#أحدث الأخبار مع #العجيليالوسط١١-٠٤-٢٠٢٥ترفيهالوسطالعجيلي «يشرح» الواقع في فضاء «السؤال الرابع»صدر أخيرا عن وزارة الثقافة والتنمية المعرفية كتاب «السؤال الرابع» للفنان التشكيلي العجيلي العبيدي. ويعد هذا الكتاب امتدادا لتجربة العجيلي في مؤلفاته السابقة «وخزات ـ بدون تعليق ـ بيني وبينك». ويأتي كتابه الأخير، الذي يجمع أكثر من 300 لوحة، توثيقا لقضايا الواقع المحلي والعربي والعالمي التي واكبها العجيلي ودونها فنيا على صفحات جريدة «الصباح» خلال عامي 2023-2024. الملاحظ في تجربة العبيدي أن الخط الكاريكاتيري في أعماله لا ينهل من روافد الفن فقط، بل له اطلاع أيضا على الأدب كنافذة ملهمة، خصوصا الشعر، فهو يرى أحيانا في النص الشعري نافذة لإلهام فني من حيث الفكرة والصورة، فالصورة الشعرية من وجهة نظره الوجه المرادف للصورة الفنية من واقع تأثيراتها التخيلية والبصرية. تجربة العجيلي أيضا تستلهم مفرداتها من الحياة اليومية بكل طقوسها، فالفنان أولا وأخيرا هو إنسان له ظروفه الخاصة ومعاناته، وكذلك علاقة هذه الظروف بالظرف العام، وبالتالي استثمار أسئلتها فنيا، بحيث تصبح هذه الخطوط مجسدة حالة تمثل تام بين الخاص والعام. فقط يبقى الانتباه إلى أن هذه الذاتية للفنان لا تظهر كنسخة خاصة به، فهي تعبير عن مجموع مشاهد شاهدها، وكان شاهدا فيها، لذا سيتحول هذا «الميكس» إلى صيغة وصفية شاملة تنطلق من نواتها آلام الفنان إلى مجموع شواهد الحياة اليومية (أنتم)، لتكون حالة استفهامية أو استنكارية نرى نماذجها مثلا في «السؤال الرابع». يتقوى العجيلي في سؤاله الرابع بكل ذلك مفتشا على رؤياه في اللوحة التي لم تكتمل، كما القصيدة الحلم في خيال الشاعر، لذا ينحت بشكل يومي تفاصيل ما يعايشه من وقائع وأحداث، عابرا من لوحة لأخرى بلا توقف، وبمزيد من التفاصيل، فيضا من الانحناءات المتشابكة المترابطة بمعنى كلي يقتفي التشخيص، ووضع علامات التعجب أو الاستفهام حول أثر يستفز الاستجلاء، لكنه يترك اللوحة دون تعليق، معلقا الوضوح في المسافة الوسط بينه وبين المتلقي، أو هو يدفعها نحوه عميقا في مخيلته لحوار داخلي لاحق يبحث في ماهيتها ودلالتها. يجتهد الفنان أيضا في البحث عن نموذجه الكاريكاتيري الخاص متنقلا بين الفكرة والشكل، وهو ينحو في ذلك إلى الدمج الكامل بينهما متسلحا برصيد وافر من المقارنات، والتمعن في واقعه الليبي المتشبع بالمفارقات، بالإضافة إلى ما اختمر في ذهنه من تجاربه في المعارض المحلية والدولية، التي منحت ذائقته فرصة العثور على تراكيبه الخاصة. القراءة والتأمل والمشاهدة الإشارات السابقة لا تبتعد كثيرا عن مقدمة كتابه التي خطها الصحفي عبد السلام الفقهي، حيث يقول: «لا يتوقف فنان الكاريكاتير العجيلي العبيدي عن تعبيد طريقه في هذا الفضاء إلا ليواصل رسم خطوطه مرحلة بعد أخرى متسلحا بالقراءة والتأمل والمشاهدة. وعبر هذه الثلاثية كانت إطلالته المبكرة على عالم الصورة، وهي تختمر في خياله قبل أن تتحول إلى سلسلة من المعالجات والمراجعات والهوامش تحت مظلة التجريب». ويمضي في المقدمة بقوله: «لم يكن الفنان الشاب آنذاك محلقا بأجنحته الصغيرة إلا باستناده على أجنحة عملاق الرسم الساخر محمد الزواوي. تلك منحة السحر المختبئ في جبه الأثير، يتلقفه كبوصلة تحدد صحة الاتجاه عدا أن وعيه بمكونات الكاريكاتير تسجل نزوعا بملاحقة التفاصيل لأعمال محلية وعربية عدة من حيث اكتشاف مكامن الإضافات، وهوية اللوحة الممهورة بتوقيع صاحبها، فهي بصمة الأفكار والأحاسيس وروح الشغف المتسربة في الخطوط، تتعالق معها تجليات العجيلي، محاولا في كل مرة وضع إحداثياته الخاصة، ونقش قالبها وفق شروطها». وفي لوحات كتاب العجيلي الأخير، نلامس بانوراما ساخرة تشخص أوضاع الناس والعالم مرفوعة على منصة النقد الكاريكاتيري، في السياسة والاقتصاد، والمنحى الحياتي بتمظهراته المختلفة. والعجيلي هنا لا يود الاقتراب من فوهات البراكين فقط، بل تحليل أسباب فورتها ومعاينة مسار الحمم، وكذا لا يمكنه وصف الزلازل التي هزت المستديرة إلا بتحسس انعاكساتها على سلوك ونهج وتطلعات العقل البشري الذي صدمته العواصف، والوقوف من ذلك أمام السؤال الكبير: كيف نتفادى الصدام؟ بين الإجابة والسؤال الفقهي يضيف: «قد لا يعنى الفن كثيرا بالإجابات بقدر ما يرتهن للأسئلة، والعجيلي عبر هذه الأعمال يحاول دمج الاجابة بالسؤال، أي وضع المتلقي أمام طقس استفهامي مصاغ في معادلة السهل الممتنع، بغية رفع سقف التأويلات دون المبالغة، والإبحار عميقا في مرموز العمل دون التجديف بعيدا عن جوهر الفكرة. يترك اللوحة دون تعليق معلقا الوضوح في المسافة الوسط بينه وبين المتلقي، أو هو يدفعها نحوه عميقا في مخيلته لحوار داخلي لاحق يبحث في ماهيتها ودلالتها». كل ذلك يجري باستثمار المحلي للعالمي والعكس، متنقلا بين الفكرة والشكل، ومن الذاتي إلى الكلي، أو من الفردي إلى الجمعي، يناقش ما يعتمر في ذهن المواطن البسيط، ويمتص زحام تنهداته محولا إياها إلى إطلالة متعددة الاتجاهات على الحقوق والنظام والحريات والغش والخداع والتزوير، ونقد التسلط والأنانية والمضاربة بقوت الفقراء، والتنمر، وقطار لا ينتهي من الأزمات. وتخلص رؤية الكاتب إلى أن «ما يلحظ في هذه التجربة تحولها على مستوى النقد، وسعيها إى مستويات عليا من الترميز دون الإخلال في التفاصيل، فالشخوص حتما تبدو مستقلة ومتكيفة مع الفكرة، لكنها تنشد شكلا آخر في معالجاتها، يحاول العجيلي الوصول إليها كملمح أيقوني لمفرادته الفنية، لا تتضح الرؤية عموما إلا بالتراكم، ويبقى الرهان على الاستمرار أولا وأخيرا». كتاب السؤال الرابع للعبيدي. (أرشيفية: الإنترنت) كتاب السؤال الرابع للعبيدي. (أرشيفية: الإنترنت)
الوسط١١-٠٤-٢٠٢٥ترفيهالوسطالعجيلي «يشرح» الواقع في فضاء «السؤال الرابع»صدر أخيرا عن وزارة الثقافة والتنمية المعرفية كتاب «السؤال الرابع» للفنان التشكيلي العجيلي العبيدي. ويعد هذا الكتاب امتدادا لتجربة العجيلي في مؤلفاته السابقة «وخزات ـ بدون تعليق ـ بيني وبينك». ويأتي كتابه الأخير، الذي يجمع أكثر من 300 لوحة، توثيقا لقضايا الواقع المحلي والعربي والعالمي التي واكبها العجيلي ودونها فنيا على صفحات جريدة «الصباح» خلال عامي 2023-2024. الملاحظ في تجربة العبيدي أن الخط الكاريكاتيري في أعماله لا ينهل من روافد الفن فقط، بل له اطلاع أيضا على الأدب كنافذة ملهمة، خصوصا الشعر، فهو يرى أحيانا في النص الشعري نافذة لإلهام فني من حيث الفكرة والصورة، فالصورة الشعرية من وجهة نظره الوجه المرادف للصورة الفنية من واقع تأثيراتها التخيلية والبصرية. تجربة العجيلي أيضا تستلهم مفرداتها من الحياة اليومية بكل طقوسها، فالفنان أولا وأخيرا هو إنسان له ظروفه الخاصة ومعاناته، وكذلك علاقة هذه الظروف بالظرف العام، وبالتالي استثمار أسئلتها فنيا، بحيث تصبح هذه الخطوط مجسدة حالة تمثل تام بين الخاص والعام. فقط يبقى الانتباه إلى أن هذه الذاتية للفنان لا تظهر كنسخة خاصة به، فهي تعبير عن مجموع مشاهد شاهدها، وكان شاهدا فيها، لذا سيتحول هذا «الميكس» إلى صيغة وصفية شاملة تنطلق من نواتها آلام الفنان إلى مجموع شواهد الحياة اليومية (أنتم)، لتكون حالة استفهامية أو استنكارية نرى نماذجها مثلا في «السؤال الرابع». يتقوى العجيلي في سؤاله الرابع بكل ذلك مفتشا على رؤياه في اللوحة التي لم تكتمل، كما القصيدة الحلم في خيال الشاعر، لذا ينحت بشكل يومي تفاصيل ما يعايشه من وقائع وأحداث، عابرا من لوحة لأخرى بلا توقف، وبمزيد من التفاصيل، فيضا من الانحناءات المتشابكة المترابطة بمعنى كلي يقتفي التشخيص، ووضع علامات التعجب أو الاستفهام حول أثر يستفز الاستجلاء، لكنه يترك اللوحة دون تعليق، معلقا الوضوح في المسافة الوسط بينه وبين المتلقي، أو هو يدفعها نحوه عميقا في مخيلته لحوار داخلي لاحق يبحث في ماهيتها ودلالتها. يجتهد الفنان أيضا في البحث عن نموذجه الكاريكاتيري الخاص متنقلا بين الفكرة والشكل، وهو ينحو في ذلك إلى الدمج الكامل بينهما متسلحا برصيد وافر من المقارنات، والتمعن في واقعه الليبي المتشبع بالمفارقات، بالإضافة إلى ما اختمر في ذهنه من تجاربه في المعارض المحلية والدولية، التي منحت ذائقته فرصة العثور على تراكيبه الخاصة. القراءة والتأمل والمشاهدة الإشارات السابقة لا تبتعد كثيرا عن مقدمة كتابه التي خطها الصحفي عبد السلام الفقهي، حيث يقول: «لا يتوقف فنان الكاريكاتير العجيلي العبيدي عن تعبيد طريقه في هذا الفضاء إلا ليواصل رسم خطوطه مرحلة بعد أخرى متسلحا بالقراءة والتأمل والمشاهدة. وعبر هذه الثلاثية كانت إطلالته المبكرة على عالم الصورة، وهي تختمر في خياله قبل أن تتحول إلى سلسلة من المعالجات والمراجعات والهوامش تحت مظلة التجريب». ويمضي في المقدمة بقوله: «لم يكن الفنان الشاب آنذاك محلقا بأجنحته الصغيرة إلا باستناده على أجنحة عملاق الرسم الساخر محمد الزواوي. تلك منحة السحر المختبئ في جبه الأثير، يتلقفه كبوصلة تحدد صحة الاتجاه عدا أن وعيه بمكونات الكاريكاتير تسجل نزوعا بملاحقة التفاصيل لأعمال محلية وعربية عدة من حيث اكتشاف مكامن الإضافات، وهوية اللوحة الممهورة بتوقيع صاحبها، فهي بصمة الأفكار والأحاسيس وروح الشغف المتسربة في الخطوط، تتعالق معها تجليات العجيلي، محاولا في كل مرة وضع إحداثياته الخاصة، ونقش قالبها وفق شروطها». وفي لوحات كتاب العجيلي الأخير، نلامس بانوراما ساخرة تشخص أوضاع الناس والعالم مرفوعة على منصة النقد الكاريكاتيري، في السياسة والاقتصاد، والمنحى الحياتي بتمظهراته المختلفة. والعجيلي هنا لا يود الاقتراب من فوهات البراكين فقط، بل تحليل أسباب فورتها ومعاينة مسار الحمم، وكذا لا يمكنه وصف الزلازل التي هزت المستديرة إلا بتحسس انعاكساتها على سلوك ونهج وتطلعات العقل البشري الذي صدمته العواصف، والوقوف من ذلك أمام السؤال الكبير: كيف نتفادى الصدام؟ بين الإجابة والسؤال الفقهي يضيف: «قد لا يعنى الفن كثيرا بالإجابات بقدر ما يرتهن للأسئلة، والعجيلي عبر هذه الأعمال يحاول دمج الاجابة بالسؤال، أي وضع المتلقي أمام طقس استفهامي مصاغ في معادلة السهل الممتنع، بغية رفع سقف التأويلات دون المبالغة، والإبحار عميقا في مرموز العمل دون التجديف بعيدا عن جوهر الفكرة. يترك اللوحة دون تعليق معلقا الوضوح في المسافة الوسط بينه وبين المتلقي، أو هو يدفعها نحوه عميقا في مخيلته لحوار داخلي لاحق يبحث في ماهيتها ودلالتها». كل ذلك يجري باستثمار المحلي للعالمي والعكس، متنقلا بين الفكرة والشكل، ومن الذاتي إلى الكلي، أو من الفردي إلى الجمعي، يناقش ما يعتمر في ذهن المواطن البسيط، ويمتص زحام تنهداته محولا إياها إلى إطلالة متعددة الاتجاهات على الحقوق والنظام والحريات والغش والخداع والتزوير، ونقد التسلط والأنانية والمضاربة بقوت الفقراء، والتنمر، وقطار لا ينتهي من الأزمات. وتخلص رؤية الكاتب إلى أن «ما يلحظ في هذه التجربة تحولها على مستوى النقد، وسعيها إى مستويات عليا من الترميز دون الإخلال في التفاصيل، فالشخوص حتما تبدو مستقلة ومتكيفة مع الفكرة، لكنها تنشد شكلا آخر في معالجاتها، يحاول العجيلي الوصول إليها كملمح أيقوني لمفرادته الفنية، لا تتضح الرؤية عموما إلا بالتراكم، ويبقى الرهان على الاستمرار أولا وأخيرا». كتاب السؤال الرابع للعبيدي. (أرشيفية: الإنترنت) كتاب السؤال الرابع للعبيدي. (أرشيفية: الإنترنت)