاتفاق لم يكن خطوة تطبيعية مع إسرائيل، بل محاولة تقنية لإخراج لبنان من احتلال قسري فرضه الاجتياح الإسرائيلي عام 1982. يقول الجميل "هذا الاتفاق لم يكن معاهدة سلام، ولم يحمل طابع التطبيع السياسي أو الثقافي. كان هدفه انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية التي احتلها، وضمان سيادة الدولة على كامل ترابها". ويضيف، "حين تسلمت الرئاسة، لم تكن أمامي خيارات كثيرة. الاحتلال الإسرائيلي ماثل في قلب بيروت، والدولة منهارة، والجيش مفكك، والدعم العربي غائب. الأميركيون بادروا إلى الوساطة، وكان من المنطقي الدخول في مفاوضات، لا بدافع التنازل، بل حفاظاً على ما تبقى من لبنان". ويؤكد الجميل أن المفاوضات لم تجر في الظل أو عبر وسطاء، بل في العلن، وبرعاية أميركية مباشرة، شارك فيها وفد لبناني محترف استطاع أن يفرض شروطاً سيادية، منها انسحاب كامل لإسرائيل خلال فترة زمنية محددة، وإنشاء منطقة آمنة تحت إشراف الدولة، لا تحت الاحتلال. أما عن سبب عدم توقيعه النهائي على الاتفاق، فيوضح "لم أوقع على الاتفاق لأنني كنت أبحث عن توافق لبناني أوسع. صحيح أن الحكومة وافقت، والمجلس النيابي صدق عليه، لكن كان هناك شرخ داخلي كبير، وانقسام طائفي حاد، والمعارضة كانت تتحرك بدعم خارجي، خصوصاً من سوريا. لم أرد فرض اتفاق بالسلاح، بل كنت أبحث عن صيغة تحفظ السيادة وتحمي الوحدة". ويتابع، "قد يكون البعض رأى في الاتفاق خيانة، لكن في الحقيقة، هو كان محاولة واقعية لوقف النزف واستعادة القرار الوطني. والتاريخ، حين يكتب بموضوعية، سينصف تلك المحاولة، ولو فشلت بفعل توازنات لم تكن في مصلحة لبنان". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) جروح مزدوجة براي السياسي اللبناني المخضرم كريم بقرادوني فإن اتفاق "17 أيار" 1983 بين لبنان وإسرائيل لم يكن مجرد وثيقة سلام فاشلة، بل لحظة مفصلية أصابت عهد الرئيس أمين الجميل "بجروح مزدوجة"، "الأول يوم أقر الاتفاق، والثاني حين تم التراجع عنه تحت ضغط الشارع والمعارضة". وبحسب بقرادوني، فإن الجميل لم يكن يملك هامشاً كبيراً للمناورة عند تسلمه الحكم عام 1982، وسط واقع إقليمي ضاغط ووجود إسرائيلي كثيف في لبنان. ويصفه بأنه "رجل عنيد، يذهب في قراراته إلى النهاية، سواء أصابت أم أخطأت، لكنه لم يكن يملك سوى خيار بدء المفاوضات مع إسرائيل لأن الأميركيين هم من بادروا بالطرح، بينما لم تكن هناك نافذة جدية لفتح حوار مع السوريين". ويضيف أنه حاول إقناع الجميل في حينه بأن يبدأ التفاوض مع سوريا أولاً، باعتبار أن الاتحاد السوفياتي كان قادراً على الضغط على دمشق أكثر مما تستطيع واشنطن الضغط على تل أبيب، إلا أن الرئيس الجميل أجابه بأن الأميركيين فرضوا إيقاع التفاوض، وكان من غير الممكن البدء بسوريا. ويعتبر بقرادوني أن الوفد اللبناني المفاوض كان قوياً، وتمكن من إحراج الإسرائيليين في أكثر من جولة، لكن "الخلل البنيوي في الاتفاق" كان في تجاهله الدور السوري، وكأن دمشق لم تكن لاعبة حاسمة في الساحة اللبنانية. وهذا ما جعل الاتفاق مفرغاً من مضمونه"، وبرأيه أيضاً، "خسر الجميل عندما وافق على الاتفاق، وخسر عندما ألغي"، فقد انقلب عليه المسلمون والعرب حين أقره، وتململ المسيحيون حين اضطر إلى إلغائه. وبدلاً من أن يكون الاتفاق باباً لخروج لبنان من أزمته، تحول إلى عبء سياسي دمغ ولاية الرئيس الجميل بختم الخيبة المزدوجة. لحظة إقليمية نادرة في المقابل يقدم المخرج والكاتب يوسف الخوري مقاربة مختلفة للاتفاق بين لبنان وإسرائيل، معتبراً أن الاتفاق لو أقرت في حينها، لكانت غيرت مسار التاريخ اللبناني بأكمله، ويقول "لو تم توقيع اتفاق 17 أيار، لكان لبنان اليوم بلداً مختلفاً، مستقراً، محايداً، منزوع السلاح غير الشرعي، ومنتظماً في مسار سلام فعلي يحصن سيادته، بدلاً من أن يتحول إلى ساحة صراعات الآخرين"، ويضيف، "كثر يفاخرون بأن الرئيس أمين الجميل لم يوقع الاتفاق، في حين أن ذلك الامتناع ليس مدعاة للفخر، بل محطة ضائعة من تاريخنا كان يمكن أن تؤسس لمرحلة استقرار، تماماً كما فعلت مصر والأردن لاحقاً"، ويذهب الخوري إلى أبعد من ذلك في تحليله للسياق الدولي والإقليمي الذي أحاط بالاتفاق، فيشير إلى أن "السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط كثيراً ما ارتبطت بالأمن القومي الإسرائيلي، وأي محاولة للقول إن واشنطن وتل أبيب كانتا على خلاف جذري في تلك المرحلة هي ذر للرماد في العيون". ويختم "كان المطلوب من لبنان أن يستفيد من لحظة إقليمية نادرة، لكن الانقسامات الداخلية، والشعارات الفارغة، ومزايدات اليسار، أجهضت فرصة تاريخية لبناء دولة طبيعية". نسخة جديدة من جانبه يرى الأكاديمي شارل شرتوني أن الاتفاق كان مدخلاً ضرورياً لسلام لبناني - إسرائيلي لم يكتب له الاكتمال، داعياً إلى إعادة إحياء روحه، ولكن بشروط أوضح وأوسع نطاقاً. ويقول "نحتاج إلى العودة لصيغة شبيهة باتفاق 17 أيار، ولكن بنسخة مبلورة أكثر، تفضي إلى تطبيع واضح مع الدولة الإسرائيلية، لأن اتفاق الهدنة لعام 1949 أثبت نجاعته، لم تطلق رصاصة واحدة على الحدود (بين لبنان وإسرائيل) حتى عام 1965، مما يعني أن إسرائيل كانت تحترم التزاماتها". ويعتبر أن التدهور بدأ مع عسكرة الجنوب من قبل "منظمة التحرير الفلسطينية" واليسار اللبناني، وهو ما شكل بداية الانهيار للكيان اللبناني. ويضيف "الحديث عن استراتيجيات دفاعية واتفاقات كالطائف أو إعلان بعبدا أصبح ضرباً من الهرب من الواقع. لا يمكن إخراج لبنان من الحرب الدائمة إلا عبر تسوية جذرية، تبدأ بمفاوضات مع إسرائيل بغطاء دولي، وتمر بإعادة تأسيس الدولة اللبنانية على قواعد جديدة، لأن الدولة المركزية بصيغتها الحالية انتهت، وأصبحت ساحة لتصفيات دولية وإقليمية". القيادي السابق في الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير السابق غازي العريضي والمقرب من الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، يرى بدوره أن "اتفاق 17 مايو (أيار) لم يكن سوى محاولة لفرض تسوية مذلة على لبنان، بإرادة أميركية إسرائيلية، في لحظة اختلال توازن كامل داخل البلاد بعد الاجتياح"، ويقول في تصريحات سابقة "نحن في الحزب التقدمي الاشتراكي كنا من أول المعارضين له، لأننا رأينا فيه تهديداً لهوية لبنان ودوره العربي. تحالفنا مع القوى الوطنية الأخرى لإسقاطه، لأننا كنا نؤمن أنه لا سلام يُبنى على الاحتلال، ولا يمكن أن يُفرض على اللبنانيين سلام بالإكراه". ونقل عن جنبلاط رأيه بأن "الاتفاق ساقط، ولن يمر... وما جرى في بلدة خلدة ومنطقة الجبل وبيروت الغربية كان جزءاً من المواجهة السياسية والعسكرية لإسقاط هذا المسار. واليوم، من يراجع التاريخ يرى أن موقفنا في حينه لم يكن انفعالاً، بل رؤية استراتيجية صحيحة".


الشرق الأوسط
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
أمين الجميل: حاولت بطلب من صدام إبعاد شبح الحرب الأميركية على العراق
كان عهد الرئيس أمين الجميل (1982 - 1988) صعباً وصاخباً. انقسم فيه اللبنانيون واشتد الصراع الإقليمي والدولي على لبنان. بدأ العهد بذيول الغزو الإسرائيلي لبيروت واغتيال شقيقه الرئيس المنتخب بشير. ولم تتأخر المحطات الصعبة. في السنة التالية للغزو دعمت موسكو ودمشق رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط فكانت «حرب الجبل» التي أحدثت تمزقاً عميقاً في نسيج التعايش الدرزي - الماروني في الجبل. وفي 1984 دعمت دمشق رئيس حركة «أمل» نبيه بري فكانت «انتفاضة 6 شباط» (فبراير) التي غيّرت ميزان القوى بين الطوائف اللبنانية. حدث آخر بالغ الدلالات وقع في 1983. فجر انتحاريان مقري «المارينز» و«الوحدة الفرنسية» في القوة المتعددة الجنسيات في لبنان فسقط مئات القتلى وانسحب الدعم الغربي. وعلى دوي تلك التفجيرات سيولد «حزب الله» الذي تحول في القرن الحالي اللاعب الأول في لبنان، خصوصاً بعدما ورث الدور السوري فيه. وفي عهد الجميل حاولت سوريا إبرام سلام الميليشيات في لبنان، لكن «الاتفاق الثلاثي» سقط فاتحاً الباب لمزيد من الحروب وجولات التفاوض. لم يستسلم الجميل لمحاولات إخضاع عهده أو تطويقه. سعى إلى إبقاء علاقات لبنان الغربية حاضرة وحية، وعزز الروابط مع الاعتدال العربي، وأقام علاقات مع الرئيس صدام حسين والعقيد معمر القذافي وغيرهما، كما يروي في الحلقة الأخيرة من مقابلته مع «الشرق الأوسط». سألت الجميل عن علاقته بالمملكة العربية السعودية، بدءاً بزيارتها برفقة والده بيار الجميل للقاء الملك فيصل بن عبد العزيز، فأجاب: «أنا فخور بهذه العلاقة. فخور أنني تعرفت على كل الملوك، من الملك فيصل إلى الملك سلمان. لا يوجد ملك منهم لم تكن تربطنا به علاقة حميمة، وأنا أفتخر بهذا. معظمهم كانت لديهم عاطفة خاصة تجاهي». جمعت الجميل علاقات طيبة مع قادة السعودية منذ عهد الملك فيصل وحتى عهد الملك سلمان (أرشيف الرئيس أمين الجميل) ويضيف: «في هذه المرحلة التي يعيشها لبنان، السعودية هي الأخ الأكبر، السعودية هي التي لم تطعن لبنان يوماً في الظهر، السعودية الوحيدة التي كانت بالسراء والضراء إلى جانب لبنان، وتمده بكل الدعم المعنوي والاجتماعي والإنساني في كل المراحل. لا يمكنك أن تنكر هذا الشيء. لا يمكنك أن لا تقدر هذا الشيء. لا يمكنك ألا تحترم الناس الذين احترموك ودعموك في الظروف الصعبة». ويروي الجميل واقعة طريفة لا تخلو من دلالة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قائلاً: «الملك سلمان، الله يطول بعمره، كنت مداوماً على زيارته عندما كان أمير الرياض. مكتب الرياض يعرفني تماماً، وكنت كلما ذهبت إلى المملكة، كان بديهياً أن أزور إمارة الرياض. مرة ذهبنا، وكان لدي موعد معه، أخذنا إلى الصحراء في مكان ما لديه نوع من مكان إقامة فيه. خيام على الطريقة القديمة، وبين هذه الخيم كان هناك مكتب له فيه (وسائل) اتصالات، آخر طراز الاتصالات، الإنترنت قبل الإنترنت. وبينما كنا نتحدث معاً، قال لي أنا يمكنني أن أتصل من هنا بأي كان وفي أي وقت. قلت له: هل يمكنني أن أتصل ببيتي؟ قال لي: لا. أنا استغربت فسارع إلى القول: لا يمكنك أن تتصل ببيتك لأن بيتك هنا. هكذا كان الجو حميماً، وأنا عندي تقدير واحترام». وأضاف: «حقيقة، في الأيام الصعبة، دائماً كانت المملكة بجانب لبنان، وإلى حد اليوم، رغم العتب والزعل بالنسبة لنكران الجميل من بعض لبنان تجاههم والتصرف الذي حصل في ظل الهيمنة الإيرانية وغيره، بقيت المملكة عينها على لبنان، وقلبها على لبنان، وانتظرت أول فرصة حتى ترجع (إليه). وإذا كان اليوم لبنان ينعم بهذا الأمل الجديد فهو بفضل المملكة التي وضعت كل ثقلها ونفوذها لإعادة إيقاف لبنان على رجليه وتعزيز قدراته وبناء المؤسسات الدستورية لتستأنف دورها». عن علاقته بالرئيس صدام حسين، قال الجميل: «كانت علاقة حميمة جداً، وأنا زرته مرات عدة في بغداد. في يوم، وكنت رئيساً جرت محاولة اغتيال ضدي، اتصل بي وقال لي: ماذا تفعل أنت؟ يقولون لي إن أمنك يحتاج إلى شدشدة؟ قلت له: نفعل ما بيدنا، والله هو الذي يحمي. قال: لا، هذا ليس عملاً، سأرسل لك سيارتي. في اليوم التالي تصل سيارته وهي مصفحة بالكامل، تصفيح قوي من الداخل والخارج. وصلت بالطائرة. لترى كيف كانت لفتته واهتمامه بأمني». استمرت هذه العلاقة حتى اللحظات الأخيرة لحكم صدام، حين وصل الجميل طلب فاجأه. يتذكر: «بقيت العلاقة حميمة إلى درجة أنه عشية الحرب (الغزو الأميركي) بعث لي خبراً أنه يريد رؤيتي، فذهبت إلى بغداد. قال لي الأمور ليست سوية بيننا وبين الأميركيين، وهناك صدام معهم، ما رأيك؟ أنت لديك علاقة جيدة معهم، هل نستطيع أن نفهم شيئاً منهم؟ ماذا نفعل؟ قلت له إن هذه قصة كبيرة، أكبر مني. لدي علاقات جيدة، لكنها ليست على مستوى، عندما كنت رئيساً كانت على مستوى الرؤساء. الآن لدينا علاقات أقل. قال لي: حاول. ذهبنا إلى أميركا، واجتمعنا مع بعض الناس. وكان من المهم ألا نعقد اجتماعاً مع المسؤولين المباشرين، أي الفريق الرئاسي، لئلا يسلط الإعلام الأميركي الضوء علينا ويحولها إلى قضية. كنا نمشي على رؤوس أصابعنا لنصل إلى نتيجة. صدام مستقبلاً الجميل في بغداد (أرشيف الرئيس أمين الجميل) لي قريب في أميركا من آل الجميل، من أهم المحامين الذين حصلوا على رقم قياسي في كتاب غينيس. من أهم المحامين في أميركا، ولديه علاقات. تحدثنا معه، وهذه قضية عائلية لا تحدث جلبة، وهو كانت علاقته جيدة مع جيمس بايكر الذي كان وزيراً للخارجية وتولى حقائب وزارية عدة في أميركا. عقدنا اجتماعاً معه، وحينها لم يكن في الإدارة ومتقاعداً تقريباً لكن لديه كل العلاقات. كنا نحاول ألا نتسبب بأي إحراج للإدارة. كان هذا قبل الحرب الكبيرة على العراق. عرضت عليه الموضوع، فقال لي: دعنا نرى ماذا يمكننا أن نفعل. بعد ثلاثة أو أربعة أيام، أنا بقيت في هيوستن حيث مركزه، عقدنا اجتماعاً وقال لي عندي باب نور، هناك شيء يمكننا أن نقوم به، ابق معنا على الخط. وكان هو وزير مالية، ويوقع على ورقة الدولار. ذهب وراء مكتبته وأحضر رزمة دولارات، من فئة الدولار الواحد، وقال لي: لنر مدى حظنا في الموضوع، وقال لي: متى ولدت؟ قلت له: في 1942. أي تاريخ؟ قلت له: في كانون الأول، كانون الثاني. ذهب إلى دولاراته ونظر إذا كان بينها رقم يتناسب مع تاريخ ميلادي. وجدها، وقالي لي: هذا هو. وعندي الدولار موجود هنا. فقال لي عندنا حظ، هذا الدولار رقم عيد مولدك، والله يوفقنا. فقلت له: هذا الدولار أريده، وموقعاً منك بخط يدك. وقع عليه وأعطاني إياه، على أساس أنه دليل خير. وأكملنا، لكن لسوء الحظ، وكما يقولون سبق السيف العزل، والأميركيون كانوا حددوا موقفهم وانتهت القصة. حاول ولم ينجح، وهذه القصة لن نتوسع فيها، دخل فيها الفاتيكان ومجموعة عناصر، وكانت هناك محاولات عدة نسقناها بعضنا مع بعض لكي نصل إلى نتيجة، لكنها لم تعط نتيجة، ولكن المهم، أن التجربة أو المهمة التي قمنا بها بناء على طلب صدام حسين. هذا بالنسبة إلى صدام، بقيت العلاقة جيدة جداً مع صدام ومع فريق صدام، كان وزير الخارجية طارق عزيز صديقاً لي، كانت العلاقة ودية جداً معه. ذهبت مرات عدة إلى العراق، في الحقبة التي كان صدام رئيساً فيها، وكان مهتماً أن يساعد في شيء. لكن وقتها، علاقته مع الأسد لم تكن جيدة. كان متحفظاً في كلامه. أكيد لم يكن هناك ود بينهما. هذا مع صدّام حسين، والسيارة لا تزال موجودة. السيارة مرسيدس موجودة، لكن الكراهية مع الأسد كانت أكيدة ومتبادلة. السيارة (موديل) سنة 80، حافظت عليها بيضاء، وتصفيحها رقم واحد، أي أهم تصفيح، ومازلت محتفظاً بها. كانت مشاعره جيدة تجاه لبنان وربطته علاقات بجهات لبنانية بينها العماد ميشال عون قائد الجيش إبان ولايتي. والحقيقة أنه أرسل مساعدات بكمية كبيرة». سألت الجميل عن أسلوب صدام واستقباله لضيوفه، فأجاب: «قريب جداً إلى القلب. عندما تكون معه رأساً برأس، لا يوجد بروتوكول. قريب إلى القلب. متحدث، متحدث مهم، وعندما تكون معه تنسى أنه هو صدام حسين الأسطورة أو التاريخ. ودود جداً عندما يكون لديه ثقة بالشخص. وكان الطريف أنك لتصل إليه هناك كثير من التمويه الأمني. قصة كبيرة، تلف مائة لفة ودوران، ثم تصل إلى مكان وتعتقد أنك وصلت إلى صدام حسين، ثم تتبين أنك وصلت إلى شبيه صدام حسين، وليست له علاقة به. ثم تأتي سيارة أخرى وتأخذك إلى مكان آخر، ثم تدخل إلى بيت متواضع جداً فتجد صدام حسين فيه. الاجتماع في بيت متواضع، في منطقة واسعة، بعيدة عن المطار، فيها مراكز كثيرة، وتظن أنه هذا المركز الرئيسي ثم يتبين أنه محطة، ثم تذهب إلى المحطة الأخيرة وتجد البيت المتواضع. ليس متواضعاً كثيراً لكنه عادي وليس بمستوى القصور. الإجراءات الأمنية صارمة جداً». وعن الغزو العراقي للكويت، قال: «قصة الكويت قديمة في العراق كما هي قصة لبنان في سوريا. لكن التذرع بروايات تاريخية لا يبرر أبداً الاعتداء على سيادة الدول أو شطب الحدود الدولية المعترف بها... سألتني عن علاقتي الشخصية مع صدام حسين وأجبتك بأنها ممتازة وأنه كان يريد مساعدة لبنان. موقفه هذا لم يمنعنا من الوقوف بقوة ضد غزو الكويت البلد الذي ربطته دائماً علاقات ممتازة مع لبنان. فكما رفضنا سياسة الأسد الرامية إلى ضم لبنان إلى سوريا، رفضنا سياسة صدام الرامية إلى ضم الكويت إلى العراق». أمين الجميل خلال المقابلة مع رئيس تحرير «الشرق الأوسط» غسان شربل (الشرق الأوسط) بدأت علاقة الجميل مع العقيد معمر القذافي في مناخ من التوتر والقطيعة لكنها تحسنت لاحقاً إلى درجة صار معها الرئيس اللبناني يشارك في معالجة مشاكل الزعيم الليبي وخيمته الجوالة. سألته فروى: «حين توليت الرئاسة كانت لدي ملفات، لا سيما ملف إيران وملف ليبيا. لم يكن هناك حديث عن مشاركة ليبية في قوات السلام العربية التي أرسلت إلى لبنان. بادرت ليبيا وبالتفاهم مع سوريا إلى إرسال وحدة عسكرية. دخلت وهذا شيء ضد المنطق وضد القانون وضد البروتوكول الدبلوماسي. عندما تسلمت (الرئاسة) بعثت رسالة مفادها أن هذا الوضع شاذ ومناف للدستور اللبناني ولبروتوكول جامعة الدول العربية، وطالبت القذافي بسحب الوحدة. لم يتجاوب، لا بل في الإعلام كان هناك موقف عدائي للبنان. أخذت قراراً بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا. قطعنا العلاقات الدبلوماسية وسحبنا السفراء. هذا في بداية العهد. مرت الأيام، وكانت تربطني علاقة حميمة جداً وودية جداً مع الملك الحسن الثاني، ملك المغرب، وكان يصر علي حين أكون في المنطقة أن أزوره لتناول عشاء على انفراد. إنها جزء من هذه السفرات أو هذه الرحلات واللقاءات، غير السرية، لكن البعيدة عن الأضواء. تماماً بلا إعلام. اتصلت بالملك الحسن الثاني وأبلغته أنني موجود، فقال لي: تفضل تعال نتعشى معاً في اليوم الفلاني. أثناء العشاء، والملك الحسن الثاني رجل مهذب جداً وخبير في الأصول، غادر العشاء مرتين. استغربت إذ لم يكن ذلك من عادته. في المرة الثانية عاد ضاحكاً وقال لي: معمر القذافي على الهاتف. اتصل بي مرتين ويريدك أن تذهب إليه. قلت له: يا عمي الدم للركب بيننا وبينه وهناك قطع علاقات دبلوماسية. وكذلك كانت قضية إخفاء الإمام موسى الصدر ساخنة، كيف أذهب إلى هناك؟ قال لي: معك حق، وأنا اختبرت القذافي وأعرف كم يمكن أن يضر، لكنني أنصحك، ولدينا تجربة معه وطبعنا العلاقات، وكان صادقاً، ومتى ما اتفقت معه يكون صادقاً. أنا أنصحك كرمى للبنان أن تقيم هذه العلاقة معه، وأنا أضمنها لأنني أخذت ضمانات من القذافي أنه سيفتح صفحة جديدة مع لبنان، وبصورة خاصة معك. أصر علي الملك، فقلت له: كيف سنبررها؟ عندي دولة وعندي حكومة وعندي مجلس نواب؟ قال لي: نجريها بسرية تامة ولا يعرف أحد بها. طائرة تحط في ليبيا بمطار عسكري لا يعرف أحد، تلتقي القذافي فإذا اتفقتما اتفقتما وإذا لا فكل شيء يبقى على حاله، وتغادر. وأنا سأرسل معك وزير كبير بطائرتي حتى يكون كل شي مضموناً وبأمان. ذهبنا في طائرة مغربية وطائرتي «الميدل إيست». على أساس أن العاهل المغربي هو الضامن لكل شيء. وصلنا إلى المطار واستقبلني (القذافي) وكان في قمة اللطف والتهذيب والمودة. تحدثنا مطولاً، طوينا الصفحة؟ قال لي: نعم، انتهت، ربما حصل خطأ، وما تريدنا أن نقوم به سنفعل، المهم أن تكون العلاقة جيدةً معكم، وكيف يمكننا أن ندعم لبنان في الأوساط العربية والمحافل الدولية نحن مستعدون. (قلت له) كثر خيرك. صعدنا إلى الطائرة وعدنا إلى بيروت. غبنا مدة الهواء، مدة خمس أو ست ساعات أي مشوار الوصول إلى بيروت. ماذا حدث في هذه الوقت؟ في هذا الوقت تبث الإذاعة الإسرائيلية: طائرة الرئيس اللبناني تركت المغرب باتجاه بيروت واختفت في الجو. كان الاتفاق أن الزيارة سرية. إطفاء أضواء في المطار في ليبيا وتختفي الإشارات كلها، ثم تأتي الإذاعة الإسرائيلية وتذيع أنه من الأرجح أن الرئيس الجميل اختطف في الأجواء الليبية. وقامت القيامة ووصل الخبر إلى بيروت وصار هناك استنفار كامل، رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ووزير الخارجية والمخابرات، حصل اضطراب كامل. قامت القيامة في بيروت وعقدوا اجتماع حرب في القصر الجمهوري، جاء رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب. جرت اتصالات مع سفارة أميركا وكلام مفاده نريد أن نقدم شكوى لدى الأمم المتحدة، وشكوى لدى الجامعة العربية. وطلب اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية. وسنأخذ إجراءات فورية بحق ليبيا، لأن هذا ليس منطقياً وليس معقولاً. وجاء واحد من الحضور، وقال لنبلغ زوجة الرجل، نحن نقوم بكل هذه الإجراءات وستصدر في الإذاعات والأخبار، فلنبلغها بأننا نقوم باللازم. اتصلوا بزوجتي وقالت لهم، بعد فترة تفكير: أنا لست خائفة. أعرف زوجي عنده «نتعات» (مفاجآت) من هذا النوع ويجب أن يكون هناك شيء للخير وراء ذلك. لدى زوجتي إلهام، تستكشف ذهنياً. قالت: أنا لست خائفة على أمين ولا أرى سوءاً، ولنستمر في البحث. اتصلوا بليبيا ولم يكن لدى أحد خبر. (وزير الخارجية اللبناني الأسبق) إيلي سالم اتصل بوزير خارجية ليبيا فقال له إنه ليس لديه خبر. اتصلوا بالمغرب وجاءهم رد مشابه. في الأخير إيلي سالم أخذ قراراً بالاتصال بالملك مباشرة. لحسن حظنا، استجاب الملك بعدما علم بخطورة الموضوع، وقالوا له لا تشغلوا بالكم والرئيس الجميل بألف خير وسيصل إلى بيروت بعد ساعة. طائرتي معه تواكبه ومعه وزير من عندي. أهنئكم كانت الزيارة ناجحة إلى ليبيا وإن شاء الله تكون بينكم أطيب العلاقات. علاقة الجميل بالقذافي انتقلت من المواجهة إلى الصداقة (أرشيف الرئيس أمين الجميل) هذه قصة ليبيا، ومن وقتها أصبحت بيني وبين القذافي علاقات وكل فترة يريدني أن أزوره بالقوة، وأزوره. ولهذا لعبت دوراً في القمة العربية في الجزائر، خصوصاً أن مقعد لبنان مجاور لمقعد ليبيا. طالب القذافي العرب بإصدار بيان استنكار للغارة الأميركية على طرابلس والتي قال إنها قتلت ابنته بالتبني. أكد أنه لن يغادر مقعده ما لم يصدر بيان من هذا النوع. أنا كنت بجانبه، وقلت له: سأجد حلاً. ما رأيك تعد ليبيا بياناً تستنكر فيه ما حصل، ونطلب أن يكون هذا البيان جزءاً لا يتجزأ من البيان الختامي، أي يضم إلى البيان الختامي. اقترحت هذا المخرج لأن دولاً عربية عدة لم تكن في وارد تضمين البيان الختامي للقمة إدانة لأميركا. سألت القذافي إن كان موافقاً، فأجاب: شرط أن تكتب أنت البيان وتضمنه انتقاداً لأميركا واستنكاراً للغارة. وكتبت له بياناً طويلاً عريضاً وعجبه كثيراً، هذا كلام هذا كلام. قلت للرئيس (الجزائري الراحل) الشاذلي بن جديد أن الأخ معمر موافق ووجدنا وليس هناك سوى إضافة هذا البيان ويكون جزءاً من أعمال القمة. وافق الجميع على المخرج. كان إقناع القذافي قصة كبيرة. هذا نوع من المحطات. واجهتنا مشكلة أخرى. جاء العقيد مع خيمته وأصر على الإقامة فيها وليس في الفندق. عارض الأمن الجزائري طلبه لأسباب أمنية وتبنى الرئيس بن جديد الموقف نفسه. لوّح القذافي بمغادرة القمة وتوليت أنا حل الإشكال وفي النهاية أرسل القذافي الخيمة إلى طائرتي كهدية منه». لم يتحدث القذافي خلال لقاءاته مع الجميل عن قصة إخفاء الإمام الصدر خلال زيارته إلى ليبيا. ويقول الجميل إن معلومات وردت في تلك الفترة ومفادها «أن المخابرات السورية لعبت دوراً في إخفاء الصدر بسبب وجودها في المطارات الليبية منذ تولي القذافي السلطة. وقيل إن الحشود المليونية التي كانت تشارك في مناسبات الصدر أزعجت النظام السوري لأن رؤية الصدر لدور الشيعة في لبنان لا تتوافق مع مشروعه». أكد الجميل أن لا مرارات لديه على رغم الصعوبات الهائلة التي اصطدم بها عهده. قال إنه «مرتاح الضمير لتمسكي بالثوابت الوطنية وبذلي كل جهد ممكن». بدا شديد الارتياح لتجربة نجله سامي النائب ورئيس «حزب الكتائب»، مشيراً إلى «اجتماع الشجاعة والنضج في إطلالاته». أشاد بتجربة الرئيس جوزيف عون يوم كان قائداً للجيش وبالمسيرة المهنية لرئيس الحكومة نواف سلام متمنياً النجاح للعهد الحالي في لبنان.


صيدا أون لاين
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- صيدا أون لاين
قيمته ارتفعت إلى 30 مليار دولار.. هل حان الوقت لاستثمار ذهب لبنان؟
سجل الذهب مؤخرا أعلى مستوى على الإطلاق حيث تجاوز سعره للمرة الأولى يوم الإثنين الـ 3100 دولار للأونصة مع بروز موجة جديدة من الاستثمارات في أصول الملاذ الآمن بفعل مخاوف بشأن الرسوم الجمركية الأميركية والتباطؤ الاقتصادي المحتمل، إضافة إلى مخاوف جيوسياسية. ومع الإرتفاع الكبير لأسعار الذهب في الفترة الأخيرة، عاد الحديث عن ذهب لبنان بعدما ارتفعت قيمته إلى حدود الـ30 مليار دولار، والكلام عن إمكانية استثماره في حل الأزمة الاقتصادية التي يُعاني منها البلد لاسيما لجهة اعتباره أحد الحلول لرد أموال المودعين، فهل يُمكن الإقدام على هذه الخطوة وما هي الآليات التي يجب اعتمادها؟ لبنان يملك 287 طنا في أحدث تقرير للمجلس العالمي للذهب، تبين ان لبنان احتل المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية في تصنيف الدول الأكثر احتفاظا بالذهب في العالم، وهو يمتلك نحو 287 طنا، تليه الجزائر بنحو 174 طنا، والعراق 163 طنا، ثم ليبيا بحوالي 147 طنا، ومصر بنحو 127 طنا، وقطر بحوالي 111 طنا". ويحتفظ لبنان بثلث احتياطي الذهب في قلعة "فورت نوكس" في الولايات المتحدة، فيما أبقى على الثلثين في خزائن المصرف المركزي في بيروت، وثمة حوالى 6.6 مليون أونصة من الذهب محفوظة في مصرف لبنان هي عبارة عن سبائك بأوزان مختلفة وأونصات وعملات ذهبية. علما ان الذهب في لبنان محمي بموجب قانون سنّ في أواسط ثمانينات القرن الماضي في عهد الرئيس أمين الجميل لمنع التصرف به وبالتالي لا يمكن ذلك الا بمقتضى اصدار قانون جديد. الذهب "قرش" لبنان الأبيض؟ يُشير الباحث في الاقتصاد وخبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي إلى انه "كان لدى مصرف لبنان فائض بالاحتياطي بالعملة الأجنبية في عهد الرئيس الراحل الياس سركيس فاتُخذ القرار باستثمار جزء من هذا الفائض من خلال شراء الذهب"، موضحا ان "هذا الذهب هو من موجودات مصرف لبنان ويعود القرار له بشأن كيفية التصرّف بها وتوظيف هذه السيولة من أجل خلق استقرار اقتصادي نقدي ونمو اقتصادي" . وأضاف فحيلي في حديث لـ"لبنان 24": "السلطة السياسية تدخلت في مرحلة لاحقة وتحديدا خلال سنوات الحرب في هذا الموضوع كون الدولة مسؤولة عن مصرف لبنان وهي لم تستول على الذهب بل اتخذت قرارا سياسيا بمنع التصرّف به الا من خلال قانون يصدر عن المجلس النيابي وهذا الأمر مهم جدا لأن كيفية التصرّف بالذهب تتطلب وجود توافق بين السلطتين النقدية والتشريعية لاتخاذ أي قرار بشأنه". وقال فحيلي: "من المؤكد ان التوظيف بالذهب سابقا كان القصد منه الاحتفاظ بـ "قرش لبنان الأبيض ليومه الأسود" وباعتقادي اليوم يعيش لبنان أياما سوداء وهذا هو الوقت المناسب لاستثمار "القرش الأبيض" لإنقاذ البلد ولكن ضمن شروط واضحة المعالم" ولفت إلى انه "أولا يجب استثمار جزء من الذهب لتفعيل العجلة الاقتصادية في لبنان ولاحداث تعافي ونمو اقتصادي بشكل يُفيد جميع اللبنانيين من ضمنهم الأفراد والمؤسسات أي المؤسسات المصرفية والمودعين، وفي هذه الحالة المودع الذي خسر وديعته ووظيفته إذا خيّر ما بين إيجاد وظيفة ضمن اقتصاد في طور النمو او رد وديعته اعتقد انه سيختار الوظيفة لأنها تؤمن له ضمانات صحية وتعويضات نهاية الخدمة وغيرها". وتابع: "لا مانع من تسييل جزء من هذا الذهب ولكن ضمن خطة اقتصادية واضحة المعالم تُرفق بقانون وضمن آلية لكيفية استخدام هذا القسم الذي تم تسييله ضمن شروط، كما يجب إعادة تكوين جزء من الذهب الذي تم استخدامه ضمن فترة زمنية محدودة تتناغم وتتناسب مع الخطة الاقتصادية وكمية الذهب التي تم تسييلها". واعتبر فحيلي ان "عنوان تسييل الذهب من أجل سداد أموال المودعين" مرفوض نهائيا لأن هذا الأمر يُخفف من حجم وطبيعة التزامات الدولة تجاه ديونها كما يُخفف من ضرورة مساءلة ومحاسبة المصرفيين الذين أساءوا توظيف اموال المودعين ويُصبح الأمر وكأنه بمثابة عفو عام ضد الارتكابات الخاطئة التي أدت إلى الأزمة الاقتصادية التي نعيشها"، مُضيفا: "لهذا السبب يجب ان يكون الذهب لجميع اللبنانيين ضمن الآلية التي تحدثت عنها". وأشار إلى ان "اليوم سعر الذهب وصل إلى مستويات مرتفعة وهو بالتالي الوقت المُناسب لتسييل جزء منه لأن الانتظار قد لا يكون بالضرورة لمصلحة لبنان مع الإشارة إلى ان طريقة تسييل الذهب لن تكون سهلة لأن لبنان يملك جزءا منه في أميركا والقسم الآخر موجود في لبنان وإذا أردنا مباشرة عملية البيع فسيكون هناك عملية شحن وسن قوانين واتفاقات ووضع خطة اقتصادية". وقال ختاما: "اليوم إذا أرادت الدولة اللبنانية السير باتجاه تسييل جزء من الذهب كما اقترح لتفعيل العجلة الاقتصادية وتعافي لبنان والوصول إلى نمو اقتصادي، فهذا الأمر يحتاج إلى 6 أشهر على الأقل ضمن خطة اقتصادية واضحة المعالم يُمكن تنفيذ الخطوات الموجودة فيها مع وجود آلية لإعادة تكوين الذهب ولكيفية صرفه، يُضاف إلى ذلك أداء الطبقة السياسية وبالتالي هذا الأمر سيستغرق وقتا طويلا، وثمة احتمال انه خلال هذه الفترة يُمكن ان تضيع الفرصة الذهبية المُتاحة أمامنا بأسعار الذهب التي وصلت إلى 3000 دولار وان تعود وتنخفض إلى مستويات متدنية". قصّة إحتياطي الذهب بدأ امتلاك لبنان لاحتياطي الذهب بعد استقلاله عن الانتداب الفرنسي، إذ باشر منذ العام 1948 باقتناء أول كمية من الذهب على إثر انضمامه إلى صندوق النقد الدولي في العام 1946 بعد الاعتراف بالليرة اللبنانية كعملة مستقلة. واستمرت الحكومات المُتعاقبة ما بين فترة الاستقلال وأوائل السبعينيات في شراء الذهب لتغذية احتياطي مصرف لبنان وذلك من فائض الموازنة والضرائب التي تأخذها من المواطنين. وفي ذلك الحين، ارتبط شراء الذهب بتثبيت سعر صرف الدولار وحفظ قيمته، واستمر حتى أوائل السبعينيات إثر فكّ الولايات المتحدة ارتباط تغطية الدولار وطباعته بالذهب، وهو قرار معروف بـ"صدمة نيكسون" (نسبة للرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون)، والذي فرض الدولار بديلا احتياطيا عن الذهب لحفظ قيمة كل العملات الأخرى حول العالم، ومنذ العام 1971 توقف لبنان عن شراء الذهب إثر القرار الأميركي ببلوغ قيمة مدخراته 286.8 طنا. يومها صدر قرار عن المصرف المركزي قضى باعتماد سعر صرف متحرّك لليرة، وبقي ساري المفعول حتى عام 1999، حين ثُبت سعر صرف الدولار بـ 1507.5. عام 1986، صدر القانون رقم 42 يمنع بموجبه التصرّف بالذهب لدى مصرف لبنان أو لحسابه، مهما كانت طبيعة هذا التصرّف، بهدف حماية الذهب ومنع وضع اليد عليه


ليبانون 24
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- ليبانون 24
قيمته ارتفعت إلى 30 مليار دولار.. هل حان الوقت لاستثمار ذهب لبنان؟
سجل الذهب مؤخرا أعلى مستوى على الإطلاق حيث تجاوز سعره للمرة الأولى يوم الإثنين الـ 3100 دولار للأونصة مع بروز موجة جديدة من الاستثمارات في أصول الملاذ الآمن بفعل مخاوف بشأن الرسوم الجمركية الأميركية والتباطؤ الاقتصادي المحتمل، إضافة إلى مخاوف جيوسياسية. ومع الإرتفاع الكبير لأسعار الذهب في الفترة الأخيرة، عاد الحديث عن ذهب لبنان بعدما ارتفعت قيمته إلى حدود الـ30 مليار دولار، والكلام عن إمكانية استثماره في حل الأزمة الاقتصادية التي يُعاني منها البلد لاسيما لجهة اعتباره أحد الحلول لرد أموال المودعين، فهل يُمكن الإقدام على هذه الخطوة وما هي الآليات التي يجب اعتمادها؟ لبنان يملك 287 طنا في أحدث تقرير للمجلس العالمي للذهب، تبين ان لبنان احتل المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية في تصنيف الدول الأكثر احتفاظا بالذهب في العالم، وهو يمتلك نحو 287 طنا، تليه الجزائر بنحو 174 طنا، والعراق 163 طنا، ثم ليبيا بحوالي 147 طنا، ومصر بنحو 127 طنا، وقطر بحوالي 111 طنا". ويحتفظ لبنان بثلث احتياطي الذهب في قلعة "فورت نوكس" في الولايات المتحدة ، فيما أبقى على الثلثين في خزائن المصرف المركزي في بيروت، وثمة حوالى 6.6 مليون أونصة من الذهب محفوظة في مصرف لبنان هي عبارة عن سبائك بأوزان مختلفة وأونصات وعملات ذهبية. علما ان الذهب في لبنان محمي بموجب قانون سنّ في أواسط ثمانينات القرن الماضي في عهد الرئيس أمين الجميل لمنع التصرف به وبالتالي لا يمكن ذلك الا بمقتضى اصدار قانون جديد. الذهب "قرش" لبنان الأبيض؟ يُشير الباحث في الاقتصاد وخبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي إلى انه "كان لدى مصرف لبنان فائض بالاحتياطي بالعملة الأجنبية في عهد الرئيس الراحل الياس سركيس فاتُخذ القرار باستثمار جزء من هذا الفائض من خلال شراء الذهب"، موضحا ان "هذا الذهب هو من موجودات مصرف لبنان ويعود القرار له بشأن كيفية التصرّف بها وتوظيف هذه السيولة من أجل خلق استقرار اقتصادي نقدي ونمو اقتصادي" . وأضاف فحيلي في حديث لـ" لبنان 24": "السلطة السياسية تدخلت في مرحلة لاحقة وتحديدا خلال سنوات الحرب في هذا الموضوع كون الدولة مسؤولة عن مصرف لبنان وهي لم تستول على الذهب بل اتخذت قرارا سياسيا بمنع التصرّف به الا من خلال قانون يصدر عن المجلس النيابي وهذا الأمر مهم جدا لأن كيفية التصرّف بالذهب تتطلب وجود توافق بين السلطتين النقدية والتشريعية لاتخاذ أي قرار بشأنه". وقال فحيلي: "من المؤكد ان التوظيف بالذهب سابقا كان القصد منه الاحتفاظ بـ "قرش لبنان الأبيض ليومه الأسود" وباعتقادي اليوم يعيش لبنان أياما سوداء وهذا هو الوقت المناسب لاستثمار "القرش الأبيض" لإنقاذ البلد ولكن ضمن شروط واضحة المعالم". ولفت إلى انه "أولا يجب استثمار جزء من الذهب لتفعيل العجلة الاقتصادية في لبنان ولاحداث تعافي ونمو اقتصادي بشكل يُفيد جميع اللبنانيين من ضمنهم الأفراد والمؤسسات أي المؤسسات المصرفية والمودعين، وفي هذه الحالة المودع الذي خسر وديعته ووظيفته إذا خيّر ما بين إيجاد وظيفة ضمن اقتصاد في طور النمو او رد وديعته اعتقد انه سيختار الوظيفة لأنها تؤمن له ضمانات صحية وتعويضات نهاية الخدمة وغيرها". وتابع: "لا مانع من تسييل جزء من هذا الذهب ولكن ضمن خطة اقتصادية واضحة المعالم تُرفق بقانون وضمن آلية لكيفية استخدام هذا القسم الذي تم تسييله ضمن شروط، كما يجب إعادة تكوين جزء من الذهب الذي تم استخدامه ضمن فترة زمنية محدودة تتناغم وتتناسب مع الخطة الاقتصادية وكمية الذهب التي تم تسييلها". واعتبر فحيلي ان "عنوان تسييل الذهب من أجل سداد أموال المودعين" مرفوض نهائيا لأن هذا الأمر يُخفف من حجم وطبيعة التزامات الدولة تجاه ديونها كما يُخفف من ضرورة مساءلة ومحاسبة المصرفيين الذين أساءوا توظيف اموال المودعين ويُصبح الأمر وكأنه بمثابة عفو عام ضد الارتكابات الخاطئة التي أدت إلى الأزمة الاقتصادية التي نعيشها"، مُضيفا: "لهذا السبب يجب ان يكون الذهب لجميع اللبنانيين ضمن الآلية التي تحدثت عنها". وأشار إلى ان "اليوم سعر الذهب وصل إلى مستويات مرتفعة وهو بالتالي الوقت المُناسب لتسييل جزء منه لأن الانتظار قد لا يكون بالضرورة لمصلحة لبنان مع الإشارة إلى ان طريقة تسييل الذهب لن تكون سهلة لأن لبنان يملك جزءا منه في أميركا والقسم الآخر موجود في لبنان وإذا أردنا مباشرة عملية البيع فسيكون هناك عملية شحن وسن قوانين واتفاقات ووضع خطة اقتصادية". وقال ختاما: "اليوم إذا أرادت الدولة اللبنانية السير باتجاه تسييل جزء من الذهب كما اقترح لتفعيل العجلة الاقتصادية وتعافي لبنان والوصول إلى نمو اقتصادي، فهذا الأمر يحتاج إلى 6 أشهر على الأقل ضمن خطة اقتصادية واضحة المعالم يُمكن تنفيذ الخطوات الموجودة فيها مع وجود آلية لإعادة تكوين الذهب ولكيفية صرفه، يُضاف إلى ذلك أداء الطبقة السياسية وبالتالي هذا الأمر سيستغرق وقتا طويلا، وثمة احتمال انه خلال هذه الفترة يُمكن ان تضيع الفرصة الذهبية المُتاحة أمامنا بأسعار الذهب التي وصلت إلى 3000 دولار وان تعود وتنخفض إلى مستويات متدنية". قصّة إحتياطي الذهب بدأ امتلاك لبنان لاحتياطي الذهب بعد استقلاله عن الانتداب الفرنسي، إذ باشر منذ العام 1948 باقتناء أول كمية من الذهب على إثر انضمامه إلى صندوق النقد الدولي في العام 1946 بعد الاعتراف بالليرة اللبنانية كعملة مستقلة. واستمرت الحكومات المُتعاقبة ما بين فترة الاستقلال وأوائل السبعينيات في شراء الذهب لتغذية احتياطي مصرف لبنان وذلك من فائض الموازنة والضرائب التي تأخذها من المواطنين. وفي ذلك الحين، ارتبط شراء الذهب بتثبيت سعر صرف الدولار وحفظ قيمته، واستمر حتى أوائل السبعينيات إثر فكّ الولايات المتحدة ارتباط تغطية الدولار وطباعته بالذهب، وهو قرار معروف بـ"صدمة نيكسون" (نسبة للرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون)، والذي فرض الدولار بديلا احتياطيا عن الذهب لحفظ قيمة كل العملات الأخرى حول العالم، ومنذ العام 1971 توقف لبنان عن شراء الذهب إثر القرار الأميركي ببلوغ قيمة مدخراته 286.8 طنا. يومها صدر قرار عن المصرف المركزي قضى باعتماد سعر صرف متحرّك لليرة، وبقي ساري المفعول حتى عام 1999، حين ثُبت سعر صرف الدولار بـ 1507.5. عام 1986، صدر القانون رقم 42 يمنع بموجبه التصرّف بالذهب لدى مصرف لبنان أو لحسابه، مهما كانت طبيعة هذا التصرّف، بهدف حماية الذهب ومنع وضع اليد عليه.