أحدث الأخبار مع #الثورة

يمرس
منذ يوم واحد
- سياسة
- يمرس
مقهى "الإبي" وصاحبه بتعز .. سبعون عامًا من ثبات الموضع وتبدلات الأحوال
أعمل منذ فترة ليست بالقصيرة على استكمال كتاب عن المقهى في اليمن (من النبذ إلى التمدن الصريح)، وقد توقفت في واحد من موضوعاته عند أشهر المقاهي التي ارتبطت بذاكرة المدن اليمنية الرئيسية (عدن ، الحديدة ، تعز ، صنعاء ، المكلا).. وفي تعز كان لمقهى الإبي وصاحبه عبدالله الجرافي، مساحة تليق بتاريخه وتأثيره الثقافي والسياسي الذي بدأ قبل سبعين سنة. ففي الذاكرة الثقافية والسياسية ليس هناك في تعز ما هو أشهر من هذا المقهى الذي تأسس في العام 1955، أسفل المدرسة "الأحمدية" بالقرب من باب المدينة الكبير، وتاليًا عُرف الشارع الذي تأسس فيه المقهى منذ 1962 بشارع 26 سبتمبر، وصارت المدرسة الأحمدية تعرف لاحقًا بمدرسة "الثورة". مبنى المدرسة التاريخي، الذي صمم بالطراز المعماري التقليدي اليمني ، أزيل بقرار غير مسؤول، واستبدل بمبنى حجري حديث، وكان بالإمكان الحفاظ على طرازه القديم بالترميم والصيانة مع تكريس اسمه الجديد (مدرسة الثورة) بدون اسمه القديم. أما المقهى فلم يزل بموضعه وعلى حالته التي أنشئ عليها قبل سبعين عامًا، في مبنى حَجري بسيط مكون من دور واحد. احتفظ الجرافي من بقايا المبنى القديم من المدرسة بحجر منقوش عليه شعار المملكة المتوكلية اليمنية (السيف والنجمات الخمس)، ويحتفظ به في مصطبة بجوار الباب، يغطيه بطربال ثخين، حتى لا يتعرض الحجر لأذى ثالث، بعد أذى نزعه من جدار المدرسة أولًا، وصعود سيارة دفع رباعي عليه (شاص) في حادث بجوار المقهى ثانيًا، فناله من الحادثتين بعض التشوهات في معالمه الحفرية. شهرة المقهى قامت على فعل صاحبه عبدالله الجرافي (الإبي)، حين لعب أدوارًا أساسية في التخفيف عن طلاب المدرسة الذين حاصرهم عساكر الإمام داخل حجراتها، بعد خروجهم بمظاهرات جابت المدينة تشيد بأدوار الزعيم جمال عبدالناصر وأداوره القومية، وتندد بسلطة الإمام المستبدة والمنغلقة، في صيف 1962، حين كان الجرافي، حلقة تواصل بين الطلاب وأحرار المدينة وتجارها الذين كانوا يوفرون للطلاب المحاصرين الطعام والمال طيلة وقت الحصار الذي امتد لأيام عديدة. الصورة القديمة الشهيرة للمدرسة الأحمدية، والتي التقطها المصور المرحوم أحمد عمر العبسي، أوائل الخمسينيات، وتظهر في كثير من الأدبيات والوثائق عن مدينة تعز ، بقيت معلقة في مقهى الإبي لسنوات طويلة، بعد أن تحصل عليها صاحب المقهى كهدية من محمد محمود، أحد فتيان قصر الإمام المدللين، والذي ربطته بصاحب المقهى علاقة صداقة، فقد كان بن محمود (كما كان يطلق عليه العامة) يستقل سيارة بيك آب في أغلب المساءات، ويحضر إلى المقهى عبر الطريق الإسفلتي الوحيد الذي يربط العرضي والجحملية بالمطار القديم، لأخذ عصائر وبسكويت، كان يوفرها الإبي له بواسطة بعض التجار الذين يجلبون بضائعهم من عدن.. هذه الصورة، التي تظهر المنطقة المحيطة بالمدرسة، ولاتزال حقولًا تحرث تقليديًا بالأثوار، انتقلت بعد ذلك لصاحب استوديو "جاود" المجاور للمقهى، فظهرت عليها تاليًا العلامة الرمزية للاستوديو. لم يكن المقهى الشعبي بالنسبة لطلاب المدرسة الأحمدية، وقتذاك، مجرد مكان للاستراحة من الحصص الدراسية أو الحلقات العلمية يتناولون فيه المشروبات والمأكولات فقط، بل كان هو نافذتهم إلى العالم بواسطة الراديو العتيق الموضوع على رف قريب، حيث كانوا يقضون جزءًا من وقتهم المسائي في الاستماع إلى إذاعة صوت العرب والبي بي سي، رغم ما كان يحوط بالمكان من آذان كثيرة، تنقل كل ما يدور فيه إلى مقام العرضي وقصر صالة، غير أن الذي كان يشجعهم أكثر على التجمع فيه أن القبضة الأمنية للسلطة الإمامية كانت ترتخي بفعل المتغيرات المتسارعة في المنطقة واعتلالات الإمام أحمد بعد حادثة محاولة اغتياله في مستشفى الحديدة في العام 1961. بعد ثورة سبتمبر 1962، صار المقهى عنوانًا لنخب المدينة والوافدين إليها من أدباء ومثقفين وسياسيين حزبيين، إذ كانوا يجلسون بالساعات على كراسيه الحديدية والخشبية، يناقشون أحوال البلاد وهي تثب نحو الضوء، بعد قرون من العزلة والظلام، ولم تكن هذه النقاشات تخلو من الحدة والاختلاف التي تصل إلى حد الاشتباك بالأيدي بين الأفراد الذين يتوزعون على اتجاهات سياسية مختلفة (قومية ويسارية ودينية) كانت تحتضنهم المدينة في فترة زهوها تلك. في 2021، أثناء تواجدي بمدينة تعز ، التقيت دون تخطيط، عبدالله الجرافي، حين جاء معزيًا بوفاة عمي، الذي كان صديقه القريب.. انتهزت الفرصة لجره للحديث عن بعض التفاصيل عن تاريخ المقهى وتحولات المكان، وعرفت منه أن اللقب (الإبي) الذي صار لصيقًا به إنما استولد من المنطقة التي وفد إليها، وهي إب ، وتحديدًا من منطقة وراف بنواحي جبلة.. افتتح المقهى مع شريك له يدعى عبدالله الحشاش، وقت كانت المدرسة أشبه بملتقى يمني مصغر، حيث كانت تضم في جنباتها العشرات من الطلاب الوافدين من مناطق يمنية مختلفة في اليمن الأوسط، للحصول على تعليم شبه حديث، بعيدًا عن التعليم التقليدي الديني الذي كان متفشيًا في عموم البلاد؛ هذا التعليم كان يقوم بتقديمه للطلاب معلمون مصريون وفلسطينيون وسوريون، وقت نشاط البعثات التعليمية في المدينة ، التي اتخذها الإمام أحمد عاصمة (غير معلنة) لحكمه منذ قُتل والده في فبراير 1948، في ضواحي صنعاء الجنوبية، بمعية أحد أحفاده ورئيس وزرائه القاضي عبدالله العمري. كانت بعض أجزاء المدرسة سكنًا داخليًا للطلاب الوافدين من خارج المدينة ، وتحديدًا دورها العلوي، وكان المعلمون يسكنون في منازل في المدينة القديمة، أو في محيط المدرسة، حيث بدأت تنشأ بيوت وعمارات حديثة على امتداد الشارع الذي يربط قلب المدينة بقصور الإمام ومقرات الإدارة العليا للدولة وثكنات الجيش بين العُرضي وصالة. ونشط أكثر بعد عملية شقه وسفلتته في مطلع الخمسينيات، بواسطة شركة فرنسية كان مقرها جيبوتي. يستذكر الإبي الكثير من الأحداث والتحولات التي مرت على المدينة ، وكان الشارع هو عنوانها الأبرز، منذ شقه وسفلتته في العام 1952، بواسطة شركة فرنسية، كان مقرها مدينة جيبوتي ، متخصصة في إنشاء المطارات، وكيف أن عملية الشق والسفلتة فتحت لاحقًا المجال أمام رجال الأعمال في المهاجر المختلفة لتشييد بنايات حديثة، استُقدمت مواد إنشائها من المستعمرة عدن وقتها. وكيف أن الكثير من المحلات التجارية الحديثة فتحت في الأدوار الأرضية لهذه البنايات، وعرضت فيها السلع الحديثة المستجلبة من وراء البحار، والتي كانت محل طلب أعضاء البعثات الدبلوماسية في تعز ، التي كانت مقرًا لمعظم سفارات الدول الكبرى خلال الخمسينيات. استذكر الإبي من تلك البنايات المبنى الأبيض الذي كان يستخدمه عمال "النقطة الرابع" سكنًا ومخازن ومطبخًا، وصار بعد الثورة مدرسة باسم الرئيس ناصر، واستذكر عمارة الغنامي وسينمتها التي افتتحت كأول سينما في المدينة ، وبالقرب منها عمارة الأصنج التي صارت مقرًا للبنك اليمني ، وعمارة السفاري أسفل العقبة، وعمارة الشوافي الصفراء رأس العقبة، وعمارة أبو الذهب، وبخاخير السجائر والمواد الغذائية لهائل سعيد التي كانت بالقرب من المقهى، وشُيّد مكانها قبل سنوات مركز السعيد التجاري.. يتذكر أيضًا رموز جبهة التحرير والجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، الذين كانوا يرتادون المقهى، يتذكر موكب جمال عبدالناصر الذي مر في الشارع في زيارته الوحيدة لتعز واليمن في ربيع 1964.استذكر طلاب المركز الحربي، الذين كانوا يتلقون دروسًا عسكرية متقدمة على أيدي خبراء مصريين وسوفييت، بعد الثورة، وكانوا يحضرون إلى المقهى بلباسهم العسكري الأنيق، خلافًا للباس الشعبي الذي كان يرتديه عسكر الإمام (العكفة والبراني)، وينتمي لمناطق شمال الشمال. (*) الصورة بعدسة الكاتب 2013 من حائط الكاتب على الفيسبوك


يمنات الأخباري
منذ يوم واحد
- سياسة
- يمنات الأخباري
مقهى 'الإبي' وصاحبه بتعز .. سبعون عامًا من ثبات الموضع وتبدلات الأحوال
محمد عبد الوهاب الشيباني أعمل منذ فترة ليست بالقصيرة على استكمال كتاب عن المقهى في اليمن (من النبذ إلى التمدن الصريح)، وقد توقفت في واحد من موضوعاته عند أشهر المقاهي التي ارتبطت بذاكرة المدن اليمنية الرئيسية (عدن، الحديدة، تعز، صنعاء، المكلا).. وفي تعز كان لمقهى الإبي وصاحبه عبدالله الجرافي، مساحة تليق بتاريخه وتأثيره الثقافي والسياسي الذي بدأ قبل سبعين سنة. ففي الذاكرة الثقافية والسياسية ليس هناك في تعز ما هو أشهر من هذا المقهى الذي تأسس في العام 1955، أسفل المدرسة 'الأحمدية' بالقرب من باب المدينة الكبير، وتاليًا عُرف الشارع الذي تأسس فيه المقهى منذ 1962 بشارع 26 سبتمبر، وصارت المدرسة الأحمدية تعرف لاحقًا بمدرسة 'الثورة'. مبنى المدرسة التاريخي، الذي صمم بالطراز المعماري التقليدي اليمني، أزيل بقرار غير مسؤول، واستبدل بمبنى حجري حديث، وكان بالإمكان الحفاظ على طرازه القديم بالترميم والصيانة مع تكريس اسمه الجديد (مدرسة الثورة) بدون اسمه القديم. أما المقهى فلم يزل بموضعه وعلى حالته التي أنشئ عليها قبل سبعين عامًا، في مبنى حَجري بسيط مكون من دور واحد. احتفظ الجرافي من بقايا المبنى القديم من المدرسة بحجر منقوش عليه شعار المملكة المتوكلية اليمنية (السيف والنجمات الخمس)، ويحتفظ به في مصطبة بجوار الباب، يغطيه بطربال ثخين، حتى لا يتعرض الحجر لأذى ثالث، بعد أذى نزعه من جدار المدرسة أولًا، وصعود سيارة دفع رباعي عليه (شاص) في حادث بجوار المقهى ثانيًا، فناله من الحادثتين بعض التشوهات في معالمه الحفرية. شهرة المقهى قامت على فعل صاحبه عبدالله الجرافي (الإبي)، حين لعب أدوارًا أساسية في التخفيف عن طلاب المدرسة الذين حاصرهم عساكر الإمام داخل حجراتها، بعد خروجهم بمظاهرات جابت المدينة تشيد بأدوار الزعيم جمال عبدالناصر وأداوره القومية، وتندد بسلطة الإمام المستبدة والمنغلقة، في صيف 1962، حين كان الجرافي، حلقة تواصل بين الطلاب وأحرار المدينة وتجارها الذين كانوا يوفرون للطلاب المحاصرين الطعام والمال طيلة وقت الحصار الذي امتد لأيام عديدة. الصورة القديمة الشهيرة للمدرسة الأحمدية، والتي التقطها المصور المرحوم أحمد عمر العبسي، أوائل الخمسينيات، وتظهر في كثير من الأدبيات والوثائق عن مدينة تعز، بقيت معلقة في مقهى الإبي لسنوات طويلة، بعد أن تحصل عليها صاحب المقهى كهدية من محمد محمود، أحد فتيان قصر الإمام المدللين، والذي ربطته بصاحب المقهى علاقة صداقة، فقد كان بن محمود (كما كان يطلق عليه العامة) يستقل سيارة بيك آب في أغلب المساءات، ويحضر إلى المقهى عبر الطريق الإسفلتي الوحيد الذي يربط العرضي والجحملية بالمطار القديم، لأخذ عصائر وبسكويت، كان يوفرها الإبي له بواسطة بعض التجار الذين يجلبون بضائعهم من عدن.. هذه الصورة، التي تظهر المنطقة المحيطة بالمدرسة، ولاتزال حقولًا تحرث تقليديًا بالأثوار، انتقلت بعد ذلك لصاحب استوديو 'جاود' المجاور للمقهى، فظهرت عليها تاليًا العلامة الرمزية للاستوديو. لم يكن المقهى الشعبي بالنسبة لطلاب المدرسة الأحمدية، وقتذاك، مجرد مكان للاستراحة من الحصص الدراسية أو الحلقات العلمية يتناولون فيه المشروبات والمأكولات فقط، بل كان هو نافذتهم إلى العالم بواسطة الراديو العتيق الموضوع على رف قريب، حيث كانوا يقضون جزءًا من وقتهم المسائي في الاستماع إلى إذاعة صوت العرب والبي بي سي، رغم ما كان يحوط بالمكان من آذان كثيرة، تنقل كل ما يدور فيه إلى مقام العرضي وقصر صالة، غير أن الذي كان يشجعهم أكثر على التجمع فيه أن القبضة الأمنية للسلطة الإمامية كانت ترتخي بفعل المتغيرات المتسارعة في المنطقة واعتلالات الإمام أحمد بعد حادثة محاولة اغتياله في مستشفى الحديدة في العام 1961. بعد ثورة سبتمبر 1962، صار المقهى عنوانًا لنخب المدينة والوافدين إليها من أدباء ومثقفين وسياسيين حزبيين، إذ كانوا يجلسون بالساعات على كراسيه الحديدية والخشبية، يناقشون أحوال البلاد وهي تثب نحو الضوء، بعد قرون من العزلة والظلام، ولم تكن هذه النقاشات تخلو من الحدة والاختلاف التي تصل إلى حد الاشتباك بالأيدي بين الأفراد الذين يتوزعون على اتجاهات سياسية مختلفة (قومية ويسارية ودينية) كانت تحتضنهم المدينة في فترة زهوها تلك. في 2021، أثناء تواجدي بمدينة تعز، التقيت دون تخطيط، عبدالله الجرافي، حين جاء معزيًا بوفاة عمي، الذي كان صديقه القريب.. انتهزت الفرصة لجره للحديث عن بعض التفاصيل عن تاريخ المقهى وتحولات المكان، وعرفت منه أن اللقب (الإبي) الذي صار لصيقًا به إنما استولد من المنطقة التي وفد إليها، وهي إب، وتحديدًا من منطقة وراف بنواحي جبلة.. افتتح المقهى مع شريك له يدعى عبدالله الحشاش، وقت كانت المدرسة أشبه بملتقى يمني مصغر، حيث كانت تضم في جنباتها العشرات من الطلاب الوافدين من مناطق يمنية مختلفة في اليمن الأوسط، للحصول على تعليم شبه حديث، بعيدًا عن التعليم التقليدي الديني الذي كان متفشيًا في عموم البلاد؛ هذا التعليم كان يقوم بتقديمه للطلاب معلمون مصريون وفلسطينيون وسوريون، وقت نشاط البعثات التعليمية في المدينة، التي اتخذها الإمام أحمد عاصمة (غير معلنة) لحكمه منذ قُتل والده في فبراير 1948، في ضواحي صنعاء الجنوبية، بمعية أحد أحفاده ورئيس وزرائه القاضي عبدالله العمري. كانت بعض أجزاء المدرسة سكنًا داخليًا للطلاب الوافدين من خارج المدينة، وتحديدًا دورها العلوي، وكان المعلمون يسكنون في منازل في المدينة القديمة، أو في محيط المدرسة، حيث بدأت تنشأ بيوت وعمارات حديثة على امتداد الشارع الذي يربط قلب المدينة بقصور الإمام ومقرات الإدارة العليا للدولة وثكنات الجيش بين العُرضي وصالة. ونشط أكثر بعد عملية شقه وسفلتته في مطلع الخمسينيات، بواسطة شركة فرنسية كان مقرها جيبوتي. يستذكر الإبي الكثير من الأحداث والتحولات التي مرت على المدينة، وكان الشارع هو عنوانها الأبرز، منذ شقه وسفلتته في العام 1952، بواسطة شركة فرنسية، كان مقرها مدينة جيبوتي، متخصصة في إنشاء المطارات، وكيف أن عملية الشق والسفلتة فتحت لاحقًا المجال أمام رجال الأعمال في المهاجر المختلفة لتشييد بنايات حديثة، استُقدمت مواد إنشائها من المستعمرة عدن وقتها. وكيف أن الكثير من المحلات التجارية الحديثة فتحت في الأدوار الأرضية لهذه البنايات، وعرضت فيها السلع الحديثة المستجلبة من وراء البحار، والتي كانت محل طلب أعضاء البعثات الدبلوماسية في تعز، التي كانت مقرًا لمعظم سفارات الدول الكبرى خلال الخمسينيات. استذكر الإبي من تلك البنايات المبنى الأبيض الذي كان يستخدمه عمال 'النقطة الرابع' سكنًا ومخازن ومطبخًا، وصار بعد الثورة مدرسة باسم الرئيس ناصر، واستذكر عمارة الغنامي وسينمتها التي افتتحت كأول سينما في المدينة، وبالقرب منها عمارة الأصنج التي صارت مقرًا للبنك اليمني، وعمارة السفاري أسفل العقبة، وعمارة الشوافي الصفراء رأس العقبة، وعمارة أبو الذهب، وبخاخير السجائر والمواد الغذائية لهائل سعيد التي كانت بالقرب من المقهى، وشُيّد مكانها قبل سنوات مركز السعيد التجاري.. يتذكر أيضًا رموز جبهة التحرير والجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، الذين كانوا يرتادون المقهى، يتذكر موكب جمال عبدالناصر الذي مر في الشارع في زيارته الوحيدة لتعز واليمن في ربيع 1964.استذكر طلاب المركز الحربي، الذين كانوا يتلقون دروسًا عسكرية متقدمة على أيدي خبراء مصريين وسوفييت، بعد الثورة، وكانوا يحضرون إلى المقهى بلباسهم العسكري الأنيق، خلافًا للباس الشعبي الذي كان يرتديه عسكر الإمام (العكفة والبراني)، وينتمي لمناطق شمال الشمال.


روسيا اليوم
منذ 3 أيام
- ترفيه
- روسيا اليوم
بعد أكثر من 14 عاما من الغياب .. مسرح الغرفة إلى الواجهة مجددا في سوريا
ومن هنا تبزغ حكايتهما التي يصر "الأخوين" أحمد ومحمد ملص على إعادة تصديرها برؤية جديدة مع الإبقاء على عنوان المسرحية "كل عار وأنتم بخير". وقد اختار "الأخوين ملص" بيتا في منطقة العدوي بدمشق كإطلالة أولى لهما عبر مسرح الغرفة الذين ثابرا على إعادته إلى الواجهة بعد أكثر من 14 عاما على توقفه في سوريا، وليكون أول عروضهما بعد التحرير من النظام السابق. الزمن الضائع يؤكد "الأخوين ملص" لـ"روسيا اليوم" أن احداث المسرحية تجري في زمن غير محدد فالزمن ضائع وترك للجمهور إدراك فكرة اللحظات وتواقيتها. ويضيف "الأخوين ملص" أن العرض تم تقديمه قبل الثورة بحوالي الشهر ومن ثم توقف... أي أن الشخصيتين لم تعيشا أحداث الثورة وتبعاتها، لذا قمنا باستحضار الشخصيتين ووضعناهما ضمن ظرف الثورة التي عشناها لمدة 14 عاما وبحالة الاغتراب التي عشناها مرورا بلحظة الفرح بالتحرير وصولا لمجازر الساحل التي استهدفت أناسا مدنيين، وتمت إضافة كل ماله علاقة بالمشاكل التي تحصل في البلد. وأشار محمد ملص أن هذه الاحداث كلها دخلت ضمن النص الذي تغير بنسبة 80%. وأكد أحمد ملص على فكرة التباين الكبير مع العرض القديم. فالذين حضروا العرض سابقا سيدركون ذلك، والشيء الوحيد الذي لم يتغير هما الشخصيتان وقصص الحب التي يعيشانها ،وسيتم استحضار حالة الوجد بالحبيبات بينهما، لكن التغيير الوحيد هو حالة الفراق الذي لم يكن واضحا في العرض السابق، أما الآن فأصبح الشاعر يتحدث عن سبب الفراق كونه كان سجينا سياسيا، ولم يكن بالإمكان التطرق بهذه المباشرة بل تمت الإشارة إلى أن الفراق حصل لظروف معينة دون الغوص في أسبابها ،وقادنا النص في تحديثاته لأن يكون الشاعر سجينا سياسيا في زمن نظام الأسد. ونوه محمد أن الأحداث كلها تنطلق من غرفة صغيرة مع الشخصيتين ولكل منهما عالم أحلامه وخياله في تحقيق شيء من هذا العالم، شاعر يطمح إلى العودة إلى الماضي لعله يستعيد ذاك الزمن ويحقق ما لم يستطعه في شبابه الذي مضى، أما الشخصية الأخرى - العسكري فيكون تطلعها نحو المستقبل وما فيه من انتصارات ولكن مستقبل وماض منسي بينهما حاضر، ربما تناسياه عن قصد أو دونه أن يعيشاه بكل تفاصيله، ويطرح العرض تساؤلا هل استحضار الماضي عزاء لحاضر غير محقق كما سبقه؟ عرض متغير يؤكد "الأخوين ملص" على فكرة الاختلاف والنضوج بالفكرة والأداء وأن من يقدم عرضا اليوم يختلف عن عرض الغد. فالأمر له علاقة بالزمن الذي يمضي. فأي ممثل يحتاج لأن يعيش اللحظات الحياتية ليبدأ ببناء الشخصية التي يقدمها والتحديث يومي بالنسبة لنضج الشخصيتين فالمسرح هو عرض متغير يوميا. إحياء مسرح الغرفة وعن عودة مسرح الغرفة إلى الواجهة المسرحية، قال أحمد بأنه عندما وصلنا إلى سوريا بعد النصر كان همي الوحيد إعادة إحياء مسرح الغرفة وأن أقول أنه ما زال على قيد الحياة لأنه كان قاسيا علينا ان يكون المنبر الذي صنعناه مهمشا، لذا أعدنا إحياءه بعيدا عن أي اعتبارات أخرى ، وكما انتصرت الثورة السورية أتمنى أن يستمر النصر بالبناء لذا شعرنا أن مسرح الغرفة يجب أن يعيش هذا الانتصار ، وهو محاولة لإعادة الجمهور إليه ومن خلاله نستطيع أن نقول وجهات نظرنا بحرية مطلقة وأعتقد أهم الانجازات المسرحية بالنسبة لنا كان عرض "ثورة الغد تؤجل إلى البارح". وأكد محمد على موضوع التعامل مع العرض الجديد كأنه قديم وأضاف: عندما عدنا إلى فرنسا بعد انتصار الثورة شرعنا بكتابة عرض اسمه "الممثلان.. هنا دمشق" وعند البدء بالكتابة كنا نتعامل مع المشاريع المسرحية بأحاسيسنا ودون إملاءات فنحن أصحاب المشروع من الألف إلى الياء. إهداء لروح الفنان نهاد قلعي وحول إهداء العرض المسرحي لروح الفنان الراحل نهاد قلعي، قال "الأخوين ملص" أن الراحل كان ممثلا مهما وهو واحد من الصناع الأساسيين للدراما ونهاد قلعي تعرض لحادثة مشهورة وهي حالة الضرب من قبل أحد المتنفذين في السلطة والتي تسببت بشلله، لذا نحن مع مقولة أن الفن أقوى من السلطة وليس العكس، بمعنى يجب على الفنان أن يشير إلى الأخطاء ويتحدث عنها سواء سلبا أم إيجابا. المصدر: RT أعلنت نقابة الفنانين في سوريا وفاة ممثل أخر لعب دورا هاما في مسلسل "باب الحارة" الشهير. ظهرت الفنانة المصرية حورية فرغلي ضيفة في برنامج الإعلامي العراقي نزار الفارس، رغم الخلاف الحاد الذي نشب بينهما سابقا، عندما أعلن الأخير خبر خطوبتهما، وهو ما نفته فرغلي بشكل قاطع. انتشر على مواقع التواصل مقطع فيديو يظهر لحظة وصول الفنان السوري القدير دريد لحام وزوجته هالة بيطار لمطار دمشق في أول ظهور علني له منذ التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها البلاد.


الجزيرة
منذ 4 أيام
- سياسة
- الجزيرة
واغادوغو تخلد ذكرى توماس سانكارا بنصب يروي حكاية الثورة والاستقلال
في خطوة تحمل في ظاهرها تكريما لبطل وفي داخلها صراعا مع الاستعمار وتاريخه، وضمن حملة جديدة تهدف لتعزيز السيادة والاستقلال، شهدت مدينة واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو الأحد الماضي افتتاح نصب تذكاري (تمثال) لتوماس سانكارا، القائد الثوري الذي حكم البلاد بين عامي 1983 و1989، ولا يزال الغموض يلفّ ظروف اغتياله الذي أنهى تجربة تحرّرية كانت ملهمة في أفريقيا وخارجها. النّصب، الذي جاء تصميمه على شكل عين مع درجات تنازليّة تُمثّل توماس سانكارا (1949-1987) ومساعديه الـ12 الذين اغتيلوا معه، تمّ افتتاحه بحضور ممثّلي عدد من الدول الأفريقية. وخلال وقائع حفل الافتتاح، قال جان إيمانويل ويدراوغو رئيس وزراء بوركينا فاسو إن هذا النصب هو "أكثر من مجرد مبنى، بل موقع يُجسّد الوعي الجماعي لأهل بوركينا فاسو وللمناضلين من أجل الحرية، ولكل من يُقدّر السلام والعدالة الاجتماعية، وللتضحيات التي بذلها الرئيس توماس سانكارا ومعاونوه". وحملت اللوحة التذكارية للنصب جملة لرئيس المجلس العسكري الانتقالي الحاكم النقيب إبراهيم تراوري، وهي "الثورة التي تركها لنا توماس سانكارا هي الروح والفعل.. نحن مصمّمون على إبقاء الشعلة متقدة لإضاءة المسيرة المشرقة لشعبنا نحو أفق السعادة.. لن ننحني. الوطن أو الموت، سننتصر". إعلان ويُعتبر هذا النصب جزءا من منتزه كبير يضمّ مطعما ومكتبة إعلامية وورشا أخرى، وذلك ضمن مشروع يكرّم إرث توماس سانكارا عبر التثقيف والتوعية، وتوفير بيئة مناسبة لاستحضار مبادئ الزعيم الراحل في الحرية والعدالة الاجتماعية. وجاء هذا النّصب التذكاري تتويجا لعمل "اللجنة الدولية لإحياء ذكرى توماس سانكارا" التي تم تشكيلها في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2016 بهدف كشف الحقيقة في ملف اغتيال الرجل ورفاقه، وللحفاظ على إرثه السياسي والفكري، وإحياء ذكراه في قلوب مواطنيه الذين يعتبرونه "أب الثورة" في بوركينا فاسو. ملهم الرئيس الجديد ويعكس هذا المشروع توجّهات الحاكم العسكري الحالي لبوركينا فاسو إبراهيم تراوري (37 عاما) الذي استولى على السلطة عبر انقلاب عسكري في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2022 ويحاول تقديم نفسه كمنقذ للبلاد مما يسميه الاستعمار الجديد. ومن أهمّ القرارات التي اتّخذها الرئيس تراوري إعلان فك الارتباط مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، والدخول في تحالف مع روسيا ، واعتماد سياسات اقتصادية جديدة مثل تأميم مناجم الذهب. ويبدو الرئيس تراوري من خلال تصريحاته ومواقفه معجبا بأفكار سانكارا وتوجّهاته في روح الاستقلالية والحرّية، وفي السياسات العامة المتعلّقة بالسيادة الوطنية والاقتصاد. وتجسّد ذلك الإعجاب أيضا في قرار تراوري نقل رفات سانكارا إلى النصب التذكاري الذي تم تدشينه رسميا، بدلا من المدفن المتواضع السابق. وكان الرئيس تراوري قد أشاد العام الماضي بالزعيم سانكارا في الذكرى الـ37 لاغتياله، ووصفه بـ"رجل الرؤية العظيم الذي ترك بصمة لا تُمْحى في تاريخ أمتنا من خلال نزاهته ووطنيته". الزعيم الحاضر في الوجدان ولا يزال اسم توماس سانكارا حاضرا بقوة في ضمير أبناء بلده الذي كان يُسمّى "فولتا العليا" قبل أن يقوم سانكارا بتغييره إلى "بوركينا فاسو"، أي "أرض الأنقياء" باللغة المحلية، إضافة إلى تغيير العلم والنشيد الوطنيين. وخلال فترة حكمه، شنّ سانكارا حربا على الطبقات التقليدية النافذة في الدولة، كما قام بحملة على الفساد ونهب الثّروات العامة، وسعى إلى ترشيد الإنفاق العام في المجالات غير الضرورية. وأطلق برامج صحية واجتماعية وتعليمية واسعة، ودشن مشروعا لمكافحة التصحر مكّن من غرس 10 ملايين شجرة، ووزع الأرض على السكّان المحتاجين. وعلى الصعيد الدولي، اكتسبت بوركينا فاسو في ظل قيادة سانكارا زخما وحضورا واسعا في المحافل العامة، وذلك بفضل تأييده قضايا الشعوب المظلومة والوحدة الأفريقية وتصفية الاستعمار. وطيلة حياته، ظلّ مدافعا عن العالم الثالث منتقدا ما سمّاه "الاستقلال الشكلي" الذي ابتكرته دول "العالم الآخر" لكي تضمن الاستلاب الفكري والثقافي والاقتصادي والسياسي في مستعمراتها. وكان سانكارا كثير الانتقاد لفرنسا ولطبيعة علاقاتها بمستعمراتها السابقة والقائمة على استمرار نهج التبعية والاستغلال. ومقابل تدهور العلاقات مع فرنسا والأنظمة الموالية لها، حرص سانكارا على توطيد الروابط مع بلدان المعسكر الاشتراكي مثل كوبا وأنغولا ونيكاراغوا. البحث عن قاتل سانكارا وعام 1987 بدأت تلوح في الأفق ملامح انقلاب حضّر له رفيق دربه بليز كومباوري، حيث اندلعت احتجاجات واضطرابات واسعة، استمرّت عدة أشهر وبلغت ذروتها يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول في العام ذاته حيث قُتل سانكارا مع 12 من مساعديه بالرصاص في العاصمة واغادوغو أثناء اجتماع رسمي، وتكتّمت السلطات على ظروف مقتله. ووُجّهت أصابع الاتهام في ذلك الاغتيال إلى بليز كومباوري، ومن ورائه فرنسا عبر شبكات نفوذها في مستعمراتها السابقة. وكان أول قرار اتخذه كومباوري هو حرق جثة سانكارا، وتجريم كل من ينطق باسمه أو يحمل صورته في عموم بوركينا فاسو. وبعد اغتيال سانكارا، حكم كومباوري البلاد بقبضة من حديد طيلة 27 عاما إلى أن تنحّى عن السلطة يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 2014، وهرب خارج البلاد أمام مظاهرات شعبية غاضبة احتجاجا على مساعيه لتعديل إحدى مواد الدستور للسماح له بالترشّح لولاية رئاسية ثالثة. وقد وعدت أول حكومة تشكّلت بعد سقوط نظام كومباوري بـ"إعادة فتح ملف سانكارا وبنبش قبره لإخضاع الرفات الموجود بداخله لفحوص الحمض النووي"، لأن عائلته وأنصاره يشككون فيها. وفي أولى إجراءات البحث عن حقيقة اغتيال سانكارا، سعت الحكومة الانتقالية لاستجلاب الرئيس المخلوع كومباوري الذي فرّ إلى كوت ديفوار، رغم أن حالته الصحية تدهورت كثيرا. وبعد سلسلة من التحركات والمساعي لمحاكمة المتورطين في الاغتيال، أدان القضاء في أبريل/نيسان 2021 كلا من كومباوري والضابطين المقربين منه جلبير ديندريه وهياسينتو كافاندو بالسجن المؤبد بتهمة المسؤولية عن اغتيال سانكارا ومساعديه. في غضون ذلك، تواصل اللجنة الدولية لإحياء ذكرى توماس سانكارا المساعي لكشف الحقيقة، وتطالب برفع السرّية الدفاعية من قبل فرنسا فيما يتعلّق بملف سانكارا ورفاقه. ونفت باريس رسميا تورّطها في اغتيال سانكارا، ووعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عام 2017 برفع السرية عن الوقائع المتعلقة بالحادثة، لكنّ بعض الوثائق الأرشيفية التي سلمتها باريس إلى القضاء في بوركينا فاسو لم تتضمّن معلومات جديدة.


الشرق الأوسط
منذ 4 أيام
- أعمال
- الشرق الأوسط
فتح باطن الأرض على الشراكة الأجنبية يثير جدلاً في الجزائر
احتج أكبر حزب معارض في الجزائر على مشروع قانون عرضته الحكومة على البرلمان، يلغي قاعدة قانونية في الاستثمار، تلزم الشريك الجزائري بامتلاك 51 في المائة على الأقل من رأسمال أي مشروع، في حين لا يُسمح للمستثمر الأجنبي بامتلاك أكثر من 49 في المائة، وطالب بسحبه بحجة أنه «يتعارض مع الدستور». وصرح السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية» يوسف أوشيش، الأحد، بالعاصمة خلال نشاط حزبي، بأن النص القانوني الذي أعدته الحكومة «يُشكّل خطراً حقيقياً على السيادة الوطنية، إذ يرهن ثروات البلاد ومقدّراتها لصالح أطراف قد لا تراعي مصلحة الشعب الجزائري، وذلك يتعارض بوضوح مع الدستور الذي يكرّس حقّ الشعب في التحكم بثرواته الطبيعية، ويحمي المصلحة الوطنية في جميع السياسات العمومية». وقال أوشيش إن حزبه «يرفض بشكل قاطع» مشروع قانون المناجم الجديد المعروض حالياً على البرلمان للتصويت، مطالباً بـ«سحبه فوراً بسبب ما يحمله من تهديدات صريحة تمسّ بسيادة الدولة والشعب على الثروات الوطنية». ولفت إلى أن النص القانوني «يهدد الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، الذي هو أحد أهم المبادئ التي قامت عليها الثورة (1954 - 1962)، والذي لا يزال مرجعاً أساسياً في تحديد هوية الدولة ومهامها تجاه الشعب، خصوصاً فيما يتعلق بضمان العدالة الاجتماعية وتكريس السيادة السياسية والاقتصادية». وزير الطاقة أثناء عرض قانون المناجم أمام اللجنة الاقتصادية البرلمانية (الوزارة) وشدد على أن قطاع المناجم «يُعدّ من بين القطاعات الاستراتيجية ذات الأهمية البالغة»، وكان من المفترض، حسبه، أن «يُعطى الوقت الكافي لصياغة قانونه بما يضمن المصلحة الوطنية، من دون استعجال أو ضغوط، مع توسيع دائرة التشاور لتشمل كل الفاعلين والخبراء والمختصين في هذا المجال»، لافتاً إلى أن «هذا التسرّع وإقصاء الفاعلين من المشروع، يدلان على إصرار على النهج الأحادي في اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل البلاد». وحذر مسؤول الحزب الذي أسسه رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد، من «التداعيات طويلة المدى لهذا القانون، فهو لا يهدد الحاضر فقط، بل يرهن أيضاً مقدرات الأجيال القادمة، ويهدد حقهم في الاستفادة من ثروات الوطن واستغلالها بطريقة عادلة ومستدامة»، داعياً إلى «إطلاق نقاش وطني واسع وشامل يضمن مشاركة جميع الأطراف المعنية، في سبيل بناء سياسة منجمية سيادية وعادلة، ومبنية على مبادئ الشفافية والعدالة الاجتماعية». ووفقاً للجهة التي أعدت المشروع، وهي وزارة الطاقة والمناجم، فإن قطاع المعادن «يواجه تحديات كبيرة تعيق استغلال القدرات التي يتيحها بشكل كامل». ومن بين العراقيل المطروحة، ذكر أصحاب النص «القاعدة 49/51» الخاصة بالاستثمار الأجنبي في الجزائر. ويفهم من ذلك أن الحكومة تريد تشجيع جذب المستثمرين الأجانب إلى قطاع المناجم، ولا يتم ذلك في تقديرها إلا بإلغاء إجراءات إلزام وجود شريك محلي يملك 51 في المائة من رأس مال المشروع. «غار جبيلات» أحد أشهر المناجم الجزائرية في جنوب غربي الجزائر (متداولة) وتضمن النص «تقليص القيود المفروضة على الشراكة والاستثمار الأجنبي بقطاع المناجم»، مبرزاً «الاحتياطات الكبيرة من الحديد والفوسفات والذهب والزنك والرصاص المخزن في الأرض الجزائرية الشاسعة»، ومؤكداً أيضاً أن «البلاد تعوّل كثيراً على هذا القطاع في سعيها لتنويع اقتصادها والتحرر من التبعية للمحروقات». ويجري العمل حالياً بالقانون المنجمي الصادر عام 2014، الذي يتضمن «تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي من خلال الشراكات والحوافز الضريبية»، لكنه في الوقت نفسه يفرض قيوداً تتعلق بـ«السيادة الوطنية على الموارد»، كما أوضحته «اللجنة الاقتصادية» بالبرلمان في تقرير لها بخصوص النص القانوني الجديد. وقد أوصت بـ«إطار تشريعي واضح، وبنية تحتية متطورة ومناخ استثماري جذاب». وخلال عرضه مشروع القانون أمام «اللجنة» في مارس (آذار) الماضي، أشار وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب إلى «عدد من التحديات، مثل ضعف الاستثمارات في مجال الاستكشاف والحفر، ونقص البيانات الجيولوجية، وغياب اكتشافات جديدة لمكامن منجمية». وأكد الوزير أن أحكام مشروع القانون الجديد «ستوفر ظروفاً مواتية ومحفزة على الاستثمار في القطاع المنجمي، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية لمنح تراخيص الاستغلال، وتعزيز الضمانات القانونية والمالية للمستثمرين، وذلك من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات الجيولوجية والمنجمية عبر استخدام التقنيات الرقمية المتقدمة». وزير الطاقة والمناجم الجزائري (الوزارة) وشرح الوزير تفاصيل المشروع، موضحاً أن الهدف منه «بعث قطاع المناجم على أسس جديدة، من خلال وضع بيئة قانونية تُشجع على تطوير الصناعة المنجمية والصناعات التحويلية المرتبطة بها، وتحسين الشفافية في البحث والاستكشاف عبر تبسيط الإجراءات وتسهيل الوصول إلى المعلومات الجيولوجية، وتبسيط الإجراءات الإدارية عبر آليات رقمية لتسريع المعاملات، وتشجيع نقل التكنولوجيا».