logo
#

أحدث الأخبار مع #القنبلةالذرية،

'مثل هيروشيما بعد القنبلة الذرية'.. 'شهادة للتاريخ' من طبيب أمريكي عن غزة ومستشفياتها المدمرة
'مثل هيروشيما بعد القنبلة الذرية'.. 'شهادة للتاريخ' من طبيب أمريكي عن غزة ومستشفياتها المدمرة

جو 24

time٢٠-٠٤-٢٠٢٥

  • صحة
  • جو 24

'مثل هيروشيما بعد القنبلة الذرية'.. 'شهادة للتاريخ' من طبيب أمريكي عن غزة ومستشفياتها المدمرة

جو 24 : نشرت مجلة "نيويوركر' الأمريكية شهادة سردية مطولة مؤثرة لطبيب الطوارئ الأمريكي كلايتون دالتون، عن الأطباء الذين يقدمون رعاية صحية لإنقاذ حياة آلاف الأشخاص في قطاع غزة، ويخاطرون بحياتهم، ويعملون في ظل نظام رعاية صحية مدمر بالكامل. وذكر الطبيب في الشهادة، التي يمكن وصفها بأنها "شهادة للتاريخ'، كيف عبر إلى غزة في بعثة طبية من 12 شخصا، بعد أسبوعين من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). ووصف بالتفصيل مشاهداته منذ أن عبر جنوب إسرائيل في قافلة تابعة للأمم المتحدة، تقودها قافلة عسكرية إسرائيلية وسط متاهة من الحواجز الخرسانية، وكيف ترجلوا وحملوا حقائبهم المليئة بالمستلزمات الأساسية كالشاش والمضادات الحيوية، ودخلوا من باب معدني مقاوم للانفجار. بدأ كلايتون دالتون ورفاقه الرحلة من خان يونس في سيارة محطمة الزجاج الأمامي، ووصف مباني المدينة أنها متضررة كلها تقريبا، رأى فيها مئذنة تعلو مسجدا مهدما، وعائلة تشرب الشاي في مبنى بلا سقف بدأ كلايتون دالتون ورفاقه الرحلة من هناك إلى خان يونس في سيارة محطمة الزجاج الأمامي، ووصف مباني المدينة أنها متضررة كلها تقريبا، رأى فيها مئذنة تعلو مسجدا مهدما، وعائلة تشرب الشاي في مبنى بلا سقف، والأطفال يلعبون في كل مكان ويضحكون ويلوحون، ويطيّرون الطائرات الورقية. وبعد وصف مطول لمستشفى ناصر الذي قضى فيه الليل، ذكر الطبيب الأمريكي أن هذا المستشفى تعرض لهجوم كبير في فبراير/شباط 2024، قتل فيه 12 شخصا، وقطعت الكهرباء والأكسجين، وداهمه الجيش الإسرائيلي، وادعى أنه عثر فيه على أسلحة، إضافة إلى أدوية مخصصة للرهائن الإسرائيليين. وذكر الطبيب أنه وقتها جاء في بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي أنه "نفذ النشاط العملياتي لضمان أدنى حد من التعطيل لأنشطة المستشفى المستمرة ودون الإضرار بالمرضى والطاقم الطبي'، وقال إنه "سيواصل العمل وفقا للقانون الدولي ضد منظمة حماس الإرهابية، التي تعمل بمنهجية من المستشفيات'، وهي ادعاءات لم يقدم المسؤولون الإسرائيليون أدلة كافية لإثباتها لوسائل الإعلام والمنظمات الدولية. "مثل هيروشيما بعد القنبلة الذرية' وكتب: كان أسوأ الدمار في شمال غزة، الذي بدا في بعض الصور مثل هيروشيما بعد القنبلة الذرية، وتعرضت غالبية المستشفيات الـ22 فيه لهجوم مباشر، وكنت أسمع باستمرار أن مستشفى الشفاء قد دمر بالكامل. وصف كلايتون كل أقسام مستشفى ناصر وصفا دقيقا، وتوقف عند وحدة العناية المركزة في الطابق العلوي، وفي جناح الأطفال حيث رسمت شخصيات كرتونية على الجدران، وكان طبيب يعالج الطفلة مريم (9 سنوات)، بعد أن بترت ذراعها في غارة جوية، وأحدثت الشظايا ثقبا بين مثانتها ومستقيمها، وخضعت لخمس عمليات جراحية، ويقول الطبيب المعالج "لا أشعر أن هذا حقيقي. كيف يمكن لشيء فظيع كهذا أن يكون حقيقيا؟'. أتاحت هذه المهمة للطبيب فرصة الحصول على صورة كاملة على نحو غير معتاد عن حالة البنية التحتية الطبية في غزة ونقل كلايتون شهادات الطواقم الطبية في المستشفيات، وذكر أنه كان يتوقع أن يختبئ في مستشفى واحد ويقضي أسبوعين في علاج الناس فيه، ولكن انسحاب القوات الإسرائيلية من أجزاء من غزة، وتوقف الغارات الجوية، وعودة العائلات النازحة إلى الأماكن التي فرت منها، جعلت مهمته طبيبَ طوارئ غير ملحة، فاقترح مدير مستشفى الأقصى عليه، بدلا من إدارة قسم طوارئ هادئ، أن يوثق حالة المستشفيات في جميع أنحاء غزة. وقد أتاحت هذه المهمة للطبيب فرصة الحصول على صورة كاملة على نحو غير معتاد عن حالة البنية التحتية الطبية في غزة -كما يقول- إذ زار مركز إسعاف بجوار مستشفى الأقصى، وقال "لما سألت المسعفين عن أصعب ما في هذا العمل، قال أحدهم، الاستجابة لغارة جوية واكتشاف أنها على عائلتك. وقال آخر: انتشال جثث الأطفال. ثم أضاف "من الغريب أن العالم سمح بحدوث هذا لنا'. مقبرة جماعية أمام المستشفى وأضاف كلايتون "أخذني طالب الطب المرافق أيضا إلى قسم جراحة العظام، حيث شرح لي طبيب عظام "الإصابات المتفجرة ملوثة. نحن نعمل على الحد من الأضرار'، وهناك خضع نحو 26 ألف شخص لعمليات تثبيت خارجية في غزة، وسينتظر كثير منهم سنوات لإجراء جراحة المتابعة. قال طبيب العظام "ستكون حياتهم بائسة'. أراني صورة لقدمي مريض مشوهتين، تطلبتا البتر'. وواصل أنه في صباح اليوم الخامس انطلق سيرا على الأقدام مع أحمد العسولي، أحد منسقي البعثة الطبية، على طريق الرشيد المحاذي للبحر الأبيض المتوسط، لزيارة أهم المستشفيات في الشمال، وهو أمر يندر أن يتمكن منه شخص غريب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لأن الجيش الإسرائيلي لا يسمح للصحافيين الأجانب بالزيارة دون مرافقة، وكثيرا ما كان العاملون الطبيون يقيمون في مستشفى واحد لأسباب أمنية. وذكر أنه بعد وصف مشاهد رأوها في الطريق وكانوا يركبون مقطورة تجرها سيارة مرة، وسيارة متهالكة مرة أخرى، وصلوا إلى مستشفى كمال عدوان في شمال مدينة غزة، وكان مختلفا تماما عن أي منشأة صحية، فقد زعم الجيش الإسرائيلي أنه كان مركز قيادة عسكرية لحماس، وقد دمره حريق خلال غارة للجيش الإسرائيلي. يروي الطبيب الأمريكي: "في قسم الطوارئ انتشرت رائحة كريهة، وتناثرت قوارير زجاجية محطمة تحت أقدامنا واستخدمنا هواتفنا المحمولة لإضاءة الطريق، قادني الدكتور حمد إلى الطابق العلوي، حيث احترقت أقسام الولادة، وفي وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، كانت الحاضنات مدمرة متناثرة على الأرض'، وبعد مداهمة هذه الوحدة، نشرت إسرائيل فيديو لما قالت إنه أسلحة عثر عليها في إحدى الحاضنات. ويواصل أنه في جناح آخر، أرانا حمد ثلاث غرف عمليات متفحمة، وكان جناح غسيل الكلى المدمر في نهاية الممر. خرجنا من المستشفى من المدخل الرئيسي السابق، لكنه أصبح الآن حفرة في واجهة متفحمة ومتداعية. أخبرني حمد أن أمام المستشفى مقبرة جماعية. سألته عن عدد الأشخاص المدفونين فيها، فقال "لا نعرف'. اتخذ عز من مستشفى الشفاء منزلا له بعد أن دمر منزله في اليوم الثاني من الحرب، وكان أكبر منشأة طبية في غزة، وهو يضم 700 سرير و25 غرفة عمليات، ولكن الجيش الإسرائيلي قال إن معلومات استخبارية تشير إلى وجود مركز قيادة لحماس في أنفاق تحته، وشن عليه غارة جعلته عاجزا عن العمل. وأثناء الغارة، اضطر الأطباء إلى إجراء عمليات فتح الصدر لتخفيف الضغط الناتج عن الإصابات الداخلية، دون مسكنات أو مهدئات، وقال عز "كان صراخ المرضى عاليا جدا'، وقد مات معظمهم لتوقف التنفس. تدمير متعمد للأجهزة وذكر كلايتون أن معتز حرارة، مدير قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء استقبله في عيادة خارجية سابقة قرب المستشفى، حولها إلى غرفة طوارئ صغيرة، أما بقية المستشفى فقد هجرت، وأصبحت ردهته الكبيرة الآن كومة من الحديد والخرسانة المسحوقة، يقول "شققنا طريقنا بحذر عبر نقالات ومعدات محترقة إلى النصف الخلفي من الطابق الأرضي، الذي كان يضم قسم الطوارئ.. كانت غرفة الطوارئ واسعة ومغطاة بالسخام، ولم يتبق من جدارها الخلفي سوى أعمدة عدة، "استطعت من الفراغات بينها، رؤية مقبرة كبيرة خلف المستشفى، حيث أعيد استخدام الأنقاض كشواهد قبور'. إسرائيل وقعت على اتفاقيات جنيف التي تنص على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون المستشفيات المدنية هدفا للهجوم'، ويحظر أي هجوم "يتوقع أن يسبب خسائر عرضية في أرواح المدنيين أو إصاباتهم، أو أضرارا بالأعيان المدنية' وذكر كلايتون في هذه المرحلة من السرد، أن إسرائيل وقعت على اتفاقيات جنيف التي تنص على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون المستشفيات المدنية هدفا للهجوم'، وأوضح أن تعديل عام 1977 يحظر أي هجوم "يتوقع أن يسبب خسائر عرضية في أرواح المدنيين أو إصاباتهم، أو أضرارا بالأعيان المدنية'، وتعهدت إسرائيل علنا بتجنب استهداف البنية التحتية والأفراد غير العسكريين، وصرح سفيرها لدى الاتحاد الأوروبي "سنبذل قصارى جهدنا حتى لا نؤذي الأبرياء. نحن ملزمون بالقانون الدولي'. ولكن فريقا من باحثي جامعة هارفارد نشر تحليلا للمسافة بين مستشفيات غزة والحفر الناجمة عن قنابل "إم كيه 84″ (MK84) التي تزن ألفي رطل، وأشار إلى أن مستشفيات غزة كان 84% منها ضمن نطاق الضرر الناجم عن حفر من هذا النوع، وكان ربعها ضمن النطاق المميت، وقال غريغ غرينو، وهو أحد مؤلفي الورقة "لا أرى أي دليل على أنهم حاولوا حماية المدنيين أو البنية التحتية المدنية'. وعند وصفه منطقة بيت لاهيا، قال كلايتون إن منازل كثيرة فيها لم تتضرر، بل سويت أرضا، وإن المستشفى الإندونيسي كان أحد المباني القليلة التي لا تزال قائمة هناك، رغم أنه تعرض للقصف، حسبما بلغه. وذكر أن طبيب القلب ومدير المستشفى مروان سلطان قادهم عبر ممرات مظلمة، حيث لم يبق سوى قسم الطوارئ يشتغل، وقال سلطان إن الأطباء أجروا جراحات أعصاب على كرسي طبيب أسنان، وبتروا أطرافا على الأرض، وأرانا في الخارج حطام عدة مولدات كهربائية ومحطة أكسجين، وقال إن القوات الإسرائيلية "دمرت رئتي المستشفى'. ويتابع كلايتون "دخلنا غرفة تخزين كبيرة في ركن وحدة العناية المركزة، كانت مكتظة بالأجهزة الطبية، أجهزة الموجات فوق الصوتية، ومضخات المحاليل الوريدية، وأجهزة غسيل الكلى، وأجهزة مراقبة ضغط الدم، وبدا أن كل واحد منها قد دمر برصاصة، لا بإطلاق نار عشوائي، بل بطريقة منهجية، صدمتُ ولم أستطع التفكير في أي مبرر عسكري محتمل لتدمير معدات إنقاذ الحياة. وعندما طلبت تعليقا من الجيش الإسرائيلي، قال المتحدث باسمه "إن الادعاءات بأن الجيش الإسرائيلي يستهدف المعدات الطبية عمدا ادعاءات زائفة قطعا'. عودة الحرب واستحالة المعاناة بمنع المساعدات غادر كلايتون غزة عائدا إلى الولايات المتحدة في فبراير/شباط، وفي الثاني من مارس/آذار منعت إسرائيل جميع المساعدات الإنسانية، بما فيها الإمدادات الطبية من دخول غزة، وفي ليلة 18 مارس/آذار استأنفت حملة القصف، وقتل أكثر من 400 شخص في تلك الليلة، وفقا لوزارة الصحة في غزة. وأخبرني عز في رسالة نصية أن مستشفيات الشمال عادت تعاني من كثرة المرضى وقلة الإمدادات اللازمة لعلاجهم، وكتب "نواجه كل يوم خيارات مستحيلة'، وقد طلب الجيش الإسرائيلي من الطاقم الطبي في مستشفى الأهلي إجلاء المرضى، وبعد 20 دقيقة عطلت الصواريخ قسم الطوارئ ودمرت مختبرا للوراثة، وزعم الجيش الإسرائيلي أن حماس كانت تعمل هناك، وهو ما نفته الحركة. وتروي الشهادة وصف جراح الصدمات الأمريكي فيروز سيدوا، كيف استيقظ عندما بدأت القنابل تتساقط على خان يونس، وهرع مباشرة إلى قسم الطوارئ عندما فتحت موجة الضغط الناتجة عن انفجار باب الغرفة التي كان ينام فيها، وقال إن الساعات التي تلت ذلك، نقل فيها 221 شخصا إلى المستشفى، توفي 92 منهم، وأضاف "كانت فوضى عارمة. كانت الغرف مليئة بالأطفال الذين يموتون على الأرض، ينزفون ويصرخون ويبكون'. قال سيدوا إن أحد آخر مرضاه في تلك الليلة كان صبيا يدعى إبراهيم، عمره (16 عاما) وهو نحيف من سوء التغذية، وقد أصيب بجروح معوية، فخاط سيدوا مستقيم الصبي، وكان من المتوقع أن يتعافى تماما، وبعد خمسة أيام، كان على وشك العودة إلى المنزل. في المساء نفسه، كان سيدوا في طريقه إلى الاطمئنان على إبراهيم عندما دعاه أحد زملائه ليناقشا أمر مريض، عندما تعرض المبنى للقصف، وقال الجيش الإسرائيلي لاحقا، إن الضربة استهدفت قائدا سياسيا بارزا في حماس يدعى إسماعيل برهوم، وزعم متحدث باسم الجيش أن برهوم كان "في المستشفى لارتكاب أعمال إرهابية'. وصف سيدوا هذا الادعاء، بأنه "سخيف للغاية'، وقال لكلايتون إن برهوم كان على صلة قرابة بإبراهيم، لذا تلقيا العلاج الطبي في الغرفة نفسها، وكان هناك كمريض، وأضاف "أخبرك بهذا كشاهد عيان'. وبعد الهجوم، هرع سيدوا إلى غرفة الطوارئ، وقال "لم نكن نعرف هل الإسرائيليون سيهاجمون المستشفى أم سيقصفونه مرة أخرى'، وعندها اندفع عدة رجال يحملون صبيا مراهقا في ملاءة سرير. أدخلوه إلى قسم الإصابات ووضعوه على نقالة. وعندما سحب سيدوا الملاءة، أصيب بصدمة. كان بطن المريض ممزقا وأمعاؤه تندلق. وكان إبراهيم قد فارق الحياة. تابعو الأردن 24 على

نيويوركر: رسالة من مستشفيات غزة المدمرة
نيويوركر: رسالة من مستشفيات غزة المدمرة

الجزيرة

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • صحة
  • الجزيرة

نيويوركر: رسالة من مستشفيات غزة المدمرة

قالت مجلة نيويوركر، إن الأطباء يقدمون رعاية صحية لإنقاذ حياة آلاف الأشخاص في قطاع غزة ، ويخاطرون بحياتهم، ويعملون في ظل نظام رعاية صحية مدمر بالكامل. ونشرت المجلة شهادة سردية مطولة لطبيب الطوارئ الأميركي كلايتون دالتون، الذي عبر إلى غزة في بعثة طبية من 12 شخصا، بعد أسبوعين من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وصف الطبيب بالتفصيل مشاهداته منذ أن عبر جنوب إسرائيل في قافلة تابعة للأمم المتحدة ، تقودها قافلة عسكرية إسرائيلية وسط متاهة من الحواجز الخرسانية، وكيف ترجلوا وحملوا حقائبهم المليئة بالمستلزمات الأساسية كالشاش والمضادات الحيوية، ودخلوا من باب معدني مقاوم للانفجار. بدأ كلايتون دالتون ورفاقه الرحلة من هناك إلى خان يونس في سيارة محطمة الزجاج الأمامي، ووصف مباني المدينة أنها متضررة كلها تقريبا، رأى فيها مئذنة تعلو مسجدا مهدما، وعائلة تشرب الشاي في مبنى بلا سقف، والأطفال يلعبون في كل مكان ويضحكون ويلوحون، ويطيّرون الطائرات الورقية. مهمة غير ملحة وبعد وصف مطول لمستشفى ناصر الذي قضى فيه الليل، ذكر الطبيب الأميركي أن هذا المستشفى تعرض لهجوم كبير في فبراير/شباط 2024، قتل فيه 12 شخصا، وقطعت الكهرباء والأكسجين، وداهمه الجيش الإسرائيلي، وادعى أنه عثر فيه على أسلحة، إضافة إلى أدوية مخصصة للرهائن الإسرائيليين. وقتها -كما يقول الطبيب- جاء في بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي أنه "نفذ النشاط العملياتي لضمان أدنى حد من التعطيل لأنشطة المستشفى المستمرة ودون الإضرار بالمرضى والطاقم الطبي"، وقال إنه "سيواصل العمل وفقا للقانون الدولي ضد منظمة حماس الإرهابية، التي تعمل بمنهجية من المستشفيات"، وهي ادعاءات لم يقدم المسؤولون الإسرائيليون أدلة كافية لإثباتها لوسائل الإعلام والمنظمات الدولية. كان أسوأ الدمار في شمال غزة، الذي بدا في بعض الصور مثل هيروشيما بعد القنبلة الذرية، وتعرضت غالبية المستشفيات الـ22 فيه لهجوم مباشر، وكنت أسمع باستمرار أن مستشفى الشفاء قد دمر بالكامل. وصف كلايتون كل أقسام مستشفى ناصر وصفا دقيقا، وتوقف عند وحدة العناية المركزة في الطابق العلوي، وفي جناح الأطفال حيث رسمت شخصيات كرتونية على الجدران، وكان طبيب يعالج الطفلة مريم (9 سنوات)، بعد أن بترت ذراعها في غارة جوية، وأحدثت الشظايا ثقبا بين مثانتها ومستقيمها، وخضعت لخمس عمليات جراحية، ويقول الطبيب المعالج "لا أشعر أن هذا حقيقي. كيف يمكن لشيء فظيع كهذا أن يكون حقيقيا؟". ونقل كلايتون شهادات الطواقم الطبية في المستشفيات، وذكر أنه كان يتوقع أن يختبئ في مستشفى واحد ويقضي أسبوعين في علاج الناس فيه، ولكن انسحاب القوات الإسرائيلية من أجزاء من غزة، وتوقف الغارات الجوية، وعودة العائلات النازحة إلى الأماكن التي فرت منها، جعلت مهمته طبيبَ طوارئ غير ملحة، فاقترح مدير مستشفى الأقصى عليه، بدلا من إدارة قسم طوارئ هادئ، أن يوثق حالة المستشفيات في جميع أنحاء غزة. وقد أتاحت هذه المهمة للطبيب فرصة الحصول على صورة كاملة على نحو غير معتاد عن حالة البنية التحتية الطبية في غزة -كما يقول- إذ زار مركز إسعاف بجوار مستشفى الأقصى، وقال "لما سألت المسعفين عن أصعب ما في هذا العمل، قال أحدهم، الاستجابة لغارة جوية واكتشاف أنها على عائلتك. وقال آخر: انتشال جثث الأطفال. ثم أضاف "من الغريب أن العالم سمح بحدوث هذا لنا". مقبرة جماعية أمام المستشفى "أخذني طالب الطب المرافق أيضا إلى قسم جراحة العظام، حيث شرح لي طبيب عظام "الإصابات المتفجرة ملوثة. نحن نعمل على الحد من الأضرار"، وهناك خضع نحو 26 ألف شخص لعمليات تثبيت خارجية في غزة، وسينتظر كثير منهم سنوات لإجراء جراحة المتابعة. قال طبيب العظام "ستكون حياتهم بائسة". أراني صورة لقدمي مريض مشوهتين، تطلبتا البتر". في صباح اليوم الخامس -كما يقول كلايتون- انطلقت سيرا على الأقدام مع أحمد العسولي، أحد منسقي البعثة الطبية، على طريق الرشيد المحاذي للبحر الأبيض المتوسط، لزيارة أهم المستشفيات في الشمال، وهو أمر يندر أن يتمكن منه شخص غريب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لأن الجيش الإسرائيلي لا يسمح للصحفيين الأجانب بالزيارة دون مرافقة، وكثيرا ما كان العاملون الطبيون يقيمون في مستشفى واحد لأسباب أمنية. وبعد وصف مشاهد رأوها في الطريق وكانوا يركبون مقطورة تجرها سيارة مرة، وسيارة متهالكة مرة أخرى، وصلوا إلى مستشفى كمال عدوان في شمال مدينة غزة، وكان مختلفا تماما عن أي منشأة صحية، فقد زعم الجيش الإسرائيلي أنه كان مركز قيادة عسكرية لحماس، وقد دمره حريق خلال غارة للجيش الإسرائيلي. وفي قسم الطوارئ انتشرت رائحة كريهة، وتناثرت قوارير زجاجية محطمة تحت أقدامنا -كما يقول كلايتون- واستخدمنا هواتفنا المحمولة لإضاءة الطريق، "قادني الدكتور حمد إلى الطابق العلوي، حيث احترقت أقسام الولادة، وفي وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، كانت الحاضنات مدمرة متناثرة على الأرض"، وبعد مداهمته هذه الوحدة، نشرت إسرائيل فيديو لما قالت إنه أسلحة عثر عليها في إحدى الحاضنات. في جناح آخر، أرانا حمد ثلاث غرف عمليات متفحمة، وكان جناح غسيل الكلى المدمر في نهاية الممر. خرجنا من المستشفى من المدخل الرئيسي السابق، لكنه أصبح الآن حفرة في واجهة متفحمة ومتداعية. أخبرني حمد أن أمام المستشفى مقبرة جماعية. سألته عن عدد الأشخاص المدفونين فيها، فقال "لا نعرف". اتخذ عز من مستشفى الشفاء منزلا له بعد أن دمر منزله في اليوم الثاني من الحرب، وكان أكبر منشأة طبية في غزة، وهو يضم 700 سرير و25 غرفة عمليات، ولكن الجيش الإسرائيلي قال، إن معلومات استخبارية تشير إلى وجود مركز قيادة لحماس في أنفاق تحته، وشن عليه غارة جعلته عاجزا عن العمل. وأثناء الغارة، اضطر الأطباء إلى إجراء عمليات فتح الصدر لتخفيف الضغط الناتج عن الإصابات الداخلية، دون مسكنات أو مهدئات، وقال عز "كان صراخ المرضى عاليا جدا"، وقد مات معظمهم لتوقف التنفس. أجهزة دمرت عمدا وذكر كلايتون أن معتز حرارة، مدير قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء استقبله في عيادة خارجية سابقة قرب المستشفى، حولها إلى غرفة طوارئ صغيرة، أما بقية المستشفى فقد هجرت، وأصبحت ردهته الكبيرة الآن كومة من الحديد والخرسانة المسحوقة، يقول "شققنا طريقنا بحذر عبر نقالات ومعدات محترقة إلى النصف الخلفي من الطابق الأرضي، الذي كان يضم قسم الطوارئ". كانت غرفة الطوارئ واسعة ومغطاة بالسخام، ولم يتبق من جدارها الخلفي سوى أعمدة عدة، "استطعت من الفراغات بينها، رؤية مقبرة كبيرة خلف المستشفى، حيث أعيد استخدام الأنقاض كشواهد قبور". في هذه المرحلة من السرد، ذكر كلايتون، أن إسرائيل وقعت على اتفاقيات جنيف التي تنص على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون المستشفيات المدنية هدفا للهجوم"، وأوضح أن تعديل عام 1977 يحظر أي هجوم "يتوقع أن يسبب خسائر عرضية في أرواح المدنيين أو إصاباتهم، أو أضرارا بالأعيان المدنية"، وتعهدت إسرائيل علنا بتجنب استهداف البنية التحتية والأفراد غير العسكريين، وصرح سفيرها لدى الاتحاد الأوروبي "سنبذل قصارى جهدنا حتى لا نؤذي الأبرياء. نحن ملزمون ب القانون الدولي". ولكن فريقا من باحثي جامعة هارفارد نشر تحليلا للمسافة بين مستشفيات غزة والحفر الناجمة عن قنابل "إم كيه 84″ (MK84) التي تزن ألفي رطل، وأشار إلى أن مستشفيات غزة كان 84% منها ضمن نطاق الضرر الناجم عن حفر من هذا النوع، وكان ربعها ضمن النطاق المميت، وقال غريغ غرينو، وهو أحد مؤلفي الورقة "لا أرى أي دليل على أنهم حاولوا حماية المدنيين أو البنية التحتية المدنية". وعند وصفه منطقة بيت لاهيا ، قال كلايتون، إن منازل كثيرة فيها لم تتضرر، بل سويت أرضا، وأن المستشفى الإندونيسي كان أحد المباني القليلة التي لا تزال قائمة هناك، رغم أنه تعرض للقصف، حسبما بلغه. هناك قادهم طبيب القلب ومدير المستشفى مروان سلطان عبر ممرات مظلمة، حيث لم يبق سوى قسم الطوارئ يشتغل، وقال سلطان، إن الأطباء أجروا جراحات أعصاب على كرسي طبيب أسنان، وبتروا أطرافا على الأرض، وأرانا في الخارج حطام عدة مولدات كهربائية ومحطة أكسجين، وقال إن القوات الإسرائيلية "دمرت رئتي المستشفى". ويتابع كلايتون "دخلنا غرفة تخزين كبيرة في ركن وحدة العناية المركزة، كانت مكتظة بالأجهزة الطبية، أجهزة الموجات فوق الصوتية، ومضخات المحاليل الوريدية، وأجهزة غسيل الكلى، وأجهزة مراقبة ضغط الدم، وبدا أن كل واحد منها قد دمر برصاصة، لا بإطلاق نار عشوائي، بل بطريقة منهجية، صدمتُ ولم أستطع التفكير في أي مبرر عسكري محتمل لتدمير معدات إنقاذ الحياة. وعندما طلبت تعليقا من الجيش الإسرائيلي، قال المتحدث باسمه "إن الادعاءات بأن الجيش الإسرائيلي يستهدف المعدات الطبية عمدا ادعاءات زائفة قطعا". عودة الحرب غادر كلايتون غزة عائدا إلى الولايات المتحدة في فبراير/شباط، وفي الثاني من مارس/آذار منعت إسرائيل جميع المساعدات الإنسانية، بما فيها الإمدادات الطبية من دخول غزة، وفي ليلة 18 مارس/آذار استأنفت حملة القصف، وقتل أكثر من 400 شخص في تلك الليلة، وفقا لوزارة الصحة في غزة. وأخبرني عز في رسالة نصية، أن مستشفيات الشمال عادت تعاني من كثرة المرضى وقلة الإمدادات اللازمة لعلاجهم، وكتب "نواجه كل يوم خيارات مستحيلة"، وقد طلب الجيش الإسرائيلي من الطاقم الطبي في مستشفى الأهلي إجلاء المرضى، وبعد 20 دقيقة عطلت الصواريخ قسم الطوارئ ودمرت مختبرا للوراثة، وزعم الجيش الإسرائيلي أن حماس كانت تعمل هناك، وهو ما نفته الحركة. ووصف جراح الصدمات الأميركي فيروز سيدوا، كيف استيقظ عندما بدأت القنابل تتساقط على خان يونس، وهرع مباشرة إلى قسم الطوارئ عندما فتحت موجة الضغط الناتجة عن انفجار باب الغرفة التي كان ينام فيها، وقال إن الساعات التي تلت ذلك، نقل فيها 221 شخصا إلى المستشفى، توفي 92 منهم، وأضاف "كانت فوضى عارمة. كانت الغرف مليئة بالأطفال الذين يموتون على الأرض، ينزفون ويصرخون ويبكون". قال سيدوا إن أحد آخر مرضاه في تلك الليلة كان صبيا يدعى إبراهيم، عمره (16 عاما) وهو نحيف من سوء التغذية، وقد أصيب بجروح معوية، فخاط سيدوا مستقيم الصبي، وكان من المتوقع أن يتعافى تماما، وبعد خمسة أيام، كان على وشك العودة إلى المنزل. في المساء نفسه، كان سيدوا في طريقه إلى الاطمئنان على إبراهيم عندما دعاه أحد زملائه ليناقشا أمر مريض، عندما تعرض المبنى للقصف، وقال الجيش الإسرائيلي لاحقا، إن الضربة استهدفت قائدا سياسيا بارزا في حماس يدعى إسماعيل برهوم ، وزعم متحدث باسم الجيش، أن برهوم كان "في المستشفى لارتكاب أعمال إرهابية". وصف سيدوا هذا الادعاء، بأنه "سخيف للغاية"، وقال لكلايتون إن برهوم كان على صلة قرابة بإبراهيم، لذا تلقيا العلاج الطبي في الغرفة نفسها، وكان هناك كمريض، وأضاف "أخبرك بهذا كشاهد عيان". وبعد الهجوم، هرع سيدوا إلى غرفة الطوارئ، وقال "لم نكن نعرف هل الإسرائيليون سيهاجمون المستشفى أم سيقصفونه مرة أخرى"، وعندها اندفع عدة رجال يحملون صبيا مراهقا في ملاءة سرير. أدخلوه إلى قسم الإصابات ووضعوه على نقالة. وعندما سحب سيدوا الملاءة، أصيب بصدمة. كان بطن المريض ممزقا وأمعاؤه تندلق. وكان إبراهيم، وقد فارق الحياة.

أجواء إيجابية في مسقط، هل ستنجح المفاوضات النووية؟محمد شمص
أجواء إيجابية في مسقط، هل ستنجح المفاوضات النووية؟محمد شمص

ساحة التحرير

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • ساحة التحرير

أجواء إيجابية في مسقط، هل ستنجح المفاوضات النووية؟محمد شمص

أجواء إيجابية في مسقط، هل ستنجح المفاوضات النووية؟ د. محمد شمص تراجعت لغة التهديد بصورة مفاجأة، وخفتت أصوات طبول الحرب الأميركية الإسرائيلية، وباتت الدعوات الى التفاوض طاغية على المشهد، ذلك في لحظة استراتيجية وحساسة للمنطقة وإيران، فما الذي دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهذا التغيير المفاجئ، وهو الذي مزق الاتفاق النووي عام 2018 ووصفه بالسيء؟، هل ابتلع التاجر الأميركي في البيت الأبيض الطُعم الإيراني بالحديث عن مفاوضات تجارية واقتصادية؟ أم ان استعراض الجمهورية الإسلامية في إيران أوراق القوة لديها، وإبلاغ من يعنيهم الأمر (المسؤولين الأميركيين والخليجيين) ان الخيار العسكري سيكون كارثياً ومكلفاً، وسوف يشعل المنطقة برمتها، وأن الخيارات جميعها على الطاولة بما فيها القنبلة الذرية، دفع بترامب لاستدعاء نتنياهو بصورة مفاجأة الى واشنطن، وفرملة اندفاعته وتحريضه للحرب على إيران، وإذلاله حسب معظم الاعلام العبري، وجعل من مفاوضات العاصمة العُمانية مسقط جدية وإيجابية كما وصفها المفاوضون؟ قوة التفاوض الإيرانية وملوكها عُرف عن الإيرانيين أنهم يتقنون التفاوض ولعبة الشطرنج، بل كانوا ملوكها، حيث بدأوا باستخدام ورقة قوة جديدة هي سلاح الدبلوماسية والتفاوض الذي كتب عنه الوزير عرقجي في كتابه الشهير 'قوة التفاوض'، واستطاعوا فرض شروطهم على الأميركيين، اولاً بان تكون المفاوضات غير مباشرة، وثانياً أن تحدد إيران جدول أعمال المفاوضات حيث لا تتجاوز الموضوع النووي الى مواضيع أخرى ومنها ملفات المنطقة. بالطبع القيادة الإيرانية لا تريد الحرب ولن تكون البادئة فيها، ومع أنها تجهزّت لها، ورفعت أعلى مستوى الجهوزية القتالية لقواتها المسلحة (حرس الثورة والجيش)، وحرّكت أصولها العسكرية، وفتحت أبواب مدنها الصاروخية، الا انها أيضا تعمل على سد الذرائع وإلقاء الحجة، للداخل الإيراني وللرأي العام العالمي بأننا نقوم بواجبنا من خلال المفاوضات أما إذا فشلت بسبب تعنت الطرف الآخر الأميركي حينها ستصبح الشرعية مكتملة لإيران بالحق في الدفاع عن نفسها، والذهاب الى كل الخيارات الأخرى المتاحة. عرقجي بصلاحيات كاملة من القائد الخامنئي في الثاني عشر من نيسان/ ابريل 2025 بدأ رئيس الدبلوماسية الإيرانية عباس عرقجي أولى جلسات التفاوض النووية مع الولايات المتحدة الأميركية في العاصمة العُمانية مسقط، بصلاحيات كاملة، وبتفويض من قائد الثورة الإسلامية وفق رئيس الأركان اللواء باقري، مفاوضات لم تكن الأولى بين الطرفين ولم تخرج عن سياقاتها التاريخية رغم أهمية اللحظة الراهنة، فالإيرانيون تفاوضوا مع الأميركيين غير مرة في العراق، وفي فيينا في إطار السداسية الدولية 5+1 بشكل مباشر وغير مباشر، الصلاحيات الكاملة التي مُنحت للوفد الإيراني المفاوض من القائد الخامنئي تحت سقف واضح وشفاف هو وقف الحصار الأميركي وإنهاء العقوبات الاقتصادية. بالطبع على ان لا يكون التفاوض من اجل التفاوض والتقاط الصور فحسب. (التفاوض مع الشيطان الأكبر ليس حراماً ولا مكروهاً، فكما ان الرسول تفاوض مع اليهود وعقد معهم معاهدة صلح لكن لم ينتقص ذلك من رسالته او نبوته او عصمته، فان تفاوض ايران مع أمريكا لن يمس بمبادئ او جوهر النظام الإسلامي الذي وضع أسسا واضحة لسياساته الخارجية، فهو يريد علاقات دبلوماسية طبيعية مع كافة دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وحفظ السيادة الوطنية، باستثناء 'إسرائيل' حيث لا تعترف طهران بشرعية هذا الكيان المحتل لفلسطين). نجاح لافت لأولى الجلسات النووية في مسقط الجلسة الأولى في مسقط كانت إيجابية وكان الحوار غير المباشر عبر أوراق نقلها وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي للطرفين بناءً، على ان تُعقد الجلسة الثانية يوم السبت القادم 19 نيسان/ ابريل، فماذا تريد طهران وماذا تريد واشنطن؟ -تفاوض طهران الحريصة على عدم وقوع الحرب الشاملة على أمور ثلاثة رئيسية هي: 1-الوصول الى مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية المجمدة في الخارج. 2-رفع القيود المفروضة على صادرات النفط الإيرانية. 3-إلغاء او تجميد العقوبات الاقتصادية المرتبطة بالبرنامج النووي السلمي. أما واشنطن وعلى الرغم من رفع أسقف مطالبها الى أعلى المستويات بما فيها تفكيك البرنامج النووي الإيراني على غرار النموذج الليبي، ومناقشة البرنامج الصاروخي الإيراني وعلاقة طهران مع حلفائها في محور المقاومة وسلاحهم الامر الذي رفضته طهران بشكل قاطع ونهائي، إلا انها تريد التفاوض على أمور رئيسية هي: 1-ضمانات إيرانية بعدم الذهاب الى امتلاك قنبلة ذرية، لا سيما بعد وصول إيران الى العتبة النووية وهي قادرة على تصنيع السلاح الذري خلال أسبوعين (وفق خبراء غربيين)، لكنها ما تزال ملتزمة بفتوى التحريم الصادرة عن المرجع الامام السيد علي الخامنئي. 2-تجميد او تخفيف نشاطات البرنامج النووي الإيراني، ومنها العودة الى تخصيب اليورانيوم من نسبة نقاء 60% الى ما دون ال 6%، تعطيل الجيل الخامس والسادس من أجهزة الطرد المركزي (سانترفيوج)، نقل غاز اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء عالية من إيران الى الخارج (إيران تمتلك نحو 350 كيلوغرام منه)، تعطيل انتاج الماء الثقيل من منشأة آراك النووية، ورقابة صارمة من مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية (محل نقاش وخلاف بين الأميركيين والأوربيين) … 3- عقد اتفاقات شراكة اقتصادية مع إيران عبر السماح لشركات أميركية بالاستثمار في الأسواق الإيرانية الضخمة، لا سيما في مجالات النفط والغاز والليثيوم ومناجم المعادن النادرة التي تم اكتشافها مؤخرا، وصولا الى بيع الطائرات المدنية والتجهيزات التكنولوجية التي تحتاجها طهران، وقيل ان العقود التي يسعى اليها الأميركيون بمئات مليارات الدولارات التي يستفيد منها الطرفان. رغم جرعة التفاؤل الامام الخامنئي لا يثق بالجانب الأميركي بدا واضحاً من خلال ما تسرب من معلومات وظهر من مواقف بعد جلسة مسقط الأولى التفاوضية – في الظاهر – ان الطرفين يرغبان باتفاق نووي جديد، لا سيما ان اتفاق آلية العمل المشتركة بين إيران ودول 5+1 عام 2015 مدته عشر سنوات وينتهي بعد أشهر في حزيران/ يونيو القادم. ورغم ان الامام الخامنئي أظهر في خطاباته غير مرة عدم تفاؤله بنتائج الحوار بين طهران وواشنطن لا سيما مع الإدارة الحالية ورئيسها ترامب الذي مزق الاتفاق النووي، وان الأميركي حسب التجربة لا يلتزم بمواثيقه وعهوده، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، الا انه أراد إعطاء الفرصة قد تكون الأخيرة للحوار، وأيضا للحكومة الإصلاحية التي ترى إمكانية الوصول الى تفاهم مع الغرب حول البرنامج النووي، فثمة شبه إجماع في إيران على هذه المفاوضات، التي قد تخفض مستوى التوتر في المنطقة، ويعتقد بعض الإيرانيين انها قد تنعكس إيجابا على كافة دول الإقليم بما فيها لبنان وفلسطين والعراق واليمن وغيرها. وقد أظهر المندوب الأميركي الى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف من خلال رسائل متبادلة عبر وسطاء مع الجانب الإيراني قبل مفاوضات مسقط رغبته ليس فقط للتوصل الى اتفاق، بل الذهاب الى طهران، الأمر نفسه ينسحب على الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي بعث برسائل في ولايته الأولى والثانية بانه يرغب بلقاء قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي. لسائل ان يسأل لماذا تراجع ترامب او لماذا تراجعت طهران، وجلسوا على طاولة التفاوض غير المباشرة؟ ربما لأن ترامب تاجر ويريد صفقة رابحة مع ايران، وهو يدرك تماما بان الحرب مع الجمهورية الإسلامية خاسرة وستكلفه مليارات الدولارات، وخسائر اقتصادية وبشرية هائلة، وتداعيات إقليمية ودولية، خسارة ستنعكس سلباً على صورة أمريكا في العالم وتشجع أعداءها لا سيما الصين التي تتحين الفرصة المناسبة للدخول الى تايوان، فيما مشهد العجز الأميركي في اليمن الذي يستنزف قدراتهم العسكرية والمالية، وهيبة أمريكا 'العظمى' ما يزال يلقي بثقله على الإدارة العسكرية والسياسية الأميركية، كذلك الأمر في أوكرانيا التي ظهر ان إيقاف الحرب فيها يحتاج الى جهد طويل وهي تستنزف أيضاً أوروبا وامريكا ومخازن الأسلحة والذخائر، وتضعف أمريكا والمعسكر الغربي في أي مواجهة عسكرية محتملة مع الصين، اما إيران فهي لا تريد الحرب لأن نتائجها ستعود بالضرر على المنطقة ودولها، وطهران لم تتوقف يوماً عن الحوار والتفاوض، بل ترجح الخيار الدبلوماسي، والاتفاق على قاعدة رابح رابح، ومن ترك طاولة المفاوضات هم الأميركيون وها هم الآن قد عادوا اليها. هل ستبيع إيران حلفاءها؟ ثمة سؤال يطرحه الاعلام الآخر في محاولة للتشكيك بالجمهورية الإسلامية، وإيجاد شرخ بينها وبين حلفائها والمقاومات في المنطقة، إلا ان التجربة أثبتت انه في كل المحطات الخطيرة والضغوط التي تعرضت لها طهران أنها لم تتخلى عن حلفائها، وهي أبلغت الأميركيين عبر وسطاء ان أي نقاش لملفات المنطقة ينبغي ان يكون بحضور الأطراف المعنية في هذه الدول، اما سلاح المقاومة في لبنان والعراق وقرار أنصار الله بمواصلة إسناد غزة فهو شأن هذه القوى، وإيران لن تمارس أي ضغوط عليها، بل هي تتحمل منذ عقود من الزمن الحصار والعقوبات والضغوط نتيجة دعمها المتواصل للمقاومة، وهي ترفض فك ارتباطها مع فلسطين مهما كان الثمن. سيناريوهات أربعة بين إيران وأمريكا؟ المفاوضات الإيرانية الأميركية في مسقط نجحت بنشر موجة تفاؤلية، وأعطت جرعة أمل إيجابية لشعوب المنطقة، فهل يُكتب النجاح للمفاوضات التي رسم لها الأميركيون سقفاً زمنياً (شهرين او ثلاثة)؟ ووضع لها الإسرائيليون جدولاً زمنياً (أسبوعين او ثلاثة) حسب الاعلام العبري؟ هل تتراجع واشنطن امام واقع إيران القوية ومصالح أمريكا الاقتصادية والتجارية؟ وهل يبقى نتنياهو مردوعاً بقرار أميركي؟ أم انه يمارس مع الأميركي خداعا استراتيجيا، في مواجهة إيران ومحور المقاومة؟ ثمة سيناريوهات خمسة مفترضة هي: -نجاح المفاوضات مما يعيد بعض الاستقرار والهدوء الى المنطقة. -فشل المفاوضات والعودة الى سيناريو العقوبات والتهديدات المتقابلة. -أثناء المفاوضات تنفذ اسرائيل عدوانا جويا على إيران، ضمن سياق الخداع الاستراتيجي وتقسيم الأدوار بين اسرائيل وأمريكا، فالأولى تنفذ العدوان والثانية تتملص منه بذريعة أنها تجري مفاوضات ولا تنوي التصعيد والحرب وهذا السيناريو الأخطر حيث يستغل الاسرائيلي عنصر المفاجاة. -فشل المفاوضات والذهاب الى توجيه أمريكا وإسرائيل ضربة جوية لمنشآت إيران النووية، وعلى الفور ترد إيران باستهداف منشآت إسرائيل النووية والقواعد الأميركية. – فشل المفاوضات وانطلاق حرب شاملة ومدمرة بين إيران والحلف الأمريكي الإسرائيلي، بالطبع ستنخرط فيها دول عدة في المنطقة. هذه الحرب من المرجح أن تكسر الهيبة الأميركية ولا تُخضع إيران، هذه الدولة في موقعها الجيوبوليتيكي، ومساحاتها الشاسعة (مليون و600 ألف كيلومتر)، وسيطرتها على المسطحات المائية الكبيرة والمضائق الحيوية والاستراتيجية (مضيق هرمز)، وقدراتها العسكرية الهائلة، وقيادتها الحكيمة والشجاعة، عندها قد تتغير موازين القوى وينزل الأميركي والإسرائيلي عن الشجرة، كرهاً أو طوعا. ‎2025-‎04-‎14

"ذي نيويوركر" تحتفل بمئويتها كمجلة طبعت الصحافة
"ذي نيويوركر" تحتفل بمئويتها كمجلة طبعت الصحافة

البلاد البحرينية

time١٦-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • البلاد البحرينية

"ذي نيويوركر" تحتفل بمئويتها كمجلة طبعت الصحافة

تحتفل مجلة "ذي نيويوركر" الأميركية بالذكرى المئوية لتأسيسها، وبتاريخ حافل صحافيا رافقت فيه الأحداث والتحوّلات، وهي لا تزال تسعى إلى دور مؤثر على القرّاء في زمن عودة دونالد ترامب إلى السلطة، إذ يُظهر أحد أحدث غلافاتها مثلا الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وهم يُطردون من مكاتبهم حاملين أغراضهم في صناديق، للتعبير عن الأزمة التي تتعرض لها الديموقراطية الأميركية. وهذه المجلة الأسبوعية التي اشتُهرَت بجرأتها في اختيار رسوم صفحتها الأولى، ما يجعل كل عدد من أعدادها بمنزلة عمل فني صغير، تحتفل سنة بمئويتها من خلال أربعة إصدارات احتفالية، وسبعة معارض في مختلف أنحاء نيويورك، وفيلم وثائقي قيد الإعداد لحساب منصة "نتفليكس". وتقول المديرة الفنية للمجلة فرنسواز مولي التي تتولى منذ عام 1993 عملية اختيار الغلاف: "أزمة وسائل الإعلام تؤثر علينا أيضا". لكنها تصف نفسها بأنها "عنيدة"، وتؤكد أنها ترى "المستقبل بثقة وأمل كبيرين". وتلاحظ الفرنسية وسط الغلافات التي صنعت شهرة المجلة والمعروضة في المركز الثقافي الفرنسي "لاليانس نيويورك"، أن "ثمة مجالات لا يحل فيها الرقمي محل الورق، ككتب الأطفال، والشرائط المصورة، ومجلة نيويوركر". وتشرح أن الغلافات يُفترَض أن "تدوم"، بحيث "إذا نظر إليها القارئ بعد 30 عاما، يستطيع أن يفهمها"، سواء أكانت مشاهد مضحكة أو شاعرية من الحياة اليومية، أو رسوما سياسية عن مواضيع كالزواج للجميع واستخدام الأسلحة النارية في أعمال عنف والتوترات المجتمعية. على امتداد قرن وفي أكثر من خمسة آلاف عدد، نشرت المجلة روائع أدبية كرواية "إن كولد بلاد" In Cold Blood لترومان كابوتي (1965)، وأثارت الجدل مرارا، كما عندما كتب جيمس بالدوين عن التوترات العنصرية في الولايات المتحدة، من بين كتاب كبار آخرين كإرنست همنغواي وجاي دي سالينجر وسوزان سونتاغ. وصنعت المجلة الأسبوعية العريقة بعض أبرز المحطات في عالم الصحافة، بدءاً من تحقيق ميداني لجون هيرسي عن هيروشيما عام 1946، أيقظ ضمائر الأميركيين على الفظائع التي أحدثتها القنبلة الذرية، إلى محاكمة المجرم النازي أدولف آيخمان التي تناولتها الفيلسوفة هانا أرندت. وفي الآونة الأخيرة، مُنِحَت "ذي نيويوركر" جائزة بوليتزر عن التحقيق الذي أجراه رونان فارو في قضية المنتج السينمائي هارفي واينستين، والذي كان وراء انطلاق موجة "مي تو" في مختلف أنحاء العالم. وترى أمينة معرض "قرن من نيويوركر" في المكتبة الكبرى في مانهاتن جولي غوليا أنها "أعمال (صحافية) رائعة غيرت فعليا مجرى التاريخ الأميركي، وليس الصحافة الأميركية فحسب". لم يكن للمجلة في البداية مثل هذا الطموح عند صدور عددها الأول بتاريخ 21 شباط/فبراير 1925. ففي خضمّ العصر الذهبي لموسيقى الجاز، وفي المرحلة الفاصلة بين نشوة النصر في الحرب العالمية الأولى عام 1918 والكساد الكبير الذي حلّ عام 1929، أراد مؤسساها الصحافيان هارولد روس وجاين غرانت، "مجلةً نابضة بالروح والتنوّع الكوزموبوليتي، مجلةً مُدُنية، لكنها لا تأخذ نفسها على محمل الجد"، على ما تروي المؤرخة لوكالة فرانس برس. وبعد مرور مئة عام، تؤكد "ذي نيويوركر" أن عدد مشتركيها وصل إلى 1,3 مليون مشترك، ولا يزال معظمهم أوفياء لنسختها المطبوعة بالإضافة إلى النسخة الرقمية. وهي إحدى المطبوعات الأساسية لمجموعة "كوندي ناست" الإعلامية التي تضم أيضا "فوغ" و"فانيتي فير" و"جي كيو"، واشترت "ذي نيويوركر" عام 1985. ورغم تصنيفها نخبوية، تكيفت المجلة ذات التوجهات اليسارية مع العصر الرقمي وركزت على الاشتراكات بدلاً من عائدات الإعلانات، على ما يوضح أخيرا في برنامج إذاعي رئيس تحريرها ديفيد رمنيك الذي يتولى منصبه منذ عام 1998. وتشير جولي غوليا إلى أن "الأمر أكثر بكثير من مجرد صفحات يتلقاها الناس عبر البريد. إنه موقع إلكتروني، وبودكاست، ومهرجان ثقافي في الخريف". وتُشدّد على أنها "علامة تجارية حققت نجاحا مذهلا". وهي علامة تجارية تتوافر رسومها على شكل ملصقات وصور مجزأة (puzzles)، وتُطبع على حقائب اليد التي تُحمل على الأكتاف في شوارع نيويورك بحسب ايه اف بي.

من رحم الحروب والصراعات تخلق التكنولوجيا!
من رحم الحروب والصراعات تخلق التكنولوجيا!

دفاع العرب

time١٣-٠٣-٢٠٢٥

  • علوم
  • دفاع العرب

من رحم الحروب والصراعات تخلق التكنولوجيا!

ا.د. غادة محمد عامر خبير الذكاء الاصطناعي – مركز دعم واتخاذ القرار – رئاسة مجلس الوزراء زميل وحاضر – الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية تُعتبر الصراعات الدولية والحروب من المحركات الأساسية التي تؤدي إلى تطوير الابتكارات التكنولوجية. فعلى مر التاريخ، شهدنا كيف أن الحاجة إلى التفوق العسكري أو الاستجابة للأزمات قد أدت إلى تقدم تكنولوجي كبير. وبينما يتمثل الهدف الرئيسي في زمن الحرب في تحقيق ميزة استراتيجية، فإن العديد من هذه الابتكارات تجد تطبيقاتها في نهاية المطاف في الحياة المدنية، مما يدفع عجلة التقدم المجتمعي. لقد كانت الدوافع الرئيسية للابتكار والتقدم التكنولوجي اثناء الصراعات والحروب ، إما للاحتياجات العسكرية، حيث تزداد الحاجة إلى تقنيات جديدة لتحسين الأداء العسكري، مثل تطوير الأسلحة المتقدمة. أو لضمان الأمن القومي فتسعى الدول إلى حماية نفسها من التهديدات الخارجية، مما يحفز البحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا. أول للتنافس الاقتصادي حيث تسعى الدول إلى تعزيز مكانتها الاقتصادية من خلال الابتكارات التكنولوجية. على سبيل المثال، شهدت الحرب العالمية الأولى تطوير الدبابات والطائرات والأسلحة الكيميائية، بينما لعبت الحرب العالمية الثانية دورًا محوريًا في ابتكار الرادار والمحركات النفاثة والقنبلة الذرية. وكانت الحرب الباردة سبابا للتسابق في ابتكارات الفضاء وتطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية. وساهمت الحرب على الإرهاب في تطوير تقنيات المراقبة والأمن السيبراني، كانت هذه الابتكارات مدفوعة في البداية بالحاجة إلى التفوق على الخصوم، لكنها وجدت تطبيقاتها لاحقًا في زمن السلم. فمثلا أرسى تطوير المحركات النفاثة خلال الحرب العالمية الثانية أسس صناعة الطيران التجاري، محدثًا ثورة في السفر والتجارة. وبالمثل، أصبحت تقنية الرادار، التي طُوّرت لكشف طائرات العدو، أساسي في الأرصاد ومراقبة الحركة الجوية، مما عزز السلامة والكفاءة في الطيران المدني. ولم يُغيّر مشروع مانهاتن، الذي طوّر القنبلة الذرية، الاستراتيجية العسكرية فحسب، بل حفّز أيضًا التطورات في مجال الطاقة النووية. حيث شهدت فترة ما بعد الحرب انتشار محطات الطاقة النووية، مما وفّر مصدرًا هامًا للكهرباء. مع التطور التكنولوجي انتقلت الصراعات بشكل متزايد إلى المجال الرقمي. تُظهر الحرب السيبرانية -كما تجسدها التكتيكات السيبرانية الروسية خلال غزو أوكرانيا- كيف تستخدم الدول التكنولوجيا لتعطيل البنية التحتية والاتصالات لدى خصومها. هذا التحول دفع إلى تطورات كبيرة في الأمن السيبراني والتشفير وتكنولوجيا المعلومات. كما توسع استخدام الطائرات بدون طيار، مما أتاح أساليب جديدة للمراقبة والضربات الموجهة. وقد وجدت هذه التقنيات تطبيقات مدنية في مجالات مثل الزراعة وإدارة الكوارث، مما يُظهر الطبيعة المزدوجة للاستخدام في الابتكارات العسكرية. كذلك الإنترنت، الذي تم تطويره من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، أحدث تحولًا في الاتصالات والتجارة العالمية. وبالمثل، أصبحت تقنية نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، التي استُخدمت لأول مرة في الملاحة العسكرية، جزءًا لا يتجزأ من تطبيقات متنوعة، بدءًا من الملاحة في السيارات وصولًا إلى خدمات تحديد الموقع على الهواتف الذكية. كما استفادت التطورات الطبية من الأبحاث العسكرية، حيث حسّنت تقنيات مثل رعاية الإصابات والأطراف الصناعية المتقدمة، التي طُوّرت في البداية لعلاج الجنود المصابين، ثم استخدمت بنفس الطريقة لرعاية الطبية للمدنيين. أما عن الاتجاهات المستقبلية والتقنيات الناشئة، من المرجح أن تتأثر تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والطاقة المتجددة بالصراعات العالمية. فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعزز قدرات صنع القرار والتنبؤ في التطبيقات العسكرية والمدنية على حد سواء، بينما تُحقق التكنولوجيا الحيوية إنجازاتٍ في مجالي الرعاية الصحية والزراعة. ويمكن لتقنيات الطاقة المتجددة، -مدفوعةً بضرورة أمن الطاقة- أن تُخفف من آثار صراعات الموارد وتُعزز التنمية المستدامة. الخلاصة هو أنه غالبًا ما تنبثق التطورات التكنولوجية من بوتقة الصراعات العالمية، مدفوعةً بالحاجة إلى التفوق الاستراتيجي. وبينما قد تؤدي هذه الابتكارات إلى معضلات أخلاقية وعواقب غير مقصودة، إلا أنها تنطوي أيضًا على إمكانية تحقيق فوائد كبيرة للحياة المدنية. إن فهم طبيعة الاستخدام المزدوج لهذه التقنيات يُتيح فهمًا أعمق لكيفية تسخير المجتمعات لهذه التطورات لتحقيق السلام والتنمية مع معالجة آثارها الضارة المحتملة. وهذا يحتاج إلى التكيف والتعلم المستمرين لكل افراد المجتمع وقياداته، كذلك يجب على صانعي السياسات وخبراء التكنولوجيا والمجتمع ككل البقاء على اطلاع دائم بالاتجاهات الناشئة وآثارها المحتملة. والأهم أنه تُعد الاستثمارات في التعليم والبحث أساسية للتحضير للمستقبل وضمان مساهمة التطورات التكنولوجية في قوة الدول وبقائها في ظل عالم يتغير ويتطور بسرعة لا يتخيلها عقل!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store