logo
#

أحدث الأخبار مع #المغول

لماذا اغتال بيبرس السلطان قطز في وهج الانتصار؟
لماذا اغتال بيبرس السلطان قطز في وهج الانتصار؟

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • الجزيرة

لماذا اغتال بيبرس السلطان قطز في وهج الانتصار؟

كثيرة هي حوادث التاريخ التي اختلف المؤرخون حول أسبابها ونتائجها، وبعضها حتى يومنا هذا غامض في أسبابه ونشأته، وفي تاريخنا الوسيط العديد من هذه الحوادث، وخاصة الاغتيالات السياسية الكبرى مثل مقتل السلطان المظفّر قُطز في نشوة انتصاره على المغول وطردهم من بلاد الشام وتحريرها منهم، وتأسيس عهد جديد ستدخل فيه المنطقة إلى فترة من الاستقلال والأمن والازدهار. وكان من الأغرب أن نَصيره وعضده ومن تصالح معه قُبيل معركة عين جالوت وهو الأمير سيف الدين بيبرس البندقداري سيكون قاتلَه، بل وسيصبحُ السلطان الجديد لدولة المماليك، وهو الذي وصفه المؤرخون بالمؤسس الثاني لهذه السلطنة الممتدة من وسط الأناضول وجنوبها إلى بلاد الشام والحجاز ومصر وحتى حدود النوبة. ولهذه الحادثة قصة لا بد من الوقوف عندها وتأمل أسبابها، وآراء المؤرخين فيها، فإذا كان العديد منهم -قديما وحديثا- يعتبرون أسبابها غامضة وغير مفهومة، فإن آخرين استذكروا حوادث التاريخ، وتتبعوا العلاقة بين الرجلين القاتل والمقتول من قديم، وقدّموا بعض الإجابات المهمة في هذا المضمار. من عين جالوت إلى الاغتيال في أعقاب الانتصار الحاسم في معركة عين جالوت، التي وقعت يوم 25 رمضان 658هـ/ سبتمبر 1260م، وتمكّنت فيها القوات المملوكية بقيادة السلطان قُطز من كسر الزحف المغولي والتقدم نحو قلب بلاد الشام، سارع السلطان إلى استثمار هذا التفوق العسكري وتوجه مباشرة إلى دمشق. وكان لاستقباله في المدينة وقعٌ خاصٌّ لدى سكانها، الذين تنفّسوا الصعداء بعد 7 أشهر من الاحتلال المغولي القاسي، والذي وجدوا فيه من الذل والمهانة ما نقلته مصادر تلك الحقبة. وقد أمضى السلطان قُطز في دمشق قرابة أسبوعين، في مهمة هدفت إلى إعادة النظام وترميم الجهاز الإداري الذي انهار تحت وطأة الاحتلال المغولي، وقد وصف المؤرخ بدر الدين العيني في كتابه "عِقد الجُمان" ما قام به قُطز من إصلاحات بالقول: "فنظر في أحوال البلاد، وحسم مواد الفساد، وحدّد إقطاع الإقطاعات بمناشيره"، وهي إشارة إلى تعميماته الرسمية التي أعادت تنظيم الحقوق الإقطاعية والسلطة المحلية في سوريا. وبعد استقرار الأوضاع في بلاد الشام على المستويات الأمنية والعسكرية والإدارية، وبعد غياب دام قرابة شهرين عن القاهرة، اتخذ السلطان المظفر قُطز قراره بالعودة إلى مصر، دون أن يستكمل حملته شمالاً نحو حلب، المدينة الكبرى ذات الأهمية الاستراتيجية. وقد أثار هذا التراجع المفاجئ تساؤلات عدد من المؤرخين، من أبرزهم القاضي والمؤرخ عز الدين بن شداد (ت 684هـ) الذي علّق على القرار في سياق تأريخه لوقائع حكم السلطان بيبرس. ينقل ابن شداد في سرده ما يفيد أن قُطز كان في نيته التوجّه إلى حلب "ليكشف أحوالها، ويُزيح أعدارها من خراب التتار"، غير أن تقارير وصلت إليه تفيد أن الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وعددا من أمراء المماليك البحرية من فرقة الصالحية، وهم المنتسبون إلى السلطان الصالح أيوب، "متنكرون له، ومتغيّرون عليه"، ما دفعه إلى العدول عن حملته ومباشرة العودة إلى مصر. ويضيف ابن شداد: "فصرف وجهه إلى ناحية الديار المصرية، وهو أيضًا مُضمر لهم الشر، وربّما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يُلمح إلى حالة من التوتر المتبادل وسيناريو أزمة سياسية وعسكرية وشيكة. ويختم ابن شداد قوله: "فبلغ ذلك الأمير ركن الدين البندقداري، فخرجوا من دمشق، وكل واحد منهما محترز من صاحبه"، في إشارة واضحة إلى انعدام الثقة بين الطرفين وتوجس كل منهما من الآخر. تُسلّط رواية المؤرخ عز الدين بن شداد الضوء على بُعد بالغ الأهمية في المشهد السياسي والعسكري لما بعد معركة عين جالوت، إذ تكشف خفايا العلاقة المتوترة بين السلطان قطز وبعض الأمراء المماليك، سواء من فئة البحرية الصالحية أو حتى من زملاء السلطان من المماليك "المعزية" الذين انتموا مثله إلى خدمة السلطان السابق المعز أيبك وانتسبوا إليه. وتدلّ تفاصيل الرواية على أن حادثة اغتيال قطز فيما بعد لم تكن مجرد فعل مفاجئ أو نتيجة نزاع عابر في اللحظة التي قُتل فيها في مدينة القُصير القريبة من الصالحية شمال شرقي مصر، بل كانت ثمرة لتراكم من التوجس والاحتكاك السياسي، وربما حتى لمخطط مسبق بين بعض الأمراء النافذين. وكما يقول ابن شداد، فإن قطز نفسه كان "مضمرًا لهم الشر، وربما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يشير إلى شعوره المبكر بالخطر الكامن في دوائر الحكم حوله. مقتل قطز في نظر مؤرخي عصره تعددت الروايات التاريخية حول الدوافع الكامنة وراء مقتل السلطان سيف الدين قطز على يد الأمير بيبرس وعدد من الأمراء المماليك الصالحية، ممن خدموا في عهد السلطان الصالح أيوب. وتتنوع هذه الروايات بحسب المنظور الذي ينطلق منه كل مؤرخ. ومن أبرز هذه التفسيرات ما يورده المؤرخ ابن أيبك الدواداري، الذي يُعَد من مؤرخي العصر المملوكي المقربين من دوائر الحكم، وله كتاب جامع وموسوعي هو "كنز الدرر وجامع الغُرر"، حيث يُرجع الأمر إلى مشهد مشين وقع أثناء معركة عين جالوت، حين فرَّ بعض المماليك البحرية الصالحية المقرّبين من بيبرس من ساحة القتال في مواجهة المغول، وهو ما أثار غضب السلطان قطز بعد النصر، فواجههم بعنف، يقول الدواداري: "فوبّخهم، وشتمهم، وتوعّدهم". ومنذ تلك اللحظة وبحسب روايته، بدأت ملامح الانقسام والعداوة تظهر علنا، "فأضمروا له السوء، وحصلت الوحشة منذ ذلك اليوم، ولم تزل الأحقاد والضغائن تتراءى في صفحات الوجوه وغمزات العيون، وكل منهم يترقب من صاحبه الفرصة". أما المؤرخ المملوكي الآخر بيبرس الدواداري المنصوري، الذي يُعد من أقرب شهود العصر إلى مجريات الأحداث في كتابيه "التحفة الملوكية في الدولة التركية" و"زُبدة الفكرة في تاريخ الهجرة"، فيرى أن اغتيال السلطان قطز لم يكن نتاج خلاف عابر أو رد فعل متسرع على توبيخ بعد المعركة، كما ذهب إلى ذلك ابن أيبك الدواداري، بل هو نتيجة لصراع طويل ومتجذر تعود أسبابه الأولى إلى عهد السلطان السابق عز الدين أيبك التركماني. فبحسب رواية المنصوري، فإن قطز كان مشاركا أساسيا في مقتل الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، أحد كبار قادة المماليك الصالحية، وهو زعيم كان صاحب نفوذ وكلمة ومنافس على العرش المملوكي، ويدين له بيبرس وبقية الأمراء الصالحية بالمودة والزمالة، الأمر الذي خلّف عداء دفينا في نفوس المماليك البحرية الذين اضطروا إلى الهرب والتشتت إثر تلك الحادثة خوفا على أنفسهم، ليستتب الحكم للسلطان المعز أيبك أستاذ قُطز وسيده. ويورد بيبرس المنصوري هذه الخلفية بقوله: "وذلك أنه (أي قطز بعد عين جالوت) رحل من دمشق عائدًا إلى الديار المصرية، وفي نفوس البحرية منه ومن أستاذه ما فيها لقتلهما الفارس أقطاي، واستبدادهما بالملك، وإلجائهم إلى الهرب والهجاج، والتنقل في الفِجاج، إلى غير ذلك من أنواع الهوان التي قاسوها، والمشقات التي لبسوها". ثم يكشف المنصوري أن التقارب والتصالح بين المعزّية وسيدهم السلطان قُطز، وبين المماليك الصالحية بزعامة بيبرس قُبيل معركة عين جالوت الفاصلة؛ كان مجرد صلح تكتيكي مؤقت، أملاه الموقف العصيب، والعدو المشترك المتمثل في المغول، حيث يقول: "وإنما انحازوا إليه لما تعذّر عليهم المقام بالشام، والتناصر على صيانة الإسلام، لا لأنهم أخلصوا له الولاء، أو رضوا له الاستيلاء". إذن تشير هذه الرواية إلى أن العداء بين قطز والمماليك الصالحية لم يكن طارئًا بل كان ممتدًا منذ سنوات، وقد وجد أولئك الأمراء اللحظة المواتية للثأر في طريق عودة السلطان إلى مصر. ويرجّح المؤرخ الشهير تقي الدين المقريزي في العديد من كتبه وعلى رأسها "السلوك لمعرفة دول الملوك"، أن جذور اغتيال السلطان سيف الدين قطز تعود إلى توتر علاقته بالأمير بيبرس، ويُرجِع السبب المباشر إلى رفض السلطان منح نيابة حلب لبيبرس، قائلاً: "فأضمرها في نفسه، ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً". غير أن هذا التفسير، على وجاهته، لا يعبّر إلا عن جانب من مشهد أكثر تعقيدا وتشابكا، فمقتل قطز لا يمكن قراءته فقط كنتاج لخلاف على منصب، بل يجب فهمه ضمن سياق سياسي ممتد يعود إلى حقبة السلطان المعز أيبك، الذي استهدف المماليك البحرية الصالحية، وقضى على زعيمهم أقطاي، مما أفضى إلى ترسيخ سلطة المماليك المعزية، وعلى رأسهم قطز نفسه، وهكذا تبلورت قطيعة عميقة بين الفريقين، ظلت كامنة حتى وجدت فرصتها للانفجار عند الحدود المصرية، بعد نصر عين جالوت. ظل التوتر قائما بين المماليك المعزية والمماليك البحرية حتى فرض الغزو المغولي الوشيك على مصر لحظة إجبارية للوحدة، إذ اضطر الفريقان إلى الاصطفاف في خندق واحد لمواجهة الخطر الداهم. لكن هذا التحالف المؤقت لم يصمد بعد زوال التهديد الخارجي، فبانتصار المسلمين في عين جالوت اختفى مبرر الوحدة، ليظهر العداء الكامن إلى السطح، ويتوّج في النهاية باغتيال السلطان قطز على يد بيبرس، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية. وفي هذا السياق، يورد المؤرخ ابن أبي الفضائل القبطي المصري في كتابه "النهج السديد والدر الفريد في ما بعد تاريخ ابن العميد" تعليقا دالا يعكس حالة القلق العامة عقب مقتل قطز، حيث قال: "فلحِق الناس خوف عظيم من عودة المماليك البحرية إلى ما كانوا عليه من الفساد"، وهي إشارة نكشف منها أن المماليك الصالحية كان يهمهم في فترات الاضطرابات مصالحهم الخاصة. على أية حال، قُتل قُطز، وأُسقط في يد المماليك المعزية؛ لأنهم لم يستطيعوا عمليا أن يمنعوا اعتلاء بيبرس عرشَ دولة المماليك ويثأروا لمقتل زميلهم "خشداشيهم" السلطان قُطز، ولهذا السبب يروي المؤرخ ابن إياس أنه "لما تم أمر بيبرس في السلطنة، رسم بإحضار المماليك البحرية الذين كانوا منفيين في البلاد"، وهو ما يكشف عن حرص السلطان الجديد على ترسيخ سلطته بإعادة أصدقائه القدامى وأهل الثقة الذين لن يخونوه. وفي موضع آخر، يشير ابن إياس والمقريزي إلى محاولة اغتيال تعرض لها بيبرس من قِبل بعض المماليك المعزية فور عودته إلى القاهرة، ما أدى إلى قتل عدد منهم، وسجن ونفي آخرين. وتؤكد هذه الشهادات التاريخية أن اغتيال السلطان قطز لم يكن فعلا طارئا أو نزوة شخصية من بيبرس، بل جاء في سياق خصومة مستحكمة بين جناحين قويين من المماليك: البحرية الصالحية التي مثّلها بيبرس، والمعزية التي انتمى إليها قطز، وهو ما يجعل مقتل الأخير نتيجة منطقية لصراع طويل بلغ ذروته عقب انتصار عين جالوت. مقتل قطز في نظر المؤرخين المعاصرين والأجانب يرى المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم أن التفسير الأقرب لمقتل قطز هو ما أورده المؤرخ بيبرس الدواداري، الذي يُرجع الحادث إلى صراعات قديمة تعود جذورها إلى حقبة السلطان عز الدين أيبك. فبحسب هذا الطرح، لم يكن قطز مجرد قائد عسكري فحسب، بل كان رأس حربة في تصفية فارس الدين أقطاي، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية، وملاحقة رفاقه من المماليك البحرية، الذين اضطروا بعد ذلك للفرار إلى الشام وقضاء سنوات في المنفى تخللتها معارك واعتقالات وملاحقات، وكان لقطز دور فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ويلفت الدكتور قاسم النظر إلى أن رابطة "الخشداشية" -أي الزمالة في مدرسة المماليك العسكرية- كانت ذات وزن عاطفي وتنظيمي بالغ، بحيث تحوّلت لدى بيبرس ورفاقه إلى دافع انتقام مضاعف؛ ثأرًا لأقطاي، وانتقامًا لما لحق بهم من إذلال في المنافي، ليغدو اغتيال قطز، في هذا السياق، استعادة رمزية وسياسية لكرامتهم ونفوذهم المهدور. ومن اللافت أن المؤرخ الأميركي الإسرائيلي روفين أميتاي في كتابه "المغول والمماليك"، اعتبر اغتيال السلطان قُطز حادثة غامضة، يقول: "ما زالت الملابسات الدقيقة لاغتيال قطز وما تلاه من أحداث غير واضحة تمامًا، لكن النتيجة النهائية كانت إعلان بيبرس سلطانا على مصر". هذا مع اعتراف أميتاي أن هناك أسبابا قديمة أدت إلى تطور هذه العداوة، وقيادة بيبرس بنفسه عملية اغتيال قُطز قرب الصالحية في الشرقية. أما المؤرخ البريطاني روبرت إيروين في كتابه "الشرق الأوسط في العصور الوسطى.. السلطنة المملوكية المبكرة"، فيرى أن اغتيال قُطز لم يكن نتيجة لحادثة مفاجئة، بل كان تتويجًا لصراعات طويلة الأمد بينه وبين الأمير بيبرس، كما يشير إلى أن قُطز رفض تعيين بيبرس حاكمًا لحلب، مما أدى إلى تفاقم التوتر بينهما. وعلى الرغم من أن المصادر المملوكية تنسب عملية الاغتيال إلى بيبرس، فإن إيروين يوضح أن القتلة كانوا مجموعة متنوعة من الأمراء، بعضهم من المماليك المعزية، ويرى أن سبب اشتراك فريق من الأمراء والمماليك المعزّية -وهم زملاء قُطز في هذه المؤامرة- كان انتقاما منهم بسبب عزل قطز لابن سيدهم السلطان الصغير علي بن المعز أيبك من السلطنة واستئثاره بها. ومهما يكن، ورغم تعدد الروايات التاريخية واختلاف التحليلات حول الأسباب التي قادت إلى مقتل السلطان سيف الدين قطز، فإن جوهر شخصيته العسكرية والسياسية يبقى ثابتا في ضوء ما أنجزه في واحدة من أهم لحظات التاريخ الإسلامي والإنساني، فقد قاد قطز جموع المماليك والعرب المتطوعة بقوة وصبر نادرين، ليواجه التهديد المغولي الذي بدا حينها غير قابل للهزيمة، وساهم بانتصاره في عين جالوت ليس فقط في إنقاذ بلاد الإسلام، بل في درء خطر اجتياحٍ محتملٍ كان يهدد الحضارة الغربية ذاتها. لقد أظهر قطز براعة استراتيجية وحسن تدبير منذ اللحظة التي تولى فيها مسؤولية الدولة المملوكية بعد وفاة أستاذه المعز أيبك، مرورًا بفترة الفوضى السياسية في مصر والشام، ويمكننا إلى حد ما، تفهّم الدوافع التي دفعت بيبرس والمماليك الصالحية البحرية بل وبعض المعزية إلى الحقد على قطز، فقد كان الأخير أحد أبرز من ساهموا في قتل زعيمهم فارس الدين أقطاي، كما كان له دورٌ رئيسي في تشتيت صفوفهم بعد ذلك. ومع ذلك، فإن ما يثير التساؤل الجاد هو موقف بعض المماليك المعزّية، زملاء قطز في العسكرية والولاء، الذين شاركوا في اغتياله رغم كونه قائد الانتصار الساحق على المغول، أخطر أعداء الإسلام آنذاك، فكيف يُعقل أن يتحول الحقد الشخصي أو الغيرة السلطانية إلى خيانة للسلطان المظّفر قطز واللحظة التاريخية، وعقب نصرٍ غير مسبوق أنقذ مصر والعالم الإسلامي من الإبادة؟

من أسرار التاريخ.. لماذا اغتال بيبرس السلطان قُطز؟
من أسرار التاريخ.. لماذا اغتال بيبرس السلطان قُطز؟

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • سياسة
  • الجزيرة

من أسرار التاريخ.. لماذا اغتال بيبرس السلطان قُطز؟

كثيرة هي حوادث التاريخ التي اختلف المؤرخون حول أسبابها ونتائجها، وبعضها حتى يومنا هذا غامض في أسبابه ونشأته، وفي تاريخنا الوسيط العديد من هذه الحوادث، وخاصة الاغتيالات السياسية الكبرى مثل مقتل السلطان المظفّر قُطز في نشوة انتصاره على المغول وطردهم من بلاد الشام وتحريرها منهم، وتأسيس عهد جديد ستدخل فيه المنطقة إلى فترة من الاستقلال والأمن والازدهار. وكان من الأغرب أن نَصيره وعضده ومن تصالح معه قُبيل معركة عين جالوت وهو الأمير سيف الدين بيبرس البندقداري سيكون قاتلَه، بل وسيصبحُ السلطان الجديد لدولة المماليك، وهو الذي وصفه المؤرخون بالمؤسس الثاني لهذه السلطنة الممتدة من وسط الأناضول وجنوبها إلى بلاد الشام والحجاز ومصر وحتى حدود النوبة. ولهذه الحادثة قصة لا بد من الوقوف عندها وتأمل أسبابها، وآراء المؤرخين فيها، فإذا كان العديد منهم -قديما وحديثا- يعتبرون أسبابها غامضة وغير مفهومة، فإن آخرين استذكروا حوادث التاريخ، وتتبعوا العلاقة بين الرجلين القاتل والمقتول من قديم، وقدّموا بعض الإجابات المهمة في هذا المضمار. من عين جالوت إلى الاغتيال في أعقاب الانتصار الحاسم في معركة عين جالوت، التي وقعت يوم 25 رمضان 658هـ/ سبتمبر 1260م، وتمكّنت فيها القوات المملوكية بقيادة السلطان قُطز من كسر الزحف المغولي والتقدم نحو قلب بلاد الشام، سارع السلطان إلى استثمار هذا التفوق العسكري وتوجه مباشرة إلى دمشق. وكان لاستقباله في المدينة وقعٌ خاصٌّ لدى سكانها، الذين تنفّسوا الصعداء بعد 7 أشهر من الاحتلال المغولي القاسي، والذي وجدوا فيه من الذل والمهانة ما نقلته مصادر تلك الحقبة. وقد أمضى السلطان قُطز في دمشق قرابة أسبوعين، في مهمة هدفت إلى إعادة النظام وترميم الجهاز الإداري الذي انهار تحت وطأة الاحتلال المغولي، وقد وصف المؤرخ بدر الدين العيني في كتابه "عِقد الجُمان" ما قام به قُطز من إصلاحات بالقول: "فنظر في أحوال البلاد، وحسم مواد الفساد، وحدّد إقطاع الإقطاعات بمناشيره"، وهي إشارة إلى تعميماته الرسمية التي أعادت تنظيم الحقوق الإقطاعية والسلطة المحلية في سوريا. وبعد استقرار الأوضاع في بلاد الشام على المستويات الأمنية والعسكرية والإدارية، وبعد غياب دام قرابة شهرين عن القاهرة، اتخذ السلطان المظفر قُطز قراره بالعودة إلى مصر، دون أن يستكمل حملته شمالاً نحو حلب، المدينة الكبرى ذات الأهمية الاستراتيجية. وقد أثار هذا التراجع المفاجئ تساؤلات عدد من المؤرخين، من أبرزهم القاضي والمؤرخ عز الدين بن شداد (ت 684هـ) الذي علّق على القرار في سياق تأريخه لوقائع حكم السلطان بيبرس. ينقل ابن شداد في سرده ما يفيد أن قُطز كان في نيته التوجّه إلى حلب "ليكشف أحوالها، ويُزيح أعدارها من خراب التتار"، غير أن تقارير وصلت إليه تفيد أن الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وعددا من أمراء المماليك البحرية من فرقة الصالحية، وهم المنتسبون إلى السلطان الصالح أيوب، "متنكرون له، ومتغيّرون عليه"، ما دفعه إلى العدول عن حملته ومباشرة العودة إلى مصر. ويضيف ابن شداد: "فصرف وجهه إلى ناحية الديار المصرية، وهو أيضًا مُضمر لهم الشر، وربّما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يُلمح إلى حالة من التوتر المتبادل وسيناريو أزمة سياسية وعسكرية وشيكة. ويختم ابن شداد قوله: "فبلغ ذلك الأمير ركن الدين البندقداري، فخرجوا من دمشق، وكل واحد منهما محترز من صاحبه"، في إشارة واضحة إلى انعدام الثقة بين الطرفين وتوجس كل منهما من الآخر. تُسلّط رواية المؤرخ عز الدين بن شداد الضوء على بُعد بالغ الأهمية في المشهد السياسي والعسكري لما بعد معركة عين جالوت، إذ تكشف خفايا العلاقة المتوترة بين السلطان قطز وبعض الأمراء المماليك، سواء من فئة البحرية الصالحية أو حتى من زملاء السلطان من المماليك "المعزية" الذين انتموا مثله إلى خدمة السلطان السابق المعز أيبك وانتسبوا إليه. وتدلّ تفاصيل الرواية على أن حادثة اغتيال قطز فيما بعد لم تكن مجرد فعل مفاجئ أو نتيجة نزاع عابر في اللحظة التي قُتل فيها في مدينة القُصير القريبة من الصالحية شمال شرقي مصر، بل كانت ثمرة لتراكم من التوجس والاحتكاك السياسي، وربما حتى لمخطط مسبق بين بعض الأمراء النافذين. وكما يقول ابن شداد، فإن قطز نفسه كان "مضمرًا لهم الشر، وربما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يشير إلى شعوره المبكر بالخطر الكامن في دوائر الحكم حوله. مقتل قطز في نظر مؤرخي عصره تعددت الروايات التاريخية حول الدوافع الكامنة وراء مقتل السلطان سيف الدين قطز على يد الأمير بيبرس وعدد من الأمراء المماليك الصالحية، ممن خدموا في عهد السلطان الصالح أيوب. وتتنوع هذه الروايات بحسب المنظور الذي ينطلق منه كل مؤرخ. ومن أبرز هذه التفسيرات ما يورده المؤرخ ابن أيبك الدواداري، الذي يُعَد من مؤرخي العصر المملوكي المقربين من دوائر الحكم، وله كتاب جامع وموسوعي هو "كنز الدرر وجامع الغُرر"، حيث يُرجع الأمر إلى مشهد مشين وقع أثناء معركة عين جالوت، حين فرَّ بعض المماليك البحرية الصالحية المقرّبين من بيبرس من ساحة القتال في مواجهة المغول، وهو ما أثار غضب السلطان قطز بعد النصر، فواجههم بعنف، يقول الدواداري: "فوبّخهم، وشتمهم، وتوعّدهم". ومنذ تلك اللحظة وبحسب روايته، بدأت ملامح الانقسام والعداوة تظهر علنا، "فأضمروا له السوء، وحصلت الوحشة منذ ذلك اليوم، ولم تزل الأحقاد والضغائن تتراءى في صفحات الوجوه وغمزات العيون، وكل منهم يترقب من صاحبه الفرصة". أما المؤرخ المملوكي الآخر بيبرس الدواداري المنصوري، الذي يُعد من أقرب شهود العصر إلى مجريات الأحداث في كتابيه "التحفة الملوكية في الدولة التركية" و"زُبدة الفكرة في تاريخ الهجرة"، فيرى أن اغتيال السلطان قطز لم يكن نتاج خلاف عابر أو رد فعل متسرع على توبيخ بعد المعركة، كما ذهب إلى ذلك ابن أيبك الدواداري، بل هو نتيجة لصراع طويل ومتجذر تعود أسبابه الأولى إلى عهد السلطان السابق عز الدين أيبك التركماني. فبحسب رواية المنصوري، فإن قطز كان مشاركا أساسيا في مقتل الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، أحد كبار قادة المماليك الصالحية، وهو زعيم كان صاحب نفوذ وكلمة ومنافس على العرش المملوكي، ويدين له بيبرس وبقية الأمراء الصالحية بالمودة والزمالة، الأمر الذي خلّف عداء دفينا في نفوس المماليك البحرية الذين اضطروا إلى الهرب والتشتت إثر تلك الحادثة خوفا على أنفسهم، ليستتب الحكم للسلطان المعز أيبك أستاذ قُطز وسيده. ويورد بيبرس المنصوري هذه الخلفية بقوله: "وذلك أنه (أي قطز بعد عين جالوت) رحل من دمشق عائدًا إلى الديار المصرية، وفي نفوس البحرية منه ومن أستاذه ما فيها لقتلهما الفارس أقطاي، واستبدادهما بالملك، وإلجائهم إلى الهرب والهجاج، والتنقل في الفِجاج، إلى غير ذلك من أنواع الهوان التي قاسوها، والمشقات التي لبسوها". ثم يكشف المنصوري أن التقارب والتصالح بين المعزّية وسيدهم السلطان قُطز، وبين المماليك الصالحية بزعامة بيبرس قُبيل معركة عين جالوت الفاصلة؛ كان مجرد صلح تكتيكي مؤقت، أملاه الموقف العصيب، والعدو المشترك المتمثل في المغول، حيث يقول: "وإنما انحازوا إليه لما تعذّر عليهم المقام بالشام، والتناصر على صيانة الإسلام، لا لأنهم أخلصوا له الولاء، أو رضوا له الاستيلاء". إذن تشير هذه الرواية إلى أن العداء بين قطز والمماليك الصالحية لم يكن طارئًا بل كان ممتدًا منذ سنوات، وقد وجد أولئك الأمراء اللحظة المواتية للثأر في طريق عودة السلطان إلى مصر. ويرجّح المؤرخ الشهير تقي الدين المقريزي في العديد من كتبه وعلى رأسها "السلوك لمعرفة دول الملوك"، أن جذور اغتيال السلطان سيف الدين قطز تعود إلى توتر علاقته بالأمير بيبرس، ويُرجِع السبب المباشر إلى رفض السلطان منح نيابة حلب لبيبرس، قائلاً: "فأضمرها في نفسه، ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً". غير أن هذا التفسير، على وجاهته، لا يعبّر إلا عن جانب من مشهد أكثر تعقيدا وتشابكا، فمقتل قطز لا يمكن قراءته فقط كنتاج لخلاف على منصب، بل يجب فهمه ضمن سياق سياسي ممتد يعود إلى حقبة السلطان المعز أيبك، الذي استهدف المماليك البحرية الصالحية، وقضى على زعيمهم أقطاي، مما أفضى إلى ترسيخ سلطة المماليك المعزية، وعلى رأسهم قطز نفسه، وهكذا تبلورت قطيعة عميقة بين الفريقين، ظلت كامنة حتى وجدت فرصتها للانفجار عند الحدود المصرية، بعد نصر عين جالوت. ظل التوتر قائما بين المماليك المعزية والمماليك البحرية حتى فرض الغزو المغولي الوشيك على مصر لحظة إجبارية للوحدة، إذ اضطر الفريقان إلى الاصطفاف في خندق واحد لمواجهة الخطر الداهم. ويؤكد ذلك ما أورده المؤرخ العيني في "عقد الجمان" حين أشار إلى أن المماليك البحرية الصالحية (هنا كلام ناقص فالجملة غير مكتملة الأركان) للنصرة الإسلام والمسلمين، وليس للصلح معه والولاء له. لكن هذا التحالف المؤقت لم يصمد بعد زوال التهديد الخارجي، فبانتصار المسلمين في عين جالوت اختفى مبرر الوحدة، ليظهر العداء الكامن إلى السطح، ويتوّج في النهاية باغتيال السلطان قطز على يد بيبرس، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية. وفي هذا السياق، يورد المؤرخ ابن أبي الفضائل القبطي المصري في كتابه "النهج السديد والدر الفريد في ما بعد تاريخ ابن العميد" تعليقا دالا يعكس حالة القلق العامة عقب مقتل قطز، حيث قال: "فلحِق الناس خوف عظيم من عودة المماليك البحرية إلى ما كانوا عليه من الفساد"، وهي إشارة نكشف منها أن المماليك الصالحية كان يهمهم في فترات الاضطرابات مصالحهم الخاصة. على أية حال، قُتل قُطز، وأُسقط في يد المماليك المعزية؛ لأنهم لم يستطيعوا عمليا أن يمنعوا اعتلاء بيبرس عرشَ دولة المماليك ويثأروا لمقتل زميلهم "خشداشيهم" السلطان قُطز، ولهذا السبب يروي المؤرخ ابن إياس أنه "لما تم أمر بيبرس في السلطنة، رسم بإحضار المماليك البحرية الذين كانوا منفيين في البلاد"، وهو ما يكشف عن حرص السلطان الجديد على ترسيخ سلطته بإعادة أصدقائه القدامى وأهل الثقة الذين لن يخونوه. وفي موضع آخر، يشير ابن إياس والمقريزي إلى محاولة اغتيال تعرض لها بيبرس من قِبل بعض المماليك المعزية فور عودته إلى القاهرة، ما أدى إلى قتل عدد منهم، وسجن ونفي آخرين. وتؤكد هذه الشهادات التاريخية أن اغتيال السلطان قطز لم يكن فعلا طارئا أو نزوة شخصية من بيبرس، بل جاء في سياق خصومة مستحكمة بين جناحين قويين من المماليك: البحرية الصالحية التي مثّلها بيبرس، والمعزية التي انتمى إليها قطز، وهو ما يجعل مقتل الأخير نتيجة منطقية لصراع طويل بلغ ذروته عقب انتصار عين جالوت. مقتل قطز في نظر المؤرخين المعاصرين والأجانب يرى المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم أن التفسير الأقرب لمقتل قطز هو ما أورده المؤرخ بيبرس الدواداري، الذي يُرجع الحادث إلى صراعات قديمة تعود جذورها إلى حقبة السلطان عز الدين أيبك. فبحسب هذا الطرح، لم يكن قطز مجرد قائد عسكري فحسب، بل كان رأس حربة في تصفية فارس الدين أقطاي، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية، وملاحقة رفاقه من المماليك البحرية، الذين اضطروا بعد ذلك للفرار إلى الشام وقضاء سنوات في المنفى تخللتها معارك واعتقالات وملاحقات، وكان لقطز دور فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ويلفت الدكتور قاسم النظر إلى أن رابطة "الخشداشية" -أي الزمالة في مدرسة المماليك العسكرية- كانت ذات وزن عاطفي وتنظيمي بالغ، بحيث تحوّلت لدى بيبرس ورفاقه إلى دافع انتقام مضاعف؛ ثأرًا لأقطاي، وانتقامًا لما لحق بهم من إذلال في المنافي، ليغدو اغتيال قطز، في هذا السياق، استعادة رمزية وسياسية لكرامتهم ونفوذهم المهدور. ومن اللافت أن المؤرخ الأميركي الإسرائيلي روفين أميتاي في كتابه "المغول والمماليك"، اعتبر اغتيال السلطان قُطز حادثة غامضة، يقول: "ما زالت الملابسات الدقيقة لاغتيال قطز وما تلاه من أحداث غير واضحة تمامًا، لكن النتيجة النهائية كانت إعلان بيبرس سلطانا على مصر". هذا مع اعتراف أميتاي أن هناك أسبابا قديمة أدت إلى تطور هذه العداوة، وقيادة بيبرس بنفسه عملية اغتيال قُطز قرب الصالحية في الشرقية. أما المؤرخ البريطاني روبرت إيروين في كتابه "الشرق الأوسط في العصور الوسطى.. السلطنة المملوكية المبكرة"، فيرى أن اغتيال قُطز لم يكن نتيجة لحادثة مفاجئة، بل كان تتويجًا لصراعات طويلة الأمد بينه وبين الأمير بيبرس، كما يشير إلى أن قُطز رفض تعيين بيبرس حاكمًا لحلب، مما أدى إلى تفاقم التوتر بينهما. وعلى الرغم من أن المصادر المملوكية تنسب عملية الاغتيال إلى بيبرس، فإن إيروين يوضح أن القتلة كانوا مجموعة متنوعة من الأمراء، بعضهم من المماليك المعزية، ويرى أن سبب اشتراك فريق من الأمراء والمماليك المعزّية -وهم زملاء قُطز في هذه المؤامرة- كان انتقاما منهم بسبب عزل قطز لابن سيدهم السلطان الصغير علي بن المعز أيبك من السلطنة واستئثاره بها. ومهما يكن، ورغم تعدد الروايات التاريخية واختلاف التحليلات حول الأسباب التي قادت إلى مقتل السلطان سيف الدين قطز، فإن جوهر شخصيته العسكرية والسياسية يبقى ثابتا في ضوء ما أنجزه في واحدة من أهم لحظات التاريخ الإسلامي والإنساني، فقد قاد قطز جموع المماليك والعرب المتطوعة بقوة وصبر نادرين، ليواجه التهديد المغولي الذي بدا حينها غير قابل للهزيمة، وساهم بانتصاره في عين جالوت ليس فقط في إنقاذ بلاد الإسلام، بل في درء خطر اجتياحٍ محتملٍ كان يهدد الحضارة الغربية ذاتها. لقد أظهر قطز براعة استراتيجية وحسن تدبير منذ اللحظة التي تولى فيها مسؤولية الدولة المملوكية بعد وفاة أستاذه المعز أيبك، مرورًا بفترة الفوضى السياسية في مصر والشام، ويمكننا إلى حد ما، تفهّم الدوافع التي دفعت بيبرس والمماليك الصالحية البحرية بل وبعض المعزية إلى الحقد على قطز، فقد كان الأخير أحد أبرز من ساهموا في قتل زعيمهم فارس الدين أقطاي، كما كان له دورٌ رئيسي في تشتيت صفوفهم بعد ذلك. ومع ذلك، فإن ما يثير التساؤل الجاد هو موقف بعض المماليك المعزّية، زملاء قطز في العسكرية والولاء، الذين شاركوا في اغتياله رغم كونه قائد الانتصار الساحق على المغول، أخطر أعداء الإسلام آنذاك، فكيف يُعقل أن يتحول الحقد الشخصي أو الغيرة السلطانية إلى خيانة للسلطان المظّفر قطز واللحظة التاريخية، وعقب نصرٍ غير مسبوق أنقذ مصر والعالم الإسلامي من الإبادة؟

الطائفية بذور وجذور
الطائفية بذور وجذور

موقع كتابات

timeمنذ 3 أيام

  • سياسة
  • موقع كتابات

الطائفية بذور وجذور

اخطر مرض يصيب الشعوب هي الطائفية والطائفية هي لاصحاب الديانات وسفكت الدماء بسببها وهنالك من ابتدعها وسلاطين غذوها . بالنسبة للطائفية في الاسلام فمن خلال متابعة الدين الاسلامي منذ البعثة والى يومنا هذا وماجرت من احداث بين المسلمين انفسهم وحتى سواء كانوا صحابة او فقهاء تبين لي ان : اول من بذر بذرة الطائفية هي الدولة الاموية على يد معاوية بن ابي سفيان ، نعم كان هنالك خلافات بين الصحابة والامام علي عليه السلام خلال الخلافة الراشدة لكنها لم تصل الى الطائفية، بل في بعض المواقف يلتزم الصحابي براي الامام علي عليه السلام وحتى معركة الجمل التي سفكت فيها الدماء لم تكن هنالك طائفية لدرجة المفاضلة والقتل . اما معاوية فكان يثير هكذا مسائل بل اصدر امرا بان يلاحقوا كل من يتبع الامام علي عليه السلام للقصاص منه اي قتله لذا كان يثير الاسئلة الطائفية هو والمتملقين عنده ايهما افضل الصحابة ام الائمة او من هي افضل زوجات النبي وهكذا ، وهذا الاسلوب الطائفي السيء اصبح سنة سار عليه كل خلفاء بني امية باستثناء الخليفة عمر بن عبد العزيز . وجاءت الدولة العباسية لتتوغل في دماء اتباع اهل البيت عليهم السلام واثارة النقاشات مع من يشكون فيه بانه يتبع الائمة عليهم السلام حتى انتشرت ظاهرة التقية والتورية عند اتباع اهل البيت عليهم السلام لحفظ دمائهم ، وكثيرا ما يعقد الخلفاء العباسيون جلسات مناظرة عن من هو الافضل الصحابة ام الائمة عليهم السلام وعلى ضوء ذلك تثار فتنة الطائفية . وهنا من وجهة نظري ان الفقهاء الاربعة ( ابو حنيفة ومالك بن انس والشافعي وابن حنبل ) كانوا اصحاب مذاهب واراء فقهية وان كانوا على سنة الصحابة الا انهم لم يعملوا ولم يثيروا ولم يؤيدوا الطائفية بل لهم اراء ومواقف تؤيد تراث اهل البيت عليهم السلام . اكمل مسيرة الطائفية الدولة العثمانية من جهة السنة والصفوية من جهة الشيعة فان سلاطينهم مارسوا الطائفية بحق الطائفة الاخرى ، وحقيقة المغول ـ جنكيزخان وملوكه ـ لم يعملوا بالطائفية بالرغم من اعمال القتل التي قاموا بها بل ان بعضهم جعل العلماء محل تقدير لديهم كما حصل لشيخ نصير الدين الطوسي ، هناك من يتهم الشيعة بالتواطوء مع المغول وهذه تهمة باطلة اثبتها كتّابهم وليس كتّاب الشيعة ، ولكن هل استغل الطوسي والعلقمي فترة سقوط الدولة العباسية لنصرة الشيعة الذين ظلموا طوال قرون على يد الامويين والعباسيين ؟ ، نعم استغلوا الوضع لنصرة الشيعة وليس للطعن بالسنة بل حافظوا عليهم في كثير من المواقف التي تعرضوا لها من قبل المغول . هذه التجربة التاريخية اتقنها بعض سلاطين العرب التزاما بسياسة الانكليز الذين اجادوا كثيرا في اثارة النعرة الطائفية حتى تبقى متسلطة على الدول الاسلامية ، بل اصبحت الطائفية منهج للظلمة في تثبيت عروشهم ، وها هي امريكا اليوم ترقص على وتر الطائفية لاثارتها بين ايران ودول الخليج ، بل في العراق كثيرا ما تثار هذه المسالة تحت غطاء الاحتلال الايراني والتدخل الايراني بل واقعا غير ذلك ، وهم يرون باعينهم تدخل كل دول المنطقة بالشان العراقي ارهابيا وقرصنة وتسقيطا فاين هي دموع السيادة ؟

حين يعيد التاريخ نفسه،
حين يعيد التاريخ نفسه،

الغد

timeمنذ 5 أيام

  • سياسة
  • الغد

حين يعيد التاريخ نفسه،

اضافة اعلان بغداد وهي تسقط عسكريًاعلى يد المغول سنة 1258، كانت قد انهارت سياسيا قبل ذلك، فقد عجز آخر الخلفاء العباسيين المستعصم بالله عن فهم حقيقة التهديد الذي يحيط بالدولة، وفشل في بناء تحالف وطني لحماية العاصمة. لم تكن الهزيمة آنذاك وليدة ساعتها، بل كانت خلاصة مسار طويل من التراجع السياسي لنظام فقد أدواته وشرعيته وحضوره الفعلي قبل السقوط بكثير.في اجتماع قمة بغداد الأخير، بدا المشهد وكأن التاريخ يعيد نفسه. لم تكن القمة معنية بتشكيل موقف عربي يرقى الى مستوى تحديات المرحلة، بل بدت كأنها تؤكد غياب هذا الموقف. فعلى وقع أبشع جريمة إبادة جماعية متلفزة في غزة، اكتفت القمة باستعادة بيانات عامة، تردد صدى خطاب لنظام عربي خارج دائرة الفعل السياسي الحقيقي، نظام لا موقع له في معادلات التفاوض أو موازين الفرض. وكأن هذا المشهد امتداد لتاريخ طويل من فقدان الامة العربية لاستقلالها السياسي وقدرتها على تولي شؤونها بيدها!.على مشارف القمة في بغداد، تشهد المنطقة تحولا لصراع القوى الكبرى من صراع تنافس أيديولوجي عسكري، إلى صراع اقتصادي بين اميركا والصين، طريق الحرير والحزام الصيني استبدل التحالف مع الأنظمة بالتحالف مع الشعوب في مشاريع شراكة في البنية التحية للدول، وواشنطن كمن فاجأه السيل تعيد حساب أوراقها. فإن التفوق الصيني جعل من التفوق العسكري الأميركي ليس بذات الفعالية التاريخية، مما رفع أصواتًا في اميركا حول استراتيجية التحالف مع إسرائيل من زاوية أن هذا التحالف أصبح تكلفة باهظة على الخزينة الأميركية التي مولت إدامة إسرائيل مليارات الدولارات. وأمام تبدل طبيعة الصراع بدأت إسرائيل من وجه نظر بعض المراقبين بفقدان أهميتها العسكرية التاريخية، مع أن هذه المكانة ما تزال تجد من يدافع عنها في اللوبي الصهيوني والديني.أمام نظام عربي مكبل بارتباطاته، غير قادر على توظيف ثقله الاقتصادي وموقعه الاستراتيجي، لم تخرج عن قمة بغداد — حتى في بعدها الإنساني المحض — مبادرة تملك القدرة على وقف المذبحة في غزة. هذا العجز لم يكن طارئًا، بل نتيجة متراكمة لانهيار مفهوم التضامن والاتحاد العربي، الذي كانت قد نهضت عليه واليه حركة التحرر في الشرق والعالم العربي عمومًا.المستعصم بالله، آخر خلفاء العباسيين، لم يُهزم فقط لأن المغول امتلكوا القوة، بل لأنه فقد ادوات القرار والاستقلال، وظن ان الشعارات والتحصينات اللفظية كافية لتعويضه عن ضرورة بناء تحالفات سياسية واقتصادية مع محيطه. فسقط ضحية الانفصال التام بين النظام القائم ومجاله السياسي الواقعي والذاتي. انهار وهو يمتلك كل ادوات النجاة، لكنه لم يقو حتى على اللجوء اليها!مفزع أن يُعيد النظام العربي إنتاج النمط ذاته من العجز، حيث تُستدعى شرعية " الوحدة " في صورة رمزية، ممثلة بكفن الجامعة العربية - يرحمها الله- وتواجه التحديات والتحولات ببيانات جوفاء تكرس العجر وتترك طفال غزة يموتون جوعا بالمعنى الحرفي للكلمة، دون قدرة سياسية او إنسانية لوقف المذبجة! الدرس المستفاد في بغداد لا يتعلق بمدينة ولا حتى بالدولة العراقية، بل يتعلق بأمة فقدت أدواتها، وعجزت عن الفعل السياسي والحضاري، وخرجت من حسابات الواقع والتاريخ.الرهان على الخلاص الفردي لدول العالم العربي ليس حلاً، فهذه الدول، المتكسّرة أصلًا، لن يوقف انهيارها التدريجي لا المال ولا الحمايات الغربية، إن لم تتحصّن بمنظومة وحدوية — اقتصادية وسياسية— عقلانية وعملية، فإنها ستواصل السقوط، واحدًا تلو الآخر، حتى تخرج تمامًا من التاريخ ومن أي قدرة على الحضور أو التأثير في مجريات الواقع.دم غزة شاهد على العجز وعلى الوعي ايضا، وها هي إسرائيل رغم بطشها، تمضي نحو الغرق في بحر عنفها، بعد أن تجاوزت كل حدود الفعل اللاإنساني، أما العالم، فعلى مستوى الشعوب، فقد بدأ يتحرك — من أفريقيا إلى أميركا الجنوبية، مرورًا بالشارع الأميركي والأوروبي— مُعلِنًا أن الضمير لا يُمكن مصادرته إلى الأبد.غزة، من تحت ركامها ودمها، ستنهض، وسوف تكون شعلة تُنير طريق مشروع عربي جديد، يعيد للأمة قدرتها على الفعل والوجود الحضاري. من لم يدرك ذلك اليوم ومن لم يلتحق بالركب، فسيغرق خارج الزمن.

سر "الوثيقة الصينية" في البعثة الروسية الأولى!
سر "الوثيقة الصينية" في البعثة الروسية الأولى!

روسيا اليوم

time١٦-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • روسيا اليوم

سر "الوثيقة الصينية" في البعثة الروسية الأولى!

ظهرت وقتها فكرة إرسال بعثة إلى الصين على خلفية التنافس بين الإمبراطوريتين الروسية والبريطانية. حاول المسؤولون في روسيا القيصرية العمل على التصدي للنفوذ البريطاني في هذه المنطقة المجاورة. البعثة الروسية أرسلها الأمير إيفان سيميونوفيتش كوراكين، حاكم إقليم توبولسك الروسي، وكانت مهمتها وصف طرق جديدة إلى الصين، وجمع معلومات عن هذا البلد وما جاورها، وتحديد مصب نهر "أوب" الروسي الذي يمر بكازاخستان ومنغوليا والصين. كلفت هذه البعثة أيضا بتعريف الإمبراطور الصيني بروسيا، وجس النبض لمعرفة إمكانية إقامة المزيد من العلاقات مع الصين. انطلقت البعثة من مدينة "تومسك" الروسية في مايو 1618 وعبرت الوديان والجبال، وبعد مسيرة شاقة استمرت ثلاثة أسابيع وصلت إلى مقر خان المغول، ثم واصلت مسيرتها نحو الصين، وبلغتها أوائل الخريف من نفس العام. كان سور الصين أول معلم بارز لفت انتباه البعثة الروسية. عنه كتب رئيسها في تقريره يقول: "السور مبني من الطوب، وقد أحصينا مئة برج على طول السور الحدودي، لكنهم يقولون إنه لا يوجد عدد إجمالي للأبراج. سألنا الصينيين: لماذا بني هذا السور، ولماذا تبنى عليه الأبراج بكثرة؟ فأجابوا قائلين: بني هذا السور لوجود أرضين، إحداهما صينية والأخرى مغولية، وهناك حدود بينهما، وكثيرا ما توضع الأبراج على السور لأنه حين يصل محاربين ما إلى الحدود، نشعل النيران على تلك الأبراج ليتجمع رجالنا في أماكنهم. أما في الخارج، فالأرض والمدن صينية. ويحد هذا السور خمس بوابات، المنخفضة منها والعالية، ستعبرها على الحصان منحنيا. وعدا هذه البوابات لا توجد على حدود السور بوابات للدولة الصينية "الناس من جميع البلدان يعبرون من هذه البوابة تحديدا". ترك بيتلين أيضا وصفا لعاصمة الصين التي وصلت إليها البعثة الروسية مباشرة، وقال عنها إنها "مدينة واسعة، جميلة، مبنية من الحجر، بيضاء كالثلج، وتقف على أربع زوايا، ويستغرق التجول فيها أربعة أيام. وفي الزوايا أبراج عظيمة وعالية، بيضاء كالثلج، وفي وسط الأسوار أبراج عظيمة وعالية وبيضاء كالثلج، ذات ستائر بالألوان الأحمر والأزرق والأصفر. وعلى الأبراج عند النوافذ مدافع، وعند البوابات مدافع وقذائف مدفعية، وعلى البوابات حراس عددهم حوالي عشرين شخصا...". في بكين، أجرت البعثة الروسية مفاوضات مع كبار المسؤولين، لكن لم يؤذن لها بالدخول على الإمبراطور تشو ييجون وهو من سلالة "مينغ"، والسبب في ذلك يعود إلى نقص الهدايا والرسائل الرسمية. سلمت الحاشية الصينية إلى البعثة الروسية رسالة من الإمبراطور. لم يتمكن رئيسها إيفان بيتلين، ولا السلطات في الإمبراطورية الروسية فيما بعد، من قراءتها وفك رموزها. بقيت هذه الوثيقة من دون ترجمة لعقود، ما أدى إلى ظهور تعبير وقتها في اللغة الروسية عن "الوثيقة الصينية" للدلالة على شيء غير مفهوم. لاحقا تبين أن الرسالة الإمبراطورية الصينية تلك، تتعلق بالسماح للروس بإرسال السفارات إلى الصين ومزاولة النشاطات التجارية. على الرغم من أن البعثة الروسية الأولى إلى الصين لم تخرج بنتائج حاسمة، ولم يبق افرادها في بكين إلا 4 أيام، إلا أنها تمكنت من إنجاز العديد من المهام التي أوكلت إليها. تم رسم خريطة للمنطقة، وأعد تقرير عن الرحلة وُصفت فيه الطرق والأنهار والمناطق المختلفة وأساليب العيش واللباس والنشاطات الاقتصادية. الوصف المفصل الذي خرجت به هذه البعثة الرائدة، وهو يعد الأهم منذ رحلة ماركو بولو، انتشر في دول أوروبا الغربية بعد أن صدرت سبع طبعات له هناك في القرنين السابع عشر والثامن عشر. المصدر: RT أسهم بنشاط في تحويل بلاده من دولة اقطاعية إلى دولة حديثة وحقق حلمه وأصبح في نفس الوقت الشخصية الأولى المتنفذة، إلا أن سياساته أثارت حفيظة الكثيرين فانتهت حياته بحد السيف. دوّنت طفلة من سكان لينينغراد اسمها تانيا آخر ملاحظة في دفتر صغير قائلة: "ماتت أمي في 13 مايو 1942 الساعة 7:30 صباحا.. ماتت عائلة سافيتشيف.. مات الجميع.. لم يتبق سوى تانيا". شهدت المعارك الضارية التي جرت بين القوات السوفيتية واليابانية حول نهر "خالخين غول" بين 11 مايو إلى 31 أغسطس 1939 حادثة بطولية أنقذ خلالها أحد الطيارين قائده في عملية غير مسبوقة. تجاوز عدد سكان دولة واحدة في العالم هي الصين في 29 أبريل 1982 عتبة المليار نسمة، فما هي المؤشرات السابقة؟ وإلى أين يسير التنين الصيني في هذا المجال؟ تقول الأسطورة إن مدينة البندقية بشمال إيطاليا تأسست في الساعة الثانية عشر ظهر يوم 25 مارس عام 421. غارت مياه البحيرة وظهر للعالم "سيل من الجمال الذي لا يوصف".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store