logo
#

أحدث الأخبار مع #التيربيوم

الصين تعلق تصدير معادن نادرة إلى الولايات المتحدة مع تصاعد الحرب التجارية
الصين تعلق تصدير معادن نادرة إلى الولايات المتحدة مع تصاعد الحرب التجارية

وطنا نيوز

time٢٠-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • وطنا نيوز

الصين تعلق تصدير معادن نادرة إلى الولايات المتحدة مع تصاعد الحرب التجارية

وطنا اليوم:تُعدّ معادن الأرض النادرة عنصراً أساسياً في صناعة مجموعة واسعة من المنتجات بدءاً من الطائرات المقاتلة إلى قضبان مفاعلات الطاقة النووية والهواتف الذكية. ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية والتجارية، أصبحت هيمنة الصين على استخراج هذه المعادن المتخصصة ومعالجتها بمنزلة أداة ضغط تستخدمها ضد خصومها. رداً على الرسوم العقابية التي فرضتها واشنطن، أضافت بكين في وقت سابق من الشهر الجاري سبعة معادن أرضية نادرة إلى قائمة قيود التصدير الخاصة بها. ورغم أن هذه المعادن شائعة نسبياً في قشرة الأرض، فإنها نادراً ما توجد في الرواسب المركزة. كما أن استخراج العناصر الفردية منها يتطلب عملية متعددة المراحل، ولا تهيمن الصين على عمليات الاستخراج فحسب، بل تسيطر أيضاً على الغالبية العظمى من قدرة التكرير العالمية. أميركا تفتقر لقدرات المعالجة في المقابل، تفتقر الولايات المتحدة تقريباً إلى أي قدرة معالجة للمعادن المستهدفة، وفقاً لبيانات صادرة عن شركة الاستشارات 'بروجكت بلو' (Project Blue). قالت بكين إنها تفرض هذه القيود لأن المعادن تُستخدم في التقنيات المتقدمة وفي صناعة المغانط القوية، وبالتالي تُعدّ مواد ذات استخدام مزدوج، أي أنها تُستخدم في التطبيقات المدنية والعسكرية على حدّ سواء. قال ديفيد ميريمان، مدير الأبحاث في 'بروجكت بلو': 'تؤثر هذه المنتجات والعناصر مباشرة في تطوير التقنيات الرئيسية وتدعم الصناعات في الأسواق الكبرى الأخرى… وهذا يمنح الصين ورقة ضغط أكبر في أي مفاوضات'. فيما يلي بعض الاستخدامات الرئيسية للمعادن السبعة – من أصل 17 معدناً تندرج عادة ضمن قائمة معادن الأرض النادرة — التي أصبحت الآن على قائمة المعادن المحظورة من قبل بكين. التريبيوم هذا المعدن الناعم ذو اللون الفضي يستخدم في المصابيح، ويظهر الألوان الزاهية على شاشات الهواتف الذكية، بحسب الجمعية الملكية للكيمياء. ويزيد عنصر التيربيوم من قدرة المغانط المستخدمة في الطائرات والغواصات والصواريخ على تحمّل درجات الحرارة. تقول وزارة الدفاع الأميركية، إن التيربيوم 'واحد من أصعب العناصر في تأمينه'، إذ يشكّل أقل من 1% من إجمالي محتوى معادن الأرض النادرة في معظم الرواسب. تصدّر الصين ما يصل إلى 85% من التيربيوم المنتج بها إلى اليابان، فيما تشمل الوجهات الأخرى كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، التي تأخذ حوالي 5%، وفقاً لحسابات 'بلومبرغ' بناءً على بيانات الجمارك الصينية. الإيتريوم يُستخدم الإيتريوم في علاج سرطان الكبد، وفي إنتاج الليزر المستخدم في جراحات الطب والأسنان، كما يزيد من قوة السبائك ومقاومتها للحرارة والصدمات، ما يجعل استخدامه مثالياً في الموصلات الفائقة التي تتحمل درجات الحرارة العالية. تم استخراج الإيتريوم من منجم 'ماونتن باس' في كاليفورنيا، ولكن تُصدر التركيزات للمعالجة نظراً لعدم وجود منشأة فصل تجارية بالكامل في الولايات المتحدة. وحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، فإن حوالي 93% من واردات الولايات المتحدة من مركبات الإيتريوم جاءت من الصين خلال الأعوام الأربعة حتى عام 2023. الديسبروسيوم اسم هذا المعدن اللامع مشتق من الكلمة اليونانية التي تعني 'صعب الحصول عليه'. باعتباره مقاوم لدرجات الحرارة العالية، يُستخدم الديسبروسيوم أساساً في سبائك المغانط المستخدمة في المحركات أو المولدات. يعد المعدن مهم بشكل خاص للانتقال إلى الطاقة النظيفة، إذ تُستخدم المغانط في توربينات الرياح والمركبات الكهربائية. كما يستخدم نوع من الديسبروسيوم في قضبان تحكم المفاعلات النووية حيث يمتص النيوترونات بسهولة. تشحن الصين أكثر من نصف الديسبروسيوم إلى اليابان، وحوالي عُشر الكمية إلى كوريا الجنوبية، في حين يذهب 0.1% فقط إلى الولايات المتحدة. من المتوقع أن توسع شركة 'ليناس رير إيرثس' (Lynas Rare Earths) الأسترالية مصنعها في ماليزيا لإنتاج الديسبروسيوم والتيربيوم بحلول يونيو. الغادولينيوم إذا كنت قد خضعت من قبل لفحص الرنين المغناطيسي، فيحتمل أنك تلقيت حقنة من صبغة تعتمد على الغادولينيوم، التي تتفاعل مع القوى المغناطيسية لتحسين وضوح أعضاء الجسم في التصوير الطبي. الغادولينيوم فعال أيضاً في تعزيز أداء السبائك، بحيث يحسن من مقاومة درجات الحرارة العالية والأكسدة، ما يجعله مفيداً للمعادن المستخدمة في صناعة المغانط والمكونات الإلكترونية وأقراص تخزين البيانات. تجعل قدرته على امتصاص النيوترونات منه مكوناً أساسياً في قلب المفاعلات النووية. اللوتيتيوم هذا المعدن صلب وكثيف، على عكس معظم العناصر الأخرى المستهدفة، ويُستخدم كعامل محفز كيميائي في مصافي النفط. تشتري الولايات المتحدة تقريباً كل إمداداتها من هذا المعدن من الصين، التي تصدر أيضاً كمية صغيرة إلى اليابان. الساماريوم سبائك الساماريوم-كوبالت مدرجة في قائمة الولايات المتحدة للمعادن الحرجة التي يمكن تخزينها للاحتياط. شاع استخدام المعدن سابقاً في سماعات الرأس، ويستخدم الآن في المغانط الفائقة في التوربينات والسيارات، وله تطبيقات دفاعية أوسع، لأنه يحافظ على طبيعته المغناطيسية في درجات الحرارة العالية، كما يدخل الساماريوم في الليزرات البصرية والمفاعلات النووية. السكانديوم سُمي المعدن بهذا الاسم نسبة إلى اسكندنافيا لأنه اكتُشف لأول مرة في المنطقة الشمالية من أوروبا. يمكن استخراج السكانديوم من مخلفات المناجم، أو كمنتج ثانوي من تعدين اليورانيوم أو معادن أخرى. قد تحتوي عصا البيسبول وإطارات الدراجات على آثار من السكانديوم. نظراً لكثافته المنخفضة ودرجة انصهاره العالية، يُستخدم المعدن أيضاً في صناعة بعض مكونات الطائرات المقاتلة. خصائصه المشعة تجعله مثالياً كعلامة تتبع في تكرير النفط، أو في اكتشاف التسريبات في الأنابيب تحت الأرض. كانت المرة الأخيرة التي أُنتج فيها السكانديوم في الولايات المتحدة منذ أكثر من 50 عاماً، وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية. تستورد الولايات المتحدة حالياً 14% من صادرات الصين من عنصري السكانديوم والإيتريوم معاً، بحسب بيانات الجمارك، فيما تُعدّ اليابان أكبر المستوردين. لا ينتج السكانديوم حالياً في الاتحاد الأوروبي، لكن من المزمع بدء تشغيل مشروع العام المقبل. خارج القائمة: النيوديميوم والبراسيوديميوم النيوديميوم والبراسيوديميوم لم يُستهدفا في هذه الجولة من التصعيدات التجارية رغم أنهما من أكثر عناصر الأرض النادرة شيوعاً نظراً لدورهما المحوري في صناعة المحركات المغناطيسية الدائمة. النيوديميوم والبراسيوديميوم يحولان الكهرباء المخزنة في البطارية إلى حركة مثل تدوير عجلات المركبة الكهربائية، والعكس أيضاً إذ يحولان الحركة إلى كهرباء، بالتالي يشيع استخدامه في توربينات الرياح. أعادت شركة 'إم بي ماتريالز' (MP Materials) فتح منجم 'ماونتن باس' في صحراء موهافي بكاليفورنيا في عام 2018، وهو المنجم الوحيد للمعادن الأرضية النادرة العامل في البلاد والذي يمتلك قدرات تكرير حالياً. العام الماضي، أنتجت الولايات المتحدة 1,130 طناً من النيوديميوم والبراسيوديميوم، وفقاً لشركة 'بلو بروجكت'، فيما أنتجت الصين أكثر من 58,300 طن.

"المعادن النادرة".. كنز تحت الأرض وسلاح الصين لمواجهة أميركا
"المعادن النادرة".. كنز تحت الأرض وسلاح الصين لمواجهة أميركا

شفق نيوز

time١٨-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • شفق نيوز

"المعادن النادرة".. كنز تحت الأرض وسلاح الصين لمواجهة أميركا

شفق نيوز/ وسط تزايد التوترات التجارية بين بكين وواشنطن، عادت معادن الأرض النادرة لتتصدر المشهد كأداة ضغط إستراتيجية تستخدمها الصين في مواجهة خصومها، خاصة مع إعلانها مؤخراً فرض قيود جديدة على تصدير سبعة عناصر نادرة تدخل في صناعات حيوية. ورغم أن هذه المعادن تُعتبر شائعة نسبياً في قشرة الأرض، إلا أن وجودها في رواسب مركزة قابل للاستخراج الاقتصادي نادر للغاية، كما أن فصلها ومعالجتها يتطلب عمليات تقنية معقدة ومتعددة المراحل، حيث تحتكر الصين حالياً الجزء الأكبر من عمليات التعدين والتكرير على مستوى العالم. وتعاني الولايات المتحدة من نقص حاد في قدرات معالجة هذه المعادن، ما يجعلها عرضة لأي قيود تصدير صينية. وبحسب شركة الاستشارات "بروجكت بلو"، فإن واشنطن تفتقر إلى منشآت الفصل والمعالجة الضرورية للتعامل مع هذه المواد، ما يزيد من اعتمادها على الصين. فيما يلي نظرة على المعادن التي فرضت الصين قيوداً جديدة على تصديرها، واستخداماتها في الصناعات الحيوية: التيربيوم: معدن ناعم فضي اللون، يستخدم في شاشات الهواتف والمغانط القوية للطائرات والصواريخ. توصفه وزارة الدفاع الأميركية بأنه من أصعب العناصر تأميناً. الإيتريوم: يدخل في علاج السرطان وإنتاج الليزر والموصلات الفائقة. رغم امتلاك أميركا منجماً للإيتريوم، إلا أنها لا تملك منشآت فصل نشطة، وتعتمد على الصين في 93% من وارداتها. الديسبروسيوم: مقاوم للحرارة، ويُستخدم في محركات المركبات الكهربائية وتوربينات الرياح والمفاعلات النووية. الصين تُصدّر أغلب إنتاجها إلى اليابان وكوريا، ونسبة ضئيلة فقط إلى أميركا. الغادولينيوم: عنصر رئيسي في صبغات الرنين المغناطيسي، كما يُستخدم في تصنيع السبائك وأجهزة التخزين والمفاعلات النووية. اللوتيتيوم: معدن كثيف يدخل كمحفز في مصافي النفط. تعتمد الولايات المتحدة بشكل شبه كامل على الصين لتأمينه. الساماريوم: يستخدم في المغانط القوية للمركبات والتوربينات، ويحتفظ بخصائصه المغناطيسية في درجات الحرارة العالية، مما يجعله عنصراً مهماً في التطبيقات الدفاعية. السكانديوم: خفيف ومتين، يدخل في تصنيع أجزاء الطائرات والدراجات وأدوات رياضية. يُستخدم أيضاً في اكتشاف التسريبات النفطية تحت الأرض. لم يُنتج في الولايات المتحدة منذ أكثر من نصف قرن. النيوديميوم والبراسيوديميوم رغم أهميتهما الكبيرة، لم تشمل القيود الصينية الأخيرة معدني النيوديميوم والبراسيوديميوم، وهما أساسيان في صناعة المغانط الدائمة التي تُستخدم في المحركات الكهربائية وتوربينات الرياح. ويُنتج هذان العنصران بكميات ضخمة في الصين، بينما أعادت الولايات المتحدة مؤخراً تشغيل منجم "ماونتن باس" في كاليفورنيا لمحاولة تقليل الاعتماد على الخارج. وتقول بكين إن القيود الجديدة تأتي في إطار تنظيم تصدير مواد ذات استخدام مزدوج، مدني وعسكري، لكن مراقبين يرون أنها تشكل ورقة ضغط فعالة في المفاوضات التجارية، خصوصاً أن هذه المعادن تدخل في صناعات إستراتيجية أبرزها الدفاع والطاقة والاتصالات.

ماذا يعني حظر الصين لتصدير المعادن؟.. أسعار الهواتف والسيارات والإلكترونيات قد تتضاعف
ماذا يعني حظر الصين لتصدير المعادن؟.. أسعار الهواتف والسيارات والإلكترونيات قد تتضاعف

صحيفة الخليج

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • صحيفة الخليج

ماذا يعني حظر الصين لتصدير المعادن؟.. أسعار الهواتف والسيارات والإلكترونيات قد تتضاعف

أعلنت السلطات الصينية عن وقف تصدير عدد من المعادن الأساسية النادرة التي تدخل في صناعات حيوية مثل الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية والإلكترونيات بشكل عام، في خطوة غير مسبوقة قد تعصف بأسواق التكنولوجيا حول العالم. أثار هذا القرار مخاوف كبرى حول تأثيراته المحتملة على الأسعار العالمية، التي قد تشهد ارتفاعاً كبيراً، لا سيما في القطاعات الأكثر اعتماداً على تلك المعادن في التصنيع، مثل الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية. الصين تعلن وقف شحنات المعادن الأساسية.. فيما تستخدم أوقفت الحكومة الصينية تصدير شحنات المعادن النادرة التي تشمل التيربيوم والديزبروسيوم واللاتيتيوم، وهي ضرورية لإنتاج مغناطيسات قوية تستخدم في المحركات الكهربائية والبطاريات. هذه المعادن تدخل في العديد من الصناعات، بما في ذلك صناعة الهواتف الذكية، السيارات الكهربائية، والمعدات الطبية وكذلك في صناعة الأسلحة المتطورة ويرى الخبراء أن هذا القرار قد يشكل تهديداً جدياً للأسواق العالمية، التي تعتمد بشكل كبير على الصين في توفير هذه المعادن. الولايات المتحدة بلا مخزونات كافية من المعادن النادرة أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أمام أزمة كبيرة في تأمين المعادن النادرة، حيث كانت تعتمد بشكل رئيسي على الصين في الحصول على هذه المواد، ولم تُظهر مخزوناتها المحلية أو البدائل الجاهزة القدرة على مواجهة هذا الحظر المفاجئ. وحذر الخبراء من أن هذا النقص المفاجئ في توافر المعادن قد يُعيق استمرار الإنتاج في العديد من القطاعات الحيوية القائمة على الرقائق الإلكترونية والمكونات الدقيقة، التي لا يمكن استبدالها بسهولة. أسعار أجهزة اللابتوب والتلفزيونات الذكية في خطر ارتفاع أسعار الإلكترونيات أصبح أمراً لا مفر منه، فمع توقف شحنات المعادن النادرة، ستكون عمليات إنتاج الأجهزة الإلكترونية مثل اللابتوب والتلفزيونات الذكية أكثر تكلفة، مما يهدد بزيادة الأسعار بشكل كبير. قد تجد الشركات العالمية صعوبة في تصنيع مكونات الأجهزة، لعدم قدرتها على تأمين المواد الخام، مما يجبرها بالتبعية على لرفع الأسعار لتغطية تكاليف الإنتاج المتزايدة. مغناطيسات الصين تسيطر على 90% من السوق العالمي تسيطر الصين على أكثر من 90% من إنتاج المغناطيسات الأرضية النادرة وهي مكون أساسي في العديد من التطبيقات التكنولوجية، هذه الهيمنة تعني أنها تتمتع بقدرة هائلة على التأثير في أسواق المعادن عالمياً ومع القرار الأخير بتقليص صادراتها، يعكف الخبراء على دراسة كيفية تأثير هذه السياسات على القطاعات الصناعية في مختلف أنحاء العالم.

المعادن النادرة.. كيف نشحن بطاريتنا على جثة حقوق الإنسان؟
المعادن النادرة.. كيف نشحن بطاريتنا على جثة حقوق الإنسان؟

الدستور

time٢٧-٠٢-٢٠٢٥

  • علوم
  • الدستور

المعادن النادرة.. كيف نشحن بطاريتنا على جثة حقوق الإنسان؟

في أعماق مناجم الكونغو المظلمة، حيث يُستخرج الكوبالت اللازم لبطاريات الهواتف والسيارات الكهربائية، يصعد طفلٌ لا يتجاوز عمره عشر سنوات، وجهه مُغطى بغبار المعدن الأزرق، حاملًا صخرةً صغيرةً قد تُشحن يومًا ما سيارةً فاخرةً في باريس أو بكين. هذا المشهد ليس مجرد رمز للثورة التكنولوجية، بل نافذة على حرب جيوسياسية صامتة تعيد تعريف مفاهيم القوة، وتُشكك في أسس الفلسفة الحديثة. المعادن النادرة – من الليثيوم إلى التيربيوم – لم تعد مجرد عناصر كيميائية، بل تحولت إلى أدواتٍ تُحرك اقتصاد العالم، وتكشف عن تناقضات الفكر الإنساني في عصر ما بعد الحداثة. الصين، التي تهيمن على 80% من إنتاج العناصر الأرضية النادرة، تتحكم اليوم بمصير الثورة الخضراء التي تتغنى بها أوروبا وأمريكا. فحين تقرر بكين خفض صادراتها من الغاليوم والجرمانيوم – وهي معادن حيوية لصناعة الرقائق الإلكترونية – لا تكتفي بإثارة أزمة في سوق التكنولوجيا، بل ترسم ملامح نظام عالمي جديد: نظامٍ تُقاس فيه القوة بقدرة الدول على تحويل الصخور إلى سلاح. الغرب الذي يدّعي الدفاع عن قيم التنوير والعدالة يجد نفسه في ورطة أخلاقية: فالألواح الشمسية وتوربينات الرياح – رموز التحول الأخضر – تُصنع من معادن تُستخرج عبر تدمير مجتمعات بأكملها. في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يُنتج 70% من الكوبالت العالمي، يعمل آلاف الأطفال في ظروف قاسية، بينما تتحول أرباح الشركات العابرة للقوميات إلى مليارات تُستثمر في مزيدٍ من التكنولوجيا التي ستحتاج إلى المزيد من دماء الكونغوليين. هذه المفارقة ليست مجرد أزمة أخلاقية، بل انعكاس لتحولات فلسفية عميقة في عصر ما بعد الحداثة. فالنموذج الليبرالي الذي رفع شعارات العولمة والانفتاح ينهار أمام حقيقة أن الموارد محدودة، وأن السعي وراءها يخلق فوضى جيوسياسية تُعيد إنتاج الاستعمار بأدوات جديدة. شركات مثل "تسلا" و"CATL الصينية" تظهر كقوى تفوقت على الدول، وهو ما يُذكرنا بنظرية الفيلسوف الفرنسي "ميشيل فوكو" عن السلطة كشبكة متشابكة لا مركز لها. فالقوة لم تعد في الجيوش، بل في من يتحكم في سلاسل التوريد، ويفهم لغة الجيولوجيا قبل لغة الدبلوماسية. في صحراء أتاكاما التشيلية، حيث يُستخرج الليثيوم – ذهب القرن الحادي والعشرين – تختفي المياه الجوفية بسرعة، تاركةً المزارعين المحليين أمام خيارين: الهجرة أو الموت عطشًا. هذه الكارثة البيئية ليست مجرد نتيجة لسياسات اقتصادية قصيرة النظر، بل تعكس فلسفة ما بعد حداثية ترفع شعار "نهاية السرديات الكبرى". فشعارات التقدم والتنمية المستدامة – التي قُدمت كحقائق مطلقة – تتحول إلى أوهامٍ تغذيها الرأسمالية الخضراء. الفيلسوف السلوفيني "سلافوي جيجك" يصف هذا التناقض بأنه "الاستعمار الجديد بوجه إنساني"، حيث تُستخدم الأزمات البيئية كذريعة لاستنزاف موارد الجنوب العالمي. لكن أعمق الأسئلة تطفو عند تقاطع الفلسفة بالفيزياء: هل يمكن لنا أن ننقذ الكوكب باستخدام أدواتٍ تُدمره؟ حين يُعاد تدوير أقل من 1% من الليثيوم العالمي، بينما تستهلك مناجم الكونغو آلاف الأرواح سنويًا، يصبح "الواقع الافتراضي" الذي تروج له شركات التكنولوجيا مجرد هروب من حقيقة أن التقدم التكنولوجي يُبنى على جثث المهمشين. هذا التفكيك للحقيقة – وهو أحد مرتكزات فلسفة ما بعد الحداثة – لم يعد مجرد تنظير أكاديمي، بل واقعًا يعيشه عمال المناجم الذين يرون ثروات أرضهم تتحول إلى هواتف ذكية لن يمسكوها أبدًا. الغريب أن هذه الأزمات تُنتج جماليات جديدة. فالفنون الرقمية المعاصرة، التي تعتمد على معادن نادرة، تخلق عوالم افتراضية مذهلة، بينما تُهمش قصص البشر الذين ماتوا لإنشاء هذه العوالم، هنا يتجلى تناقض ما بعد الحداثة: الإيمان بانهيار الحدود بين الواقع والخيال، بينما تتعمق الهوة بين من يملكون مفاتيح التكنولوجيا ومن يُدفنون تحت أنقاضها. في النهاية، قد تكون المعادن النادرة مرآةً لعصرنا: عصرٌ يُقدس الابتكار لكنه يُهمل الأخلاق، عصرٌ يبحث عن الحياة على المريخ بينما يُدمر الحياة على الأرض، الفلسفة التي نحتاجها اليوم ليست فلسفةً للإجابة عن أسئلة الماضي، بل لطرح أسئلة جديدة: من يملك الحق في كتابة مستقبل الأرض؟ وكيف نعيد تعريف التقدم في عالمٍ يُقاس فيه النجاح بالجرامات المعدنية لا بالكرامة الإنسانية؟ الجواب لن يكون في كتب الفلسفة، بل في ذلك الطفل الكونغولي الذي يحمل بين يديه لغزًا وجوديًا: معدنٌ أزرق قد يُضيء مدنًا بعيدة، لكنه لن يُضيء وجهه أبدًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store