منذ 11 ساعات
د. أمين ساعاتي.. الرقم الوثائقي الصعب في مسيرة الحركة الرياضيةالتاريخ الرياضي السعودي يودع «عميد المؤرخين» (2/1)
"أمين التاريخ الرياضي" رحل دون تكريم وبعيداً عن لجان التوثيق
ودعت الساحة الرياضية الأحد الماضي أعرق مرجع للتاريخ الرياضي السعودي برحيل عملاق التوثيق الرياضي وعميد المؤرخين الدكتور أمين ساعاتي (1364-1446هـ) رحمه الله. وبقي اسمه محفوراً في الأذهان.. وحيّاً في الذاكرة التاريخية رغم تجاهل تكريمه في حياته وإبعاده عن الدخول في أكثر من لجنة للتوثيق الرياضي!
كان د. الساعاتي (الرقم الوثائقي الصعب) في مسيرة حركتنا الرياضيَّة، وعاصر أهم حقبة تأسيسية لرياضة الوطن وتحديدًا في النصف الثاني من عقد السبعينات الهجرية -الخمسينات الميلادية- وارتدى في تلك الحقبة شعار نادي الاتحاد -صاحب لقب العمادة- لاعباً مع جيل أحمد مسعود وغازي كيال وعبدالمجيد بكر وعبدالرزاق بكر وغازي ناصر وعبدالمجيد رجخان ومحمد حسام الدين (القملة)، وغيرهم من نجوم العصر الذهبي الأول لعميد الأندية السعودية.
وبعد اعتزاله أوائل الثمانينات الهجرية، اتجه أمين ساعاتي للسلك التحكيمي وحمل صافرة القانون في لعبة كرة القدم والطائرة وتنس الطاولة، وكان من ضمن الرُّواد الأوائل الذين التحقوا بدورة تدريبيَّة في مجال التحكيم في مصر بدعم مباشر من رائد الرياضة الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله-
ساهم في تأسيس نشاط الهلال الثقافي
ثم انتقل للعمل الإداري الثقافي في نادي الهلال عام 1387هـ (1967م) بطلب من رائد الحركة الرياضيَّة الأول بالمنطقة الوسطى ومؤسسه الشيخ عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله-، وأشرف على نشاطه الثقافي بعقل مستنير وفكر متفتح وأفق واسع، فترك بمنهجه المؤسسي بصمته الواضحة في النَّشاط الثقافي للأزرق بشهادة "شيخ الرياضيين".
الأهلي محطته الإدارية الثانية
ثم عاد للمنطقة الغربية لتتجه بوصلة عطائه المتقد وروحه الوثابة وعشقه الرياضي للعمل سكرتيرًا في النادي الأهلي بجدة، في صوره تنمُّ عن محاربته للتعصب وألوانه، كونه كان لاعبًا في الاتحاد وانتقل للعمل في النادي المنافس، مسجلاً أروع الأهداف المثالية في شباك الوعي الرياضي.
التاريخ والصحافة عشقه الأول
لم يكن الساعاتي الأكاديمي المستنير رياضياً أو اجتماعياً فقط، بل كان ومازال جبلاً من الثَّقافة، تحوّل إلى ساحة الإعلام الرياضي في سن مبكرة من عمره الإعلامي ليخوض تجربته المهنية الرصينة في بلاط صاحبة الجلالة عبر بعض الصحف المحلية، خلاصتها أن صنعت رقمًا صعبًا في عالم التدوين والتوثيق وحفظ التاريخ الرياضي بالمملكة العربية السعودية في أوعية منضبطة وفق أسسه العلمية ومنهجه الرصين.
(12) جزءاً موسوعة الساعاتي
وقدم لوطنه أكبر موسوعة رياضية في تاريخ الحركة الرياضية بالمملكة وهي مكونة من (12) جزءاً في أكثر من (7,000) صفحة تتكلم بلغة الأرقام عن تأسيس الأندية ومنجزاتها ونجومها ومؤسسيها، بجانب المسيرة التأسيسية لرعاية الشباب واللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية، كما تتضمن معلومات وثائقية مدعمة بالحقائق الدامغة والصور النادرة عن الحكام والإداريين والإعلاميين.. إلخ.
وبالتالي أصبحت تشكّل موسوعته العملاقة مرجعية ثرية للباحثين في التاريخ الرياضي فضلاً عن استمراره في الكتابة بمضمار الإعلام واتجاهاته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية والرياضية كاتبًا شموليًا يتكئ على رصيد معرفي ومخزون ثقافي عريق.
"قاضي التاريخ الرياضي"
لكن وعلى الرغم من تلك الإسهامات التاريخية والعطاءات الخالدة والتضحيات الكبيرة بشمولها وإثرائها رياضياً واجتماعيًا وثقافيًا التي جسّدها "قاضي التاريخ الرياضي" كما لقبه الزميل الإعلامي الأستاذ خالد الدوس في مسيرة توثيقية تاريخية عريقة عمرها (70 عامًا) خدمةً للحركة الرياضة بمملكتنا الغالية.
"عميد المؤرخين" بعيدًا عن التكريم!
إلا أنه للأسف لم يكّرم أو تثمن خدماته الجليلة وتضحياته الخالدة في خدمة رياضة الوطن لسبعة عقود من الزمن، بما يوازي جهود هذه الشخصية الريادية المتميزة في عالم التوثيق والضبط التاريخي الرصين.
إذ تم تجاهل اسمه في حفل تكريم رواد الرياضة وأوائل المؤسسين للحركة الرياضية المكرمين في حفل أقامته المؤسسة الرياضة عام 1426هـ (2006م)، في الوقت الذي حفظ فيه عميد مؤرخي الحركة الرياضة (الساعاتي) تاريخ كل من تم تكريمه من الرموز الرياضية والرواد الأوائل عبر موسوعته التوثيقية الاستثنائية العملاقة.