#أحدث الأخبار مع #السياسات_الخارجيةصحيفة الخليجمنذ 10 ساعاتسياسةصحيفة الخليجتحديات سياسة لبنان الخارجيةلطالما شكلت السياسات العامة الخارجية في لبنان، مسألة دقيقة للعديد من الأسباب والاعتبارات التي رافقت نشأته، وتسببت في العديد من المحطات أزمات وطنية حادة، أدت الى اهتزاز السلم الأهلي البارد، وأدت في بعضها الى نزاعات ممتدة غالباً ما كانت تهدأ بفضل وساطات خارجية عربية وإقليمية ودولية، اختلفت عناوينها والقائمين بها بحسب موازين القوى الحاكمة لسياسات المنطقة. اليوم، وبعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، وأدى الى تداعيات تبدو غير مسبوقة بنتائجها وتحدياتها، ومنها سياسة لبنان الخارجية بمجمل تفاصيلها وبخاصة العربية، يبدو أن لبنان الرسمي تمكن من السير باتجاهات واقعية تراعي الكثير من الخصوصيات التي ظهرت مؤخراً، وبخاصة بعد إعادة تركيب السلطة في لبنان، ورسم سياسات محددة في خطاب القسم الرئاسي والبيان الحكومي. إن التدقيق في العديد من المحطات الخاصة في تاريخ لبنان السياسي وبخاصة الحديث والمعاصر، يظهر ديمومة إظهار حياد لبنان عن سياسة المحاور في المنطقة، وفي الواقع ورغم المحاولات الدائمة، خرج لبنان في بعض المحطات عن ذلك الحياد المفترض، بفعل العديد من العوامل، ما أدى الى ظهوره بمظهر الخارج عن محيطه العربي التقليدي العام، وانخراطه في سياسات إقليمية بدت في الكثير من الأحيان تثير حساسية علاقاته مع أشقائه العرب. ثمة تحول واضح يجري حالياً، وهو مسار تنفيذي بدأه الرئيس اللبناني جوزيف عون بزيارات دولة الى العديد من البلدان العربية التي تسهم بشكل وازن في صناعة السياسات العربية العامة تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وتأتي في طليعة تلك الزيارات التي قام بها الى دولة الامارات العربية المتحدة، حيث برز الدور الاماراتي في إعادة تعويم الموقع العربي للبنان، ذلك استتباعاً للزيارة التي قام بها أيضاً الى المملكة العربية السعودية، والتي بدت عنواناً في تحول واقعي مطلوب أعاد لبنان الى الحضن العربي بعد ابتعاد طويل استمر لعقود وأرسى تداعيات كثيرة، وما زاد من اندفاعة لبنان العربية الزيارة التي قام بها الى دولة الكويت ومن بعدها الى جمهورية مصر العربية، حيث تعد مجمل تلك الزيارات عناوين لمسار بنيوي، يتعلق بإعادة تكوين الصورة التي حاول لبنان عدم الخروج منها إلا عنوة، وفي حالات استثنائية لم يكن قادراً على مواجهتها أو التأثير بمجريات معاكسة لها. وفي مسارات أخرى، نفذ رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام، زيارة الى سوريا بعد قطيعة استمرت عقدين من الزمن منذ اغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري، إضافة الى مشاركة الرئيس سلام في أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين التي عقدت في بغداد، والتي بحثت عدة ملفات متصلة بالأمن القومي العربي والعلاقات العربية البينية وبعض القضايا المتصلة بلبنان وسوريا واليمن والسودان، وفي أغلبها تبدو موضوعات كان للبنان مواقف عبّرت عن التحول القائم حالياً. ثمة العديد من المحطات التي مرت بها السياسة الخارجية اللبنانية والتي تسببت باحتراب داخلي وبتغذية محاور إقليمية ودولية كانت فاعلة في الأزمات اللبنانية المتعاقبة، ولم تكن تلك المحطات القاسية عملياً وفعلياً من الغياب، إلا بتدخل خارجي وبثقل فرض على لبنان مسارات كانت تريح الوضع الداخلي اللبناني وتؤمن له محطات هدوء وانتعاش اقتصادي عبر المساعدات العربية من تمويل المشاريع والاستثمارات التي تركت آثاراً واضحة، من بين تلك المحطات اتفاق الطائف برعاية من المملكة العربية السعودية في العام 1989، ومن بعدها ما سمي باتفاق الدوحة في العام 2008، وقبلهما أيضاً ميثاق 1943، جميعها كانت تشكل مسارات في السياسات الداخلية والخارجية، غالباً ما كانت تستمر لبعض الوقت والى حين ظهور محاور كانت تجذب لبنان عنوة وتدخله في مسارات قاتمة. وفي الواقع، ظل لبنان ولفترات طويلة مرهون بتأثير المحاور التي فعلت فعلها في الكيان اللبناني ومؤسساته ومجتمعه، وعلى الرغم من أهمية وضرورة حياد لبنان عن هذه المحاور، أجبرت بعض الظروف الى حرفه عن مسار أجمع عليه اللبنانيون منذ الاستقلال في العام 1943، ما أدى الى ظهور انقسامات عمودية حادة في بنيته الاجتماعية والسياسية ودخول عوامل إضافية أخرى باتت تهدد كيانه ووجوده. اليوم لبنان بحاجة ماسة الى سياسة واقعية تراعي ظروفه العربية والإقليمية والدولية للحفاظ أقله على مستقبل كيانه ووجوده ودوره ومركزه المفترض في النظام الإقليمي العربي، وهو أمر ينبغي أن يقترن بالتمسك بحياده عن المحاور الإقليمية والدولية، وهو أمر متاح واقعياً في الظروف الحالية، بعد المتغيرات الحاصلة في الشرق الأوسط، والعوامل المنتشرة بين الدول العربية، بخاصة في ظل الضغوط الدولية التي تحاول انتاج وتكريس نظام عالمي ومن خلاله إرساء نظم إقليمية تحاكي سياساته وأهدافه. وفي الواقع أيضاً، ثمة فرصة متاحة اليوم للبنان، لاعادة تثبيت هذا التحول القائم والبناء عليه، سيما وأن ثمة مصلحة مفترضة يمكن للبنان الاستفادة منها عبر انخراطه في بيئته العربية، والابتعاد عن كل ما له علاقة بإثارة المشاكل الداخلية التي تستثمر عادة خارجياً وبأغلبية معتبرة.
صحيفة الخليجمنذ 10 ساعاتسياسةصحيفة الخليجتحديات سياسة لبنان الخارجيةلطالما شكلت السياسات العامة الخارجية في لبنان، مسألة دقيقة للعديد من الأسباب والاعتبارات التي رافقت نشأته، وتسببت في العديد من المحطات أزمات وطنية حادة، أدت الى اهتزاز السلم الأهلي البارد، وأدت في بعضها الى نزاعات ممتدة غالباً ما كانت تهدأ بفضل وساطات خارجية عربية وإقليمية ودولية، اختلفت عناوينها والقائمين بها بحسب موازين القوى الحاكمة لسياسات المنطقة. اليوم، وبعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، وأدى الى تداعيات تبدو غير مسبوقة بنتائجها وتحدياتها، ومنها سياسة لبنان الخارجية بمجمل تفاصيلها وبخاصة العربية، يبدو أن لبنان الرسمي تمكن من السير باتجاهات واقعية تراعي الكثير من الخصوصيات التي ظهرت مؤخراً، وبخاصة بعد إعادة تركيب السلطة في لبنان، ورسم سياسات محددة في خطاب القسم الرئاسي والبيان الحكومي. إن التدقيق في العديد من المحطات الخاصة في تاريخ لبنان السياسي وبخاصة الحديث والمعاصر، يظهر ديمومة إظهار حياد لبنان عن سياسة المحاور في المنطقة، وفي الواقع ورغم المحاولات الدائمة، خرج لبنان في بعض المحطات عن ذلك الحياد المفترض، بفعل العديد من العوامل، ما أدى الى ظهوره بمظهر الخارج عن محيطه العربي التقليدي العام، وانخراطه في سياسات إقليمية بدت في الكثير من الأحيان تثير حساسية علاقاته مع أشقائه العرب. ثمة تحول واضح يجري حالياً، وهو مسار تنفيذي بدأه الرئيس اللبناني جوزيف عون بزيارات دولة الى العديد من البلدان العربية التي تسهم بشكل وازن في صناعة السياسات العربية العامة تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وتأتي في طليعة تلك الزيارات التي قام بها الى دولة الامارات العربية المتحدة، حيث برز الدور الاماراتي في إعادة تعويم الموقع العربي للبنان، ذلك استتباعاً للزيارة التي قام بها أيضاً الى المملكة العربية السعودية، والتي بدت عنواناً في تحول واقعي مطلوب أعاد لبنان الى الحضن العربي بعد ابتعاد طويل استمر لعقود وأرسى تداعيات كثيرة، وما زاد من اندفاعة لبنان العربية الزيارة التي قام بها الى دولة الكويت ومن بعدها الى جمهورية مصر العربية، حيث تعد مجمل تلك الزيارات عناوين لمسار بنيوي، يتعلق بإعادة تكوين الصورة التي حاول لبنان عدم الخروج منها إلا عنوة، وفي حالات استثنائية لم يكن قادراً على مواجهتها أو التأثير بمجريات معاكسة لها. وفي مسارات أخرى، نفذ رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام، زيارة الى سوريا بعد قطيعة استمرت عقدين من الزمن منذ اغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري، إضافة الى مشاركة الرئيس سلام في أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين التي عقدت في بغداد، والتي بحثت عدة ملفات متصلة بالأمن القومي العربي والعلاقات العربية البينية وبعض القضايا المتصلة بلبنان وسوريا واليمن والسودان، وفي أغلبها تبدو موضوعات كان للبنان مواقف عبّرت عن التحول القائم حالياً. ثمة العديد من المحطات التي مرت بها السياسة الخارجية اللبنانية والتي تسببت باحتراب داخلي وبتغذية محاور إقليمية ودولية كانت فاعلة في الأزمات اللبنانية المتعاقبة، ولم تكن تلك المحطات القاسية عملياً وفعلياً من الغياب، إلا بتدخل خارجي وبثقل فرض على لبنان مسارات كانت تريح الوضع الداخلي اللبناني وتؤمن له محطات هدوء وانتعاش اقتصادي عبر المساعدات العربية من تمويل المشاريع والاستثمارات التي تركت آثاراً واضحة، من بين تلك المحطات اتفاق الطائف برعاية من المملكة العربية السعودية في العام 1989، ومن بعدها ما سمي باتفاق الدوحة في العام 2008، وقبلهما أيضاً ميثاق 1943، جميعها كانت تشكل مسارات في السياسات الداخلية والخارجية، غالباً ما كانت تستمر لبعض الوقت والى حين ظهور محاور كانت تجذب لبنان عنوة وتدخله في مسارات قاتمة. وفي الواقع، ظل لبنان ولفترات طويلة مرهون بتأثير المحاور التي فعلت فعلها في الكيان اللبناني ومؤسساته ومجتمعه، وعلى الرغم من أهمية وضرورة حياد لبنان عن هذه المحاور، أجبرت بعض الظروف الى حرفه عن مسار أجمع عليه اللبنانيون منذ الاستقلال في العام 1943، ما أدى الى ظهور انقسامات عمودية حادة في بنيته الاجتماعية والسياسية ودخول عوامل إضافية أخرى باتت تهدد كيانه ووجوده. اليوم لبنان بحاجة ماسة الى سياسة واقعية تراعي ظروفه العربية والإقليمية والدولية للحفاظ أقله على مستقبل كيانه ووجوده ودوره ومركزه المفترض في النظام الإقليمي العربي، وهو أمر ينبغي أن يقترن بالتمسك بحياده عن المحاور الإقليمية والدولية، وهو أمر متاح واقعياً في الظروف الحالية، بعد المتغيرات الحاصلة في الشرق الأوسط، والعوامل المنتشرة بين الدول العربية، بخاصة في ظل الضغوط الدولية التي تحاول انتاج وتكريس نظام عالمي ومن خلاله إرساء نظم إقليمية تحاكي سياساته وأهدافه. وفي الواقع أيضاً، ثمة فرصة متاحة اليوم للبنان، لاعادة تثبيت هذا التحول القائم والبناء عليه، سيما وأن ثمة مصلحة مفترضة يمكن للبنان الاستفادة منها عبر انخراطه في بيئته العربية، والابتعاد عن كل ما له علاقة بإثارة المشاكل الداخلية التي تستثمر عادة خارجياً وبأغلبية معتبرة.