أحدث الأخبار مع #الاقتصادالعالمي


الإمارات اليوم
منذ 3 أيام
- أعمال
- الإمارات اليوم
المنتدى الاستراتيجي العربي يناقش مستقبل العلاقات الاقتصادية والاستثمارات العالمية
عقد المنتدى الاستراتيجي العربي جلستين حواريتين، تحت عنوان «دبي والاقتصاد العالمي: خارطة الفرص والاستثمار»، و«الحرب التجارية العالمية.. هل تتغير قواعد اللعبة؟»، في إطار التزامه بتعزيز قدرات متخذي القرار والقيادات على قراءة التحولات العالمية وصياغة رؤى مستقبلية قائمة على تحليل معمّق للواقع العالمي، وتمت مناقشة القضايا الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة، في وقت تتسارع التحولات الجيوسياسية، وتتعمق التحديات التي تواجه النظام الاقتصادي العالمي. حضر الجلستين نخبة من الشخصيات القيادية، من بينهم مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، حصة بوحميد، ومدير عام المكتب التنفيذي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، سعيد العطر، ومحافظ مركز دبي المالي العالمي، عيسى كاظم، والمدير العام لغرف دبي، محمد علي راشد لوتاه، ونائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لمجموعة بنك الإمارات دبي الوطني، هشام عبدالله القاسم، ومدير عام جهاز أمن الدولة في دبي، اللواء تميم محمد المهيري، ونائب رئيس جهاز أمن الدولة في دبي، الفريق عوض حاضر المهيري، والرئيس التنفيذي لمركز دبي للأمن الاقتصادي، فيصل بن سليطين، ومدير عام جمارك دبي، الدكتور عبدالله بوسناد، والرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي وناسداك دبي، حامد علي، والرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي، عارف أميري، إلى جانب مشاركة نخبة من الخبراء الدوليين، وحضور أكثر من 100 شخصية قيادية ومهنية، حيث تم عقد الجلستين في أبراج الإمارات بدبي. وبهدف تعزيز أدوات استشراف المستقبل وتطوير نهج قيادي مرن، قادر على تحويل المخاطر إلى فرص، شكّلت الجلستان منصة حوار بنّاء لبحث مسارات الاقتصاد العالمي وموازين القوى الجديدة، ودور المدن العالمية مثل دبي في قيادة التحولات وتوجيه الاستثمارات نحو مجالات النمو الحيوي. وشارك رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية، سلطان بن سليم، في الجلسة الأولى التي أدارتها الإعلامية، صبا عودة، وناقشت النموذج الاقتصادي المرن الذي طورته دبي. وأكد سلطان بن سليم أن التحولات الجيوسياسية الحالية تثبت أن الجاهزية والنماذج الاقتصادية التي تتسم بالمرونة والصمود هي التي تحدد قدرة الدول على الازدهار في ظل التغيرات المتسارعة. وقال: «لم يعد التحدي الحقيقي يتمثل في النجاة من الأزمات فحسب، بل يكمن في تحويلها إلى فرص لبناء دور أكثر استقراراً وتأثيراً في سلاسل الاقتصاد العالمية». وشدد على أن ضمان استمرارية حركة التجارة لم يعد مسألة تقنية أو لوجستية فقط، بل أصبح ضرورة استراتيجية مرتبطة بأمن الأسواق واستقرار الاقتصادات الوطنية، وسلط الضوء على أهمية الاستثمار طويل الأمد في البنى التحتية وسلاسل التوريد. وقال: «بفضل رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أدركنا مبكراً أن مفتاح النجاح المستقبلي يكمن في الوصول السريع إلى الأسواق، فاستثمرنا في النقل والربط والتقنيات من أجل تعزيز قدرات الموانئ والمناطق الحرة، وتمكينها من الاستجابة لتقلبات الطلب العالمي». وكشف أن مجموعة موانئ دبي العالمية تعاملت مع أكثر من 88 مليون حاوية نمطية قياس 20 قدماً في عام 2024، تمثل ما قيمته 3.7 تريليونات دولار من البضائع سنوياً، ما يعادل 400 مليون دولار في الساعة الواحدة، ما يعكس تأثير المجموعة في استقرار التجارة وكفاءة سلاسل الإمداد عالمياً. وأوضح أن البنية التحتية للمجموعة تمتد عبر أكثر من 250 مكتباً للشحن، تغطي ما يزيد على 90% من طرق التجارة العالمية، الأمر الذي يتيح لها تقديم الحلول اللوجستية المتكاملة في ظل تعقيد وتذبذب الاقتصاد العالمي. وأشار بن سليم إلى أن تزايد الممرات التجارية وتوسع البنية التحتية لا يعني إضعاف دور أي من الأطراف، بل هو وسيلة فعالة لتعزيز كفاءة السوق العالمية ككل، وقال: «دبي أصبحت الآن ضرورة للتجارة وليست خياراً.. وكلما زادت البدائل في المنطقة، زادت الحاجة إلى التنسيق وتبادل الثقة، فالنظام العالمي بحاجة إلى شبكات متكاملة لا مجموعات مشتتة، وهذا يستدعي أدوات أكثر تقدماً للتعاون بدلاً من التركيز على التنافس وحسب». وشاركت في الجلسة الثانية، السفيرة الأميركية السابقة لدى الدنمارك نائب رئيس مركز الطاقة والبيئة في معهد السياسات الأميركية، كارلا ساندز، ونائب رئيس مركز أبحاث العولمة الصينية، الدكتور فيكتور جاو، وأدار الحوار الإعلامي، رايان تشيلكوت، وتناولت الجلسة تساؤلات جوهرية حول مستقبل النظام التجاري العالمي، في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، وتراجع مفاهيم العولمة التقليدية. وقالت ساندز إن العالم يقف أمام مرحلة مفصلية تعيد صياغة قواعد العلاقات الاقتصادية الدولية، مشيرة إلى أن التحدي اليوم لا يكمن فقط في التنافس بين القوى، بل في الحفاظ على استقرار المنظومة العالمية أمام تصاعد التوترات التجارية واختلال التوازنات. وأكدت أن التحالفات الناجحة في المستقبل لن تكون مبنية على الجغرافيا وحدها، بل على القيم التي تحكم العمل المشترك، قائلة: «العلاقات الاقتصادية الدولية لن تبقى محكومة بموازين القوة، بل ستُعاد صياغتها بناء على من يملك رؤية تؤمن بالشراكة، وتحترم السيادة، وتُراهن على الاستقرار طويل الأمد». من جانبه، قال نائب رئيس مركز أبحاث العولمة الصينية، الدكتور فيكتور جاو، إن العالم يتجه بخطى متسارعة نحو مرحلة جديدة من التعددية الاقتصادية، تقودها تكتلات ناشئة تسعى إلى كسر مركزية القرار في الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن التحولات الجارية تمثل فرصة تاريخية لإعادة توزيع الأدوار، وإفساح المجال أمام نماذج جديدة تُبنى على التعاون لا التبعية. وأوضح جاو أن المسارات المستقبلية لن تُرسم فقط من قبل الحكومات، بل من خلال التقاء التكنولوجيا، ورأس المال العابر للحدود، وسلاسل الإمداد العابرة للقارات، وقال: «السؤال اليوم لم يعد: من يُسيطر على الأسواق؟ بل من يُحسن فهم إيقاعها، ويملك القدرة على التكيف معها في زمن القرارات السريعة والاختلالات المتكررة؟». وأكد أن الحاجة إلى إصلاح مؤسسات الاقتصاد العالمي باتت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، مضيفاً أن «صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة، والبنك الدولي.. هذه الكيانات مطالبة اليوم باستعادة دورها كموازن لا طرف، ومواكبة التحولات بدلاً من الوقوف على هامشها». ويسعى المنتدى الاستراتيجي العربي إلى تقديم رؤية استشرافية للمستقبل وفهم أعمق للقضايا السياسية والاقتصادية الرئيسية المؤثرة على المستوى المحلي وعلى صعيد العالم العربي والمجتمع الدولي، اعتماداً على منهجين علميين، هما المنهج الاستراتيجي للاستشراف والمنهج الاستراتيجي للتخطيط للمستقبل، إضافة إلى الاستفادة من الدلالات التاريخية وتحليل الأوضاع الراهنة، بهدف استشراف الأحداث المستقبلية على المستويين السياسي والاقتصادي. سلطان بن سليم: • برؤية محمد بن راشد.. أدركنا مبكراً أن مفتاح النجاح المستقبلي يكمن في الوصول السريع إلى الأسواق.. ودبي أصبحت الآن ضرورة للتجارة وليست خياراً. • مجموعة موانئ دبي العالمية تعاملت مع أكثر من 88 مليون حاوية في عام 2024، تمثل ما قيمته 3.7 تريليونات دولار من البضائع سنوياً، ما يعادل 400 مليون دولار في الساعة الواحدة.


صحيفة الخليج
منذ 3 أيام
- أعمال
- صحيفة الخليج
«منتدى الاستراتيجي العربي» في دبي يناقش مستقبل الاقتصاد والاستثمار
عقد المنتدى الاستراتيجي العربي جلستين حواريتين تحت عنوان: «دبي والاقتصاد العالمي: خريطة الفرص والاستثمار» و«الحرب التجارية العالمية.. هل تتغير قواعد اللعبة؟»، حيث تمت مناقشة القضايا الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة، في وقت تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية، وتتعمق فيه التحديات التي تواجه النظام الاقتصادي العالمي. حضر الجلستين نخبة من الشخصيات القيادية من بينهم حصة بوحميد، مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، وسعيد العطر مدير عام المكتب التنفيذي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وعيسى كاظم، محافظ مركز دبي المالي العالمي، ومحمد علي راشد لوتاه، المدير العام لغرف دبي، وهشام عبدالله القاسم، نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة بنك الإمارات دبي الوطني، والفريق عوض حاضر المهيري نائب رئيس جهاز أمن الدولة في دبي، واللواء تميم محمد المهيري مدير عام جهاز أمن الدولة في دبي، وفيصل بن سليطين، الرئيس التنفيذي لمركز دبي للأمن الاقتصادي، والدكتور عبدالله بوسناد، مدير عام جمارك دبي، وحامد علي، الرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي وناسداك دبي، وعارف أميري، الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي، إلى جانب مشاركة نخبة من الخبراء الدوليين، وحضور أكثر من 100 شخصية قيادية ومهنية، حيث تم عقد الجلستين في أبراج الإمارات بدبي. بهدف تعزيز أدوات استشراف المستقبل وتطوير نهج قيادي مرن، قادر على تحويل المخاطر إلى فرص، شكّلت الجلستان منصة حوار بنّاء لبحث مسارات الاقتصاد العالمي وموازين القوى الجديدة، ودور المدن العالمية مثل دبي في قيادة التحولات، وتوجيه الاستثمارات نحو مجالات النمو الحيوي. شارك سلطان بن سليم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية، في الجلسة الأولى، التي أدارتها الإعلامية صبا عودة، وناقشت النموذج الاقتصادي المرن الذي طورته دبي. وأكد بن سليم أن التحولات الجيوسياسية الحالية تثبت أن الجاهزية والنماذج الاقتصادية، التي تتسم بالمرونة والصمود، هي من تحدد قدرة الدول على الازدهار، في ظل التغيرات المتسارعة. وقال: «لم يعد التحدي الحقيقي يتمثل في النجاة من الأزمات وحسب، بل يكمن في تحويلها إلى فرص، لبناء دور أكثر استقراراً وتأثيراً في سلاسل الاقتصاد العالمية». وشدد بن سليم على أن ضمان استمرارية حركة التجارة، لم يعد مسألة تقنية أو لوجستية فقط، بل أصبح ضرورة استراتيجية مرتبطة بأمن الأسواق واستقرار الاقتصادات الوطنية، وسلط الضوء على أهمية الاستثمار طويل الأمد في البنى التحتية وسلاسل التوريد. وقال: «بفضل رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أدركنا مبكراً أن مفتاح النجاح المستقبلي، يكمن في الوصول السريع إلى الأسواق، فاستثمرنا في النقل والربط والتقنيات، من أجل تعزيز قدرات الموانئ والمناطق الحرة، وتمكينها من الاستجابة لتقلبات الطلب العالمي». تأثير موانئ دبي كشف بن سليم أن موانئ دبي تعاملت مع أكثر من 88 مليون حاوية نمطية قياس عشرين قدماً، عام 2024، تمثل ما قيمته 3.7 تريليون دولار من البضائع سنوياً، ما يعادل 400 مليون دولار في الساعة الواحدة، ما يعكس تأثير المجموعة في استقرار التجارة وكفاءة سلاسل الإمداد عالمياً. وأوضح أن البنية التحتية للمجموعة، تمتد عبر أكثر من 250 مكتباً للشحن، تغطي ما يزيد على 90% من طرق التجارة العالمية، الأمر الذي يتيح لها تقديم الحلول اللوجستية المتكاملة، في ظل تعقيد وتذبذب الاقتصاد العالمي. في تعليقه على المنافسة الإقليمية، أشار بن سليم إلى أن تزايد الممرات التجارية، وتوسع البنية التحتية لا يعني إضعاف دور أي من الأطراف، بل هو وسيلة فعالة لتعزيز كفاءة السوق العالمي ككل، وقال: «دبي أصبحت الآن ضرورة للتجارة وليست خياراً.. وكلما زادت البدائل في المنطقة، زادت الحاجة إلى التنسيق وتبادل الثقة، فالنظام العالمي بحاجة إلى شبكات متكاملة لا مجموعات مشتتة، وهذا يستدعي أدوات أكثر تقدماً للتعاون بدلاً من التركيز على التنافس وحسب». نظام تجاري عالمي شاركت في الجلسة الثانية كارلا ساندز، السفيرة الأمريكية السابقة لدى الدنمارك، نائبة رئيس مركز الطاقة والبيئة في معهد السياسات الأمريكية، والدكتور فيكتور جاو، نائب رئيس مركز أبحاث العولمة الصينية، وأدار الحوار الإعلامي رايان تشيلكوت، وتناولت الجلسة تساؤلات جوهرية حول مستقبل النظام التجاري العالمي، في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة وتراجع مفاهيم العولمة التقليدية. وقالت ساندز إن العالم يقف أمام مرحلة مفصلية تعيد صياغة قواعد العلاقات الاقتصادية الدولية، مشيرة إلى أن التحدي اليوم لا يكمن فقط في التنافس بين القوى، بل في الحفاظ على استقرار المنظومة العالمية أمام تصاعد التوترات التجارية واختلال التوازنات. وأضافت: «ما نشهده من تراجع لمفاهيم العولمة التقليدية، يجب أن يُقابل بطرح نماذج أكثر عدالة في تبادل المصالح. نحن بحاجة إلى منظومات جديدة تحترم الشفافية وتعزز التوازن، لا إلى نظم تُدار من مراكز مغلقة أو تخضع لمعادلات النفوذ وحدها». وأكدت ساندز أن التحالفات الناجحة في المستقبل لن تكون مبنية على الجغرافيا وحدها، بل على القيم التي تحكم العمل المشترك، قائلة: «العلاقات الاقتصادية الدولية لن تبقى محكومة بموازين القوة، بل ستُعاد صياغتها بناء على من يملك رؤية تؤمن بالشراكة، وتحترم السيادة، وتُراهن على الاستقرار طويل الأمد». نحو تعددية اقتصادية قال الدكتور فيكتور جاو، نائب رئيس مركز أبحاث العولمة الصينية، إن العالم يتجه بخطى متسارعة نحو مرحلة جديدة من التعددية الاقتصادية، تقودها تكتلات ناشئة تسعى إلى كسر مركزية القرار في الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن التحولات الجارية تمثل فرصة تاريخية لإعادة توزيع الأدوار، وإفساح المجال أمام نماذج جديدة تُبنى على التعاون لا التبعية. وأوضح جاو أن المسارات المستقبلية لن تُرسم فقط من قبل الحكومات، بل من خلال التقاء التكنولوجيا، ورأس المال العابر للحدود، وسلاسل الإمداد العابرة للقارات، وقال: «السؤال اليوم لم يعد من يُسيطر على الأسواق، بل من يُحسن فهم إيقاعها، ويملك القدرة على التكيف معها، في زمن القرارات السريعة والاختلالات المتكررة». وأكد أن الحاجة إلى إصلاح مؤسسات الاقتصاد العالمي باتت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، مضيفاً: «صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة، والبنك الدولي.. هذه الكيانات مطالبة اليوم باستعادة دورها كموازن لا طرف، ومواكبة التحولات بدلاً من الوقوف على هامشها». يسعى المنتدى إلى تقديم رؤية استشرافية للمستقبل، وفهم أعمق للقضايا السياسية والاقتصادية الرئيسية المؤثرة على المستوى المحلي، وعلى صعيد العالم العربي والمجتمع الدولي، اعتماداً على منهجين علميين هما المنهج الاستراتيجي للاستشراف والمنهج الاستراتيجي للتخطيط للمستقبل، إضافة إلى الاستفادة من الدلالات التاريخية وتحليل الأوضاع الراهنة، بهدف استشراف الأحداث المستقبلية على المستويين السياسي والاقتصادي. وانطلق المنتدى الاستراتيجي العربي، عام 2001، تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ليركز على استشراف المستقبل وفهم أعمق للقضايا الجيوسياسية والاقتصادية الرئيسية المؤثرة في مستوى العالم العربي والمجتمع الدولي، ويجمع نخبة من قادة العالم والمفكرين لمناقشة أهم القضايا الملحّة في هذا الصدد.


الشرق الأوسط
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
عن نهاية «نظام» ما بعد الحرب العالمية الثانية
بعد مرور 80 سنة منذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، انتهى غير مأسوف عليه، إلا ممن انتفعوا به، «النظام» الذي أعقب نهايتها. وقد وضعتُ كلمة النظام بين علامتي تنصيص قاصداً تأكيد أن دلالة الكلمة تجاوزت واقع استخدامها. فالنظام يعني «مجموعة من العناصر المترابطة التي تشكل معاً كلاً واحداً، وتعمل جميعها كمكونات متشابكة ومترابطة وفقاً لمبادئ وآليات وإجراءات محددة». ومن حيث الممارسة فقد كان من باب السخاء في استخدام الألفاظ أن نعبِّر عن تلك التدابير والترتيبات، التي خطَّط لها وخطَّها المنتصرون في الحرب العالمية الثانية، بكلمة نظام. فالمنتصر لا يكتب التاريخ فقط، بل يحاول رسم المستقبل، فيضع له المعاهدات ويؤسس لها كيانات تنفِّذها، ويروِّج لها بأن الفوضى هي بديلها الوحيد. وقد كان للمنتصرين بقيادة الولايات المتحدة ما أرادوا، وارتضى البعض بالمتاح من القواعد طوعاً، وتعامل البعض الآخر معها كرهاً. واستمرت لعبة الأمم لأن وقفها يعني الحرب، فكسب في مضمارَي السياسة الدولية والاقتصاد مَن كسب، وخسر مَن خسر. حتى أتت لحظة فاصلة بأن أجادت دول نامية قواعد اللعبة فشرعت في تحقيق فوز بعد آخر. وتحرك مركز جاذبية الاقتصاد العالمي، منذ منتصف التسعينات، ناحيةَ الشرق بعدما استقر لفترة طويلة امتدت منذ الثورة الصناعية الأولى في غرب العالم. وتعتمد طرق تحديد هذا المركز على عوامل؛ كإسهام الدولة في الناتج العالمي، ومعدل نموها الاقتصادي، وقيمة الاستثمارات والتجارة الدولية، والقدرة على الابتكار وتطوير التكنولوجيا. وطوِّرت دراسات علمية تتبع حركة مركز الجاذبية الاقتصادية، كتلك التي أعدَّها الاقتصاديان جون ماري جريثير ونيكول ماثيس، وطوَّرها الاقتصادي داني كواه بحصر 639 موضعاً حول العالم، ومدمجاً في دراسته إسهامات المناطق الريفية بالإضافة إلى الحضر في الإنتاج. ثم تبنَّت هذا مراكز أبحاث وبيوت خبرة دولية، لتبين أن مركز الاقتصاد العالمي يستمر في التحرك شرقاً بدافع من الاستثمار في التعليم والإنتاج ذي القيمة المضافة العالية والموارد المالية. فما حققته الصين ودول جنوب شرق آسيا والهند من طفرات في عوامل زيادة النمو الاقتصادي لا يمكن إغفاله بحال، وكل ذلك لم يكن إلا باتباع قواعد ما بعد الحرب العالمية الثانية في لعبة الأمم. أثمر النمو الآسيوي وفي بلدان أخرى في عالم الجنوب زيادةً في الدخول ونقصاً فيمن يعانون من الفقر، فاحتفت الصين في عام 2020 ومن بعدها الهند في عام 2024، بالقضاء على الفقر المدقع، وهو الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة. وازداد المنتمون إلى الطبقة الوسطى في البلدين عدداً وتمتعاً بعوائد التنمية، على مدار العقود الثلاثة الماضية. في حين شهدت الطبقة الوسطى تراجعاً في أوروبا والولايات المتحدة، على النحو الذي عبَّر عنه الاقتصاديان برانكو ميلانوفيتش وكريستوف لانكر في دراسة مشهورة بشكل بياني لمنحنى الفيل، بتتبع لتطور الدخول وتوزيعها ونموها حول العالم من عام 1988 حتى عام 2008. ويصور شكل هذا المنحنى في قمة خرطوم الفيل أغنى 1 في المائة في توزيع الدخل في العالم؛ وتشكل الطبقة الوسطى في الدول ذات الأسواق الناشئة الجانب الصاعد من جسم الفيل بارتفاع معدل نمو دخولها، أما الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى في البلدان المتقدمة فتشكل الجانب الهابط من جسم الفيل بتراجع معدل نمو دخولها. وبهذه التغيرات الاقتصادية البالغة التي تطورت لتعيد الأوزان الاقتصادية، ومعها موازين القوى الجيوسياسية ظهرت تداعيات تدافع الطموح الجامح للقوى الصاعدة، مع محاولات تمسك القوى التقليدية بمراكزها المتوارثة منذ الحرب العالمية الثانية. كما تبدَّت أوجه تذمُّر فئات في أوروبا؛ خوفاً على مكاسب دولة الرفاهية التي تمتعت بها لعقود؛ من تعليم متميز ورعاية صحية راقية ومنافع اجتماعية متنوعة، وتبددت لدى فئات أخرى في الولايات المتحدة وعود الحلم الأميركي بالثراء، وأدركت الطبقة الوسطى في الغرب أن ما تحقق لها لن يستمر لأجيال بعدها، مع توالٍ للصدمات منذ الأزمة المالية العالمية وزيادة المديونيات والتفاوت في توزيع الدخول والثروات. شكَّل هذا كله بيئة خصبة للنزوع سياسياً نحو الشعبوية والعنصرية، مع ازدياد في تأثير اليمين المتطرف. وكانت الاختيارات في انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية، لم يشكك أحد في نزاهتها، معبرةً عن فقدان الثقة في المؤسسات والقيادات التقليدية. وأؤكد أن المربكات الترمبية، التي يعدها البعض ثورة فاصلة لما بعدها عمَّا كان قبلها، يجب وضعها في إطار هذا العالم شديد التغير. وأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعبِّر عن حالة سبقت وجوده في سُدَّة الحكم وستستمر بعده، ربما بأساليب مختلفة ولكن مضمونها الجوهري واحد؛ وهو أن عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية، بتحالفاته وترتيباته، قد انتهى. السؤال الحرج هو: ما عسى لبلدان عالم الجنوب، ومنها بلداننا العربية، أن تفعل؟ بدايةً؛ الفعل هو بحسن إدراك الواقع ومستجداته وما يترتب عليها. ربما يتعلق البعض بانفراجة مؤقتة تنتعش بها الأسواق بتجميد إجراءات الحرب التجارية، وإرجاء تفعيل القرارات التنفيذية بشأن التعريفة الجمركية. ربما يداعب الخيال عقول البعض بأن الانتخابات النصفية للكونغرس ستضع كوابح على التوجه الأميركي الراهن. ربما تصبو آمال البعض أيضاً إلى أن تُبدِّل الانتخابات الرئاسية المقبلة المسار الراهن، وتعود بالأوضاع إلى ما كانت عليه... ولكن من الآمال ما هو خطر على أصحابها إذا ما اختلطت بأحلام اليقظة وأضغاثها، أو بالتفكير بالتمني وتضليله. وفيما هو الجدير بفعله تفاصيل أوردها في مقال مقبل.