أحدث الأخبار مع #الجزيرةالعربية


الجزيرة
منذ 5 أيام
- سياسة
- الجزيرة
الجوع والخوف: أدوات استعمارية موجهة
حين يذكّرنا القرآن بنعمة الطعام والأمن، فلا يذكرهما ترفًا ولا رفاهًا، بل يضعهما على رأس قائمة الضرورات التي لا تقوم حضارة بدونها، ولا تستقيم حياة في غيابها، وليس ذلك من باب الامتنان العابر، بل بوصفهما شرطين مسبقين لأي إمكانية لنشوء مجتمع مستقر، قادر على إنتاج الثقافة، ومراكمة التاريخ، والتفكير في المستقبل. قال الله تعالى في خطابه لقريش: ﴿الَّذِيٓ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم منْ خَوْفٍ﴾، وقال على لسان خليله إبراهيم، وهو يدعو لمكة قبل أن تُعمّر؛ تذكيرًا بالأولويات التأسيسيّة لأي مجتمع: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾. فلا أمن يُبنى في حضرة الخوف، ولا عقل يُفكّر والبطن خاوٍ؛ وإن الجوع والخوف هما معول الهدم الذي تمسكه يد الظالم حين يريد أن يطفئ نور أمة، أو يطوّع شعبًا، أو يُخمد جذوة الكرامة في النفوس، حيث يتحولان إلى أداة سياسية واقتصادية يعمق من خلالها البنية الاحتلالية؛ لذا انفردت تجربة قريش بمكانة من الأمن والطعام في وقت كانت الجزيرة العربية تعاني فيه من التنازع والخوف وندرة الموارد. الأسرى: تفكيك الروح الجماعية ونموذج ذلك واقع الأسرى الفلسطينيين في السجون؛ فالمؤسسة الأمنية تدرك تمامًا أن تقويض الاستقرار لا يكون بالجسد فحسب، بل يبدأ من تفكيك الأرواح وزلزلة اليقين الداخلي، وذلك عبر إرهاب نفسي وجسدي ممنهج، وحرمان من الطمأنينة والطعام. الأسرى اليوم يعانون من مجاعة مطبقة، ومعاناتهم لا تقتصر على ألم الجوع، بل تمتد إلى انكسار الشعور بالكرامة الإنسانية، ما يجعل كلَّ أسير يفكر بروح الفرد، وتتحطم لديه روح الجماعة. وفي لحظة افتراس الجوع يُفهم حديث الرسول ﷺ، الذي أشكل على كثيرٍ من المعاصرين، فقد ورد في "صحيح البخاري": "أمرَ النبيُّ ﷺ بلعق الأصابع والصحفة، وقال: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة". فليس الحديث عن النظافة فحسب، بل عن فقه الكفاف، وتعظيم النعمة مهما قلّت؛ فالرسول ﷺ، في زمن الفقر والقِلّة، كان يلعق أصابعه توقيرًا للنعمة، وطلبًا للبركة، وحذرًا من هدر القليل. ولهذا، فإنّ الأسرى اليوم هم أكثر من يدرك عمق هذا الحديث، في زمنٍ يتمنّى فيه الأسير أن يشعر بالشبع، أو يدفع عن نفسه ألم الجوع المزمن؛ فبركة الطعام لا تدرَك وقت الشبع، بل تُفهم عند القِلّة. غزة: سجن كبير والأدوات واحدة وإذا ما انتقلنا من الزنزانة الصغيرة إلى السجن الكبير، وهو نموذج قطاع غزة، فإنّ القوى العظمى والمحتل يدركون أن الخوف والجوع هما من أخطر الأسلحة الإستراتيجية التي تتنوع أطيافها ومدياتها، والتي تُستخدم لردع الشعوب، وفصل مشاعرها عن الأرض، وبثّ الجهل والإحباط واللايقين في أوساطها. فهم يعرفون أن الجائع لا يحلم، والخائف لا يُطالب؛ لذلك يُغذّون الخوف حتى يُخرِس، ويضخّون الإحباط حتى يُطفئ أي بريقٍ للأمل أو للمقاومة، ويُحلّون التوجس محل الثقة. وما يترتب على غياب الأمن والطعام هو انهيار المنظومة الأخلاقية، وتفشّي الجهل، وانكفاء المجتمع على بطنه بدل أن يسمو بعقله؛ لذا ذكّرنا الله سبحانه وتعالى، في أكثر من موضع، بقيمة هاتين النعمتين اللتين لا تقدَّران بثمن، وهذا ما جعل سيّدنا إبراهيم -النبيّ الخبير- يدعو بهما أولًا، إدراكًا ووعيًا سياسيًّا منه أن استقرار أي بلد وازدهاره لا يبدأ بالحجارة، بل يبدأ من الأمن، والطعام، وطمأنينة الإنسان في داره وبلاده. غياب الأمن والطعام لا يخلق فقط معاناة إنسانية، بل يُنتج انهيارًا وتحولات اجتماعية عميقة ذات طابع سلبي، قد يحتاج الجمهور إلى سنوات طويلة حتى يخرج من تحت وطأته.


العرب اليوم
منذ 6 أيام
- سياسة
- العرب اليوم
متى يطيبُ الكَرى؟!
تعجّب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في كلمته المُهمّة في منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي، بالعاصمة الرياض، من نشاط وحيوية ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مهندس الرؤية الكُبرى، والمشرف على كل مساراتها. وقال له: «محمد... هل تنام؟!». ثم قال إن القادة الذين يريدون الهجرة بشعوبهم إلى أرض الأحلام والوعود الكبرى، هم هكذا، ينامون قليلاً قليلاً. الأمير محمد ردّ على ضيفه الكبير بالقول، إنني أحاول ذلك، مع ابتسامة طافحة على مُحيّاه. هذا المشهد، أعاد لي فوراً مشهداً ذا صِلة بما جرى في الرياض، حول نصيب القادة الكِبار، والرائدين العِظام لأرض المستقبل، هذا المشهد التاريخي، هو لجدّ الأمير محمد ووالد الملك سلمان، عنيتُ المؤسس الكبير، الملك عبد العزيز آل سعود، رجل التاريخ الضخم والفخم. حين قام «الشابُّ» عبد العزيز بعمليته العسكرية الأمنية الخطيرة، في استرداد عاصمة دولته السليبة، الرياض، فجر 15 يناير (كانون الثاني) 1902 لم يغمض له جفنٌ، لأيّامٍ بعدها، ودخل من مغامرة في مغامرة ضد خصومه، وأهمّهم خصمه الكبير والخطير الأمير عبد العزيز بن رشيد. ندْع الراوية، بلهجة عبد العزيز النجدية، كما نقلها من لسانه المستشار والسياسي والمؤرخ الكبير اللبناني فؤاد حمزة الذي أنقل لكم روايته عن الأيام الأولى عقب استرداد الرياض، مع تفسير بعض الكلمات العامّية النجدية: «مشينا المغرب من (الحوطة - مدينة جنوب نجد) فوصلنا (الدِلَم - عاصمة إقليم الخرج جنوب الرياض) أمّا أنا فكان مضى عليَّ سبعة أيام ما نمت لا ليل ولا نهار ولا أكلت مثل الناس. كانت لي (ذَلولٌ - ناقة) خفيفة أركبها، ضربتها بالعصا فطاحت (سقطت) فلما طاحت جاء أحد بني تميم وأطاح بناقته علينا ومع ذلك لم أُبالِ بما حصل بالرغم مما كان بي من الألم والتعب والجوع... ولما وصلنا البلد أدخلت القوم إليها، وأمرتهم أن يوصدوا الأبواب وبعد صلاة الفجر جلبوا لي سمناً ومِلحاً دهنوا به جسدي وردموني باللحاف... ونمت من صلاة الفجر إلى أذان الظهر... بعد أن نِمت كُنتُ تنشّطت، ولم أشعر بالمرض وخرجت على الناس». ثم يسرد تفاصيل أعماله العسكرية بخاصّة معركة الدِلَم الشهيرة. نعم، من يريد تغيير الواقع وخلق حياة جديدة، فعليه أن يبقي يقظته حيوية، وعقله مشتعلاً وهِمّته فوّارة، حتى يصل بقومه إلى برّ الأمان، شاطئ الأمل، وأرض الوعد، وهكذا يفعل الأمير محمد بن سلمان كما جدّه من قبل الملك عبد العزيز. حين الوصول، والحصول على جائزة الرحلة، حينها قد يطيب النوم، أو كما قال جدّ الملك عبد العزيز، أعني الإمام تركي بن عبد الله، مؤسس الدولة السعودية الثانية في قصيدته الذائعة لدى رواة الجزيرة العربية:


الرياض
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- منوعات
- الرياض
ضمن فعالية "كتاب ومؤلف" بقيصرية الكتابد. العتيبي يستعرض تاريخ اللغة والهوية قبل الإسلام
في أمسية امتزج فيها عبق التاريخ برونق اللغة، احتضنت "قيصرية الكتاب" الاثنين الماضي، فعالية ثقافية نوعية ضمن برنامجها "مؤلف وكتاب"، استضافت فيها الباحث في التاريخ والأكاديمي الأستاذ الدكتور فهد بن مطلق العتيبي، أستاذ التاريخ بجامعة الملك سعود، لتقديم قراءة في مؤلفه الموسوعي: "اللغة والكتابة والهوية في الجزيرة العربية قبل الإسلام"، بحضور نخبة من المثقفين والإعلاميين، وبإدارة الحوار من الدكتورة ندى بنت سعد الشنار. جاء هذا اللقاء ليس فقط لتقديم كتاب، بل لإحياء أسئلة كبرى عن الوجود العربي، وتكوّن الهوية، ونشأة اللغة، ومسيرة الكتابة في قلب الجزيرة قبل بزوغ الإسلام. وقدّم العتيبي عبر فصول الكتاب الستة رحلة علمية ممتدة، تمزج بين البحث التاريخي الصارم والرؤية الثقافية المستنيرة، في عمل يقع في 453 صفحة من التوثيق والتحليل والاستقراء. وفي رحلة في عمق الجزيرة قبل الإسلام ابتدأ الكتاب بفصل تأصيلي يرسم الإطارين الزماني والمكاني لتاريخ الجزيرة العربية، متتبعاً تصورات الجغرافيين القدامى – من اليونان والرومان إلى الجغرافيين المسلمين – عن تقسيم الجزيرة، مروراً بأحوالها البيئية وتأثيرها على الإنسان في عصور ما قبل التاريخ. وفي فصلٍ آخر اعتُبر غير مسبوق في الطرح، تناول العتيبي الخريطة اللغوية للجزيرة قبل الإسلام، مبرزاً تعددية اللهجات واللغات التي سكنت الرمال والجبال، من العربية الشمالية والجنوبية إلى النقوش التي دونت بلغات قديمة، شكّلت لاحقاً المهاد الذي نهضت عليه اللغة العربية الفصحى. أما الكتابة، فتناولها المؤلف بوصفها شاهداً على الوعي، لا مجرد أداة توثيق. فتحدث في فصليه الثالث والرابع عن بدايات الخط العربي، وتطوره، والكتابات التي سبقت الإسلام، مستعرضاً قرابة عشرة نقوش، بينها نقش رقوش المكتشف في مدائن صالح (267م)، ونقش القاهرة (652م)، الذي يُعد أول نقش عربي في العصر الإسلامي، واستُخدم في الكتاب كمحطة انتقالية بين زمنين لا يفصل بينهما إلا الحرف والنبوة. قدم عشرة نقوش بينها رقوش في مدائن صالح وعلى اعتبار أن الكتابة كمُكوِّن اجتماعي والهوية كحصيلة حضارية فقد انتقل العتيبي في الفصلين الأخيرين إلى أبعاد أعمق، حيث ناقش الكتابة كفعل اجتماعي في حياة العرب قبل الإسلام، وكيف لعبت دوراً في بنية المجتمع، ووسمت بعض القبائل والمناطق بخصوصية ثقافية. ليختم بالفصل السادس الذي تناول فيه نشأة الهوية العربية قبل الإسلام، موضحاً كيف تخلّقت تلك الهوية من رحم اللغة والبيئة والكتابة، قبل أن يعززها الوحي ويؤطرها الإسلام. بعدها فتح باب المداخلات ليستهلها الزميل عبدالله الحسني، مدير تحرير الشؤون الثقافية في جريدة الرياض، الذي أثنى على الطرح العلمي الدقيق والمتوازن، قائلاً: هذا العمل أعاد الاعتبار لتاريخ الجزيرة العربية، ولكنه في الوقت ذاته لم يُقص أحدًا، بل قدّمه بطرح رصين وعقلاني يعكس وعياً حضارياً، فضلاً عن الدقة والأمانة العلمية والموضوعية، وأضاف الحسني: لقد أكد الدكتور العتيبي من خلال كتابه أن تقبّل الآخر ليس ضعفاً في الهوية بل تجليّاً لقوّتها، وهذا ما تنتهجه المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، بانفتاحها على ثقافات متعددة دون تفريط في ثوابتها. بعدها، عبّرت الدكتورة ندى الشنار عن إعجابها بمحتوى الكتاب، قائلة: هذا الكتاب لا يروي التاريخ، بل يُعيد تشكيل الوعي به، ويمنح القارئ مفاتيح لفهم أعمق للهوية العربية. أما الكاتبة والإعلامية الدكتورة وسيلة محمود الحلبي، فقد باركت للمؤلف صدور هذا العمل النوعي، وأشادت بفوزه بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، مشيرة إلى أن هذا الكتاب يجب أن يكون مرجعاً معرفياً للأجيال الصاعدة، لأنه لا يوثق الماضي فقط، بل يرسم جذور الحاضر. وفي ختام الأمسية، تم تكريم الأستاذ الدكتور فهد بن مطلق العتيبي والدكتورة ندى الشنار بدرعين تذكاريين قدمهما الدكتور عبدالله الحيدري نيابة عن المشرف العام على قيصرية الكتاب تقديراً لمساهمتهما في إثراء الوعي الثقافي والمعرفي. كما تم التقاط الصور التذكارية. تجدر الإشارة إلى أن الكتاب قد حظي باهتمام أكاديمي وثقافي واسع، وتم اعتماده ضمن مقررات مناهج اللغة العربية في وزارة التعليم، لما يمثله من قيمة علمية عالية وإضافة نوعية للمكتبة العربية في مجال الدراسات اللغوية والتاريخية للجزيرة العربية.

العربية
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- العربية
ترامب في الدرعية... زيارة تاريخية إلى مهد الدولة السعودية
في مشهد استثنائي يعكس البعد التاريخي للعلاقات السعودية الأميركية، زار مساء اليوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب منطقة الدرعية ، مهد الدولة السعودية الأولى، برفقة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي في خطوة لافتة تمزج بين السياسة والرمزية الثقافية. رمزية المكان.. من وادي حنيفة إلى واجهة الثقافة لم تكن زيارة الرئيس الأميركي للدرعية، التي تأسست على ضفاف وادي حنيفة عام 850 هـ على يد الأمير مانع المريدي الجد الثاني عشر للمؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، محض مصادفة، بل تعكس عمق الارتباط بالجذور التاريخية للدولة السعودية. وقد تحوّلت الدرعية على مر القرون إلى مركز حضاري وسياسي في قلب الجزيرة العربية، بعدما كانت نقطة الانطلاق التي وحدت معظم أقاليمها تحت راية الدولة السعودية الأولى. ويعد ترامب أول رئيس أميركي يزور الدرعية، متنقلاً بين معالمها التراثية مثل حي الطريف المسجل ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي في اليونسكو، ومنطقة البجيري، وقصر العوجا، وحي غصيبة، وهي مواقع لا تزال تحتفظ بطابعها المعماري الأصيل، وتعبّر عن مرحلة مفصلية في تاريخ المملكة. الدرعية.. منطلق الدولة ووجهة المستقبل تُعرف الدرعية بلقب "جوهرة نجد" وارتبطت عبر التاريخ بالعلم والثقافة والتنوير، إذ شهدت في عهد الإمام محمد بن سعود انطلاقة ثقافية وفكرية حولتها من مدينة صغيرة إلى حاضنة حضارية، ومرجعية سياسية للعالم الإسلامي في ذلك الوقت. ووفق تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية 'واس'، فإن الدرعية كانت مركزاً للتعلم والفنون ومقصداً للتجار والعلماء، ما منحها مكانة متميزة في وجدان السعوديين، واعتُبرت رمزاً للوحدة والانبعاث السياسي في جزيرة العرب. رؤية السعودية 2030.. استثمار في التاريخ وتولي رؤية السعودية 2030 اهتماماً بالغاً بالدرعية، حيث يتم العمل على تطويرها وتحويلها إلى إحدى أبرز الوجهات الثقافية والسياحية في العالم. ويقود هذا التوجه مشروع ضخم لتأهيل المنطقة، بتكلفة تتجاوز 236 مليار ريال، ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية، وربط الأجيال الجديدة بتاريخ بلادهم. ويؤكد الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية، جيرارد إنزيريلو، أن المشروع يُعيد إحياء الدرعية كمركز للتراث والضيافة، ويحولها إلى نقطة جذب عالمية، بما يتماشى مع مستهدفات السياحة والثقافة ضمن برامج التحول الوطني. رمز للوحدة الوطنية تمثل الدرعية في الوجدان السعودي أكثر من مجرد مدينة تاريخية؛ فهي تجسيد للإرث السياسي والثقافي للدولة السعودية، ومنارة لهوية وطنية تشكلت عبر قرون. وتحمل زيارة ترامب إليها دلالة على إدراك عالمي متزايد لرمزية المكان، واعترافاً بالدور المتنامي الذي تلعبه السعودية على الساحة الدولية.


مجلة هي
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- مجلة هي
من الشغف إلى البطولة: السعوديات يكتبن فصلاً جديدًا في تاريخ ميادين الفروسية
في ساحةٍ طالما كانت حكرًا على الرجال، تقدمت السعوديات بثقة وثبات، وأمسكن بلجام الشغف ليخططن فصلًا جديدًا من التمكين والإبداع في عالم الفروسية. لم يعد الحضور النسائي في ميادين الخيل حدثًا نادرًا، بل أصبح مشهدًا مألوفًا ومبهرًا، تنسجه سيدات سعوديات بكثير من المهارة والإصرار، حتى باتت كل واحدة منهن رمزًا لمسيرة رياضية وإنسانية استثنائية. في هذا المقال، نسلط الضوء على نماذج من فارسات سعوديات قدن الحصان نحو منصات التتويج، وأسسن لحضور نسائي مؤثر في واحدة من أعرق الرياضات في تاريخ الجزيرة العربية. أروى المطبقاني: الرائدة التي فتحت الأبواب تُعد أروى المطبقاني من أوائل السعوديات اللواتي امتطين الخيل، ورفعن راية الفروسية النسائية منذ أكثر من 38 عامًا. في وقت كانت فيه الفروسية حلمًا بعيد المنال للنساء، خاضت أروى التجربة بشجاعة، وتحولت إلى أيقونة نسائية ألهمت أجيالًا من الفارسات. لم تكن رحلتها سهلة، فقد واجهت تحديات اجتماعية ورياضية، لكنها ظلت وفية لشغفها، حتى أصبحت اليوم مرجعًا في عالم الفروسية، تملك مدرسة لتعليم الفروسية، وتسهم في تطوير الجيل القادم من الفارسات. وهي اليوم ليست فقط قدوة في الميدان، بل أيضًا صوت قوي في المطالبة بتوفير الفرص للنساء في هذه الرياضة النبيلة. وتُعد أروى المطبقاني، والدة الفارسة الدولية دلما ملحس، من أوائل السعوديات اللواتي اقتحمن ميدان الفروسية، حيث تمتد تجربتها لأكثر من 38 عامًا شملت التدريب، التحكيم، تنظيم البطولات، وإدارة الإسطبلات داخل المملكة وخارجها. وهي اليوم شاهدة على التحول الكبير الذي تعيشه الفروسية النسائية في السعودية. الفارسة السعودية الملهمة أروى المطبقاني نورة الجبر: الفارسة التي التقطت الأوتاد وشدت القوس تجمع نورة الجبر بين الفروسية والرماية، وهما من أعرق الفنون القتالية المرتبطة بالإرث العربي. بصفتها فارسة في المنتخب السعودي لالتقاط الأوتاد، تمثل نورة واجهة مشرفة للمرأة السعودية في المحافل الدولية، حيث تتطلب هذه الرياضة دقة عالية، توازنًا جسديًا، وشجاعة لا توصف. إلى جانب ذلك، تُعد نورة مدربة معتمدة للرماية على الخيل، وهو مجال دقيق يجمع بين التحكم الكامل بالخيل وإتقان تصويب السهام. هذا التميز في مجال مزدوج، جعل من نورة مثالًا للفارسة المتعددة المهارات، التي تعيد صياغة مفهوم القوة الأنثوية في الرياضة. امتطت الفارسة السعودية نورة الجبر جوادها لأول مرة وهي في التاسعة من عمرها، وأتقنت مع تقادم السنين العديد من المهارات والفنون أثناء ركوب الخيل، مثل الرماية بالسهام والتقاط الأوتاد والمداورة بالسيف وغيرها من الفنون ذات الإرث الأصيل المتجذرة في الجزيرة العربية. بدأت القصة بعد أن اكتشفت والدتها حبها للخيل والفروسية وقدمت لها الدعم من خلال إلحاقها بمراكز متخصصة في وقت مبكر جداً، وأكملت رحلتها بمفردها لتتعلم العسف والترويض والاهتمام بالخيل ورعايته مطورةً بذلك مهاراتها حتى تمكنت من إجادة فنون الرماية بالسهام والتقاط الأوتاد والمداورة بالسيف من على ظهر الخيل. لم ينتهِ حب الفروسية لدى نورة الجبر هنا فحسب بل سعت جاهدة لتطوير مهاراتها يوماً بعد يوم وبجهود مشهودة من وزارة الرياضة والاتحاد السعودي للفروسية واضطلاعهما بتطوير مختلف الرياضات، انخرطت الفارسة ببرامج تدريبية لتخريج مدربين سعوديين في مجال الفروسية وتم تعميدها كأول مدربة للرماية على ظهر الخيل في المملكة وكذلك مدربة معتمدة لالتقاط الأوتاد، حتى تمكنت الآن من إقامة دورات تدريبية لتعليم الفرسان والفارسات على الرياضات من على ظهر الخيل كالرماية والتقاط الأوتاد ولاقت دوراتها إقبالاً كبيراً وخاصةً من الفتيات. الفارسة السعودية نورة الجبر أبرار عبد القادر: سيدة القدرة والتحمل عندما يُذكر سباق القدرة والتحمل، تظهر صورة الفارسة السعودية أبرار عبد القادر كواحدة من الرائدات في هذا المجال الصعب. فهي مدربة دولية معتمدة، وعضو في مجلس إدارة ميدان فروسية الأحساء، حيث لا تكتفي بالمشاركة في السباقات، بل تسهم أيضًا في التخطيط لمستقبل الفروسية في منطقتها. أبرار تمثل نموذج الفارسة القيادية التي تجمع بين الممارسة الرياضية والإدارة، إذ تعمل على تمكين الجيل الجديد من الفارسات، وتؤمن بأن الفروسية ليست مجرد رياضة، بل أسلوب حياة يعزز القيم والانضباط والشغف. تمثل الفارسة السعودية أبرار العبد القادر نموذجًا لامرأة سعودية آمنت بحلمها، وشقت طريقها بثبات في واحدة من أصعب رياضات الفروسية: القدرة والتحمل. لم يكن دخولها لهذا العالم صدفة، بل نتيجة شغف بدأ منذ عام 2012، حين بدأت أولى خطواتها في ميادين الخيل بدولة البحرين، لتتحول لاحقًا إلى واحدة من أبرز الأسماء في المملكة في هذا التخصص، ومدربة دولية ومؤسسة لأكاديميات معتمدة تسهم في تخريج فارسات محترفات. لكن أبرار لم تكتف بالمنافسات فقط، بل اختارت أن تسهم في بناء جيل جديد من الفارسات السعوديات. فقد أسست أكاديمية "النوال" للفروسية وأكاديمية "البرجس" المتخصصة في القدرة والتحمل، وأسهمت في تطوير أنظمتها وفق معايير دولية، بالتعاون مع الاتحاد السعودي للفروسية. إلى جانب ذلك، تقود مشروعًا نوعيًا للعلاج بالخيل، مستفيدة من خبراتها في إدارة المشاريع وإدارة المخاطر، ما يجعل منها نموذجًا فريدًا يجمع بين الرياضي الطموح والمهنية العالية. فارسة فريق المملكة أبرار العبدالقادر مضاوي القحطاني: فارسة الجوكي والمدربة الطموحة بين قفز الحواجز وسباقات السرعة، تبرز مضاوي القحطاني كأحد الأسماء اللامعة التي استطاعت أن تتجاوز حدود التوقعات. فهي حاصلة على رخصة "خيال" ورخصة "جوكي"، ما يعني أنها مؤهلة للمنافسة في أعلى مستويات السباقات الاحترافية. كما أنها مدربة معتمدة في رياضة قفز الحواجز، وهي واحدة من أكثر الرياضات الفروسية تطلبًا من حيث الدقة والقوة والانسجام بين الخيل والفارس. من خلال عملها، تسهم مضاوي في إعداد فارسات صغيرات للطريق الاحترافي، وتقدم نموذجًا جديدًا للمرأة السعودية التي لا تكتفي بالمشاركة، بل تصنع الأثر وتترك البصمة. بدايات مضاوي تعود إلى أكثر من 15 عامًا، كانت خلالها تسعى باجتهاد لتعزيز مكانة المرأة في رياضة لا تزال تتطلب الكثير من القوة والانضباط والمهارة. وعلى الرغم من التحديات والإصابات التي تعرضت لها في طريقها، لم تتوقف يومًا عن السعي، بل استمرت حتى حصلت على رخصة تدريب قفز الحواجز من الاتحاد السعودي للفروسية، لتجمع بذلك بين الشغف والخبرة والتأهيل الاحترافي. أدركت القحطاني منذ وقت مبكر أن التأسيس الحقيقي يبدأ من التدريب والتعليم، ولهذا أسست عام 2016 أول مدرسة نسائية لركوب الخيل في منطقة الجنادرية، بهدف فتح الباب أمام الفتيات لخوض هذه الرياضة بأسس صحيحة وتدريبات ممنهجة. وهي تؤمن أن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في دخول الميدان، بل في بناء بيئة تدعم تطور الفارسات، وتمنحهن أدوات النجاح في مجالات متنوعة مثل القفز، والتحمل، وسباقات السرعة. ورغم أن مضاوي لا تسعى للبطولات الشخصية بقدر ما تسعى لصقل جيل جديد من الفارسات، فقد شاركت في عدة منافسات محلية، وحققت المركز الثاني في بطولة قفز الحواجز عام 2019، مما يعكس مهاراتها الفعلية وقدرتها على التميز داخل الميدان وخارجه. مضاوي القحطاني.. فارسة سعودية بمشوار ملهم دلما ملحس: الفارسة العالمية في عمر مبكر، لمع نجم دلما ملحس كأول فارسة سعودية تخوض منافسات دولية مرموقة. وقد شاركت في عدد من البطولات العالمية، حاملةً معها طموحات فتاة سعودية أرادت أن تتحدى التقاليد وتثبت قدراتها في مواجهة الأبطال. دلما، التي تلقت تدريبها في الخارج، عادت لتكون مصدر فخر محلي، وقد نجحت في إثبات أن الفارسات السعوديات قادرات على المنافسة في المحافل الكبرى، بل والتفوق فيها. قصتها ألهمت الكثيرات، وأسهمت في تعزيز صورة المرأة السعودية عالميًا كرياضية طموحة قادرة على التحدي. في تاريخ الفروسية السعودية، يُذكر اسم دلما ملحس باعتزاز باعتبارها أول فارسة سعودية تخترق الحواجز الجغرافية والتقليدية، وتشارك في منافسات دولية مرموقة باسم المملكة. انطلقت دلما في مشوارها من شغف مبكر بالخيل، تَرجَمَته إلى تدريب احترافي ومشاركات نوعية، لتصبح أول سعودية تخوض أولمبياد الشباب في سنغافورة 2010، وتُتوّج بميدالية برونزية في قفز الحواجز، وهو إنجاز تاريخي وضعها على خارطة الأبطال العالميين. لم يكن طريق دلما مفروشًا بالورد، بل كان مليئًا بالتحديات كأول فتاة سعودية تمثل وطنها في رياضة طالما ارتبطت بالرجال. لكنها، مدفوعةً برؤية داعمة من عائلتها، وعلى رأسهم والدتها الفارسة المخضرمة أروى المطبقاني، أثبتت أن الفروسية ليست حكرًا على أحد، بل ميدان تتصدره الموهبة والانضباط. شاركت دلما في عدد من البطولات الدولية في أوروبا والشرق الأوسط، وكانت دومًا مثالًا للرياضية الطموحة التي تمثل المرأة السعودية بأناقة وإصرار. حضورها العالمي لم يكن فقط رياضيًا، بل حمل رسالة ثقافية مفادها أن المرأة السعودية قادرة على المنافسة والتألق في أرقى ميادين العالم. واليوم، تواصل دلما ملحس دورها كمُلهمة وممهدة الطريق لجيل جديد من الفارسات السعوديات، مؤكدةً أن سقف الطموح لم يعد له حدود، وأن المشاركة النسائية السعودية في الفروسية باتت واقعًا يحتفى به محليًا ودوليًا. الفارسة السعودية دلما ملحس نموذج مشرف للمرأة السعودية أمل بنت فيصل: أول مرخصة دولية لسباقات السرعة في ميدان يتطلب الجرأة والاحتراف، استطاعت أمل بنت فيصل أن تحجز مكانها كأول خيالة سعودية تحصل على رخصة دولية في سباقات السرعة. هذه الخطوة لم تكن فقط انتصارًا شخصيًا، بل إنجازًا يُحسب للرياضة النسائية السعودية. حيث تُعد الفارسة أمل بنت فيصل واحدة من الوجوه البارزة في مشهد الفروسية النسائية السعودية بعد أن حققت إنجازاً استثنائياً كأول خيّالة سعودية تحصل على رخصة "خَيّال" من نادي سباقات الخيل، بعد اجتيازها لكافة المعايير والاختبارات الدقيقة التي تُمنح وفق آلية دولية معتمدة. لم يكن الطريق سهلاً، فالاختبار الذي اجتازته يتطلب احترافية عالية، ومهارات متقدمة في قيادة الخيل والتكتيك والتعامل مع ضغوط السباقات. ما يميز أمل أنها دخلت هذا العالم بشغف لا حدود له، وسعت منذ البداية لتطوير نفسها على جميع المستويات، حتى وصلت إلى هذه المرحلة المتقدمة التي تؤهلها للمشاركة في السباقات الرسمية إلى جانب نخبة الفرسان. حصولها على هذه الرخصة لم يكن فقط تتويجًا لتفانيها وجهودها، بل أصبح أيضًا رمزًا لمرحلة جديدة تشهدها رياضة الفروسية في السعودية، حيث بدأت الفارسات يحجزن لهن مكانًا حقيقيًا في ساحات المنافسة. أمل بنت فيصل ليست مجرد خيالة؛ هي سفيرة لطموح الفتيات السعوديات، ورسالة حية بأن كل باب مغلق يمكن فتحه بالإصرار والعمل. مشاركاتها في السباقات العالمية، وظهورها في المحافل الرسمية، جعلت منها نموذجًا للمرأة القوية التي لا تخشى الصعاب. الفارسة السعودية أمل بنت فيصل فارسات سعوديات بمشوار ملهم في عالم الفروسية ما يجمع هؤلاء الفارسات ليس فقط الشغف بالخيل، بل الإيمان بأن الفروسية يمكن أن تكون مساحة للتمكين، ومجالًا لتكريس الحضور النسائي في الرياضة. في ظل رؤية السعودية 2030، ومع التوسع في دعم الرياضات النسائية، أصبحت الفروسية منصة حقيقية للتعبير عن القدرات والمواهب النسائية. تقول الفارسات السعوديات للعالم: إننا هنا، نركض بالخيل لا لنصل فقط إلى خط النهاية، بل لنصنع بداية جديدة لتاريخ تُكتبه النساء من على السرج، وبقلوب لا تعرف إلا القوة والعزيمة. السعوديات يكتبن فصلاً جديدًا في تاريخ ميادين الفروسية