أحدث الأخبار مع #الحواسيبالكمومية

سعورس
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- علوم
- سعورس
ترجمة الطموحات إلى إنجازات
ثورة تقنية في قلب التحول الرقمي وفي هذا السياق يشير إبراهيم أحمد بوحيمد خبير في التقنية والأمن السيبراني ونائب الرئيس التنفيذي لشركة الكم، إلى أن الحوسبة الكمومية هي نمط جديد كليًا من الحوسبة يعتمد على مبادئ ميكانيكا الكم، حيث تستغل ظواهر التراكب الكمومي والتشابك الكمومي لمعالجة البيانات بطريقة تختلف جذريًا عن الحوسبة التقليدية، في الحواسيب الكلاسيكية تُخزَّن المعلومات بوحدات تُسمى بتات (bits) وتأخذ قيمة إما 0 أو 1 فقط، بينما في الحوسبة الكمومية تكون الوحدة الأساسية للمعلومات هي البت الكمومي أو ما يُعرف بال«كيوبت» ، ويتميز الكيوبت بقدرته على التواجد في حالة تراكب، أي أن يكون 0 و1 معًا في نفس الوقت قبل القياس النهائي، هذا التراكب يعني أن قيمة الكيوبت غير محددة بشكل نهائي إلى أن يتم قياسها؛ ونتيجةً لهذه الخاصية تستطيع الحواسيب الكمومية إجراء عمليات حسابية عديدة بشكل متوازٍ في آنٍ واحد، مما يمنحها قوة معالجة هائلة تتفوق على الحواسيب التقليدية. وبالرغم أن الحوسبة الكمومية ما زالت في مراحلها المبكرة، إلا أن التجارب المخبرية أثبتت قدرة الكيوبتات على حل مسائل رياضية وفيزيائية معقدة بفعالية عالية بفضل قابلية التوازي الهائلة الناتجة عن التراك). في المجمل، يمكن القول إن الحوسبة الكمومية لا تلغي الحوسبة التقليدية، بل تقدم نهجًا مختلفًا تمامًا لمعالجة فئات معينة من المشكلات المستعصية، مما يبشّر بعصر جديد من القدرة الحاسوبية. كما يؤكد إبراهيم بأن المملكة العربية السعودية شهدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة اهتمامًا متصاعدًا بتقنيات الحوسبة الكمومية، تجسّد في مبادرات حكومية واستثمارات وشراكات استراتيجية تهدف إلى مواكبة هذا السباق العلمي العالمي. فعلى المستوى الرسمي، جرى إدراج التقنيات المتقدمة -ومنها الحوسبة الكمومية- ضمن مستهدفات رؤية 2030 للتحول الرقمي وتنويع الاقتصاد. وقد أنشأ مركز الثورة الصناعية الرابعة (C4IR Saudi) برنامجًا خاصًا ل"اقتصاد الكم" لوضع استراتيجية وطنية وبناء الزخم نحو تبني التقنية، وأسفر هذا الجهد عن تقرير وطني شامل بعنوان «مشهد اقتصاد الكم في السعودية» أعدّ بالتعاون بين جهات حكومية وأكاديمية وقطاع خاص، مما يعكس نهجًا تكامليًا تتبناه المملكة لتطوير منظومة كمومية متكاملة محليًا. خلق روابط مع روّاد التقنية لبناء قدرات محلية وعلى صعيد الاستثمارات، برزت شركة أرامكو السعودية كإحدى الجهات الرائدة التي دخلت مبكرًا هذا المجال. ففي مايو 2024 أعلنت أرامكو عن شراكة مع شركة فرنسية ناشئة لإنشاء أول حاسوب كمومي في المملكة بطاقة 200 كيوبت، ومن المقرر تشغيله في النصف الثاني من عام 2025، يُعدّ هذا الحاسوب الأول من نوعه في المنطقة، ويهدف لتعزيز الابتكار الرقمي في قطاع الطاقة السعودي، وقد علّق الرئيس التنفيذي للشركة الفرنسية بأن هذه الشراكة ستضع السعودية في طليعة تبني التقنية تجاريًا. وإلى جانب ذلك، وقّعت أرامكو مذكرة تفاهم مع شركة اخرى لإنشاء مركز ابتكار يبحث تطبيقات الحوسبة الكمومية في قطاع الطاقة وغيره، بما يفتح المجال لإيجاد حلول كمومية لتحديات صناعية حقيقية. كما اتجهت نيوم (NEOM)، المدينة المستقبلية، للشراكة مع شركة بريطانية لتطوير منصة أمن سيبراني تعتمد على التشفير الكمومي بهدف حماية المدن الإدراكية المستقبلية من الهجمات الإلكترونية المتقدمة. هذه الشراكات الدولية تؤكد حرص المملكة على الاستفادة من الخبرات العالمية وخلق روابط مع روّاد التقنية بهدف نقل المعرفة وبناء قدرات محلية. وعلى مستوى الشركات الناشئة المحلية، شهدت المملكة تأسيس شركة "الكم ALQAM" والتي تُعد أول شركة سعودية متخصصة في الحوسبة الكمومية. تهدف "الكم" إلى تطوير الخبرات الوطنية في هذا المجال واستكشاف تطبيقات عملية للتقنية في القطاعات المختلفة داخل المملكة. ظهور "الكم" على الساحة يؤكد اهتمام رواد الأعمال السعوديين بهذه التقنية الواعدة، ودورها يكمل جهود الحكومة في بناء منظومة اقتصادية تعتمد على الابتكار العلمي. وإضافة لذلك، أُطلِقت عدة فعاليات لنشر الوعي وبناء مجتمع مهتم بالكم في المملكة، من بينها استضافة يوم الكم العالمي لعامين متتاليين في مقر مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالرياض. وشهدت هذه الفعاليات تجمع عشرات الخبراء العالميين والمحليين لمناقشة استراتيجيات تطوير التقنية وتطبيقاتها الواقعية وكيفية ردم الفجوة بين الأوساط الأكاديمية والصناعية. وقد كرّمت المملكة في أبريل 2025 عشرة شركات ناشئة عالمية فائزة بهذا التحدي كخطوة لتعزيز حضورها في مجتمع الابتكار الكمومي العالمي. أيضا فعالية يوم الكم العالمي اللتي قامت بتنظيمها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع جمعية تقنية الكم. هذه الجهود المتضافرة توّجت بإعلان طموح على المستوى الوطني: إذ حدّدت هيئة الأبحاث والتطوير والابتكار (RDIA) السعودية تقنية الحوسبة الكمومية كأحد "أهداف التحدي الوطني" أو ما يُسمى ب moonshot للمملكة، مع هدف استراتيجي يتمثل في تطوير حاسوب كمومي سعودي قابل للتوسع وخالٍ من الأخطاء بحلول عام 2045. هذا الهدف البعيد المدى يُبرز جدية السعودية في دخول السباق العالمي للتقنية المتقدمة بعزيمة وإصرار، رغم إدراكها أن الطريق ما زال طويلاً قبل جني ثمار هذه التكنولوجيا بشكل عملي. وبشكل عام، يمكن القول إن المملكة انتقلت خلال ثلاث سنوات من مرحلة استكشاف الحوسبة الكمومية إلى مرحلة الاستثمار الفعلي وبناء الشراكات ووضع الاستراتيجيات، سعيًا لترسيخ مكانتها كمركز إقليمي لريادة التقنية وركيزة للتحول الرقمي في الشرق الأوسط. تطبيقات واعدة وتأثيرات في القطاعات الحيوية تفتح الحوسبة الكمومية آفاقا واسعة من التطبيقات التي قد تُحدث أثرًا اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا عميقًا عند نضجها. وفي ذات السياق يقول بوحيمد؛ تطبيقات واعدة وتأثيرات محتملة في القطاعات الحيوية تفتح الحوسبة الكمومية آفاقًا واسعة من التطبيقات التي قد تُحدث أثرًا اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا عميقًا عند نضجها. ويرى الخبراء أن هذه التقنية ستطال قطاعات متعددة بطرق مختلفة، ومن أبرزها في المملكة: الطاقة، والأمن السيبراني، والاتصالات، والصحة، والخدمات المالية. في قطاع الطاقة على سبيل المثال، يمكن للحواسيب الكمومية تحسين دقة تنبؤات الأحمال الكهربائية والطقس التي تؤثر على إنتاج الطاقة المتجددة، هذا يعني شبكة كهرباء أكثر كفاءة واعتمادية، وهو أمر حيوي مع التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح في المملكة. كما أن قدرة الكم على محاكاة الجزيئات تتيح ابتكار مواد جديدة، كتحسين المحفزات الكيميائية لعمليات تكرير النفط والبتروكيميائيات أو تطوير بطاريات ذات سعة أعلى تدعم توجه السعودية للطاقة النظيفة، أما في الأمن السيبراني، فهناك جانب إيجابي وآخر سلبي: إيجابي يتمثل في ظهور تشفير كمومي غير قابل للاختراق باستخدام مفاتيح مبنية على الفوتونات المتشابكة، مما يضمن سرية الاتصالات الحكومية والمالية الحساسة؛ وسلبي يتمثل في أن الحواسيب الكمومية نفسها قادرة في المستقبل على كسر أنظمة التشفير التقليدية المستخدمة حاليًا خلال "ثوانٍ معدودة"، لذلك تسابق الدول -بما فيها السعودية- الزمن لتبنّي خوارزميات تشفير جديدة مقاومة لقدرات الكم قبل أن يصل الآخرون إلى تلك المرحلة. وعلى مستوى الصحة، سيكون لقدرة الحواسيب الكمومية على معالجة بيانات ضخمة ومحاكاة الجزيئات أثر هائل في اكتشاف الأدوية وفهم الأمراض الوراثية، إذ قد يتمكن الباحثون من اختبار آلاف التركيبات الدوائية على نموذج كمومي لجسم الإنسان خلال فترة وجيزة بدلًا من سنوات من التجارب التقليدية. وأخيرًا في الخدمات المالية، ستساعد خوارزميات الكم على حل مسائل معقدة مثل تحسين المحافظ الاستثمارية أو كشف الأنماط الخفية في الأسواق المالية بسرعة تفوق الحواسيب الحالية، مما يعطي المؤسسات المالية أدوات أقوى لإدارة المخاطر والاستثمارات. وتشير دراسات إلى أن القطاعات المالية والكيميائية وقطاعات الحياة (مثل الرعاية الصحية) قد تحقق مكاسب قد تصل إلى 1.3 تريليون دولار عالميًا بحلول 2035 بفضل اعتماد حلول الحوسبة الكمومية، مما يوضح الحجم الضخم للتأثير الاقتصادي المتوقع لهذه التقنية. بطبيعة الحال، هذه التأثيرات ما زالت احتمالية وتعتمد على نضج التكنولوجيا خلال السنوات القادمة. لكن المملكة العربية السعودية تتابع عن كثب هذه التطورات لتوظيفها في تحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية. فعلى سبيل المثال، تتوقع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وغيرها من الجامعات السعودية أن تسهم الحوسبة الكمومية في دعم أبحاث الكيمياء والطاقة لديها من خلال محاكاة تفاعلات معقدة بسرعة أكبر. كذلك تنظر الشركات السعودية الكبرى كأرامكو وسابك إلى التقنيات الكمومية كأداة محتملة لزيادة الكفاءة واستكشاف حلول مبتكرة لمشكلات فنية ظلت عصية لعقود. وبالمثل، قد تستفيد المستشفيات السعودية ومراكز الأبحاث الطبية من قدرات الكم في تحليل البيانات الصحية وتحسين خدمات التشخيص والعلاج. هذه الآفاق الواسعة تفسّر حرص المملكة على ألا تكون مجرد مستهلك للتقنية عند نضجها، بل إسهام فعّال في تطويرها وتطبيقها بما يخدم أهداف التنمية الوطنية. "صنع في السعودية، بحوسبة كمومية" ومن منظور نائب الرئيس التنفيذي لشركة "الكم" السعودية إبراهيم بوحيمد فإن المملكة تقف اليوم عند مفترق طرق تاريخي. فإما أن نكون مستهلكين لتقنية الكم عندما تنضج مستقبلاً، وإما أن نكون مسهمين في صنعها منذ الآن. والمؤشرات تبعث على التفاؤل بأننا نسير في الطريق الصحيح نحو الخيار الثاني، فهناك دعم رسمي ملموس، وحماس شبابي ملموس لتعلم التقنيات الجديدة، وحراك بحثي وصناعي بدأ يتشكل حول موضوع الكم. ولا شك أن التحول الرقمي السعودي الذي يشمل مجالات كالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين، سيكتسب بُعدًا أكثر عمقًا وشمولًا بدخول الحوسبة الكمومية إلى المشهد. على سبيل المثال، يمكن لمنصات الخدمات الحكومية الرقمية أن تصبح أكثر أمانًا واعتمادية باستخدام تشفير كمومي، ويمكن لمنشآت الطاقة الذكية في نيوم ومدينة ذا لاين أن تعمل بكفاءة أعلى بفضل خوارزميات كمومية لإدارة الموارد، ويمكن لمراكز البحث الطبي في المملكة أن تتعاون مع حواسيب كمومية سحابية لتسريع ابتكار العلاجات. هكذا نجد أن الكم لن يكون جزيرة معزولة، بل عامل تمكين (Enabler) يعزز الابتكارات الرقمية الأخرى ويضاعف أثرها. ولا يفوتنا البعد الاقتصادي والاجتماعي لهذا التحول الكمومي. فتوطين التقنيات المتقدمة يخلق فرصًا وظيفية نوعية لأبناء الوطن، ويحفّز العقول السعودية المهاجرة للعودة والمشاركة في هذه النهضة العلمية. كما أنه يرسّخ سيادة رقمية للمملكة عبر امتلاك نواصي التقنيات الحساسة بدلًا من الاعتماد الكامل على الخارج. فمن يمتلك القدرة على استغلال الحوسبة الكمومية ستكون لديه ميزة تنافسية هائلة في تأمين بياناته وبنيته التحتية أمام الآخرين. وفي عالم اليوم الذي نشهد فيه صراعات سيبرانية وحروبًا تكنولوجية بقدر ما نشهد حروبًا عسكرية، فإن الاستعداد مبكرًا بتقنيات الغد يشكل حصانة استراتيجية للوطن. في الختام، قد يكون من المناسب أن نستحضر مقولة خبير التقنيات ريتشارد فاينمان عندما تنبأ قبل أكثر من أربعين عامًا بظهور الحوسبة الكمومية إذ قال بما معناه: "الطبيعة ليست كلاسيكية، وإذا أردنا محاكاة الطبيعة فعلينا التفكير بطريقة كمومية" واليوم، وبعد مرور عقود على تلك الرؤية الثاقبة، أصبحت الحوسبة الكمومية واقعًا يأخذنا خطوة أقرب لفهم أعمق للطبيعة وتسخيرها لخدمة البشرية. المملكة العربية السعودية، عبر رؤيتها الطموحة وجهودها الحثيثة، تضع نفسها شريكًا في صياغة هذا المستقبل الكمومي، وها نحن نرى في الأفق القريب ملامح نهضة رقمية جديدة عنوانها "صُنع في السعودية، بحوسبة كمومية" نهضة ستنعكس آثارها إيجابًا على الاقتصاد والمجتمع، وتضمن للأجيال القادمة مكانة رائدة لوطنهم في مصاف الدول التقنية المتقدمة. الحوسبة الكمومية ليست مجرد تقنية أخرى، بل هي فصل جديد من فصول الثورة الصناعية الرابعة، والسعودية عازمة على أن تكون أحد كتّاب هذا الفصل. تطورات بخطى متسارعة ومن منظور آخر يعلق خميس شقرون رئيس العمليات في شركة الكم للحوسبة الكمية ومتخصص في الأمن السيبراني قائلاً؛ انه على المدى القريب (خمس سنوات تقريبًا)، يُتوقع أن تواصل الحوسبة الكمومية تطورها بخطى متسارعة ولكن تدريجية نحو الاستخدام العملي. يقدّر خبراء في شركة غوغل مثلًا أننا سنشهد حواسيب كمومية "ذات فائدة فعلية" في غضون 5 إلى 10 سنوات، أي أن الفترة القادمة ستكون مرحلة انتقالية يتحقق خلالها تفوق كمومي محدود في مهام متخصصة. وخلال هذه المرحلة، سيكون التكامل بين الحوسبة الكمومية والتقنيات الرقمية الأخرى هو العنوان الأبرز. فعلى سبيل المثال، يجري العمل على دمج الحواسيب الكمومية ضمن منصات الحوسبة السحابية الكبرى بحيث تصبح متاحة "كخدمة" للمستخدمين حول العالم. من ناحية أخرى، يتوقع المراقبون تزايد التكامل بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية. ففي السنوات الأخيرة ظهر مجال بحثي يُسمى "الذكاء الاصطناعي الكمومي" يدرس كيف يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي أن تعمل بكفاءة أعلى على حاسوب كمومي، أو كيف يمكن للذكاء الاصطناعي نفسه أن يساعد في تطوير خوارزميات كمومية أفضل. على سبيل المثال، يمكن لذكاء اصطناعي يعمل على نظام كمومي أن يحلل أنماطًا معقدة في بيانات المناخ أو الجينوم لا يستطيع الذكاء الاصطناعي التقليدي معالجتها في وقت معقول، كما أن تقنيات التعلم الآلي قد تستفيد من الكم في تدريب النماذج على نحو أسرع أو الوصول إلى دقة أعلى في بعض المهام التصنيفية، لكن يجدر التنويه أن هذه التكاملات ما زالت في طور الأبحاث، وقد يستغرق ترجمتها إلى تطبيقات عملية سنوات عديدة، ويؤكد خميس شقرون، أنه خلال الخمس سنوات القادمة أيضًا، سنرى زيادة في حجم وتعقيد المعالجات الكمومية عامًا بعد عام، تخطط شركات كبرى للوصول إلى حواسيب تتجاوز 1000 كيوبت خلال النصف الثاني من العقد الجاري، مصحوبة بتقدم في تقنيات تصحيح الخطأ الكمومي للتغلب على الضوضاء والتشويش. هذه الأرقام مرشحة للارتفاع بسرعة. ومع كل قفزة تقنية جديدة، ستُفتح فرص تكامل أوسع مع البنية التحتية الرقمية التقليدية. وعلى صعيد المملكة العربية السعودية، يُتوقع خلال السنوات الخمس المقبلة التركيز على بناء الخبرات البشرية والتجهيز للبنية التحتية أكثر من امتلاك حاسوب كمومي خارق. فمن المرجح استمرار إرسال بعثات طلابية وباحثين في تخصصات فيزياء الكم وعلوم الحاسب إلى جامعات عالمية مرموقة لاكتساب المعرفة والعودة بها، كما ستعمل الجامعات المحلية على إدماج مقررات الحوسبة الكمومية في مناهج الهندسة وعلوم الحاسب، كما فعلت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بتقديم مساقات خاصة في الحوسبة الكمومية والاتصالات الكمومية، هذا بالإضافة إلى دورات تدريبية متخصصة وحاضنات تقنية ترعاها مؤسسات مثل أكاديمية طويق لتنمية مهارات الشباب في هذا المجال، وبالنسبة للتكامل مع التقنيات الأخرى، ستسعى الشركات السعودية لاختبار سيناريوهات تجمع بين الكم والذكاء الاصطناعي أو تحليل البيانات، ربما عبر مشروعات تجريبية صغيرة بالتعاون مع شركاء دوليين. على سبيل المثال، قد نرى مستقبلاً مشروعًا مشتركًا بين مستشفى سعودي وإحدى شركات التقنية لتجربة استخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي كمومية في تشخيص حالات مرضية معقدة. أو شراكة بين مؤسسة مالية سعودية ومنصة سحابية عالمية لتجربة خدمة تحسين كمومي لمحفظة استثمارية، مثل هذه المشروعات ستمنح المملكة خبرة مبكرة في دمج الكم مع التطبيقات الواقعية، وتساعد في تحديد المجالات الأكثر جاهزية للاستفادة من هذه التقنية فور نضوجها. باختصار، السنوات الخمس القادمة ستكون مرحلة تأسيس وتمكين: تأسيس البنية التحتية المعرفية والبشرية اللازمة للحوسبة الكمومية في المملكة، وتمكين الباحثين والمهندسين المحليين من الوصول إلى التقنيات الكمومية العالمية والعمل معها عن قرب. وبهذه الطريقة، حين تصل الحوسبة الكمومية إلى مستويات أكثر استقرارًا وشيوعًا بعد عدة سنوات، ستكون السعودية مجهزةً للاستفادة منها فورًا في دعم التحول الرقمي ودفع عجلة الاقتصاد المعرفي. تجاوز تحديات المستقبل ويضيف شقرون في التحديات التقنية والاقتصادية والأمنية وسبل تجاوزها؛ على الرغم من الإمكانات الهائلة للحوسبة الكمومية، هناك جملة من التحديات التي تقف أمامنا قبل أن تصبح هذه التكنولوجيا جزءًا من حياتنا اليومية. يمكن تصنيف هذه التحديات إلى تقنية واقتصادية وأمنية. ورغم صعوبة هذه التحديات، يعمل الباحثون وصناع القرار على إيجاد حلول وتصورات لتجاوزها في المستقبل المنظور دون تبني لهجة الأمر أو التقليل من شأن العقبات. إضافة إلى ما سبق، هناك تحديات تتعلق ببناء الثقة والفهم العام لهذه التقنية. الحوسبة الكمومية بطبيعتها معقدة ومجرد شرح مبادئها لعامة الناس أو حتى لصناع القرار غير المتخصصين أمر ليس باليسير. وقد قال عالم الفيزياء الشهير ريتشارد فاينمان ممازحًا: "إن كنت تعتقد أنك تفهم ميكانيكا الكم، فأنت في الحقيقة لا تفهمها". خميس شقرون


أرقام
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- أرقام
الميزة الكمومية: آفاق التفوق التكنولوجي في عالم الأعمال
- حتى التاسع عشر من فبراير عام 2025، ظل اسم "مايورانا" طي الكتمان خارج نطاق الأوساط العلمية المتخصصة. - بيد أن شركة مايكروسوفت قلبت هذا المشهد رأساً على عقب؛ بإعلانها تطوير أول شريحة حوسبة كمومية تستند إلى ما أطلقت عليه اسم "الكيوبتات الطوبولوجية"، وهي تقنية تعتمد على نوع فريد من الجسيمات يُعرف بـ "فرميونات مايورانا"، وذلك تخليداً لذكرى الفيزيائي الإيطالي الفذ إيتوري مايورانا. - لا يمثل هذا الإعلان مجرد إنجاز تقني بارز، بل يشكل أيضاً قفزة نوعية نحو تحقيق ما يُصطلح على تسميته بـ "الميزة الكمومية". للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام - وتشير هذه الميزة تحديداً إلى المرحلة الحاسمة التي تبلغ فيها أجهزة الحاسوب الكمومية من القدرة والكفاءة ما يمكنها من معالجة مشكلات واقعية ومعقدة بسرعة فائقة وبقدرات تتجاوز بكثير حدود أقوى الحواسيب التقليدية المتاحة. الحوسبة الكمومية: حينما يصبح المستحيل واقعًا - على النقيض من الحوسبة التقليدية التي تعتمد على البتات الثنائية ذات الحالات المحددة (إما 0 أو 1)، تستثمر الحوسبة الكمومية قوانين ميكانيكا الكم المعقدة في ترميز المعلومات، وذلك باستخدام وحدات أساسية تُعرف بـ "الكيوبتات". - وتتميز هذه الكيوبتات بقدرتها الفريدة على التواجد في حالتي الصفر والواحد في آن واحد، وهي خاصية تُعرف بـ "التراكب الكمومي". - تمنح هذه القدرة الاستثنائية، بالإضافة إلى ظواهر كمومية أخرى بالغة الأهمية مثل "التشابك الكمومي"، الحواسيب الكمومية قوة معالجة هائلة وغير مسبوقة، مما يمكنها من التعامل بكفاءة فائقة مع كميات هائلة من البيانات وإجراء عمليات حسابية متوازية بسرعة لا تُضاهى. - فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن للحاسوب الكمومي أن يقدم مساعدة جوهرية لشركات الطيران في تحديد أكثر المسارات الجوية كفاءة بين مدن تبعد آلاف الأميال مثل سيدني ونيويورك، مع الأخذ في الحسبان عوامل متعددة ومتداخلة كاستهلاك الوقود، والوقت اللازم للرحلة، والأحوال الجوية المتغيرة. - وبالمثل، تستطيع شركات الأدوية جني فوائد جمة من هذه التقنية في تصميم جزيئات دوائية جديدة بدقة متناهية، وذلك من خلال محاكاة التفاعلات الكيميائية والذرية على مستوى غير مسبوق. سباق محموم نحو التفوق الكمومي - شهد العقد الماضي تسارعاً ملحوظاً في وتيرة الأبحاث والتطوير في ميدان الحوسبة الكمومية. وتقود هذا التوجه شركات تكنولوجية عملاقة ذات باع طويل في هذا المجال، مثل مايكروسوفت وجوجل وآي بي إم، جنباً إلى جنب مع شركات ناشئة واعدة تحمل في طياتها إمكانات ثورية، مثل كوانتينيوم وآيون كيو وبساي كوانتوم. - لقد حققت هذه الشركات مجتمعة تقدماً ملحوظًا، وقدمت ابتكارات جوهرية سواء في تصميم الأجهزة أو في تطوير الخوارزميات والبرمجيات المتخصصة. - ومع ذلك، فإن الإنجاز الأخير الذي أعلنت عنه مايكروسوفت – إذا ما تأكدت صحته وفعّاليته على أرض الواقع – فمن شأنه أن يدفع بعجلة التقدم في هذا المجال خطوات واسعة إلى الأمام لسنوات قادمة. - وعلى الرغم من تحفظ بعض العلماء وإبدائهم شكوكاً بشأن ما أعلنته مايكروسوفت تحديداً فيما يتعلق بفرميونات مايورانا، فإن هذا الإعلان في حد ذاته كان له وقع ملموس. - فقد ساهم بشكل مباشر في ارتفاع أسعار أسهم الشركات العاملة في القطاع الكمومي، وعزز بشكل كبير من حجم النقاشات حول الإمكانات الهائلة لهذه التقنية الثورية في المحافل العلمية المتخصصة. تعدد المسارات، وهدف واحد نبيل - لا تتبنى جميع الشركات العاملة في هذا المجال منهجاً تقنياً موحداً في تطوير بنيتها التحتية للحوسبة الكمومية؛ فعلى سبيل المثال، تركز شركتا آي بي إم وجوجل بشكل أساسي على تطوير الكيوبتات فائقة التوصيل، وهي تقنية تتطلب العمل في درجات حرارة تقترب بشدة من الصفر المطلق للحد من المقاومة الكهربائية إلى أدنى مستوياتها الممكنة. - وفي نوفمبر من عام 2024، كشفت آي بي إم النقاب عن شريحتها من الجيل الثاني "هيرون"، التي تشتمل على 156 كيوبت، وذلك في إطار خطة طموحة تهدف إلى بناء نظام حوسبة كمومية واسع النطاق وقادر على العمل بكامل طاقته بحلول عام 2029. - ومن جهتها، أعلنت جوجل تحقيق تقدم ملحوظ في مجال تصحيح الأخطاء الكمومية باستخدام شريحتها "ويلو"، وهو تحدٍ بالغ الأهمية نظراً للحساسية الشديدة التي تبديها الكيوبتات تجاه أي تداخلات بيئية طفيفة. - بينما تركز شركات أخرى طموحة مثل زانادو وبساي كوانتوم جهودها على تطوير الحوسبة الكمومية القائمة على الفوتونات، والتي تعالج البيانات عبر نبضات الضوء فائقة السرعة. الميزة الكمومية: نافذة فريدة من الفرص الاستثنائية للشركات - على الرغم من أن الحواسيب الكمومية لن تحل محل الحواسيب التقليدية بشكل كامل، فإنها ستحقق تفوقاً جذرياً عليها في التعامل مع أنواع محددة من المشكلات المعقدة ضمن مجالات تطبيقية دقيقة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: مجال الطب والكيمياء: تسريع وتيرة اكتشاف وتطوير الأدوية والعلاجات الجديدة، ومحاكاة سلوك الجزيئات الحيوية بدقة فائقة تفتح آفاقاً غير مسبوقة. قطاع المالية: تحسين النماذج المستخدمة في التحليل المالي المعقد، وإدارة المحافظ الاستثمارية بكفاءة أعلى، وتقييم المخاطر المالية بدقة متناهية. مجال علوم المواد: المساعدة الفعالة في اكتشاف مواد جديدة تتمتع بخصائص فريدة وغير مسبوقة، مما يفتح الباب أمام تطبيقات هندسية وصناعية مبتكرة. مجال التصنيع وسلاسل الإمداد: الارتقاء بكفاءة عمليات التصنيع المختلفة، وتحسين تخطيط وإدارة سلاسل الإمداد اللوجستية المعقدة، مما يؤدي إلى خفض التكاليف وزيادة الإنتاجية. - ولهذا السبب تحديداً، ليس من المستغرب أن نشهد تسابقاً حثيثاً بين الحكومات والمؤسسات الأكاديمية المرموقة والشركات الكبرى لضخ استثمارات ضخمة في هذا القطاع الواعد، وذلك نظراً للإمكانيات الهائلة التي يحملها في طياته لإحداث تحولات جذرية وإعادة تشكيل ملامح الاقتصادات العالمية في المستقبل القريب. المستقبل التكنولوجي يبدأ الآن - ربما لم يعد يفصلنا زمن طويل عن تحقيق التفوق الكمومي الكامل، وهي المرحلة الفارقة التي ستتمكن فيها الحواسيب الكمومية من حل المشكلات المعقدة التي تستعصي تماماً على قدرات الحواسيب التقليدية. - لذا، فقد بات من الضروري أن يدرك القادة وصنّاع القرار في مجالات الأعمال والتكنولوجيا والأوساط البحثية والعلمية أن الميزة الكمومية ليست مجرد فكرة نظرية مجردة أو إنجاز علمي محض، وإنما هي فرصة استراتيجية حقيقية ومفتاح حاسم لمستقبل الأعمال والتنمية المستدامة. - فالشركات والمؤسسات التي تستثمر بحكمة في فهم هذه التقنية الثورية وتطوير قدراتها الكمومية اليوم، هي التي ستحتل صدارة المشهد التنافسي وتقود بحق عجلة الاقتصاد العالمي في الغد القريب.

٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
اليابان تكشف عن حاسوب كمي ثوري: إنجاز قد يغيّر كل شيء!
أخبار اليابان تكنولوجيا 23/04/2025 طوكيو - (جيجي برس)-- أعلنت شركة فوجيتسو المحدودة بالتعاون مع معهد ريكين الياباني للأبحاث، يوم الثلاثاء، عن تطوير حاسوب كمومي فائق التوصيل بقوة 256 كيوبت، ما يجعله من بين أكثر الحواسيب الكمومية تقدمًا في العالم، ويُقدَّر أنه يمتلك قدرة حسابية تفوق بأربعة أضعاف النسخة السابقة. ومن المقرر أن يتم إتاحة هذا الحاسوب للاستخدام التجاري والأكاديمي، من قبل مؤسسات البحث العلمي والشركات، بدءًا من يونيو المقبل، مما يمثل خطوة جديدة نحو دمج الحوسبة الكمومية في التطبيقات العملية. وتُعد الحواسيب الكمومية قفزة نوعية في عالم التقنية، إذ تعتمد على الكيوبتات بدلاً من البتات التقليدية، ما يُمكّنها نظريًا من إجراء عمليات حسابية تفوق الحواسيب العملاقة التقليدية. لكن لا تزال هناك تحديات تقنية، أبرزها الحد من أخطاء الحوسبة، حيث تشير التقديرات إلى الحاجة لتشغيل عشرات الآلاف إلى مليون كيوبت فعّال لتحقيق الأداء المستقر والموثوق. ويُجسد هذا الابتكار طفرة في السباق العالمي لتطوير الحوسبة الكمومية، حيث تسعى الدول والشركات الرائدة إلى تصغير حجم الأجهزة الكمومية وتحسين آليات تصحيح الأخطاء الكمومية، التي تُعد من أكبر العوائق أمام الاستخدام التجاري الواسع. ويعتمد الحاسوب الكمومي الجديد على تبريد الدوائر المتكاملة المصنوعة من مواد فائقة التوصيل إلى درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق (−273.15 درجة مئوية)، ما يُقلل من مقاومة الكهرباء ويُعزز من دقة الأداء. كما يتميز بتصميم يتيح تبديد الحرارة الداخلية بكفاءة عالية، وهو ما يُعد تطورًا مهمًا لضمان الاستقرار أثناء تنفيذ العمليات المعقدة. ويُنتظر أن يُسهم هذا الابتكار الياباني في تسريع التحول الرقمي في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وتصميم الأدوية، والتمويل، والخدمات اللوجستية، حيث تمثل الحوسبة الكمومية أفقًا واعدًا لحل مشكلات لا تستطيع الحواسيب الكلاسيكية التعامل معها في الوقت الراهن. (النص الأصلي باللغة الإنكليزية، جيجي برس) الشركات اليابانية جيجي برس الحكومة اليابانية التكنولوجيا


أخبارنا
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- أخبارنا
حسام الحوراني : الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل قطاع الطاقة: من استثمار تقليدي إلى محرك للنمو العالمي
أخبارنا : لطالما اعتُبر قطاع الكهرباء استثمارًا تقليديًا مستقرًا، يُنظر إليه كملاذ آمن بعيدًا عن تقلبات الأسواق. إلا أن هذا التصور بدأ يتغير جذريًا مع تصاعد الطلب على الطاقة نتيجة للانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة. فقد أصبحت مراكز البيانات، التي تُعد العمود الفقري لهذه التقنيات، تستهلك كميات هائلة من الكهرباء، مما أدى إلى زيادة غير مسبوقة في استهلاك الطاقة عالميًا. وفقًا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة، من المتوقع أن يتضاعف استهلاك الكهرباء من قبل مراكز البيانات بحلول عام 2030، مدفوعًا بشكل رئيسي بتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي. هذا النمو السريع في الطلب على الطاقة دفع شركات الكهرباء إلى تحقيق أرباح قياسية، مما أعاد توجيه أنظار المستثمرين نحو هذا القطاع كمصدر للنمو المستدام، وليس فقط كاستثمار دفاعي. التحول في قطاع الكهرباء لم يقتصر على الجانب المالي فحسب، بل شمل أيضًا التحديات البيئية. فمع تزايد استهلاك الطاقة، برزت مخاوف من ارتفاع الانبعاثات الكربونية، خاصة في ظل اعتماد بعض المناطق على مصادر طاقة غير متجددة. ومع ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم في تحسين كفاءة استخدام الطاقة، مما قد يساهم في تقليل البصمة الكربونية على المدى الطويل. في هذا السياق، بدأت شركات التكنولوجيا الكبرى في البحث عن حلول لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة. فبينما تتجه بعض الشركات نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، تسعى أخرى إلى إحياء محطات الطاقة النووية لتوفير إمدادات مستقرة من الكهرباء. من جهة أخرى، يبرز الذكاء الاصطناعي كأداة فعالة في تحسين كفاءة شبكات الكهرباء. إذ يمكن استخدام تقنيات التعلم الآلي للتنبؤ بالطلب على الطاقة، وتحسين توزيعها، وتقليل الفاقد، مما يسهم في تعزيز استقرار الشبكات الكهربائية وتوفير الطاقة للمستهلكين بكفاءة أعلى. يُظهر التفاعل بين الذكاء الاصطناعي وقطاع الكهرباء تحولًا جذريًا في كيفية إنتاج وتوزيع واستهلاك الطاقة. وبينما يواجه القطاع تحديات كبيرة، فإنه يحمل في طياته فرصًا هائلة للنمو والابتكار، مما يجعل من الضروري تبني استراتيجيات متكاملة تجمع بين التطور التكنولوجي والاستدامة البيئية لضمان مستقبل طاقي آمن وفعال.? ماذا لو نُقل الذكاء الاصطناعي إلى حواسيب الكم؟ مع تطور تقنيات الحوسبة الكمومية، يُطرح سؤال مهم: ماذا سيحدث إذا تم نقل تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى حواسيب الكم من حيث استهلاك الطاقة؟ كفاءة طاقة محسّنة في بعض التطبيقات : تشير بعض الدراسات إلى أن الحوسبة الكمومية قد تكون أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة مقارنة بالحوسبة التقليدية في بعض التطبيقات. على سبيل المثال، يمكن أن تكون الحواسيب الكمومية أكثر كفاءة بمقدار 100 مرة من الحواسيب التقليدية في بعض المهام. ومع ذلك، لا تزال هذه التقنية في مراحلها المبكرة، وتحتاج إلى مزيد من التطوير لتحقيق هذه الكفاءة على نطاق واسع. تحديات التبريد واستهلاك الطاقة : تتطلب الحواسيب الكمومية درجات حرارة منخفضة للغاية للعمل بكفاءة، مما يستلزم أنظمة تبريد متقدمة تستهلك كميات كبيرة من الطاقة. في بعض الحالات، قد يصل استهلاك الطاقة لأنظمة التبريد إلى 90% من إجمالي استهلاك الطاقة للحاسوب الكمومي. هذا يعني أن الفوائد المحتملة في كفاءة الطاقة قد تتضاءل بسبب متطلبات التبريد العالية. إمكانيات مستقبلية لتحسين كفاءة الطاقة :على الرغم من التحديات الحالية، هناك جهود مستمرة لتطوير حواسيب كمومية أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. على سبيل المثال، تعمل بعض الشركات على تطوير شرائح كمومية تعتمد على الفوتونات، والتي يمكن أن تعمل في درجات حرارة أعلى، مما يقلل من متطلبات التبريد. إذا تم تحقيق هذه التحسينات، فقد تصبح الحوسبة الكمومية خيارًا أكثر استدامة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. تأثير محتمل على البنية التحتية للطاقة :إذا تم اعتماد الحوسبة الكمومية على نطاق واسع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، فقد يؤدي ذلك إلى تغييرات في البنية التحتية للطاقة. قد يتطلب ذلك تطوير مراكز بيانات جديدة مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الحوسبة الكمومية، بما في ذلك متطلبات التبريد والطاقة. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون هناك حاجة إلى مصادر طاقة أكثر استدامة لتقليل الأثر البيئي لهذه المراكز. اخيرا، بينما تقدم الحوسبة الكمومية إمكانيات مثيرة لتحسين كفاءة الطاقة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فإنها تواجه تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالتبريد واستهلاك الطاقة. ومع استمرار البحث والتطوير، قد نشهد في المستقبل تقنيات كمومية أكثر كفاءة واستدامة، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ويعيد تشكيل قطاع الطاقة العالمي.

الدستور
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- الدستور
الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل قطاع الطاقة: من استثمار تقليدي إلى محرك للنمو العالمي
لطالما اعتُبر قطاع الكهرباء استثمارًا تقليديًا مستقرًا، يُنظر إليه كملاذ آمن بعيدًا عن تقلبات الأسواق. إلا أن هذا التصور بدأ يتغير جذريًا مع تصاعد الطلب على الطاقة نتيجة للانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة. فقد أصبحت مراكز البيانات، التي تُعد العمود الفقري لهذه التقنيات، تستهلك كميات هائلة من الكهرباء، مما أدى إلى زيادة غير مسبوقة في استهلاك الطاقة عالميًا.وفقًا لتقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة، من المتوقع أن يتضاعف استهلاك الكهرباء من قبل مراكز البيانات بحلول عام 2030، مدفوعًا بشكل رئيسي بتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي. هذا النمو السريع في الطلب على الطاقة دفع شركات الكهرباء إلى تحقيق أرباح قياسية، مما أعاد توجيه أنظار المستثمرين نحو هذا القطاع كمصدر للنمو المستدام، وليس فقط كاستثمار دفاعي. التحول في قطاع الكهرباء لم يقتصر على الجانب المالي فحسب، بل شمل أيضًا التحديات البيئية. فمع تزايد استهلاك الطاقة، برزت مخاوف من ارتفاع الانبعاثات الكربونية، خاصة في ظل اعتماد بعض المناطق على مصادر طاقة غير متجددة. ومع ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم في تحسين كفاءة استخدام الطاقة، مما قد يساهم في تقليل البصمة الكربونية على المدى الطويل.في هذا السياق، بدأت شركات التكنولوجيا الكبرى في البحث عن حلول لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة. فبينما تتجه بعض الشركات نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، تسعى أخرى إلى إحياء محطات الطاقة النووية لتوفير إمدادات مستقرة من الكهرباء.من جهة أخرى، يبرز الذكاء الاصطناعي كأداة فعالة في تحسين كفاءة شبكات الكهرباء. إذ يمكن استخدام تقنيات التعلم الآلي للتنبؤ بالطلب على الطاقة، وتحسين توزيعها، وتقليل الفاقد، مما يسهم في تعزيز استقرار الشبكات الكهربائية وتوفير الطاقة للمستهلكين بكفاءة أعلى.يُظهر التفاعل بين الذكاء الاصطناعي وقطاع الكهرباء تحولًا جذريًا في كيفية إنتاج وتوزيع واستهلاك الطاقة. وبينما يواجه القطاع تحديات كبيرة، فإنه يحمل في طياته فرصًا هائلة للنمو والابتكار، مما يجعل من الضروري تبني استراتيجيات متكاملة تجمع بين التطور التكنولوجي والاستدامة البيئية لضمان مستقبل طاقي آمن وفعال.?ماذا لو نُقل الذكاء الاصطناعي إلى حواسيب الكم؟ مع تطور تقنيات الحوسبة الكمومية، يُطرح سؤال مهم: ماذا سيحدث إذا تم نقل تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى حواسيب الكم من حيث استهلاك الطاقة؟ كفاءة طاقة محسّنة في بعض التطبيقات : تشير بعض الدراسات إلى أن الحوسبة الكمومية قد تكون أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة مقارنة بالحوسبة التقليدية في بعض التطبيقات. على سبيل المثال، يمكن أن تكون الحواسيب الكمومية أكثر كفاءة بمقدار 100 مرة من الحواسيب التقليدية في بعض المهام. ومع ذلك، لا تزال هذه التقنية في مراحلها المبكرة، وتحتاج إلى مزيد من التطوير لتحقيق هذه الكفاءة على نطاق واسع.تحديات التبريد واستهلاك الطاقة : تتطلب الحواسيب الكمومية درجات حرارة منخفضة للغاية للعمل بكفاءة، مما يستلزم أنظمة تبريد متقدمة تستهلك كميات كبيرة من الطاقة. في بعض الحالات، قد يصل استهلاك الطاقة لأنظمة التبريد إلى 90% من إجمالي استهلاك الطاقة للحاسوب الكمومي. هذا يعني أن الفوائد المحتملة في كفاءة الطاقة قد تتضاءل بسبب متطلبات التبريد العالية.إمكانيات مستقبلية لتحسين كفاءة الطاقة :على الرغم من التحديات الحالية، هناك جهود مستمرة لتطوير حواسيب كمومية أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. على سبيل المثال، تعمل بعض الشركات على تطوير شرائح كمومية تعتمد على الفوتونات، والتي يمكن أن تعمل في درجات حرارة أعلى، مما يقلل من متطلبات التبريد. إذا تم تحقيق هذه التحسينات، فقد تصبح الحوسبة الكمومية خيارًا أكثر استدامة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.تأثير محتمل على البنية التحتية للطاقة :إذا تم اعتماد الحوسبة الكمومية على نطاق واسع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، فقد يؤدي ذلك إلى تغييرات في البنية التحتية للطاقة. قد يتطلب ذلك تطوير مراكز بيانات جديدة مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات الحوسبة الكمومية، بما في ذلك متطلبات التبريد والطاقة. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون هناك حاجة إلى مصادر طاقة أكثر استدامة لتقليل الأثر البيئي لهذه المراكز.اخيرا، بينما تقدم الحوسبة الكمومية إمكانيات مثيرة لتحسين كفاءة الطاقة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فإنها تواجه تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالتبريد واستهلاك الطاقة. ومع استمرار البحث والتطوير، قد نشهد في المستقبل تقنيات كمومية أكثر كفاءة واستدامة، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ويعيد تشكيل قطاع الطاقة العالمي.