logo
#

أحدث الأخبار مع #التغيير

أوجلان... نهاية بطل صنع التاريخ  وهزّ عرش تركيا
أوجلان... نهاية بطل صنع التاريخ  وهزّ عرش تركيا

الميادين

timeمنذ 7 ساعات

  • سياسة
  • الميادين

أوجلان... نهاية بطل صنع التاريخ وهزّ عرش تركيا

تُعدّ المسألة الكردية في تركيا من أهمّ المسائل التي واجهتها الحكومات التركية المتتالية منذ تأسيس الجمهورية عام 1923، إلى درجة أنها باتت مشكلة مزمنة خلال العقود الماضية ولا سيما منذ العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، ومن ثمّ فإنّ حلّ المسألة الكردية يتطلّب إحياءً ثقافياً، اقتصادياً واجتماعياً يُعيد لهذه الجماعة مكانتها الطبيعية في الدولة التركية، كما في سوريا والعراق وإيران. إنّ هذه الحلول، وإن كانت معقّدة ومتداخلة، تظلّ مفتوحة لإطفاء نيران الصراع وبناء جسور السلام، وعلى مدار التاريخ الحديث كانت ثمّة محاولات لحلّ المسألة الكردية إلا أنها باءت بالفشل، من قبيل ذلك نجد محاولة الرئيس التركي الراحل توغورت أوزال (1927 – 1993) في بداية التسعينيات الذي أدرك أنّ الحلّ العسكري لن يُقدّم مخرجاً حقيقياً؛ لذا طرح خيارات سلام جذرية تضمّنت إعادة النظر في الوضع الإقليمي للمناطق الكردية بما في ذلك (كردستان العراق) إلّا أنّ الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وكذلك "إسرائيل" لم ترحّب بهذا الخيار وكان لا بدّ من إزاحة أوزال (ويقال قتله) في تلك الفترة لتستمر معاناة شعوب المنطقة. اليوم، وبعد نصف قرن من المواجهة والصراع، أعلن عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني (PKK)، حلّ حزبه وإنهاء الكفاح المسلّح في خطوة ستكون لها تداعيات متناقضة بين المؤمنين بخطه وتوجّهاته وأحلامه، ولا سيما أنّ الرغبة في التغيير نحو الأفضل، إن تمّت بحماسة لا تراعي الواقع الموضوعي وتوازنات القوى، محلياً وإقليمياً ودولياً، ستؤدّي إلى رؤية مضادة، ما قد يفضي إلى اصطدام يُطيح بحلم التغيير، رغم أنّ الأفكار السياسية لزعيم الحزب التاريخي شهدت تطوّراً ملحوظاً على مرّ السنين، حيث انتقل من الطرح الانفصالي الصريح إلى تبنّي مفهوم "الكونفدرالية الديمقراطية"، وهو نموذج يركّز على تحقيق حكم ذاتي ديمقراطي ضمن حدود الدول القائمة، بدلاً من السعي للانفصال. لا شكّ أنّ هذا التحوّل الأيديولوجي العميق قد تغلغل في صفوف قيادات من الحزب وأثّر على توجّهاتها الاستراتيجية، وساهم في تراجع منطق الحرب والقتال لديها لصالح رؤى سياسية بديلة، فهل هناك أزمة قيادة داخل حزب العمال؟ وهل أنّ تعدّد أدواره أفرز قيادات ميدانية جديدة، كنتيجة طبيعية لتوسّع دوره في المنطقة؟ وكان الحزب قد بدأ يطرح نفسه كمنظّمة إقليمية وليست تركية في العقد الأخير، ولذلك جاءت دعوة أوجلان كمحاولة لبلورة فكر ونشاط الحزب ضمن السياقات التركية، وإطفاء الأدوار الإقليمية لدول الجوار، التي لم تكن من أهداف الحزب الرئيسية. يثير إعلان أوجلان، الذي أكده مؤتمر حزبه، الثاني عشر، الذي عقد في الفترة ما بين 5 و7 أيار/مايو، تساؤلات حول دلالاته ومدى تأثيره على المشهد السياسي والأمني في تركيا ومحيطها، خصوصاً أنه جاء بعد تحوّلات في المنطقة والعالم، ما أدّى إلى فقدان أوجلان إمكانية استمرار واستثمار نشاط الكفاح المسلّح. بالتوازي، أصبح المناخ الدولي، خصوصاً في حقبة ما بعد "الحرب على الإرهاب"، أقلّ تسامحاً بشكل عامّ مع الحركات المسلحة غير الحكومية، مما سيزيد من عزلة الـ (PKK). لكن، ما الذي يدفع حزباً مسلحاً ضارب الجذور، ومتمرّساً في حرب العصابات لعقود طويلة، إلى اتخاذ قرار جذري كهذا بحلّ نفسه وإلقاء السلاح؟ وماذا كان دور زعيمه التاريخي أوجلان في ذلك؟ وهل يستطيع رجل سجين فعلاً أن يصنع تاريخ المنطقة من جديد؟ لا يُعدّ حلّ حزب العمال الكردستاني مجرّد نهاية لمرحلة الكفاح المسلّح، بل هو شرخ في فكرة "كردستان" السياسية نفسها. فالمركز الرمزي سيتلاشى، وتبقى الفروع تبحث عن معنى جديد لوجودها، في عالم تتغيّر فيه التحالفات السياسية وأحلام البشر. وقد أدرك أوجلان بعينه المراقبة أنّ خريطة القوى على الأرض تغيّرت سياسياً وثقافياً، وهو بهذه الحال يكون حلّ هذا الشكل من التنظيمات والانتقال الى الشكل السياسي والثقافي مخرجاً لمأزق عدم القدرة على "المناورة" وانعدام أفق الأهداف. إنّ قرار حزب العمال الكردستاني بحلّ نفسه وإلقاء السلاح لا يتوقّف عند حدود العلاقة مع الدولة التركية، بل يحمل تداعيات عميقة على خارطة الكيانات الكردية الأخرى، خاصة في سوريا والعراق. فالحزب، رغم كلّ ما مرّ به، ظلّ يمثّل العمود الفقري لفكرة "كردستان الواحدة" العابرة للحدود، وكان مصدر إلهام تنظيمي وعقائدي، وحتى حامياً عسكرياً لبعض الكيانات الموازية. وليس سراً أنّ قرار الحزب بإلقاء السلاح سيحمل تداعيات عميقة على خارطة "الكيانات الكردية" التي تتأثّر بفكر أوجلان، خاصة في سوريا والعراق. 11 نيسان 11:48 31 آذار 12:29 ففي سوريا، قد تجد "الإدارة الذاتية" الكردية في شمال شرق البلاد نفسها أكثر عزلة من أي وقت مضى، وقد تضطر إلى إعادة تعريف نفسها سياسياً، إما بالتقرّب من النظام السوري، أو بمحاولة تقديم نفسها كشريك محلي في معركة بناء الدولة والاستقرار وليس كحركة انفصالية. وفي كلتا الحالتين، ستزداد الضغوط التركية والأميركية عليها لتغيير خطابها وتركيبتها وإعطائها بعض الامتيازات. أما في العراق، فقد رحّب "إقليم كردستان" بقرار حزب العمال، حلّ نفسه وإلقاء السلاح، فيما لا يُعرف كيف ستتصرّف المجموعة التابعة للحزب في الجبال العصية على الجيش التركي الذي أقام 80 قاعدة عسكرية في شمال العراق، ولكنّ انسحاب حزب العمال من المعادلة سيفضي إلى إعادة رسم التوازنات داخل "البيت الكردي" في شمال العراق. فالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني، الذي لطالما كان على خصومة مع " PKK" الذي يسيطر مقاتلوه على جبال قنديل (بالقرب من الحدود الإيرانية العراقية)، وجبال سنجار (بالقرب من الحدود السورية العراقية)، سيجد فرصة لتعزيز هيمنته السياسية والأمنية، خاصة في المناطق الحدودية، التركية، الإيرانية والسورية. لكن هذه الهيمنة قد لا تمرّ من دون مقاومة داخلية، في ظلّ وجود قوى مدنية وقبلية مناوئة للبرزاني وهي تخشى ترك مصير القضية الكردية بيد جهة واحدة مرتبطة بعلاقات وثيقة مع أنقرة. ترى أنقرة في حلّ PKK انتصاراً أمنياً واستراتيجياً، تبقى المسؤولية الأهم في كيفية إدارة المرحلة التالية. وأشارت الوكالة الأميركية إلى أنّ إنهاء الصراع مع PKK يحرّر طاقات وقدرات تركية نحو التوسّع الجيوسياسي. ولكنّ المسألة الجوهرية تكمن في ما إذا كانت الدولة التركية ستتعامل مع هذه اللحظة بمنطق التصعيد وتصفية الحساب، أم أنها ستتبنّى سياسة اندماجية قائمة على الاعتراف بالحقوق الثقافية والسياسية للمواطنين الكرد ضمن إطار الدولة التركية الواحدة. فإذا لم تُترجم هذه الخطوة إلى إصلاحات حقيقية، فإنّ خطر ظهور امتدادات جديدة للتنظيم، ولو بصيغ غير عسكرية، سيظل قائماً. وعلى مرّ التاريخ، شكّلت المسألة الكردية في تركيا صخرة تطلّ على أفق التوترات والصراعات، حيث تتشابك خيوط السياسة والهوية والثقافة في نسيج معقّد. وعلى أنقرة الإيمان بأنّ الآخر (الكرد) عنصر أساسي في فهم وتشكيل الهوية، حيث تقوم الجماعة بتشكيل أدوارها وقيمها ومنهج حياتها قياساً ومقارنة بالشريك الآخر كجزء من منهجية التفاعل البيني التي لا تحمل معاني سلبية. خصوصاً أنّ الحلول المطروحة للمسألة الكردية لم تعد مجرّد مسارات سياسية جافة، بل هي شعلة من الأمل الذي يُضيء طريق "الحلم" للمواطن الكردي. إنها دعوة إلى بناء جسور جديدة للمواطنة. وفي هذا الخصوص يشير زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) إلى أنّ "الثقافة الكردية قد تعرّضت بكلّ مكوّناتها المادية والمعنوية لإنكار تامّ وحظْر مطلق، وبُذلت الجهود لإتمام الإبادة الثقافية بسياسات الصهر اللامحدود، ولم تُتَح الفرصة للكرد، حتى لفتح روضة أطفال واحدة يُحيون فيها وجودهم الثقافي، فالثقافة الكردية بكلّ مقوّماتها اعتُبرت خارج القانون، وهذا لا مثيل له بتاتاً على وجه البسيطة". (راجع عبد الله أوجلان، مانفستو الحضارة الديمقراطية، القضية الكردية، صفحة 190). وقد أكد عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال "دوران كالكان" رؤية زعيمه بالقول: "لولا حزب العمال الكردستاني، لما بقي حتى اسم الكرد"، وعلّق بإيجاز على المرحلة الحالية قائلاً: "لقد تجاوز الحزب كونه حزباً، وبات أكبر من كونه حركة تحرّر وحركة مقاومة، فقد أصبح ثقافة شعب ولغته وتاريخه وأسلوب حياته وهويته، ووصل إلى هيكلية تمثّل ماضيه ومستقبله، وهناك واقع قائم لحزب العمال الكردستاني بحيث أصبح شعبياً ومجتمعياً". (وكالة فرات للأنباء (ANF) 23 نوفمبر 2024). إنّ المسألة الكردية ليست مجرّد صراع على الأرض أو السيادة، بل هي قصة حلم جماعي بالعدالة والمواطنة والاعتراف بوجودهم، وقد تجسّدت معاناة الكرد في مقاومة الاستبداد والقمع في عهدي البعث في بغداد (العراق) ودمشق (سوريا)، وها هي اليوم تفتح آفاقاً جديدة من الأمل لحلول تسعى إلى تحقيق توازن بين الحقوق الوطنية والاستقرار الإقليمي والتعايش السلمي. ولكن قبل الخوض في غمار تلك الحلول لا بدّ أن نعرف كيف نشأت المسألة الكردية في تركيا ومتى؟ وما هي العوامل التي دفعت لتأسيس حزب العمال الكردستاني؟ ثم ما هي عناصر الحلول المطروحة لحلّها والتي طرحها زعيم الحزب أوجلان وصولاً إلى جعل كرد تركيا شركاء في العمارة التركية وليس مجرّد نواطير في البناء. ويأتي كلّ ذلك في ضوء إعادة التشكيل الحالي للجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط بعد انتفاضات ما يسمّى بـ "الربيع العربي"، مما يشكّل تحدّياً للدول التي يقطنها الكرد: تركيا، إيران، العراق وسوريا. يُمكن القول إنّ المنطق البراغماتي النفعي كان الموجّه الرئيسي للتغيير الحالي في السياسة التركية تجاه القضية الكردية وليس المنطق الديمقراطي الذي يقوم على استيعاب مكوّنات المجتمع كافة، ومع ذلك، لا يُمكن الحكم مبكراً على مبادرة بالنجاح أو الفشل؛ نظراً إلى أنّ معالجة القضايا المتجذّرة في المجتمع على غرار القضية الكردية بالنسبة لتركيا لا يتخذ طابعاً فورياً وإنما غالباً ما يمرّ بمراحل تفاوضية مطوّلة؛ تبدأ بإقناع الأطراف قبول التفاوض، ويليها طرح كلّ طرف تصوّراته للمعالجة وتوقّعاته ومطالبه، انتهاءً بالتوافق على تفاهمات مقبولة ومرضية لكلّ أطراف العملية التفاوضية التي بالمناسبة يدور جانب كبير منها خلف الأبواب المغلقة، ومع ما يبدو إنّ العملية الحالية يقف وراءها جهاز الدولة كاستجابة لمتغيّرات إقليمية وداخلية ضاغطة فإنه ينبغي ترقّب مخرجاتها. إنّ الواقعية السياسية مبدأ لا يمكن تجاوزه في أيّ حركة ثورية، تريد أن تشارك في بناء مستقبل بلدها، فالعقائد المتعارضة قديمة، لكنّ الحماسة لفرضها ظلت مدخلاً قديماً أيضاً للتصادم والحروب المدمّرة، وإنّ قبول تعدّد الجماعات والأفكار، يعني تحصيناً للمجتمع، وليس تهديداً له كما يتوهّم بعض أنظمة المنطقة.

فإن المرء على قدر حنينه يهان
فإن المرء على قدر حنينه يهان

الأنباء

timeمنذ 2 أيام

  • ترفيه
  • الأنباء

فإن المرء على قدر حنينه يهان

في رحلة الحياة، نتعلق بذكريات الماضي، نسترجع اللحظات الجميلة، ونحنُّ إلى الأيام التي ظننا أنها كانت أكثر إشراقا. لكن الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون هي أن الحنين قد يكون قيدا، يقيدنا ويمنعنا من المضي قدما. فكلما تمسك الإنسان بالماضي ولم يستطع التحرر منه، أصبح فريسة سهلة للألم والتجارب التي انتهت، لكنه لا يزال يعيش تحت تأثيرها. الحنين قد يبدو شعورا دافئا، لكنه في بعض الأحيان يتحول إلى سيف مسلط على القلب، يجعلنا أسرى لما كان، بدلا من أن نكون صانعي ما سيكون. هناك من يعتقد أن الالتفات إلى الوراء ضرورة لفهم الحاضر، ولكن ماذا لو كان الماضي يحمل جراحا لم تندمل؟ ماذا لو كان الرجوع إلى الذكريات يعني إحياء الألم الذي ظننا أننا تجاوزناه؟ هنا يصبح الحنين ضعفا، أداة تستخدم ضد الإنسان، لتشتيته عن المستقبل وسحب طاقته إلى أمور لا يمكن تغييرها. فالتعلق بالماضي قد يحرم الإنسان فرصا جديدة، ويجعل نظراته متجهة دوما إلى الخلف بدلا من أن تكون نحو الأمام حيث النمو والتطور. المرء يهان حين يكون حنينه نقطة ضعفه، حين يسمح للأحداث القديمة أن تتحكم في قراراته ومشاعره، بدلا من أن يكون هو سيد الموقف. الشخص الذي لا يستطيع تحرير نفسه من الماضي قد يجد نفسه مترددا، خائفا من التجربة، غير قادر على تقبل التغيير الذي قد يكون أفضل له. الأذكياء هم من يأخذون من الماضي دروسا، لا قيودا، ويجعلون الذكريات مصدر إلهام وليس سببا للمعاناة. لكن التحرر من الحنين السلبي لا يعني نسيان الذكريات الجميلة، بل يعني استبدال الألم بالنضج، والتعلم من التجارب بدلا من إعادة إحياء الجراح القديمة. على الإنسان أن يدرك أن الماضي مجرد فصل في كتاب الحياة، يجب ألا يحجب عنه رؤية المستقبل. القلوب التي تنظر للأمام قادرة على خلق فرص جديدة، والتعامل مع الحياة بإيجابية، بدلا من أن تبقى أسيرة أحداث ولت وانتهت. في النهاية، لا أحد يستطيع إنكار أن الحنين جزء من الطبيعة البشرية، لكنه يجب أن يكون شعورا يساعد الإنسان على المضي قدما، لا عائقا يجعله رهينة لأيام ولت. الماضي لن يعود، ولا يجب أن يعود، لأن الحاضر يحمل فرصا أكثر، والمستقبل ينتظر من يصنعه بقلب قوي وعقل متحرر من قيود الذكريات. السؤال الأهم ليس ماذا تركنا وراءنا، بل إلى أين نحن ماضون؟

ماذا لو أصرت المناهج على بقائها كما هي؟(2)
ماذا لو أصرت المناهج على بقائها كما هي؟(2)

الغد

timeمنذ 2 أيام

  • علوم
  • الغد

ماذا لو أصرت المناهج على بقائها كما هي؟(2)

ماسة الدلقموني إن تحققت فرضية فقدان العلامة لبريستيجها وسطوتها على العملية التعليمية، فإننا قد نقف أمام لحظة فاصلة تعيد ترتيب العلاقة بين المتعلم والمعرفة، وتفتح الباب لسؤال جوهري: ما الذي يتعلّمه الطالب حقًا حين لا يكون هناك رقمٌ يحكم على معارفه؟ اضافة اعلان إن خسارة العلامة سلطتها لا تعني سقوط النظام، بل قد تكون بدايته الحقيقية. فالمنهج الذي لا يخاف من الفراغ الذي تركته العلامة، سيملؤه بالمعنى، بالنمو، وبإنسانية التعلم. ففي غياب العلامة كمؤشر نهائي، تخرج المناهج من قوقعة التلقين والسباق نحو الامتحان، وتدخل فضاء ما بعد العلامة لتتحرر من القيد العددي نحو العمق، وتُصمَّم لقياس النمو المعرفي والوجداني معًا، لا لإنزال حكم على الطالب بلغةٍ (80/100). في سيناريو اليوم، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي رفيقًا للبشرية، تقف المناهج في حيرة من أمرها. فمعركتها الحقيقية لم تعد بين التقليد والحداثة، بل بين الجمود والاستجابة، في عالم لا يتوقف احترامًا لبطء أحد، يمضي فيه الذكاء الاصطناعي في تعلّم ذاتي متسارع، فارضًا واقعًا جديدًا تُحدَّد فيه القيمة بالقدرة على التكيف. عندها تدرك المناهج أن التغيير لم يعد رفاهية، بل ضرورة وجودية. لكن هذا التغيير، هذه المرة، لن يأتي على شكل شعارات عابرة أو دروس عن 'الذكاء الاصطناعي' تُضاف في الهامش، بل يأتي ليعيد تشكيل فلسفة التعليم من الجذر. سيفرض على المناهج التحرر من الجمود، لتصبح كائنًا حيًا، يتنفس التغيير، ويتغذى على التجريب، ويتطور بالتغذية الراجعة. لا يُقاس بثباته، بل بمرونته. لا يكرّس السلطة المعرفية، ولا يُصمَّم ليملأ الوقت، بل ليصنع المعنى ويوجد البيئة لبناء الذات. منهج يُعيد للمتعلم مكانته، لا كمنفذ لتعليمات، بل كإنسان يُفكّر، يُجرّب، ويخطئ لينمو. لم يعد المنهج هو القائد الأوحد للعملية التعليمية. الذكاء الاصطناعي يعيد ترتيب العلاقة بين الطالب والمحتوى، فلا يعود المتعلم تابعًا لخطة مرسومة سلفًا، بل صانعًا لمسار تعلمه، بما يناسب احتياجاته وفضوله وسرعته الخاصة. يتحوّل المنهج من سلطة مغلقة إلى مرجع مرن، ومن خارطة صارمة إلى دعوة مفتوحة للاستكشاف. وهنا، لا يعود السؤال: 'ماذا سأُدرّس هذا الأسبوع؟'، بل: 'ما الذي يحتاجه هذا الطالب الآن؟' وفي ظل هذا التحول، يتلاشى مفهوم 'الكتاب المقرر' كما عرفناه. لن تكون هناك نسخة واحدة من الحقيقة تُقدَّم للجميع بالطريقة نفسها، بل محتوى متغير، ينبض بالحياة، ويتشكل لحظة بلحظة. الذكاء الاصطناعي سيوفر مصادر متجددة، متعددة الوسائط، تستجيب لمستوى الطالب، واهتماماته، وسياقاته الخاصة. المعرفة لن تعود شيئًا نلقّنه، بل تجربة يعيشها الطالب، ويعيد تشكيلها بلغته، وفضوله، ووعيه. نعم، من المخيف أن نعيش في زمن فقدان السيطرة، فالخوف ليس من الحداثة، بل من فقدان القبضة. التغيير الحقيقي لا يحتاج أدوات فحسب، بل يحتاج شجاعة ثقافية، ووعيًا فلسفيًا. ولذلك، ليس صعبًا لأنه تقني.. بل لأنه يهدّد بنية فكرية كاملة. لكن، ماذا لو أصرت المناهج على بقائها كما هي؟ حينها، لن يكون الذكاء الاصطناعي هو التهديد الحقيقي للتعليم، بل التعليم ذاته حين يرفض أن يتبنى التغيير، وأن يرى الواقع كما هو، وحين يصر على قياس قيمته بمدى ثباته في عصر التكيف. والمفارقة أن مناهج الأمس، التي كانت تسعى لتثبيت النظام، قد تُصبح غدًا ما يُهدّد بقاءه. فلنفترض أن العلامة تراجعت عن عرشها، فانفتح المنهج وتنفّس، متحررًا من سطوة الامتحانات بشكلها التقليدي، فهل يكون ذلك كافيًا لتحرير التعليم من أغلال الماضي، ما دام المتعلم ما يزال يُسأل: 'في أي حصة نحن الآن؟' بينما نغوص أكثر في عالم التعليم المستقبلي، يسعدني أن أواصل معكم هذه الرحلة الفكرية في سلسلة ماذا لو، حيث نتخيّل معًا كيف يمكن أن يتطوّر التعليم في ظل الذكاء الاصطناعي. ربما تبدو هذه الأفكار للبعض وكأنها تأملات فلسفية.. نعم، لكنها فلسفة من النوع الذي يُمهّد الطريق لكل تحوّل كبير. فكل تغيير بدأ بسؤال بسيط، وكل ثورة فكرية وُلدت من تشكيكٍ في المألوف. وحتى نلتقي مجدداً إليكم سؤال المقال القادم: «ماذا لو انفجرت جدران المواد؟»

الرئيس عون تابع من روما مسار الانتخابات البلدية والاختيارية: آمل أن يُقبل أبناء البقاع وبيروت على صناديق الاقتراع
الرئيس عون تابع من روما مسار الانتخابات البلدية والاختيارية: آمل أن يُقبل أبناء البقاع وبيروت على صناديق الاقتراع

LBCI

timeمنذ 2 أيام

  • سياسة
  • LBCI

الرئيس عون تابع من روما مسار الانتخابات البلدية والاختيارية: آمل أن يُقبل أبناء البقاع وبيروت على صناديق الاقتراع

تابع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من روما، مسار الانتخابات البلدية والاختيارية في مرحلتها الثالثة في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل، وتلقى تقارير من وزارتي الداخلية والبلديات والدفاع وقيادة الجيش حول الاجراءات والتدابير المتخذة لتأمين حسن سير العملية الانتخابية من النواحي الأمنية والإدارية واللوجستية. وأعرب الرئيس عون عن أمله في أن يُقبل أبناء البقاع وبيروت على صناديق الاقتراع ليختاروا ممثليهم في المجالس البلدية والهيئات الاختيارية عن قناعة وحرية ومسؤولية ولاسيما أنهم لا ينتخبون أشخاصاً بل صناع مستقبل بلداتهم ومدنهم وقراهم لأن المجالس البلدية هي أشبه بالحكومات المصغرة التي تتولى ادارة هذه البلدات والمدن . ودعا الرئيس عون إلى أن تكون نسب الاقتراع مرتفعة من خلال المشاركة الواسعة لأن ذلك يعني المشاركة في التغيير وصنع المستقبل. ومن المقرر أن يحضر الرئيس عون واللبنانية الأولى السيدة نعمت عون القداس الحبري الأول للبابا لاوون الرابع عشر في الفاتيكان الساعة العاشرة قبل ظهر اليوم بتوقيت روما (الحادية عشرة قبل الظهر بتوقيت بيروت) إلى جانب عدد كبير من الرؤساء والملوك والأمراء ورؤساء حكومات دول العالم.

«محمد... هل تنام؟»
«محمد... هل تنام؟»

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 أيام

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

«محمد... هل تنام؟»

نعم كانت زيارة ترمب للسعودية تاريخية، وأظهر فيها عقلانية سياسية لم نعهدها بسكان البيت الأبيض، ومنذ زمن طويل. زيارة تاريخية، سياسياً واقتصادياً، وأكثر، ويكفي تأمل ما قاله ترمب عما شاهده من تطور في السعودية. وربما كان يمكن أخذ حديثه عن السعودية، والملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، من باب رد التحية على كرم الضيافة، لكن كلماته كانت عميقة ولافتة، وذات أثر خارجي. تحدث ترمب عن ملك عظيم وولي عهد مؤثر وأسرة كريمة، وتحدث عن تفاصيل من النادر أن يسمعها العالم، أو المواطن الأميركي، ومنها أن التغيير السعودي نابع من السعودية نفسها، ووفق عاداتها وتقاليدها. وانتقد ترمب من يحاولون فرض رؤيتهم على المنطقة من الساسة الأميركيين بالسابق، وهو ما لم تستجب له السعودية يوماً. وسبق أن قال ولي العهد، بمقابلة صحافية مع وسيلة أميركية، إنه يفعل التغيير من أجل بلاده، وليس الأميركيين. وفي ملاحظة لافتة، قال ترمب لولي العهد: «محمد، هل تنام ليلاً؟»، فأجاب ولي العهد: «أحاول»... ليعلّق ترمب قائلاً: «أعتقد أنه يفكّر طوال الليل كيف يجعل بلده أفضل». مضيفاً أن من يتقلبون بسبب التفكير ليلاً هم من يبنون أرض الأحلام، وهذا صحيح. وكان ترمب واقعياً حين أثنى على الجهود التي بذلتها السعودية، قائلاً: «هناك دول تجعل من الصحراء واحات خضراء، وأخرى تجعل من واحاتها صحاري» مقارناً بين السعودية وإيران. والقصة ليست مجاملات، من قبل ترمب، أو فرصة «دعائية» للسعودية، بل زيارة مهمة، وعمل جاد، حيث قرر ترمب رفع العقوبات عن سوريا، وبعد 46 عاماً، وليس فقط فترة بشار الأسد. وقال ترمب إنه رفع العقوبات بناءً على طلب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكرر القول نفسه بمقابلات صحافية، وشرح أن المنطق الذي سمعه واقعي، فكيف يمكن لسوريا أن تستقر وتقطع الطريق على إيران وروسيا في ظل تلك العقوبات. وقال الرئيس السوري أحمد الشرع إن ولي العهد «صدق بما وعد به»، وولي العهد ساعٍ لتطوير بلاده ودعم استقرار المنطقة؛ لأنه صاحب مشروع رؤية تتطلب إصلاحاً وتغييراً واستقراراً وشراكة. جاء ترمب للسعودية ووجد شريكاً حقيقياً عقلانياً، وأظهر ترمب واقعية سياسية، مثل رفع العقوبات عن سوريا، وسبق لترمب أن قال حين غزت روسيا أوكرانيا بأن الرئيس بوتين «أبعد عينه عن الكرة» بسوريا، وكان ذلك وصفاً دقيقاً. ولو كانت «حماس» تجيد السياسة لاستفادت أيضاً من عقلانية ترمب الذي أهدته الجندي الأميركي الإسرائيلي الرهينة، لكن دون رؤية سياسية، خصوصاً أن ترمب حجّم نتنياهو بعدم زيارته لإسرائيل. وقال ترمب لولي العهد الأمير محمد بن سلمان كنت أتمنى انضمامكم للسلام الإبراهيمي، ويعني لي ذلك كثيراً، لكن «وفق الوقت الذي يناسبكم»، أي إن القرار قراركم. وتجلت عقلانية ترمب أيضاً حين مد غصن الزيتون لإيران متعهداً بعدم حصولها على السلاح النووي. لذلك هي زيارة تاريخية لدولة عظيمة، كما قال ترمب، وأمام ولي عهد لا ينام من أجل تطوير بلاده، واستقرار المنطقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store