أحدث الأخبار مع #إبراهيمباشا


Independent عربية
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
حرب لبنان و"تخصيب الحروب"
نصف قرن ليس العمر الحقيقي لـ "حرب لبنان" التي بدأت رسمياً في الـ 13 من أبريل (نيسان) 1975، وعملياً قبل أحداث عام 1958 التي كانت التمرين الأول على الحرب بعد الاستقلال، ولا حرب في لبنان منذ القرن الـ 19 إلى اليوم، بل كانت حرب اللبنانيين وحدهم أو حرب الآخرين وحدهم، وهي كانت ولا تزال صراعاً محلياً على السلطة يدار بقوى تتصارع خارجياً، ولعبة أهداف خارجية تدور في الداخل بالرصاص، نهاية الإمارة الشهابية كانت في حرب إبراهيم باشا الداعم للأمير بشير ومعهما دول أوروبية ضد السلطنة العثمانية المدعومة من دول أوروبية. تسوية "القائمقاميتين" المارونية والدرزية هندسها مستشار النمسا كليمنس مترنيخ، والمتصرفية بعد حرب 1860 التي امتدت نيرانها ومجازرها إلى دمشق ولدت على أيدي الدول السبع الكبرى في تلك الأيام، وحرب عام 1958 التي بدأت لأسباب سياسية محلية وإقليمية ودولية عبر الصراع بين "حلف بغداد" و"التيار القومي العربي" بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر انتهت باتفاق أميركي - مصري مُهد له في بيروت والقاهرة روبرت مورفي، مستشار الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور. وحرب لبنان التي هي سلسلة حروب كانت في وقت واحد حرب تغيير النظام أو الحفاظ عليه، وحرب الاستخدام الفلسطيني للبنان في القيام بعمليات عسكرية فدائية ضد إسرائيل، وهي لم تنتهِ وإن توقفت لأن الأسباب التي قادت إليها لا تزال بلا معالجة، وأخطرها تحميل الموزاييك اللبناني في الوطن الصغير أحمال القضية الفلسطينية وأثقال الصراعات والطموحات السورية والإسرائيلية والإيرانية، في ظل صراع بين واشنطن وموسكو واندفاعات عربية وإقليمية. قاد الدور الفلسطيني، بطبائع الأمور، إلى دور عسكري إسرائيلي ودور عسكري سوري، حيث تولت أميركا ترتيب اتفاق "الخطوط الحمر" بين سوريا وإسرائيل، ولا دور أميركياً من دون أن يقابله دور سوفياتي قبل أن يعود روسياً وتتحرك على هامشه أدوات أدوار أوروبية وعربية وإقليمية، وما إن اجتاحت إسرائيل لبنان عام 1982 وأخرجت "منظمة التحرير" منه حتى أسست إيران "حزب الله" وسلّحته وموّلته وأعطته دوراً إقليمياً فوق هيمنته على بيروت، ذلك أن من الوهم قراءة حرب لبنان على المسرح اللبناني فقط، كما في إطار مرحلة واحدة فقط، فلا نحن خارج تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي على مدى 100عام، من الحروب إلى وقف النار و"معاهدة كامب ديفيد" و"سلام وادي عربة" و"اتفاق أوسلو"، وصولاً إلى عملية "طوفان الأقصى" وحرب غزة و"حرب الإسناد" على يد "حزب الله" ثم سقوط النظام السوري. ولا كان تأثير الثورة الإسلامية في إيران على لبنان مسألة قليلة التعقيد والخطورة، لجهة الدخول في النسيج الاجتماعي و"عسكرة" طرف مذهبي أيديولوجي واحد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التلاعب السوري بلبنان الذي جعلته دمشق بحيرة صيد خاصة بها مع رخصة لإيران عبر "حزب الله"، وأمسكت بكل مفاصله وفعلت كل ما تريد، باستثناء ضمه رسمياً إليها لئلّا تتحمل المسؤولية عنه. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما اللاعب الإسرائيلي فإنه لم يتوقف بعد الاجتياح والانسحاب تحت ضغط المقاومة عام 2000، بل استمر عبر حربين مع "حزب الله" والتلويح بحرب أخرى تكمل الحرب الأخيرة، وأما العصا الغليظة فإنها اليوم في يد الرئيس دونالد ترمب الداعم لبنيامين نتنياهو والمصرّ على تغيير الشرق الأوسط من دون تسوية سياسية على أساس "حل الدولتين"، وأقل ما كشفته ثورات ما سمي بـ "الربيع العربي" هو أن حرب لبنان كانت المدرسة التي تعلمت فيها بلدان عدة داخل المنطقة تعميق الصراعات الطائفية، حيث تفوق التلاميذ على الأساتذة في فن الحروب الأهلية المدارة بصراعات وقوى داخلية وخارجية، وأبسط ما قاد إليه الغزو الأميركي للعراق هو ضرب فكرة الدولة والحداثة الوطنية، وما كان ريتشارد هيلمز الذي عمل في الماضي مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ثم سفيراً لدى طهران أيام الشاه في حال هلوسة حين قال، "انسوا كل الهراء حول السياسة في الشرق الأوسط، وانتبهوا إلى أشياء عمرها قرون: المذاهب، الأعراق، العشائر، والقبائل". صحيح "أن حرباً تصنع الدولة والدولة تصنع الحرب"، كما قال المؤرخ تشارلز نيكي، لكن الواقع في المنطقة أن الحروب لم تصنع دولاً بل هدمت الحجر الأساس للدول ووضعت المصير في أيدي الميليشيات، والميليشيات هي البنية التحتية للحرب الأهلية" بحسب المسؤول الأميركي سابقاً من أصل أفغاني زالماي خليل زاد، وأية نظرة إلى المشهد في لبنان والشرق الأوسط بعد نصف قرن وأكثر على حرب لبنان والحروب التي كانت هي القابلة القانونية لولادتها تؤكد أن ظهور "القاعدة" و"داعش" أقرب للقاعدة منه إلى الاستثناء، فالعلاقات الداخلية في أكثر من بلد، بين من هم نظرياً شركاء في الوطن، متأثرة كثيراً بنوع من تخصيب الحقد والكراهية والعنف والحروب، والكلام على التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية حتى في التفاصيل صار عادياً ومألوفاً، لا بل إن بطاقات الدعوة إلى التدخل الخارجي باتت على الموضة. يقول مايكل مان في كتابه "عن الحروب" إن "من الصعب أن تجد وترى مقاصد عقلانية للحروب، وإن الطبيعة الإنسانية لا تدفع البلدان إلى حروب، فالحروب تصنعها خيارات القادة"، لكن خيارات القادة ليست دائماً خيارات تفرضها الظروف، سواء كانت عقلانية أو غير عقلانية، وليس لحرب لبنان سيناريو واحد ولا مؤلف واحد ولا مخرج واحد.


مصراوي
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- مصراوي
إصلاحات إبراهيم باشا.. وأحوال دمشق
ترك لنا الروائي السوري خيري الذهبي (1946-2022) قبل وفاته عدة أوراق عن تاريخ دمشق وبلاد الشام عمومًا، صدرت بعنوان «عود ثقاب قرب حقل جاف» عن دار المحيط للنشر. ومن العنوان نكتشف أنّ الشام هي مكان قابل للاشتعال على مدار التاريخ، وأنّ مدن بلاد الشام لم تعش حالة من الاستقرار الدائم، بل لطالما عاشت فترات عصيبة، ومذابح وحروب إبادات واسعة. يرى الذهبي أنّ دمشق والشام عمومًا عاشت على الهوامش ولم تكن مركزًا رئيسيًا. وعلى الرغم من أنّ هذه القراءة قد تثير نقاشات واسعة حول دور المدن الشامية في فترات معينة، لكن الذهبي هنا لا يقصد من فكرة تهميشه لهذه الجغرافية التقليل من أهميتها، بل يعتقد أنّ الشام ظلت تدفع ثمن تمزّقها الجغرافي والثقافي وعجزها عن تشكيل دولة كبيرة موحدة. وهذا بالمناسبة ما نراه حتى يومنا هذا. فالشام الجغرافية اليوم هي مقسَّمة بين عشرات الجماعات والطوائف والميليشيات، والتي يمتلك كل منها سرديته ومظلوميته الخاصة. يعتقد الذهبي أنه منذ روما، التي أعادت تشكيل مؤسسة الدين ليصبح دينًا دولتيًا، فعقدت «مجمع نيقيا» لتوحيد الرأي حول المُختَلف عليه في الدين، رفض الشاميون التخلّي عن رؤاهم للدين الذي نشأ في أحضانهم والانضواء تحت وحدة الدين الدولة. والغريب أنّ الصليبيين القادمين من دول كبرى موحدة تقريبًا في أوروبا خضعوا للجغرافية الشامية غير القادرة على صنع دولة موحدة، وهكذا تمزقوا في إمارات لم تستطع تشكيل دولة صليبية موحدة أبدًا، فشكَّلوا إمارة أورفة، وإمارة أنطاكية، وإمارة طرابلس، وإمارة بيت المقدس. وفي كتابه الصادر باللغة الإنجليزية عام 2024 بعنوان «أحداث دمشق: مذبحة 1860 وتدمير العالم العثماني القديم»، يقول المؤرخ البريطاني يوجين روغان إن الوجود المصري في سوريا 1831-1840 فتح سلسلة من التغييرات كان أهمها إدخال القناصل الأوروبيين، وفتح أسواق دمشق أمام التجارة المتوسطية، وظهور الملاحة البخارية. ربما يكمن التغيير الأهم في المدينة هو تنامي قوة الأقليات الدينية، والذي يمكن النظر إليه كنتيجة للتغييرات التي رافقت الوجود المصري في سوريا. حينما سيطر إبراهيم باشا على دمشق عام 1832، أدخل مفاهيم المساواة القانونية بين المسلمين وغير المسلمين. وشكّلت هذه المفاهيم، التي تم العمل بها بشكل فعلي في مصر، صدمة للمسلمين في دمشق، وأثارت استياءهم بشكل كبير. كان محمد علي باشا قد أدخل التغييرات في مصر لفرض المسؤوليات المالية والعسكرية على الأقليات. ويصف المستشرق الفرنسي ألفونس دو لامارتين تلك الفترة: «المسلمون في دمشق كانوا مستائين من المساواة التي شرعها إبراهيم باشا بينهم وبين المسيحيين. كما أن بعض المسيحيين استغلوا التسامح الذي تمتعوا به لإهانة أعدائهم بانتهاك عاداتهم وأعرافهم بشكل مباشر، ما أذكى مرارة التعصب بين المسلمين» (ص 65). لم تكن إصلاحات إبراهيم باشا وحدها من عزز من قوة الأقليات، إنما توسع التجارة الأوروبية في دمشق. فقد اعتمد التجار الأوروبيون على عملاء محليين لإدارة تجارتهم، وقد كان الأوروبيون المسيحيون ومثلهم اليهود يوظفون أبناء دينهم للعمل لديهم في إدارة شؤونهم التجارية. وفي الواقع كانت بريطانيا قد عيَّنت وليام فارين قنصلًا لها في دمشق منذ 1830، لكنه لم يجرؤ على دخول المدينة حتى عام 1834 تحت حماية قوات محمد علي؛ وذلك لأن النخب الدمشقية كانوا يشعرون بالريبة تجاه القنصليات الأوروبية ويكنّون لها البغضاء. وقد اعتبرت جريدة «التايمز» البريطانية دخول فارين إلى دمشق وقتها انتصارًا؛ إذ وصفت مشهد دخوله المدينة في تقريرها الإخباري: «اصطف المتفرجون على جانبي شوارع المدينة، وكانت نوافذ وأسقف المنازل مزدحمة وكان الناس يقفون حتى اثنين وثلاثة على حواف المحال التجارية. لم يسبق أن شاهد أحد مثل هذا المشهد في دمشق، والتي ظلت منزهة عن اللباس والعادات الأوروبية، واعتبارها مدينة مقدسة حتى دخول السيد فارين. ولم يكن يُسمح لأي شخص قبل الآن بدخولها على ظهر حصان» (ص 58). وكانت مسألة دخول غير المسلم إلى دمشق مسألة حساسة بالنسبة إلى المسلمين؛ إذ إنه من بين القيود الاجتماعية على غير المسلمين بأنه لم يكن مسموحًا لغير المسلمين بركوب الخيل حتى لا ينظر إلى المسلم من مكانة أعلى. بحلول عام 1850 كانت فرنسا والنمسا قد دخلتا كشريكتين تجاريتين رئيسيتين في سوريا، ما أدى إلى تضاعف إجمالي الواردات الأوروبية عبر مرفأ بيروت تقريبًا بين عامي 1853ـ1857. وكان للتدفق المفاجئ للأقمشة القطنية والصوفية الرخيصة في سوق دمشق تأثير فوري على صناعة النسيج المحلية. وفي مواجهة هذا السيل من الأقمشة الأوروبية الرخيصة، أجبر النساجون (النويلاتية) على التوقف عن العمل. ترافق هذا التوسع في الحقوق القانونية للمسيحيين واليهود السوريين من خلال الفرص الاقتصادية المتنامية التي تمتعت بها مجتمعات الأقليات. نرى دمشق في هذه الفترة وهي تعيش صراعًا بين النخب والناس العاديين والسلطة المركزية حول هذه الإصلاحات، كما نرى النخب المحلية الدمشقية المسلمة وهي تندد بالإصلاحات العثمانية، كونها أتاحت مساواة أكثر بين المسلمين والمسيحيين. ويبدو أن العثمانيين ساروا في هذا الطريق في ظل تدخُّل القوى الأوروبية بحقوق الأقليات لمنع المزيد من التدخلات الأوروبية.


الرياض
١٨-٠٢-٢٠٢٥
- علوم
- الرياض
موروث المرأة السعودية في صناعة التاريخ
قدَّم موروثنا الشعبي الشفهي والمصادر التاريخية نماذج مشرفة عن حركة المرأة السعودية وكيف شاركت في صناعة التاريخ وما قدمت من بطولات منذ الدولة السعودية الأولى بشجاعتها وذكائها وعلمها وأدبها وتفانيها جنبا لجنب مع الرجل السعودي الذي لطالما أعتز بها وقدّر حركتها ودعمها وترك لها المجال دون قيد بحدود تعاليم الدين الإسلامي على الجنسين؛ وهو ما لمْ تجده أي امرأة في العالم عند رجل كالمرأة السعودية بشهادة الكتب والمرويات والسيَّر الذاتية؛ ومن الشواهد المشرِّفة الذي قدمته المرأة السعودية في أصعب الظروف ما ذكرته عدة مصادر تاريخية في مساعدة السعوديات لجنود نجد في عام 1233هـ - 1818م. أثناء معارك وحصار الدرعية من قوات إبراهيم باشا ونقلا عن المؤرخ الفرنسي فليكس مانجان المقيم في بلاط محمد علي باشا والمطلع على مراسلات الجنود وإبراهيم باشا ما نصه- وقد رأينا نساء الدولة السعودية يحملن جرارا مليئة بالماء يمررن أمام البنادق بكل شجاعة ليسقين المدافعين من الجنود- رغم شراسة المعارك بين الطرفين واستمرار نيران البنادق والأسلحة ورغم حرارة الجو المرتفعة. كذلك لنساء بلدة شقرا السعوديات في عام 1233هـ. 1818م دور بطولي عندما عسْكَر ابراهيم باشا في إقليم الوشم وقاعدتها شقرا تمهيدا للتوجه لضرب الدرعية؛ وكان حول البلدة خندق توقف العمل فيه بعد الصلح مع طوسون باشا حيث كان متوجها لضرب الدرعية في عام 1231هـ. 1816م فوجَّه أمير بلدة شقرا بإكمال الخندق على وجه السرعة تحسبا لحصار طويل؛ فهبَّ سكَّان البلدة متكاتفين وقامت النساء بدورهن وقدمن تضحية ودورا جليلا في هذه الظروف الصعبة بالمساعدة في حفر الخندق. السيدة فاطمة بنت محمد بن عبدالوهاب كانت ذات علم نهلته من والدها الشيخ محمد بن عبدالوهاب نشرته بين الناس؛ كرّست حياتها للتدريس وفتحت كتّاب تقوم فيه بتدريس النساء والرجال على حد سواء حسب الكثير من المصادر التاريخية؛ وإنما جعلت بينها وبين الرجال سترة؛ هاجرت بعد سقوط الدولة السعودية الأولى عام 1233هـ 1818م. لرأس الخيمة وقامت فيها بالتدريس ثم هاجرت منها مع ابن أخيها علي بن حسين بعد هجوم البريطانيين على رأس الخيمة؛ واستقرت في عُمان وهناك بدأت في تدريس العمانيَّات والعمانييَّن طوال مدة إقامتها تقيم لهم حلقات الذِكْر والتدريس في تعاليم الدين والعلوم الشرعيَّة حتى استقرت نجد بتأسيس الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله عام 1240هـ. فعادت فاطمة للرياض وتفرغت لتعليم المجتمع ولم تتزوج حتى توفيت رحمها الله. لم يمنع المجتمع السعودي المرأة من التعليم بل إنّ تعليم الفتاة السعودية كان حاضرا منذ الدولة السعودية الأولى فالكتاتيب النسائية كانت منتشرة في حاضرة جميع مناطق المملكة العربية السعودية وبمعلمات سعوديات نهلن العلم من أقاربهن كالأب والأخ والزوج. أخترت من سيَرهن العطرة سيرة المعلمة نورة الحجي المولودة في ثرمداء سنة 1891م. نهلت العلوم الشَّرعيَّة وحفظتْ القرآن الكريم على يد زوجها ثم انتقلت للُخرمة وفتحتْ كُتَّابًا في منزلها لتعليم الصغيرات مبادئ القرآن الكريم والعلوم الشَّرعيَّة؛ أدخلت منهج التَّدبيرَ المنزليَّ لتعليم الطالبات الأعمال المنزليَّة الخفيفة؛ كنشاطٍ تعليميٍّ بدون أجرٍ في عام 1928م. أقبل عليها مُجتمعِ الخَرْمةِ لتعليم بناتهم حتى بلغ عدد الطَّالبات خمسًا وأربعينَ طالبةً. بدأ العدد يزداد مَعَ الوقتِ فاضطرت المعلمة نورة الحجي للاستعانة بمعلمات أخرياتٍ للتَّدريسِ، مِنْ بينهنَّ بناتُها فاطمة وعائشة ومن الطَّالباتِ النَّجيباتِ، شَجَّعَ هذا النجاح الباهر الطالبات المتخرجات من كتَّابها أنْ يفتحنَ كَتاتِيبَ خاصَّةً فيهنَّ بسبب تزايد طلب العلم لفتيات الخرمة. هن هؤلاء السعوديات وريثات المجد والفخر لسيدات خدمن الإسلام بأفعالهن وأقوالهن حفيدات ذات النطاقين - أسماء بنت أبي بكر - والخنساء - تماضر بنت عمر بن الحارث السُلَميَّة - أم عُمارة نَسيبَة بنت كعب المازنية؛ وتلميذات السيدة عائشة رضي الله عنها. ونفخر ونعتز بالكثير من الرائدات السعوديات اللاتي قدَّمْن خدماتهن للمجتمع على مر العصور وفي جميع المجالات. في قصيدة الأمير عبدالله بن محمد بن سعود الكبير التالية كَمْ من الإيمان بالقدر والثقة بالله والتدبُّر والتفكّر والإيمان بالقدر. لمَّا شاهد ما آلت إليه الدرعية بعد حملات محمد علي باشا مِنْ هدْمٍ وخراب. ورأى الأمير الشاعر في البيت التاسع من القصيدة أن ما حصل للدرعية هي إرادة الله سبحانه فيجب التبصُّرِ بأحداثها والاستفادة من عبرتها فلعل في ذلك حكمة لمنفعة هو سبحانه يعلمها. عسى السحاب اللي تثقَّل بالأمطار تنثر على وادي حنيفه مطرها تنثر عليه مِنْ المخاييل مدرار تسقي الطلول سهولها مع وعَرَها دارٍ لها في ماضي الوقت تذْكار يجيبنا تاريخها عَنْ خبرها بَنَتْ لها عزٍ ملا كل الأقطار عزٍ على حكم الشريعة عَمَرها يا ما دَعتْ للدين بالسْر وجهَار وياما تلي باقطارها من سوَرها واليوم صارت حسبة أطلال وآثار تهدَّمت حيطانها مِنْ حجرها وقَفْتْ فيها حاير الفكر محتار ذيك القصور النايفه وش دمرها سبحان مَنْ دبر بكونه له أدوار مجرى العيون الجارية مِنْ حجرها يرفع وياضع عالمٍ كل الاسرار يَعلَم منافعها ويَعلَم ضررها اللي حكم بأمره جرَت كل الاقدار ما ينفع العين البصيرة بصرها ذي لفةٍ لأهل البصاير والابصار تأخذ من صروف الليالي عبرها. أتى عام 1240هـ وتأسست الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله، ثم وحد الملك عبدالعزيز الدولة السعودية الثالثة، واليوم نفخر ونعتز ونحن نشمخ تحت ظل قيادةِ رجال دولة جعلوا المملكة برؤيتهم وحكمتهم ونزاهتهم وعلو أخلاقهم الإسلامية دولة عُظْمى لا تنجب غير العظماء؛ لها الكلمة العليا ومرجع للعالم في النواحي جميعها.


ليبانون 24
٠٩-٠٢-٢٠٢٥
- منوعات
- ليبانون 24
250 عاماً من الإيمان.. كنيسة "سيدة الغابة" تتحوّل إلى وجهة سياحية عالمية
في خطوة لافتة وإنجاز جديد يُضاف إلى سجل لبنان السياحي، تم إدراج كنيسة "سيدة الغابة" في بلدة بيت شباب في قائمة المعالم السياحية الدينية المميزة. وجاء هذا الإعلان المهم خلال الاحتفال بيوبيل الكنيسة الـ250، الذي شكل مناسبة للتأكيد على الدور التاريخي والديني المهم لهذه الكنيسة التي تعتبر من أبرز الوجهات الروحية والثقافية في لبنان. في حديث للمونسنيور خليل الحايك لـ"لبنان24" حول تاريخ كنيسة "سيدة الغابة"، ذكر الحايك أن الأب جوزيف غودار هو أول من تناول تاريخ هذه الكنيسة في كتابه "La Sainte Vierge au Liban"، حيث أشار الأب غودار إلى أنه "في القرن السابع عشر، كان الرعاة الذين يأتون من أعالي الجبال يلجأون إلى منطقة وسطية في بيت شباب، حيث كانوا يختبئون مع قطعانهم. وكانت العذراء مريم ترافق هؤلاء الرعاة بشكل دائم، مما دفعهم لبناء مزار لها في هذا المكان. ومع مرور الوقت، أصبح هذا الموقع مقامًا خاصًا بالعذراء، حيث كانوا يكرمونها بشكل مستمر". تابع: "يوجد لدينا وثيقة قديمة تعود لعام 1726 تتحدث عن بناء الكنيسة الأولى لسيدة الغابة، والتي كان سقفها خشبًا، وذلك بجانب المزار الذي أسسه الرعاة. وفي نفس العام، قرر آل الحايك، الذين كانوا يقيمون في بيت شباب، ترميم الكنيسة، فقاموا بتحويل السقف الخشبي إلى عقد حجري. وظلت هذه الكنيسة قائمة حتى اليوم، حيث تقع في الجهة الشمالية للكنيسة الكبيرة التي بُنيت عام 1900. وتجدر الإشارة إلى أن الكنيسة التي تم تشييدها في عام 1900 قامت على أنقاض الكنيسة القديمة. وأوضح الحايك أن "أهمية كنيسة "سيدة الغابة"، تكمن في تاريخها العريق والمعاناة التي مرت بها جراء العدوان الذي تعرضت له عام 1840، في فترة الأمير حيدر أبي اللمع، الذي كان مسؤولًا عن منطقة بيت شباب. ووقع هذا الاعتداء نتيجة للخصومة السياسية بين الأمير إبراهيم باشا والأمير حيدر، حيث كان إبراهيم باشا يسعى للانتقام من الأخير. ورغم وجود 14 كنيسة في منطقة بيت شباب، فإن كنيسة "سيدة الغابة" كانت تعد الأهم بسبب موقعها الاستراتيجي على طريق المكارية، الذي كان يعد الطريق الرئيسية في تلك الحقبة". وأشار إلى أنّه "في ذلك الوقت، اقتحم إبراهيم باشا الكنيسة وقام بتدميرها بالكامل، حيث كانت تحتوي على لوحة شهيرة رسمها الفنان كنعان ديب عام 1839، أي قبل عام من الاعتداء. وقد تعرضت اللوحة للتدمير بواسطة الرماح والرصاص، وكان أهل البلدة يقولون بأن باللوحة "نزفت"، نتيجة لذلك، أطلق عليها اسم "العدرا المجرحة". وكشف أنّه "لاحقًا، قام حبيب سرور برسم نسخة كبيرة من اللوحة، ووُضعت خلف مذبح الكنيسة، اما اللوحة المُجرحة كانت محفوظة في صندوق. وعند التأمل فيها، كان يمكن ملاحظة اختلاف كبير بين الألوان الظاهرة فوق اللوحة وتلك التي كانت مخفية تحتها، مما أثار العديد من التساؤلات". اضاف حايك: "في عام 1994، وتحديدًا في شهر آب، نشرت كتيب حول الكنيسة ذكرت فيه سؤالًا: "هل تخفي هذه اللوحة تحتها لوحة أخرى، على غرار مسار أيقونة سيدة ايليج؟". وفي أيلول من نفس العام، تعرفنا على راهبة كرملية أسست دار أنطاكية للايقونات، وهي التي اشرفت على دراسة لوحة ايليج. عند زيارتها للكنيسة، استخدمت عدسة مكبرة لفحص اللوحة، وأخبرتني قائلة: "لا أستطيع التأكد إن كانت هذه اللوحة تخفي لوحة أخرى تحتها باستخدام العدسة المكبرة، لأن الأمر يبدو وكأن هناك لغزًا تحتها. ولكن ربما يجب علينا إجراء عملية معينة لأن اللوحة قديمة". وبموافقة لجنة الوقف، تم أخذ اللوحة في بداية شهر أيلول لبدء العملية. وكشف أنّه "في كانون الثاني من العام التالي، أرسلت لي رسالة تقول: "نحن أمام شيء جميل جدًا، ستفرح عندما تراه". وأرسلت اللوحة إلى مستشفى أوتيل ديو لإجراء فحص بالأشعة السينية(radiography) ، حيث أظهرت الأشعة وجود طبقتين مختلفتين تمامًا تحت اللوحة. الأولى كانت تحتوي على عناصر نباتية، بينما كانت الطبقة الثانية تملك وجهًا مختلفًا للعذراء"، موضحاً أنّه "بعد جمع كافة الملفات المتعلقة باللوحة، تم عرض التفاصيل على المطران يوسف بشارة، راعي الأبرشية آنذاك. وبعد الاطلاع على نتائج الفحص، طلب المطران أن يتم التركيز على إبراز اللوحة الأساسية". موضحاً أن "اللوحة كانت تتطلب جهدًا لاستكشاف وتوضيح ما تخفيه من رسومات أساسية تحت طبقاتها". وأعلن الحايك أنّه "خلال العملية، تم تحديد تاريخ صنع اللوحة في القرن السابع عشر، ولا يزال غير معروف من هو رسامها، ولكن من المحتمل أن يكون شخصًا من المنطقة أو من قبرص، حيث كان هناك تفاعل كبير بين لبنان وقبرص نظرًا لانتمائهما لنفس الأبرشية. وعندما رأى المطران يوسف سويف، مطران قبرص آنذاك، اللوحة، قال لي: "اللوحة تشبه كثيرًا اللوحات الموجودة في قبرص، خصوصًا وجه العدرا". أردف: "بعدها بدء العمل على إزالة الطبقة العلوية للوحة، حيث كانت هناك امرأة فرنسية، صديقة للراهبة، تعمل في مجال ترميم اللوحات، وبدأت بإزالة الطبقة العليا ببطء حتى بدأ الألوان الأصلية تظهر تدريجيًا. وعندما وصلنا إلى الوجه، كان هناك الكثير من القلق بشأن النتيجة، لأن الأشعة السينية لم تُظهر الوجه بوضوح. ومع مرور الوقت، كانت الراهبة تتصل بي كل 15 يومًا لتتابع سير العمل وتطلعني على التقدم". تابع: "وفي النهاية، وبعد اتخاذ قرار بالكشف الكامل عن الوجه، ظهر الوجه الأصلي بشكل رائع وجميل. كان هناك اختلاف ملحوظ بين الطبقة الأولى، التي رسمها كنعان ديب، حيث كانت عيون العذراء تنظر مباشرة إلى الناظر، بينما في الطبقة الأصلية كانت عيونها تنظر إلى الأسفل، وكأنها تتأمل في ذاتها. وبعد ترميم اللوحة بشكل كامل، تم إدخالها إلى كنيسة بيت شباب في آب من عام 1997، وفي عام 2000 تم تخصيص مزار خاص لها داخل الكنيسة. وأصبحت اللوحة الآن مقصدًا مهما لجميع المؤمنين، وأصبحت تشكل جزءًا من التاريخ الديني والثقافي للمنطقة". ختم الحايك بالقول: " لهذا السبب تتمتع "سيدة الغابة" برمزية وأهمية كبيرة، حيث تعتبر اللوحة التي تمثلها تحفة فنية بكل معنى الكلمة. اليوم، نحتفل بانطلاقة جديدة، ليس فقط لبيت شباب، بل للمنطقة ككل، إذ إن هذا هو أول مقام في منطقة المتن يتم إدراجه ضمن السياحة الدينية، مما يسهم في إنعاش المنطقة ويجعلها وجهة سياحية مهمة".