logo
#

أحدث الأخبار مع #الآن_ناشرون

«النباح الأخير»... قصص تستحضر ذاكرة الأمكنة
«النباح الأخير»... قصص تستحضر ذاكرة الأمكنة

الشرق الأوسط

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الشرق الأوسط

«النباح الأخير»... قصص تستحضر ذاكرة الأمكنة

عن دار «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن، أصدر الكاتب الأردني مفلح العدوان مجموعته القصصية الثامنة «النباح الأخير»، ويعاين فيها حكايات وتجليات أحداث كثير من الأمكنة التي عايشها، مازجاً في كتابته السرد بالشعر، مستشهداً ببعض الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وبعض من تراث الديانات السماوية الأخرى. يحتوي الكتاب على 14 نصاً قصصياً، بدأه العدوان بتنويه تنفكُّ رموزه شيئاً فشيئاً، خلال قراءة قصص الكتاب؛ يقول فيه: «الذاكرة في طريقها إلى خزائن النسيان.. قصص المكان موزّعة بين الآلهة والبشر.. ولا شاهد عليها إلا ما تبقّى من نقوش الحَجَر!». ويشير في مستهل مجموعته إلى أهمية الأبعاد المعرفية في محتوى الكتاب، موجهاً القراء بقوله إن «الهامش مفتاح المتن فلا تهملوه». وفي أولى قصص المجموعة «النباح الأخير»، يستلهم قصة «قطمير»؛ كلب أهل الكهف، راوياً بعض أحداثها، وبعدها تتوالى قصصه حول الأمكنة. ومن خلال عناوين القصص، منها «برج الناقة»، و«لفائف القلعة»، و«أيقونات مبتورة الرأس»، و«مسيح عفرا»، و«بانتظار المخلّص» يؤنسن العدوان في قصصه تفاصيل المدن والأمكنة التي عايشها وزارها، عبر سرد حكايتها وأحداثها والشخوص الذين أسسوا لمدونة ذاكرتها وتاريخها، موائماً في قصصه بين خيال الأدب القصصي، وصدقية المعلومة التاريخية، معززاً رؤيته بزخم من الموروث الديني والشعبي، وهالة الأساطير والحكايات الجمعية الإنسانية. ويقدم الكاتب، بحساسية شاعرية، جوانب مختلفة من الدلالات والإسقاطات للموضوعات والأفكار التي تناولها في قصصه، واضعاً إياها في إطار إعادة القراءة للموروث وفق رؤيته، ومخياله، وبما يتواءم مع موقفه ووعيه للتاريخ والأديان والأساطير والحكايات الشعبية، واضعاً لها إطاراً يتلمس فيه محاكاة واعية محمولة في جوانب منها على حقيقة متوارثة، وفي مساحات كثيرة فيها مجاز لغة، وانحياز لقراءة مغايرة للموروث الشعبي، والتاريخي المقدس، والذاكرة الجمعية المستنسخة عبر تراكم الأزمنة. مفلح العدوان قاص وروائي وكاتب مسرح وسيناريو وصحافي، مواليد الزرقاء في الأردن عام 1966م، مؤسس ورئيس مختبر السرديات الأردني لعدة دورات، عمل مديراً لوحدة الشؤون الثقافية في الديوان الملكي الهاشمي - الأردن، ومديراً للمركز الثقافي الملكي في وزارة الثقافة الأردنية، وكاتباً في جريدة «الرأي» الأردنية. أصدر أكثر من عشرين كتاباً في القصة القصيرة والرواية، والمسرح، والرحلات، وفاز بالعديد من الجوائز العربية والعالمية، منها جائزة محمود تيمور للقصة على مستوى مصر والوطن العربي من المجلس الأعلى للثقافة في مصر عن مجموعة «الرحى» 1995، وجائزة جامعة فيلادلفيا لأحسن كتاب في العلوم الإنسانية 2017، كما حاز جائزة «الطائر» للتبادل الثقافي بين الأردن ومدينة درم البريطانية، الدورة الأولى 2018.

بوح شعري يستعرضه الرحبي في كتابه "رعود هائمة في الفجاج"
بوح شعري يستعرضه الرحبي في كتابه "رعود هائمة في الفجاج"

الغد

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الغد

بوح شعري يستعرضه الرحبي في كتابه "رعود هائمة في الفجاج"

عزيزة علي عمان - في كتابه الجديد "رعود هائمة في الفجاج"، يجسد الشاعر سيف الرحبي بوحا شعريا وسيرا ذاتيا يتنقل بين مساحات واسعة من الشعر والسرد وأدب الرحلة. يحمل الكتاب بين دفتيه ثمانية محاور تمزج بين الحكمة والتجربة الشخصية، إذ يعكس مسارا يتأرجح بين اللحظات الحاسمة في حياة الرحبي وبين الأشخاص الذين أثروا فيه وأثر فيهم. من خلال نصوصه، ينقلنا إلى مناطق بعيدة سواء كانت من خلال مشاهد رعدية وصفها في أول النصوص، أو من خلال تأملات فلسفية في السيرة الذاتية عن الكتابة والإلهام. اضافة اعلان يشتهر الرحبي بتأملاته العميقة حول الإنسان والوجود، يواصل في هذا الكتاب بناء عوالمه الخاصة التي تمزج بين الذاتي والجماعي، وبين الفلسفة والتاريخ. يتنقل بين الذاكرة والمكان، من بيروت إلى باريس، ويستحضر شخصيات وأماكن تركت بصماتها في روحه. الكتاب، الذي صممت غلافه الفنانة العُمانية بدور الريامي، يعد إضافة قيمة للمكتبة الأدبية العربية، حيث يعكس رؤية الشاعر ورحلته عبر الكلمات، ليكون بمثابة نافذة تطل على العالم بعيون فنية وإنسانية. قام بتصميم غلاف الكتاب الذي صدر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن، الفنانة العُمانية بدور الريامي. وجاء النص الأول للكتاب بعنوان "في ضوء صباح غائم"، افتتحه الرحبي بوصف لمشهد رعدي، قائلا: "الرعد كان يبدأ من أعالي الوادي المسور بالجبال، يهمهم ويسري في عروق السماء والغيوم المنذِرة بالمطر، كما في عروق البشر وأوصالهم (الأطفال خاصة)، الرعود الهائمة ببروقها التي تضيء الأزل كما تضيء القوافل العابرة في الوادي، والقطارات في محطات المدن البعيدة". "رعود الآلهة والبشر"، هو نص قصير يتألف من مقطعين فقط. في المقطع الثاني، يختصر حكمة الحياة، قائلا: "وسط قيامة الموت والسلاح، يزرع (عزيز أبو شيخة) فسيلة زيتون أو كمثرى. بصمت جنائزي يزرعها، لكن لسان حاله وحال الجموع المكلومة يُلجِم الفضاء بالصراخ والعويل في وجه العدوان والعالم: هذه هي حياتنا، صبرنا الذي سينمو ويزهر غدا، وبعد غد التاريخ المضرج والمصير". وفي نص بعنوان "إلى شاعر"، يصور الرحبي تلك اللحظة الأشبه بالوحي، وهي لحظة الإلهام التي تمثل للمبدع وكأنها قوى جاذبية علوية، تشد الشاعر أو الكاتب بالكلية، متمخضة عن نص يولد كجنين مكتمل لحظة البزوغ. يقول الرحبي: "في الأوقات المظلمة التي كان يرفس في أتونها، هبط فجأة عليه الإلهام، ينبوع ماء في صحراء العطش والدم.. ظل مستسلما لنهر الهذيان الجارف مغمض العينين بالكاد يبصر الورقة البيضاء، يكتب بحنان وعصبية كأنما يثأر بحفره في جسد عالم كاد أن يطوح به في مقبرة الجفاف والموت. ظل على هذا النحو من اندفاع المطر السديمي حتى سقط على أرضية الغرفة المفعمة بالفوضى، مترحلا في وديان النوم إلى حيوات وأحلام أخرى". لم يترك الرحبي مفردة من مفردات حياته اليومية إلا وجعل لها نصيبا مما كتب، حتى تلك الموجة التي قرر أن يخلدها في كتابه، حين خاطبها قائلا: "مباركة أيتها الموجة القادمة من ضفاف البحر العماني، مبارك وصولك بعد أن اجتزتِ الهوام والارتطامات إلى بحر العندمان الهائج هذا الصباح حيث أجلس محدقا في الزبد والأعالي. مباركة أيتها الموجة العمانية في حلك وترحالك، لأنك الوحيدة على هذا النقاء العادل المغامر حين يتحول البشر إلى جيفة ومسوخ". ويقتطف سيف الرحبي من كل بستان زهرة، ومن كل لقاء موقفا، فقد تحدث عن عدد من الشخصيات التي التقاها في سفراته، صولاته وجولاته، حتى إنه لم يترك شاعرا ولا أديبا ولا فنانا إلا وأفرد له عددا من سطور هذا الكتاب. فها هو في تلك الصحبة من النصوص التي اختار لها عنوان "مقاطع باريس"، تارة يتحدث عن شارع الشانزلزيه، بما له من أناقة ولمعان وطابع مميز، والذي يشوه جماله ذلك الـ"كلوشار"؛ أو المشرد الأشبه بجثة محنطة على رصيف الشانزلزيه! هنا يعرج الرحبي على عدد من شخصيات الأدباء الفرنسيين البارزين في تلك المقاطع الأدبية السردية، التي تحمل بين حروفها روح الشعر، سواء حين تحدث عن بودلير أو باسكال. ثم يستطرد واصفا أجواء رحلته الباريسية: "أقيم بهذه الرحلة الباريسية وسط المناطق المأهولة بالمؤسسات الأكاديمية الأكثر عراقة في التاريخ الحديث، ولا أكاد أرى أي مظهر لاحتجاج ضد الإبادة أو تعاطف رمزي كالكوفية الفلسطينية مع الضحايا". اختار الرحبي أن يعنونه "وجوه ومشاهد وتغريدات"، فهو يتحدث فيه عن عدد من الشعراء والمبدعين من ربوع الوطن العربي، ومنهم: الشاعر والروائي الإماراتي ثاني السويدي، والشيخ العارف بالله حمود الصوافي، والشيخ أحمد بن سعود السيابي، والنساخ والراوية محمد بن حسن الرمضاني، والشاعر فتحي عبدالله، والشاعر مبارك العامري، والشاعر حسان عزت، والفنانة فاطمة لوتاه، والشاعر عقل العويط، وغيرهم. ويختار الرحبي أجزاء من نصوص لهؤلاء، أو مواقف جمعته بهم في رحلته، يحكي عنها كعلامات فارقة على طريقه وبين أسفاره. وفي ذلك النص الذي اختار له عنوان "سيوران في الزمن العربي الراهن"، يتحدث فيه عن كتاب إيميل سيوران "غسق الأفكار"، ويختتم الرحبي ذلك النص ساخرا، فيقول: "هل أسألك عن الطقس في باريس؟ أعتقد أن موجات البرد القارس انخفضت باتجاه طقس معتدل حتى يصل إلى ربيع يختال مورقا ضاحكا حيث أحلم بالقدوم وتصفية الحساب مع الحر والجفاف بعيدا أيضا عن الصقيع". ولخص الرحبي كتابه بنص شعري بعنوان "بيروت"، ربما يمزج فيه الحنين بالوجع بالحب بالبكاء، وربما يبحث عن ذاته التي يفتقدها؛ يبحث عنها هناك على شاطئ بيروت، فهلا يجدها!، قائلا "أمام بحركِ يا بيروت، إزاء أفق المتوسط، والجبال المحيطة ترسل غيومها وأشجارها هدايا لعيد ميلادٍ قادم. ثمة امرأة جميلة تتنزه بحزن على الشاطئ، صياد يصلي أمام بحرك يا بيروت، الذي اكتنز القرون؛ الحروب والحضارات. بكيتُ، أنا الذي لم تحفر خدّي دمعة شريدة منذ سنين، لكني بكيت اللحظة، ولمستُ الموج المالح ينساب على الرصيف".

"النُباح الأخير" قصص لمفلح العدوان
"النُباح الأخير" قصص لمفلح العدوان

عمون

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • عمون

"النُباح الأخير" قصص لمفلح العدوان

عمون - قصص "النباح الأخير" لمفلح العدوان تجمع بين التاريخ والشعر واستلهام الوحي في الأديان السماوية. ويأتي عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 128 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 14 قصة تتنوع موضوعاتها، لكنها تتفق في بنيتها الأساسية، إذ يمزج فيها الكاتب السرد بالشعر، مستشهداً ببعض الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وبعض من تراث الديانات السماوية الأخرى. يبدأ مفلح العدوان كتابه بتنويه تنفكُّ رموزه شيئاً فشيئاً خلال قراءة قصص الكتاب؛ يقول فيه: "الذاكرة في طريقها إلى خزائن النسيان.. قصص المكان موزّعة بين الآلهة والبشر.. ولا شاهد عليها إلا ما تبقّى من نقوش الحَجَر!". تبدأ أولى قصص المجموعة بعنوان الكتاب "النباح الأخير"، والذي يستلهم قصة "قطمير"؛ كلب أهل الكهف، راوياً بعض أحداثها، مختتماً بفقرة يقول فيها مفلح العدوان: "خرج السبعة وثامنهم كلبهم، ثم وضعوا صخرة كبيرة على بوابة الكهف، ونزلوا بكل حريتهم يبحثون عن أناس مثلهم ناموا مرات عديدة، وبقوا ينتظرون الفرصة ليعودوا إلى الحياة مرة أخرى بلا رقيب يتعقَّبهم".! وفي قصة "مسيح عفرا" يؤنسن مفلح العدوان السنديانة (بطلة القصة) وصاحبة الحضور الأبرز فيها قائلاً: "أحسَّ بالسنديانة تريد معانقته، فانتبه لها أخيراً. تأمّلها، وناجاها: ستكونين تابوتي، أو صليبي، أعرف هذا، لكنك مني، تفهمينني أكثر منهم، وتعرفين أن من يَقطعك هو ليس من صُلبك، وأن من يُحرِّرك هو منك وإن اختلفت عقيدته.. أنت أقرب الجميع إليَّ، حتى عند مماتي. هزَّت أغصانها مُلَوِّحة له، وابتعد". وفي قصة "شهادة وفاة" نجد أنفسنا أمام لوحة مرسومة بالكلمات للبحر الميت، والذي من شدة ملوحته لا تعيش فيه أي كائنات بحرية، يقول مفلح العدوان: "غافلتني الحكاية.. كيف نسيتها من كَثرة ما زرت "البحر الميت"، فلم أستعِد تلك اللحظات الأولى لهذا المقام، وكأني أُعيد سرد ملحمة الموت الأولى، في مكان محدد، هنا؟ ياه.. كم نتحمل هنا من أوزار وجدناها أمامنا، ولا ذنب لنا في نواميس حُوَاة الجغرافية! أنظر عميقاً حيث فضّة البحر.. ترى ماذا يختفي تحته؟ ما اسمه قبل أن يكون ميتاً؟ أتذكر "سدوم"!! أعود إليها حين كانت قرية، ولم يكن، آنذاك، هواؤها ملحاً، ولم تكن الحياة مصادرة منها، وكان الصخب ملء المكان؛ أناس يتحرَّكون، وتجار يبتاعون ويشترون، وأسواق، وساحات، ومراعٍ، وبساتين". وفي القصة نفسها يتساءل الكاتب، مضفّراً الشعر في السرد، إذ يقول مفلح العدوان: "هل أودع التمثال الملحي، وأتركه وحيداً؟ كان وجهه ملتفتاً إلى الخلف، كأنه حائر بين الشوق لمكانه الذي تربَّى فيه، وعاش هناك أيام طفولته ولحظات شبابه، حيث الأهل والأقارب والجيران وكل من يعرفهم، حائر بين كل هؤلاء وبين الأمر الإلهي في أن من ينظر إلى الخلف فسيكون عقابه السكون والجمود. وصارت امرأة لوط تمثال ملح، بينما آوى زوجها وابنتاه في الكهف القريب، رغبة في الراحة، وتوقاً إلى النسيان!". ويعرِّج في القصة ذاتها على ذكر نبي الله لوط، وذلك الاختبار الصعب الذي تعرّض له، راسماً صوراً إبداعية تفتح الآفاق لتخيّل الأحداث وكأن القارئ يحياها من جديد، يقول مفلح العدوان: "ياه.. كم عانيت من الظلم يا لوط! أنت، حتى خروجك، واستراحتك هنا، مختلف عليها. لا أريد أن أرى ذاك الكهف.. كُلُّه شبهات، وشكوك. أحمل ما تبقى من وسواس يزنُّ في رأسي، وأتابع دربي إلى قرى "لوط"، إلى "البحر الميت"، والفصل صيف، والعرق ينزُّ كأنّ في الزيارة عقاباً، أو عتاباً، أو دعوة لتهجِّي أيِّ ظل قريب كي تكون الرؤية واضحة جلية. عميقاً أترك ملح المرأة وأمضي.. أبحث عن شهادة وفاة هذا البحر، فأراه مكشوفاً أمام عينيَّ، وأرى زواره يعيدونه سيرته الأولى صخباً، وطرباً، وتوقاً لزمن الصالحين قبل أن يفسدوا!". وفي قصة "العثماني" يستعرض المؤلف عدداً من الأحداث التاريخية التي طعَّمها بأسماء بعض الشخصيات، مثل سعيد بن خالد بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية الأموي العثماني الفديني، الذي يقول مفلح العدوان على لسانه: "جدِّي لم تقتله الفتنة، بل قتله الزمن الذي طعنه غدراً، بصمت أصحابه، وبِكَيد ذوي القربى. لم يسعفه أحد، وكان أحد المُبشّرين بالخير، فلماذا لم يلتفّ حوله المؤمنون بِصدق الكتاب؟! أين كانت "الحجاز" و"العراق" و"الشام"، حين قَطّعوا أصابعه، وهو يقرأ قَداسة الكلام، ثم مَزّقوه، كأنه ليس منهم؛ جدّي عثمان الأول الذي بات يَتَقمَّصني بدمه في هروبي الطويل هذا، ويتلبَّسني بِنسبي إليه، الذي وشمني به عنواناً طيلة سنوات عمري، فصرت أُنادَى بالعُثمانيّ. وأنا لا أريد تكرار مأساة نهايته، ولا أريد الصمت على جُور الذين قتلوا جدي؟! أين هي "الشام" الآن، وهم يحاصرونني؟". وفي قصة "المَجوس يَحرِقون البَازلت!" يطرح مفلح العدوان عدداً من التساؤلات على لسان شخصية تاريخية أخرى هي "مِيشَع بن كَموش مَلك مُؤاب الذيباني"، فيقول: "تَخبَّأت كل تلك السنوات بين هُدب التراب، وسُويداء الذاكرة.. فَمَن أشعل النار بجسدي؟ مَن سَرق بقايا رماد حروفي؟ النار.. النار.. تلك التي طهّرتني من الزمن الذي أنا مُقْبِلٌ عليه، فَتَكالبت عَلَيَّ بأيدٍ من ترابي، وَبِشُعلة من بني طِينتي، الذي منه بُعِثت مِسَلّة، واسمي مُتماهٍ مع ذات ميشع، ومَقرون حضوري بهذا المكان.. ذيبان"!" مَن أَشعل النار بي؟! مَن نَقل رُفاتي إلى بَلدٍ غَريبٍ، لا أرى فيه إلا غُرباء، هُم ليسوا مثلي؟ أنا المِسَلّة التي باركني الإله كَموش، وَحَفر الملك ميشع الحَرف عَليّ.. هذا آخر زمان..". وفي قصة "سبيل الحوريات" يبدأها الكاتب بعنوان فرعي "حالة عشق" يقول فيها: "أتأمَّل الرسم.. هذا حب من أول خط، وكأن للون سحر النظرة العذراء! متى كان هذا؟! مَرَّة حين تَجَشَّمت عَناء المَسير وَحيداً بين سقف السيل ودرج فرعون مروراً بسبيل الحوريات وسط البلد؛ مدينتي عَمّان، وَمَرَّة أخرى عندما قرأت أن الصبايا كُنّ يَلهَثن فِتنة وَيَزدَدن حُسناً ما إن يَدخُلن رُخام السَّبيل فتلتحم أجسادهن رسماً على حُلم المكان. أُراوغ النبض.. أتملَّى نُقوش الفتنة هناك. لم يَكُنَّ بلا أرواح، وكأن أُنثاي التي أعشق هي إحداهنّ، وهذه تجربتي الأولى في وَلَهٍ أسميه تَوقاً، وينعتونه استلاباً وأسراً.. تلك أنثاي، وهذا حُب، لا حبر على ورق!". وفي القصة التي اختتمت بها المجموعة "المَوءودة الغريقة!" وكأن الكاتب قد اختار أن يتجول على حقب متتابعة من التاريخ، يبدأها بالتعريج على الكنعانيين، حتى يصل إلى صلاح الدين الأيوبي، فيقول مفلح العدوان: "من أنا الآن؟ بائس أنا حين لا أعي أنني حارس المدينة المُطارَد فيها، لأني ضميرها المُختبئ في جوف البحر. أغيب، وأعود مُتَجَسِّداً كل حين بِوجه من وجوه ماضيها.. ياه.. ما أنقى تلك اللحظة حين كنت أنفض رذاذ الماء من على جناحيّ، مُتأَمِّلاً البحر الأحمر الذي خبرته، والذي حين انتبه إلى حُلولي صار خاشعاً لمِهابة حُضوري، فتداعت في دواخلي خطواتي عندما خرجت من مجمع الآلهة الكنعاني، بعد أن انفضّ من حولي جَمع الآلهة الذين أرأسهم في قاعة اجتماعي بهم! ذَهبوا إلى كل الجهات، وتاقت ذاتي للراحة في مساحة أقتطعها لاسمي، وأباركها بحضوري.. أين أذهب في غيابي؟". ومن الجدير بالذكر أن مفلح العدوان، قاص وروائي وكاتب مسرح وسيناريو وصحفي وباحث، مواليد الأردن عام1966م، حاصل على بكالوريوس هندسة كيميائية من الجامعة الأردنية، عام 1990م. مؤسس ورئيس مختبر السرديات الأردني لعدة دورات، عمل مديرا لوحدة الشؤون الثقافية في الديوان الملكي الهاشمي-الأردن، ومديرا للمركز الثقافي الملكي في وزارة الثقافة الأردنية، وكاتباً في جريدة الرأي الأردنية. صدر له في القصة القصيرة سبع مجموعات قصصية هي: "الرحى"، الدواج"، "موت عزرائيل"، "موت لا أعرف شعائره"، "شجرة فوق رأس"، "نحت آخر لتمثال المفكر/ مختارات قصصية"، "هب لي عيناً ثالثة". وله رواية واحدة عنوانها "العتبات" صدرت عام 2013م، وأصدر في البلدانيات والرحلة وأدب المكان العديد من الكتب: "عمان الذاكرة"، وثلاثة أجزاء من "موسوعة القرية الأردنية/ بوح القرى"، و"معان وقراها"، "سماء الفينيق/ رحلتي إلى فلسطين". وصدر له في المسرح والمونودراما "مسرحية عشيات حلم"، و"ظلال القرى وآدم وحيداً/ مسرحيتان"، "أربعة نصوص مسرحية: ظلال القرى/عشيات حلم/بلا عنوان/سجون"، "من قتل حمزة؟/ كتابة مشتركة"، "مرثية الوتر الخامس/ مونودراما". وكتب سيناريوهات الكثير من الأفلام الوثائقية، وأقام عدة معارض فوتوغرافية. كما فاز مفلح العدوان بالعديد من الجوائز العربية والعالمية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store