أحدث الأخبار مع #أنور_السادات


البيان
منذ 2 أيام
- ترفيه
- البيان
قبلة على رأس «الزعيم»!
«الزعيم» عادل إمام لقبته الجماهير بهذا اللقب عن حب وتقدير لشخصه وفنه وعطائه، الذي استمر أكثر من 65 سنة في خدمة الفن. في أوائل الستينيات، التحق طالب كلية الزراعة، عاشق الفن، عضو فريق تمثيل الكلية، بفرقة المسرح الكوميدي كي يؤدي دوراً صغيراً في مسرحية «أنا وهو وهي» بطولة الفنان القدير فؤاد المهندس والفنانة شويكار. كان دور الطالب الهاوي عادل إمام هو دور «أستاذ دسوقي»، وهو دور موظف بسيط يعمل في مكتب المحامي الشهير، ولديه شعور دائم بعدم تقدير المتعاملين في المكتب له. استطاع عادل إمام منذ المسرحية الأولى، وفي اليوم الأول أن يلفت الأنظار إليه، وأن يحول هذا الدور البسيط إلى دور لافت جعل المشاهدين والنقاد يتساءلون «من هذا الشاب الموهوب؟». ومنذ ذلك التاريخ بدأ الزعيم رحلة الألف ميل، تدرج فيها من أبسط الأدوار إلى الأدوار الثانية حتى حصل على أول بطولة في فيلم «البحث عن فضيحة» مع ميرفت أمين وأحمد رمزي، ولفت الأنظار بقوة في مسرحية مدرسة المشاغبين مع سعيد صالح وأحمد زكي ويونس شلبي وسهير البابلي. قدم عادل إمام للفن 126 فيلماً سينمائياً، و16 مسلسلاً تلفزيونياً، و11 مسلسلاً إذاعياً. اقترب عادل إمام إنسانياً وفكرياً من محمد حسنين هيكل، ومصطفى أمين ووحيد حامد وعلي سالم، وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وكان مقرباً لأنور السادات وحسني مبارك، وضيفاً على بيوتهم وعائلاتهم. حصل عادل إمام على عشرات الجوائز الفنية، وعدة أوسمة جمهورية وملكية. تعلم العلاقات الفنية الذكية، من خلال قربه من عبد الحليم حافظ وشادية وسعاد حسني. عادل إمام زوج محب، وأب حنون ومعطاء، وجد عاشق لأحفاده. يعيش الرجل وحوله ولداه وابنته وأحفاده جميعهم في مزرعة صغيرة في منطقة «المريوطية» ما بين الطريقين الصحراوي والزراعي. يوم 17 مايو عام 1940 ولد الزعيم، واليوم يقول له جمهوره وعارفو قدره: «سنة حلوة يا زعيم»، ومتعك الله بالصحة.


اليوم السابع
منذ 4 أيام
- سياسة
- اليوم السابع
مصر ... مواقف لا تتغير
استيقظ مُبكراً كعادتي ، استمع لقرآن الفجر ، أُصلي ثم أدعو الله وأقول "رب إجعل هذا الوطن آمناً" ، مع كل طلعة شمس أري غيوم جديدة آتية علينا ، أظل أُفكِر لأوقات طويلة وأطرح السؤال الذى لم أجد له إجابة واحدة حتى الآن نظراً لتعدُد إجاباته وصوابها جميعاً : لماذا يستهدفون بلدى كل هذا الإستهداف ؟ .. كل يوم إستهداف جديد ، ففى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كانوا يريدون قطع حبل الوصال الوطيد بينه وبين الشعب المصري بعد أن نال ثقة الشعب وتحدث بلسانه وأنجز الكثير للمواطن وانحاز للفقراء وعَدَل ميزان العدالة الإجتماعية وأراد تحقيق قومية عربية مأمولة وأسس جبهة عدم الإنحياز لذلك حاولوا تدمير مشروعه وإيقافه فكانت ( نكسة ٥ يونيو ١٩٦٧ ) والتي علي أثرها تم احتلال سيناء .. أما فى عهد الرئيس الراحل _ بطل الحرب والسلام _ أنور السادات أرادوا بقاء الوضع علي ما هو عليه ( لا حرب ولا سِلم ) ، لم تنفع الأمم المتحدة ولم يشفع مجلس الأمن ، لم يأت أحد من القوي الكبرى ليقول له : سننحاز لك لكى تأخذ أرضك الضائعة ، بالعكس ، فقد قالوا له : لن نُعطيك السلاح اللازم للحرب ، بعقول المصريين وبسواعدهم وبإرادتهم وبخططهم وبمجهودهم حاربنا وإنتصرنا وعادت الأرض ثم تم البدء فى مفاوضات شاقة لإستكمال إستعادة باقي حبات التراب الضائع فى سيناء ، وكان توفيق الله وعادت سيناء كاملة .. المؤكد بأن "إستقرار مصر" يؤرقهم ، "نهضة مصر" وتنميتها تقلق منامهم ، "وحدة مصر وتماسك أهلها" يجعلهم فى حالة غضب شديدة ويُخرجهم عن شعورهم ، لذلك يقومون بكل أنواع الإستهدافات الخبيثة ويُحيكون مخططات شريرة ، صنعوا الإرهاب ودعموه ومولوه ودربوه لكى يُسقطوا مصر لكن خاب مسعاهم ، حاربونا إقتصادياً ، تحالفوا مع أهل الشر خدامي الفوضي وصانعيها ومُؤججيها لكن الشعب المصري واعٍ ونَهَرهم وطردهم شر طردة ، كل إنجاز حقيقي يحدث علي أرض مصر يُهيلون عليه التراب ويحولونه لسلبيات لكن الشعب المصري حفظ تركيبة أفكارهم وتصدي لها .. يريدون حل مشكلات الشرق الأوسط علي حساب "مصر" ، قالوا لنا : نريد إستقطاع ( ٧٣٠ ) كم من سيناء لضمها إلي غزة ليُقيم فيها الغزاويين ، إنها "صفقة القرن" ؟ رفضنا لأن مصر لا تخون القضية الفلسطينية بل تدعمهما وتساندها .. عَدلوا الفكرة وعادوا ليقولوا لنا : سنُهجِر أهالي قطاع غزة إليكم وخذوهم ليُقيموا فى سيناء وسيتم تصفير ديونكم ؟ رفضنا وقُلنا : لا لتصفية القضية الفلسطينية .. قالوا : سنُنفذ "خطة الجنرالات" فى شمال غزة وسنطرد أهلها ، رفضنا وطالبنا المجتمع الدولي بتحمُل مسئولياته تجاه الأشقاء الفلسطينيين .. قالوا : سنُمزِق قطاع غزة إلي ثلاثة أجزاء وسنُنشيء محاور ( نتساريم وموراج وفيلادلفيا ) ، رفضنا وطالبنا بالحقوق الفلسطينية المشروعة كاملة بدولة فلسطينية مُستقلة علي أراض ما قبل ( ٥ يونيو ١٩٦٧ ) وعاصمتها القدس الشرقية .. قالوا : سنحتل غزة عسكرياً وسنُعين حاكماً عسكرياً عليها وسنستولي عليها وسنُزيد الإستيطان وسنفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ، رفضنا وطالبنا بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية .. ومؤخراً ، قالوا : سنمنع دخول المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة وسنجعل غزة غير قابلة للعيش فيها وطاردة لأهلها وسنجعلهم يُهجرون طوعياً ، رفضنا هذا المسلك وطالبنا المجتمع الدولي وكافة الأطراف الفاعلة والمهتمة بإستقرار الأوضاع فى الشرق الأوسط بضرورة إنفاذ المساعدات الإنسانية حتى لا تحدث مجاعة يتحمل مسئولياتها الجميع أمام التاريخ وأمام البشرية .. ما أريد قوله : إن "مصر" ترفض الإبتزاز .. لا تعتمد علي أحد .. تأثيرها واضح ومعروف فى كافة القضايا العربية والإقليمية والدولية .. دورها لا يمكن _ أبداً _ التقليل منه أو التشكيك فيه .. "مكان مصر" محفوظ ولا يمكن أن يأخذه أحد أو يملأه غيرها .. "قوة مصر" يعلمها القاصي والداني .. "قدرات مصر" معروفة للجميع .. "كلمة مصر" فى الغُرف المُغلقة هى نفس كلمتها فى العلن .. "مصر" دولة شريفة ووجهها واحد ولم تَبِع ولم تُهادن ولم تُقايض ولم تترك حقها ولم تجلب أحد للدفاع عنها ورفضت وجود قواعد عسكرية أجنبية علي أرضها لأن لديها رجال أُسُود شُجعان قادرون علي الدفاع عنها والتصدي للأعداء ولكل من تُسَوِل له نفسه الجور علي حقوق مصر وثرواتها والإقتراب من حدودها .. المواقف التي تتخذها مصر تجاه مختلف القضايا العربية هى مواقف ثابتة ومهما زادت الضغوط لن ترضخ لأن ( مصر حُرة وشعبها حُر )


الشرق الأوسط
منذ 4 أيام
- سياسة
- الشرق الأوسط
أنور السادات الجنرال الداهية
الضباط المصريون الذين قادوا حركة الجيش المصري ضد الملك فاروق، في 23 يوليو (تموز) سنة 1952، حملوا رتباً عسكرية متوسطة بين الرائد والمقدم. في ساعات قليلة تمكنوا من السيطرة على مصر، وأخرجوا الملك من البلاد. شكَّلوا مجلساً لقيادة الثورة برئاسة اللواء محمد نجيب. كانت خبرتهم السياسية محدودة، ودخلوا مبكراً في حراك سياسي واجتماعي واقتصادي داخلي وخارجي. اللواء نجيب كان الورقة التي كُتب عليها عنوان حركة الضباط، بحكم ثقل رتبته العسكرية وحضور اسمه، بصفته شخصية وطنية غير محسوبة على الملك فاروق. بعد إبعاد اللواء محمد نجيب عن حلبة السلطة، تقاسم أعضاء مجلس قيادة الثورة المناصب الوزارية، والمراكز الإدارية والأمنية والسياسية. شخص واحد من بينهم احتفظ بكرسي الظل، خلف جمال عبد الناصر الذي كان يسميه المعلم، وهو البكباشي أنور السادات الضابط الوحيد من بين أعضاء مجلس قيادة الثورة، الذي سُجن في العهد الملكي، وطُرد من الجيش، ووُجهت له تهمة الاشتراك في اغتيال الوزير أمين عثمان. هام السادات على وجهه متنكراً، ومارس أعمالاً متواضعة من أجل لقمة العيش. لكنه لم ييأس أو يُحبط، وتمكن بدهائه أن يعود إلى الجيش، ملتحقاً بالحرس الملكي الحديدي. ضمّه جمال عبد الناصر إلى الخلية الأولى في تنظيم الضباط الأحرار. في ليلة القيام بالثورة، ذهب مع زوجته جيهان إلى السينما، وافتعل مشاجرة مع رجل يجلس بجانبه في قاعة العرض، واشتكاه في قسم للشرطة؛ تحسباً لما قد يحدث إذا فشلت الحركة وتم القبض على شركائه في التنظيم العسكري. نجحت الحركة وقام أنور السادات بإذاعة بيانها الأول. في ملاسنة بينه وبين زميل له في مجلس قيادة الثورة، قال له لقد تهربت ليلة الثورة وافتعلت معركة في السينما، رد عليه السادات قائلاً، أنا الوحيد بينكم جميعاً الذي دخل السجن لأسباب سياسية. في لقاء طويل لي بطرابلس مع خالد محيي الدين، عضو مجلس قيادة الثورة المصرية، قال، لقد كان الرئيس جمال عبد الناصر زعيماً كبيراً، أما الرئيس أنور السادات، فقد كان داهية سياسية دون منازع. لم ينافس على المناصب، وكان يقبل بالمكان الذي يضعه فيه المعلم جمال عبد الناصر طائعاً صامتاً. أعطى ابنه الأول اسم جمال، وكتب له كتاباً بعنوان «يا ولدي هذا عمك جمال». انفرط عقد مجلس قيادة الثورة، بعدما صار جمال عبد الناصر الزعيم الأوحد، وله وحده القرار، ولم يبق معه من الأعضاء سوى أنور السادات وحسين الشافعي. عيّن حسين الشافعي نائباً له. بقرار مفاجئ عيّن عبد الناصر السادات نائباً له، دون أن يحدد من هو النائب الأول ومن هو الثاني. رشحت أخبار تقول إنَّ جمال عبد الناصر وصلته معلومات استخباراتية، قبيل مغادرته إلى الرباط للمشاركة في مؤتمر القمة العربي في شهر ديسمبر (كانون الأول) سنة 1969، تفيد بأنه قد يتعرض لمحاولة اغتيال في الرباط، فقرر تعيين السادات نائباً له. لكن أعتقد أن تسريب هذا التبرير، كان الهدف منه الغمز في مدى ثقة عبد الناصر في قدرات أنور السادات القيادية، وكان أحد الصحافيين المصريين الكبار، المقرب من جمال عبد الناصر، هو مدبّج ذاك الغمز. السادات كان هو الأقرب إلى الرئيس جمال عبد الناصر في شهوره الأخيرة، حين تمكّن منه المرض، ونالت منه جروح الهزيمة. يقضي جمال عبد الناصر وزوجته تحية أمسياته مع السادات وزوجته جيهان في بيته. السادات يطوف به في تاريخ الحروب بما فيها من انتصارات وانكسارات، والقادة العظماء الذين ينهضون بقوة من رماد الضربات. خسارة ونستون تشرشل عندما كان وزيراً للبحرية البريطانية في الحرب العالمية الأولى في موقعة غاليبولي بتركيا، وانسحابه مهزوماً في موقعة دنكرك، في الحرب العالمية الثانية، وفي الختام قاد بريطانيا وحلفاءها إلى النصر على هتلر وموسوليني. رسما معاً رؤية المستقبل السياسية، واتفقا على أن الحل في الصراع مع إسرائيل، لا بد أن يكون سياسياً، وأن إزالة آثار العدوان واستعادة سيناء هي هدف مصر الأكبر، وأن أميركا بيدها أوراق الحل. في مثل هذا الشهر من سنة 1971، كنتُ طالباً بجامعة القاهرة، وعشت معركة السادات الأولى، مع ما سُمي مراكز القوى، وهم مجموعة الرئيس جمال عبد الناصر. توافقوا في البداية على دعم تولي أنور السادات رئاسة الجمهورية بعد رحيل عبد الناصر. حسبوه ضعيفاً ومن السهل السيطرة عليه وتوجيهه. لكنه يوم الخامس عشر من مايو (أيار) في تلك السنة تمكن بدهائه، من عزلهم جميعاً وهم من كانوا يتحكمون في كل مفاصل الدولة، وألقى بهم في السجون، وشكَّل منظومة عهده الجديد السياسية والعسكرية والإدارية. بدأ في التعبئة الشاملة للمعركة مع إسرائيل، وخاض معها معركة التضليل الاستراتيجي. وفي السادس من أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1973، تألق الجنرال أنور السادات وهزَّ العالم بتدمير خط بارليف الإسرائيلي، واندفاع الجيش المصري إلى سيناء. وبالدهاء والجرأة السياسية استعاد كامل سيناء. قال سياسي إسرائيلي: لقد استغفلنا الرئيس أنور السادات، أعطانا ورقة وأخذ مقابلها شبه قارة سيناء.


الشرق الأوسط
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
قميص عبد الناصر حجاب
غرض النضال يبرر لأصحابه سلوكيات ينأى عنها المواطن العادي الذي لا يرى نفسه سوى شبيه بالأشباه، ونظير للأنظار، ليس متفضلاً عليهم بتضحية لم يطلبوها، ولا يدعي علماً يفوق علمهم، ولا يمنح نفسه موقع القائد بينهم. أسوأ سلوكيات ذلك المناضل أثراً الكذب تحقيقاً لغاية «نبيلة»، وإطلاق الأحكام على الآخرين، واغتيالهم معنوياً وشخصياً. ومن يعتمد الكذب لتوصيل فكرة يفقد فوراً الاتساق والنزاهة، وهما تاج رأس المثقف. من مثقفينا هؤلاء من أحب نسخته الحالية، لكنني أمقت المقت كله نسخته السابقة. والفارق بينهما تخليه عن شخصية المناضل، وغطرسته، ولفه ودورانه، وتقعره عن التفكير المستقيم المباشر. سمعت التسجيلات الأخيرة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وفكرت فوراً في أنور السادات. كيف أحيط في بداية حكمه بشلة من هؤلاء المناضلين، بين سياسيين ومثقفين، ألبوا عليه واتهموه بالخيانة، ودعوا صراحة لقتله، ثم تباهوا بذلك حين حدث. لنكتشف أنه كان الصادق الوحيد بينهم. لا شك أن هؤلاء، لا سيما القريبون من دوائر الحكم في الستينات، علموا أن النظام في مصر قبل بالمسار السلمي خياراً استراتيجياً. أن جمال عبد الناصر أبلغ من حوله، بعد كارثة النكسة، أن مصر تعتزم المضي في ذلك الطريق، وأنه تعلم بالخبرة أن الأنظمة العروبية والبعثية تعتزم التضحية بآخر جندي مصري. علموا من ثم أن أنور السادات في هذا الجانب من القرار السياسي لم يأتِ بجديد، ولا خان عهداً. أنه كان شجاعاً، مضحياً، ناكراً للذات، منجزاً، في غلالة من الدهاء والكاريزما. استطاع في ثلاث سنوات فقط أن ينقل مصر من موقع إلى موقع. فكان مستحقاً للمديح والتمجيد لا التخوين والاغتيال. في مقابل نكرانه للذات، تعامل حملة قميص ناصر مع السادات وكأنهم أولياء الدم. وهو نهج اضطر السادات من البداية إلى أكبر أخطائه. وجد نفسه بلا ظهير شعبي وطلابي، فلجأ إلى الإسلامجية طلباً لهذا المدد. الآن، تمعنوا في المفارقة. لامته جماعات اليسار على ذلك الخيار الذي دفعته إليه دفعاً، لكنها تحالفت مع الإسلامجية، بالصوت والصورة، بالغناء والموسيقى، بالدعاية والنكاية، على غرض التخلص منه. ولا سيما بعد معاهدة السلام. كذبت جماعات اليسار إذن في مسار السلام، وتخابثت في مسار التعامل مع التطرف الديني. والنتيجة أننا خسرنا على الوجهين: خسرنا رجل الحرب والسلام بالاغتيال، وخسرنا حياتنا بالعيش تحت سيطرة التطرف. وخسرنا في نخبتنا الشجاعة والنزاهة والمَثَل. والأمم إن خسرت الشجاعة صار أكبر أمانيها تحجيم السقوط بدلاً من المغامرة من أجل النجاح. امتدت الناصرية إلى أبعد من عبد الناصر بكل أخطائه. صارت الناصرية اسماً كودياً لنظرة إلى الحياة العامة، يتفق عليها قطاع واسع من البشر. حين تنزع المفردات الدينية عن الإسلامجي يتحول فوراً إلى ناصري، وحين تضيف المفردات الدينية إلى اليساري والبعثي والعروبي يتحول فوراً إلى إسلامجي. كلاهما يعتقد أنه يملك الحق المطلق، المستعلي على من حوله. كلاهما يعتقد أن الصراع أفضل جوهرياً من السلام. كلاهما يحب السيطرة ويتغزل بالحرب. لا يختلفان إلا على مساحة السيطرة. وكلاهما لا يدرك قيمة القيمة، ولا منشأها ولا غرضها. هذا جوهر قدرتهم العجيبة على تدمير الخارج والداخل. مَن يدري ربما أوشك عبد الناصر أيضاً على الانفتاح لإنقاذ اقتصاد البلد. ربما فهم بالتجربة لماذا نرسم العدالة عمياء. لا فرق لديها بين مَن يملك ملايين ومَن لا يملك. ربما فهم أنها قيمة مختلفة عن الرحمة والصدقة والعطف. أن انحياز العدالة نحو الغني فساد، وانحيازها نحو الفقير فساد. انحيازها نحو المالك فساد، ونحو المستأجر فساد. بالمصادفة، لا نزال بعد أكثر من نصف قرن على وفاته لا نستطيع تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر من قوانينها الثورية الجائرة. على ما تسببت فيه من إفساد للاقتصاد وتدهور في حال البنايات القديمة، بين مالك يشعر نحوها بالمرارة، ومستأجر لا يعنيه تطويرها. تسجيلات عبد الناصر المنشورة مؤخراً دليل إدانة على رافعي قميص عبد الناصر طوال نصف قرن. وهي إعادة اعتبار للسادات، ولعشرات الكتاب والمثقفين الذين كانوا صادقين معنا، فعاشوا في ضنك من تشويه دوائر الثقافة لهم، وأغمطوا حقوقهم. لولا موهبة نجيب محفوظ الطاغية لكان واحداً منهم. هؤلاء هم الدليل الحي على أن ما انكشف من تسجيلات عبد الناصر ظل مدفوناً بفعل فاعل.


البيان
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
جنوب آسيا يخلط الأوراق مجدداً
ونزاع مذاك على الأراضي والمياه، وتاريخ طويل من الصدامات العسكرية، التي أشعلت حتى الآن ثلاث حروب ونصف (النصف هنا إشارة إلى حرب كارغيل في صيف عام 1999، التي اقتصر ميدانها على مرتفعات كارغيل وخط التماس بين قوات البلدين في كشمير). وبعبارة أخرى، فإن أي مواجهة عسكرية في جنوب آسيا، ستكون لها آثار سلبية في الأسواق والتجارة والعملات وطرق المواصلات ومعدلات النمو والتوجهات الاستثمارية. خصوصاً إذا ما استحضرنا حقيقة أن الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم، وقوة سوقية ناشئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأحد أهم موردي النفط العالميين، وأحد أهم منتجي البرمجيات على مستوى العالم. وبالمثل، فإن الآثار السلبية ستكون أكثر وقعاً على باكستان، صاحبة الاقتصاد الهش المثخن بالتضخم والديون والروبية الضعيفة، ما يجعلها في حاجة ملحة لمساعدات مالية خارجية ضخمة، من حليفها الصيني، أو من الجهات الدولية المانحة. وانشغال الأمريكيين بصراعاتهم الداخلية، وانشغال الصينيين بحماية تجارتهم وصناعاتهم ونفوذهم في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي، ما يعني أن شبكات الأمان الدبلوماسية السابقة، التي أوقفت الحروب، أو منعت توسعها، لم تعد موجودة. بل يمكن القول إن انفجار الأوضاع مجدداً في منطقة ذات أهمية استراتيجية كبرى، كجنوب آسيا، سوف يلغي أو يبطئ أو يؤجل خططاً ومفاوضات، قد تكون في طريقها لحلحلة مشاكل إقليمية أو دولية مستعصية. ولنتذكر في هذا السياق، ما حدث في المنطقة نفسها من اقتتال وصراع في عام 1971، والذي بسببه أجّل الرئيس المصري الراحل أنور السادات، خططه حول «سنة الحسم».