أحدث الأخبار مع #الجرائم_الحربية


BBC عربية
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- BBC عربية
المقابر الجماعية في سوريا: "سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا"
"هذه الرفات من مقبرة جماعية مختلطة"، هكذا يقول الدكتور أنس الحوراني. يقف رئيس مركز تحديد الهوية السوري، الذي افتُتح حديثاً، بجوار طاولتين مغطاتين برفات بشري من عظام الفخذ. فوق كل طاولة توجد 32 عظمة فخذ بشرية. وقد رُتبت ورُقمت بدقة. الفرز هو المهمة الأولى لهذه الحلقة الجديدة، في السلسلة الطويلة من الإجراءات الرامية إلى تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة في سوريا. تعني "المقبرة الجماعية المختلطة" أن الجثث رُميت واحدة فوق الأخرى. من المرجح أن هذه العظام تعود إلى أشخاص ضمن مئات الآلاف، الذين يُعتقد أنهم قُتلوا على يد نظامي الرئيس السابق بشار الأسد ووالده حافظ، اللذين حكما سوريا لأكثر من خمسة عقود. إذا كان الأمر كذلك، يقول الدكتور الحوراني، إنهم من بين الضحايا الأحدث عهداً: قد ماتوا منذ ما لا يزيد عن عام. الدكتور الحوراني طبيب أسنان شرعي: يقول إن الأسنان يمكن أن تخبرك بالكثير عن الجثة، على الأقل عندما يتعلق الأمر بتحديد هوية الشخص. ولكن مع عظم الفخذ، يمكن لعمال المختبر في الطابق السفلي من هذا المبنى المكتبي في دمشق بدء المهمة: يمكنهم معرفة الطول والجنس والعمر، ونوع العمل الذي كانوا يمارسه أصحاب تلك الرفات، وقد يتمكنون أيضاً من معرفة ما إذا كان الضحية قد تعرض للتعذيب. المعيار الرئيسي في تحديد الهوية هو بالطبع تحليل الحمض النووي. لكنه يقول إنه لا يوجد سوى مركز واحد لفحص الحمض النووي في سوريا. "قد دُمرت العديد من هذه المراكز خلال الحرب في البلاد. وبسبب العقوبات، فإن الكثير من المواد الكيميائية الأولية التي نحتاجها لإجراء الاختبارات غير متوفرة حالياً". كما أُبلغوا بأن "أجزاء من الأجهزة (اللازمة لإجراء ذلك التحليل) قد تُستخدم في الطيران، وبالتالي لأغراض عسكرية". بمعنى آخر، قد تُعتبر "مزدوجة الاستخدام"، وبالتالي يُحظر تصديرها إلى سوريا من قِبل العديد من الدول الغربية. يُضاف إلى ذلك التكلفة: 250 دولاراً أمريكياً لإجراء اختبار واحد. ويقول الدكتور الحوراني: "في مقبرة جماعية مختلطة، يتعين إجراء حوالي 20 اختباراً لجمع جميع أجزاء جسد واحد". يعتمد المختبر كلياً على تمويل اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتقول الحكومة الانتقالية في سوريا إن "العدالة الانتقالية" من أولوياتها. وقال العديد من السوريين الذين فقدوا أقاربهم، ولم يعثروا على جثثهم، لبي بي سي إنهم ما زالوا غير راضين ومحبطين: إنهم يريدون رؤية المزيد من الجهود من قِبل الثوريين الذين أطاحوا أخيراً بحكم بشار الأسد، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد 14 عاماً من الحرب. خلال تلك السنوات الطويلة من الحرب، قُتل مئات الآلاف، وشُرد الملايين. ووفقاً لبعض التقديرات، اختفى قسراً أكثر من 130 ألف شخص. بالوتيرة الحالية، قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتحديد هوية ضحية واحدة فقط من مقبرة جماعية مختلطة. يقول الدكتور الحوراني: "هذا عمل يستغرق سنوات طويلة". جثث "مشوّهة ومعذّبة" إحدى عشرة مقبرة من تلك "المقابر الجماعية المختلطة" متناثرة حول قمة تل قاحل خارج دمشق. بي بي سي هي أول وسيلة إعلام دولية ترى هذا الموقع. القبور ظاهرةٌ للعيان الآن. خلال السنوات التي انقضت منذ حفرها، كان سطحها قد انضحل في الأرض الجافة الصخرية. يرافقنا حسين علوي المنفي، أو "أبو علي"، كما يُطلق على نفسه. كان أبو علي سائقاً يعمل مع الجيش السوري. يقول: " كانت حمولتي عبارة عن جثث بشرية". تمّ العثور على هذا الرجل – أبو علي - بفضل العمل الاستقصائي الدؤوب لمعاذ مصطفى، المدير التنفيذي السوري الأمريكي لقوة الطوارئ السورية، وهي مجموعة من النشطاء مقرها الولايات المتحدة. لقد أقنع مصطفى أبو علي بالانضمام إلينا، ليشهد على ما يسميه معاذ "أسوأ جرائم القرن الحادي والعشرين". نقل أبو علي شاحنات محملة بجثث إلى مواقع متعددة، لأكثر من عشر سنوات. في هذا الموقع كان يأتي، في المتوسط، مرتين أسبوعياً لمدة عامين تقريباً في بداية المظاهرات، ثم الحرب، بين عامي 2011 و2013 . كان الإجراء دائماً هو نفسه. كان يتوجه إلى منشأة عسكرية أو أمنية. يقول: "كان لديّ مقطورة بطول 16 متراً. لم تكن تمتلئ دائماً بالكامل. لكنني كنتُ أحمل، على ما أظن، ما معدله 150 إلى 200 جثة في كل حمولة". يقول إنه مقتنعٌ بأن حمولته كانت لمدنيين. "كانت جثثهم مشوّهة ومعذّبة". لم يكن بإمكانه تمييز هوياتهم إلا بأرقام مكتوبة على الجثث، أو مُلصقة على الصدر أو الجبهة. هذه الأرقام تُشير إلى مكان وفاتهم. فقال إن هناك الكثير من الجثث جاءت من "الفرع 215" - وهو مركز اعتقال "سيء السمعة" تابع للمخابرات العسكرية في دمشق يُعرف بهذا الاسم، وهو مكان سنعود إليه لاحقاً في هذا التقرير. لم تكن مقطورة أبو علي مزودة برافعة هيدروليكية لقلب حمولته وتفريغها. عندما كان يتراجع إلى الخلف باتجاه الحفرة، كان الجنود يسحبون الجثث إلى الحفرة واحدة تلو الأخرى. ثم تقوم جرافة صغيرة بـ"تسويتها وضغطها وردم القبر". وصل إلى موقعنا ثلاثة رجال ذوي وجوهٍ شاحبة من قرية مجاورة. يؤكدون قصة الزيارات المنتظمة للشاحنات العسكرية إلى هذه البقعة النائية. أما الرجل الذي يقود السيارة: كيف له أن يفعل هذا أسبوعاً تلو الآخر، عاماً تلو الآخر؟ ماذا كان يقول لنفسه كلما صعد إلى مقصورة سيارته؟ يقول أبو علي إنه تعلّم أن يكون "خادماً صامتاً" للدولة. "بينما كان الجنود يلقون بالجثث في الحفر، كنت أبتعد وأنظر إلى النجوم، أو أنظر نحو دمشق". "كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره" دمشق - المكان الذي عادت إليه السورية ملك عودة مؤخراً، بعد سنوات قضتها لاجئة في تركيا. ربما تكون سوريا قد تحررت من قبضة عائلة الأسد، لكن لا يزال هناك حكم بالسجن المؤبد بحق ملك. على مدى الثلاثة عشر عاماً الماضية، ظلت حبيسة روتين يومي من الألم والشوق. في عام 2012، بعد عام من تجرؤ بعض السوريين على الاحتجاج ضد الأسد، اختفى ابناها. كان محمد لا يزال مراهقاً عندما جُنّد في جيش الأسد، مع انتشار المظاهرات وإشعال النظام لحملات قمع تحولت لحرب شاملة. تقول والدته إنه كان يكره ما يراه. بدأ محمد بالفرار من الجيش، حتى أنه شارك في المظاهرات بنفسه. لكن تم تعقبه. تقول والدته: "كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره. قضى ثلاثة أيام فاقداً للوعي في المستشفى". تغيب محمد عن الجيش بدون إذن مرة أخرى. تقول ملك: "أبلغت عن اختفائه، لكنني أنا التي كنت أخفيه". في مايو/ أيار 2012، نفد حظ محمد، البالغ حينها من العمر 19 عاماً. أُلقي القبض عليه مع مجموعة من أصدقائه، وأُطلق عليهم النار. تقول ملك إنه لم يكن هناك أي إخطار رسمي. لكنها لطالما توقعت أنه قد قُتل. بعد ستة أشهر، اقتاد الضباط ماهر، شقيق محمد الأصغر، من المدرسة. كان هذا ثاني اعتقال لماهر. شارك في الاحتجاجات عام 2011، وعمره 14 عاماً. أدى ذلك إلى اعتقاله الأول. عندما أُطلق سراحه بعد شهر، كان يرتدي ملابسه الداخلية، وجسده مغطى، كما تقول والدته، بحروق سجائر وجروح وقمل. "كان مرتعباً". تعتقد ملك أن ماهر اختفى من المدرسة عام 2012، لأن السلطات اكتشفت أنها كانت تخفي شقيقه الأكبر. الآن، ولأول مرة منذ 13 عاماً، تعود ملك إلى تلك المدرسة، متلهفة لمعرفة ما حدث لماهر. أخرج مدير المدرسة الجديد دفترين أحمرين ممزقين. تتبعت ملك صفوف الأسماء بإصبعها، ثم وجدت اسم ابنها. في ديسمبر/ كانون الأول 2012، ورد في السجل بشكل قاطع: طُرد ماهر من المدرسة لتغيبه عن الدروس لمدة أسبوعين. لا يوجد تفسيرٌ لإخفاء الدولة له. مع ذلك، ثمة أمرٌ آخر: عُثر على ملفٍّ يحتوي على سجلات ماهر المدرسية. غلافه مُزيّن بصورةٍ لبشار الأسد، وهو ينظر إلى الأفق البعيد بتأمل. التقطت ملك قلماً من على مكتب مدير المدرسة وخربشت فوق الصورة. لو فعلت هذا التصرف قبل ستة أشهر من الآن، لكاد أن يودي بحياتها. لسنوات، لم يكن لدى ملك أي أثر لماهر تتشبث به، سوى رجلين يقولان إنهما شاهدا ماهر في "الفرع 2015" – وهذا هو مركز الاعتقال العسكري نفسه، الذي خرج منه هذا العدد الكبير من الجثث لينقلها أبو علي في شاحنته. أخبر أحد الرجلين ملك أن ابنها أخبره شيئاً عن والديه، تقول والدته إن ماهر وحده من كان يعلم ذلك الشيء. إنه هو بالتأكيد. "لقد طلب من هذا الرجل أن يخبرني أنه بخير". تنهدت ملك وانهمرت دموعها، ووضعت منديلاً ممزقاً على عينيها. بالنسبة لملك، كغيرها من السوريين، لم يكن سقوط الأسد مجرد يوم فرح، بل يوم أمل. "كنت أعتقد بنسبة 90 في المئة أن ماهر سيخرج من السجن. كنت أنتظره". لكنها لم تتمكن حتى من العثور على اسم ابنها في قوائم السجناء. وهكذا يستمر نبض الألم يسري في جسدها. "أشعر بالضياع والارتباك"، كما تقول. لقد قُتل شقيقها الأصغر، محمود، بنيران دبابة أطلقت النار على المدنيين عام 2013. لكن "على الأقل عثروا على جثته وشُيّعت في جنازة".


CNN عربية
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- CNN عربية
مسؤول إماراتي يرد على سؤال مذيعة CNN "ما علاقة بلادكم بقوات الدعم السريع؟".. ماذا قال؟
رد سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، محمد أبو شهاب، على سؤال مذيعة CNN، بيكي أندرسون، عن علاقة بلاده بقوات الدعم السريع في السودان، مؤكدًا أن الإمارات "لم تدعم، ولا تدعم، ولن تدعم أي طرف متحارب في الحرب الأهلية السودانية، وفي الواقع، لم يتوصل تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة الذي نُشر مؤخرًا إلى أي نتائج ضد الإمارات". وأشار السفير إلى أن "ما وجده تقرير لجنة الخبراء هو أن الأطراف المتحاربة ارتكبت فظائع على الأرض. وأن الغارات الجوية العشوائية للقوات المسلحة السودانية على المدنيين والبنية التحتية المدنية ترقى إلى جرائم حرب". كما أضاف: "كان هذا جزءًا من سلسلة من إساءة استخدام منصات الأمم المتحدة، بما في ذلك هنا في الأمم المتحدة بمجلس الأمن، حيث روّجت القوات المسلحة السودانية لحملة تضليل لا أساس لها من الصحة، تهدف في الواقع إلى صرف الانتباه عن إخفاقاتها". وتابع بالقول: "وبدلاً من صرف الانتباه، ينبغي على القوات المسلحة السودانية التركيز على إنهاء معاناة الشعب السوداني"، حسبما أفاد.


معا الاخبارية
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- معا الاخبارية
"درع السودان" و"القوات المشتركة".. انتهاكات المليشيات في السودان في الواجهة
السودان - معا- منذ اندلاع النزاع المسلح في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، شهدت البلاد تصاعداً مقلقاً في انتشار الكتائب والمليشيات المسلحة، خاصة تلك التي تحالفت مع الجيش السوداني. هذه الجماعات، التي تشمل كتائب مثل "البراء بن مالك" و"درع السودان"، لم تقتصر على توسيع نفوذها في المناطق التي يسيطر عليها الجيش، بل أثارت رعباً واسعاً بين المدنيين عبر ارتكاب انتهاكات جسيمة تشمل القتل العشوائي، النهب، والعنف الجنسي، إلى جانب تجنيد الأطفال قسراً للقتال، هذه المليشيات، التي تعمل غالباً تحت مظلة قبلية أو إيديولوجية، باتت تهدد استقرار السودان وتُعمق الأزمة الإنسانية التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها "تهدد جيلاً بأكمله". وفقاً لتقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن السودان في سبتمبر 2024، "ارتكبت القوات المسلحة السودانية وحلفاؤها، بما في ذلك المليشيات المتحالفة، هجمات عشوائية ومباشرة على المدنيين، تشمل المدارس والمستشفيات، في انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب". كما وثّق المركز الإفريقي للعدالة ودراسات السلام في سبتمبر 2023 تورط الإدارات الأهلية المتحالفة مع الجيش في عمليات مماثلة تجنيد الأطفال باستخدام الإكراه والوعود المالية، وفي تصريح للكاتب الصحفي السوداني طاهر المعتصم في يناير 2025، "يثير القلق بشكل خاص التقارير المتزايدة حول تورط المليشيات في تجنيد الأطفال، في انتهاك واضح للمعاهدات الدولية". ولم يعد خفيًا انخراط الميليشيات والحركات المسلحة الموالية للنظام العسكري بالسودان في مخططات واسعة للحرب الأهلية بمناطق مختلفة عبر انتهاكات لا تعد ولا تحصى من القتل والتعذيب والاعتقال والاغتصاب والاختطاف للمدنيين العزل. فيديو حديث نشره المرصد السوداني الوطني لحقوق الإنسان يوثق فيه قيام أفراد ميليشيات «درع السودان» بقيادة أبو عاقلة كيكل بحرق منازل المدنيين في محلية أم رمته التابعة لولاية النيل الأبيض، وفي تعليقه على المقطع المصور يقول المرصد السوداني إن الحرق هو سلوك ممنهج في ارتكاب الانتهاكات ضد المواطنين الأبرياء من قبل هذه الميليشيات المتورطة في جرائم حرب عديدة ضد المدنيين. وفي مقطع آخر وثقه المرصد، تظهر جرائم لأفراد ميليشيات القوات المشتركة بعد احتجازهم القسري لمواطن على أساس قبلي. ويؤكد المرصد أن هذه المليشيات تستهدف أفرادًا من قبائل أو عرقيات معينة كجزء من سياسة قمعية أو تمييزية، في وقت تعد الاعتقالات التعسفية انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وتتعارض مع المبادئ الأساسية للعدالة والمساواة أمام القانون. وتتحدث تقارير منشورة في نوفمبر من العام الماضي تزامنت مع الإعلان عن تشكيل ما تعرف بحركة «تحرير الجزيرة» عن ارتفاع عدد المليشيات المسلحة التي ظهرت خلال العام الماضي وحده إلى 13 ليتخطى عدد المجموعات المسلحة الكلي في السودان الـ100 حركة موزعة بين غرب ووسط وشمال وشرق البلاد، وهو ما أجج مخاوف من إغراق البلاد في حروب وصراعات يصعب السيطرة عليها. في فبراير الماضي، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، أن قوات «درع السودان» المتحالفة مع البرهان ترتكب جرائم حرب تمثلت في قتل المدنيين وحرق مساكنهم ونهب ممتلكاتهم في ولاية الجزيرة، المنظمة الدولية قالت حينها إنه «بموجب مبدأ مسؤولية القيادة، قد يكون القادة العسكريون مسؤولين عن جرائم الحرب التي يرتكبها أفراد تابعون للقوات المسلحة، أو مقاتلون آخرون خاضعون لسيطرتهم». بين الدرع والقوات مع استمرار النظام والميليشيات الموالية له في جهود تجنيد واسعة النطاق على أساس عرقي، واصل البرهان الاعتماد على الميليشيات المسلحة المحلية التي تم تجميعها على مستوى المجتمعات المحلية والتي قامت بحشدها ودعمها لوجستيًا واستخدامها قوات مساعدة، وفي الفترة الأخيرة صعدت القوات المشتركة الموالية للبرهان من مبادرات التجميد في شمال دارفور لتعزيز سيطرتها على الفاشر وطرق الإمداد الاستراتيجية. وفي أعقاب الأحداث التي شهدتها الفاشر في مايو من العام الماضي ، عقد مؤتمر الزغازة في منتصف مايو في أم جرس، وهي قرية تقع بالقرب من الحدود مع تشاد والمركز الإداري لدار زغاوة، وتوج المؤتمر بقرار حشد أعضاء الزغاوة كتدبير مضاد ضد قوات الدعم السريع. وجرى هذا الحشد على مرحلتين، أولاهما تجنيد أعضاء في الميليشيات وثانيهما دمج مقاتلي الميليشيات في صفوف القوات المشتركة الموالية للبرهان. ثم في أكتوبر ونوفمبر من العام الماضي، اتجه زعماء سياسيون وعسكريون وقبليون بارزون من الزغاوة إلى بورتسودان. وخلال هذه الزيارات تواصلوا مع قوات البرهان والميليشيات الموالية لها لتعزيز التعاون العسكري، وبالفعل جرت عمليات تجنيد موسعة، بحسب التقرير الأممي. يشار هنا إلى نقطة مهمة رصدها التقرير وهي النهج الاستراتيجي لإشراك القبائل الدارفورية غير العربية مثل الزغاوة في الحملة العسكرية الأوسع نطاقات لقوات البرهان، وهو ما يعكس استراتيجيات مماثلة لوحظت مع قبائل أخرى مثل الفور والمساليت. أما كيكل فشكل قوات درع السودان في عام 2022، وجند عناصرها بشكل أساسي في ولاية الجزيرة، وقاتلت المجموعة إلى جانب النظام العسكري من أبريل 2023 إلى أغسطس 2023، ثم توقفت لفترة قبل أن تعود مرة أخرى وتنضم إلى البرهان في أكتوبر 2024. خطر الكانتونات يخشى وزير الثقافة والإعلام السوداني السابق الكاتب والأكاديمي فيصل محمد صالح حملات انتقامية على مدن وقرى في ظل فوضى الميليشيات المسيطرة على المشهد السوداني منذ الانقلاب الكبير الذي قاده أبو عاقلة كيكل في أكتوبر 2024، وانضمامه إلى النظام العسكري بقيادة عبدالفتاح البرهان مع قواته المسماة «درع السودان». أظهر دخول مسلحيه للعاصمة الخرطوم صراع بين «فصائل البرهان»، وتحديدًا بين مجموعات «القوات المشتركة» المكونة أساسًا من حركات دارفور المسلحة وقوات «درع السودان»، ومجموعات الكتائب الإسلامية الإخوانية التي أحست بوجود منافسة مبنية على الأساس القبلي والمناطقي تحد من تمددها في المناطق المختلفة، بحسب صالح. وتحولت الانتقادات إلى اتهامات بالفساد وارتكاب الجرائم والتصفيات، ووصلت لمرحلة تبادل اتهامات الخيانة والعمالة، ليظل الخطر الذي يخشاه السودانيون هو تحول هذه الصراعات الإسفيرية إلى صراعات ميليشيات مسلحة على الأرض، وهو ما بدا ظاهراً الآن إذ تحول السودان إلى «كانتونات» تدخل البلاد في دوامة لا يعرف أحد حدودها وخطوط نهايتها. وربما يزيد من هذا المشهد الخلافات القبلية والإثنية القائمة بالفعل، حيث يوجد في السودان 570 قبيلة، تنقسم إلى 56 أو 57 فئة إثنية على أساس الخصائص اللغوية والثقافية والإثنوجرافية، وتتحدث 114 لغة مكتوبة ومنطوقة، 50 منها في جنوب السودان. ويمكن تصنيف هذه القبائل جغرافيًا حيث تعيش مجموعة القبائل النوبية في أقصى شمال السودان بينما القبائل العربية في الوسط والنيل الأبيض وجزء من الإقليم الشمالي، وتتمركز قبائل البجا في شرق السودان، وقبائل الفور في غرب السودان، وأيضًا مجموعة قبائل المابات والانقاسنا جنوب النيل الأزرق، والقبائل النوباوية في النصف الأسفل لوسط السودان (تابعة إداريًا لإقليم كردفان)».