logo
#

أحدث الأخبار مع #الأفريكانرز

أخبار العالم : من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟
أخبار العالم : من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

نافذة على العالم

timeمنذ 8 ساعات

  • سياسة
  • نافذة على العالم

أخبار العالم : من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

الثلاثاء 20 مايو 2025 05:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، الجنرال لويس بوتا قائد قوات الترنسفال وجنوده خلال حرب البوير الثانية، وقد أصبح أول رئيس وزراء لجنوب أفريقيا Article information بينما تضع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قيوداً على عملية تجنيس المهاجرين وطالبي اللجوء من دول تمزقها الحروب والمجاعات، وصلت إلى الولايات المتحدة مؤخراً أول مجموعة مكونة من 59 شخصاً بِيض البشرة من جنوب أفريقيا (الأفريكانرز) والذين منحهم ترامب حق اللجوء في أمريكا. وغالباً ما ينتظر اللاجئون سنوات قبل معالجة طلباتهم والموافقة على سفرهم إلى الولايات المتحدة، إلا أن الأفريكانرز الذين وصلوا إلى أمريكا، لم ينتظروا أكثر من 3 أشهر. وقد شهدت العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة توتراً ملحوظاً منذ تكليف الرئيس ترامب إدارته في فبراير/شباط الماضي بوضع خطط لإعادة توطين "الأفريكانرز" في الولايات المتحدة. وانتقدت الولايات المتحدة السياسة الداخلية لجنوب أفريقيا، متهمةً الحكومة بالاستيلاء على أراضي المزارعين البِيض دون أي تعويض، وهو أمرٌ تنفيه جنوب أفريقيا. ويذكر أنه بعد أكثر من 30 عاماً على نهاية النظام العنصري في جنوب أفريقيا، لا يمتلك المزارعون السود سوى جزء صغير من أفضل الأراضي الزراعية في البلاد، ولا تزال غالبيتها في أيدي البِيض. وتعتزم حكومة جنوب أفريقيا توزيع 8 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية على المزارعين السود بحلول عام 2030، ضمن جهودها لتحقيق العدالة الاقتصادية بعد عقود من سياسات الفصل العنصري. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، وقّع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا قانوناً مثيراً للجدل يسمح للحكومة بمصادرة الأراضي المملوكة للقطاع الخاص دون تعويض، في ظروف معينة، عندما يُعتبر ذلك "عادلاً ويخدم المصلحة العامة". وقد وصف رامافوزا المجموعة التي سافرت إلى الولايات المتحدة بـ"الجبناء"، قائلاً إنهم لا يريدون معالجة أوجه عدم المساواة في حقبة الفصل العنصري. صدر الصورة، Reuters التعليق على الصورة، أول مجموعة من البيض من جنوب أفريقيا تهبط في مطار دالاس ونسبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لترامب تشبيهه جهود حكومة جنوب أفريقيا للقضاء على التفاوتات العرقية بالتمييز ضد البِيض، وقال إن الأفريكانرز ضحايا "إبادة جماعية". وأضاف قائلاً: "إن المزارعين يُقتلون، إنهم بِيض، وسواء كانوا بيضاً أم سوداً، لا فرق لديّ، يُقتل المزارعون البِيض بوحشية، وتُصادَر أراضيهم في جنوب أفريقيا". وسبق أن اشار إيلون ماسك، أحد أقطاب إدارة ترامب والمولود في جنوب أفريقيا، إلى حدوث "إبادة جماعية للبِيض" في جنوب أفريقيا، واتهم الحكومة بتمرير "قوانين ملكية عنصرية". ودُحضت مزاعم الإبادة الجماعية للبِيض على نطاق واسع. ولا تدعم بيانات الشرطة هذه الرواية، إذ تُظهر أن عمليات القتل في المزارع نادرة، وأن معظم الضحايا من السود. كما قالت وزارة خارجية جنوب أفريقيا في بيان بهذا الشأن إن الاتهامات الموجَّهة للحكومة بالتمييز ضد الأقلية البيضاء في البلاد "لا أساس لها من الصحة"، وإن برنامج إعادة التوطين الأمريكي محاولة لتقويض "الديمقراطية الدستورية" في البلاد. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، تتطلع المجموعة الأولى المكونة من 59 لاجئاً من الأفريكانرز إلى حياتهم الجديدة في الولايات المتحدة وأضاف البيان أن البلاد عملت "بلا كلل" لوقف التمييز، بالنظر إلى تاريخها من القمع العنصري في ظل نظام الفصل العنصري. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ترامب قوله إن الولايات المتحدة ستمنح الجنسية للأفريكانرز. وتعتزم الإدارة الأمريكية الاعتماد على مكتب اللاجئين التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية للمساعدة في إعادة توطين القادمين إلى الولايات المتحدة. وقد تواصل المكتب مع منظمات اللاجئين للتحضير لوصول الأفريكانرز، وفقاً لمذكرة صادرة عن الوزارة حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز. وحسب المذكرة، ستساعدهم الإدارة في العثور على "مساكن مؤقتة أو طويلة الأجل، وأثاث منزلي، وأدوات منزلية أساسية، ولوازم تنظيف". كما تخطط الإدارة لمساعدتهم في تأمين "البقالة، والملابس المناسبة للطقس، والحفاضات، وحليب الأطفال، ومنتجات النظافة، والهواتف المدفوعة مسبقاً التي تُعينهم على حياتهم اليومية". ويبلغ عدد السكان البِيض في جنوب أفريقيا نحو 4.2 مليون نسمة من بين نحو 63 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، وقد مثّل الأفريكانرز في أوائل القرن الحادي والعشرين حوالي 60 في المئة من السكان البِيض هناك. "لم أحضر إلى هنا للتسلية" وقال تشارل كلاينهاوس، أحد الأفريكانرز الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة والبالغ من العمر 46 عاماً، لبي بي سي، إنه غادر وطنه بعد تلقيه تهديدات بالقتل عبر رسائل واتساب. وتابع كلاينس، الذي يقيم حالياً في فندق صغير في بافالو في ولاية نيويورك، قائلاً: "اضطررتُ لمغادرة منزل يضم 5 غرف نوم، والذي سأفتقده الآن"، مشيراً إلى أنه ترك سيارته وكلابه وحتى والدته، ويضيف قائلاً: "لم أحضر إلى هنا للتسلية". التعليق على الصورة، قال تشارل كلاينهاوس إنه تلقى تهديدات بالقتل في الأسبوع الماضي، كان كلاينهاوس يعيش في مزرعة عائلته في مقاطعة مبومالانغا بجنوب أفريقيا، وتُعرف هذه المقاطعة، بجمالها الطبيعي الأخّاذ وحياة البرية الوفيرة، وبأنها "المكان الذي تشرق فيه الشمس". والتباين في مكان الإقامة واضح للغاية، لكن بالنسبة له، فإن وضعه في بافالو في نيويورك، أفضل حالاً بالفعل، ويقول كلاينهاوس، الذي توفيت زوجته في حادث سير عام 2006: "أطفالي الآن بأمان". ويُقر بأنه فوجئ بسرعة وصوله إلى الولايات المتحدة، وأنه مُمتن لترامب، ويقول: "شعرتُ أخيراً أن هناك من يرى ما يحدث في هذا العالم". وعندما وصل هو وعائلته مع آخرين إلى المطار، استُقبلوا ببالونات حمراء وبيضاء وزرقاء، ويصف كلاينهاوس الفخامة والاحتفال بأنه "مذهل". ويعترف كلاينهاوس بأن السود في جنوب أفريقيا عانوا مثله، لكنه يقول: "لم تكن لي أي علاقة بالفصل العنصري، لا شيء، لا شيء، لا شيء". ويُقر كلاينهاوس بانخفاض معدل جرائم قتل المزارعين في جنوب أفريقيا، لكنه يقول إنه لا يريد أن يكون ضحية، ويضيف قائلاً: "هناك أشخاص في منطقتي قُتلوا رمياً بالرصاص". وعلى الجانب الآخر، هناك فريق من الأفريكانرز يرفض مغادرة البلاد مثل أولريش جانس فان فورين الذي قال لبي بي سي: "أعشق الترويج لجنوب أفريقيا، ولا أنوي قبول عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجنوب أفريقيا هي موطني". وجانس فان فورين شغوف بمشاركة وإبراز بعضٍ من أجمل معالم جنوب أفريقيا مع جمهوره الغفير من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي. وكثيراً ما يلتقط هذا الشاب الجنوب أفريقي الأبيض، البالغ من العمر 38 عاماً، صوراً لمشاهد مثل صباح جوهانسبرغ البارد، وأشجار الجاكاراندا الأرجوانية التي تشتهر بريتوريا بجمالها، أو شواطئ كيب تاون الشهيرة. وقال جانس فان فورين، الذي يتابعه أكثر من مليون شخص على وسائل التواصل الاجتماعي: "جنوب أفريقيا هي موطني. إنها موطن جذوري وتراثي، حيث يمكنني المساهمة في تاريخ أمتنا وإحداث تأثير هادف، وأنا منخرط بشدة في نجاح جنوب أفريقيا، وأفخر بكوني جزءاً من رحلة نجاحها". وأضاف قائلاً: "إن الجدل حول وضع الأفريكانرز في جنوب أفريقيا جعلني أكثر تصميماً من أي وقت مضى على البقاء في البلاد والعمل بكل طاقتي على نجاحها". من هم الأفريكانرز؟ تقول دائرة المعارف البريطانية إن الأفريكانرز هم جنوب أفريقيون من أصل أوروبي، لغتهم الأم هي الأفريكانية، وينحدرون من البوير. وتعني كلمة بوير بالهولندية مزارع، وهم الجنوب أفريقيون من أصل هولندي أو ألماني، أو الإنجيليون الفرنسيون الذين هربوا من الاضطهاد الديني في أوروبا، وكانوا من أوائل المستوطنين في ترانسفال ودولة أورانج الحرة، واليوم، يُشار إلى أحفاد البوير عادةً باسم الأفريكانرز. وقد كلفت شركة الهند الشرقية الهولندية يان فان ريبيك في عام 1652 بإنشاء محطة شحن في رأس الرجاء الصالح. وفي عام 1707، بلغ عدد السكان الأوروبيين في مستعمرة كيب تاون 1779 شخصاً، وسرعان ما ازدهرت المستعمرة الهولندية. وكان البوير معادين للشعوب الأفريقية الأصلية، الذين خاضوا معهم حروباً متكررة على المراعي، كما كانوا معادين أيضاً لحكومة الكيب، التي كانت تحاول السيطرة على تحركات البوير وتجارتهم، وقارنوا أسلوب حياتهم بأسلوب حياة الآباء العبرانيين المذكورين في الكتاب المقدس، حيث طوروا مجتمعات أبوية مستقلة قائمة على اقتصاد رعوي متنقل. صدر الصورة، Ulrich Janse van Vuuren التعليق على الصورة، يقول أولريش جانس فان فورين: "لا أنوي قبول عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجنوب أفريقيا هي موطني" وفي تأثر بالعقيدة الكلفينية التي كانوا يدينون بها، اعتبروا أنفسهم أبناء الرب في البرية، فهم "مسيحيون مختارون من الرب لحكم الأرض وسكانها الأصليين المتخلفين". وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت الروابط الثقافية بين البوير ونظرائهم في المناطق الحضرية تتضاءل، على الرغم من أن كلتا المجموعتين استمرتا في التحدث باللغة الأفريكانية، وهي لغة تطورت من خليط من اللغة الهولندية واللغات الأفريقية الأصلية ولغات أخرى. وأصبحت مستعمرة الكيب ملكية بريطانية عام 1806 نتيجة للحروب النابليونية، وعلى الرغم من قبول البوير في البداية للإدارة الاستعمارية الجديدة، إلا أنهم سرعان ما شعروا بالاستياء من السياسات الليبرالية البريطانية، وخاصة فيما يتعلق بتحرير العبيد. وبسبب ذلك، فضلاً عن حروب الحدود مع السكان الأصليين، والحاجة إلى أراضٍ زراعية أكثر خصوبة، بدأ العديد من البوير في عشرينيات القرن التاسع عشر بالهجرة شمالاً وشرقاً إلى داخل جنوب أفريقيا، وقد عُرفت هذه الهجرات باسم "الارتحال الكبير". وفي عام 1852، وافقت الحكومة البريطانية على الاعتراف باستقلال المستوطنين في ترانسفال (التي أصبحت لاحقاً جمهورية جنوب أفريقيا)، وفي عام 1854 اعترفت باستقلال أولئك الموجودين في منطقة نهري فال-أورانج (التي أصبحت لاحقاً دولة أورانج الحرة)، وتبنّت هاتان الجمهوريتان الجديدتان الفصل العنصري. حروب البوير مهّد اكتشاف الماس والذهب في جنوب أفريقيا في عام 1867الطريق لحربين؛ الأولى في نهاية عام 1880 وأوائل عام 1881، والثانية بين عامي 1899 و1902. وتعود جذور الصراع إلى مطالبات بريطانيا بالسيادة على جمهورية جنوب أفريقيا الغنية، وقلقها من رفض البوير منْح الحقوق المدنية لما يُسمى "الأوتلاندرز" (المهاجرون - ومعظمهم بريطانيون - إلى مناطق مناجم الذهب والماس في الترانسفال). وأثارت أسباب الحرب جدلاً حاداً بين المؤرخين، ولا تزال دون حلٍ حتى اليوم كما كانت خلال الحرب نفسها؛ حيث زعم السياسيون البريطانيون أنهم كانوا يدافعون عن "سيادتهم" على جمهورية جنوب أفريقيا، المنصوص عليها في اتفاقيتَيْ بريتوريا ولندن لعامي 1881 و1884 على التوالي. فيما يؤكد العديد من المؤرخين أن الصراع كان في الواقع للسيطرة على مجمع ويتواترسراند الغني لتعدين الذهب الواقع في جمهورية جنوب أفريقيا، وكان هذا المجمع أكبر مجمع لتعدين الذهب في العالم في وقتٍ كانت الأنظمة النقدية العالمية، وعلى رأسها البريطانية، تعتمد بشكل متزايد على الذهب. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، مجموعة من جنود الكوماندوز البوير مع مدفع هاوتزر خلال الحرب في جنوب أفريقيا حوالي عام 1900 ووقعت حرب البوير الأولى عندما قامت الحكومة البريطانية بتعيين اللورد كارنافون سكرتيراً للمستعمرات، وسرعان ما بدأ بالتفاوض مع الإدارات المحلية من أجل تحقيق اتحاد فيدرالي في جنوب أفريقيا، ولكن المفاوضات انهارت في عام 1877، فقام اللورد كارنافون بإرسال قوة بريطانية لضم الترانسفال بالقوة. وحدثت أول مواجهة بين الجانبين في مدينة بوتشيفستروم في 16 ديسمبر/‏كانون الأول 1880، وانتصر البوير في هذه المواجهة. وفي 27 فبراير/‏شباط من عام 1881 هُزمت القوات البريطانية في معركة ماغوبار - لتفشل بريطانيا في بسط سيادتها على منطقة الترنسفال. وظلت العلاقة متوترة بين الطرفين حتى اندلعت حرب البوير الثانية في عام 1899. وبدعم من دولة أورانج الحرة، خاضت جمهورية جنوب أفريقيا معركة ضد الإمبراطورية البريطانية لأكثر من عامين. كانت بوادر تلك الحرب قد بدأت في عام 1897 - عندما طلب ألفريد ميلنر المفوض السامي البريطاني في جنوب أفريقيا تعديل دستور ترانسفال لتوفير المزيد من الحقوق السياسية للبريطانيين الذين يعيشون في الجمهورية. وسرعان ما بدأت الحكومة البريطانية في إرسال قوات لتعزيز حاميتها في جنوب أفريقيا. وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1899 أصدرت جمهوريتا البوير إنذاراً نهائياً لبريطانيا، طالبتا فيه القوات البريطانية بالانسحاب من المناطق الحدودية، ولم يستجب البريطانيون لهذا الإنذار. في 11 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1899، تم إعلان الحرب رسمياً. ومن الأحداث التي شهدتها هذه الحرب وتحديداً في 15 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1899 - وقوع المراسل الحربي البريطاني الشاب وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا فيما بعد، في أسر قوات الجنرال لويس بوتا قائد قوات البوير وجنوده الذين نصبوا كمينا لقطار مصفّح في ناتال، وقد تم اعتقال تشرشل وسجنه في بريتوريا. ورغم أنها كانت أكبر وأكثر الحروب تكلفةً - والتي خاضتها بريطانيا بين الحروب النابليونية والحرب العالمية الأولى (حيث أنفقت أكثر من 200 مليون جنيه استرليني)، إلا أنها دارت بين طرفين متحاربين غير متكافئين تماماً؛ حيث بلغ إجمالي القوة العسكرية البريطانية في جنوب أفريقيا ما يقرب من 500 ألف جندي، بينما لم يتجاوز عدد البوير حوالي 88 ألف مقاتل. لكن البريطانيين كانوا يقاتلون في بلد معادٍ على أرض وعرة، مع خطوط اتصالات طويلة، في حين كان البوير - في الغالب في وضع دفاعي - قادرين على استخدام نيران البنادق الحديثة بكفاءة عالية، في وقتٍ لم تكن القوات المهاجمة تملك أي وسيلة للتغلب عليها. ورغم مهارة البوير في حرب العصابات، استسلموا في النهاية للقوات البريطانية عام 1902، منهين بذلك الوجود المستقل لجمهوريتَيْ البوير. وقد لقي عشرات الآلاف من البوير حتفهم بسبب القتال والجوع والمرض، وضم البريطانيون المنتصرون جمهوريتَيْ جنوب أفريقيا وأورانج الحرة. وبعد الحرب أظهر الطرفان الاستعداد للتعاون بهدف التوحد ضد الأفارقة السود، ورغم ذلك ظلت العلاقات بين البوير (أو الأفريكانرز، كما أصبحوا يُعرفون) والجنوب أفريقيين الناطقين بالإنجليزية فاترة لعقود عديدة. وعلى الصعيد الدولي، ساهمت الحرب في تأجيج الأجواء بين القوى الأوروبية العظمى، إذ وجدت بريطانيا أن معظم الدول الأوروبية تتعاطف مع البوير. التمييز العنصري صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، في تحدٍّ لقوانين الفصل العنصري الصارمة، استولت مجموعة من السكان الأصليين من جنوب أفريقيا في عام 1952 على عربة قطار كُتب عليها "للأوروبيين فقط" - ودخلوا كيب تاون حيث اعتقلتهم الشرطة وعلى الرغم من إعادة دمجهم في النظام الاستعماري البريطاني بعد الحرب، احتفظ الأفريكانرز بلغتهم وثقافتهم، وحققوا في نهاية المطاف نفوذاً سياسياً عجزوا عن تحقيقه عسكرياً. وفي عام 1910 قام البريطانيون بتأسيس اتحاد جنوب أفريقيا من قِبل المستعمرات البريطانية السابقة، كيب تاون وناتال، وجمهوريتَيْ البوير جنوب أفريقيا (الترانسفال)، ودولة أورانج الحرة. وسرعان ما أُعيد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وظلّ عنصراً أساسياً في السياسات العامة للبلاد طوال معظم القرن العشرين، ولم يُلغَ في تسعينيات القرن العشرين إلا بعد استنكار عالمي. وبين عامي 1910و1948 حكم جنوب أفريقيا 3 زعماء من البيض هم بوتا، وجان سميث، وهرتسوغ، وهم جنرالات سابقون في الجيش، وقد عمل هؤلاء على تطوير قوميةٍ جنوب أفريقية وإرساء قواعد نظام حكم عنصري في البلاد. وتعود بدايات نظام الفصل العنصري إلى قرار قانون الأراضي في عام 1913 لمنع السود في جنوب أفريقيا، باستثناء سكان مقاطعة كيب تاون، من شراء الأراضي خارج المحميات المُخصَّصة لهم. وبعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت جنوب غرب أفريقيا، الإقليم الألماني السابق، ناميبيا حالياً، تحت إدارة جنوب أفريقيا - وذلك في عام 1919. وتعزز التمييز ضد السود والآسيويين وأغلبهم من الهنود، الذين شجع البريطانيون هجرتهم إلى جنوب أفريقيا في القرن التاسع عشر، مع وصول الحزب الوطني، الذي أسسه الأفريكانرز في عام 1914، إلى الحكم في 1948، وذلك بسنّ قوانين لفصل البيض عن بقية السكان في التعليم والرعاية الصحية ووسائل النقل والمطاعم والشواطئ، ومنع الزواج المختلط بين الأعراق، والاستيلاء على 87 في المئة من الأراضي للبِيض، والتهجير القسري لأكثر من 3 ملايين من السود، وفرض تدريس اللغة الأفريكانية، كما أن السود لم يكن لهم حق التصويت ولم يكن لهم تمثيل في الحكومة. وفي عام 1950 بدأ تصنيف السكان حسب العرق، وإقرار قانون المناطق الجماعية لفصل السود عن البِيض، وقد رد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي كان قد تأسس عام 1912، بحملة عصيان مدني بقيادة نيلسون مانديلا. ولقي 69 متظاهراً أسود مصرعهم في شاربفيل في عام 1960، كما تم حظر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي العام التالي انسحبت جنوب أفريقيا من الكومنولث وأعلنت الجمهورية، فيما قاد مانديلا الجناح العسكري الجديد لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي بدأ تمرداً ضد النظام العنصري. وفي ستينيات القرن الماضي، بدأ الضغط الدولي على الحكومة العنصرية، واستبعاد جنوب أفريقيا من الألعاب الأولمبية. وفي عام 1964 - صدر الحكم على زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، نيلسون مانديلا، بالسجن المؤبد. نهاية حكم البِيض صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، قاد نيلسون مانديلا النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا تولى فريدريك دبليو دي كليرك الرئاسة في عام 1989 خلفاً لـ بي دبليو بوتا، ليتم إلغاء الفصل العنصري في المرافق العامة. كما أُطلق سراح العديد من نشطاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي عام 1990 انتهى الحظر على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وتم إطلاق سراح نيلسون مانديلا بعد 27 عاماً في السجن. وألغى دي كليرك في عام 1991 قوانين الفصل العنصري المتبقية، وتم ورفع العقوبات الدولية. وفي عام 1994 فاز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بأول انتخابات غير عنصرية، وأصبح نيلسون مانديلا رئيساً للبلاد، وترأس حكومة وحدة وطنية، وعادت جنوب أفريقيا إلى الكومنولث، وشغلت مقعداً في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد غياب دام 20 عاماً. وفي عام 1996 بدأت لجنة الحقيقة والمصالحة برئاسة رئيس الأساقفة ديزموند توتو جلسات استماع بشأن جرائم حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة السابقة وحركات التحرير خلال حقبة الفصل العنصري. ووصف تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة الفصل العنصري بأنه جريمة ضد الإنسانية.

من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟
من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

الأيام

timeمنذ 11 ساعات

  • سياسة
  • الأيام

من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

Getty Images الجنرال لويس بوتا قائد قوات الترنسفال وجنوده خلال حرب البوير الثانية، وقد أصبح أول رئيس وزراء لجنوب إفريقيا بينما تضع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قيودا على عملية تجنيس المهاجرين وطالبي اللجوء من دول تمزقها الحروب والمجاعات، وصلت إلى الولايات المتحدة مؤخرا أول مجموعة مكونة من 59 شخصا بِيض البشرة من جنوب إفريقيا (الأفريكانرز) والذين منحهم ترامب حق اللجوء في أمريكا. وغالبا ما ينتظر اللاجئون سنوات قبل معالجة طلباتهم والموافقة على سفرهم إلى الولايات المتحدة، إلا أن الأفريكانرز الذين وصلوا إلى أمريكا، لم ينتظروا أكثر من 3 أشهر. وقد شهدت العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة توترا ملحوظا منذ تكليف الرئيس ترامب إدارته في فبراير الماضي بوضع خطط لإعادة توطين "الأفريكانرز" في الولايات المتحدة. وانتقدت الولايات المتحدة السياسة الداخلية لجنوب إفريقيا، متهمة الحكومة بالاستيلاء على أراضي المزارعين البِيض دون أي تعويض، وهو أمر تنفيه جنوب إفريقيا. ويذكر أنه بعد أكثر من 30 عاماً على نهاية النظام العنصري في جنوب أفريقيا، لا يمتلك المزارعون السود سوى جزء صغير من أفضل الأراضي الزراعية في البلاد، ولا تزال غالبيتها في أيدي البِيض. وتعتزم حكومة جنوب إفريقيا توزيع 8 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية على المزارعين السود بحلول عام 2030، ضمن جهودها لتحقيق العدالة الاقتصادية بعد عقود من سياسات الفصل العنصري. ففي يناير الماضي، وقّع رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا قانوناً مثيراً للجدل يسمح للحكومة بمصادرة الأراضي المملوكة للقطاع الخاص دون تعويض، في ظروف معينة، عندما يُعتبر ذلك "عادلاً ويخدم المصلحة العامة". وقد وصف رامافوزا المجموعة التي سافرت إلى الولايات المتحدة بـ"الجبناء"، قائلاً إنهم لا يريدون معالجة أوجه عدم المساواة في حقبة الفصل العنصري. Reuters أول مجموعة من البيض من جنوب أفريقيا تهبط في مطار دالاس ونسبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لترامب تشبيهه جهود حكومة جنوب أفريقيا للقضاء على التفاوتات العرقية بالتمييز ضد البِيض، وقال إن الأفريكانرز ضحايا "إبادة جماعية". وأضاف قائلاً: "إن المزارعين يُقتلون، إنهم بِيض، وسواء كانوا بيضاً أم سوداً، لا فرق لديّ، يُقتل المزارعون البِيض بوحشية، وتُصادَر أراضيهم في جنوب أفريقيا". وسبق أن اشار إيلون ماسك، أحد أقطاب إدارة ترامب والمولود في جنوب أفريقيا، إلى حدوث "إبادة جماعية للبِيض" في جنوب أفريقيا، واتهم الحكومة بتمرير "قوانين ملكية عنصرية". ودُحضت مزاعم الإبادة الجماعية للبِيض على نطاق واسع. ولا تدعم بيانات الشرطة هذه الرواية، إذ تُظهر أن عمليات القتل في المزارع نادرة، وأن معظم الضحايا من السود. كما قالت وزارة خارجية جنوب أفريقيا في بيان بهذا الشأن إن الاتهامات الموجَّهة للحكومة بالتمييز ضد الأقلية البيضاء في البلاد "لا أساس لها من الصحة"، وإن برنامج إعادة التوطين الأمريكي محاولة لتقويض "الديمقراطية الدستورية" في البلاد. Getty Images تتطلع المجموعة الأولى المكونة من 59 لاجئاً من الأفريكانرز إلى حياتهم الجديدة في الولايات المتحدة وأضاف البيان أن البلاد عملت "بلا كلل" لوقف التمييز، بالنظر إلى تاريخها من القمع العنصري في ظل نظام الفصل العنصري. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ترامب قوله إن الولايات المتحدة ستمنح الجنسية للأفريكانرز. وتعتزم الإدارة الأمريكية الاعتماد على مكتب اللاجئين التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية للمساعدة في إعادة توطين القادمين إلى الولايات المتحدة. وقد تواصل المكتب مع منظمات اللاجئين للتحضير لوصول الأفريكانرز، وفقاً لمذكرة صادرة عن الوزارة حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز. وحسب المذكرة، ستساعدهم الإدارة في العثور على "مساكن مؤقتة أو طويلة الأجل، وأثاث منزلي، وأدوات منزلية أساسية، ولوازم تنظيف". كما تخطط الإدارة لمساعدتهم في تأمين "البقالة، والملابس المناسبة للطقس، والحفاضات، وحليب الأطفال، ومنتجات النظافة، والهواتف المدفوعة مسبقاً التي تُعينهم على حياتهم اليومية". ويبلغ عدد السكان البِيض في جنوب أفريقيا نحو 4.2 مليون نسمة من بين نحو 63 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، وقد مثّل الأفريكانرز في أوائل القرن الحادي والعشرين حوالي 60 في المئة من السكان البِيض هناك. "لم أحضر إلى هنا للتسلية" وقال تشارل كلاينهاوس، أحد الأفريكانرز الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة والبالغ من العمر 46 عاماً، لبي بي سي، إنه غادر وطنه بعد تلقيه تهديدات بالقتل عبر رسائل واتساب. وتابع كلاينس، الذي يقيم حالياً في فندق صغير في بافالو في ولاية نيويورك، قائلاً: "اضطررتُ لمغادرة منزل يضم 5 غرف نوم، والذي سأفتقده الآن"، مشيراً إلى أنه ترك سيارته وكلابه وحتى والدته، ويضيف قائلا: "لم أحضر إلى هنا للتسلية". BBC قال تشارل كلاينهاوس إنه تلقى تهديدات بالقتل في الأسبوع الماضي، كان كلاينهاوس يعيش في مزرعة عائلته في مقاطعة مبومالانغا بجنوب أفريقيا، وتُعرف هذه المقاطعة، بجمالها الطبيعي الأخّاذ وحياة البرية الوفيرة، وبأنها "المكان الذي تشرق فيه الشمس". والتباين في مكان الإقامة واضح للغاية، لكن بالنسبة له، فإن وضعه في بافالو في نيويورك، أفضل حالا بالفعل، ويقول كلاينهاوس، الذي توفيت زوجته في حادث سير عام 2006: "أطفالي الآن بأمان". ويُقر بأنه فوجئ بسرعة وصوله إلى الولايات المتحدة، وأنه مُمتن لترامب، ويقول: "شعرتُ أخيراً أن هناك من يرى ما يحدث في هذا العالم". وعندما وصل هو وعائلته مع آخرين إلى المطار، استُقبلوا ببالونات حمراء وبيضاء وزرقاء، ويصف كلاينهاوس الفخامة والاحتفال بأنه "مذهل". ويعترف كلاينهاوس بأن السود في جنوب أفريقيا عانوا مثله، لكنه يقول: "لم تكن لي أي علاقة بالفصل العنصري، لا شيء، لا شيء، لا شيء". ويُقر كلاينهاوس بانخفاض معدل جرائم قتل المزارعين في جنوب أفريقيا، لكنه يقول إنه لا يريد أن يكون ضحية، ويضيف قائلاً: "هناك أشخاص في منطقتي قُتلوا رمياً بالرصاص". وعلى الجانب الآخر، هناك فريق من الأفريكانرز يرفض مغادرة البلاد مثل أولريش جانس فان فورين الذي قال لبي بي سي: "أعشق الترويج لجنوب أفريقيا، ولا أنوي قبول عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجنوب أفريقيا هي موطني". وجانس فان فورين شغوف بمشاركة وإبراز بعضٍ من أجمل معالم جنوب أفريقيا مع جمهوره الغفير من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي. وكثيراً ما يلتقط هذا الشاب الجنوب أفريقي الأبيض، البالغ من العمر 38 عاماً، صوراً لمشاهد مثل صباح جوهانسبرغ البارد، وأشجار الجاكاراندا الأرجوانية التي تشتهر بريتوريا بجمالها، أو شواطئ كيب تاون الشهيرة. وقال جانس فان فورين، الذي يتابعه أكثر من مليون شخص على وسائل التواصل الاجتماعي: "جنوب أفريقيا هي موطني. إنها موطن جذوري وتراثي، حيث يمكنني المساهمة في تاريخ أمتنا وإحداث تأثير هادف، وأنا منخرط بشدة في نجاح جنوب أفريقيا، وأفخر بكوني جزءاً من رحلة نجاحها". وأضاف قائلاً: "إن الجدل حول وضع الأفريكانرز في جنوب أفريقيا جعلني أكثر تصميماً من أي وقت مضى على البقاء في البلاد والعمل بكل طاقتي على نجاحها". من هم الأفريكانرز؟ تقول دائرة المعارف البريطانية إن الأفريكانرز هم جنوب إفريقيون من أصل أوروبي، لغتهم الأم هي الأفريكانية، وينحدرون من البوير. وتعني كلمة بوير بالهولندية مزارع، وهم الجنوب أفريقيون من أصل هولندي أو ألماني، أو الإنجيليون الفرنسيون الذين هربوا من الاضطهاد الديني في أوروبا، وكانوا من أوائل المستوطنين في ترانسفال ودولة أورانج الحرة، واليوم، يُشار إلى أحفاد البوير عادةً باسم الأفريكانرز. وقد كلفت شركة الهند الشرقية الهولندية يان فان ريبيك في عام 1652 بإنشاء محطة شحن في رأس الرجاء الصالح. وفي عام 1707، بلغ عدد السكان الأوروبيين في مستعمرة كيب تاون 1779 شخصاً، وسرعان ما ازدهرت المستعمرة الهولندية. وكان البوير معادين للشعوب الأفريقية الأصلية، الذين خاضوا معهم حروباً متكررة على المراعي، كما كانوا معادين أيضاً لحكومة الكيب، التي كانت تحاول السيطرة على تحركات البوير وتجارتهم، وقارنوا أسلوب حياتهم بأسلوب حياة الآباء العبرانيين المذكورين في الكتاب المقدس، حيث طوروا مجتمعات أبوية مستقلة قائمة على اقتصاد رعوي متنقل. Ulrich Janse van Vuuren يقول أولريش جانس فان فورين: "لا أنوي قبول عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجنوب أفريقيا هي موطني" وفي تأثر بالعقيدة الكلفينية التي كانوا يدينون بها، اعتبروا أنفسهم أبناء الرب في البرية، فهم "مسيحيون مختارون من الرب لحكم الأرض وسكانها الأصليين المتخلفين". وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت الروابط الثقافية بين البوير ونظرائهم في المناطق الحضرية تتضاءل، على الرغم من أن كلتا المجموعتين استمرتا في التحدث باللغة الأفريكانية، وهي لغة تطورت من خليط من اللغة الهولندية واللغات الأفريقية الأصلية ولغات أخرى. وأصبحت مستعمرة الكيب ملكية بريطانية عام 1806 نتيجة للحروب النابليونية، وعلى الرغم من قبول البوير في البداية للإدارة الاستعمارية الجديدة، إلا أنهم سرعان ما شعروا بالاستياء من السياسات الليبرالية البريطانية، وخاصة فيما يتعلق بتحرير العبيد. وبسبب ذلك، فضلاً عن حروب الحدود مع السكان الأصليين، والحاجة إلى أراضٍ زراعية أكثر خصوبة، بدأ العديد من البوير في عشرينيات القرن التاسع عشر بالهجرة شمالاً وشرقاً إلى داخل جنوب أفريقيا، وقد عُرفت هذه الهجرات باسم "الارتحال الكبير". وفي عام 1852، وافقت الحكومة البريطانية على الاعتراف باستقلال المستوطنين في ترانسفال (التي أصبحت لاحقاً جمهورية جنوب أفريقيا)، وفي عام 1854 اعترفت باستقلال أولئك الموجودين في منطقة نهري فال-أورانج (التي أصبحت لاحقاً دولة أورانج الحرة)، وتبنّت هاتان الجمهوريتان الجديدتان الفصل العنصري. حروب البوير مهّد اكتشاف الماس والذهب في جنوب أفريقيا في عام 1867الطريق لحربين؛ الأولى في نهاية عام 1880 وأوائل عام 1881، والثانية بين عامي 1899 و1902. وتعود جذور الصراع إلى مطالبات بريطانيا بالسيادة على جمهورية جنوب أفريقيا الغنية، وقلقها من رفض البوير منْح الحقوق المدنية لما يُسمى "الأوتلاندرز" (المهاجرون - ومعظمهم بريطانيون - إلى مناطق مناجم الذهب والماس في الترانسفال). وأثارت أسباب الحرب جدلاً حاداً بين المؤرخين، ولا تزال دون حلٍ حتى اليوم كما كانت خلال الحرب نفسها؛ حيث زعم السياسيون البريطانيون أنهم كانوا يدافعون عن "سيادتهم" على جمهورية جنوب أفريقيا، المنصوص عليها في اتفاقيتَيْ بريتوريا ولندن لعامي 1881 و1884 على التوالي. فيما يؤكد العديد من المؤرخين أن الصراع كان في الواقع للسيطرة على مجمع ويتواترسراند الغني لتعدين الذهب الواقع في جمهورية جنوب أفريقيا، وكان هذا المجمع أكبر مجمع لتعدين الذهب في العالم في وقتٍ كانت الأنظمة النقدية العالمية، وعلى رأسها البريطانية، تعتمد بشكل متزايد على الذهب. Getty Images مجموعة من جنود الكوماندوز البوير مع مدفع هاوتزر خلال الحرب في جنوب أفريقيا حوالي عام 1900 ووقعت حرب البوير الأولى عندما قامت الحكومة البريطانية بتعيين اللورد كارنافون سكرتيراً للمستعمرات، وسرعان ما بدأ بالتفاوض مع الإدارات المحلية من أجل تحقيق اتحاد فيدرالي في جنوب أفريقيا، ولكن المفاوضات انهارت في عام 1877، فقام اللورد كارنافون بإرسال قوة بريطانية لضم الترانسفال بالقوة. وحدثت أول مواجهة بين الجانبين في مدينة بوتشيفستروم في 16 ديسمبر/‏كانون الأول 1880، وانتصر البوير في هذه المواجهة. وفي 27 فبراير/‏شباط من عام 1881 هُزمت القوات البريطانية في معركة ماغوبار - لتفشل بريطانيا في بسط سيادتها على منطقة الترنسفال. وظلت العلاقة متوترة بين الطرفين حتى اندلعت حرب البوير الثانية في عام 1899. وبدعم من دولة أورانج الحرة، خاضت جمهورية جنوب أفريقيا معركة ضد الإمبراطورية البريطانية لأكثر من عامين. كانت بوادر تلك الحرب قد بدأت في عام 1897 - عندما طلب ألفريد ميلنر المفوض السامي البريطاني في جنوب أفريقيا تعديل دستور ترانسفال لتوفير المزيد من الحقوق السياسية للبريطانيين الذين يعيشون في الجمهورية. وسرعان ما بدأت الحكومة البريطانية في إرسال قوات لتعزيز حاميتها في جنوب أفريقيا. وفي 9 أكتوبر من عام 1899 أصدرت جمهوريتا البوير إنذاراً نهائياً لبريطانيا، طالبتا فيه القوات البريطانية بالانسحاب من المناطق الحدودية، ولم يستجب البريطانيون لهذا الإنذار. في 11 أكتوبر من عام 1899، تم إعلان الحرب رسميا. ومن الأحداث التي شهدتها هذه الحرب وتحديدا في 15 نونبر من عام 1899 - وقوع المراسل الحربي البريطاني الشاب وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا فيما بعد، في أسر قوات الجنرال لويس بوتا قائد قوات البوير وجنوده الذين نصبوا كمينا لقطار مصفّح في ناتال، وقد تم اعتقال تشرشل وسجنه في بريتوريا. ورغم أنها كانت أكبر وأكثر الحروب تكلفةً - والتي خاضتها بريطانيا بين الحروب النابليونية والحرب العالمية الأولى (حيث أنفقت أكثر من 200 مليون جنيه استرليني)، إلا أنها دارت بين طرفين متحاربين غير متكافئين تماماً؛ حيث بلغ إجمالي القوة العسكرية البريطانية في جنوب أفريقيا ما يقرب من 500 ألف جندي، بينما لم يتجاوز عدد البوير حوالي 88 ألف مقاتل. لكن البريطانيين كانوا يقاتلون في بلد معادٍ على أرض وعرة، مع خطوط اتصالات طويلة، في حين كان البوير - في الغالب في وضع دفاعي - قادرين على استخدام نيران البنادق الحديثة بكفاءة عالية، في وقتٍ لم تكن القوات المهاجمة تملك أي وسيلة للتغلب عليها. ورغم مهارة البوير في حرب العصابات، استسلموا في النهاية للقوات البريطانية عام 1902، منهين بذلك الوجود المستقل لجمهوريتَيْ البوير. وقد لقي عشرات الآلاف من البوير حتفهم بسبب القتال والجوع والمرض، وضم البريطانيون المنتصرون جمهوريتَيْ جنوب أفريقيا وأورانج الحرة. وبعد الحرب أظهر الطرفان الاستعداد للتعاون بهدف التوحد ضد الأفارقة السود، ورغم ذلك ظلت العلاقات بين البوير (أو الأفريكانرز، كما أصبحوا يُعرفون) والجنوب أفريقيين الناطقين بالإنجليزية فاترة لعقود عديدة. وعلى الصعيد الدولي، ساهمت الحرب في تأجيج الأجواء بين القوى الأوروبية العظمى، إذ وجدت بريطانيا أن معظم الدول الأوروبية تتعاطف مع البوير. التمييز العنصري Getty Images في تحدٍّ لقوانين الفصل العنصري الصارمة، استولت مجموعة من السكان الأصليين من جنوب أفريقيا في عام 1952 على عربة قطار كُتب عليها "للأوروبيين فقط" - ودخلوا كيب تاون حيث اعتقلتهم الشرطة وعلى الرغم من إعادة دمجهم في النظام الاستعماري البريطاني بعد الحرب، احتفظ الأفريكانرز بلغتهم وثقافتهم، وحققوا في نهاية المطاف نفوذاً سياسياً عجزوا عن تحقيقه عسكرياً. وفي عام 1910 قام البريطانيون بتأسيس اتحاد جنوب أفريقيا من قِبل المستعمرات البريطانية السابقة، كيب تاون وناتال، وجمهوريتَيْ البوير جنوب أفريقيا (الترانسفال)، ودولة أورانج الحرة. وسرعان ما أُعيد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وظلّ عنصراً أساسياً في السياسات العامة للبلاد طوال معظم القرن العشرين، ولم يُلغَ في تسعينيات القرن العشرين إلا بعد استنكار عالمي. وبين عامي 1910و1948 حكم جنوب أفريقيا 3 زعماء من البيض هم بوتا، وجان سميث، وهرتسوغ، وهم جنرالات سابقون في الجيش، وقد عمل هؤلاء على تطوير قوميةٍ جنوب أفريقية وإرساء قواعد نظام حكم عنصري في البلاد. وتعود بدايات نظام الفصل العنصري إلى قرار قانون الأراضي في عام 1913 لمنع السود في جنوب أفريقيا، باستثناء سكان مقاطعة كيب تاون، من شراء الأراضي خارج المحميات المُخصَّصة لهم. وبعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت جنوب غرب أفريقيا، الإقليم الألماني السابق، ناميبيا حالياً، تحت إدارة جنوب أفريقيا - وذلك في عام 1919. وتعزز التمييز ضد السود والآسيويين وأغلبهم من الهنود، الذين شجع البريطانيون هجرتهم إلى جنوب أفريقيا في القرن التاسع عشر، مع وصول الحزب الوطني، الذي أسسه الأفريكانرز في عام 1914، إلى الحكم في 1948، وذلك بسنّ قوانين لفصل البيض عن بقية السكان في التعليم والرعاية الصحية ووسائل النقل والمطاعم والشواطئ، ومنع الزواج المختلط بين الأعراق، والاستيلاء على 87 في المئة من الأراضي للبِيض، والتهجير القسري لأكثر من 3 ملايين من السود، وفرض تدريس اللغة الأفريكانية، كما أن السود لم يكن لهم حق التصويت ولم يكن لهم تمثيل في الحكومة. وفي عام 1950 بدأ تصنيف السكان حسب العرق، وإقرار قانون المناطق الجماعية لفصل السود عن البِيض، وقد رد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي كان قد تأسس عام 1912، بحملة عصيان مدني بقيادة نيلسون مانديلا. ولقي 69 متظاهراً أسود مصرعهم في شاربفيل في عام 1960، كما تم حظر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي العام التالي انسحبت جنوب أفريقيا من الكومنولث وأعلنت الجمهورية، فيما قاد مانديلا الجناح العسكري الجديد لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي بدأ تمرداً ضد النظام العنصري. وفي ستينيات القرن الماضي، بدأ الضغط الدولي على الحكومة العنصرية، واستبعاد جنوب أفريقيا من الألعاب الأولمبية. وفي عام 1964 - صدر الحكم على زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، نيلسون مانديلا، بالسجن المؤبد. نهاية حكم البِيض Getty Images قاد نيلسون مانديلا النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا تولى فريدريك دبليو دي كليرك الرئاسة في عام 1989 خلفاً لـ بي دبليو بوتا، ليتم إلغاء الفصل العنصري في المرافق العامة. كما أُطلق سراح العديد من نشطاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي عام 1990 انتهى الحظر على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وتم إطلاق سراح نيلسون مانديلا بعد 27 عاماً في السجن. وألغى دي كليرك في عام 1991 قوانين الفصل العنصري المتبقية، وتم ورفع العقوبات الدولية. وفي عام 1994 فاز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بأول انتخابات غير عنصرية، وأصبح نيلسون مانديلا رئيساً للبلاد، وترأس حكومة وحدة وطنية، وعادت جنوب أفريقيا إلى الكومنولث، وشغلت مقعداً في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد غياب دام 20 عاماً. وفي عام 1996 بدأت لجنة الحقيقة والمصالحة برئاسة رئيس الأساقفة ديزموند توتو جلسات استماع بشأن جرائم حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة السابقة وحركات التحرير خلال حقبة الفصل العنصري. ووصف تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة الفصل العنصري بأنه جريمة ضد الإنسانية. يذكر أن العديد من الأفريكانرز غادروا جنوب أفريقيا منذ نهاية نظام الفصل العنصري، ويقيم الآن حوالي 100 ألف منهم في بريطانيا. ومن المتوقع أن يستمر تراجع عدد السكان البِيض في جنوب أفريقيا؛ وينعكس ذلك في التقديرات الرسمية التي أشارت إلى تراجع عددهم بنحو 113 ألف نسمة بين عامي 2016 و2021.

من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟
من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

سيدر نيوز

timeمنذ 14 ساعات

  • سياسة
  • سيدر نيوز

من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

بينما تضع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قيوداً على عملية تجنيس المهاجرين وطالبي اللجوء من دول تمزقها الحروب والمجاعات، وصلت إلى الولايات المتحدة مؤخراً أول مجموعة مكونة من 59 شخصاً بِيض البشرة من جنوب أفريقيا (الأفريكانرز) والذين منحهم ترامب حق اللجوء في أمريكا. وغالباً ما ينتظر اللاجئون سنوات قبل معالجة طلباتهم والموافقة على سفرهم إلى الولايات المتحدة، إلا أن الأفريكانرز الذين وصلوا إلى أمريكا، لم ينتظروا أكثر من 3 أشهر. وقد شهدت العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة توتراً ملحوظاً منذ تكليف الرئيس ترامب إدارته في فبراير/شباط الماضي بوضع خطط لإعادة توطين 'الأفريكانرز' في الولايات المتحدة. نظام الفصل العنصري: مسار العدالة الطويل في جنوب أفريقيا مسيرة كفاح مانديلا ضد العنصرية في جنوب أفريقيا وانتقدت الولايات المتحدة السياسة الداخلية لجنوب أفريقيا، متهمةً الحكومة بالاستيلاء على أراضي المزارعين البِيض دون أي تعويض، وهو أمرٌ تنفيه جنوب أفريقيا. ويذكر أنه بعد أكثر من 30 عاماً على نهاية النظام العنصري في جنوب أفريقيا، لا يمتلك المزارعون السود سوى جزء صغير من أفضل الأراضي الزراعية في البلاد، ولا تزال غالبيتها في أيدي البِيض. وتعتزم حكومة جنوب أفريقيا توزيع 8 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية على المزارعين السود بحلول عام 2030، ضمن جهودها لتحقيق العدالة الاقتصادية بعد عقود من سياسات الفصل العنصري. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، وقّع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا قانوناً مثيراً للجدل يسمح للحكومة بمصادرة الأراضي المملوكة للقطاع الخاص دون تعويض، في ظروف معينة، عندما يُعتبر ذلك 'عادلاً ويخدم المصلحة العامة'. وقد وصف رامافوزا المجموعة التي سافرت إلى الولايات المتحدة بـ'الجبناء'، قائلاً إنهم لا يريدون معالجة أوجه عدم المساواة في حقبة الفصل العنصري. ونسبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لترامب تشبيهه جهود حكومة جنوب أفريقيا للقضاء على التفاوتات العرقية بالتمييز ضد البِيض، وقال إن الأفريكانرز ضحايا 'إبادة جماعية'. وأضاف قائلاً: 'إن المزارعين يُقتلون، إنهم بِيض، وسواء كانوا بيضاً أم سوداً، لا فرق لديّ، يُقتل المزارعون البِيض بوحشية، وتُصادَر أراضيهم في جنوب أفريقيا'. وسبق أن اشار إيلون ماسك، أحد أقطاب إدارة ترامب والمولود في جنوب أفريقيا، إلى حدوث 'إبادة جماعية للبِيض' في جنوب أفريقيا، واتهم الحكومة بتمرير 'قوانين ملكية عنصرية'. ودُحضت مزاعم الإبادة الجماعية للبِيض على نطاق واسع. ولا تدعم بيانات الشرطة هذه الرواية، إذ تُظهر أن عمليات القتل في المزارع نادرة، وأن معظم الضحايا من السود. كما قالت وزارة خارجية جنوب أفريقيا في بيان بهذا الشأن إن الاتهامات الموجَّهة للحكومة بالتمييز ضد الأقلية البيضاء في البلاد 'لا أساس لها من الصحة'، وإن برنامج إعادة التوطين الأمريكي محاولة لتقويض 'الديمقراطية الدستورية' في البلاد. وأضاف البيان أن البلاد عملت 'بلا كلل' لوقف التمييز، بالنظر إلى تاريخها من القمع العنصري في ظل نظام الفصل العنصري. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ترامب قوله إن الولايات المتحدة ستمنح الجنسية للأفريكانرز. وتعتزم الإدارة الأمريكية الاعتماد على مكتب اللاجئين التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية للمساعدة في إعادة توطين القادمين إلى الولايات المتحدة. وقد تواصل المكتب مع منظمات اللاجئين للتحضير لوصول الأفريكانرز، وفقاً لمذكرة صادرة عن الوزارة حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز. وحسب المذكرة، ستساعدهم الإدارة في العثور على 'مساكن مؤقتة أو طويلة الأجل، وأثاث منزلي، وأدوات منزلية أساسية، ولوازم تنظيف'. كما تخطط الإدارة لمساعدتهم في تأمين 'البقالة، والملابس المناسبة للطقس، والحفاضات، وحليب الأطفال، ومنتجات النظافة، والهواتف المدفوعة مسبقاً التي تُعينهم على حياتهم اليومية'. ويبلغ عدد السكان البِيض في جنوب أفريقيا نحو 4.2 مليون نسمة من بين نحو 63 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، وقد مثّل الأفريكانرز في أوائل القرن الحادي والعشرين حوالي 60 في المئة من السكان البِيض هناك. 'لم أحضر إلى هنا للتسلية' وقال تشارل كلاينهاوس، أحد الأفريكانرز الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة والبالغ من العمر 46 عاماً، لبي بي سي، إنه غادر وطنه بعد تلقيه تهديدات بالقتل عبر رسائل واتساب. وتابع كلاينس، الذي يقيم حالياً في فندق صغير في بافالو في ولاية نيويورك، قائلاً: 'اضطررتُ لمغادرة منزل يضم 5 غرف نوم، والذي سأفتقده الآن'، مشيراً إلى أنه ترك سيارته وكلابه وحتى والدته، ويضيف قائلاً: 'لم أحضر إلى هنا للتسلية'. BBC في الأسبوع الماضي، كان كلاينهاوس يعيش في مزرعة عائلته في مقاطعة مبومالانغا بجنوب أفريقيا، وتُعرف هذه المقاطعة، بجمالها الطبيعي الأخّاذ وحياة البرية الوفيرة، وبأنها 'المكان الذي تشرق فيه الشمس'. والتباين في مكان الإقامة واضح للغاية، لكن بالنسبة له، فإن وضعه في بافالو في نيويورك، أفضل حالاً بالفعل، ويقول كلاينهاوس، الذي توفيت زوجته في حادث سير عام 2006: 'أطفالي الآن بأمان'. ويُقر بأنه فوجئ بسرعة وصوله إلى الولايات المتحدة، وأنه مُمتن لترامب، ويقول: 'شعرتُ أخيراً أن هناك من يرى ما يحدث في هذا العالم'. وعندما وصل هو وعائلته مع آخرين إلى المطار، استُقبلوا ببالونات حمراء وبيضاء وزرقاء، ويصف كلاينهاوس الفخامة والاحتفال بأنه 'مذهل'. ويعترف كلاينهاوس بأن السود في جنوب أفريقيا عانوا مثله، لكنه يقول: 'لم تكن لي أي علاقة بالفصل العنصري، لا شيء، لا شيء، لا شيء'. ويُقر كلاينهاوس بانخفاض معدل جرائم قتل المزارعين في جنوب أفريقيا، لكنه يقول إنه لا يريد أن يكون ضحية، ويضيف قائلاً: 'هناك أشخاص في منطقتي قُتلوا رمياً بالرصاص'. وعلى الجانب الآخر، هناك فريق من الأفريكانرز يرفض مغادرة البلاد مثل أولريش جانس فان فورين الذي قال لبي بي سي: 'أعشق الترويج لجنوب أفريقيا، ولا أنوي قبول عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجنوب أفريقيا هي موطني'. وجانس فان فورين شغوف بمشاركة وإبراز بعضٍ من أجمل معالم جنوب أفريقيا مع جمهوره الغفير من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي. وكثيراً ما يلتقط هذا الشاب الجنوب أفريقي الأبيض، البالغ من العمر 38 عاماً، صوراً لمشاهد مثل صباح جوهانسبرغ البارد، وأشجار الجاكاراندا الأرجوانية التي تشتهر بريتوريا بجمالها، أو شواطئ كيب تاون الشهيرة. وقال جانس فان فورين، الذي يتابعه أكثر من مليون شخص على وسائل التواصل الاجتماعي: 'جنوب أفريقيا هي موطني. إنها موطن جذوري وتراثي، حيث يمكنني المساهمة في تاريخ أمتنا وإحداث تأثير هادف، وأنا منخرط بشدة في نجاح جنوب أفريقيا، وأفخر بكوني جزءاً من رحلة نجاحها'. وأضاف قائلاً: 'إن الجدل حول وضع الأفريكانرز في جنوب أفريقيا جعلني أكثر تصميماً من أي وقت مضى على البقاء في البلاد والعمل بكل طاقتي على نجاحها'. من هم الأفريكانرز؟ تقول دائرة المعارف البريطانية إن الأفريكانرز هم جنوب أفريقيون من أصل أوروبي، لغتهم الأم هي الأفريكانية، وينحدرون من البوير. وتعني كلمة بوير بالهولندية مزارع، وهم الجنوب أفريقيون من أصل هولندي أو ألماني، أو الإنجيليون الفرنسيون الذين هربوا من الاضطهاد الديني في أوروبا، وكانوا من أوائل المستوطنين في ترانسفال ودولة أورانج الحرة، واليوم، يُشار إلى أحفاد البوير عادةً باسم الأفريكانرز. وقد كلفت شركة الهند الشرقية الهولندية يان فان ريبيك في عام 1652 بإنشاء محطة شحن في رأس الرجاء الصالح. وفي عام 1707، بلغ عدد السكان الأوروبيين في مستعمرة كيب تاون 1779 شخصاً، وسرعان ما ازدهرت المستعمرة الهولندية. وكان البوير معادين للشعوب الأفريقية الأصلية، الذين خاضوا معهم حروباً متكررة على المراعي، كما كانوا معادين أيضاً لحكومة الكيب، التي كانت تحاول السيطرة على تحركات البوير وتجارتهم، وقارنوا أسلوب حياتهم بأسلوب حياة الآباء العبرانيين المذكورين في الكتاب المقدس، حيث طوروا مجتمعات أبوية مستقلة قائمة على اقتصاد رعوي متنقل. Ulrich Janse van Vuuren وفي تأثر بالعقيدة الكلفينية التي كانوا يدينون بها، اعتبروا أنفسهم أبناء الرب في البرية، فهم 'مسيحيون مختارون من الرب لحكم الأرض وسكانها الأصليين المتخلفين'. وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت الروابط الثقافية بين البوير ونظرائهم في المناطق الحضرية تتضاءل، على الرغم من أن كلتا المجموعتين استمرتا في التحدث باللغة الأفريكانية، وهي لغة تطورت من خليط من اللغة الهولندية واللغات الأفريقية الأصلية ولغات أخرى. وأصبحت مستعمرة الكيب ملكية بريطانية عام 1806 نتيجة للحروب النابليونية، وعلى الرغم من قبول البوير في البداية للإدارة الاستعمارية الجديدة، إلا أنهم سرعان ما شعروا بالاستياء من السياسات الليبرالية البريطانية، وخاصة فيما يتعلق بتحرير العبيد. وبسبب ذلك، فضلاً عن حروب الحدود مع السكان الأصليين، والحاجة إلى أراضٍ زراعية أكثر خصوبة، بدأ العديد من البوير في عشرينيات القرن التاسع عشر بالهجرة شمالاً وشرقاً إلى داخل جنوب أفريقيا، وقد عُرفت هذه الهجرات باسم 'الارتحال الكبير'. وفي عام 1852، وافقت الحكومة البريطانية على الاعتراف باستقلال المستوطنين في ترانسفال (التي أصبحت لاحقاً جمهورية جنوب أفريقيا)، وفي عام 1854 اعترفت باستقلال أولئك الموجودين في منطقة نهري فال-أورانج (التي أصبحت لاحقاً دولة أورانج الحرة)، وتبنّت هاتان الجمهوريتان الجديدتان الفصل العنصري. حروب البوير مهّد اكتشاف الماس والذهب في جنوب أفريقيا في عام 1867الطريق لحربين؛ الأولى في نهاية عام 1880 وأوائل عام 1881، والثانية بين عامي 1899 و1902. وتعود جذور الصراع إلى مطالبات بريطانيا بالسيادة على جمهورية جنوب أفريقيا الغنية، وقلقها من رفض البوير منْح الحقوق المدنية لما يُسمى 'الأوتلاندرز' (المهاجرون – ومعظمهم بريطانيون – إلى مناطق مناجم الذهب والماس في الترانسفال). وأثارت أسباب الحرب جدلاً حاداً بين المؤرخين، ولا تزال دون حلٍ حتى اليوم كما كانت خلال الحرب نفسها؛ حيث زعم السياسيون البريطانيون أنهم كانوا يدافعون عن 'سيادتهم' على جمهورية جنوب أفريقيا، المنصوص عليها في اتفاقيتَيْ بريتوريا ولندن لعامي 1881 و1884 على التوالي. فيما يؤكد العديد من المؤرخين أن الصراع كان في الواقع للسيطرة على مجمع ويتواترسراند الغني لتعدين الذهب الواقع في جمهورية جنوب أفريقيا، وكان هذا المجمع أكبر مجمع لتعدين الذهب في العالم في وقتٍ كانت الأنظمة النقدية العالمية، وعلى رأسها البريطانية، تعتمد بشكل متزايد على الذهب. ووقعت حرب البوير الأولى عندما قامت الحكومة البريطانية بتعيين اللورد كارنافون سكرتيراً للمستعمرات، وسرعان ما بدأ بالتفاوض مع الإدارات المحلية من أجل تحقيق اتحاد فيدرالي في جنوب أفريقيا، ولكن المفاوضات انهارت في عام 1877، فقام اللورد كارنافون بإرسال قوة بريطانية لضم الترانسفال بالقوة. وحدثت أول مواجهة بين الجانبين في مدينة بوتشيفستروم في 16 ديسمبر/‏كانون الأول 1880، وانتصر البوير في هذه المواجهة. وفي 27 فبراير/‏شباط من عام 1881 هُزمت القوات البريطانية في معركة ماغوبار – لتفشل بريطانيا في بسط سيادتها على منطقة الترنسفال. وظلت العلاقة متوترة بين الطرفين حتى اندلعت حرب البوير الثانية في عام 1899. وبدعم من دولة أورانج الحرة، خاضت جمهورية جنوب أفريقيا معركة ضد الإمبراطورية البريطانية لأكثر من عامين. بي بي سي تلتقي 'سفاح عصر الفصل العنصري' في جنوب أفريقيا كانت بوادر تلك الحرب قد بدأت في عام 1897 – عندما طلب ألفريد ميلنر المفوض السامي البريطاني في جنوب أفريقيا تعديل دستور ترانسفال لتوفير المزيد من الحقوق السياسية للبريطانيين الذين يعيشون في الجمهورية. وسرعان ما بدأت الحكومة البريطانية في إرسال قوات لتعزيز حاميتها في جنوب أفريقيا. وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1899 أصدرت جمهوريتا البوير إنذاراً نهائياً لبريطانيا، طالبتا فيه القوات البريطانية بالانسحاب من المناطق الحدودية، ولم يستجب البريطانيون لهذا الإنذار. في 11 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1899، تم إعلان الحرب رسمياً. ومن الأحداث التي شهدتها هذه الحرب وتحديداً في 15 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1899 – وقوع المراسل الحربي البريطاني الشاب وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا فيما بعد، في أسر قوات الجنرال لويس بوتا قائد قوات البوير وجنوده الذين نصبوا كمينا لقطار مصفّح في ناتال، وقد تم اعتقال تشرشل وسجنه في بريتوريا. ورغم أنها كانت أكبر وأكثر الحروب تكلفةً – والتي خاضتها بريطانيا بين الحروب النابليونية والحرب العالمية الأولى (حيث أنفقت أكثر من 200 مليون جنيه استرليني)، إلا أنها دارت بين طرفين متحاربين غير متكافئين تماماً؛ حيث بلغ إجمالي القوة العسكرية البريطانية في جنوب أفريقيا ما يقرب من 500 ألف جندي، بينما لم يتجاوز عدد البوير حوالي 88 ألف مقاتل. لكن البريطانيين كانوا يقاتلون في بلد معادٍ على أرض وعرة، مع خطوط اتصالات طويلة، في حين كان البوير – في الغالب في وضع دفاعي – قادرين على استخدام نيران البنادق الحديثة بكفاءة عالية، في وقتٍ لم تكن القوات المهاجمة تملك أي وسيلة للتغلب عليها. ورغم مهارة البوير في حرب العصابات، استسلموا في النهاية للقوات البريطانية عام 1902، منهين بذلك الوجود المستقل لجمهوريتَيْ البوير. وقد لقي عشرات الآلاف من البوير حتفهم بسبب القتال والجوع والمرض، وضم البريطانيون المنتصرون جمهوريتَيْ جنوب أفريقيا وأورانج الحرة. وبعد الحرب أظهر الطرفان الاستعداد للتعاون بهدف التوحد ضد الأفارقة السود، ورغم ذلك ظلت العلاقات بين البوير (أو الأفريكانرز، كما أصبحوا يُعرفون) والجنوب أفريقيين الناطقين بالإنجليزية فاترة لعقود عديدة. وعلى الصعيد الدولي، ساهمت الحرب في تأجيج الأجواء بين القوى الأوروبية العظمى، إذ وجدت بريطانيا أن معظم الدول الأوروبية تتعاطف مع البوير. التمييز العنصري وعلى الرغم من إعادة دمجهم في النظام الاستعماري البريطاني بعد الحرب، احتفظ الأفريكانرز بلغتهم وثقافتهم، وحققوا في نهاية المطاف نفوذاً سياسياً عجزوا عن تحقيقه عسكرياً. وفي عام 1910 قام البريطانيون بتأسيس اتحاد جنوب أفريقيا من قِبل المستعمرات البريطانية السابقة، كيب تاون وناتال، وجمهوريتَيْ البوير جنوب أفريقيا (الترانسفال)، ودولة أورانج الحرة. وسرعان ما أُعيد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وظلّ عنصراً أساسياً في السياسات العامة للبلاد طوال معظم القرن العشرين، ولم يُلغَ في تسعينيات القرن العشرين إلا بعد استنكار عالمي. وبين عامي 1910و1948 حكم جنوب أفريقيا 3 زعماء من البيض هم بوتا، وجان سميث، وهرتسوغ، وهم جنرالات سابقون في الجيش، وقد عمل هؤلاء على تطوير قوميةٍ جنوب أفريقية وإرساء قواعد نظام حكم عنصري في البلاد. وتعود بدايات نظام الفصل العنصري إلى قرار قانون الأراضي في عام 1913 لمنع السود في جنوب أفريقيا، باستثناء سكان مقاطعة كيب تاون، من شراء الأراضي خارج المحميات المُخصَّصة لهم. وبعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت جنوب غرب أفريقيا، الإقليم الألماني السابق، ناميبيا حالياً، تحت إدارة جنوب أفريقيا – وذلك في عام 1919. وتعزز التمييز ضد السود والآسيويين وأغلبهم من الهنود، الذين شجع البريطانيون هجرتهم إلى جنوب أفريقيا في القرن التاسع عشر، مع وصول الحزب الوطني، الذي أسسه الأفريكانرز في عام 1914، إلى الحكم في 1948، وذلك بسنّ قوانين لفصل البيض عن بقية السكان في التعليم والرعاية الصحية ووسائل النقل والمطاعم والشواطئ، ومنع الزواج المختلط بين الأعراق، والاستيلاء على 87 في المئة من الأراضي للبِيض، والتهجير القسري لأكثر من 3 ملايين من السود، وفرض تدريس اللغة الأفريكانية، كما أن السود لم يكن لهم حق التصويت ولم يكن لهم تمثيل في الحكومة. وفي عام 1950 بدأ تصنيف السكان حسب العرق، وإقرار قانون المناطق الجماعية لفصل السود عن البِيض، وقد رد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي كان قد تأسس عام 1912، بحملة عصيان مدني بقيادة نيلسون مانديلا. ولقي 69 متظاهراً أسود مصرعهم في شاربفيل في عام 1960، كما تم حظر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي العام التالي انسحبت جنوب أفريقيا من الكومنولث وأعلنت الجمهورية، فيما قاد مانديلا الجناح العسكري الجديد لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي بدأ تمرداً ضد النظام العنصري. وفي ستينيات القرن الماضي، بدأ الضغط الدولي على الحكومة العنصرية، واستبعاد جنوب أفريقيا من الألعاب الأولمبية. وفي عام 1964 – صدر الحكم على زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، نيلسون مانديلا، بالسجن المؤبد. تولى فريدريك دبليو دي كليرك الرئاسة في عام 1989 خلفاً لـ بي دبليو بوتا، ليتم إلغاء الفصل العنصري في المرافق العامة. كما أُطلق سراح العديد من نشطاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي عام 1990 انتهى الحظر على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وتم إطلاق سراح نيلسون مانديلا بعد 27 عاماً في السجن. وألغى دي كليرك في عام 1991 قوانين الفصل العنصري المتبقية، وتم ورفع العقوبات الدولية. وفي عام 1994 فاز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بأول انتخابات غير عنصرية، وأصبح نيلسون مانديلا رئيساً للبلاد، وترأس حكومة وحدة وطنية، وعادت جنوب أفريقيا إلى الكومنولث، وشغلت مقعداً في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد غياب دام 20 عاماً. وفي عام 1996 بدأت لجنة الحقيقة والمصالحة برئاسة رئيس الأساقفة ديزموند توتو جلسات استماع بشأن جرائم حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة السابقة وحركات التحرير خلال حقبة الفصل العنصري. ووصف تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة الفصل العنصري بأنه جريمة ضد الإنسانية. يذكر أن العديد من الأفريكانرز غادروا جنوب أفريقيا منذ نهاية نظام الفصل العنصري، ويقيم الآن حوالي 100 ألف منهم في بريطانيا. ومن المتوقع أن يستمر تراجع عدد السكان البِيض في جنوب أفريقيا؛ وينعكس ذلك في التقديرات الرسمية التي أشارت إلى تراجع عددهم بنحو 113 ألف نسمة بين عامي 2016 و2021. مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟
من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

الوسط

timeمنذ 14 ساعات

  • سياسة
  • الوسط

من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

Getty Images الجنرال لويس بوتا قائد قوات الترنسفال وجنوده خلال حرب البوير الثانية، وقد أصبح أول رئيس وزراء لجنوب أفريقيا بينما تضع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قيوداً على عملية تجنيس المهاجرين وطالبي اللجوء من دول تمزقها الحروب والمجاعات، وصلت إلى الولايات المتحدة مؤخراً أول مجموعة مكونة من 59 شخصاً بِيض البشرة من جنوب أفريقيا (الأفريكانرز) والذين منحهم ترامب حق اللجوء في أمريكا. وغالباً ما ينتظر اللاجئون سنوات قبل معالجة طلباتهم والموافقة على سفرهم إلى الولايات المتحدة، إلا أن الأفريكانرز الذين وصلوا إلى أمريكا، لم ينتظروا أكثر من 3 أشهر. وقد شهدت العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة توتراً ملحوظاً منذ تكليف الرئيس ترامب إدارته في فبراير/شباط الماضي بوضع خطط لإعادة توطين "الأفريكانرز" في الولايات المتحدة. وانتقدت الولايات المتحدة السياسة الداخلية لجنوب أفريقيا، متهمةً الحكومة بالاستيلاء على أراضي المزارعين البِيض دون أي تعويض، وهو أمرٌ تنفيه جنوب أفريقيا. ويذكر أنه بعد أكثر من 30 عاماً على نهاية النظام العنصري في جنوب أفريقيا، لا يمتلك المزارعون السود سوى جزء صغير من أفضل الأراضي الزراعية في البلاد، ولا تزال غالبيتها في أيدي البِيض. وتعتزم حكومة جنوب أفريقيا توزيع 8 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية على المزارعين السود بحلول عام 2030، ضمن جهودها لتحقيق العدالة الاقتصادية بعد عقود من سياسات الفصل العنصري. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، وقّع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا قانوناً مثيراً للجدل يسمح للحكومة بمصادرة الأراضي المملوكة للقطاع الخاص دون تعويض، في ظروف معينة، عندما يُعتبر ذلك "عادلاً ويخدم المصلحة العامة". وقد وصف رامافوزا المجموعة التي سافرت إلى الولايات المتحدة بـ"الجبناء"، قائلاً إنهم لا يريدون معالجة أوجه عدم المساواة في حقبة الفصل العنصري. Reuters أول مجموعة من البيض من جنوب أفريقيا تهبط في مطار دالاس ونسبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لترامب تشبيهه جهود حكومة جنوب أفريقيا للقضاء على التفاوتات العرقية بالتمييز ضد البِيض، وقال إن الأفريكانرز ضحايا "إبادة جماعية". وأضاف قائلاً: "إن المزارعين يُقتلون، إنهم بِيض، وسواء كانوا بيضاً أم سوداً، لا فرق لديّ، يُقتل المزارعون البِيض بوحشية، وتُصادَر أراضيهم في جنوب أفريقيا". وسبق أن اشار إيلون ماسك، أحد أقطاب إدارة ترامب والمولود في جنوب أفريقيا، إلى حدوث "إبادة جماعية للبِيض" في جنوب أفريقيا، واتهم الحكومة بتمرير "قوانين ملكية عنصرية". ودُحضت مزاعم الإبادة الجماعية للبِيض على نطاق واسع. ولا تدعم بيانات الشرطة هذه الرواية، إذ تُظهر أن عمليات القتل في المزارع نادرة، وأن معظم الضحايا من السود. كما قالت وزارة خارجية جنوب أفريقيا في بيان بهذا الشأن إن الاتهامات الموجَّهة للحكومة بالتمييز ضد الأقلية البيضاء في البلاد "لا أساس لها من الصحة"، وإن برنامج إعادة التوطين الأمريكي محاولة لتقويض "الديمقراطية الدستورية" في البلاد. Getty Images تتطلع المجموعة الأولى المكونة من 59 لاجئاً من الأفريكانرز إلى حياتهم الجديدة في الولايات المتحدة وأضاف البيان أن البلاد عملت "بلا كلل" لوقف التمييز، بالنظر إلى تاريخها من القمع العنصري في ظل نظام الفصل العنصري. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ترامب قوله إن الولايات المتحدة ستمنح الجنسية للأفريكانرز. وتعتزم الإدارة الأمريكية الاعتماد على مكتب اللاجئين التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية للمساعدة في إعادة توطين القادمين إلى الولايات المتحدة. وقد تواصل المكتب مع منظمات اللاجئين للتحضير لوصول الأفريكانرز، وفقاً لمذكرة صادرة عن الوزارة حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز. وحسب المذكرة، ستساعدهم الإدارة في العثور على "مساكن مؤقتة أو طويلة الأجل، وأثاث منزلي، وأدوات منزلية أساسية، ولوازم تنظيف". كما تخطط الإدارة لمساعدتهم في تأمين "البقالة، والملابس المناسبة للطقس، والحفاضات، وحليب الأطفال، ومنتجات النظافة، والهواتف المدفوعة مسبقاً التي تُعينهم على حياتهم اليومية". ويبلغ عدد السكان البِيض في جنوب أفريقيا نحو 4.2 مليون نسمة من بين نحو 63 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، وقد مثّل الأفريكانرز في أوائل القرن الحادي والعشرين حوالي 60 في المئة من السكان البِيض هناك. "لم أحضر إلى هنا للتسلية" وقال تشارل كلاينهاوس، أحد الأفريكانرز الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة والبالغ من العمر 46 عاماً، لبي بي سي، إنه غادر وطنه بعد تلقيه تهديدات بالقتل عبر رسائل واتساب. وتابع كلاينس، الذي يقيم حالياً في فندق صغير في بافالو في ولاية نيويورك، قائلاً: "اضطررتُ لمغادرة منزل يضم 5 غرف نوم، والذي سأفتقده الآن"، مشيراً إلى أنه ترك سيارته وكلابه وحتى والدته، ويضيف قائلاً: "لم أحضر إلى هنا للتسلية". BBC قال تشارل كلاينهاوس إنه تلقى تهديدات بالقتل في الأسبوع الماضي، كان كلاينهاوس يعيش في مزرعة عائلته في مقاطعة مبومالانغا بجنوب أفريقيا، وتُعرف هذه المقاطعة، بجمالها الطبيعي الأخّاذ وحياة البرية الوفيرة، وبأنها "المكان الذي تشرق فيه الشمس". والتباين في مكان الإقامة واضح للغاية، لكن بالنسبة له، فإن وضعه في بافالو في نيويورك، أفضل حالاً بالفعل، ويقول كلاينهاوس، الذي توفيت زوجته في حادث سير عام 2006: "أطفالي الآن بأمان". ويُقر بأنه فوجئ بسرعة وصوله إلى الولايات المتحدة، وأنه مُمتن لترامب، ويقول: "شعرتُ أخيراً أن هناك من يرى ما يحدث في هذا العالم". وعندما وصل هو وعائلته مع آخرين إلى المطار، استُقبلوا ببالونات حمراء وبيضاء وزرقاء، ويصف كلاينهاوس الفخامة والاحتفال بأنه "مذهل". ويعترف كلاينهاوس بأن السود في جنوب أفريقيا عانوا مثله، لكنه يقول: "لم تكن لي أي علاقة بالفصل العنصري، لا شيء، لا شيء، لا شيء". ويُقر كلاينهاوس بانخفاض معدل جرائم قتل المزارعين في جنوب أفريقيا، لكنه يقول إنه لا يريد أن يكون ضحية، ويضيف قائلاً: "هناك أشخاص في منطقتي قُتلوا رمياً بالرصاص". وعلى الجانب الآخر، هناك فريق من الأفريكانرز يرفض مغادرة البلاد مثل أولريش جانس فان فورين الذي قال لبي بي سي: "أعشق الترويج لجنوب أفريقيا، ولا أنوي قبول عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجنوب أفريقيا هي موطني". وجانس فان فورين شغوف بمشاركة وإبراز بعضٍ من أجمل معالم جنوب أفريقيا مع جمهوره الغفير من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي. وكثيراً ما يلتقط هذا الشاب الجنوب أفريقي الأبيض، البالغ من العمر 38 عاماً، صوراً لمشاهد مثل صباح جوهانسبرغ البارد، وأشجار الجاكاراندا الأرجوانية التي تشتهر بريتوريا بجمالها، أو شواطئ كيب تاون الشهيرة. وقال جانس فان فورين، الذي يتابعه أكثر من مليون شخص على وسائل التواصل الاجتماعي: "جنوب أفريقيا هي موطني. إنها موطن جذوري وتراثي، حيث يمكنني المساهمة في تاريخ أمتنا وإحداث تأثير هادف، وأنا منخرط بشدة في نجاح جنوب أفريقيا، وأفخر بكوني جزءاً من رحلة نجاحها". وأضاف قائلاً: "إن الجدل حول وضع الأفريكانرز في جنوب أفريقيا جعلني أكثر تصميماً من أي وقت مضى على البقاء في البلاد والعمل بكل طاقتي على نجاحها". من هم الأفريكانرز؟ تقول دائرة المعارف البريطانية إن الأفريكانرز هم جنوب أفريقيون من أصل أوروبي، لغتهم الأم هي الأفريكانية، وينحدرون من البوير. وتعني كلمة بوير بالهولندية مزارع، وهم الجنوب أفريقيون من أصل هولندي أو ألماني، أو الإنجيليون الفرنسيون الذين هربوا من الاضطهاد الديني في أوروبا، وكانوا من أوائل المستوطنين في ترانسفال ودولة أورانج الحرة، واليوم، يُشار إلى أحفاد البوير عادةً باسم الأفريكانرز. وقد كلفت شركة الهند الشرقية الهولندية يان فان ريبيك في عام 1652 بإنشاء محطة شحن في رأس الرجاء الصالح. وفي عام 1707، بلغ عدد السكان الأوروبيين في مستعمرة كيب تاون 1779 شخصاً، وسرعان ما ازدهرت المستعمرة الهولندية. وكان البوير معادين للشعوب الأفريقية الأصلية، الذين خاضوا معهم حروباً متكررة على المراعي، كما كانوا معادين أيضاً لحكومة الكيب، التي كانت تحاول السيطرة على تحركات البوير وتجارتهم، وقارنوا أسلوب حياتهم بأسلوب حياة الآباء العبرانيين المذكورين في الكتاب المقدس، حيث طوروا مجتمعات أبوية مستقلة قائمة على اقتصاد رعوي متنقل. Ulrich Janse van Vuuren يقول أولريش جانس فان فورين: "لا أنوي قبول عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجنوب أفريقيا هي موطني" وفي تأثر بالعقيدة الكلفينية التي كانوا يدينون بها، اعتبروا أنفسهم أبناء الرب في البرية، فهم "مسيحيون مختارون من الرب لحكم الأرض وسكانها الأصليين المتخلفين". وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت الروابط الثقافية بين البوير ونظرائهم في المناطق الحضرية تتضاءل، على الرغم من أن كلتا المجموعتين استمرتا في التحدث باللغة الأفريكانية، وهي لغة تطورت من خليط من اللغة الهولندية واللغات الأفريقية الأصلية ولغات أخرى. وأصبحت مستعمرة الكيب ملكية بريطانية عام 1806 نتيجة للحروب النابليونية، وعلى الرغم من قبول البوير في البداية للإدارة الاستعمارية الجديدة، إلا أنهم سرعان ما شعروا بالاستياء من السياسات الليبرالية البريطانية، وخاصة فيما يتعلق بتحرير العبيد. وبسبب ذلك، فضلاً عن حروب الحدود مع السكان الأصليين، والحاجة إلى أراضٍ زراعية أكثر خصوبة، بدأ العديد من البوير في عشرينيات القرن التاسع عشر بالهجرة شمالاً وشرقاً إلى داخل جنوب أفريقيا، وقد عُرفت هذه الهجرات باسم "الارتحال الكبير". وفي عام 1852، وافقت الحكومة البريطانية على الاعتراف باستقلال المستوطنين في ترانسفال (التي أصبحت لاحقاً جمهورية جنوب أفريقيا)، وفي عام 1854 اعترفت باستقلال أولئك الموجودين في منطقة نهري فال-أورانج (التي أصبحت لاحقاً دولة أورانج الحرة)، وتبنّت هاتان الجمهوريتان الجديدتان الفصل العنصري. حروب البوير مهّد اكتشاف الماس والذهب في جنوب أفريقيا في عام 1867الطريق لحربين؛ الأولى في نهاية عام 1880 وأوائل عام 1881، والثانية بين عامي 1899 و1902. وتعود جذور الصراع إلى مطالبات بريطانيا بالسيادة على جمهورية جنوب أفريقيا الغنية، وقلقها من رفض البوير منْح الحقوق المدنية لما يُسمى "الأوتلاندرز" (المهاجرون - ومعظمهم بريطانيون - إلى مناطق مناجم الذهب والماس في الترانسفال). وأثارت أسباب الحرب جدلاً حاداً بين المؤرخين، ولا تزال دون حلٍ حتى اليوم كما كانت خلال الحرب نفسها؛ حيث زعم السياسيون البريطانيون أنهم كانوا يدافعون عن "سيادتهم" على جمهورية جنوب أفريقيا، المنصوص عليها في اتفاقيتَيْ بريتوريا ولندن لعامي 1881 و1884 على التوالي. فيما يؤكد العديد من المؤرخين أن الصراع كان في الواقع للسيطرة على مجمع ويتواترسراند الغني لتعدين الذهب الواقع في جمهورية جنوب أفريقيا، وكان هذا المجمع أكبر مجمع لتعدين الذهب في العالم في وقتٍ كانت الأنظمة النقدية العالمية، وعلى رأسها البريطانية، تعتمد بشكل متزايد على الذهب. Getty Images مجموعة من جنود الكوماندوز البوير مع مدفع هاوتزر خلال الحرب في جنوب أفريقيا حوالي عام 1900 ووقعت حرب البوير الأولى عندما قامت الحكومة البريطانية بتعيين اللورد كارنافون سكرتيراً للمستعمرات، وسرعان ما بدأ بالتفاوض مع الإدارات المحلية من أجل تحقيق اتحاد فيدرالي في جنوب أفريقيا، ولكن المفاوضات انهارت في عام 1877، فقام اللورد كارنافون بإرسال قوة بريطانية لضم الترانسفال بالقوة. وحدثت أول مواجهة بين الجانبين في مدينة بوتشيفستروم في 16 ديسمبر/‏كانون الأول 1880، وانتصر البوير في هذه المواجهة. وفي 27 فبراير/‏شباط من عام 1881 هُزمت القوات البريطانية في معركة ماغوبار - لتفشل بريطانيا في بسط سيادتها على منطقة الترنسفال. وظلت العلاقة متوترة بين الطرفين حتى اندلعت حرب البوير الثانية في عام 1899. وبدعم من دولة أورانج الحرة، خاضت جمهورية جنوب أفريقيا معركة ضد الإمبراطورية البريطانية لأكثر من عامين. كانت بوادر تلك الحرب قد بدأت في عام 1897 - عندما طلب ألفريد ميلنر المفوض السامي البريطاني في جنوب أفريقيا تعديل دستور ترانسفال لتوفير المزيد من الحقوق السياسية للبريطانيين الذين يعيشون في الجمهورية. وسرعان ما بدأت الحكومة البريطانية في إرسال قوات لتعزيز حاميتها في جنوب أفريقيا. وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1899 أصدرت جمهوريتا البوير إنذاراً نهائياً لبريطانيا، طالبتا فيه القوات البريطانية بالانسحاب من المناطق الحدودية، ولم يستجب البريطانيون لهذا الإنذار. في 11 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1899، تم إعلان الحرب رسمياً. ومن الأحداث التي شهدتها هذه الحرب وتحديداً في 15 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1899 - وقوع المراسل الحربي البريطاني الشاب وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا فيما بعد، في أسر قوات الجنرال لويس بوتا قائد قوات البوير وجنوده الذين نصبوا كمينا لقطار مصفّح في ناتال، وقد تم اعتقال تشرشل وسجنه في بريتوريا. ورغم أنها كانت أكبر وأكثر الحروب تكلفةً - والتي خاضتها بريطانيا بين الحروب النابليونية والحرب العالمية الأولى (حيث أنفقت أكثر من 200 مليون جنيه استرليني)، إلا أنها دارت بين طرفين متحاربين غير متكافئين تماماً؛ حيث بلغ إجمالي القوة العسكرية البريطانية في جنوب أفريقيا ما يقرب من 500 ألف جندي، بينما لم يتجاوز عدد البوير حوالي 88 ألف مقاتل. لكن البريطانيين كانوا يقاتلون في بلد معادٍ على أرض وعرة، مع خطوط اتصالات طويلة، في حين كان البوير - في الغالب في وضع دفاعي - قادرين على استخدام نيران البنادق الحديثة بكفاءة عالية، في وقتٍ لم تكن القوات المهاجمة تملك أي وسيلة للتغلب عليها. ورغم مهارة البوير في حرب العصابات، استسلموا في النهاية للقوات البريطانية عام 1902، منهين بذلك الوجود المستقل لجمهوريتَيْ البوير. وقد لقي عشرات الآلاف من البوير حتفهم بسبب القتال والجوع والمرض، وضم البريطانيون المنتصرون جمهوريتَيْ جنوب أفريقيا وأورانج الحرة. وبعد الحرب أظهر الطرفان الاستعداد للتعاون بهدف التوحد ضد الأفارقة السود، ورغم ذلك ظلت العلاقات بين البوير (أو الأفريكانرز، كما أصبحوا يُعرفون) والجنوب أفريقيين الناطقين بالإنجليزية فاترة لعقود عديدة. وعلى الصعيد الدولي، ساهمت الحرب في تأجيج الأجواء بين القوى الأوروبية العظمى، إذ وجدت بريطانيا أن معظم الدول الأوروبية تتعاطف مع البوير. التمييز العنصري Getty Images في تحدٍّ لقوانين الفصل العنصري الصارمة، استولت مجموعة من السكان الأصليين من جنوب أفريقيا في عام 1952 على عربة قطار كُتب عليها "للأوروبيين فقط" - ودخلوا كيب تاون حيث اعتقلتهم الشرطة وعلى الرغم من إعادة دمجهم في النظام الاستعماري البريطاني بعد الحرب، احتفظ الأفريكانرز بلغتهم وثقافتهم، وحققوا في نهاية المطاف نفوذاً سياسياً عجزوا عن تحقيقه عسكرياً. وفي عام 1910 قام البريطانيون بتأسيس اتحاد جنوب أفريقيا من قِبل المستعمرات البريطانية السابقة، كيب تاون وناتال، وجمهوريتَيْ البوير جنوب أفريقيا (الترانسفال)، ودولة أورانج الحرة. وسرعان ما أُعيد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وظلّ عنصراً أساسياً في السياسات العامة للبلاد طوال معظم القرن العشرين، ولم يُلغَ في تسعينيات القرن العشرين إلا بعد استنكار عالمي. وبين عامي 1910و1948 حكم جنوب أفريقيا 3 زعماء من البيض هم بوتا، وجان سميث، وهرتسوغ، وهم جنرالات سابقون في الجيش، وقد عمل هؤلاء على تطوير قوميةٍ جنوب أفريقية وإرساء قواعد نظام حكم عنصري في البلاد. وتعود بدايات نظام الفصل العنصري إلى قرار قانون الأراضي في عام 1913 لمنع السود في جنوب أفريقيا، باستثناء سكان مقاطعة كيب تاون، من شراء الأراضي خارج المحميات المُخصَّصة لهم. وبعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت جنوب غرب أفريقيا، الإقليم الألماني السابق، ناميبيا حالياً، تحت إدارة جنوب أفريقيا - وذلك في عام 1919. وتعزز التمييز ضد السود والآسيويين وأغلبهم من الهنود، الذين شجع البريطانيون هجرتهم إلى جنوب أفريقيا في القرن التاسع عشر، مع وصول الحزب الوطني، الذي أسسه الأفريكانرز في عام 1914، إلى الحكم في 1948، وذلك بسنّ قوانين لفصل البيض عن بقية السكان في التعليم والرعاية الصحية ووسائل النقل والمطاعم والشواطئ، ومنع الزواج المختلط بين الأعراق، والاستيلاء على 87 في المئة من الأراضي للبِيض، والتهجير القسري لأكثر من 3 ملايين من السود، وفرض تدريس اللغة الأفريكانية، كما أن السود لم يكن لهم حق التصويت ولم يكن لهم تمثيل في الحكومة. وفي عام 1950 بدأ تصنيف السكان حسب العرق، وإقرار قانون المناطق الجماعية لفصل السود عن البِيض، وقد رد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي كان قد تأسس عام 1912، بحملة عصيان مدني بقيادة نيلسون مانديلا. ولقي 69 متظاهراً أسود مصرعهم في شاربفيل في عام 1960، كما تم حظر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي العام التالي انسحبت جنوب أفريقيا من الكومنولث وأعلنت الجمهورية، فيما قاد مانديلا الجناح العسكري الجديد لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي بدأ تمرداً ضد النظام العنصري. وفي ستينيات القرن الماضي، بدأ الضغط الدولي على الحكومة العنصرية، واستبعاد جنوب أفريقيا من الألعاب الأولمبية. وفي عام 1964 - صدر الحكم على زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، نيلسون مانديلا، بالسجن المؤبد. نهاية حكم البِيض Getty Images قاد نيلسون مانديلا النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا تولى فريدريك دبليو دي كليرك الرئاسة في عام 1989 خلفاً لـ بي دبليو بوتا، ليتم إلغاء الفصل العنصري في المرافق العامة. كما أُطلق سراح العديد من نشطاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي عام 1990 انتهى الحظر على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وتم إطلاق سراح نيلسون مانديلا بعد 27 عاماً في السجن. وألغى دي كليرك في عام 1991 قوانين الفصل العنصري المتبقية، وتم ورفع العقوبات الدولية. وفي عام 1994 فاز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بأول انتخابات غير عنصرية، وأصبح نيلسون مانديلا رئيساً للبلاد، وترأس حكومة وحدة وطنية، وعادت جنوب أفريقيا إلى الكومنولث، وشغلت مقعداً في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد غياب دام 20 عاماً. وفي عام 1996 بدأت لجنة الحقيقة والمصالحة برئاسة رئيس الأساقفة ديزموند توتو جلسات استماع بشأن جرائم حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة السابقة وحركات التحرير خلال حقبة الفصل العنصري. ووصف تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة الفصل العنصري بأنه جريمة ضد الإنسانية. يذكر أن العديد من الأفريكانرز غادروا جنوب أفريقيا منذ نهاية نظام الفصل العنصري، ويقيم الآن حوالي 100 ألف منهم في بريطانيا. ومن المتوقع أن يستمر تراجع عدد السكان البِيض في جنوب أفريقيا؛ وينعكس ذلك في التقديرات الرسمية التي أشارت إلى تراجع عددهم بنحو 113 ألف نسمة بين عامي 2016 و2021.

واشنطن: وصول أول دفعة من لاجئي جنوب أفريقيا البيض
واشنطن: وصول أول دفعة من لاجئي جنوب أفريقيا البيض

عكاظ

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • عكاظ

واشنطن: وصول أول دفعة من لاجئي جنوب أفريقيا البيض

تابعوا عكاظ على ضمن خطة طرحتها الإدارة الأمريكية لاستقبال ما وصفته بـ«البيض المضطهدين»، وصلت أول مجموعة مكوّنة من 49 من اللاجئين البيض في جنوب أفريقيا متجهين إلى الولايات المتحدة، بعد حصولهم على وضع لاجئ. وبحسب وسائل إعلام غربية، أقلت طائرة مستأجرة من مطار جوهانسبرغ عائلات من الأقلية الأفريكانية، وهم بيض جنوب أفريقيا من أصول هولندية بالأساس، وهبطت في مطار دالاس الدولي قرب العاصمة واشنطن. وتعتزم الجهات الراعية إعادة توطينهم في ولايات مثل تكساس ومينيسوتا وألاباما وداكوتا الجنوبية. وطرحت الخطة التي يتم تنفيذها اليوم لأول مرة عام 2018 خلال إدارة الرئيس ترمب الأولى، حين دعا إلى التحقيق في مزاعم عن «اضطهاد المزارعين البيض» في جنوب أفريقيا، ضمن سياسات إصلاح الأراضي. وقال للصحفيين، الإثنين، إنه يعترف بالأفريكانرز لاجئين «بسبب ما يحدث ضدهم، لافتاً إلى نيته مناقشة القضية مع قيادة جنوب أفريقيا خلال الأسبوع القادم. ورغم أن وزارة الخارجية الأمريكية لم تعترف رسمياً بهذه السياسة، فإن منظمات محافظة وكنائس إنجيلية ومانحين مقربين من التيار اليميني واصلوا دعمها بوسائل خاصة. وقدّمت منظمة دينية تُدعى «فرونتلاين فلوشيب» الدعم القانوني والإداري للرحلة، بالتعاون مع محامين أمريكيين مختصين بقضايا الهجرة واللجوء. وقال اللاجئون الجدد إنهم قدموا طلبات لجوء استناداً إلى ما وصفوه بـ«التمييز العنصري والعنف المستهدف»؛ بسبب لون بشرتهم في بلد يغلب عليه السكان السود، معتبرين ما يواجهونه «اضطهاداً صامتاً» نادراً ما تتناوله وسائل الإعلام الدولية. لكن حكومة جنوب أفريقيا نفت هذه المزاعم ووصفتها بأنها شائعات تروّج لها جهات ذات نزعة عنصرية، مؤكدة أن العنف في البلاد لا يستهدف عرقاً معيناً، وأن سياسات الدولة تستند إلى مبدأ المساواة رغم التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها. وقال المتحدث باسم وزارة خارجية جنوب أفريقيا كلويو نغلايا، «الادعاءات المتعلقة باضطهاد البيض في جنوب أفريقيا لا أساس لها من الصحة، ونعتبر هذا الأمر تدخلاً سياسيّاً مقنّعاً». أخبار ذات صلة وصول لاجئين من جنوب أفريقيا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store