أحدث الأخبار مع #الخطبة


اليوم السابع
منذ 2 أيام
- منوعات
- اليوم السابع
أحمد نبوي لقناة الناس: المودة والرحمة أعمق من الحب.. وهي الحصن الحقيقي للأسرة
قال الدكتور أحمد نبوي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف ، إن الأسرة هي نواة المجتمع، ونواة الأسرة الحقيقية قائمة على المودة والرحمة، لا على العنف والإهانة، مشيرًا إلى أن خطبة الجمعة الموحدة التي سيتناولها أئمة وخطباء المساجد تحت عنوان "فتراحموا"، تركز على هذه القيم الجوهرية التي تمثل روح العلاقة بين الزوجين. وأوضح الدكتور أحمد نبوي، خلال حلقة "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن العلاقة بين الزوجين علاقة مقدسة جعلها الله من آياته الكبرى، مستشهدًا بقول الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً"، مضيفًا أن هذا الاقتران بين رجل وامرأة نشأ كل منهما في بيئة مختلفة ثم يجتمعان ليكوّنا أسرة متماسكة، هو بحد ذاته آية من آيات الله في كونه. وأكد أن "المودة والرحمة" لا تعني غياب المشاكل، فكل بيت يمر بخلافات، لكن المهم أن يظل محور العلاقة الزوجية هو الحنان والأمان، قائلًا: "الرحمة هي الحصن اللي بيحمي البيت، ممكن الحب يضعف، لكن المودة والرحمة لا تنهاران.. لو في رحمة، حتى لو اختلفنا، لا يمكن أن نظلم أو نهين الطرف الآخر". وشدد على ضرورة غرس هذا الفهم في أذهان الشباب المقبلين على الزواج، مؤكدًا أن العلاقات الزوجية الناجحة لا تبنى على الكمال أو المثالية، بل على الاحترام والثقة وتفهم طبيعة الاختلاف، قائلا: "نريد بيوتًا قائمة على الحنان لا القسوة، على الأمان لا التهديد، بيوتًا يظل فيها صوت الرحمة أعلى من كل خلاف". أكد الدكتور أحمد نبوي، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن العنف الأسري لا يقتصر على الضرب أو الأذى الجسدي، بل يمتد ليشمل الإهانة والاعتداء اللفظي والإيذاء النفسي، موضحًا أن السب، التقليل، الشتم، أو التهكم على الزوجة أو الأبناء يترك آثارًا عميقة في النفس قد تتحول لاحقًا لعُقَد نفسية يصعب علاجها. وقال الأستاذ بجامعة الأزهر: "في فرق كبير بين إن الأب يشد على أولاده، وبين إنه يُهينهم.. الإهانة تخلق نظرة سوداوية للحياة في نفس الطفل، لأنه تربى على التقليل من ذاته، وده ما ينفعش أبدًا لا مع الزوجة ولا مع الأولاد ولا حتى مع أي إنسان". وأشار إلى أن التربية السليمة تبدأ من بيئة خالية من العنف والإهانة، داعيًا الأزواج إلى ضبط النفس في أوقات الخلافات الزوجية، قائلاً: "لو حصل خلاف، لا يصح أبدًا إن الزوج يعلّي صوته أو يشتم زوجته، خصوصًا قدام الأولاد، الخلافات تحصل، وده طبيعي، لكن لازم تكون في الغرف المغلقة وباحترام". وأضاف الأستاذ بالأزهر: "أوعى تمد إيدك، أوعى تهينها، أو تشتمها في ذاتها أو في أهلها.. الكلام الجارح ما بيتنسيش.. وبيت اتعود على الإهانة، بتكون عواقبه وخيمة على الكل، خصوصًا الأولاد". ووجّه رسالة للزوجات قائلاً: "كمان بنقول للزوجة الكريمة، أوعي تسيئي لزوجك، سواء بينكم أو قدام أولادكم. لازم نحافظ على صورة بعض قدام ولادنا، خصوصًا وقت الخلاف.. الزوج يصون صورة مراته، والزوجة تحفظ صورة جوزها".


صحيفة الخليج
منذ 5 أيام
- منوعات
- صحيفة الخليج
تعرف إلى مصير الهدايا بين الخاطبين عند فسخ الخطبة حسب القانون؟
سال أحد قراء «الخليج» عن مصير الهدايا المتبادلة بين الخاطبين في حال فسخ الخطبة حسب قانون الأحول الشخصية الجديدة، وأجاب المستشار القانوني الدكتور علاء نصر، وقال تعد مسألة استرجاع الهدايا بين الخاطب والمخطوبة من الإشكاليات المتكررة، خاصة عند العدول عن إتمام الزواج. وتابع: بحسب قانون الأحوال الشخصية الجديد، فإن جميع ما يقدمه أي من الطرفين خلال فترة الخطبة يعتبر هدية، ما لم يثبت أن ما قدم كان مهراً أو جرى العرف على اعتباره كذلك. وأضاف د. نصر أن القانون يجيز استرداد الهدايا المشروطة بإتمام الزواج، وكذلك الهدايا الثمينة التي تزيد قيمة كل منها على 25 ألف درهم، سواء بإعادتها عيناً أو بدفع قيمتها المالية، أما الهدايا التي تستهلك بطبيعتها كالملابس، فلا يلتزم الطرف الآخر بإرجاعها. وأشار إلى أنه في حال فسخ الخطبة بسبب وفاة أحد الطرفين، فلا يعاد أي من الهدايا، وفي حالة تقديم مهر قبل عقد القران، يحق للخاطب المطالبة به أو بما اشتري به، مثل جهاز الزواج، حتى وإن كان بحوزة المخطوبة. وأكد أن هذه المسائل يفضل حلها بالتراضي حفاظاً على العلاقات العائلية، ولكن يظل اللجوء إلى القضاء حقاً مكفولاً لمن تعذر عليه استرداد حقه ودياً.


عكاظ
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- عكاظ
أُم المراكي ومقصّع القِذّان
ما طبّ النوم عين (شاخط) ساعة عرف بخطبة ابن عمه (مشخوط) لجارتهم (أُم المراكي)، وطول ليله يتقلّب، ويردد «أعقب يا بو كهيل إن كان تنزي على وجهك ما تشاورني» قالت صبيّته؛ يا ولد الحلال أرقد وإلى منّها أصبحت، أغبش عليه، وفقّع كَرده، فقال؛ امسي الله لا يمسيك بالخير يا ملقطة الروايا، ليش تعلميني ما خليتيني أرقد وبكرة وخير وإلا لسانك يأكلك؟ ردّت عليه؛ ابن عمّك ما حد سوّى سواته، ولو ما علمتك أصبحت تتخزى فوقي وتقول تسيرين من دخش في دخش ولا تجيبين لي العلوم يا الداشرة!! ما صدق النهار يطلع، لفّ عمامته على رأسه، واستندر كوته الأسود المرقّع بقماش أبيض، وأدخل ذرعانه في الأكمام؛ وفتّش جيوب الكوت، واخترج غليونه، وطلب من زوجته تلقط له جمرة، يشعل بها التعميرة، فقالت ما بعد فكيت ريقك يا مخلوق، علّق بصوت هامس؛ قلبها مني والله يا سعدها لو تغمّض وتفتّح ما تلقى لي الطاري؛ وتظلّي تلعب شمطه، ثم صعق عليها هات الجمرة، ما كل من فكّ ريقه ينسمح طريقه. طبّ على (مشخوط) وهو فوق العتبة، يقصّع قِذان ترحى في سرواله؛ ولا سلام ولا كلام؛ نشده اعلمني وش أغداك تنكح مرة ندّة أُمك يا منصول الخوش، جاوبه ببرود قائلاً معها مرزق، وابن عمك جيب خاوي، وبطن طاوي، وعيشة حقاوي، ولو ما يرزقني ربي منها إلا بولد يشيل اسمي بعد موتي، فقحّط ضروسه على بعضها؛ لين غدا لها صرّة، وقال يشيل اسمك لا تُكن من بني مقرن، ومنين يجيها عيال. أكمل تعميرة الغليون، والعريس يلاحق القِذّان، شيء يصيده باصبع السبابة، وشيء يتسلل إلى جسده، وما أدركه يفركه بين السبابة والإبهام، ويشفط ريقه مع كل قصعة؛ فيصدر صوتاً مثل خشخشة النيص بين الحشيش؛ وتلمح فيه، إلا وحالته تَرْحِم، سيقانه صخاف كما قلموز الجرادة، والخرابة اللي يعيش فيها ما تسكنها الكلاب، فتغبن أنه زهق عليه، وقال تدري يا ابن العم، الله يجعلها ساعة مبروكة، وأنت لا معك مال وهي ما عد فيها عِيال، فالتبس سرواله، واقترب من ابن عمه، وخفته في إذنه: تقول ما بعد قطعتها العادة، فاتجه للقبلة رافعاً كفيه وقال: الله يا من يقل معك عقل يأخذ عقله. تيقّن (شاخط) أن الشرهة بتعوّد عليه؛ فهو آخر شيبان عائلة (العُبعُبه) والعين التي دمعها ما يبلّ حفافها عساها بالعمى، فطلب منه يسبقه؛ يقلع صكاك الحمارة من الربعة؛ ويسقيها؛ ويتولّم للمهباط؛ وعندما شرّف على السوق، إلا والعروس (أم المراكي) باسطة بغزلها ومنافيشها، وبخورها؛ فالتفت في مشخوط، وقال هي تيه اللي بتأخذها، تتميجغ في هروجها ولبانتها لها طقطقه في حلقها؟ لم يردّ عليه؛ جرّه بيده، قائلا: تعال نتفاول عند فاضل ونشرب البراد. وهم على صحن الفول والتميسة، حاظاهم تاجر الحلال (بعير) ولأن أهله وأهلهم كانوا يتعاصبون بالثيران، طلّق من ركبته؛ ليتنقون أطيب البقر، ويسددونه من المباركة، ولكي يرفع معنويات العريس، أقسم بالله إنها عِرْبِيّة تسوى ميّة رجال، علّق (شاخط) مية من عيّنتك وعيّنة مشخوط، فضجت القهوة بالضحكات، كون الهباطة متقاربين ويسمعون هروج بعضهم. صدروا بالقِرى، ولقيهم الفقيه أسفل الدار، ولأنه يهاب شاخط سوى نفسه ما يدري؛ فنشدهم ما شاء الله؛ كيف الكم اشتريتموها (منيحة وإلا ذبيحة) قال شاخط: قِرى لصدة رفيقك، فقال: ما علّمني؛ فحلف شاخط أنك تدري وإنها دلايلك يا دلال النسوان، فبغى يحلف؛ فردّ عليه بنهرة لا تحلف، والله لو كانت لحيتك واصلة كراعينك ما أصدقك، فقال: العانيّة مني كيس حنطة؛ فقال: ما قعدنا في حراك يا السحار؛ ما لك خير في أبوك ولا أخوك ولا ولدك، لهطت الأول والتالي، فتدخل مشخوط؛ تعوذوا من الشيطان، وإذا بالعروس معدّية من جنبهم؛ وريحة الكادي واصلة العرش، ففك حبل البقرة وكشر، فصاح عليه: البقرة بتشرد، وأضاف: دخت يا مقصّع القِذان ما ضريت بالهياله!!! حضر الفقيه ليعقد، ونشد مشخوط من هو وليّها؛ فردّ شاخط: وليّها أبو حميميق، ولكي تغيضه، حطت جمرتين في المبخر، وأخرجت علبة من سحاريتها، وحطت جاوي وضفر؛ ودارت على المجلس، ويوم قربت منه؛ قالت: أعميتنا بريحة الغليون يا صالح المالكي؛ وبغى يردّ، إلا وولدها داخل عليهم؛ رحّب بالرجاجيل، وسلّم في رأس أمه وكفها، وقعد قبالة الفقيه، نشده عن المهر، فأجابت من سد الزافر: المهر وصل، وتم العقد، وجاء يوم المرواح. سرح مشخوط للكر، وتروّش؛ ولبس الثوب اللي اشترته له حبيبة الصباح، والجماعة ذبحوا البقرة، وزهبوا عشاهم، وأقبل الشاعر أبو شوارب، فاستقبله شاخط، وأخذه للبيت، قهواه وكساه مقدّماً، وقال: طلبت تكويه بقصيدة أبو كهيل، وبعد العشاء دقّ الزير؛ وبدع الشاعر: (الذي يمشي على الشوك حافي ما عليه، ما انوس إلا زفرته يوم ياطى حرّ شوك، كنّ ما تحته جمارك وفوقه حرّ شمس، وانت يا مشخوط لا بدّ ياجيك المطر، لا تضيّع ميرتك في صعيدٍ صفصفا). انسدح مع العروس وهي سدحتها اللي ما صحيت منها، حشرها وانكتمت أنفاسها في كيس النوم، ولأنها مقطوعة من شجرة، ما أحد بكاها، وغدت القريّة تهني لمشخوط الذي ورث البيت والوادي، وكلما شاف شاخط معدّي من المسراب، قال: عدّ تقهو بيجيني آخي الفقيه؛ فيردّ عليه: الله يجعلها تواك إنت وهو؛ يا مبللين القوايل، ومستحلين ميراث الأرامل. أخبار ذات صلة


عكاظ
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- عكاظ
خطيب المسجد الحرام: اجتنبوا الكذب على القيادات والعلماء واحذروا حملات الحج الوهمية المخادعة
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين بتقوى الله -عز وجل-. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: «في زمان كثرت فيه الفتن الظلماء، وعمت محن الدهماء، وفي أغوار الأحداث وأعماقها تتألق قضية فيحاء عريقة بلجاء، من الضرورات المحكمات، والأصول المسلمات، ومن أهم دعائم العمران والحضارات، إنها قضية الأمن والأمان، والاستقرار والاطمئنان». وأوضح أن الأمن أول دعوة دعا بها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حيث قال: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ)، فقدَّم الأمن على الرزق، بل جعله قرين التوحيد فجمع في دعائه بين أمنين عظيمين؛ الأمن العام الشامل لحفظ الأنفس والأبدان، والأمن العقدي، الذي يُراعى فيه التوحيد الخالص لله تعالى، وهذا معنى عظيم من معاني الإيمان الذي جاءت به شريعة الإسلام. وبين أنه منذ أشرقت شمس هذه الشريعة الغراء ظللت الكون بأمن وارف، وأمان سابغ المعاطف، لا يستقل بوصفه بيان، ولا يخطه يراع أو بنان. وقال: «تلك هي المنهجية الإسلامية الصحيحة لهذه القضية الشاملة الربيحة، قضية الأمن والأمان، فهما جنبان مكتنفان للإيمان، منذ إشراق الإسلام، إلى أن يُحشر الأنام، فلقد أعلَى الإسلام شأنها، ورفع شأنها، من خلال التزام الإيمان والتوحيد وجانب الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإفراط والتفريط في كل أمور الحياة». ولفت النظر إلى أن من قضايا العصر المؤرقة التي رمت الإنسانية بشرر، واصطلى بها العالم الإسلامي وتضرر، ذلكم الغزو الفكري المتتابع، والاستهانة بعقول البسطاء المتراقع المصادم لشريعة الإسلام، والمضاد لهدي خير الأنام، لم تنشب آثاره، تتأرجح بعقول بعض الشباب الأغرار، ومن يغرر بهم، ويقتل لهم في الذرى والغوارب لذا فإن من أهم أنواع الأمن: الأمن الفكري، بل هو لب الأمن وركيزته، لأن الأمم والأمجاد والحضارات إنما تقاس بعقول أبنائها وأفكارهم، لا بأجسادهم وقوالبهم. وحذر فضيلته من الاختراقات الإلكترونية بشتى صورها وأنواعها، وجرائم الذكاء الاصطناعي الذي أصبح متاحًا للجميع، مبينًا أنه أمام تلك الأنشطة الإجرامية متعددة الأوجه؛ فإن الواجب الوقوف صفًا واحدًا في وجه كل من يحاول شق الصف وإحداث الفرقة والخلل، بالكذب على القيادات والرموز والعلماء بمقاطع مكذوبة، أو أقوال منتحلة من خلال تفعيل الأمن المجتمعي، والإبلاغ عن كل ما يخل به، فهو ضرورة حتمية لمعرفة أساليب النصب والاحتيال، وكيفية التعامل معها والوقاية منها، وحملات الحج الموهومة والمضللة؛ لوقاية المجتمع من الجرائم المستحدثة التي تنتهك الحقوق والحريات، وتستهدف الدين والأنفس والعقول والأعراض والأموال، وأن من البشائر والآمال أن نسبة الوعي بهذه الحرب محل إشادة وتقدير، فلا تهزها الشائعات المغرضة، والافتراءات الكاذبة، التي هي نتاج أحقاد مفضوحة مكشوفة، ولهذا فإن الوعي المجتمعي أساس الأمن المجتمعي، محذرًا البعض أن يكون أدوات أو مطايا للأعداء دون أن يشعروا، بتصديق تلك الترهات. ورأى الشيخ عبدالرحمن السديس أن الناجحين والطموحين أفرادًا ومؤسسات، ودولًا وكيانات، تتناوشهم سهام الحاسدين والحاقدين في كل مكان وزمان. وأكد أن من أعظم النعم والآلاء نعمة الأمن والأمان؛ فبلادنا بحمد الله آمنة وهي بحفظ الله محفوظة، مشددًا على أهمية أمن الحرمين الشريفين وقاصديهما، ذلك أن الحج عبادة شرعية، وقيم حضارية، تلبية ورجاء ودعاء، وذكر ونداء، وخشوع وصفاء، وتوبة وثناء، فهو نظام كامل، ومنهج شامل، وعبادة خالصة، مؤكدًا أهمية التزام الأنظمة والتعليمات والتوجيهات ومنها: لا حج إلا بتصريح، وهو من لوازم شرط الاستطاعة، تحقيقًا للمقاصد الشرعية الكبرى في جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وإثراء تجربة القاصدين والزائرين الدينية والقيمية، وأنه يجب تعاون المواطنين والمقيمين والمسلمين جميعًا في هذا الجانب الأمني المهم. وأوصى إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين بضرورة الوحدة والاعتصام لمواجهة المخاطر والتحديات، خاصة مآسي إخواننا المستضعفين وأحبتنا المكلومين في فلسطين العزيزة، والمسجد الأقصى المبارك، فلا ننساهم من دعائنا، ونبتهل إلى الله أن يكشف عنهم ما نزل بهم، وينصرهم على عدوهم. كما تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن سيرة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بوصفها منهجًا ودستورًا يصلُحُ بها حالُ البشرية جمعاء في كل زمان ومكان، وتمثّل رسالة تنبضُ بالحياة، تُحيي القلوب والضمائر، وترسّخ مبادئ العدل والرحمة والمساواة، وتُلغي كل تفاضُلٍ زائف بين البشر قائم على العِرق أو المال أو اللون أو الجِنس، وتمنحُ البصيرة في زمن الفتن. وأوضح الشيخ عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم أن سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - تُمثّل رحلة مفعمة بالدروس من المهد إلى اللّحد، من خلوته في غار حِراء حيث بدأ الوحي، إلى مِنبر المدينة حيث أُعلنت الرسالة، من يُتمٍ وابتلاءٍ إلى ريادةٍ وتمكين، من أول نداءٍ بالعلم: «اقرأ» إلى آخر وصية خالدة «الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانُكُم». ويسرد إمام المسجد النبوي السيرة العظيمة لنبي الرحمة والهدى - صلى الله عليه وسلم - مبينًا أنه وُلِد يتيمًا، لكن اليُتم ليس ضعفًا، وإن بدا في ظاهره حرمانًا، فهو حافزٌ للنبوغ، ودافعٌ للتوكُّل على الله أولًا، ثم الاعتماد على النفس بثقة وثبات، فحين يلتقي اليُتم بالإرادة، يتحوّل إلى شعلة تضيء الطريق، وهذا ما تجلّى في سيرة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وسِيَر العُظماء قبله وبعده، فكم من يتيم خطّ اسمه في سجلّ الخالدين، وارتقى بالإيمان، وتسلّح بالعلم، وسما بالعمل، حتى أصبح من روّاد النهضة، وصُنّاع الحضارة. أخبار ذات صلة وبين أن النبي - عليه الصلاة والسلام - تزوّج خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، فكان زواجًا أُسّس على حبٍّ صادقٍ، ووفاءٍ ثابت، ومودة ورحمة، وشراكة صادقة، وأي بيت تُبنى دعائمه على هذه القيم النبيلة لا تهزّه العواصف، ولا تفته الخلافات، ولا ينهار أمام أتفه الأسباب. وأضاف: وفي سن الأربعين، وبينما كان النبي يختلي بنفسه في غار حراء، متأملًا في ملكوت الله، نزل عليه جبريل عليه السلام، يحملُ أعظم نداءٍ سَمعتهُ البشرية: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ». نداءٌ لم يكن مجرد أمرٍ بالقراءة، بل إعلانٌ لميلادِ أمة، شعارها القراءة باسم الله، ومنهجُها العلم، وحِصنُها الإيمان، فبدأت الرسالة الخالدة بـ«اقرأ» لِتؤسّس إنسانًا يعي، وعقلًا يُفكّر، وقلبًا يؤمن، وأمة تنهضُ على نورٍ من الوحي. وتابع فضيلته بقوله: عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته، وقد ارتجف جسدُه من هول أول لقاء بالوحي، فلم يجِد مأوىً أحنّ ولا أصدق من حضن خديجة، رضي الله عنها، فاحتوته بسكينة المرأة الحكيمة، وثبات القلبِ المُحبّ، وقالت كلمتها الخالدة التي سكنت قلبه، وبدّدت خوفه: «كلا، أبشر، فوالله لا يُخزيك الله أبدًا، إنك لتصِلُ الرّحِم، وتصدُقُ في الحديث، وتحمل الكلَّ، وتُقرئ الضيف، وتُعين على نوائب الحقّ»، وبناء على ذلك لن يُخزي الله أبدًا، من سار على هدي نبيّه، فجعل الإحسان طريقه، والرحمة خُلُقه، والنبوّة قدوته. وأضاف الشيخ عبدالباري الثبيتي أن المنهج النبوي في الدعوة كان مؤسسًا على التوجيه الإلهي: «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ» فانطلقت دعوته بكلمة طيبة تلامسُ القلوب، وصبرٌ جميلٌ يغلبُ الصُّدود، يردُّ على الجهل بالحِلم، ويقابل القسوة بالرفق، كانت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم- رحمة تسري، لا سطوة تُفرض؛ قال تعالى: «وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَٰلَمِينَ»، رحمة بالحائر، ورفقٌ بالجافي، وحِلمٌ على من أساء، حتى في أشدّ المواقف، لم يُقابل الجهل بجهلٍ، ولا الغِلظة بغِلظة، بل قاد القلوب إلى الله باللين، وفتح المغاليق بالمحبة. وذكر أن زمننا هذا كثُرت فيه الأصوات، وارتفع فيه الجدل، وقلّ فيه الأسلوبُ الحكيم، ونحن في أمسّ الحاجة للعودة إلى ذلك المنهج النبوي الراشد، منهجٌ يُخاطب العقول بالحكمة، والقلوب بالرحمة، ويدعو إلى الله برفقٍ يُحيي، لا بغلظةٍ تُنفّر. وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي أنه إذا تحدثنا عن خُلُق النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلن توفيه الكلمات قدره؛ فهو خُلُق تجسّد، ورحمة تمشي، فكان الصفحُ عنده سجيّة، والكرم عادة، والتواضع طريقًا، وكان يعفو عمن ظلمه، ويصلُ من قطعه، ويُكرم من أساء إليه، يُواسي الحزين، ويمسح على رأس اليتيم، ويَرحمُ الصغير، ويوقِّر الكبير، لا يُفرّق بين غنيٍ وفقير، يجلس بين أصحابه، يُصغي إليهم ويؤانسهم، كأنه واحدٌ منهم، ومع ذلك كانت له هيبة تملأ النفوس، ومحبةٌ تأسر القلوب. وتابع قائلًا: كان عليه الصلاة والسلام قائدًا يُربّي الرجال على الإيمان والصِدق، وحاكمًا يُدير دفة أمة، ويُقيم أركان حضارة، وزوجًا حنونًا يرعى شؤون بيتِه بمحبة ومسؤولية، وعبدًا شكورًا يقوم بين يدي ربه في جوفِ الليل حتى تتفطّر قدماه، ومُصلحًا حكيمًا يُداوي عِلل المجتمع بالرحمة والعقل والبصيرة، وفي كل جانب من هذه الجوانب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نموذجًا فريدًا، ومُعلمًا للقدوة والاقتداء. وذكر أنه في حجته الأخيرة، وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على صعيد عرفات، تُحيطُ به أمواج من القلوب المؤمنة، أكثر من 100 ألف نفسٍ، تُنصت بخشوعٍ، لِتشهد أعظم بيانٍ عرفه التاريخ. وأورد الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي ما تضمنته خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، مبينًا أنه رسم فيها للأمة خارطة الطريق، وحدّد فيها معالم البقاء وعوامل العزّ، وأعلن فيها المساواة بين البشر، وأبطل كل تفاضُلٍ زائفٍ قائم على النَسَب أو المال أو اللون أو الجنس، وغَرَس في القلوب ميزانًا ربانيًا واحدًا هو التقوى، ثم أوصى بالنساء خيرًا، وحذّر من الظُلم، وذكّر بحرمة الدماء والأعراض، وأرسى مبادئ العدل والرحمة، وختم عليه الصلاة والسلام خطبته العظيمة بوصيةٍ خالدة، هي حبل النجاة، ودستورُ الفلاح في الدنيا والآخرة، فقال: «تركتُ فيكم أمرين؛ لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما: كتابُ الله، وسُنّتي». وأضاف أنه بعد أن بلّغ النبي -صلى الله عليه وسلم- الرسالة، وأدى الأمانة، وربّى أمة، وأقام حضارةً، اشتد عليه المرض في أيامه الأخيرة، لكنه لم يغفل عن أمته، بل كانت آخر وصاياه: «الصَّلاة الصَّلاة وما ملكت أيمانكم»، لعِظمِ شأنها، وجلالة قدرها. وختم إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة مُذكرًا بوفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ خرج إلى الناس في لحظاته الأخيرة، يتأمّلهم بعين المحبة، وكأن قلبهُ يطوفُ بهم مودّعًا، ثم عاد إلى بيته، وأسلم روحه الطاهرة في حِجر عائشة رضي الله عنها، وارتجّت المدينة، لكن نوره لم ينطفئ، وسُنتهُ لم تَغِبْ، بل بقيت حية في قلوب المؤمنين راسخة في حياة الأمة، فمات الجسدُ، لكن بقي الأثر، وبقيت الأمانة في أعناق هذه الأمة، ليسيروا على هديه، ويحيوا سُنّته، ويُبلّغوا رسالته للعالمين، فمن أحبّ النبي حقًا فليقتفِ أثره، وليُحيي سُنته في نفسه وأهله ومجتمعه، فالمحبة الصادقة ليست ادعاء باللسان، بل اتباع بالأفعال.


الرياض
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الرياض
إمام المسجد الحرام: الأمن ركيزة الإيمان ودرع الأوطان في زمن الفتن
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين بتقوى الله -عز وجل-. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: "في زمان كثرت فيه الفتن الظلماء، وعمت محن الدهماء، وفي أغوار الأحداث وأعماقها تتألق قضية فيحاء عريقة بلجاء، من الضرورات المحكمات، والأصول المسلمات، ومن أهم دعائم العمران والحضارات، إنها قضية الأمن والأمان، والاستقرار والاطمئنان". وأوضح أن الأمن أول دعوة دعا بها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حيث قال: ( رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ )، فقدَّم الأمن على الرزق، بل جعله قرين التوحيد فجمع في دعائه بين أمنين عظيمين؛ الأمن العام الشامل لحفظ الأنفس والأبدان، والأمن العقدي، الذي يُراعى فيه التوحيد الخالص لله تعالى، وهذا معنى عظيم من معاني الإيمان الذي جاءت به شريعة الإسلام. وبين أنه منذ أشرقت شمس هذه الشريعة الغراء ظللت الكون بأمن وارف، وأمان سابغ المعاطف، لا يستقل بوصفه بيان، ولا يخطه يراع أو بنان. وقال: "تلك هي المنهجية الإسلامية الصحيحة لهذه القضية الشاملة الربيحة، قضية الأمن والأمان، فهما جنبان مكتنفان للإيمان، منذ إشراق الإسلام، إلى أن يُحشر الأنام، فلقد أعلَى الإسلام شأنها، ورفع شأنها، من خلال التزام الإيمان والتوحيد وجانب الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإفراط والتفريط في كل أمور الحياة". ولفت النظر إلى أن من قضايا العصر المؤرقة التي رمت الإنسانية بشرر، واصطلى بها العالم الإسلامي وتضرر، ذلكم الغزو الفكري المتتابع، والاستهانة بعقول البسطاء المتراقع المصادم لشريعة الإسلام، والمضاد لهدي خير الأنام، لم تنشب آثاره، تتأرجح بعقول بعض الشباب الأغرار، ومن يغرر بهم، ويقتل لهم في الذرى والغوارب لذا فإن من أهم أنواع الأمن: الأمن الفكري، بل هو لب الأمن وركيزته، لأن الأمم والأمجاد والحضارات إنما تقاس بعقول أبنائها وأفكارهم، لا بأجسادهم وقوالبهم. وحذر فضيلته من الاختراقات الإلكترونية بشتى صورها وأنواعها، وجرائم الذكاء الاصطناعي الذي أصبح متاحًا للجميع مبينًا أنه أمام تلك الأنشطة الإجرامية متعددة الأوجه؛ فإن الواجب الوقوف صفًا واحدًا في وجه كل من يحاول شق الصف وإحداث الفرقة والخلل، بالكذب على القيادات والرموز والعلماء بمقاطع مكذوبة، أو أقوال منتحلة من خلال تفعيل الأمن المجتمعي، والإبلاغ عن كل ما يخل به، فهو ضرورة حتمية لمعرفة أساليب النصب والاحتيال، وكيفية التعامل معها والوقاية منها، وحملات الحج الموهومة والمضللة؛ لوقاية المجتمع من الجرائم المستحدثة التي تنتهك الحقوق والحريات، وتستهدف الدين والأنفس والعقول والأعراض والأموال، وأن من البشائر والآمال أن نسبة الوعي بهذه الحرب محل إشادة وتقدير، فلا تهزها الشائعات المغرضة، والافتراءات الكاذبة، التي هي نتاج أحقاد مفضوحة مكشوفة، ولهذا فإن الوعي المجتمعي أساس الأمن المجتمعي، محذرًا البعض أن يكون أدوات أو مطايا للأعداء دون أن يشعروا، بتصديق تلك الترهات. ورأى الشيخ عبدالرحمن السديس أن الناجحين والطموحين أفرادًا ومؤسسات، ودولًا وكيانات، تتناوشهم سهام الحاسدين والحاقدين في كل مكان وزمان. وأكد أن من أعظم النعم والآلاء نعمة الأمن والأمان؛ فبلادنا بحمد الله آمنة وهي بحفظ الله محفوظة، مشددًا على أهمية أمن الحرمين الشريفين وقاصديهما، ذلك أن الحج عبادة شرعية، وقيم حضارية، تلبية ورجاء ودعاء، وذكر ونداء، وخشوع وصفاء، وتوبة وثناء، فهو نظام كامل، ومنهج شامل، وعبادة خالصة مؤكدًا أهمية التزام الأنظمة والتعليمات والتوجيهات ومنها: لا حج إلا بتصريح، وهو من لوازم شرط الاستطاعة، تحقيقًا للمقاصد الشرعية الكبرى في جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وإثراء تجربة القاصدين والزائرين الدينية والقيمية، وأنه يجب تعاون المواطنين والمقيمين والمسلمين جميعًا في هذا الجانب الأمني المهم. وأوصى إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين بضرورة الوحدة والاعتصام لمواجهة المخاطر والتحديات، خاصة مآسي إخواننا المستضعفين وأحبتنا المكلومين في فلسطين العزيزة، والمسجد الأقصى المبارك، فلا ننساهم من دعائنا، ونبتهل إلى الله أن يكشف عنهم ما نزل بهم، وينصرهم على عدوهم.