أحدث الأخبار مع #الكلمة


الرياض
منذ 3 أيام
- ترفيه
- الرياض
الكتابة ليست رفاهية
لم يعد في الوقت بقية في ظل حتمية تاريخية نمر بها، وفي ظل تلاطم أمواج عالمية عالية الموج، وفي ظل تحديات ثقافية بارزة تصنع هذا الخلل الواضح في تعاطي الكلمة، وفي بناء قاعدة عامة ينبغي أن تعي حدودها، وتعلم على أي أرض تقف عليها.. الكتابة هي كلمة، والكلمة هي جميع ما ينطق به الإنسان سواء كانت مفردة أو مركبة، لكن ما يهمنا هنا هو ذلك الإناء المدرار الذي لابد أن ينتح بالفكر والفلسفة وجميع مدارج الحكمة والتوقد الذهني. وفي هذا القرن الجديد بمدخلاته ومخرجاته من كَلِم يدق في ناقوس الآذان طيلة الليل والنهار، جعلنا بالضرورة نتساءل: هل الكلمة هي رفاهية أم ضرورة فنية؟ والفرق كبير بين المعنيين! ولذلك قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل (780-855م) لقد آن للابن حنبل أن يمد قدميه، لأنه اعتقد أن المظهر الباذخ لرجل كان يحدثه وراءه منطق وذهن متوقد، لكنه كشف ماهيته الفكرية حينما نطق بكلمة فارغة التي لا تحمل سوى خواء فكري تحت رداء التنمق والأناقة وما أكثر المتنمقين في يومنا هذا بزي المظهر وزي الكَلِم؛ لكن الكلمة سرعان ما تكشف ذلك السر الدفين في محتوى كل متحدث حاول اعتلاء المنصة مدعياً أنه سيد المعرفة! فإذا ما كانت الكلمة هي أولى لبنات التواصل بين البشر وهي ذلك الجسر الثقافي المدعوم بمقتنيات الذهن ومخزون اللاوعي وكذلك عوالم أخرى في آليات التفكير؛ فإنها - طبقاً لما تحمله من أهمية قصوى - أصبحت ضرورة فنية، لابد أن تتمتع بذلك النسق الوهاج الذي ينقلها من مساحة الرفاهية إلى مساحات كبيرة من فن الخطاب الفكري، سواء كان نقدياً أو أدبياً أو سياسياً واجتماعياً وما إلى ذلك، وخاصة مع اتساع تلك المساحات في الفراغ الثقافي على منصات التواصل الاجتماعي، والتي لا ينم بعضها إلا عن مستوى متدنٍ من الوقاحة إن جاز التعبير. ولربما تدخل التعليم بمنهجه النقلي -فترة كبيرة انتهجتها مدارسنا- في آليات الفكر واتباع شهوة الكلم، مما ساهم بخلق تدفق مجاني دون تمريره على مراحل الدماغ من فهم، وتفكر، ثم إدراك، ثم منطق محكم بآلية العقل الذي لابد أن يعي إلى أي مدى يكون تأثير الكلمة المجانية وربما تتحكم فيها حتمية نفسية أو فيزيقية أو بيولوجية! يقول أحد الفلاسفة: "لو كانت الكلمة يتحكم فيها الحادث النفسي يحدده العامل البيولوجي تحديداً، والبيولوجي تحدده الوضعية النفسية.. وهنا يكون السؤال: كيف يمكن للعقل إذا كان أسيراً تتحكم فيه الأشياء الخارجية وتسيطر عليه سلسلة من الأسباب العمياء أن يظل عاقلاً؟" وهنا نرجع إلى العقل ووظائف الدماغ المختلفة لضبط الكلمة لأن شرف الراجل - وكلمة راجل تعني كل من يقف على القدمين من بني البشر - هو الأغلى والأعلى عند العرب، والذي يميز شخصية العربي حينما نتتبع - في دراساتنا- أثره على البلاد التي فتحها العرب، ومنها على سبيل المثال ثيمة الشرف التي باتت واضحة في التراث والأدب الأندلسي وحتى في الإيقاعات الموسيقية! فهل نذكر قصيدة الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي حين قال فيها: (ما شرف الرجل سوى الكلمة) ولذا نحن نتساءل: أين يتمثل شرف الكلمة التي هي سمة شرف العربي بشقيه رجالاً ونساء وخاصة المحسوبين على الثقافة العربية في كلماتهم، وفي تحاورهم، وفي منشوراتهم، وفي علاقاتهم التي كان تتميز بالفروسية عند أسلافهم، فهي من أولى سمات العربي كـ(السيف، والفرس)؟ ولكنها الآن أصبحت فيما تبدو (أي الكلمة) وسيلة أو سلاحاً لجذب الانتباه، أو خطف الأضواء، أو التنمر، أو الحصول على مكاسب غير تلك القيمة الثقافية التي تبني ولا تهدم والتي يكوِّن تراكمها تكويناً لأجيال متلاحقة في كيفية التناول والحوار والمعنى والمدلول وغير ذلك. وفي هذا الشأن يقول الدكتور حسن حنفي في مقال له على منصة (جامعة الأمة العربية) بعنوان الخطاب الثقافي العربي: "كل خطاب يستبعد الآخر، كل خطاب يعبر عن المصلحة وبالتالي يتحول الصراع إلى مصالح". وهو ما نناقشه اليوم حول أن الكلمة لم تعد رفاهية، بل يتوجب أن تكون ضرورة فنية. وفنية أي مدروسة بحرفية بحسب خدمة الصالح العالم قبل الخاص، في ظل تنوع الكَلِم وتنوع الخطابات بحسب تنوع المصالح حيث إن "العلاقة بين الحوارات هي أشبه بـ"حوار الطرشان"؛ فلا أحد يسمع الآخر، لا سلباً ولا إيجاباً، لا رفضاً ولا قبولاً.. الأعلى صوتاً هو الأقرب إلى الحقيقة، والأكثر كلاماً هو الأعظم برهاناً، والأعظم غنى في البلاغة هو الأقرب إلى قلوب الناس وتصديقهم، والأشد تأثيراً في الناس هو الأكثر حضوراً.. ونادراً ما يحدث تقاطع أو تكامل أو حوار. لا يوجد إثراء متبادل فيما بينهم لتوليد الطاقة اللازمة للفكر. الكلمة هنا كم بلا كيف، صوت بلا صدى، فرقعة بلا إصابة، طلقات فارغة لا تهدف إلى شيء". وهنا تصبح الكتابة رفاهية بدون أي ضرورة فنية! والسؤال هنا ملح وضروري: إلى متى ينتهي هذا الصراع، وهذا الاستعلاء، والتنمر، ليعبر بنا نحو الصالح العام وليس بالنظر في مصالحنا الشخصية هذا بالنسبة للنخبة؟ أما بالنسبة للقاعدة العامة من مدعي الفهم والكلمة، فإلى متى ينتهي الخوض في أعراض الناس على منصات التواصل الاجتماعي بكل أنواعها، ليس لشيء سوى جني الأموال من المؤسسات القائمة على هذه المنصات التي ابتلينا بها. نحن لسنا بدعاة لليوتوبيا الأخلاقية، ولا وعَّاظ، بل هي مجرد كلمة بها غيرة على خطابنا العربي الذي ينتشر في كل أنحاء العالم على غير دراية منا بأنه يذاع هنا وهناك ونقيم من خلاله اجتماعياً وثقافياً وسياسياً وأيضاً أخلاقياً ونحن من برع أسلافنا في صنع الكلمة ومدارس الخطاب! لم يعد في الوقت بقية في ظل حتمية تاريخية نمر بها، وفي ظل تلاطم أمواج عالمية عالية الموج، وفي ظل تحديات ثقافية بارزة تصنع هذا الخلل الواضح في تعاطي الكلمة، وفي بناء قاعدة عامة ينبغي أن تعي حدودها، وتعلم على أي أرض تقف عليها؟ أصلبة كانت هي أم هشة؟ لأن هذا المنعطف الذي نمر به هو من يحدد المسار المقبل. ولهذا كان لنا هذا التساؤل المهم: والذي إجابته لنا: أن الكتابة الآن أصبحت رفاهية لا ضرورة فنية فيها!


وضوح
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- وضوح
الباحث أمجد زكي يوثق سيرة عبدالعزيز السريّع المسرحية في كتاب
الكويت / سيد غريب مجاهد في إصدار جديد يُضاف إلى جهوده البحثية والتوثيقية، أطلق الكاتب والباحث أمجد زكي كتابًا مميزًا يوثق من خلاله تجربة الرائد المسرحي الكويتي عبدالعزيز السريّع، أحد أبرز مؤسسي الحركة المسرحية والثقافية في الكويت والخليج العربي، وذلك بالتعاون مع فرقة مسرح الخليج العربي ودار النشر كلمات. كتاب يُعيد رسم ملامح رائد ثقافي لا يكتفي الكتاب بسرد السيرة الذاتية لعبدالعزيز السريّع، بل يقدم صورة متكاملة لشخصية ثقافية نادرة ساهمت في ترسيخ قواعد المسرح الكويتي، وامتدت مساهماتها إلى بناء منظومة ثقافية عصرية للدولة. واعتمد المؤلف على توثيق دقيق مدعّم بالوثائق والصور النادرة، منها استمارة عضوية السريّع في فرقة الخليج العربي، وصور أرشيفية، وصفحات من نصوصه المسرحية بخط يده، ومواد من مجلة 'الكلمة'. وفي مقدمة شخصية وإنسانية، يصف زكي العلاقة التي جمعته بالمحتفى به، ويُبرز صفاته من تواضع وعمق ثقافي وشغفٍ أصيل بالمسرح. من 'عابر سبيل' إلى خشبة المسرح يأخذنا الكتاب إلى بدايات عبدالعزيز السريّع، حيث نشأ في بيئة صعبة لكنها محفّزة على التعلم. ومنذ نعومة أظفاره، أبدى شغفًا بالقراءة، وكان أول كتبه 'عابر سبيل' لعباس العقاد. ومن هنا انطلقت رحلته مع الأدب والفكر العربي والعالمي، ما منحه ثقافة موسوعية مكنته لاحقًا من المزج بين الأصالة والتجديد في كتاباته المسرحية. كما يسلط المؤلف الضوء على البيئة الثقافية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حينما كان الخطاب الثقافي الكويتي منفتحًا على القضايا القومية والأدب العالمي، وهي المرحلة التي صاغت وعي السريّع وأثّرت على أعماله. بين المسرح والهوية الوطنية يرصد الكتاب مسيرة السريّع المهنية منذ انضمامه لفرقة مسرح الخليج العربي عام 1963، ويُحلل أثره العميق في تحويلها إلى واحدة من أبرز المؤسسات المسرحية في العالم العربي. كما يعرج على دوره في تأسيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إلى جانب الراحل صدقي حطاب، ودوره الحيوي كأمين عام لمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، حيث واصل دعمه للمبادرات الثقافية الخلّاقة. عشر مسرحيات ونموذج جديد للمسرح التنويري يُعد الكتاب مرجعًا هامًا في تحليل أعمال عبدالعزيز السريّع المسرحية، حيث يوثق نحو عشر مسرحيات كتبها في الستينيات والسبعينيات، من أبرزها: 'الجوع'، 'ضاع الديك'، 'عنده شهادة'، 'فلوس ونفوس'، 'شياطين ليلة الجمعة'، 'بحمدون المحطة' وغيرها. ويؤكد المؤلف أن هذه الأعمال لم تكن مجرّد مسرح اجتماعي، بل وضعت أساسًا لمسرح تنويري جاد، يعالج قضايا الناس بلغة فنية راقية وواقعية. شهادات عربية.. وصور نادرة تميّز الكتاب بتوثيق آراء نخبة من كبار الكتّاب والنقّاد العرب، منهم: إسماعيل فهد إسماعيل، د. نجمة إدريس، د. سليمان الشطي، د. محمد حسن عبدالله، ألفريد فرج، عبدالرحمن بن زيدان، أسعد فضة، محمد كافود، نعمان عاشور، د. محمد الرميحي، وغيرهم. كما ضم الكتاب صورًا نادرة للسريّع مع زملائه ورفاقه في الساحة الفنية والثقافية، بالإضافة إلى صور النقاد الذين تناولوا أعماله، في مقاربة بصرية موثقة تدعم السرد النقدي وتعمق قراءة التجربة. عبدالعزيز السريّع… المثقف المتكامل في ختام الكتاب، نقرأ ست شهادات خاصة لكل من: د. سليمان الشطي، د. محمد مبارك بلال، الفنان عبدالعزيز الحداد، د. علاء الجابر، صالح الغريب، يوسف الحمدان، حيث أجمعوا على أن السريّع لم يكن فقط كاتبًا مسرحيًا، بل رجل ثقافة يحمل مشروعًا تنويريًا. كما أبرز المؤلف العلاقة الإبداعية الوثيقة التي ربطت السريّع بالمخرج الراحل صقر الرشود، والتي أثمرت تجارب مسرحية خالدة، فيما أضاء على لغته المسرحية المتفرّدة، التي جمعت بين الفصحى واللهجة الكويتية المثقفة، في أسلوب وصفه الفنان الراحل عبدالعزيز الحداد بأنه 'أجمل مفردة مثقفة قريبة من الناس'. تحية وفاء بهذا العمل التوثيقي الرصين، يُقدم أمجد زكي تحية وفاء لرجلٍ كانت كلمته خشبة مسرحه، وكان المسرح عنده أداة لبناء الإنسان والوطن. كتابه ليس مجرد رصد لسيرة، بل هو إحياء لروح التنوير التي حملها عبدالعزيز السريّع على كتفيه، وظل مخلصًا لها حتى آخر لحظة.


الإمارات اليوم
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- منوعات
- الإمارات اليوم
فن الصمت
يقابل كلٌ منا في حياته الكثير من الناس، أصدقاء، زواراً، زملاء، معارف، وفي كل لقاء حديث وحكاية، ومشاعر متباينة بين النقاش والصمت. فالصمت فنّ راقٍ لا يتقنه إلا من أدرك أن الكلمة مسؤولية، وأن الإصغاء قوة، وأن في الصمت إجابة أبلغ من ألف عبارة. ومن الجميل أن هذا المعنى العميق للصمت كان محوراً لخطبة الجمعة الأخيرة، التي تناولت أهمية ضبط اللسان، والوعي بقيمة الكلمة، فخطب الجمعة، تؤدي دوراً بالغ الأهمية في تحقيق استدامة المعرفة بأسلوب مبسط، يلامس حياة الناس اليومية، بما ينعكس على وعي الأفراد وسلوكهم في المجتمع. احترام الصمت لا يعني الانطواء، بل هو وعي راقٍ يدعو الإنسان إلى التحكم في لسانه، والتمييز بين التحدث والصمت، وقد قيل: «إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب». في العلاقات الأسرية، يكون الصمت أحياناً أكثر فاعلية من مئة كلمة، فحين يغضب أحدهم، ويصرخ الآخر، ثم يصمت الطرف المقابل، يُمنح الجميع لحظة لمراجعة النفس، والتفكير في أثر الكلمة، أما في العمل، فكم من موظف تسرّع بكلمة أضاعت عليه فرصة، وكم من مدير حكيم اختار أن يصمت، ليستمع إلى موظفيه، ويفهم ما لا يُقال علناً. تقود لحظات الصمت إلى تأمل عميق في علاقة الإنسان بخالقه، وهو مساحة للاتصال الصادق مع الله بعيداً عن شوائب الضجيج. قال النبي محمد ﷺ «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»، وهذا الحديث يؤكد أهمية الصمت حين يعجز الكلام. وفي عالم السرعة والتقنيات، حيث تقاس القيمة بعدد المتابعين، ويستعاض عن الحكمة بالمنشورات السريعة، يبقى الصمت عبادة خفية، ومهارة راقية، ولغة لا يتقنها إلا من اختار أن يكون عميقاً في زمن السطحية، وأن يصغي بصدق في زمن الضجيج. * مؤسس سهيل للحلول الذكية لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه


موقع كتابات
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- موقع كتابات
'فرج ياسين'.. قصصه تقرأ الحياة الواقعية كما يجب أن تكون
خاص: إعداد- سماح عادل 'فرج ياسين محمد' هو كاتب وشاعر وقاص عراقي معروف. حياته.. مواليد 1945 في مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، كتب الشعر والقصة القصيرة والنقد الأدبي، درس في قسم اللغة العربية بكلية الآداب – جامعة بغداد، ونال درجة الماجستير في القصة القصيرة، ودرجة الدكتوراه في الأدب الحديث والنقد. نشأ لا يحب المدرسة، لكنه كان يلتقط الورقة الملقاة في الطريق ويقرأ ما فيها، وفي الصف الرابع الابتدائي انتزع من مرسم المدرسة ورقتين تحتويان على قصة وقصيدة من مجلة أهل النفط التي أصبحت تسمى بعد ذلك العاملون في النفط . وبعد سنين طويلة اعتذر من معلم الرسم، فأطرى تلك السرقة حيث كانت الأولى والأخيرة. توفى والده وهو في سن الخامسة عشرة، كانت أول أبيات شعرية نشرت له، وهو طالب في الصف الرابع الثانوي. منذ أواسط الستينيات ثم السبعينيات اهتم بالقراءة في مجالات (الماركسية والوجودية وأدب المقاومة و بزوغ صفحة ما بعد الحداثة) راصدا التطورات في فنون الشعر والرواية والقصة والفن التشكيلي والمسرح والسينما، وكان أحد الشعراء الذين قدمتهم مجلة 'الكلمة' في عددين من أعدادها بوصفهم شعراء ما بعد الستينيات والسبعينيات، وحين انتقل من بغداد للعمل في سلك التعليم الثانوي في إحدى قرى تكريت منذ عام 1975 بدأت علاقته مع القصة. عمل أستاذ مساعد في كلية التربية للبنات / جامعة تكريت، وكان عضو اتحاد الأدباء العراقيين، وعضو مؤسس لاتحاد الأدباء فرع صلاح الدين، وأول رئيس له، عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب، عضو الهيئة الاستشارية للتأليف والترجمة والنشر في وزارة الثقافة العراقية. عضو الهيئة الاستشارية لمجلة إمضاء الفصلية. رئيس الهيئة الاستشارية لقصر الثقافة والفنون في محافظة صلاح الدين. حوار آخر (1981)، دار الرشيد للطباعة والنشر، بغداد، العراق. عربة بطيئة (1986) ، دار الشؤون الثقافية، بغداد، العراق. واجهات براقة (1995)، دار الشؤون الثقافية، بغداد، العراق. رماد الأقاويل (2006)، دار الشؤون الثقافية، بغداد، العراق. ذهاب الجعل إلى بيته (2010)، ثلاث قصص طويلة (ذهاب الجعل إلى بيته، هو الذي خسر كل شيء، الصبي 56)، دار تموز، دمشق، سوريا. بريد الأب (2013)، دار الروسم، بغداد، العراق. قصص الخميس (2016)، دار إمضاء، بغداد، العراق. الأعمال القصصية الكاملة (2022)، عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. توظيف الأسطورة في القصة العراقية الحديثة (2000)، ط1، دار الشؤون الثقافية، بغداد العراق. أنماط الشخصية المؤسطرة في القصة العراقية (2006)، ط1، دار الشؤون الثقافية، بغداد العراق. توظيف الأسطورة في القصة العراقية الحديثة (2020)، ط2، دار كفاءة المعرفة، عمان، الأردن. طفولة.. في حوار معه أجراه 'سلام كاظم فرج' يقول 'فرج ياسين' عن نفسه: 'فرج ياسين: هذا هو اسم الشهرة الذي اتخذته منذ أول أبيات شعرية نشرت لي، وأنا طالب في الصف الرابع الثانوي، منزها نفسي عن أي انحياز يميل بي عن الصفة الإنسانية، كالانحياز إلى المدينة أو لقب العائلة أو العشيرة . ولدت في لحظة تاريخية هي نهاية الحرب العالمية الثانية، وبدء صفحة الرعب جراء إلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناكازاكي، وكان والدي قد منحني هذا الاسم قبل ولادتي بيوم واحد حين سجل اسمي في قائمة العائلة وكان وكيل تموين، مستشرفا حالة يكتنفها التشوف والرجاء والتفاؤل، لأن الأسرة رزقت بأربع إناث قبلي، وكانت هذه التسمية تشكل تماهيا عادلا مع حلمه الأبوي . نشأت فتى حالما مدلّلا خجولا عليلا، لا أحب المدرسة. توفى والدي وأنا في سن الخامسة عشرة، فنعمت برعاية ثلاثة أعمام وأخت كبرى أصبحت معلمة منذ عام 1959 وفي تلك الفترة أورقت بوادر التشكل النفسي الأول، إذ جعل صدى ارتطامي بالعالم في النمو . وقوف شخص على درابزين نادي الموظفين في تكريت وهو يرفع يده بقطعة لحم آدمي وينادي هذا لحم الوصي عبد الآله من يريد أن (يشيش ويشوي) جعلني أرتد إلى منطقة السلام والحب والفضيلة في أعماقي، فما احتقرت شيئا كاحتقاري للعنف وتدمير الروح الإنساني، ثم انسحب ذلك على السياسة فلم اشتغل بها ولم أنتم إلى حزب، ولم أستجب لوعد ما، وصدق حدسي إذ كان الساسة العراقيون أحد فئتين، أما هواة أنصاف متعلمين محمولين على غواية السلطة والوجاهة، وأما مناضلين حقيقيين عصاميين واعدين ولكن من دون جماهير حقيقية . نظرية نقدية عراقية.. ويجيبب 'فرج ياسين' عن سؤال هل ما زلنا نسعى لتأسيس نظرية نقدية عراقية، أم أن هذا الهدف قد تحقق: 'من الخطير جدا طرح هذا السؤال ولاسيما وأنه ينصب على استجلاء نظرية نقدية عراقية وليس عربية، وأخي العزيز يعلم أن كل ما وصلنا من مقدمات ومبادئ ومرجعيات أسلوبية حديثة جاء عن طريق الغرب، وها نحن نتبنى المناهج السياقية كما تبلورت عندهم، أقصد المنهج التاريخي والاجتماعي والنفسي والانطباعي والأسطوري، وكذلك المناهج النصية بأنواعها البنيوية والتفكيكية ومنهج القراءة والتلقي … الخ . وقد بذلت جهود لايستهان بها لإيجاد مقتربات تعامل المعطى المصدر بروح لا تضيع جهود تلك المفاتيح التي ابتكرها نقادنا القدماء وأضاعتها حقب التخلف والنكوص، وأنموذج هذه الرؤية هي نظرية النظم للجرجاني ورؤيتها الرائدة، لكن المشكلة في التراث النقدي العربي أنه لم يكن يشكّل حلقات مترابطة تؤدي إحداها إلى الأخرى، بل أن كل ناقد سجل جهده باسمه ورحل. أما في الوقت الحاضر فمن الخطير جدا القول بأن هناك مناهج عربية واضحة الحدود والسبب يعود إلى أن العرب لم يسجلوا منجزات فكرية خاصة بهم، ولم يطرحوا فلسفات ولم ينتجوا أدبا يستطيع اجتراح رؤية منهجية كما حصل على سبيل المثال في أدب أمريكا اللاتينية، إذ أضاف إلى المدرسة الواقعية اتجاهين جديدين هما الواقعية السحرية والواقعية الخيالية، والمنهج في هذه الحالة يولد من خلال سيرورة المنطلقات العلمية والمنجزات الأدبية . الواقعية الاجتماعية.. وعن توجه قصصه نحو الواقعية الاجتماعية وهل هو انحياز للاجتماعي والالتزام على حساب التفكير بأنماط سردية جديدة يقول 'فرج ياسين': 'دعني اتفق معك إلى حد ما، على أن قصصي أرادت أن تقرأ الحياة الواقعية ليس كما هي ولكن كما يجب أن تكون، وعلى وفق هذه الدعامة الأرسطية، وجدت أننا مازلنا بحاجة إلى الموجه الانتقادي لأن التجديد الذي حصل منذ أواسط الثمانينيات أشتغل على الموجهات الفنية، وفي غمرة ذلك تم تناسي مايجد ويتغير ويتحول في الحياة الاجتماعية، لكنني لم أكن في منأى عن كل ذلك . جربت أشكالا سردية كثيرة، ولعل مقالات وبحوث الملف سوف تجيب على كل ذلك . الشعر.. وعن البدايات في الكتابة والنشر والنص الأول والأصداء التي لقيها لدى الأصدقاء والنقاد يقول: 'البداية كانت مع الشعر ومنذ المرحلة الابتدائية، أما مع النشر فقد بدأت مع ملحق جريدة الجمهورية الأدبي 1967 – 1968، إذ كانوا ينشرون لي قطعا شعرية في بريد القراء (وقد أشار سامي مهدي في كتابه الموجة الصاخبة إلى أن بعض الذين كانت تظهر أسماؤهم في بريد القراء أصبحوا من أدباء العراق المعروفين)، وحين كنت طالبا في كلية الآداب أرسلت قصيدتين إلى مجلة ألف باء وبعد قرابة شهر ذهبت إلى المجلة فاستقبلني رئيس القسم الثقافي الذي عرفت بعد ذلك أنه فاضل العزاوي وقال لي أن قصيدتي (وجه القوة) ستنشر في الأسبوع القادم أما الأخرى فأني لا أعرف معنى كلمة فيها وهي (السعوط) فشرحتها له قائلا أنه (النشوق)، وهو مسحوق التبغ الذي يوضع في الأنف، فضحك وأكد لي أنها ستنشر لاحقا أيضا . حين شاهدت قصيدة وجه القوة على صفحة مجلة ألف باء، أخذني الزهو وخيل إلي أن كل الناس قد قرؤا قصيدتي وتعرفوا علي . ثم نشرت لي بعدها مجلة الإذاعة والتلفزيون وصوت الطلبة وألف باء لعدة مرات ومجلة الكلمة في عددين ومجلة الأقلام ضمن ملف الشعراء السبعينين وجريدة الجمهورية والطليعة الأدبية وكتاب شعراء الطليعة العربية الذي أعده الشاعر علي جعفر العلاق . وفي عام 1974 اشتركت مع صديقي غالب المطلّبي في كتابة مسرحية عنوانها المسد نشرتها مجلة الأديب المعاصر، ومن بوابتها دخلت حوزة السرد، بعد عامين كتبت قصتي الأولى الصرّة وأرسلتها بالبريد إلى غالب فقدمها إلى مجلة الأديب المعاصر ونشرتها في عددها الجاهز للطبع، فلقيت استحسانا كبيرا من مجموعة أصدقاء ومعارف مقهى البرلمان . وبعد شهرين نشرت مجلة ألف باء ومجلة الإذاعة والتلفزيون قصتي (الحبل والرجل )، وما أن حل عام 1981 حتى أصدرت دار الشؤون الثقافية العامة مجموعتي القصصية البكر (حوار آخر)، وقد اخترت منذ ذلك الحين أن أتفرغ لكتابة القصة من دون أن أفرّط بقوة الشعر الحيوية في لغتي أو حياتي. رماد الأقاويل.. في مقالة بعنوان 'الأسطورة والواقع في المجموعة القصصية رماد الأقاويل لـ فرج ياسين' كتب 'فيصل عبد الوهاب: 'القاص فرج ياسين نوع نادر من الأدباء الذين دأبوا على ارتياد مناهل الحقيقة وكرسوا حياتهم لخدمة قضية الفن الكبرى كالمتصوفة الزاهدين الذين لا يرون من الحياة قشورها ولا يقتنصون منها إلا لباب الجوهر . صدرت له الكتب التالية: وآخر ما صدر له المجموعة القصصية (رماد الأقاويل 2006) . تطالعنا قصة (حافات السنين المدببة) حيث يخيل للمرء عندما يقرأ بداياتها أنه في الطريق إلى تسجيل قصة وفاء أسطورية على نمط ملحمة الاوديسا عندما تنتظر بنيلوبة زوجها المغامر اوديسيوس حفنة من السنين ريثما يعود وربما لا يعود ولكن القاص هنا يصدمنا بالنهاية التي تنزلنا من عالم الأساطير إلى عالم الواقع لأن المرأة العجوز (روفة) التي صبرت على ذكرى خطيبها الغريق كل هذه السنين فجرت صبرها بنزوة كان يمكن أن ترتكبها مع الصبي الذي تخيلته خطيبها المعشش في ذاكرتها. إن القاص هنا يتعمد كسر الأسطورة بطريقة تخبرنا بضرورة الانصياع لمتطلبات الجسد أو أنه لا مفر من ذلك وفق الفلسفة الحتمية'. في مقالة بعنوان (بيت فرج ياسين) كتب 'محمد صابر عبيد': 'تدلف إلى بيت فرج ياسين في مدينة تكريت 'حيّ الأربعين' من الباب الخارجي فتستقبلك الحديقة على يسارك، مربعة الشكل تقريبا، تحيط بها أشجار البرتقال والليمون والنارنج وكأنها تحرس النجيل الأخضر المهيمن عليها، هذه الحديقة هي وطن الضيوف في المساءات الصيفيّة الجميلة الرائقة. تعلّمَ في بيت فرج ياسين معنى جديداً للكرم لطالما فكّرَ فيه وبحث عنه وحارَ في معناه، فالكرم عنده إحساسٌ لطيفٌ وكاملٌ وآنيٌّ بالآخر، وليس موائد باذخة ذات طبيعة احتفاليّة تُعنى بالسُمعة والدعاية والإشهار أكثر من عنايتها بإسعاد الضيف وفهمه، ثمّة روحيّة بالغة الخصوصيّة إذا ما توفّرت في صاحب البيت حضر الكرمُ بأعلى تمثيلاته الحيّة والغزيرة والخصبة، وكان هذا البيت، بيت فرج ياسين، كامل الروحيّة، بحيث لا تغيب ولو لحظة واحدة عن الحال حتّى وإن كانت الظروف أحياناً غير مواتية، وما زال هذا البيت مع بُعدِ المسافة وصعوبة الظَرف حاملاً لهذه الروحيّة في الوجدان والذاكرة والحلم'. توفي يوم 23 أبريل 2025.