أحدث الأخبار مع #الفاروق


Independent عربية
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- Independent عربية
روائيون جزائريون يتحدون الممنوعات المتزايدة
في سياق رواج الرقابة على الادب في الجزائر، ترسخ ما يعرف بالمثلث المحرم في الوعي الجمعي، وهو الدين والجنس والسياسة، وحدد هذا المثلث خطوطاً حمراء يحاذر كثير من الكتاب الاقتراب منها. ومع هذا هناك أقلام عديدة كتبت بجرأة وتمكنت من اختراق هذه التابوات، كما نجد لدى فضيلة الفاروق وربيعة جلطي وأمين الزاوي وسمير قسيمي وغيرهم. لكن هذه الجرأة ليست من دون ثمن، إذ يجد الكاتب نفسه في مواجهة شريحة واسعة من القراء ترفض قراءة نصوص توصف بـ"الخادشة للحياء"، على رغم أن القراءة تجربة فردية. وفي كل دول العالم هناك تصنيفات للكتب بحسب العمر، منها ما هو مخصص لليافعين وما هو مصنف للبالغين. يذهب بعضهم من القراء إلى المطالبة بـ"أدب نظيف" على غرار مفهوم "السينما النظيفة"، مما يجعل المبدع عرضة لحملات تشهير وإساءة وأحياناً تهديدات تمس حياته الشخصية، خصوصاً حين يخلط المتلقي بين صوت الكاتب وصوت شخصياته المتخيلة. في هذا التحقيق، تواصلنا مع روائيين وروائية، كانت لهم مساهمات بارزة في الأدب الجزائري، وطرحنا عليهم أسئلة تتعلق بالحرية في الكتابة: "إلى أي مدى يشعر الروائي الجزائري بالتحرر أثناء الكتابة؟ هل تغيرت نظرة القراء إلى بعض التابوات بين الماضي والحاضر؟ هل يفرض المجتمع قيوداً تجعل الكاتب يفكر في التراجع عن كتابة عمل معين أو يمتنع عن نشره؟ وما الحدود التي يضعها المبدع لنفسه، والأهم: ما الثمن الذي يدفعه في مقابل حريته الإبداعية؟". ربيعة جلطي: الانفتاح الرقمي أسهم في تحريك العقليات الراكدة الروائية ربيعة جلطي (صفحة فيسبوك) تقول الرواية ربيعة جلطي: "إن من حسن الحظ أن قراء الرواية في الجزائر أيضاً، مثل قرائها في بعض بقع العالم، المتعددي اللغات والثقافات، وليسوا ذوي قياس معياري موحد في تعاملهم مع النص ولا يتعاطونه بقياس موحد taille unique، كقمصان وقبعات. بل إن حساسيتهم حيال التابو (الدين والسياسة والجنس) تتفاوت بحسب درجات الوعي، ونتيجة سلسلة من الخبرات القرائية والمرجعيات الثقافية واللغوية. فالحقل القرائي كما الروائي في الجزائر يتشكل في نسيج مكون من أكثر من لغة: العربية والفرنسية والإنجليزية والأمازيغية والدارجة العربية، مما يؤثر في مستويات توقع القارئ لدلالات النص السردي، وبالتالي يتراوح بين الرفض والقبول. لا شك، في أن التشنج الذي كان واضحاً حول تناول الرواية للتابوات من مواضيع الدين والجنس والسياسة والهوية، خفت نسبياً في السنوات الأخيرة، نتيجة الانفتاح الرقمي الذي أسهم في تحريك برك العقليات الراكدة من الداخل، وشكل فضاءات للتواصل والتثاقف، متحررة إلى حد ما من عيون الرقابة المركزية. ولأن كل شيء حامل لضده، فإن الرقابة الجماهيرية عبر الوسائط الجديدة تعيد التشنج ذاك، فلا يفتأ يطفو من حين لآخر، حاملاً للتهديد والوعيد والشتم والتنمر". وتضيف: "خلال مساري الأدبي الطويل آمنت أن الحرية هي قلب الكتابة وشرطها الأساس، ولا توجد مواضيع غير قابلة للكتابة. وتناول التابو نفسه يتحرر من عنف القارئ الرقيب ومن زجر مؤسسة الرقابة، من خلال ذكاء توظيفه الفني الذي يفتح على تعدد التأويل. قراء رواياتي ودارسوها يؤكدون كل مرة أنني كنت دوماً حرة في أخذ حقي للقص على الناس ما لا يريدون سماعه، على حد تعبير جورج أورويل. فتناولت مواضيع جد حساسة كالتدين الزائف والأنظمة الشمولية والجنس والقهر الاجتماعي والشوفينيات الضيقة، من "الذروة" إلى "نادي الصنوبر" و"عرش معشق" و"عازب حي المرجان" و"حنين بالنعناع" و"قلب الملاك الآلي" و"جلجامش والراقصة" و"ترتيب العدم" و"خلايا ناعمة" وغيرها. لا أؤمن بالمحرمات على الكتابة أو فيها، هناك فقط طرق سطحية وفجة في طريقة تناولها، إذ إن بعض المفردات سم، إذا ما أسيء استخدامها كما قال نيتشه رمز التمرد، وبلسم كلما أحسنا الاستثمار فيها شعرياً. وعلى رغم طبيعتي في عدم التسرع في النشر، إلا أنني لم يحدث أن ترددت ولو لحظة في كتابة ونشر عمل ما، عندما أشعر بأنه مكتمل لشروطه الجمالية والفلسفية. حرية الإبداع ليست امتيازاً بل هي شرط الكتابة وروحها، وهي لا تضمن الشهرة، لكنها تمنح الكاتبة والكاتب كرامة الحبر، وشرعية الكلمة كي تكون شاهداً لا تابعاً. أما عن ثمن الحرية وجرأة الخروج عن الخطاب الرسمي المؤطر فهو غال، ولكن الحفر في المناطق المحرمة المحظورة أمر حتمي لكتابة نقدية كاشفة وصادقة، كتابة تبحث عن تعرية البنيات الاجتماعية والنفسية والسياسية المختلة في المجتمع. الكاتب المغضوب عليه لا يكون دائماً منبوذاً جماهيرياً، بل غالباً ما يتعرض للإقصاء من طرف النخب أو من السلطة عبر التجاهل والتهميش، لأنه صوت نبوءة أدبية لما سيصبح مقبولاً لاحقاً، ومرآة تعكس أعطاب المجتمع وهشاشة التعنتر والتعنت الفردي والمؤسساتي. سعيد خطيبي: صارت الكتابة بالعربية في حد ذاتها تابو الروائي سعيد خطيبي (صفحة فيسبوك) اما الروائي سعيد خطيبي فيقول: "في الجزائر، صارت الكتابة بالعربية في حد ذاتها تابو. تكاد هذه اللغة الجميلة أن تفرغ من حمولتها الكونية والإنسانية، وأن تعود لخانة المقدس فحسب. والأمر يرجع إلى التغيرات التي أصابت مناهج تلقين الأدب في المدارس، إذ يجري تلقين الأدب من ناحية الأسلوب والشكل، وكأنه مادة صلبة، مع إفراغه من الحمولة المعنوية والإنسانية، من القيم والأبعاد النفسية التي ينطوي عليها النص. لا أظن أن النظرة تغيرت، لأن العوامل نفسها تؤدي إلى النتائج نفسها. لا يزال الإنسان في الجزائر يعيش، في كثير من الأحيان، في فراغ، نظراً إلى ظروفه الاجتماعية، مما يحتم عليه الالتجاء إلى الدين، كنوع من الوقاية من الوضع الذي يحيا فيه، وهذه الحال تجعله يفسر العالم وفق نظرة عقائدية، وهي نظرة لم ينج منها الأدب، الذي يتعرض إلى محاكمات باسم الأخلاق لا بالنظر إلى قيمته الفنية والجمالية". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويرى: "في السنين الأخيرة، نلاحظ صعوداً للرقابة الذاتية في الأدب الجزائري، تفادياً لردود الفعل غير المحسوبة من طرف المتلقي. ولا أدعي بطولة أنني أفضل حالاً من زملائي، فأنا كذلك لا أود أن أقضي سنوات في كتابة رواية ينتهي أمرها بالمنع. مع ذلك لا أضع حدوداً في الكتابة، لأنني ببساطة لست مشغولاً بقضايا من شأنها الاستفزاز أو إثارة خصومات. أمارس الأدب بوصفه مغامرة جمالية، أمارس حقي في الخطأ كذلك. لا يهمني الاصطدام مع أحد في الآراء، بل يهمني نقاش هادئ مع القارئ وتوسيع دائرة التخيل، ولكل قارئ الحق في تأويل نص بما يختلف عن قارئ آخر. لم يحدث أن امتنعت عن نشر عمل كتبته بسبب الخوف من التلقي، فالأدب ليست وظيفته النصح أو الإرشاد أو التخوف من الآخر، بل وظيفته إتاحة فسحة من التخيل، من متعة القراءة، من تشارك في جمال اللغة وفي حرفة الحكي. الأدب هو مساحة من أجل تخيل عالم أقل ضرراً من العالم الذي نحيا فيه. نحن نعيش في أزمنة أكثر خطورة مما سبق، فمحاكمات الكتب صارت تجري ليلاً نهاراً. وانتقلت جيوش الناقمين على السوشيال ميديا من الإساءة إلى كتاب إلى الإساءة إلى كاتب (ة)، ونتذكر الحملة المسيئة التي تعرضت لها رواية "هوارية" العام الماضي. في حدود علمي، لا يوجد كاتب واحد في الجزائر لم يجر اتهامه بالعميل أو الخائن، لمجرد أنه أصدر رواية لم توافق أهواء بعضهم، وصار الناس يطلقون الأحكام من غير نقاش. هذه الحالة جعلتني أزهد في السوشيال ميديا، إذ لم يعد إبداء الرأي متاحاً. كما نعلم، بعدما انسحبت أحزاب سياسية عن القيام بدورها، مثلما انسحبت مؤسسات أهلية كذلك، باتت الساحة خالية، وصار النقاش يأتي من الأدب وحده، وهناك من يريد من الكاتب أن يصير ناطقاً باسمه، وإن لم يفعل فسيسمع ما لا يرضيه من نعوت وإساءة". أحمد طيباوي: هل بقي من تابوات أو محرمات لا يمكن الخوض فيها؟ الروائي أحمد طيباوي (صفحة فيسبوك) الروائي أحمد طيباوي يقول: "في زمن مضى كانت الحكاية، في أشكالها المختلفة، هي ما يشكل وعي الناس وتصوراتهم حول المواضيع المختلفة، بما فيها تلك التي يكون من المحرم أو الممنوع الخوض فيها، أو يراد تثبيتها في العقل والوجدان الجمعيين بصورة معينة لا تقبل أية زحزحة. وإذا أراد فرد أو مجموعة أن يؤثروا في ذلك الوعي، أو أن يحاولوا إثراءه أو غير ذلك بحسب الدرجة المرغوبة، فإن سردية مختلفة هي السبيل إلى ذلك. سردية تقتحم ما يتهيبه الناس، يقدسونه، يلعنونه، برؤية مختلفة عما سبق وتعودوا عليه. إن الممنوع مغر ومخيف، كاتب شجاع ومختلف أو شيطان، سيصفونه، ذلك الذي يجري قلمه في فلك الممنوع السياسي والاجتماعي والثقافي والديني، يريد أن يحطم أوثاناً ويكسر سياج الخوف من اقتحام المناطق الملغمة، إيماناً منه بفكرة أو طلباً لسمعة". ويضيف: "لكن ومع الفيض الإعلامي الذي نعيشه، حيث لدينا معلومات وأفكار أكثر بكثير مما نحتاج إليه تقريباً، هل بقي من تابوات أو محرمات لا يمكن الخوض فيها؟ أليس كل ما قيل قد قيل مثله أو ما يشبهه في زمن ما بقلم كاتب أو كاتبة؟ ما زال هناك بطبيعة الحال ما يصعب الكتابة عنه، بيد أن في تقديري تلك الصعوبة مردها، زيادة على قيود المجتمع والنسق الثقافي، قصور في أدوات الروائي. الرواية فن قبل كل شيء، وليست حزمة حقائق مزعومة وتصورات مغايرة للمألوف في اعتقاد الروائي، يريد أن يصدم بها القراء، ثم إذا لم يتقبلوا اتهمهم بالانغلاق والتخشب. هذه حيلة قديمة وغبية، إن التحدي الحقيقي والمستمر بالنسبة إلي كروائي يتعلق أساساً بسؤال كيف أقول، وليس ماذا أقول. الـ"كيف" هو ما يصنع الفارق بين روائي مبدع يجدد أدواته وأساليب التعبير وبث القيم الإنسانية المشتركة، الـ"كيف" هي مهمة الروائي الحقيقي الواعي بهذه المهنة النبيلة، وبفضلها يمكنه أن يكسر الحواجز ويتعدى الحدود. فيما يخصني كتبت عن العزلة والاغتراب، عن الثورة التحريرية، عن المتاجرين بالدين وبالوطنية، عن المثقف الانهزامي والمستلب والوصولي، عن محنة المرأة المثقفة. وما زالت أعتقد أن التحدي هو كيف أكتب كي أرضي نفسي ويجد القارئ ما يهمه، أقصد ما يقنعه ويمتعه".


اليمن الآن
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- اليمن الآن
مكافأة أمريكية جديدة لاعتقال جابر البنا: أحد أبرز المطلوبين منذ أحداث 11 سبتمبر
أعاد برنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية تسليط الضوء على اسم جابر البنا، أحد أبرز المطلوبين للولايات المتحدة، بعد أكثر من عشرين عامًا على ملاحقته، ناشرًا صورة محدثة له، ومعلنًا عن مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله. جابر البنا، وهو مواطن أمريكي من أصل يمني، بدأ حياته سائق تاكسي في نيويورك، قبل أن يصبح أحد أخطر المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بتهم تتعلق بتمويل تنظيم القاعدة وتقديم دعم مادي له، فضلاً عن تلقيه تدريبًا عسكريًا في معسكر "الفاروق" التابع للتنظيم في أفغانستان. وترتبط الاتهامات الموجهة إليه بما يعرف بـ"خلية لاكوانا" — مجموعة من الأمريكيين اليمنيين الذين تلقوا تدريبات لدى القاعدة مطلع الألفية، قبل أن يعودوا إلى الولايات المتحدة حيث تم اعتقال عدد منهم، بينما فرّ البنا إلى اليمن. وفي عام 2004، ألقت السلطات اليمنية القبض عليه وحاكمته بتهمة التخطيط لهجمات على منشآت نفطية، لكنه فرّ عام 2006 من سجن الأمن السياسي في صنعاء ضمن عملية هروب جماعية عبر نفق سري شملت 22 سجينًا. وفي خطوة مفاجئة، سلّم نفسه مجددًا للسلطات اليمنية عام 2007، وخضع لمحاكمة جديدة، إلا أنه بقي في وضع أقرب إلى الإقامة الجبرية وسط خلافات بين واشنطن وصنعاء حول مسألة تسليمه. وتصف الولايات المتحدة جابر البنا بأنه شخصية محورية في شبكة تمويل ودعم تنظيم القاعدة، وتعتقد أنه لا يزال طليقًا ويقيم حاليًا في محافظة الضالع، وسط تضارب المعلومات وغموض يحيط بمكان وجوده الدقيق. وتُعد هذه أحدث محاولة ضمن سلسلة طويلة من الجهود الأمريكية للقبض على البنا، الذي لا يزال يمثل رمزًا بارزًا في ملفات "الإرهاب الدولي" التي فتحت منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، ولا تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم.


اليمن الآن
١١-٠٥-٢٠٢٥
- اليمن الآن
كان اخر حديث عنه قبل 17 عاماً.. من هو "جابر البنا" الذي تجدد واشنطن عرضها بمكافأة 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه؟
أمس الأول أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، عن مكافأة قد تصل إلى 5 ملايين دولار مقابل تقديم معلومات عن جابر البنا، الذي تتهمه واشنطن بتمويل تنظيم القاعدة الإرهابي. ويُعد هذا العرض الثالث من نوعه من قبل واشنطن، حيث سبقه عرض في عام 2022، بعد فترة انقطاع دامت نحو 12 عاماً منذ عرض سابق في عام 2008. ونشر حساب برنامج "مكافآت من أجل العدالة" الأمريكي صورة محدثة لجابر البنا، تختلف عن تلك التي تم نشرها في عام 2022، وعلق عليها قائلاً: "هل رأيت جابر البنا مؤخراً؟ ربما تكون لديك صورة أفضل له. إذا كان لديك معلومات عن البنا أو أنشطته، تواصل معنا، قد تكون مؤهلاً للحصول على مكافأة وانتقال". وأضاف البرنامج في الصورة المصممة: "مكافأة قد تصل إلى خمسة ملايين دولار مقابل معلومات عن جابر البنا"، مشيراً إلى أن المتهم "جابر البنا هو مواطن أمريكي تدرب في معسكر تنظيم القاعدة المعروف باسم الفاروق بالقرب من قندهار، أفغانستان". كما أشار إلى أن "السلطات الأمريكية وجهت اتهامات للبنا بتقديم الدعم المادي لتنظيم القاعدة والتآمر على ذلك، مع العلم أنه لا يزال هارباً في اليمن." وذكر البرنامج: "إذا كانت لديك معلومات عن البنا، أرسلها إلينا عبر الرقم أدناه باستخدام تطبيق 'سينجال'، 'تيليجرام' أو 'واتساب'، أو من خلال خط الإبلاغ الخاص بنا عبر (تور) على الرابط أدناه. قد يؤهلك الإبلاغ بالمعلومات للحصول على مكافأة وانتقال (إلى مكان آمن)". من هو جابر البنا؟ جابر البنا، من مواليد وسط اليمن عام (1966) أحد المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، يحمل الجنسية الأمريكية ويعود أصله إلى اليمن. يعد البنا من أبرز الأفراد المدرجين على قائمة أكثر المطلوبين لدى واشنطن. في فترة ما، عمل سائق أجرة وله 7 أطفال وفق معلومات سابقة غير محدثة. في أوائل العقد الأول من القرن 21، كان البنا مرتبطاً بمجموعة تُعرف بـ "Lackawanna Six"، وهي مجموعة من الأمريكيين من أصل يمني في منطقة بافالو، نيويورك، الذين سافروا إلى معسكر الفاروق في أفغانستان للتدريب على يد تنظيم القاعدة. بعد عودتهم إلى الولايات المتحدة، وُجهت إليهم تهم تقديم الدعم المادي لمنظمة إرهابية، واعترف بعضهم بالذهاب إلى المعسكر، بينما فرّ البنا إلى اليمن، وفق رواية السلطات الأمريكية. قبل حوالي 17 عاماً في عام 2008 رصدت وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة مالية (خمسة ملايين دولار) مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه. وتحدث مصدر اخر أن السلطات اليمنية رفضت هذه المطالب، مستندة إلى الدستور اليمني الذي يمنع تسليم المواطنين إلى دول أخرى. في مطلع العام 2004، اعتقلت السلطات اليمنية جابر البنا (وكان عمره حينها نحو 41 عامًا). وبعد قرابة عامين من اعتقاله، تمت محاكمته بتهمة تدبير سلسلة من الهجمات الانتحارية ضد منشآت نفطية في محافظتي حضرموت ومأرب. وحُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات، لكن في مطلع عام 2006، تمكن من الهروب مع 22 سجينًا في حادثة النفق الشهيرة التي وقعت في سجن الأمن السياسي بصنعاء. في وقت لاحق، سلم البنا نفسه للسلطات اليمنية في عام 2007 بعد مفاوضات استمرت عدة أشهر، وتم الاتفاق على بقائه خارج السجن طالما حضر محاكمته. ومع ذلك، أفادت التقارير أنه كان قيد الإقامة الجبرية غير المحكمة بعد الحكم عليه في نوفمبر 2007، ثم أُعيد سجنه في 18 مايو 2008 بعد تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية. وفي نفس العام، تجددت مطالب الولايات المتحدة بتسليمه. في النهاية، تم تخفيف عقوبة البنا في 8 نوفمبر 2008 من 10 سنوات إلى 5 سنوات وذلك لأنه قام بتسليم نفسه للسلطات في ديسمبر 2007، ويعتقد أنه انتقل للعيش في محافظة الضالع جنوب البلاد.


اليمن الآن
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- اليمن الآن
5 ملايين دولار لمن يدل عليه: واشنطن تطارد "جابر البنا" في اليمن بهذه التهمة
اخبار وتقارير 5 ملايين دولار لمن يدل عليه: واشنطن تطارد "جابر البنا" في اليمن بهذه التهمة الأربعاء - 07 مايو 2025 - 09:43 م بتوقيت عدن - نافذة اليمن - خاص أعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة مالية ضخمة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض على أحد مواطنيها المطلوبين بتهم تتعلق بدعم تنظيم القاعدة، مؤكدة أنه يتواجد داخل الأراضي اليمنية. ونشر برنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية إعلانًا على منصة "إكس" دعا فيه المواطنين والمقيمين في اليمن إلى التعاون، للكشف عن مكان أو أنشطة المواطن الأمريكي جابر البنا، المتهم بالانخراط في أنشطة إرهابية خطيرة. وجاء في البيان: "إذا كانت لديك معلومات عن جابر البنا أو تحركاته، فقد تكون مؤهلاً للحصول على مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار"، مرفقًا بصورة شخصية حديثة للمطلوب. وأوضحت الخارجية الأمريكية أن البنا يُعد من العناصر البارزة المرتبطة بتنظيم القاعدة، وقد تلقى تدريبات في معسكر "الفاروق" التابع للتنظيم قرب قندهار بأفغانستان، ولا يزال فارًا من العدالة ومتنقلاً داخل اليمن. كما أشارت إلى أن السلطات الأمريكية وجهت للبنا سلسلة من التهم، من بينها التآمر وتقديم دعم مادي لتنظيم إرهابي أجنبي، وهي جرائم يعاقب عليها القانون الأمريكي بأقصى العقوبات. ويُعد جابر البنا من الأسماء المدرجة منذ سنوات على قوائم المطلوبين دوليًا، إلا أن الإعلان الجديد يعكس تجدد الاهتمام الأمريكي بملاحقته، في ظل تنامي المخاوف من عودة نشاط بعض الخلايا الإرهابية في المنطقة، مستفيدة من حالة عدم الاستقرار الأمني. الاكثر زيارة اخبار وتقارير الكشف عن مهندس الاتفاق بين واشنطن والحوثي ودوره الخفي. اخبار وتقارير قاضي في صنعاء يفضح الحوثيين ويكشف حقيقة أزمة الوقود وحالة الطوارئ. اخبار وتقارير الخارجية الأمريكية تكشف تفاصيل الإتفاق وتؤكد استسلام الحوثيين. اخبار وتقارير الحوثي ينفي تصريحات ترامب ويؤكد استمرار مهاجمة السفن في البحر الأحمر.


الميادين
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الميادين
الرؤية اليهودية للمشيح وعلاقتها بالمشروع الصهيوني (1/2)
كثيراً ما يتمّ الربط بين الحركة الصهيونية، وبين الحركات اليهودية المشيحانية، بدعوى أنّ كليهما كانتا تطالبان بعودة اليهود إلى فلسطين، ومن الواضح أنّ هذا الربط أتى بالأساس من الحركة الصهيونية ذاتها، التي سعت لحالة من المصالحة مع المتديّنين اليهود، مما أدى لنشأة الصهيونية الدينية بداية من عشرينيات القرن الماضي على يد الحاخام الأشكينازي إبراهام كوك، وذلك على الرغم من أنّ هذه الحركات كانت في جوهرها تطالب بالوجود اليهودي في فلسطين وليس بدولة لليهود، ومن الناحية التاريخية فهناك فارق كبير بين التصوّرين عند اليهود . من المعروف في التاريخ الإسلامي أنّ اليهود أطلقوا لقب الفاروق على الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عقب الفتح الإسلامي لفلسطين كونه رفع عنهم السيطرة المسيحية وسمح لهم بأن يكونوا موجودين في فلسطين، وهو لقب ذو طبيعة مشيحانية، حيث يشير نص يهودي بعنوان "رؤيا الحبر شمعون بن يوحاي" إلى اعتقاد بعض اليهود في هذه الفترة بدور مسياني (يلتقي مع لقب الفاروق) للخليفة الثاني عمر بن الخطاب، فصاحب النص حين رأى أنّ مملكة إسماعيل كانت آتية، شرع يقول: "ألم يكفِ ما فعلته بنا مملكة أدوم الشريرة، حتى تأتينا مملكة إسمعيل أيضاً"؛ وللفور أجابه متاترون أمير التشجيع بقوله: "لا تخف، يا ابن الإنسان، فالقدوس المبارك لا يأتي بمملكة إسمعيل إلا لتخلّصكم من هذا الشر". إنه بحسب إرادته يقيم عليهم نبياً وسوف يفتح لهم الأرض وسوف يأتون ويحيونها بعظمة، وسيكون هنالك خوف مريع بينهم وبين أبناء عيسو. أجاب الحبر شمعون قائلاً: "كيف نعرف أنهم خلاصنا؟" أجاب: "ألم يقل النبي اشعيا": "فيرى ركباً، أزواج فرسان" إلخ؟ لماذا جعل ركّاب الحمير قبل ركّاب الجمال، في حين أنه لا يحتاج إلا لأن يقول: "ركّاب جمال وركّاب حمير"؟ لكن حين يأتي راكب الجمل أولاً فالمملكة سوف تقوم عبر راكب على أحد الحمير". يعبّر هذا النص، المكتوب في القرن الثامن الميلادي، عن التصوّرات التي تمّ وضعها لاحقاً بواسطة اليهود لفكرة الفتوحات الإسلامية التي تمّت في عهد الخليفة الثاني والتي اعتبرته، بغرابة، خلاصاً لبني إسرائيل، ولا يبدو مثيراً للاستغراب إذاً أنه، أي كعب الأحبار، كان برفقة الخليفة أثناء دخوله للمدينة المقدّسة راكباً بعيراً بحيث تنطبق عليه الآية الواردة في سفر النبي إشعياء التي ذكرها النص. لقد أشار البطريرك مار أغناطيوس إفرام الأول، في دراسته المعنونة "الألفاظ السيريانية في المعاجم العربية"، إلى المعنى المسياني للقب "الفاروق"، فهو يعني المخلّص والمنقذ ويشير لدى المسيحيين إلى السيد المسيح (ع)، ويقول "جاء في مصحف الناموس للروم في فصل (حقوق الله)" [هكذا يقول سيدنا المسيح ووسيطنا وفاروقنا]"، وإذا كان أهل الكتاب (أو اليهود خصوصاً) من المقيمين في الشام والمتأثّرين بالثقافة السريانية السائدة في هذه الفترة، فمن الطبيعي أن يكون وصفهم للخليفة المسلم عبر استخدامهم للقب "الفاروق"، مخالفاً للاستخدام العربي لهذه الكلمة والذي يعني المفرّق بين الحق والباطل، بالرغم من إمكانية الجمع بين المعنيين من ناحية المضمون، فمن يمكنه التفريق بوضوح بين الحق والباطل يمكنه أن يكون مخلّصاً ومنقذاً بكلّ تأكيد . والواقع أنّ الأوصاف الماشيحانية (المسيانية) لم يطلقها اليهود فقط على التابعين لديانتهم، وإنما حتى على من ساهم في عودتهم إلى فلسطين حتى لو لم يكن من اليهود، ولا يقتصر الأمر هنا على الخليفة المسلم، فقد سبق وأن أطلقت كذلك على الإمبراطور الفارسي قورش. ويشير الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته إلى أن هذا الوصف تطوّر مدلوله حتى وصل إلى مرحلته الأخيرة التي تصف شخصاً مرسلاً من عند الله ويتمتع بقداسة خاصة، كإنسان سماوي وكائن معجز، بما يعني أنّ الفكرة الماشيحانية تطوّرت عند اليهود نتيجة للأحداث اللاحقة والتقلّبات السياسية التي شهدها تاريخهم، حتى وصلت إلى الشكل الأخير لها، وربما يفسّر حالة السيولة في إطلاق الألقاب المشيحانية على بعض الشخصيات حتى لو لم تكن يهودية، لكن فيما يتعلّق بالخليفة الثاني عمر بن الخطاب، فيبدو أن الألقاب المشيحانية لم تعد قاصرة على المخلّص المرسل من عند الله، وإنما كذلك على من يقومون بدور قد يعدّ تمهيدياً لدوره النهائي كما يبدو من الرؤية اليهودية السابقة. ومن الغريب أنّ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب كان له دور في عودة اليهود إلى فلسطين مرة أخرى بعد أن قام بإجلائهم في سنة 20 هجرية من خيبر والحجاز إلى تيماء وأريحا، وبالرغم من أنّ هذه الحادثة كانت عقوبة لليهود، إلا أنها في النهاية تلتقي مع اللقب المسياني الذي منحوه للخليفة كونه يدعم عودتهم لفلسطين مرة أخرى. إذاً فالمهمة المشيحانية (المسيانية) بالنسبة لليهود هي في عودتهم لفلسطين، وليس إقامة دولة يهودية بأي نوع دينية أو علمانية، وهو ما قد يلتقي أكثر مع النصوص الدينية اليهودية، خاصة أنه بعد العودة من السبي لم يؤسس اليهود أي كيانات سياسية مستقلة. 21 شباط 2022 13:11 19 شباط 2022 17:38 بشكل عام تؤكد أسفار التوراة عودة بني إسرائيل إلى فلسطين، ولكن علينا هنا أن نوضح أولاً العلاقة بين مصطلحي (إسرائيل) و(اليهود)، فقد أصبح مصطلح اليهود اسماً عامّاً لكلّ بني إسرائيل فيما قبل السبي بفترة قصيرة، بعد أن كان اسماً خاصاً بسبط يهوذا ومملكتهم، تمييزاً لهم عن الأسباط العشرة الذين سمّوا إسرائيل، وفي عهد النبي إرميا المعاصر لفترة السبي استخدمت كمرادف لمصطلح العبرانيين، حيث اتسع مدلول الكلمة ليشمل كل أتباع الديانة العبرانية، ولاحقاً أصبحت تطلق على كلّ العائدين من السبي، قبل أن تتسع أكثر لتشمل العبرانيين والدخلاء (المتهوّدين). من الناحية التاريخية، هناك شعوب أخرى اعتنقت الدين اليهودي من غير بني إسرائيل، كبعض القبائل والأسر العربية مثل الأيطوريين والحميريين، وشعب الخزر التركي، كما اعتنق حكّام دولة حدياب في العراق، وهي دولة ذاتية الحكم تابعة للفارثيين وتنتمي للعرق الآري، الديانة اليهودية في القرن الأول الميلادي، الأمر الذي ينفي تماماً فكرة الخلط بين مصطلحي بني إسرائيل واليهود، ومن هذا التوضيح يمكننا الإشارة إلى أنّ غالبية النصوص التوراتية لا تقصد اليهود بالمعنى الحالي وإنما تشير إلى العبرانيين منهم. من ناحية النصوص التوراتية فإنّ الأنسيكلوبيديا الصهيونية تستند إلى العديد من النصوص التي تحاول عبرها إثبات علاقة ما بالعقيدة المشيحانية، إلا أنها تتجاهل عمداً خلفيّاتها التاريخية، بحيث لا تهتم بالتفريق بين النصوص التي تتنبّأ بالعودة من السبي البابلي، وبين النصوص التي تربط العودة لفلسطين بواسطة الماشيح، والتي بدورها تختلف بصورة ظاهرة عن ممارسات الحركة الصهيونية وقادتها، وعن التصوّرات التي سعوا لنشرها بين الجماهير اليهودية. ففي سفر إرميا (30: 7-22): "7 آهِ! لأَنَّ ذلِكَ الْيَوْمَ عَظِيمٌ وَلَيْسَ مِثْلُهُ. وَهُوَ وَقْتُ ضِيق عَلَى يَعْقُوبَ، وَلكِنَّهُ سَيُخَلَّصُ مِنْهُ. 8 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، أَنِّي أَكْسِرُ نِيرَهُ عَنْ عُنُقِكَ، وَأَقْطَعُ رُبُطَكَ، وَلاَ يَسْتَعْبِدُهُ بَعْدُ الْغُرَبَاءُ، 9 بَلْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ إِلهَهُمْ وَدَاوُدَ مَلِكَهُمُ الَّذِي أُقِيمُهُ لَهُمْ. 10 «أَمَّا أَنْتَ يَا عَبْدِي يَعْقُوبَ فَلاَ تَخَفْ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلاَ تَرْتَعِبْ يَا إِسْرَائِيلُ، لأَنِّي هأَنَذَا أُخَلِّصُكَ مِنْ بَعِيدٍ، وَنَسْلَكَ مِنْ أَرْضِ سَبْيِهِ، فَيَرْجعُ يَعْقُوبُ وَيَطْمَئِنُّ وَيَسْتَرِيحُ وَلاَ مُزْعِجَ. 11 لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأُخَلِّصَكَ. وَإِنْ أَفْنَيْتُ جَمِيعَ الأُمَمِ الَّذِينَ بَدَّدْتُكَ إِلَيْهِمْ، فَأَنْتَ لاَ أُفْنِيكَ، بَلْ أُؤَدِّبُكَ بِالْحَقِّ، وَلاَ أُبَرِّئُكَ تَبْرِئَةً. 12 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: كَسْرُكِ عَدِيمُ الْجَبْرِ وَجُرْحُكِ عُضَالٌ. 13 لَيْسَ مَنْ يَقْضِي حَاجَتَكِ لِلْعَصْرِ. لَيْسَ لَكِ عَقَاقِيرُ رِفَادَةٍ. 14 قَدْ نَسِيَكِ كُلُّ مُحِبِّيكِ. إِيَّاكِ لَمْ يَطْلُبُوا. لأَنِّي ضَرَبْتُكِ ضِرْبَةَ عَدُوٍّ، تَأْدِيبَ قَاسٍ، لأَنَّ إِثْمَكِ قَدْ كَثُرَ، وَخَطَايَاكِ تَعَاظَمَتْ. 15 مَا بَالُكِ تَصْرُخِينَ بِسَبَبِ كَسْرِكِ؟ جُرْحُكِ عَدِيمُ الْبَرْءِ، لأَنَّ إِثْمَكِ قَدْ كَثُرَ، وَخَطَايَاكِ تَعَاظَمَتْ، قَدْ صَنَعْتُ هذِهِ بِكِ. 16 لِذلِكَ يُؤْكَلُ كُلُّ آكِلِيكِ، وَيَذْهَبُ كُلُّ أَعْدَائِكِ قَاطِبَةً إِلَى السَّبْيِ، وَيَكُونُ كُلُّ سَالِبِيكِ سَلْبًا، وَأَدْفَعُ كُلَّ نَاهِبِيكِ لِلنَّهْبِ. 17 لأَنِّي أَرْفُدُكِ وَأَشْفِيكِ مِنْ جُرُوحِكِ، يَقُولُ الرَّبُّ. لأَنَّهُمْ قَدْ دَعَوْكِ مَنْفِيَّةَ صِهْيَوْنَ الَّتِي لاَ سَائِلَ عَنْهَا. 18 هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَرُدُّ سَبْيَ خِيَامِ يَعْقُوبَ، وَأَرْحَمُ مَسَاكِنَهُ، وَتُبْنَى الْمَدِينَةُ عَلَى تَلِّهَا، وَالْقَصْرُ يُسْكَنُ عَلَى عَادَتِهِ. 19 وَيَخْرُجُ مِنْهُمُ الْحَمْدُ وَصَوْتُ اللاَّعِبِينَ، وَأُكَثِّرُهُمْ وَلاَ يَقِلُّونَ، وَأُعَظِّمُهُمْ وَلاَ يَصْغُرُونَ. 20 وَيَكُونُ بَنُوهُمْ كَمَا فِي الْقَدِيمِ، وَجَمَاعَتُهُمْ تَثْبُتُ أَمَامِي، وَأُعَاقِبُ كُلَّ مُضَايِقِيهِمْ. 21 وَيَكُونُ حَاكِمُهُمْ مِنْهُمْ، وَيَخْرُجُ وَالِيهِمْ مِنْ وَسْطِهِمْ، وَأُقَرِّبُهُ فَيَدْنُو إِلَيَّ، لأَنَّهُ مَنْ هُوَ هذَا الَّذِي أَرْهَنَ قَلْبَهُ لِيَدْنُوَ إِلَيَّ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ 22 وَتَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلهًا". ومع طول النص الذي يعدّ النموذج الأكبر لنصوص أخرى، فمن الواضح أنّ إرميا يشير إلى عودة اليهود من السبي الأول، خاصة أنه عاصر الأيام الأخيرة لمملكة يهوذا ثم سقوطها على يد الكلدانيين، ويبدو أنهم عاملوه بتقدير أكبر وأطلقوا سراحه من سجن ملك يهوذا، ويرى القمص أنطونيوس فكري في شرحه للكتاب المقدّس أن النبي دانيال عرف موعد نهاية السبي من سفر إرميا. ومن ثم فاعتبار الحركة الصهيونية لهذا النص كدليل من النصوص التوراتية على عودة اليهود الحديثة إلى فلسطين هو مجرد مغالطة لا أكثر. ومن الملاحظ أن النص يشير إلى بني يعقوب خاصة، وبالتالي فإن اليهود المقصودين ليسوا كل من اعتنق اليهودية، وما دلت عليه الكلمة عقب انتهاء السبي كما سبقت الإشارة، وإنما سلالة يعقوب فقط . ثمّة نصوص أخرى في أسفار مراثي إرميا (إص 2: 14)، حزقيال (إص 39: 25 – 29)، ويوئيل (إص 3)، وبالنسبة لكلّ من إرميا وحزقيال فإنّ كليهما يتحدث عن العودة من السبي البابلي خاصة أنهما عاصراه، أما سفر يوئيل فلا يعرف أي شيء عن كاتبه سوى أنه من إقليم يهوذا، وأما ما يتعلق بفترة نبوته فهي مجهولة، وهناك آراء متعددة حول زمنها، وإن كان غالبية العلماء يعتقدون أنه تنبأ بعد السبي بالرغم من أن نصوصه ربما تشير إلى أن نبوته كانت في الفترة الأخيرة من هذا السبي وربما عاصر انتهائه: "لأَنَّهُ هُوَذَا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ، عِنْدَمَا أَرُدُّ سَبْيَ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ، أَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ وَأُنَزِّلُهُمْ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ، وَأُحَاكِمُهُمْ هُنَاكَ عَلَى شَعْبِي وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ بَدَّدُوهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ وَقَسَمُوا أَرْضِي، وَأَلْقَوْا قُرْعَةً عَلَى شَعْبِي، وَأَعْطَوْا الصَّبِيَّ بِزَانِيَةٍ، وَبَاعُوا الْبِنْتَ بِخَمْرٍ لِيَشْرَبُوا" (يوئيل إص 3: 1-3). وفي كل الأحوال فإنّ الإصحاح المشار إليه لا يتضمّن سوى توعّدات بعقاب الأمم الوثنية عقب ردّ السبي البابلي، وبالتالي فإن فكرة العودة هنا بعد خراب الهيكل سنة 70م تبدو مختلفة تماماً خاصة أن اليهود في العصور المختلفة ومنها العصور الإسلامية، كما سبقت الإشارة، لم يكونوا ممنوعين من أن يكونوا موجودين بفلسطين، ومع ذلك فإنهم لم يفكّروا في التجمّع، بل يعترف الكاتب الصهيوني إيلي ليفي أبو عسل أن: "هجر اليهود تلك المدينة وتركوها تنعى من بناها، وولوا وجوههم شطر الأندلس ثم اقتفى أثرهم جماعة من يهود مصر"، ويضيف حول حال اليهود في ضيافة العرب المسلمين: "فرفلوا في مروط المرح، وطاب عيشهم هنالك، واستمرأوا لذة الحياة، وعذوبة المعيشة، بعد طول الإحن التي ألمت بهم والكوارث التي ساورتهم. وهكا سكن ثائر روعهم. وانقشعت غياهب بؤسهم". والواقع أنّ تفضيل اليهود للبقاء في مناطق الشتات كان ملحوظاً، حتى عقب انتهاء فترة السبي، حيث فضّل الكثيرون منهم البقاء في بابل بعد سماح الملك الفارسي كورش لهم بالعودة إلى فلسطين فصار أسمهم يهود الشتات، ولا يمكن تفسير مثل هذه الحالة سوى في تحسّن أوضاعهم المالية بعد اشتغالهم المكثّف بالتجارة، فقد شجّعهم النهوض الاقتصادي لبابل على المشاركة فيه، ونجحت بعض أسر هؤلاء المنفيين في عقد صفقات مصرفية، وإقامة صلات تجارية شملت البلاد بأسرها ومناطق خارج حدودها. ويشير ديتر تسمرلينغ إلى أنّ اليهود الذين فضّلوا البقاء في بابل كانوا في غالبيتهم من جيل الأحفاد الذين بلغوا طور الشباب في بابل، وهذا الجيل اعتبر أنّ بابل هي وطنه، وبالنسبة لهم كانت وعود الخلاص تعني شيئاً للشيوخ من الأجداد، لكن بالنسبة لهم فلم يكن لديهم رغبة في الرحيل عن موطنهم الجديد، ولا الرغبة في إعادة بناء يهوذا، التي ستحتاج الكثير من المال والقوى. بل إنّ العائدين إلى فلسطين لم يتمّ استقبالهم بأذرع مفتوحة، فالتباين الواضح بينهم وبين اليهود الذين سمح لهم بالبقاء كان واضحاً، فبينما تفاخر العائدون بإخلاصهم التامّ ليهوه وشريعته، كان الباقون أكثر تساهلاً، إلى درجة المشاركة بين يهوه وغيره من آلهة الشعوب المحيطة في العبادة، ونشبت الكثير من الخلافات بين الطرفين وكان أكثرها حدة عندما رفض المتديّنون مشاركتهم في إعادة بناء الهيكل في أورشليم. إنّ رفض اليهود لفكرة إعادة التجمّع في فلسطين ربما كانت له أسباب دينية مستقاة من النصوص التوراتية والتي تربط العودة لفلسطين بظهور الماشيح أو المسيا، وتربط بين هذا الظهور وبين عدد من الممارسات والتي تتعارض بكلّ تأكيد مع ممارسات الحركة الصهيونية، لكن هذا السبب الديني ليس كلّ شيء وربما ليس العامل الأهم، فثمة أسباب أخرى ارتبطت بأوضاعهم الاقتصادية المزدهرة، وبعضها ارتبط بتغيّرات في انتماءاتهم الوطنية وتحوّل الولاء من الماضي إلى الحاضر المعيش في الأوطان الجديدة.