logo
#

أحدث الأخبار مع #الثورة_الإيرانية

تحليل يفند حملة إسرائيلية روجت لانهيار الحكومة الإيرانية
تحليل يفند حملة إسرائيلية روجت لانهيار الحكومة الإيرانية

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • سياسة
  • الجزيرة

تحليل يفند حملة إسرائيلية روجت لانهيار الحكومة الإيرانية

منذ الساعات الأولى للهجوم الإسرائيلي الواسع على إيران، والذي تضمّن ضربة مفاجئة أسفرت عن مقتل عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين، سعت الحكومة الإسرائيلية، ومن خلفها الحسابات الداعمة لها، إلى الترويج للرواية القائلة بأنها ضربة قاصمة ستُضعف النظام الإيراني، وتدفع المواطنين إلى الثورة عليه بعد فقدانه السيطرة المدنية. غير أن هذه السردية سرعان ما ثبت عدم دقتها، وفق محللين، بعدما ردّت إيران بإطلاق صواريخ باليستية طالت عمق تل أبيب، في تأكيد على قدرتها على تجاوز الصدمة الأولى وسدّ الفراغات سريعا، وفق ما قال مقربون منها. وفي أعقاب التصريحات الرسمية الإسرائيلية التي دعت صراحة الشعب الإيراني إلى التظاهر ضد حكومته، على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اجتاحت منصة إكس موجة من المحتوى الرقمي تدّعي اندلاع "انتفاضة شعبية" و"انهيار داخل إيران"، انطلقت -بحسب الحسابات المروّجة- من طهران وامتدت إلى مناطق أخرى، أبرزها الأحواز. انتشرت هذه الرواية على نطاق واسع عبر مقاطع فيديو وصور وتغريدات قصيرة، تُظهر مشاهد مزعومة لحرق صور آية الله الخميني والمرشد الإيراني الحالي علي خامنئي ، وهروب من سجون طهران، وازدحام على المعابر الحدودية، ورفع أعلام إسرائيل والهتاف لها في أماكن متفرقة، وقد رُوّجت هذه المشاهد تحت عناوين ووسوم متعددة. تتبعت وكالة "سند" للتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة، الادعاءات التي انتشرت بين 14 و17 يونيو/حزيران 2025، بالإضافة إلى تفكيك المحتوى المرئي للحملة وتحليل من يقف خلفها، باستخدام أدوات التحقق البصري، والتحليل الشبكي، ورصد طبيعة الحسابات المؤثرة. كيف تشكلت مزاعم "الثورة الإيرانية"؟ منذ اللحظات الأولي للهجوم، بدأت موجة رقمية موازية قادتها حسابات إسرائيلية وعالمية على منصة إكس، استخدمت هاشتاجات وكلمات محددة، روجت فيها لرواية أن إيران تشهد انهيارا داخليا، ظهر في هروب من السجون، وتكدس في المعابر الحدودية هربا. إعلان واعتمدت الحسابات على مقاطع قديمة، ومقاطع في سياق مختلف، وأخرى مفبركة بالكامل ومولدة بالذكاء الاصطناعي، من أجل ترتيب سردية كاملة، حول انهيار النظام وتفككه تحت وقع الضربات الإسرائيلية. وبنيت هذه الرواية المضللة حول ثلاث محاور رئيسية: حدوث انفلات أمني، وانفراط السيطرة المدنية اندلاع ثورة شعبية في طهران والأحواز. الترحيب الشعبي بالتدخل الإسرائيلي لإزالة النظام. ادعاءات مضللة الحالة الأولى نشرت الحسابات المذكورة تغريدات زعم فيها أن "الثورة الإيرانية" قد بدأت بالفعل، وأرفقوا فيديو يُظهر شبانًا يحرقون صور الخميني وخامنئي في أحد الشوارع، مع ذكر أن المشهد من طهران وامتد حتى "المنطقة العربية المحتلة من الأحواز". لكن التحقيق أظهر أن الفيديو قديم، وقد نُشر بتاريخ 19 نوفمبر/تشرين أول 2022 على صفحة أذربيجانية في فيسبوك، ولا يوجد أي علاقة بينه وبين الأحداث الجارية. وقد لقي هذا الفيديو المضلل رواجا عبر عدد كبير من الحسابات الإسرائيلية. الحالة الثانية نشرت حسابات عربية وإسرائيلية مقاطع فيديو لاحتجاجات في منطقة الأحواز، رفضا للحكومة الحالية. وبالتحقق من الفيديوهات المذكورة، تبيّن أنها لا توثق أي انتفاضة سياسية، بل تعود لاحتجاجات محلية سابقة في مدينة الخفاجية، نظمتها مجموعات من السكان بسبب انقطاع المياه، وهو ما أكدته قناة "أحوازنا الفضائية" التي نشرت الفيديو في وقت سابق. ترويج مقاطع فيديو تزعم أن سجناء في طهران تمكنوا من الفرار وسط الانفلات الأمني بعد الهجمات. غير أن التحقيقات المحلية والصحفية كشفت أن هذه المشاهد لا توثق أي هروب من السجون، بل توثّق خروجا جماعيًا من مركز لمعالجة الإدمان في منطقة جاجرود، وهو منشأة تديرها بلدية طهران. في سياق تعزيز السردية حول "انهيار النظام"، روّجت حسابات لمقطع فيديو يُظهر ازدحاما عند أحد المعابر الحدودية، مدعية أن الإيرانيين يفرون من البلاد. إعلان وفي وقت لاحق، أصدر مكتب الاتصال بوزارة الداخلية التركية لاحقًا بيانًا رسميا نفى فيه صحة هذه الادعاءات. وأوضح أن: الفيديو لا يعود لمعبر باز أرغان، بل التقط في معبر كابيكوي (Kapıköy) في ولاية فان شرق تركيا. المشاهد تعود إلى 3 يونيو 2025، أي قبل تصاعد التوتر العسكري بين إيران وإسرائيل. الحالة الخامسة روجت الحسابات لوجود تأييد شعبي إيراني للتدخل الاسرائيلي، عبر مقاطع فيديو تظهر رفع العلم الإسرائيلي والهتافات لإسرائيل. وبالتحقق من المقطع الذي يظهر الهتاف دعما لإسرائيل، تبيّن أنه مولد بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، كما لم توثق أي جهة مستقلة أو إعلامية معروفة حدوث مظاهرة مماثلة داخل إيران. التحليل الشبكي ومع تصاعد ترويج تلك السردية المزعومة، والانتشار الواسع لها بالتزامن مع تواصل الحديث الإسرائيلي الرسمي عن إضعاف النظام، حاولنا فهم طبيعة التفاعلات المستمرة، وكيف تستمر الشبكات الفاعلة في ترويجها، عبر تحليل شبكي معمق. أجرينا تحليلًا بصريًا باستخدام أدوات جيفي (Gephi) وخوارزمية ForceAtlas2، لرسم خريطة التفاعل التي نشأت حول الكلمات المفتاحية المرتبطة برواية الانهيار الداخلي في إيران، مثل "الأحواز"، و" الثورة الإيرانية"، و"الهروب من السجن"، وغيرها، وذلك بهدف تحديد أبرز الحسابات التي لعبت أدوارًا مركزية في الانتشار، والكشف عن المجتمعات الرقمية التي شكّلت مراكز الضغط المعلوماتي داخل الشبكة. تمثل هذه الخريطة البصرية العلاقات الرقمية بين أبرز الحسابات التي نشرت أو أعادت تضخيم سرديات "انهيار إيران" بين 14 و17 يونيو/حزيران 2025، باستخدام كلمات مفتاحية متعددة بثلاث لغات (العربية، الإنجليزية، العبرية). وقد جُمعت العينة بين 14 و17 يونيو/حزيرن 2025، وضمت كلمات باللغات العربية والإنجليزية والعبرية. وأظهرت الخريطة الناتجة أن الشبكة تتكون من عدة مجتمعات مميزة، تتفاعل بكثافة حول حسابات مركزية، أبرزها: الحساب الإسرائيلي @magicflower22 الذي يصف نفسه بأنه مقاتل سابق في الجيش الاسرائيلي. حساب @hamedmusher يصف نفسه بمؤسس الحزب الليبرالي الأحوازي، ومناضل من أجل الاحواز، وقاد موجة نشر عربية نشطة، تكرّرت داخلها مقاطع وصور مزعومة عن ثورة في الأحواز. حساب @niohberg تصف نفسها بأنها اليهودية الإيرانية الأشهر على منصة إكس، وتعتبر نفسها مناصرة لاستعادة الملكية في إيران وداعمة لإسرائيل. حساب @uhn_plus حساب باللغة الإنجليزية وهي صفحة إخبارية أميركية. الحسابان الإسرائيليان @mossadil و @osint613، حسابان يقدّمان نفسيهما كمصدرين إخباريين، ولكنهما يعملان على ترويج السرديات المؤيدة لحكومة نتنياهو ويروجان للمحتوى المضلل، بشكل جاد أو ساخر. يكشف هذا التحقيق أن الرواية التي انتشرت بكثافة بين 14 و17 يونيو/حزيران 2025، والتي صوّرت إيران وكأنها على أعتاب "ثورة شعبية" وانهيار داخلي، استندت في معظمها إلى محتوى مُضلّل أو خارج سياقه الزمني والجغرافي، وعملت حسابات على تضخيمها عبر حسابات مركزية. كما أظهر التحليل أن الحسابات التي ضخّمت هذه السردية لم تكن عشوائية، بل ظهرت شبكة رقمية نشطة، ضمت حسابات إسرائيلية وعربية، واتبعت نمطا متكررا في النشر وإعادة التغريد، وسعت إلى تضخيم مشاعر الخوف والانهيار باستخدام مقاطع قصيرة وعناوين مثيرة دون تحقق أو مصدر موثوق.

هل سمح ترامب بضرب إيران؟ ولماذا الآن؟
هل سمح ترامب بضرب إيران؟ ولماذا الآن؟

الجزيرة

timeمنذ 7 أيام

  • سياسة
  • الجزيرة

هل سمح ترامب بضرب إيران؟ ولماذا الآن؟

خاضت إدارة الرئيس الأميركي ترامب حتّى الآن ‏حوالي خمس جولات تفاوضيّة مع إيران ‏حول ملف الأخيرة النووي ‏لتنتهي هذه الجولات بهجوم إسرائيلي في العمق الإيراني ‏سبقه إجلاء لبعض الرعايا الأميركيين في المنطقة. ‏أحدثت الثورة الإسلامية الإيرانية علامةً فارقةً في العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة إيران، إذ كانت الولايات المتحدة تعُدّ نظام شاه إيران السابق حليفاً استراتيجياً مهماً لها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في استقرار ‏منطقة الشرق الأوسط. لم تكن الولايات المتحدة الأميركية حينها في حاجةٍ لإرسال أساطيلها البحرية او جنودها لحماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. ‏بدأت إيران التفكير في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية منذ عهد الشاه بمساعدةٍ أمريكيةٍ محدودة. كان شاه إيران يلعب دور الشرطي الأميركي بجدارةٍ حينئذ، حتى قيام الثورة الإيرانية وما تلاها من تعقيدات في المشهد الأميركي الإيراني. ازدادت رغبة إيران في التوسع توسعًا كبيرًا في إنتاج الطاقة النووية السلمية خلال العقدين الأخيرين، مما يجعلها مؤهلةً لإنتاج السلاح النووي متى ما توفرت الإرادة السياسية لإنتاجه. لذلك، كان الملف النووي الإيراني أحد القضايا الرئيسية التي تشغل اهتمامات السياسة الخارجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط. ولكن، لماذا سمح الرئيس الأميركي ترامب لإسرائيل بمهاجمة إيران في الوقت الحالي، رغم جولات التفاوض الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران؟ توجّهات ترامب الخارجية والملف النووي الإيراني تمثّلت رغبة الرئيس الأميركي ترامب السياسية، عند دخوله البيت الأبيض في بداية ولايته الثانية، في التوصّل إلى اتفاق سياسي مع إيران يمنع حصول الأخيرة على السلاح النووي دون اللجوء إلى استخدام خيار القوة العسكرية الأميركية لتحقيق ذلك. ألغى الرئيس الأميركي ترامب الاتفاق النووي الأخير مع إيران، الذي وقّعته إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، واصفًا ذلك الاتفاق حينها بأنه "اتفاق سيئ للغاية" سمح لدولة إيران بالحصول على مليارات الدولارات الأميركية، وخفّف عنها كثيرًا من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها آنذاك. لذلك، عمل الرئيس ترامب، عند دخوله البيت الأبيض – إبان فترة رئاسته الأولى – على إلغاء هذا الاتفاق النووي من قبل الولايات المتحدة الأميركية، فارضًا في الوقت نفسه عقوبات اقتصادية قوية ضد إيران. والجدير بالإشارة هنا أن الرئيس الحالي جو بايدن لم يستطع إبرام اتفاق نووي آخر مع دولة إيران، وبالتالي ظلّت العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران متوترة حتى وقتنا الحالي. جاء الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض رئيسًا منتخبًا للمرة الثانية مطلع هذا العام، حاملًا معه "العصا والجزرة" كنهج سياسي خارجي حيال إيران، مؤكدًا مرة أخرى رغبة إدارته في إبرام اتفاق يمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، مقابل رفع العقوبات الأخيرة التي تستهدف صناعة النفط في إيران وتصديره، وكذلك التعاملات التجارية والمالية مع البنوك الإيرانية. اعتقد الرئيس ترامب أن هذه "الجزرة" الأميركية قد تعود بالفائدة الاقتصادية الكبرى على بعض الشركات الأميركية، في حال حدوث انفراج سياسي واقتصادي كبير بين إيران والولايات المتحدة، وهو أمر يبدو احتمال حدوثه ضعيفًا الآن في ظل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة ضد الأهداف الإيرانية. حاول ترامب إبرام اتفاق مع إيران مستخدمًا أسلوبًا يرفع فيه سقف مطالبه التفاوضية، مثل رغبته في إيقاف تخصيب اليورانيوم إيقافًا كاملاً، الأمر الذي لم توافق عليه إيران، حيث تطالب دوماً بحقها السيادي في تخصيب اليورانيوم بدرجات أقل، للاستفادة منه في الاستخدامات المدنية وفقًا لمواصفات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما حاول ترامب التفاوض على الموافقة التدريجية على رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، عوضًا عن رفعها كليًا مرة واحدة كما تطالب الأخيرة. ولقد كانت هذه المسألة – بالإضافة إلى مطالب إيران بالحفاظ على حقها في تخصيب اليورانيوم للاستخدامات السلمية – العائق الآخر أمام التوصل إلى اتفاق نووي جديد. بلا شك، حاول الوسطاء الخليجيون، وعلى رأسهم سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية، السعي الحثيث لتقريب وجهات النظر الأميركية والإيرانية، لحل مشكلة الملف النووي الإيراني سلميًا، وتجنّب المنطقة المزيد من الحروب والتوترات العسكرية. ظلّ ترامب يلوّح باستمرار بالعصا الإسرائيلية ضد إيران كخيار استراتيجي آخر في حال فشل الوصول إلى اتفاق نووي، وإصرار إيران على الاستمرار في عملية تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية. لقد كانت إسرائيل والولايات المتحدة في سباق مع الزمن لإيقاف البرنامج النووي الإيراني إيقافًا كاملاً، خاصة مع تواتر التقارير الدولية التي أشارت إلى زيادة إيران درجات تخصيب اليورانيوم زيادةً كبيرةً تجعلها قريبة جدًّا من إنتاج السلاح النووي. يأمل الرئيس ترامب ألا يتسع نطاق الحرب بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، وأن يكون الرد الإيراني محدودًا، مثلما كان الأمر عليه عند اغتيال القائد الفلسطيني إسماعيل هنية في طهران. وربّما يأمل الرئيس ترامب عودة إيران لاحقًا إلى طاولة المفاوضات بعد إزالة الخطر الأكبر في برنامجها النووي. ولكن ربّما لا يدرك ترامب خطورة تبادل الهجمات الإسرائيلية والإيرانية على منطقة الشرق الأوسط والسلام العالمي، وربّما تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرةً لخوض الحرب مرة أخرى في منطقة الشرق الأوسط إذا خرجت الأمور عن السيطرة كليًّا. موقف إسرائيل تحاول إسرائيل، من خلال هجماتها الأخيرة ضد إيران، أن تبدو قويةً تهيمن على المنطقة، وهي تحارب في عدة جهات في غزة واليمن وإيران. إلا أن إسرائيل تبدو أيضًا أكثر ضعفًا هذه المرة مما كانت عليه قبل أكثر من عشرة أعوام، حينما كان الرئيس السابق باراك أوباما يفاوض إيران حول ملفها النووي. راهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قدراته السياسية في إقناع ترامب بمهاجمة إيران وتدمير منشآتها النووية، إلا أن الرئيس ترامب يريد أن تقوم إسرائيل بنفسها بذلك الهجوم، مؤكدًا أن هذا هجوم إسرائيلي أحادي، وليس بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية. تستطيع إسرائيل تحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية خلال هذه الهجمات، لما تمتلكه من معلومات استخباراتية، مما جعلها قادرةً على استهداف بعض القادة العسكريين الإيرانيين، ولكن على المدى البعيد لن تستطيع إسرائيل الدخول في حرب طويلة ضد إيران، وهي تحارب أيضًا في غزة، وتستقبل الصواريخ الحوثية، وتعاني من عزلة دولية كبيرة. ومهما قدّم الرئيس الأميركي ترامب من دعم عسكري لإسرائيل، فإن مغبة إطالة أمد الحرب بين إسرائيل وإيران ستُكلّف الولايات المتحدة الأميركية كثيرًا من الخسائر، كما ستمنح روسيا والصين فرصة سانحة لتقوية نفوذهما في منطقة الشرق الأوسط. يعتقد نتنياهو أن استمرار آلة الحرب الإسرائيلية هو الضمان الوحيد لبقائه في سدة الحكم، ولتوحيد الأحزاب الإسرائيلية خلف جيشها وهو يخوض هذه الحروب. ولكن، لقد زادت النيران اشتعالًا حول إسرائيل، وأصبحت أكثر عرضةً للاستهداف في عمقها الأمني مقارنةً بالحروب التي خاضتها في الماضي. موقف إيران وردّها المتوقع تقوم الاستراتيجية الإيرانية فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل على الاستفادة من الدروس السياسية لثلاث دول تعاملت مع الولايات المتحدة الأميركية، وهي: كوريا الشمالية، والعراق، وليبيا. فالحالة العراقية تكشف أن تقديم التنازلات الكبيرة، كتنازلات الرئيس السابق صدام حسين – وسماحه للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش حتى قصوره الرئاسية – لم تشفع له عند إدارة جورج بوش الابن في تجنّب الحرب على بلاده. أما النموذج الليبي، فقد جاء بعد حرب العراق، حينما قدّم الرئيس الليبي معمر القذافي تنازلًا كاملًا عن برنامجه النووي، ووافق على تقديم مليارات من الدولارات كتعويضات مالية لضحايا نظامه من المواطنين الغربيين وغيرهم. أدت هذه التنازلات الكبيرة إلى رفع الحظر الاقتصادي المفروض على ليبيا، وقبول التعامل معها في المجتمع الدولي الغربي، قبل الإطاحة بالنظام بعد انفجار ثورة الربيع العربي في ليبيا. أما النموذج الكوري، فيظل هو الأقرب بالنسبة لإيران، حيث تبنّت كوريا الشمالية تعنّتًا كبيرًا حتى تمكّنت من امتلاك القنبلة النووية، ومن ثمّ أصبح من الصعوبة السيطرة عليها أو شنّ حرب دولية ضدها. ولكن الظروف الإقليمية المحيطة بإيران تختلف عن تلك التي تحيط بكوريا. جاءت هذه المفاوضات أيضًا في إطار إقليمي خسرت فيه إيران الكثير من هيمنتها، مثل خسارة حليفها الأسد في سوريا، وضعف حليفها حزب الله في لبنان. ولكن سيبقى خيار الاستمرار في تخصيب اليورانيوم خيارًا استراتيجيًا إيرانيًا – بما في ذلك القدرة على إنتاج القنبلة النووية على المدى البعيد – لن تستطيع التنازل عنه بسهولة، كما توقّعت إدارة الرئيس الأميركي ترامب. لذلك، لن تردع الهجمات الإسرائيلية الأخيرة دولة إيران عن الاستمرار في برنامجها النووي، لأنه يُعدّ الضامن الأول لأمنها، كما هو حال دولة كوريا الشمالية. ستقوم إيران بهجوم سريع ضد إسرائيل، والاستعداد لحرب طويلة المدى، في حالة استمرار الهجمات الإسرائيلية، حيث تبدو إيران أكثر استعدادًا وخبرةً في الحروب طويلة الأمد من إسرائيل. يستطيع الرئيس الأميركي ترامب أن يمنح الضوء الأخضر لإسرائيل لمهاجمة إيران، لكنه ليس بمقدوره إطلاقًا أن يمنح الضوء الأحمر لإيقاف الحرب بينهما.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store