أحدث الأخبار مع #الروائي


النهار
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- صحة
- النهار
الروائي صنع الله ابراهيم يتعافى بعد جراحة دقيقة
خضع الروائي المصري صنع الله إبراهيم، اليوم الاثنين، لعملية جراحية دقيقة لتغيير مفصل الحوض. وأعلنت الجهات المعنية نجاح الجراحة، مؤكدة أن الحالة الصحية للكاتب مستقرة. وتم نقل الروائي إلى مستشفى معهد ناصر بعد تدهور مفاجئ في حالته الصحية، حيث قرر الأطباء التدخل الجراحي العاجل من خلال تغيير مفصل الحوض، ضمن بروتوكول علاجي شامل. يُعتبر صنع الله إبراهيم من أبرز أعلام الرواية العربية المعاصرة، وله رصيد كبير من المؤلفات النوعية التي أثرت المكتبة العربية منذ ستينيات القرن الماضي.


الجزيرة
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- الجزيرة
واسيني الأعرج: المثقفون السوريون وضعوا اللبنة التي فضحت المظالم الاجتماعية
الروائي الجزائري الدكتور واسيني الأعرج (مواليد 1954)، الذي أكمل تعليمه ما بعد الجامعي بالعاصمة السورية، يروي في حوار خاص للجزيرة نت، يومياته بدمشق، وأحوال المجتمع الدمشقي، ودور المثقفين السوريين في مقاومة الظلم والاضطهاد التي كانت السلطات السياسية السابقة تفرضه على جميع أطياف المجتمع السوري. حصل الروائي الأعرج على الليسانس من كلية الآداب واللغات بجامعة وهران الجزائرية، كما حصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة دمشق. يشغل منصب أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، ويكتب باللغتين الفرنسية والعربية. ومن أبرز رواياته: "وقائع من أوجاع رجل غامر صوب البحر" (1981)، وكتاب "الأمير" (2005)، و"طوق الياسمين" (2006)، و"حارسة الظلال" (2006)، و"الليلة السابعة بعد الألف" (2002)، و"البيت الأندلسي" (2010)، و"شرفات بحر الشمال" (2015)، و"رواية أنثى السراب" (2009)، و"عازفة البيكاديلي" (2022)، و"حيزيا" (2024)، و"ماروت وأنجيلا" (2025)، وترجمت أعماله إلى لغات عديدة منها الإيطالية والسويدية والإنجليزية والدنماركية والعبرية والإسبانية. يؤكد الروائي في حديثه: "أنا أحببت دمشق من خلال كتابها وفنانيها وأدبائها، حتى قبل أن أزورها". ويضيف: "أنا قرأت كل المنتج الثقافي السوري، وأستطيع أن أقول كل المنتج المهم الذي أنتج في فترة الأعوام 15 من الحدث السوري.. كان أدبا عظيما -حقيقة- وشجاعا، وأصحابه دفعوا الثمن بالخروج من البلد والتشرد في المنافي". ويرى أن "المثقف دائما رهين التهديدات.. العنف المطبق عنف شنيع، مثل أن يتم تذويب جسد شخص معارض بواسطة حامض الأسيد". وعن دور الأدب بعد نهاية الحروب يقول الروائي الأعرج: "أنا باعتقادي وبكل تواضع لا أنتظر من الأدب الآن أن يتحول إلى أدب سلام، نعم هو في طبيعته حالة سلام، لأنه هو حالة غير عسكرية، حالة ثقافية حضارية، تنتصر للأجمل، تنتصر للإنسان، هذه طبيعته وهدفه". دمشق مدينتي لنبدأ من دمشق حيث عشت فيها لسنوات طالبا للعلم، واستنشقت هواءها، ومن خلالها كان تعلقك بالمشرق العربي.. ماذا تقول عن دمشق المدينة وسكانها؟ مدينة دمشق تعني لي الكثير، وأنا أعدها مدينتي. تخيل شخصا يأتي من بلدان المغرب العربي، من الجزائر، علما بأنه كان هناك إمكانية الحصول على منحة جامعية إلى بلدان كثيرة من بينها إيران زمن الشاه محمد رضا بهلوي (1919-1980)، وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا، ولكن أنا اخترت بلدا عربيا. ومن البلدان العربية كان الخيار بين سوريا ومصر والعراق، وأنا وقع خياري على دمشق. تسألني لماذا؟ لا أعرف، ولكن مما قرأته، أنا أحببت دمشق من خلال كتابها وفنانيها وأدبائها، حتى قبل أن أزورها، بل حتى من خلال نشاطها الثقافي. أنت تعرف أنني كنت أكتب القصة القصيرة، وقد نشرت ثلاث قصص في مجلة الموقف الأدبي الدمشقية، في ذلك الوقت، وعندما تنشر ككاتب في الموقف الأدبي، والمعرفة في سوريا وفي مجلة الأقلام البغدادية، ذلك يعني أنك أصبحت شخصية مهمة، خصوصا وأنا قادم من المغرب العربي. كان الأمر صعبا نوعا ما، لأن تلك المنطقة كانت تعد فرنكفونية أكثر منها عربية أو عروبية. كان ذهابي نحو اللغة العربية اختيارا، فأنا سليل المدرسة الفرنسية، درست وتعلمت هناك وكبرت في أحضانها، لأن اللغة العربية كانت ممنوعة، ودرست اللغة العربية عن طريق الكتاتيب (المدرسة القرآنية) عن طريق جدتي، رحمة الله عليها. هذه هي العلاقة أو الأسباب التي دفعتني للذهاب إلى البلد العظيم الذي سأتعلم فيه العربية، بلد الكاتب الكبير حنا مينه (1924-2018)، والقاص زكريا تامر، ومن الكتّاب الذين كنت أقرأ لهم في ذلك الوقت، المفكر السوري أنطوان مقدسي (1914-2005). في البداية كانت علاقتي بالشام غريبة، ولكن عندما وصلت إلى دمشق وجدت الحياة والناس طيبين، وبلد فيه بسمة عربية، كنا نفتقدها في الجزائر. هنا أحس أنني في اللغة، في اليوميات، في العلاقة بين الناس، في المحبة. لذلك كان هذا البلد يعنيني، وكان عندي كما يقول الفرنسيون (Etrange luxure) شهوة غريبة لاكتشاف البلد. فخلال سنة عبرت سوريا طولا وعرضا، من الجنوب إلى الشمال، ومن الشرق إلى الغرب، وزرت تقريبا كل المدن السورية، وكنت سعيدا بتلك الرحلة، وكنت أرى التحولات داخل المدن، كيف تختلف عادات وطبائع الناس. أعود للدراسة في جامعة دمشق، حيث كان يُنظر إلينا -نحن الطلبة الجزائريين- على أساس أننا فرنكفونيون، عربيتنا ضعيفة، ولكن بالنسبة لي دخلت الجامعة وأنا أحمل الليسانس في اللغة العربية من الجامعات الجزائرية.. مباشرةً انتسبت إلى الدراسات العليا في جامعة دمشق. فكان هناك أساتذة عظماء، رحمة الله عليهم: الدكتور حسن الخطيب، وأستاذي الدكتور عبد الكريم الأشتر (1929-2011)، والدكتور إبراهيم كيلاني، أستاذ النقد باللغة الفرنسية، وكان كبيرا في السن، وكان يفرح كثيرا عندما نلتقي. طالب قادم من الجزائر ويتكلم باللغة العربية بشكل جيد، كانت مفاجأة له.. قلت له: دكتور، أنا عندي ليسانس لغة عربية، تعلمت اللغة العربية في الجزائر، صحيح هناك هيمنة للغة الفرنسية، لكن الأمور تتغير، حيث كانت فترة التعريب قد بدأت، وأنا عندي رغبة في الذهاب نحو اللغة العربية.. هذا ما أجمله، نعم، ما أجمله. بقيت في دمشق 10 سنوات، ولم تقع لي أي مشكلة، باستثناء مرة واحدة.. كنت خارجا من المسرح برفقة صديقة لي في حي الصالحية الشهير، وكان هناك أحد عناصر سرايا الدفاع التابعة لشقيق الرئيس السوري رفعت الأسد.. حاولَ التعرض لنا بسوء، ولكن عندما أخبرته بأننا من الجزائر، غيّر طريقة تعامله معنا.. يعني كان ذلك شيئا معيبا حقيقة، وتلك الحادثة أزعجتني جدا وقتها. وصودف وجود رجل بجانب المسرح يبيع فولا، وكان الوقت ليلا، قال لي: يا ابني، تعال خذ صحن فول، لا تناقشه واتركه يمشي، هؤلاء ناس سيئون.. بقينا أنا وصديقتي بعض الوقت واستمتعنا، وفعلا انصرف بعد ذلك. ولم يرضَ الرجل أن يأخذ ثمن الفول رغم إلحاحي عليه، وقلت له: أنت أنقذتنا من شخص سيئ. ومن يومها، عندما أكون في الصالحية، أمرّ على ذلك الرجل الطيب. هذه الأمور الصغيرة تجعلك تحب المدينة، لأن المدينة ليست حيطانا، المدينة بشر تعيش معهم يوميا، بشر لك علاقات معهم، بشر يحبونك. أولى الروايات في دمشق دمشق التي أمضيت فيها 10 سنوات، ولم أرتو منها، عزمت على تمديد المنحة الدراسية سنة أخرى لأنني حصلت على الدكتوراه قبل المدة المقررة لها، وبقيت أزور سوريا من أجل رؤية دمشق، وشراء الكتب، ورؤية الأصدقاء من الكتاب والفنانين والمسرحيين، أعرفهم كلهم من كبيرهم إلى صغيرهم، حيث تكونت لدي شبكة من الأصدقاء، حتى جماعة الصحافة والأدب كلهم أصدقائي. أصبحت ابن المدينة وليس خارجها، وأعرف كل أحيائها، وكنت قد سكنت بمنطقة الجسر الأبيض، وأبو رمانة، والسبع بحرات، وشارع بغداد، وسوق ساروجة، وابني البكر ولد في هذا المكان، وكنت أحب هذا المكان لأنه شعبي وأصيل. لا أعرف ماذا حل بهذا المكان اليوم؟ لأنه في السنوات 15 الأخيرة كانت هناك حالات من الظلم والخوف تسيطر على سوريا، حيث لم أزر دمشق، رغم أني تلقيت دعوات كثيرة. في نهاية المطاف، أنت لا تستطيع أن تزور بلدًا أصدقاؤك فيه منفيون إلى الخارج، صعبٌ علي نفسيًا، رغم حبي الكبير لهذه المدينة الكبيرة والطيبة. كيف لا أحب مدينة دمشق وقد نشرت فيها أول كتبي.. روايتي الأولى "وقائع من أوجاع رجل غامر صوب البحر" (1981) نشرتها وزارة الثقافة السورية، وهناك قصة حولها.. القصة استوحيتها من والدي في الغربة بفرنسا، والصراعات حول العمال، والعنصرية، وغير ذلك من الموضوعات.. كانت تلك لحظة حاسمة في عالم الكتابة بالنسبة لي، لحظة مهمة كثيرًا، يا لدمشق، يا للعالم الكلي. لدمشق ثقل كبير في روحي، ليس فقط المدينة، وليس فقط البشر، وليس فقط الثقافة، وليس فقط الأحياء، وليس فقط التعلم أيضًا. ذهبت إلى دمشق وأنا أحمل ليسانس، ورجعت إلى بلدي الجزائر ومعي دكتوراه دولة. هذا كله مجتمع يجعلني أحب هذه المدينة، بل أعبدها، وكان قلبي يعتصر من الألم لأن آخر مرة زرتها فيها كانت قبل الأحداث بسنتين. وأولادي باسم وريما ولدوا في دمشق، وكان الكاتب والروائي الطاهر وطار (1936-2010) يعلّق على ذلك بقوله: واسيني الأعرج ذهب إلى دمشق، ورجع إلى الجزائر ومعه الماجستير والدكتوراه وابنان. إذن، الرابط بيني وبين دمشق عضوي أيضا. أثناء الأحداث المؤسفة التي ضربت دمشق وسوريا عمومًا، كان عندي رغبة في زيارة سوريا، ولكن بالمقابل أصدقائي يُقتلون ويُنفون من بلدهم.. من الصعب أن تزور البلد في تلك الظروف. الآن فعلا أفكر في زيارة دمشق قريبا، وستكون هناك فرصة لهذه الزيارة، وأستمتع بها. المثقف السوري مثقف شجاع ما دور الأدب في فترات ما بعد الحروب؟ أين يقف الأدب؟ وبرأيكم إلى أين يتجه الأدب السوري، وماذا يناقش؟ وعلى ماذا يركز؟ هل يركز على الماضي أم على المستقبل؟ خلال إقامتي بسوريا كان الجو الثقافي مريحا لي، إذ في أغلب العواصم العربية إذا أردتَ العيش بها عليك أن تفصل بين السياسي والثقافي. وسوريا كانت مرجعا ثقافيا عظيما، بمجلاتها، بمثقفيها، بمنتجيها الثقافيين، سواء في مجال السينما أو المسرح. سعد الله ونوس (1941-1997) قيمة ثقافية وحضارية، والمسرحي فرحان بلبل (1937-2025)، الذي توفي في الفترة الأخيرة، قيمة مسرحية كبيرة، وعندك سينمائيون وكتاب مثل حنا مينه (1924-2018) وآخرون، هؤلاء أيضا قيمة أدبية وثقافية، هؤلاء لهم وزن ثقيل بالقياس للمعطى السياسي. بالعكس، أنا وجدت في مدينة دمشق كل ما يريحني من الناحية الثقافية، كما وجدت جرأة لكثير من المثقفين السوريين. كنت أحيانا أستغرب حدوث بعض الحالات لبعض المثقفين، فمثلا كانت تربطني صداقة مع الكاتب ميشيل كيلو (1940-2021)، ففي إحدى المرات سهرنا معا، وبعد يومين تعتقله السلطات الأمنية في سوريا.. طبعا سُجن بسبب أفكاره، فالرجل لم يسرق ولم ينهب. أنا كنت أستغرب من شيء: كيف كان معتقلا وكتبُه تُطبع في وزارة الثقافة؟ كان يبدو لي الأمر فيه شيء من التناقض. في الحقيقة، كان أيضا هناك مناضلون داخل وزارة الثقافة، كان هناك مثقفون أقوياء. نعم، أنتم سجنتم ميشيل كيلو، ولكن هو كاتب كبير وعظيم ومحلل سياسي كبير. طبعا كنت أسمع ببعض الأحداث التي وقعت لزملائنا من السجن والاغتيالات، ولكن رغم أهمية ذلك وقسوته، فإن سوريا كانت مجالا ثقافيا شديد الاتساع. ويجب أيضا أن أؤكد -لأن الناس ينسون بطبيعتهم- أن سوريا استوعبت كل مثقفي العرب، رغم ما يمكن أن يقال سياسيا، ولكن هناك طبيعة أقوى من السياسيين. كانت هناك أحيانا قسوة من قبل السلطة الحاكمة، ولكن بالنسبة للمجال الثقافي، وأنا أقول ما أؤمن به، كانت المساحة الثقافية كبيرة. وإلا ما رأينا حنا مينه، وزكريا تامر.. زكريا تامر كل نصوصه كانت نقدا، كتبَ مقدمة لأحد أعداد مجلة "المعرفة" أثناء الصراع بين السلطة في سوريا والإخوان المسلمين في ثمانينيات القرن الماضي، وتمت مصادرة العدد من قبل السلطات، حيث عُدّ ذلك استفزازا للسلطة. هذه الأمور الصغيرة أعُدّها أشكالا من المقاومة للظلم الذي كان يعاني منه الإخوة السوريون في مجال الرقابة على الكلمة. إذن، كانت الرقابة هي الضربة القاصمة، ولا أستثني سوريا، هناك رقابة عربية على الكلمة. وأيضا كانت بعض الكتب المطبوعة في بيروت ممنوعة في دمشق، وأنا شخصيا كنت أحصل على الكتب الممنوعة في دمشق من مكتبة نوبل. قصدي، مهما حاولت السلطات أن تردع وتضطهد، فإن الأدب يخرج، الأدب له قوة غريبة. وأيضا المثقف السوري مثقف شجاع، صراحة. طبعا المثقفون التبعيون لا أتكلم عنهم، وهؤلاء لا يُعدّون مثقفين. أما الأسماء الكبيرة التي ما تزال مستمرة حتى اليوم، وحتى الذين توفي منهم قبل فترة، يظل هؤلاء على وفائهم، وعلى أعمالهم، وأعتقد أنهم كانوا اللبنة والأرضية الأساسية، فقد فضحوا المظالم الاجتماعية. روايات ظهرت في عز القهر أعتقد أن الأدب العربي عموما، لو نتأمله، سنكتشف أن هذا الأدب كان له دور في حياة الناس وفي مشاكلهم، وكان للمظالم الاجتماعية دور، ولهذا ما ظهر من روايات في التسعينيات، أعتقد أن هذه الروايات ظهرت في عز القهر، صورت ما يجب أن يصور، وفعلت ما يجب أن يفعل، وكانت نصوصا عظيمة. طبعا أنا قرأت كل المنتج، وأستطيع أن أقول كل المنتج المهم الذي أنتج خلال السنوات 15 من الحدث السوري، كان أدبا عظيما حقيقة وشجاعا، وأصحابه دفعوا الثمن بالخروج من البلد والتشرد في المنافي. أما المثقفون الذين لم يغادروا البلد، فأنا في الحقيقة هناك مسألة لم أتقبلها من الإخوة السوريين، بأن كل شخص يبقى في البلد فهو عميل. لا.. لا.. لا، هذا حدث معنا في الجزائر أيضا، بالعكس، هذا حدث مع الفلسطينيين.. تخيل الذي بقي في فلسطين يسمونهم عرب إسرائيل! لماذا عرب إسرائيل؟ لماذا لا يسمونهم عرب فلسطين؟! أنا زرت بعض المدن الفلسطينية: حيفا، والناصرة، عندما كنت أشتغل على رواية "مي ليالي إيزيس كوبيا"، عن الكاتبة مي زيادة (1886-1941)، الفلسطينيون من أكثر الشعوب ارتباطا بأرضهم. لماذا تمنع زيارتهم؟ ولماذا تقول عنهم عرب إسرائيل؟ كان يُمكن تغيير المفهوم إلى "عرب الداخل"، هذا معقول. وكأن كل من يبقى يقاوم في بلده، لديه وسيلة أخرى، هذه الوسيلة الوحيدة التي يمتلكها. ربما لم تتوفر لديه وسائل المغادرة، وربما لديه ارتباط بشكل جذري بالأرض، لا يستطيع مغادرة البلد. فأنت لا تستطيع أن تلومه. أنا عندي أصدقاء لم يغادروا سوريا، هل أخوّنهم؟ هؤلاء لم يغادروا سوريا، لاحظ ماذا كتبوا أيضا. فمثلا، عندما أقرأ للكاتب خليل صويلح وغيره.. فهل أقول هؤلاء تابعون للنظام؟ هم صوّروا ما حدث في مجتمعهم بقوة، وجرأة، وشجاعة، وبالتالي الحكم على هؤلاء عيب بهذه الطريقة. ولكن يجب التريث، ويجب أن نقرأ هذا الأدب في أفقه الإنساني، وأن نخرج من الدوائر الإقصائية السهلة. واليوم، قراءاتي كلها تقريبا روائية ونقدية، وأشعر أن الأدب السوري أدب عظيم، وأدب أسس، بطريقة أو بأخرى، بكل التحولات التي حدثت في المجتمع السوري. هذه رؤيتي بالنسبة لهذا الموضوع. الأدب السوري.. طاقة نقدية وقوة فنية هل من مقارنة بين الأدب الجزائري في فترة ما بعد الاستقلال في الجزائر (1991-2002)، وبين الأدب السوري اليوم، برأيكم ماذا يجب أن ينتج عن هذا الأدب؟ إعلان طبعا الظاهرة موجودة في العالم، فمثلا في أدب الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، هناك عدد من الروايات العظيمة الإنسانية التي تناولت وضعا معينا واشتغلت عليه، مثل رواية "الأم" (1906) للكاتب الروسي مكسيم غوركي (1868-1936)، التي تناولت الثورة، أو الحركة التي قامت في روسيا القيصرية، وهي حركة احتجاجية ضد القيصر الروسي، وضد المظالم الاجتماعية. إذن الأدب دائما على تماس مع الأوضاع العامة، يعني غير منعزل عنها، ولكن لا بد أن يظل أدبا ولا يتحول إلى تقرير سياسي أو عسكري. إن الأدب عندما يخسر وظيفته الأدبية ويذهب نحو سياقات أخرى يكون فاشلا، لأنه لا يستطيع أن يكون سياسيا، ولا يستطيع أن يكون عسكريا أو أيديولوجيا، لأنه في نهاية المطاف تذهب قيمته، لأن قيمته جمالية وفنية بالأساس. ولهذا الإلحاح كان دائما على هذا الأدب الذي يحتفظ بهذه القيم بالدرجة الأولى، لأنها هي التي تشكل هويته. نفس الأمر وقع مع الحركة الوطنية في الجزائر، هناك كتّاب عظام، فهناك الروائي الجزائري محمد ديب (1920-2003)، الذي كتب ثلاثية "النول، الحريق، الدار الكبيرة" التي ترجمها الراحل سامي الدروبي، كان ذلك نصا عظيما، وهذا النص العظيم لم يكن أيديولوجيا ولا تقريرا سياسيا، تحدث عن الجزائر في مدينة تلمسان في فترة ما بين الحربين، من خلال شخصية صغيرة وهي شخصية الشاب الصغير عمر، وكيف ينشأ الوعي السياسي، وهذا الوعي السياسي هو الذي سيصنع أقدار الغد. لأننا عندما نصل إلى الجزء الثالث، الذي هو "الحريق"، ينشأ هذا الحريق الكبير، ونرى أن الشخصية التي كانت بسيطة تعمل في مصنع للنسيج، أصبحت شخصية نضالية لأنها تعاملت مع شخصيات كبيرة. هذا هو الأدب البطل، هو ليس أدبا أيديولوجيا، وليس أدب الخطابات السياسية المتراصة، ولكنه الأدب الذي ينشئ خطابا فنيا، لكن داخل الخطاب الفني طبعا تنشأ قضية ما. أدب ما بعد الاستقلال في الجزائر كان أدبا ناقدا للأوضاع العامة، انتقد مثلا فترة ما بعد الاستقلال الوطني (1962)، كيف أن المسارات التي كان يجب أن تسير في مسار، اتجهت في مسارات أخرى، فكان الكتاب لديهم وجهة نظر تجاه ذلك، وهذا الأدب أعطى وجهة نظره التي أثبتت التحولات السياسية اللاحقة أنه كان على حق تماما. والأدب السوري أعتقد أنه لا يخرج عن هذه الدائرة، طبعا أنا لا أتكلم عن الأدب الذي له طابع حربي، فمثلا في رواية "المرصد" (1997)، لحنا مينه، وأعتقد أنها من أسوأ رواياته، رغم أن جانبها الوطني مميز ضد إسرائيل، لكن لا يوجد بناء حقيقي فني في الرواية، على عكس رواياته الأخرى مثل "الياطر" (1972)، و"الشمس في يوم غائم" (1973). روائي آخر روائي عظيم، تحدث عن مأساة الشعب السوري في فترة الحرب العالمية الثانية، ولكن من أفق فني وأدبي راق جدا. إذن هذا الذي يبقى، البقية كلها تزول، لا تقاوم الزمن. الأدب يقاس بقيمته وليس بحركة صاحبه بالنسبة للجيل الموجود الآن، وخصوصا في السنوات 15 الأخيرة تحديدا، أنا كنت أقرأ وأتابع الروايات السورية، حيث وجدت أن الطاقة النقدية، والقوة الفنية لتلك الروايات شيء كبير. قرأت "القوقعة" (2008) للروائي مصطفى خليفة، حتى قبل انطلاق الثورة السورية، في الحقيقة أرعبتني تلك الرواية داخليا، ولكن هذا الذي كان يقع، لأن التاريخ فيما بعد أثبت أن ذلك موجود بالفعل، والكاتب كان أيضا ضحية لهذه الأوضاع، فهذا النوع من الأدب الذي يرسم تحولات المجتمع السوري يستحق أن يصبح أيقونة ويتحول إلى مرجع بالنسبة للقراء والكتاب. وأعتقد أن سوريا سارت في ذلك، ومن أراد الاطلاع على الواقع السوري في السنوات 20 الأخيرة، يرجع إلى النصوص الأدبية، سيكتشف أولا القدرات الجمالية المتوفرة في هذه الأجيال الجديدة، وأيضا الطاقة الخلاقة الإيجابية الموجودة عند هذا الجيل، فرغم العذاب والمعاناة، استطاع هذا الجيل أن يثبت نفسه سواء من الداخل أو من الخارج. في سوريا يجب أن تنظر إلى هذه المسألة بشكل دقيق، هناك أدبان، أدب الداخل وهو الذي نشأ داخل سوريا، وعبر عنها من خلال بعض الكتاب، وعبر عنها بصدق، لأنه يعيش اليوميات في الشارع، يشاهد التفجيرات، الخوف ليلا.. طبعا تلك الوقائع من قبل كل الأطراف، السلطة وغيرها. إذن الذين هم في الداخل يشعرون بذلك، وبالتالي الذي يكتب في الداخل يكون له شعور بأنه تجرأ أن يكتب متجاوزا المخاطر المحيطة به، وطبعا زملاؤنا الكتاب السوريون الذين غادروا البلد لظرف ما، بسبب خوف ما، إرهاب ما، خرجوا من البلد وكتبوا أيضا. فالأدب يقاس بقيمته وليس بحركة صاحبه، يمكن أن تبقى داخل البلد وتنتج نصا عظيما، ويمكن أن تكون خارج البلد وتنتج نصا تافها، والعكس صحيح، يمكن أن تكون داخل البلد وتشاهد الأحداث ولكن لا تستطيع أن تعبر عن شيء عظيم، وممكن أن تكون خارج البلد ولكن كمتابع في اليوميات، في الحياة، من خلال الاتصال بالأهل والأصدقاء، من خلال التواصل مع الحركة السياسية السورية التي نشأت خارج البلد وداخله، هذا كله يمكن أن يعطيك فرصة لتكتب نصا عظيما. إذن المسائل لا تقاس بالخارج أو الداخل، ولكن تقاس بقيمة النصوص التي أنتجت. ولكن ترى هناك أحكاما جاهزة، وهذا يدل على قلة الوعي صراحة عندما تحكم على الناس في الداخل: لماذا لم تغادروا البلد؟ وأنتم عملاء للنظام! يا أخي لم نتعامل مع النظام، الذي بقي في الداخل بقي في وطنه، لم يبق في بلد أجنبي، ولكن الذي غادر البلد أنا لا أتهمه بالخيانة، فهذا الذي غادر له أسبابه التي دفعته إلى المغادرة، الخوف أو غيره.. في نهاية المطاف، المقياس ليس الداخل أو الخارج، ولكن المقياس هو القيمة الأدبية للمنتج الروائي. ذاكرة العنف.. المثقف رهين التهديدات كيف سيتعامل الروائي مع ذاكرة العنف التي حصلت بسوريا على مدى 14 عاما؟ إعلان إن مجتمعاتنا العربية للأسف مؤسسة على العنف رغم الاستقلالات الوطنية التي منحت لبعض البلدان فرصة لأن تنشئ بلدا عظيما وراقيا وديمقراطيا، للأسف هذا لم يحدث في أي بلد عربي، مهما كانت الفوارق بين هذه البلدان، فالمثقف دائما رهين التهديدات. العنف المطبق عنف شنيع، مثل أن يتم تذويب جسد شخص معارض بواسطة حامض الأسيد، تخيل أن يوضع شخص في حمام من الأسيد وتتم إذابته! لا، لا! هناك كتاب للمجاهد الجزائري بشير حاج علي (1920-1991)، الذي يتحدث فيه عندما سُجن وكيف استخدموا ضده الخوذة الألمانية حيث يتم ضرب المطرقة بالرأس وتعطي صدى في الآذان حتى سال الدم من الأذنين، وقد توفي وهو فاقد ذاكرته بعد الاستقلال. هذا كله حدث عام 1965، بعد الانقلاب على الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة (1916-2012)، حيث أخذه قائد الانقلاب هواري بومدين (1932-1978) وسجنه وطبقت عليه هذه الأحكام بهذا الشكل من التعذيب. إذن، غير الأشياء الأخرى، أعطيك مثلا في تجربتنا الوطنية الجزائرية، هناك أعمر رمضاني (1935-1960) وهو واحد من القادة الثوريين الجزائريين قيل عنه إنه استشهد وأبلى بلاء حسنا، حيث كانت هناك سردية كاملة ركبت بشأنه، وأنه كان مسافرا مع فيلق جيش إلى تونس، وفي الطريق حصل صدام مع الجيش الفرنسي "المحتل" الذي كان يراقبهم، وهو قال لأصدقائه: اذهبوا أنتم، وبقي هو يقاوم الفرنسيين ويوهمهم بأن هناك مجموعة تحارب معه، لغاية استشهاده، هنا طبق الإيثار، حلو، هذا يجسد أخلاقية القائد العسكري. على العموم، يجب أن تكون الحقائق متوافرة للرأي العام خلال فترة معقولة، أيام، أشهر، وليس سنين، ربما تصل لفترة 50 سنة حتى تكشف بعض الحقائق، بعد تصفية الحسابات بين القادة في السلطة. وبالنسبة للقائد الجزائري رمضاني، راجت معلومات تؤكد أنه قتل بالمغرب أثناء دعوته لحضور اجتماع، حيث خنق بشكل شنيع، ويصف أحد الحاضرين عملية الشنق بأنها حالة من العنف الفظيع. هذا العنف طبعا تتولد عنه آلام، وثقافة، ومشاعر رعب ستغلف الكتابات الأدبية والفنية به. وسوريا لم تكن بعيدة عن هذا، فالسجن والتعذيب والخطف، هذه كلها تحولت إلى مادة أدبية في الحدث السوري، وفي السنوات الأخيرة التي كانت حادة بكل المقاييس، هي صراع عسكري مباشر، فهذا أيضا تولد عنه نصوص أدبية فيها شيء من العنف أو مقارب لذلك، وأنا أعده عنفا طبيعيا. المهم، الكاتب أو الأديب يبين لنا الحالة في سياق قصصي روائي، مثلا، انظر إلى العنف الذي يتحدث عنه الكاتب نبيل سليمان في روايته الأخيرة، عنف شنيع، كيف يُقتل الناس، كيف تأتي رصاصة طائشة وتقتل شخصا وهو يمشي في الشارع، هذا كله سيتحول إلى مادة أدبية، وهذه المادة الأدبية ستنشأ من خلالها روايات وقصائد شعرية، ربما الروايات أكثر، وأنا بالنسبة لي أشعر بأن النص الروائي بالنسبة للأدب السوري هو أقوى من عبر عن حال السوريين. وهناك الشاعر والروائي السوري محمد الماغوط (1930-2006)، كان له دور بارز في النقد الموجه للسلطات الحاكمة، وهناك الشاعر نزار قباني (1923-1998)، حيث كان الشعر عنده هذه القوة الضاغطة، إذن هناك معبر تمرّ من خلاله النصوص الأدبية، وأيضا الحالات الوجدانية في مواجهة العنف وفي إنشائها أيضا، لأن مواجهة العنف يفترض أنها تؤدي إلى إنشاء وجدان إنساني أكثر، وليس وجدانا عنيفا فقط. لا أنتظر من الأدب أن يتحول إلى أدب سلام إلى أي حد يمكن أن تلعب الرواية على مستقبل السلم الأهلي في سوريا؟ وهل للأدب دور، أم أنه اليوم غير قادر على أن يعبر عن كثير من الأسئلة؟ وبالتالي ما الذي يمكن فعله برأيكم؟ أنا باعتقادي بكل تواضع، لا أنتظر من الأدب الآن أن يتحول إلى أدب سلام، نعم هو في طبيعته حالة سلام لأنه هو حالة غير عسكرية، حالة ثقافية حضارية، تنتصر للأجمل، تنتصر للإنسان، هذه طبيعته وهدفه، لأن النصوص التي استمرت في الوجدان الإنساني هي النصوص التي راهنت على البعد الإنساني. عندما أقرأ مثلا رواية "الأم" لغوركي، هي ما تزال إلى اليوم، من بداية القرن 20 حتى اليوم ما يزال هذا النص خالدا فينا ويعطي صورة جميلة للأم، هذا هو الوجدان الإنساني الذي ربما ينتج عنه فيما بعد شيء من السلام. عندما أقرأ الأدب الفرنسي كاملا أو جزئيا، وخصوصا الروائي، لنأخذ الروائي الفرنسي أنوريه دي بلزاك (1799-1850)، في كتاب "الكوميديا الإنسانية"، الذي جاء كنص مضاد للكوميديا الإلهية للشاعر الإيطالي دانتي أليغييري (1265-1321م)، التي تتكلم عن الأرض وليس السماء، وهناك حوالي 80 كتابا للروائي بلزاك، وعند قراءتها ستكتشف المجتمع الفرنسي بكامله، بصراعاته، بناسه الجيدين، بناسه البؤساء، السخيفين، والمرابين، والمحتالين، والمناضلين، والثوريين، تكتشف كل هذا المناخ العام. لكن عندما تخرج، تخرج مرتاحا بأنك عرفت هذا المجتمع، وعرفت جوهر هذا المجتمع. قوة الأدب -كما ذكرت آنفا- تكمن في أنه يعطينا نوعا من السكينة، هذه السكينة ستستمر فينا، ولكن هي التي تصنع السلام، وهي التي تصنع العلاقات بين الناس، وهي التي تصنع الحب. لهذا يذهب الناس نحو الأدب حتى في أصعب الظروف وأقساها، وهناك من يقول: نحن في حالة حرب، ومن سيكتب أدبا الآن؟ ونحن في حالة حرب، من الجيد أن الناس يكتبون أدبا، والأدب السوري الذي نشأ في السنوات 30 الأخيرة صورة حقيقية عن هذا الوضع العنيف المؤدي إلى هذه السكينة الإنسانية في نهاية المطاف، والبحث عن نموذج آخر ثقافي وإنساني ومجتمعي، آخر غير النظام الموجود حاليا، وهو نظام ظالم. المواطنة.. رهان حضاري وثقافي ما هي رسالة الروائي واسيني الأعرج للمثقفين السوريين؟ وما دورهم؟ وماذا سيفعلون؟ وعلى أي جانب يحب أن يركزوا؟ إعلان اليوم سقط نظام وجاء نظام آخر، والمجتمع السوري الآن سينعم بشيء جديد غير الذي بقي جاثما على صدره لمدة 50 سنة، لكن الأمر أيضا يحتاج إلى تحليل حقيقي لما قام به النظام السابق، أين أصاب وأين أخطأ، يجب ألا ينتصر الهاجس السياسي فحسب، وإنما أن ينتصر الهاجس الحضاري أيضا. والنظام الجديد كان في مكان ما في زمن ما، هو نظام إسلامي، ولديه أطروحات واضحة تماما فيما يتعلق بالمرأة والتعددية، فيما يتعلق بالإيمان، فيما يتعلق بالأديان، والأمر لا يحتاج إلى توصيف. إذن، نحن اليوم أمام نظام جديد يجب أن يخرج من الدائرة الضيقة وهي ضيقة فعلا، ويتسع، لأن سوريا ليست دولة إسلامية، سوريا دولة متعددة الأديان، كل التيارات الدينية موجودة، إذن، كيف تتعامل الإدارة الجديدة مع هذا الواقع؟ إذا كانت تريد بناء مجتمع على أسس منطقية، يجب الأخذ بكل تلك التعددية سواء كانت صغيرة أو كبيرة. فحتى المسلم متعدد مذهبيا بين السني والشيعي، وهناك العلوي والمسيحي (الأرثوذكس، الكاثوليك) والدرزي، هذا أولا. ويجب الأخذ بعين الاعتبار ما تسبب في تكسير سوريا أيضا، هذه النظرة الأحادية بالنسبة للأعراق الموجودة، هناك العربي، وهو ليس بمفرده، وهناك الكردي والشركسي، هناك تعددية بالنسبة للأجناس التي دخلت إلى البلد في فترات تاريخية معينة، هذا أيضا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. أيضا هناك ثقافات متعددة في سوريا، إذن، الاستحقاقات التي تنتظر النظام الجديد كبيرة جدا وتحتاج إلى وقت وتحتاج إلى تفهم، تحتاج إلى عدم اللجوء إلى العنف؛ لأن اللجوء إلى العنف يدمر هذا الكيان ولا يسمح له بالتوحد. طبعا الأمور ليست سهلة، هناك تيارات متعددة تظهر من هنا وهناك، يمكن أن تكون سيئة ومؤذية للبلد. نقول: ما ننتظره من المثقف السوري أن يلعب دورا داخل هذا السياق، أولا كمواطن وثانيا كمثقف وأديب وغير ذلك. الآن داخل هذه التعددية ما الشيء الذي يحب أن نركز عليه؟ مثلا مسألة المدارس، فأنا أتابع ما يجري في سوريا، فحول إلغاء مقرر التربية المدنية (الوطنية) من المدارس، التي تشيد بالنظام السابق، فلتذهب إلى الجحيم لم تعد هناك حاجة إليها، ولكن يجب تعويضها بدرس في المواطنة مثلا، أعوضها بدرس ديني لم يكن ظاهرا في السابق، فيجب إعطاؤه مكانه اليوم، ولكن الأديان أيضا متعددة، فمثلا إذا تم تدريس تاريخ الأديان في المدارس، لماذا لا يتم تدريس المسيحية واليهودية؟ الأديان الموجودة في البلد متعددة، يجب أن لا يشعر المسيحي أنه مقصى من الجانب التربوي. ولتكن هذه المادة التربية الوطنية، ولكن تربية المواطنة، كيف تكون مواطنا، كيف يهمك أنت كهاجس، أنت بالدرجة الأولى كسوري بغض النظر من تكون من الناحية الدينية والعرقية.. الناحية العرقية والدينية هي ملك لك، لكن أنت بالدرجة الأولى سوري، متى ما اعتُدي على بلدك تحمل السلاح، وتدافع عن سوريا ولا تدافع عن تيار أو مجموعة. لهذا يجب الاعتماد على متخصصين، فسوريا بلد عظيم تملك كل التخصصات، وسوريا ستفيد كل العالم العربي، هناك مؤسسات كبيرة وسوريون يعملون في كل بقاع الأرض، يجب أن أستفيد ممن هم في الخارج أو في الداخل الذين سيساهمون بالدفع بالحركة الوطنية إلى الأمام. شيئا فشيئا تتأسس الدولة، نحن الآن في اللا دولة، في المرحلة الانتقالية، ولكن يجب على المثقف ألا يضغط كثيرا، ولكن في مسائل مبدئية يجب أن يكون حاضرا أيضا. لهذا أنا أقول: أي مشروع لا يضع في الواجهة الأولى مسألة المواطنة كرهان حضاري وثقافي، فهو مشروع خاسر، لأنه سيدخلك في خلافات دينية وعرقية. أما المواطنة فهي تتعمق في خصوصيتك، والتي تتعمق فيك من خلال حبك لوطنك، وحبك لبلدك، وحبك للتحولات الإيجابية في البلد. أتمنى كل الخير لسوريا وشعبها.. لديّ حقيقة رغبة في زيارة سوريا، ما تتخيل، أنا وزوجتي وأولادي، باسم وريما، لنا تاريخ في هذا البلد ونحبه كثيرا ونتمنى له كل الخير، ونتمنى أن يكون التحول في سوريا بقدر ما هو إيجابي وغيّر الأوضاع، بقدر ما سيكون أكثر إيجابية إذا استجاب لانشغالات السوريين.


عكاظ
٢٦-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- عكاظ
MBC أخذت حقوق إصداراتي.. الروائي أسامة المسلم: الجيش الجزائري أوقف توقيع أحد كتبي
أرجع الروائي أسامة المسلم، إلغاء بعض الاحتفاليات في المعارض التي شارك بها لتوقيع إصداراته الأدبية إلى التزاحم الشديد خلال المعارض التي شهدت توقيع إصداراته. وأضاف: كما تعلمون أن تنظيم المعارض وإدارة الحشود ليس بالأمر السهل. وما حصل في الرباط والجزائر والقاهرة والأردن والكويت أيضاً من تزاحم شديد كان أمراً يستدعي التوقف والإلغاء من أجل سلامة الحاضرين، ولدرء حدوث الإغماءات والإصابات. هذه الأمور عادة ما تحدث معي، خصوصاً في المعارض التي أشارك بها للمرة الأولى، مثل معرض الجزائر للكتاب عندما اضطُر القائمون على المعرض لاستدعاء الجيش بعدما خرج الأمر عن السيطرة، والبعض من منظمي المعارض لا يتوقعون حدوث مثل هذا الأمر، لأن الكثير من الكتّاب لا يحشدون هذه الأعداد الكبيرة، ولكنني ولله الحمد أحظى بكل هذه المحبة من الحشود، وفي الوقت ذاته أحرص على سلامتهم بالدرجة الأولى، كي لا يحدث مثلما حدث في إحدى العواصم العربية عندما تعرض البعض لحالات من الإغماء والكسور والدهس بالأرجل بسبب التدافع والتزاحم، لاسيما عندما يكون عدد الحشود قرابة الـ10 آلاف شخص. أخبار ذات صلة وقال خلال حواره مع صحيفة «الراي» الكويتية بدأت العمل على تحويل أعمالي الأدبية إلى تلفزيونية أو سينمائية، وكل حقوق إصداراتي أخذتها «mbc»، تمهيداً لتحويلها إلى مسلسلات وأفلام، وبعد عيد الفطر سينطلق تصوير مسلسل «جحيم العابرين»، وهناك مسلسل «خوف» لا يزال قيد الكتابة، أما مسلسل «بساتين عربستان» فانتهينا من تصويره بالكامل، ولكن ارتأينا تحويله إلى فيلم سينمائي نظراً لتصويره برؤية سينمائية مُبهرة. الكاتب السعودي أسامة المسلم.

الدستور
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- الدستور
قراءة في رواية «ظل الطريق» للروائي يوسف أبوجيش
محمد المشايخظل الطريق، رواية أدبية، بحمولة فكرية تنويرية، تتخذ من المدن مكانا يطرح عشرات الأسئلة حول الغربة والعزلة والهجرة، وحول الجسد والروح والفلسفة والفكر، وحول الحرية والعدالة والحب والانتماء والتغيير، وفي كل مدينة، يتجوّل الروائي في مكتباتها، وفي هيئاتها الثقافية، وأحزابها، وفي مؤسسات مجتمعها المدني. وعبر مقارنته بين المدن وأثرها في نفسه، يظل وطنه، مصدرا لسعادته وأمانه وتصالحه الروحي مع نفسه ومع الآخرين، ولكنه، وفي غمرة حلمه بالوصول إلى حق العودة، لا ينسى بغداد ودمشق، ولا ينسى غزة والسابع من أكتوبر..يستعرض الروائي ثقافته الموسوعية، ومعرفته بالأماكن وأعلامها، والمكتبات ومن أبدعوا ما فيها من كتب: مكتبة أمانة عمان، ومكتبة مؤسسة عبد الحميد شومان، وأكشاك الكتب في قاع المدينة أو وسط البلد، ثم الأزبكية، وذلك دون أن ننسى، أننا أمام سيرة روائية لبطلها، الذي عرفنا من خلال صفحاتها، أنه سكن في جبل اللويبدة، وأنه عمل في اتحاد المرأة الأردنية، وأنه كان جزءا من نواة ثقافية اتخذت من اربد وعمان مكانا للقاءات أعضائها، وأن منزله في جبل الثقافة «اللويبدة» غدا مع الأيام منبرا يلتقي فيه تنويريو العاصمة.يتنقل بطل الرواية بخفة ورشاقة ما بين جبل اللويبدة، ووسط البلد، ثم يغترب، ويعود، يتزوّج، ثم يُطلق، ثم يتزوج ثانية، وينجب كنعان ويعرب (الأسماء لها دلالات وجذور تاريخية).لم يكن الروائي مستعجلا وهو يدفع قطار سرده ببطء، متكئا على الإطناب والإسهاب ليقول كل ما تختزنه ذاكرته من أحداث وذكريات وآمال، مبتعدا عن التكثيف أو الاختزال، وهو يعلم، وعن قصد وترصد، أنه يكتب متوالية قصصية، امتدت قصصها عبر اثني عشر فصلا، كانت خيوطها غير متماسكة، وحبكتها مفككة، تتنقل كالنحلة من زهرة فلسفية إلى زهرة فكرية، وفي الوقت نفسه تـُحدث بين آونة وأخرى تداخلا بين الأجناس الأدبية والفكر، وبين تقنية الأحلام، والحوار غير المسرحي، وبين الواقعية النقدية، وبين الخيال المجنح والمحلق، وبين إحداث تماس صاعق مع السياسة، ولكن بشكل غير مباشر، ومع الجنس من خلال استعراضه ما جرى في الفيلم السينمائي (صفحة82)، وما تضمنه الصندوق من مجلات جنسية (صفحة79) أما المدن، فهي الموضوع الرئيس في الرواية، لم ينس هجاء معظمها عبر كل صفحات روايته، وإن كان قلبه يقطر دما وهو يتحدث عما جرى ويجري في فلسطين، وفي العراق، وفي سوريا، وليبيا، وفي مدن الملح، وفي المدن التي يهاجر إليها من ضاقت بهم الأرض، دون أن ينسى عمان بقسميها الشرقي والغربي(صفحة73) ودورها في التخفيف عمن ضاقت بهم الأرض فلجأوا إليها (من الكويت بعد حرب الخليج مثلا). اتكأت هذه الرواية على المونولوجات الداخلية، وعلى تيار الوعي، فكان «اللسان المبلوع» أو حديث النفس قائما باستمرار ما بين بطل الرواية وذاته، وضميره، يبث بين السطور، نقده وهجاءه، مُحدثا تنفيسا وتفريغا لما في وجدان قرائه من كراهية للسلبيات التي تحول دون تحقيق الإصلاح السياسي والوطني والثقافي والفكري والاجتماعي والديني، وحتى الصحي من خلال فصله الخاص بالكورونا.من النادر أن نقرأ رواية تخلو من الأخطاء النحوية والمطبعية كهذه الرواية، لذا أستغرب تخصيص مبدعها الصفحتين 136-137 وتحت عنوان (حديث في الظل) للكتابة باللهجة العامية، التي أعرف أن سبعين بالمئة من ألفاظها ذات أصول فصيحة.ابتعدت هذه الرواية عن المباشرة، ولكنها لم توغل في الرمزية، وبقدر ما كان مبدعها حريصا على أن يوصل رسالته الأدبية والفكرية لقرائه بعيدا عن التسجيلية والتوثيق، فقد كان يُحدث تحايلا هنا وهناك، ليقول بطله على لسانه ما يريد، ومن ذلك قوله (صفحة70): (أنفاسه أصبحت ثقيلة وهو يستعيد في ذاكرته كلمات ماركس عن»توحش الرأسمالية»الذي لا يتوقف عن التهام البشر، وعن الاشتراكية التي كانت في يوم من الأيام وعدا بإنقاذ البشرية من هذا المصير المحتوم، ولكن أين هي الاشتراكية الآن؟الدول التي رفعت رايتها سقطت واستسلمت للواقع الرأسمالي). ويقول بجرأة «صفحة68»: (هو يدرك أن تلك الحروب لم تكن سوى انعكاس لأنظمة غربية لا تشبع، تديرها مصالح الشركات الكبرى التي تزدهر بصناعة الأسلحة وإشعال الصراعات.. الفوضى لا تنشأ من العدم، بل تـُصنع وتـُغذى بقرارات محسوبة، حيث يتم تفتيت البلدان وزرع الطائفية والانقسامات العرقية لتبقى هذه الدول مشتعلة.. الأسلحة تصنع وتباع، وحينما يكتمل الدمار، يُعاد تشكيل الواقع بما يتناسب مع مصالحهم).