أحدث الأخبار مع #أنوال


الدستور
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- الدستور
عمر أفندي المأسوف على شبابه في رعاية قطاع الأعمال العام الحرجة
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره كنت أظن أن عمر أفندي قد انتقل إلى رحمة الله تعالى منذ سنوات بعيدة، خاصة وأن جموع المصريين من صغيرهم لكبيرهم ساروا خلف جنازته وسمعوا همهمة بصوته المعروف لديهم تخرج من نعشه وهي تردد: ﺃﻣﺸﻲ ﻭﺣﻴﺪﺍً ﺭﻏﻢ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺒﺸﺮ…. ﺃﻣﻀﻲ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻣﺎﺣﻴﺎً ﺧﻠﻔﻲ ﺍﻷﺛﺮ، وقطعا كان مرور هذا اليوم صعبا ومريرا على كل مصر ي مخلص، ذلك أن عمر بيه أفندي هو من وفر كساء أولادهم وبناتهم من البيجامات الكستور في برد الشتاء القارص وأتاح لهم الغيارات الداخلية من قماش الفانيلا الخفيف، وفي بداية كل موسم دراسي كان يٌغرق الأسواق بالحقائب المدرسية المصنوعة من الجلد الفاخر والأشكال من المرايل وأطقم الزي المدرسي المتنوعة، بالإضافة إلى الحذاء (الأسمر) أبو رباط ودم خفيف، كل ذلك بأسعار كانت في متناول رب كل أسرة من الموظفين في الأرض، ولم ينس المصريون أن عمر أفندي هو من أعانهم على تأثيث بيوتهم بالأثاث الفاخر والمعتبر وأمدهم بالأدوات الكهربائية والبوتاجاز والثلاجة 6 قدم والخلاط ومضرب البيض وعصارة البرتقال،وساهم في تجهيز كل عروس من الإبرة للصاروخ هذا غير الدمور والكتان واللينوه والباتسته والجبردين وكل الأقمشة المصنوعة من الكتان والقطن المصري طويل التيلة وأيضا اشترى منه المصريون أول تليفزيون ملون بالتقسيط المريح، فالموضوع عِشرة عمر بين عمر أفندي وكل مصري، لذلك كان الوداع مهيبا وكان المشهد صعبا حتى أن أحدهم رفع خلف نعشه لافته كتب عليها: ظلموك يا عمر أفندي وضيعوا عليك الباشوية، وخدوا اللي عندك واللي عندي! وكانت آخر كلمات سمعناها في عزاء المرحوم عمر هي البقاء لله، وتعيش وتفتكر، والله جاب والله خد والله عليه العوض! ثم فجأة.. وبعد سنوات طويلة.. سمعت أحدهم يقول: كل سنة وأنت طيب يا عمر أفندي.. تعيش لما تشيلهم وتفرح بيهم! أكيد أنا أتكلم عن عمر أفندي سلسلة المتاجر الحكومية المصرية التي تأسست عام 1856 في القاهرة على يد عائلة أودلف أوروزدي ذات الأصول النمساوية تحت اسم (أوروزدي باك) في مكانه الذي ما زال قائمًا في شارع عبد العزيز بالقاهرة لتلبية احتياجات العملاء من المصريين والأجانب، فمازال عمر بيه أفندي حيا يرزق وقاطن في قسم الرعاية الحرجة بوزارة قطاع الاعمال العام على أجهزة التنفس الصناعي وكل يوم يرسل إليه المسئولون في الوزارة الورود الجميلة والزهور اليانعة في صورة أوهام غير واقعية ليمنحوا عمر بيه ويمنحونا الأمل في أنه مازال حيا. وحتى ندرك ما هي المشكلة علينا أن نعود قليلا للوراء، ففي بداية عشرينيات القرن الماضي، اشترى عمر أفندي الّذي كان من عائلة السّلطان العثماني محلات أوروزدي باك في مصر (في القاهرة والإسكندرية وطنطا)، وتحوّل اسمها بعد ذلك إلى محلات عمر أفندي،ثم قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميمها عام 1957 والتي تحولت فيما بعد بموجب القرار الجمهوري رقم 544 لسنة 1967 إلى شركة مساهمة مصرية تتبع الشركة القابضة للتجارة، التي لم يعد لها وجود الآن، ثم استمرت الشركة في العمل إلى أن بدأت حكومة الرئيس حسني مبارك في الخصخصة الجزئية لفروعها، ضمن برنامج واسع لخصخصة شركات قطاع الأعمال العام شمل أكثر من 140 شركة، وفي عام 2005 أعلنت الحكومة عن بيع عمر أفندي لشركة أنوال السعودية المملوكة لرجل الأعمال جميل القنبيط بقيمة 560 مليون جنيه، مما آثار العديد من الانتقادات حيث كانت مبيعاتها السنوية تتراوح ما بين 360 و380 مليون جنيه وهي تمثل 50% من حجم المبيعات التى كانت تحققها في السنوات السابقة. وهنا طبعا كنا نسير بنعش عمر أفندي فوق أكتافنا! ومن المعروف أن المستثمر السعودي تعهد بأن يضاعف مبيعات الشركة لـ 720 مليون جنيه في العام الثاني ثم مليار جنيه في العام الثالث و1،5 مليار جنيه في العام الرابع إلا أن النتائج جاءت عكسية حيث تراجعت مبيعات عام 2006/2007 لتصل إلى 180 مليون جنيه أي إلى النصف، ثم 90 مليون جنيه في 2007/2008، و30 مليون جنيه في العام الثالث إلى أن بلغت صفرًا في العام الرابع. ووفقًا للتصريحات الحكومية فإن المستثمر السعودي تعمد عدم تشغيل الشركة مما أدى إلى انهيارها بهدف تحويل فروعها لأصول عقارية، وكان نتيجة لذلك أن محكمة القضاء الإداري وقبل اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011 قضت بعودة الشركة مرة أخرى إلى الدولة المصرية ممثلة في الشركة القومية للتشييد والتعمير! هنا تكمن المشكلة وتتجسد كل معاني العبث والفقر الإداري والتخطيطي وتجارب الهواة وسوء الاستشراف إلى المستقبل وعدم وضوح الرؤية، لقد أصبح عمر بيه أفندي في ذلك الوقت مثل اللقيط الذي وجدته وزارة قطاع الأعمال العام على باب جامع الوزارة، فتم إلقاءه في دار أيتام الشركة القومية للتشييد والتعمير دون أي منطقية تربط بين شركة قابضة تعمل فى مجال التشييد والبنية الأساسية والمرافق والإسكان والتطوير العقاري، وبين شركة تابعة لها نشاطها هو الإتجار بجميع أنواع السلع ووسائل النقل الخفيف والتصدير والاستيراد والوكالة التجارية والتصنيع الجزئي، فهناك فارق كبير بين التجارة التي يتمّ من خلالها بيع وشراء السلع والخدمات وتوزيع البضائع المُنتَجة، وبين تخطيط وإنشاء وإدارة المنشآت والمجتمعات السكنية والعمرانية، وبالرغم من ترحيب الشركة القومية للتشييد والتعمير وقتها بعودة عمر أفندي إلا أنها أكدت صعوبة تشغيلها لعدم توافر السيولة المالية اللازمة لإحياء فروعها مرة أخرى،حيث تحتاج شركة عمر أفندي لضخ استثمارات تتجاوز قيمتها الـ 500 مليون جنيه على مدار الـ 4 سنوات للخروج من خانة الخسارة التى تعاني منها والتي بلغت نحو 830 مليون جنيه، منها 83 مليون جنيه للموردين، و160 مليون جنيه للبنوك. والسؤال هنا: هل كانت مؤشرات هذه الأرقام صعبة الحل على قيادات وزارة قطاع الأعمال العام والقومية للتشييد والتعمير التي تحولت فيما بعد للقابضة للتشييد والتعمير.. أم أن هذه القيادات لم تكن على المستوى المطلوب من المهنية والاحترافية التي تمكنها من إعادة إحياء جثة عمر بيه أفندي؟ والسؤال الثاني: هل قرار ضم شركة عمر أفندي إلى قطاع التشييد والتعمير هو قرار يستوجب المسائلة أم يمر هكذا مرور الكرام؟ وبالتأكيد فإن الشركة القابضة للتشييد والتعمير في ذلك الوقت ما كان بيدها لعدم تخصصها وخبرتها إلا أن تطرح فروع الشركة للقطاع الخاص لتشغيلها ولكن لم يتقدم أحد لتأجيرها نظرًا لتراكم المديونيات فضلا عن وجود نزاع تحكيم دولي بين المستثمر السعودي والحكومة المصرية.... ثم أنه من العجب العُجاب في هذا الزمان أن فكرت الشركة القابضة للتشييد والتعمير في عهد المهندس هشام أبو العطا رئيس الشركة من تطوير شركة عمر أفندي ودعم فرصها الاستثمارية بإدخال نشاط التطوير العقاري في مجال أنشطتها، وهو ما سعت إليه شركة عمر أفندي وفقا لتصريحات رئيس الشركة في عام فبراير 2022 والذي أكد أنه يسعى لاستخراج تراخيص انشاء مشروع عقاري خلف فرع عرابي بالمهندسين بالإضافة إلى عدة مشروعات عقارية أخرى في كفر الشيخ وميت غمر، ولا أجد تعليقا على خطة (السمك لبن تمر هندي) التي حولت شركة عمر أفندي إلى شركة عقارية بحجة تعويض خسائرها، تماما كما لو كنا نحاول أن نستعين بمهندس الملاحة الجوية ليخطط لنا رسما هندسيا معماريا لأحد الأبراج لأن أتعاب الاستشاري الهندسي لا قدرة لنا عليها، ولا غبار إذا سقط البرج فوق رؤوس الناس وأرداهم قتلى، وأيضا كما لو عانى طبيبا من ضعف المترددين على عيادته، فلا مانع أن يحجز شيفت أو إثنين على أوبر ليحقق أي دخل والسلام تاركا مهنته التي أفنى فيها عمره مع أو تعثر في الطريق! لماذا لم يٌسأل ويحاسب كل الهواة من أصحاب هذه القرارات في تلك الفترة عن تصرفاتهم التي لا يربطها بالمنطق أي صلة؟! ولماذا استمر مسلسل تعثر شركة عمر أفندي صاحبة المجد التجاري القديم في السوق المصرية؟ وقد حاولت شركة عمر أفندي فيما بعد التغلب على مديونياتها بحلول لا تتعلق بتحقيق أرباح حقيقية، وعلى سبيل المثال انهاء مديونية مؤسسة التمويل الدولية البالغة نحو 560 مليون جنيه عن طريق الشركة القابضة للتشييد والتعمير وضمان وزارة المالية، وقيام القابضة بتحمل معظم المديونيات التي تحولت بطبيعة الحال إلى دين على عمر أفندي بلغ المليار جنيه وأن الحل لتسويته هو مبادلة تلك الديون بأراضي وأصول.. أي مزيد من الإضعاف لشركة عمر أفندي وتقزيم موقفها الاقتصادي، خاصة وأن الشركة كانت تفتتح نحو 66 فرعا في انحاء الجمهورية معظمها بنظام الايجار وقد فقدت معظمها في الفترة الماضية بسبب رفض ملاك العقارات تجديد التعاقد مرة أخرى، ثم أن الشركة كانت تحتاج سيولة من القابضة للتشييد والتعمير لا تقل عن 100 مليون جنيه لشراء بضاعة والتوسع فيها لمحاولة تحقيق أرباح فعلية. ولكن يبدو أن دار الأيتام بالقابضة للتشييد والتعمير قد أغلق بابه في وجه عمر بيه أفندي، وقال له بالفم المليان: أنا مش أبوك يا عمر.. أنا راجل مقاول ومطور عقاري ولا أعرف عنك حاجة! وعلى طريقة الجد جابر الشرقاوي (سامي سرحان) في فيلم فول الصين العظيم حين صرخ في وجه حفيده محي (محمد هنيدي) بعد فشله في عملية أبو موته: إنت تروح لامك.. فاكر أمك يا وله؟! لكن مسلسل اللامنطقية والهزل استمر فيما يبدو بلا مراعاة لتاريخ شركة عمر أفندي وانجازاتها السابقة وما حققته من اسم تجاري ضخم وعملاق بين المصريين حتى قرر المهندس محمود عصمت وزير قطاع الأعمال العام السابق ووزير الكهرباء الحالي نقل تبعية اليتيم عمر أفندي إلى دار أيتام الشركة القابضة للسياحة والفنادق بمبرر أن هذه الشركة القابضة يتبعها شركات تعمل بمجال التجارة الداخلية، وأن الاتجاه يسير في نقل كل شركات التجارة الداخلية إلى القابضة للسياحة والفنادق، وطبعا اشترطت القابضة للسياحة أن تتسلم عمر بيه أفندي بدون ديون وانهاء أي نزاعات قانونية وخاصة مع المستثمر السعودي وشركة أنوال السعودية. كل ما سبق يعكس سوء التخطيط وانعدام الأفكار الإبداعية والحلول القائمة على الاستعانة بالمتخصصين والمتميزين والأكفاء من خبراء إدارة الانهيار أو ( COLLAPSING MANAGEMENT) وهي الإدارة المعنية بإدارة المؤسسات المتعثرة وإعادة تحويلها إلى كيانات ناجحة، لكن يبدو أن مسلسل إيجاد الحلول السهلة هو المعروض حاليا في وزارة قطاع الاعمال العام، فبعد نقل شركة عمر أفندي إلى القابضة للسياحة والفنادق ومؤخرا انعقدت الجمعية العمومية لشركة عمر أفندي لاعتماد الموازنة التقديرية 2024/2025 وإضافة النشاط الفندقي لشركة عمر أفندي ! وهو استنساخ لنفس فكر القابضة للتشييد والتعمير التي أدخلت النشاط العقاري على عمر بيه أفندي، ولم تكتف بالمناسبة بذلك بل خططت الشركة أيضا لإضافة نشاط البقالة والسوبر ماركت لفروعها ظنا منها أن هذا سيساهم في تنشيط حركة المبيعات وزيادة الإيرادات مع توفير الجبنة والزبادي واللانشون في مجمعات عمر أفندي! واليوم وفي عهد المهندس محمد شيمي وزير قطاع الأعمال العام أعلنت منذ أيام شركة مصر للفنادق في إفصاح أرسلته لإدارة البورصة المصرية عن عزمها تحويل مبنى شركة عمر أفندي بمنطقة الحجاز بمصر الجديدة إلى فندق 4 نجوم، وأن لجنة الاستثمار بالشركة قد عرضت على مجلس الإدارة دراسة متكاملة من حيث إمكانية التنفيذ من الناحية المالية والتنافسية في محيط المشروع، وقد يدفعني ذلك لسؤال السيد الوزير.. كيف تفكر وزارة قطاع الأعمال بهذا الإسلوب؟ وما علاقة تخطيط الوزارة وشركاتها القابضة وشركاتها التابعة بالعلم والاستفادة من الخبرات الرشيدة وهل يتم الاستعانة بها أم أن الأمور تسير وفقا للأهواء؟ وهل هذا الفكر هو مفهوم الاستثمار لدى خبراء وزارة قطاع الاعمال العام؟ وأي مجال هو الذي يمكنه تحمل الأزمات والتغيرات العالمية (في ضوء ما تعرضت له مصر في السنوات السابقة) هل السياحة والفندقة التي خسرت الكثير أم تجارة السلع الاستهلاكية التي حافظت على ثباتها رغم غلاء الأسعار وتفاقم الأزمات ؟! وهل هذه الطريقة في التخطيط والإدارة يمكن أن تلبي آمال وتوجهات الرئيس عبد الفتاح السيسي في قطاع الاعمال العام للمشاركة الحقيقية في عملية التنمية والخروج بمصر من أزماتها الاقتصادية؟ إن ما حدث في رحلة محاولة تطوير شركة عمر أفندي يعكس أنه لا يوجد أحد قادر في وزارة قطاع الأعمال العام على تطوير الشركة، ولا حتى يوجد من يستطيع أن يختار ويجلب من الكوادر من يطور الشركة، والتطوير ليس معناه التغيير، ولا إضفاء صفة جديدة تٌغير من الأصل، وحين يطور الطبيب عمله فلا يجب أن يفكر في كيفية صناعة صينية المكرونة بالبشاميل لأن هذا ليس من اختصاصه في الأساس بل يجب أن يطور ذاته في نفس مجاله، ولا يعني التطوير أن أقضي على شركة تاريخية راسخة في وجدان المصريين وأمحوها من على وجه الأرض لأنني لم أفكر حتى في استعادة تاريخ من أسسها وتكرار مسيرته وتجربته التي يتحفنها بها الموقع الالكتروني لشركة عمر أفندي دون أي محاولة من مسئولي الشركة لقراءتها أو إعادة دراسة التجربة وتحقيقها مرة أخرى. ألم يفكر المسئولون في كل الشركات القابضة التي استضافت عمر أفندي في قراءة تجربة الراحل العظيم رجل الأعمال الحاج محمود العربي مؤسس وأول رئيس لمجموعة شركات العربي (العربي جروب) والذي بدأ حياته كبائع في متجر حيث ظهر لديه ميل للتجارة ثم عمل في الموسكي بائعا من محل لمحل وبدأ التحول من عامل لصاحب عمل، واستطاع في محله الصغير (وليس الفروع العملاقة لعمر أفندي) أن يحصل على توكيل كبرى الشركات اليابانية ومن المحل الصغير أو التجارة الأولى تحول رجل تجارة لرجل صناعة صاحب واحدة من أعظم امبراطوريات الصناعة في مصر، وفتح الكثير من البيوت والأرزاق من خلال تشغيل الأيدي العاملة، وكان نتيجة مشواره أن كرمته اليابان كواحد من أعظم مائة شخص أثروا في تاريخها وتقدمها! ألم يقرأ أحد من مسئوليك يا معالي وزير قطاع الأعمال، وأي وزير قطاع أعمال قبلك... هذه التجربة.. وهم يفكرون في تحويل المتجر التاريخي إلى مشروع عقاري أو سوبر ماركت أو بنسيون؟ وهذا يدفعني لأن أسأل سيادة الوزير... كيف تختار مسئوليك؟ وكيف تختار أعضاء مجالس إدارات الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام؟ وكيف تختار رؤساء هذه الشركات؟ هل بناء على الكفاءة والمهنية والقدرة على صناعة الحلول.. أم الولاء؟ وهل هذه القيادات يمكنها أن تحقق المستهدف من شركات قطاع الأعمال العام؟ ثم أسأل... لماذا لم تقم الشركات القابضة برفع حصة أسهمها في شركة عمر أفندي في مقابل سداد المديونية بدلا خنق الشركة بالقيود من المديونيات مع استبدال فقط اسم الدائن؟ ولماذا لم تقم الشركات القابضة صاحبة فكرة ثلاجة الجبنة والبنسيون وشقة للبيع من اتخاذ قرار بجمعيتها العمومية بإيقاف توزيع كل أرباحها أو نسبة منها لإعادة ضخها في شركة عمر أفندي التي كانت تحتاج لمبالغ تٌعد في سوق الاستثمار أرقام تافهة؟ إن الإشكالية هنا تكمن في الكوادر التي تدير شركات قطاع الأعمال العام، ولا جدال في أن من بينها الواعد والخبير وصاحب الكفاءة، وهم القلة والندرة، لكننا في النهاية لا نفحص شهاداته بل نقيمه من خلال الحلول التي يُقدمها وابداعاته الإدارية والتنفيذية وقدرته على التخطيط، وإمكاناته التي تساعده في الخروج من تحت سيطرة من فوقه أو من تحته، لكن للأسف كل ما سبق من أفكار في حق شركة عمر أفندي وما يتم التفكير فيه حاليا، ليس الغرض منه إلا تحقيق ربح مادي فقط دون النظر في هوية الشركة واسمها التجاري الكبير صاحب الثقة لدى المصريين، علما بأن الحفاظ على منظومة الأرباح التي مهما تعالت فسوف تكون محدودة وليست هي الأرباح الحقيقية التي يمكن أن تتحقق إذا ما قيست بالفكر الذي يديرها ويحققها! لقد تعودنا أن نشتري الملابس والأثاث والأجهزة الكهربائية من عمر أفندي.. ولم نعتاد أن نلجأ إليها لشراء الجبنة والبسطرمة أو لشراء شقة أو لحجز ليلة فندقة ننام فيها على جثة التاريخ والإنجازات السابقة. نأمل أن يٌخرج السيد وزير قطاع الأعمال عمر بيه أفندي من رعاية قطاع الأعمال العام الحرجة على الحالة التي تبقيه حيا ! وللحديث بقية.


أريفينو.نت
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- أريفينو.نت
الناظور : جمعية سلوان الثقافية توزع 199 قفة بتنسيق ودعم من شركة هولسيم وجمعية أنوال الخيرية بإسن ألمانيا
جمعية سلوان الثقافية توزع 199 قفة على الأرامل والأسر المعوزة بتنسيق ودعم من شركة هولسيم وجمعية أنوال الخيرية بإسن ألمانيا. محمد الشركي في إطار أنشطتهما الخيرية الإنسانية في هذا الشهر المبارك من رمضان ، قامت جمعية سلوان الثقافية بتنسيق مع شركة هولسيم (الاسمنت) بالمركب الثقافي والرياضي بسلوان ، بتوزيع مجموعة من القفف على الأسر المعوزة والفقيرة من مدينة سلوان والأحياء المجاورة. إقرأ ايضاً وقد استفاد من هذا العمل الخيري الذي دأبت الجمعية وشركة هولسيم على تنظيمه في كل المناسبات الدينية حيث بلغ عدد القفف التي ساهمت بها شركة هولسيم 133 قفة . فيما تم توزيع 66 قفة ساهمت بها جمعية أنوال الخيرية بإسن ألمانيا خصصت فقط للأرامل واليتامى المتكفل بهم من طرف الجمعية, وذلك يوم الأحد المنصرم بالمركب الثقافي والرياضي بسلوان. وبهذه المناسبة يتقدم أعضاء الجمعية بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إنجاح هذا العمل الخيري وإدخال الفرحة على نفوس الأسر المعوزة، وعائلاتهم وعلى جميع الأسر المعوزة التي استفادت من القفف. من هذا المنبر نقول لهم تقبل الله من جميع المساهمين والمحسنيين ،وكل من ساهم من بعيد او قريب على هذه المبادرة الطيبة التي ادخلت الفرحة والسرور على جميع المستفيدين.


ألتبريس
٠٦-٠٣-٢٠٢٥
- ألتبريس
مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون.. عندما تتحوّل ساعة اليد إلى ساعة رمليّة..!
د. السّفير محمّد محمّد الخطّابي كانت مدينة مراكش قد اختيرت من طرف إحدى المواقع العالمية للسّياحة Travelers' Choice Awards مؤخّراً كأوّل وِجْهة سياحيّة فى العالم من بين 25 مدينة، متجاوزةً مدناً مثل إسطمبول، ولندن، وباريس، وروما، وهذا ما كان قد أكّده الكاتب الإسبانيFernando Diaz Plaja 'فِرْنَانْدُو دِيَاثْ بْلاَخَا' من أنّ هذه المدينة التي تُلقّب بـ' البّهجة' و' الحمراء' هي من أكثر المدن المغربية جذباً للسيّاح على اِمتداد الحَوْل من مختلف أنحاء العالم. يرى هذا الكاتب أنّ التاريخ فى هذه المدينة العريقة ما يزال حيّاً نابضاً، محتفظاً بأصالته، وماضيه، وبريقه، وإشعاعه، وعاداته، وتقاليده،وعوائده منذ عدّة قرون خلتْ، وهو يؤكّد إنّه إذا كان هناك مكان فى العالم أصبح فيه ماضيه حاضره، وتوقّف فيه العصر الوسيط بكلّ سِحره، ورونقه، وبهائه، وأساطيره، وخياله فإنّ هذا المكان هو المغرب ، وهو يستدلّ بذلك على مدى حقيقة التقارب والتداني اللذين يطبعان الشعبين الإسباني والمغربي، بحكم تاريخهما المشترك،والموقع الجغرافي المتميّز للبلدين، خاصّةً بعد أن تشبّعت،وإغترفت أوربّا، وشبه الجزيرة الإيبيرية، وإسبانيا على وجه الخصوص من الإشعاع العلمي والحضاري والثقافي الإسلامي الزّاهر زهاءَ ثمانية قرون. الغوْص فى غابر الأزمَان يؤكّد الكاتب فى هذا القبيل أنّ لإسبانيا مع جيرانها الثلاثة – كما يحدث دائما – فرنسا والبرتغال والمغرب، معايشات، وصولات، وجولات، وذكريات لمعارك، ومواجهات انتصرت فى بعضها واِنهزمت فى أخرى، فمع فرنسا ما زال الإسبان يذكّرون غزو 1808 حيث حاول نابليون تنصيب أخيه خوسّيه بونابارتي على التاج الإسباني. ومع البرتغال ما فتئ التاريخ يذكّرنا ولو بغير حدّة هذه المرّة 'بحرب البرتقال' التي أعلنها السّخيف مانويل غودُوي ضد إسبانيا وفرنسا عام 1801. فى حين كانت مواجهات وعراك الإسبان مع المغرب أطول وأكثر شراسةً، وقساوةً، وعناداً. ويشير الكاتب: ولنتوقّف مع هذا القرن، ناسين الحملة الإفريقية التي شاء وصادف الحظّ أن سجّلت بواسطة قلم 'ألاركون'، ورسمت بريشة الفنّان 'فورتوني' ، إنه لا تكاد تمرّ خمس أو عشر سنوات دون أن يشعر الإسبان بوجود أو حضور جارنا فى الجنوب (المغرب) بين ظهرانينا: ففى عام 1909 برّانكو ديل لوبو (وادي الذئب) أو (أغزار ن أوشّن)، وفى عام 1921 معركة (أنوال) الشهيرة، وفى عام 1934 مغاربة فى أستورياس، وفى 1936 مغاربة فى كلّ مكان، وفى 1956 هجوم على سيدي إيفني، وفى عام 1975 المسيرة الخضراء… واليوم المطالبة بسبتة ومليلية وسائر الجزر والجيوب المحاذية للمغرب. على الرّغم من كلّ ما سبق، وحسب هذا الكاتب، فإنّ المواطن الإسباني العادي لا يشعر بأيّ نوع من الحقد والضغينة نحو 'المغاربة' الذين إعتاد الإسبان أن يدعوهم بشكل عشوائي ومبهم وببساطة 'لوس مورُوس'، كما لو كانت أواصر الدم أقوى وأمتن بينهم من ذكريات الحرب والمواجهة. إنّ المواطن الإسباني يذهب إلى المغرب بواعزٍ قويّ، وبفضول غريب، وهو بذلك يبدو وكأنّه يشرئبّ بعنقه على شفا الزّمن، ويطلّ على تاريخه الشخصيّ، أو كمن يغوص فى ماضيه الخاص. ويشير الكاتب: وبالفعل إنه إذا كان هناك مكان فى العالم توقّف فيه الزّمن، وما زال العصر الوسيط ماثلاً وقائماً فيه بكلّ إشعاعه،و سحره، ورونقه، وبهائه، فإنّ هذا المكان هو المغرب. فاس القروييّن ومرّاكش الكتبيّة فى مدينة فاس (التي تُعتبر العاصمة العلميّة للمغرب والتي توجد بها أقدم جامعة فى العالم وهي جامعة القرويّين)، و فى مدينة مرّاكش (حيث توجد الأخت التوأم لصومعتيْ الخيرالدا بإشبيلية وحسّان فى الرباط وهي صومعة الكتبية، والصوامع الثلاث من بناء الموحّدين). ففى المدينة الأولى من هاتين المدينتين وهي فاس – يقول الكاتب – أوقفتُ المرشد السياحي عندما هممنا بالدخول فى شارع ضيّق جدّاً من أزقّة المدينة العتيقة، وأنا أشير إلى عود أو عمود من الخشب يتوسّط الزقاق، وقلت له: – هذا الشارع الضيّق يغلق بالليل..؟!. قال : – أجل، ولكن كيف عرفتَ ذلك..؟ قلت : – لأنّ هذا ما كان يفعله سكّان قرطبة فى القرن الثاني عشر. نعم إنّ الماضي جاثم وقائم وكائن هنا. إنّ المسلمين عندما يطلقون البارود فإنّما هم يقومون بنوع من العروض العسكرية التي تصفها لنا المذكرات التاريخية القديمة العائدة للقرون الثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر. إنّ المغرب بأجمعه إنّما هو نقلة نحو الأمس، إنّ التجوال فى مدينتي فاس ومرّاكش على سبيل المثال هو نوع من الإنبعاث عبر نفق الزّمن الغابر. كلّ شئ ساكن، هادئ، ثابت فى الذاكرة والوجدان، وفى الواقع والحاضركذلك، إنّ المغرب هو المكان الوحيد فى العالم الذي ليس فيه مجال لتكرار الصّور، وتوارد المعالم العمرانية، والمآثرالتاريخية لتنوّعها وتعدّد المناظر فيه وثرائها. يقول الكاتب الاسباني: إنّني إذا ما بنيت قصراً فى المرتفعات والآكام الجبلية الاسبانية العالية، فإنّ ذلك سيكون مثيراً للسّخرية، إلاّ أنني إذا شيّدت منزلاً من هذا القبيل فى مراكش – كما فعل بعض أصدقائي- فإنّ أحداً لن يسخر أو يضحك على محاولتي لإعادة إستحضار الماضي، ذلك أنّ الماضي فى المغرب لم يمت. وهكذا فإنّ العمّال الذين ستسند إليهم مهمّة بناء الدار لا ينحدرون فقط من أصل هؤلاء العمّال الذين سبق لهم أن شيّدوا دور وقصور قرطبة وغرناطة، بل إنهم سوف يقومون بهذا العمل المعماري بنفس صبر، وأناة، وفنيّة، ومهارة أولئك . (إنّ المغربي الذي يبني ….مائة مثقال 'دوبلاس' كان يكسب فى النّهار… واليوم الذي كان لا يعمل فيه… نفس القدر كان يخسره كذلك..!). ويضيف الكاتب قائلاً 'بل إنّهم سوف يستعملون نفس المواد، والأدوات التي استعملت فى قرطبة وغرناطة. إنّهم سوف يعيدون نفس اللّمسة والمهارة العريقتين القديمتين سواء بالنسبة لهؤلاء الذين يشتغلون بالطّوب، أو بالفخار، أو بالفضّة، أو الذهب. إنّ الذي يتيه فى فاس العتيقة يمكن له أن يجد نفسه فى لمحً من العين، أو فى رمشة جفن داخل زقاق لا مخرج له، سوف يغمره إحساس وكأنّه ثمل. وبينما تكون لسعة رائحة الجلود المدبوغة تزكّم أنفه، فإنّ عينيه تملأهما ألوان قويّة مشعّة خضراء، حمراء، وزرقاء، وصفراء تنبعث من مستودعات المياه، والحفر، والغمر حيث يتمرّغ الدبّاغون تماما بالضبط كما كان يفعل أسلافهم فى هذه الحرفة فى إسبانيا القديمة. ساحة جامع الفنا..تراث للإنسانية إذا كانت ساحة 'جامع الفنا' الشهيرة بمدينة مرّاكش تراثا إنسانيا اليوم، تحت رعاية منظّمة اليونسكو العالمية، فالفضل فى ذلك كما هو معروف يعود للكاتب الإسباني المعروف الراحل (دفين مدينة العرائش المغربية) خوان غويتيسولو، الذي كان قد إختار هذه المدينة الساحرة مكانا أثيرا لإقامته، وعيشه، وإبداعه، ويقول الكاتب فرناندو ديّاث بلاخا: 'إنه لكي نغوص فى عمق التاريخ، ونجول فى الماضي البعيد ،ونتسربل بردائه ينبغي لنا أن نقوم بإطلالة على السّاحة العمومية الكبرى بمرّاكش التي يطلق عليها سكّان هذه المدينة اسم 'ساحة جامع الفنا' وهي اليوم أشهر ساحة كبرى فى العالم بدون منازع، إنّ ساعة اليد فى هذا المكان السّحري قد تحوّلت إلى ساعة شمسية، أو مائية، أو رملية، إذ نشعر ونحن فى خضمّها أنّنا قد عدنا الزّمان القهقرىَ مئات السنين، إنّها السّاحة التي تُروىَ فيها (بضمّ التاء) قصيدة 'السّيد' و'لاثيليستينا' و 'كورباتشو'، إنها ساحة شاسعة،واسعة، كاملة، وشاملة تماما كما كانت موجودة من قبل عندما كان عنصرعدم الرّاحة غير متوفّر فى الدّور، والقصور، وفى المساكن، والمنازل فإنّ هذه الأخيرة كانت تقذف بالناس منذ الصباح الباكر إلى الشارع حيث تتجسّد الحياة الدائمة الدّائبة اليومية للمواطن، هناك يمكنك أن تأكل، وتشرب، وتفاوض، وتناقش،أو أن تلهو. الكبار من أجل المال، وقوت اليوم، والصّغار من أجل التسرية والتسلّي، وفوق ذلك كلّه ترى أشياء مثيرة فى أغرب عروض حلقية (نسبة إلى الحلقة) فى العالم. حيث يغدو الشارع شبيها بسيرك كبير مقسّم إلى أطراف، وأجزاء، إلى أناس يتجمهرون زرافات ووحدانا فى كلّ مكان، تتوفّر فيه جميع الأذواق التي تستجيب لكلّ الرّغبات والأهواء، وترضي كلّ الأعمار. هناك تجد الرّجال البهلوانيين، ومروّضي الدّببة (كذا)، والقِرَدة، والمعز، والأفاعي،وهناك يوجد الباعة والمشترون تتخلّلها تلك المناقشات و'الشطارة' اليومية، و'المساومة' الدائمة التي لا تنتهي حول الأسعار التي تشكّل جزءا مهمّا جدّا من الحياة الاجتماعية للمواطن المغربي، وللأجانب كذلك اليوم..! وهو ما نطلق عليه نحن فى بلادنا : El Regateo . حفظك الله يا رجل، كيف ترفض شراء شئ فقط لأنه قيل لك أنه باهظ الثمن..؟! إنكم سوف تهينون البائع حتى الموت، هذا الذي يساوم بدوره حتّى على كأس الشّاي، سبب وجود وقوت بائعه اليومي..! إنّنا واجدون هناك علاوةً على ما سبق ذكره آنفاً كذلك هؤلاء الذين يجمعون بين ماضي الأمس، وحاضر اليوم. إنهم 'الحلائقيّون' الذين يروون أبهىَ القصص الخيالية، وينسجون أغربَ الحكايات الأسطورية تماماً كما كان يفعلُ أجدادُهم فى القرون الوسطى. إنّ الأغلبية السّاحقة للمستمعين، المتفرّجين، والمتتبّعين المبهورين بهذه القصص – مثل سابقيهم – لا يعرفون القراءةَ ولا الكتابة ،ولهذا فإنّهم يَسْعَوْنَ إلى إشباع فضول (الأذن) بما لا يستطيع المتفرّج أو المتتبّع الوصول إليه، أو الحصول عليه بواسطة (العين)، وقد أصاب شاعرُنا الكبيرالضرير- البصير بشّار بن بُرد كبدَ الحقيقة عندما قال: يا قوم أذني لبعضِ الحيّ عاشقةٌ/ والأذنُ تعشقُ قبل العينِ أحيانا، إنهم هناك مشدوهون ، مشدودون، مندهشون، يقظون، وقد كوّنوا حلقةً مستديرةً بإحكام حول الرّجل الذي غالباً ما يكون طاعناً فى السنّ، خَبَرَتْه الأيام، وحنّكته الليالي، أو نازلاً من أعالي جبال الأطلس الشامخة، أو نازحاً من صحارى القفارالبعيدة من جنوب المغرب، يسرد بوتيرة مسجوعة ومنغّمة رشيقة، وبكلمات منظومة مُفعمة رقيقة، ويحكي قصصاً مثيرة، وحكايات مُدهشة، وأساطيرَ مهولة تدور حول الغواني الحِسان، ذوات الحُسْن الباهر، والجمال الظاهر، وعن أميرات حسناوات صاحبات العفّة والصّون، وربّات البيوت، والدلال المَصون ،ومثلما يحكي عن الأخيار، فأنه يحكي عن الأشرار كذلك الذين يرجّحون كفّة الشرّ على جانب الخير، ويحكي عن الفوارس المغاوير، والفرسان الشجعان الذين يرفعون عالياً ألويةَ الخير، ورايات النّبل، وبنودَ الكرامة الخالدة منذ الأزل، عن هؤلاء القوم الذين لا توسّط بينهم، لهم الصّدرُ دون العالمين أو القبرُ..!. بنفس أسلوب التغنّي الذي طبع حكايات 'السّيد' يجعلون المستمعين يعيشون فى كلّ لحظة وحين الحدث المَحْكيّ، أو الموقف المَرْويّ. أتذكرون…؟ ' سوف ترونَ سهاماً، وترمقون نبالاً تصعد إلى الفضاء، وأخرى تهوي من السّماء' عندما يتمّ وصف المعركة، ونعود لشاعرنا المُجيد بشّار بن برد القائل فى هذا المجال: (كأنّ مثارَ النّقع فوق رؤوسِنا / وأسيافِنا ليلٌ تَهَاوىَ كوَاكبُه).. أو 'آه لو حضر السّيد القمبيطور' (El Cid Campeador).. أو عنترةُ ببن شدّاد، أو سيف بن ذي يزن، هكذا يُقال عندما يكون الرّاوي يكاد أن يوشِك من الإنتهاء من روايته،أو حكايته – ومثلما كان يحدث فى القرن الثاني عشر- يمنحه المستمعون المتتبّعون فى الأخير بضعَ دريهمات، أو (مرابطيات)* ثمّ يعودون إلى دورهم ليحلموا بما سمعوا،واستمتعوا، بينما يكون المتفرّجون الأجانب – نحن المسيحييّن الغربييّن أمثالنا من السيّاح الزائرين بشغف كبير لهذه المدينة السّاحرة – ندلفُ إلى غرفنا فى الفنادق الفاخرة فى هدوء منبهرين ممّا شهدناه، وعشناه، ورأيناه وسمعناه، لنعودَ ونسقطَ بعنف على أسرّة القرن الواحد والعشرين..!. __________________________________________________ *كاتب، وباحث، ومترجم من المغرب ، عضو الاكاديمية الاسبانية- الأمريكية للآداب والعلوم بوغوطا كولومبيا. * *في أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشركانت تروج فى الأندلس العُملة 'المرابطية' (EL MARAVIDI)، أو الدينار المرابطي نسبةً إلى الدّولة المرابطية المغربية التي حكمت المغربَ والأندلس، فيما بين 462ه – و 540 هـ و1070 م – 1146 م وكانت هذه العُملة تُستخدمُ وتستعمل لتسهيل التجارة مع مسلمي قشتالة، كما استُعمل الدينارالمرابطي كوحدة نقدية في سائر أوروّبا المسيحيّة، بعد الملك الإسباني ألفونسو العاشر الملّقب بالحكيم (1221-1284) تمّ استبدال هذه العملة بأخرى فى قشتالة وأطلق عليها اسمَ (دُوبْلاَسْ) الواردة فى المقال.