أحدث الأخبار مع #المماليك


الأسبوع
منذ 8 ساعات
- ترفيه
- الأسبوع
أفلام عيد الأضحى 2025.. «الموسم الأقوى ينتظر الجمهور»
أفلام عيد الأضحى 2025 ياسمين الأمير يشارك عدد كبير من النجوم بـ أعمال سينمائية قوية، تتنوع ما بين الكوميدي والأكشن ضمن أفلام عيد الأضحى 2025، التي من المقرر عرضها في السينما في أول أيام العيد. أفلام عيد الأضحى 2025 تستعرض «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص أفلام عيد الأضحى 2025 وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا. فيلم أحمد وأحمد - فيلم أحمد وأحمد، يقدم أحمد فهمي شخصية أحمد، الذي يعود إلى مصر بعد سنوات في الخارج، ويواجه مفاجأة صادمة بإصابة خاله "أحمد" أحمد السقا في حادث غامض. - يشارك في فيلم أحمد وأحمد كل من: جيهان الشماشرجي، طارق لطفي، غادة عبد الرازق، علي صبحي، محمد لطفي، رشدي الشامي، وحاتم صلاح، إلى جانب ظهور خاص لعدد من ضيوف الشرف منهم أوس أوس وإبراهيم حجاج. الفيلم من تأليف أحمد درويش ومحمد عبد الله، وإخراج أحمد نادر جلال. فيلم أسد - فيلم أسد، الفنان محمد رمضان يغوص في التاريخ المصري وتحديدًا فترة حكم المماليك تدور القصة حول تمرد العبيد وبطولاتهم في مواجهة الظلم والطغيان. - يشارك في بطولة فيلم أسد كل من الفنان محمد رمضان، ماجد الكدواني، شريف سلامة، خالد الصاوي، علي قاسم، إسلام مبارك، محمود السراج، وعدد آخر من الفنانين، من تأليف، وإخراج محمد دياب. فيلم المشروع X - فيلم المشروع X، تم تصويره في 5 دول مصر، الفاتيكان، إيطاليا، تركيا، والسلفادور، ويتميز باستخدامه لأحدث تقنيات العرض السينمائي IMAX، 4DX، Dolby Atmos، وScreenX. - يشارك المشروع X كل من كريم عبد العزيز، إياد نصار، ياسمين صبري، أحمد غزي، عصام السقا، إلى جانب عدد كبير من ضيوف الشرف أبرزهم: ماجد الكدواني، كريم محمود عبد العزيز، وهنا الزاهد، والفيلم من تأليف وإخراج بيتر ميمي. فيلم الجواهرجي - فيلم الجواهرجي، تدور أحداثه في إطار كوميدي حول تاجر مجوهرات يقع في العديد من المتاعب والمواقف المحرجة بسبب زوجته. - يشارك في فيلم الجواهرجي كل من الفنان محمد هنيدي، منى زكي، أحمد صلاح السعدني، لبلبة، عارفة عبد الرسول، ريم مصطفى، تارا عماد، تأليف عمر طاهر، إخراج إسلام خيري. فيلم ريستارت - تدور أحداث فيلم ريستارت في إطار كوميدي رومانسي حول شاب يعمل فني هواتف بسيطة ويطمح للزواج، وهي مؤثرة شهيرة على السوشيال ميديا ومع تعذر تحقيق حلمهما بسبب الظروف المادية. - يشارك في فيلم ريستارت كل من تامر حسني، وهنا الزاهد، محمد ثروت، باسم سمرة، عصام السقا، ميمي جمال، وعدد من ضيوف الشرف منهم إلهام شاهين، محمد رجب، شيماء سيف، رانيا منصور، توانا الجوهري، ولاعب الزمالك السابق أحمد حسام ميدو. الفيلم من تأليف أيمن بهجت قمر وإخراج سارة وفيق. فيلم الشاطر - يقدم أمير كرارة فيلم الشاطر، وهي تجربة أكشن كوميدي، وتأليف أحمد الجندي وكريم يوسف، وإخراج أحمد الجندي، ويشارك في بطولته إلى جانب كرارة وهنا الزاهد كل من عادل كرم، مصطفى غريب، وعدد من النجوم. فيلم روكي الغلابة - تدور أحداث فيلم روكي الغلابة حول شخصية بودي جارد، تتولى حماية الفنان محمد ممدوح، ما يخلق العديد من المفارقات والمواقف الكوميدية طوال الأحداث. - الفيلم من بطولة دنيا سمير غانم ومحمد ممدوح، محمد ثروت، بيومي فؤاد، محمد رضوان، إضافة إلى ظهور خاص للفنان أحمد سعد.الفيلم من تأليف كريم يوسف، إخراج أحمد الجندي، ومن إنتاج محمد أحمد السبكي. فيلم درويش - أحداث فيلم درويش، تدور حول شخص محتال يتمتع بشخصية كاريزمية، ولكن يتعرض لمخاطر عديدة ويقع في عدة متاهات ومغامرات، ويخوض رحلة غامضة من خلال مواجهته للعديد من التحديات مع شخصيات، ينطلق في رحلة مثيرة نحو البطولة. - فيلم درويش بطولة كل من عمرو يوسف، دينا الشربيني وتارا عماد، ومصطفى غريب، وخالد كمال، وأحمد عبد الوهاب ومن تأليف وسام صبري وإخراج وليد الحلفاوي.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- سياسة
- الجزيرة
لماذا اغتال بيبرس السلطان قطز في وهج الانتصار؟
كثيرة هي حوادث التاريخ التي اختلف المؤرخون حول أسبابها ونتائجها، وبعضها حتى يومنا هذا غامض في أسبابه ونشأته، وفي تاريخنا الوسيط العديد من هذه الحوادث، وخاصة الاغتيالات السياسية الكبرى مثل مقتل السلطان المظفّر قُطز في نشوة انتصاره على المغول وطردهم من بلاد الشام وتحريرها منهم، وتأسيس عهد جديد ستدخل فيه المنطقة إلى فترة من الاستقلال والأمن والازدهار. وكان من الأغرب أن نَصيره وعضده ومن تصالح معه قُبيل معركة عين جالوت وهو الأمير سيف الدين بيبرس البندقداري سيكون قاتلَه، بل وسيصبحُ السلطان الجديد لدولة المماليك، وهو الذي وصفه المؤرخون بالمؤسس الثاني لهذه السلطنة الممتدة من وسط الأناضول وجنوبها إلى بلاد الشام والحجاز ومصر وحتى حدود النوبة. ولهذه الحادثة قصة لا بد من الوقوف عندها وتأمل أسبابها، وآراء المؤرخين فيها، فإذا كان العديد منهم -قديما وحديثا- يعتبرون أسبابها غامضة وغير مفهومة، فإن آخرين استذكروا حوادث التاريخ، وتتبعوا العلاقة بين الرجلين القاتل والمقتول من قديم، وقدّموا بعض الإجابات المهمة في هذا المضمار. من عين جالوت إلى الاغتيال في أعقاب الانتصار الحاسم في معركة عين جالوت، التي وقعت يوم 25 رمضان 658هـ/ سبتمبر 1260م، وتمكّنت فيها القوات المملوكية بقيادة السلطان قُطز من كسر الزحف المغولي والتقدم نحو قلب بلاد الشام، سارع السلطان إلى استثمار هذا التفوق العسكري وتوجه مباشرة إلى دمشق. وكان لاستقباله في المدينة وقعٌ خاصٌّ لدى سكانها، الذين تنفّسوا الصعداء بعد 7 أشهر من الاحتلال المغولي القاسي، والذي وجدوا فيه من الذل والمهانة ما نقلته مصادر تلك الحقبة. وقد أمضى السلطان قُطز في دمشق قرابة أسبوعين، في مهمة هدفت إلى إعادة النظام وترميم الجهاز الإداري الذي انهار تحت وطأة الاحتلال المغولي، وقد وصف المؤرخ بدر الدين العيني في كتابه "عِقد الجُمان" ما قام به قُطز من إصلاحات بالقول: "فنظر في أحوال البلاد، وحسم مواد الفساد، وحدّد إقطاع الإقطاعات بمناشيره"، وهي إشارة إلى تعميماته الرسمية التي أعادت تنظيم الحقوق الإقطاعية والسلطة المحلية في سوريا. وبعد استقرار الأوضاع في بلاد الشام على المستويات الأمنية والعسكرية والإدارية، وبعد غياب دام قرابة شهرين عن القاهرة، اتخذ السلطان المظفر قُطز قراره بالعودة إلى مصر، دون أن يستكمل حملته شمالاً نحو حلب، المدينة الكبرى ذات الأهمية الاستراتيجية. وقد أثار هذا التراجع المفاجئ تساؤلات عدد من المؤرخين، من أبرزهم القاضي والمؤرخ عز الدين بن شداد (ت 684هـ) الذي علّق على القرار في سياق تأريخه لوقائع حكم السلطان بيبرس. ينقل ابن شداد في سرده ما يفيد أن قُطز كان في نيته التوجّه إلى حلب "ليكشف أحوالها، ويُزيح أعدارها من خراب التتار"، غير أن تقارير وصلت إليه تفيد أن الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وعددا من أمراء المماليك البحرية من فرقة الصالحية، وهم المنتسبون إلى السلطان الصالح أيوب، "متنكرون له، ومتغيّرون عليه"، ما دفعه إلى العدول عن حملته ومباشرة العودة إلى مصر. ويضيف ابن شداد: "فصرف وجهه إلى ناحية الديار المصرية، وهو أيضًا مُضمر لهم الشر، وربّما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يُلمح إلى حالة من التوتر المتبادل وسيناريو أزمة سياسية وعسكرية وشيكة. ويختم ابن شداد قوله: "فبلغ ذلك الأمير ركن الدين البندقداري، فخرجوا من دمشق، وكل واحد منهما محترز من صاحبه"، في إشارة واضحة إلى انعدام الثقة بين الطرفين وتوجس كل منهما من الآخر. تُسلّط رواية المؤرخ عز الدين بن شداد الضوء على بُعد بالغ الأهمية في المشهد السياسي والعسكري لما بعد معركة عين جالوت، إذ تكشف خفايا العلاقة المتوترة بين السلطان قطز وبعض الأمراء المماليك، سواء من فئة البحرية الصالحية أو حتى من زملاء السلطان من المماليك "المعزية" الذين انتموا مثله إلى خدمة السلطان السابق المعز أيبك وانتسبوا إليه. وتدلّ تفاصيل الرواية على أن حادثة اغتيال قطز فيما بعد لم تكن مجرد فعل مفاجئ أو نتيجة نزاع عابر في اللحظة التي قُتل فيها في مدينة القُصير القريبة من الصالحية شمال شرقي مصر، بل كانت ثمرة لتراكم من التوجس والاحتكاك السياسي، وربما حتى لمخطط مسبق بين بعض الأمراء النافذين. وكما يقول ابن شداد، فإن قطز نفسه كان "مضمرًا لهم الشر، وربما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يشير إلى شعوره المبكر بالخطر الكامن في دوائر الحكم حوله. مقتل قطز في نظر مؤرخي عصره تعددت الروايات التاريخية حول الدوافع الكامنة وراء مقتل السلطان سيف الدين قطز على يد الأمير بيبرس وعدد من الأمراء المماليك الصالحية، ممن خدموا في عهد السلطان الصالح أيوب. وتتنوع هذه الروايات بحسب المنظور الذي ينطلق منه كل مؤرخ. ومن أبرز هذه التفسيرات ما يورده المؤرخ ابن أيبك الدواداري، الذي يُعَد من مؤرخي العصر المملوكي المقربين من دوائر الحكم، وله كتاب جامع وموسوعي هو "كنز الدرر وجامع الغُرر"، حيث يُرجع الأمر إلى مشهد مشين وقع أثناء معركة عين جالوت، حين فرَّ بعض المماليك البحرية الصالحية المقرّبين من بيبرس من ساحة القتال في مواجهة المغول، وهو ما أثار غضب السلطان قطز بعد النصر، فواجههم بعنف، يقول الدواداري: "فوبّخهم، وشتمهم، وتوعّدهم". ومنذ تلك اللحظة وبحسب روايته، بدأت ملامح الانقسام والعداوة تظهر علنا، "فأضمروا له السوء، وحصلت الوحشة منذ ذلك اليوم، ولم تزل الأحقاد والضغائن تتراءى في صفحات الوجوه وغمزات العيون، وكل منهم يترقب من صاحبه الفرصة". أما المؤرخ المملوكي الآخر بيبرس الدواداري المنصوري، الذي يُعد من أقرب شهود العصر إلى مجريات الأحداث في كتابيه "التحفة الملوكية في الدولة التركية" و"زُبدة الفكرة في تاريخ الهجرة"، فيرى أن اغتيال السلطان قطز لم يكن نتاج خلاف عابر أو رد فعل متسرع على توبيخ بعد المعركة، كما ذهب إلى ذلك ابن أيبك الدواداري، بل هو نتيجة لصراع طويل ومتجذر تعود أسبابه الأولى إلى عهد السلطان السابق عز الدين أيبك التركماني. فبحسب رواية المنصوري، فإن قطز كان مشاركا أساسيا في مقتل الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، أحد كبار قادة المماليك الصالحية، وهو زعيم كان صاحب نفوذ وكلمة ومنافس على العرش المملوكي، ويدين له بيبرس وبقية الأمراء الصالحية بالمودة والزمالة، الأمر الذي خلّف عداء دفينا في نفوس المماليك البحرية الذين اضطروا إلى الهرب والتشتت إثر تلك الحادثة خوفا على أنفسهم، ليستتب الحكم للسلطان المعز أيبك أستاذ قُطز وسيده. ويورد بيبرس المنصوري هذه الخلفية بقوله: "وذلك أنه (أي قطز بعد عين جالوت) رحل من دمشق عائدًا إلى الديار المصرية، وفي نفوس البحرية منه ومن أستاذه ما فيها لقتلهما الفارس أقطاي، واستبدادهما بالملك، وإلجائهم إلى الهرب والهجاج، والتنقل في الفِجاج، إلى غير ذلك من أنواع الهوان التي قاسوها، والمشقات التي لبسوها". ثم يكشف المنصوري أن التقارب والتصالح بين المعزّية وسيدهم السلطان قُطز، وبين المماليك الصالحية بزعامة بيبرس قُبيل معركة عين جالوت الفاصلة؛ كان مجرد صلح تكتيكي مؤقت، أملاه الموقف العصيب، والعدو المشترك المتمثل في المغول، حيث يقول: "وإنما انحازوا إليه لما تعذّر عليهم المقام بالشام، والتناصر على صيانة الإسلام، لا لأنهم أخلصوا له الولاء، أو رضوا له الاستيلاء". إذن تشير هذه الرواية إلى أن العداء بين قطز والمماليك الصالحية لم يكن طارئًا بل كان ممتدًا منذ سنوات، وقد وجد أولئك الأمراء اللحظة المواتية للثأر في طريق عودة السلطان إلى مصر. ويرجّح المؤرخ الشهير تقي الدين المقريزي في العديد من كتبه وعلى رأسها "السلوك لمعرفة دول الملوك"، أن جذور اغتيال السلطان سيف الدين قطز تعود إلى توتر علاقته بالأمير بيبرس، ويُرجِع السبب المباشر إلى رفض السلطان منح نيابة حلب لبيبرس، قائلاً: "فأضمرها في نفسه، ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً". غير أن هذا التفسير، على وجاهته، لا يعبّر إلا عن جانب من مشهد أكثر تعقيدا وتشابكا، فمقتل قطز لا يمكن قراءته فقط كنتاج لخلاف على منصب، بل يجب فهمه ضمن سياق سياسي ممتد يعود إلى حقبة السلطان المعز أيبك، الذي استهدف المماليك البحرية الصالحية، وقضى على زعيمهم أقطاي، مما أفضى إلى ترسيخ سلطة المماليك المعزية، وعلى رأسهم قطز نفسه، وهكذا تبلورت قطيعة عميقة بين الفريقين، ظلت كامنة حتى وجدت فرصتها للانفجار عند الحدود المصرية، بعد نصر عين جالوت. ظل التوتر قائما بين المماليك المعزية والمماليك البحرية حتى فرض الغزو المغولي الوشيك على مصر لحظة إجبارية للوحدة، إذ اضطر الفريقان إلى الاصطفاف في خندق واحد لمواجهة الخطر الداهم. لكن هذا التحالف المؤقت لم يصمد بعد زوال التهديد الخارجي، فبانتصار المسلمين في عين جالوت اختفى مبرر الوحدة، ليظهر العداء الكامن إلى السطح، ويتوّج في النهاية باغتيال السلطان قطز على يد بيبرس، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية. وفي هذا السياق، يورد المؤرخ ابن أبي الفضائل القبطي المصري في كتابه "النهج السديد والدر الفريد في ما بعد تاريخ ابن العميد" تعليقا دالا يعكس حالة القلق العامة عقب مقتل قطز، حيث قال: "فلحِق الناس خوف عظيم من عودة المماليك البحرية إلى ما كانوا عليه من الفساد"، وهي إشارة نكشف منها أن المماليك الصالحية كان يهمهم في فترات الاضطرابات مصالحهم الخاصة. على أية حال، قُتل قُطز، وأُسقط في يد المماليك المعزية؛ لأنهم لم يستطيعوا عمليا أن يمنعوا اعتلاء بيبرس عرشَ دولة المماليك ويثأروا لمقتل زميلهم "خشداشيهم" السلطان قُطز، ولهذا السبب يروي المؤرخ ابن إياس أنه "لما تم أمر بيبرس في السلطنة، رسم بإحضار المماليك البحرية الذين كانوا منفيين في البلاد"، وهو ما يكشف عن حرص السلطان الجديد على ترسيخ سلطته بإعادة أصدقائه القدامى وأهل الثقة الذين لن يخونوه. وفي موضع آخر، يشير ابن إياس والمقريزي إلى محاولة اغتيال تعرض لها بيبرس من قِبل بعض المماليك المعزية فور عودته إلى القاهرة، ما أدى إلى قتل عدد منهم، وسجن ونفي آخرين. وتؤكد هذه الشهادات التاريخية أن اغتيال السلطان قطز لم يكن فعلا طارئا أو نزوة شخصية من بيبرس، بل جاء في سياق خصومة مستحكمة بين جناحين قويين من المماليك: البحرية الصالحية التي مثّلها بيبرس، والمعزية التي انتمى إليها قطز، وهو ما يجعل مقتل الأخير نتيجة منطقية لصراع طويل بلغ ذروته عقب انتصار عين جالوت. مقتل قطز في نظر المؤرخين المعاصرين والأجانب يرى المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم أن التفسير الأقرب لمقتل قطز هو ما أورده المؤرخ بيبرس الدواداري، الذي يُرجع الحادث إلى صراعات قديمة تعود جذورها إلى حقبة السلطان عز الدين أيبك. فبحسب هذا الطرح، لم يكن قطز مجرد قائد عسكري فحسب، بل كان رأس حربة في تصفية فارس الدين أقطاي، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية، وملاحقة رفاقه من المماليك البحرية، الذين اضطروا بعد ذلك للفرار إلى الشام وقضاء سنوات في المنفى تخللتها معارك واعتقالات وملاحقات، وكان لقطز دور فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ويلفت الدكتور قاسم النظر إلى أن رابطة "الخشداشية" -أي الزمالة في مدرسة المماليك العسكرية- كانت ذات وزن عاطفي وتنظيمي بالغ، بحيث تحوّلت لدى بيبرس ورفاقه إلى دافع انتقام مضاعف؛ ثأرًا لأقطاي، وانتقامًا لما لحق بهم من إذلال في المنافي، ليغدو اغتيال قطز، في هذا السياق، استعادة رمزية وسياسية لكرامتهم ونفوذهم المهدور. ومن اللافت أن المؤرخ الأميركي الإسرائيلي روفين أميتاي في كتابه "المغول والمماليك"، اعتبر اغتيال السلطان قُطز حادثة غامضة، يقول: "ما زالت الملابسات الدقيقة لاغتيال قطز وما تلاه من أحداث غير واضحة تمامًا، لكن النتيجة النهائية كانت إعلان بيبرس سلطانا على مصر". هذا مع اعتراف أميتاي أن هناك أسبابا قديمة أدت إلى تطور هذه العداوة، وقيادة بيبرس بنفسه عملية اغتيال قُطز قرب الصالحية في الشرقية. أما المؤرخ البريطاني روبرت إيروين في كتابه "الشرق الأوسط في العصور الوسطى.. السلطنة المملوكية المبكرة"، فيرى أن اغتيال قُطز لم يكن نتيجة لحادثة مفاجئة، بل كان تتويجًا لصراعات طويلة الأمد بينه وبين الأمير بيبرس، كما يشير إلى أن قُطز رفض تعيين بيبرس حاكمًا لحلب، مما أدى إلى تفاقم التوتر بينهما. وعلى الرغم من أن المصادر المملوكية تنسب عملية الاغتيال إلى بيبرس، فإن إيروين يوضح أن القتلة كانوا مجموعة متنوعة من الأمراء، بعضهم من المماليك المعزية، ويرى أن سبب اشتراك فريق من الأمراء والمماليك المعزّية -وهم زملاء قُطز في هذه المؤامرة- كان انتقاما منهم بسبب عزل قطز لابن سيدهم السلطان الصغير علي بن المعز أيبك من السلطنة واستئثاره بها. ومهما يكن، ورغم تعدد الروايات التاريخية واختلاف التحليلات حول الأسباب التي قادت إلى مقتل السلطان سيف الدين قطز، فإن جوهر شخصيته العسكرية والسياسية يبقى ثابتا في ضوء ما أنجزه في واحدة من أهم لحظات التاريخ الإسلامي والإنساني، فقد قاد قطز جموع المماليك والعرب المتطوعة بقوة وصبر نادرين، ليواجه التهديد المغولي الذي بدا حينها غير قابل للهزيمة، وساهم بانتصاره في عين جالوت ليس فقط في إنقاذ بلاد الإسلام، بل في درء خطر اجتياحٍ محتملٍ كان يهدد الحضارة الغربية ذاتها. لقد أظهر قطز براعة استراتيجية وحسن تدبير منذ اللحظة التي تولى فيها مسؤولية الدولة المملوكية بعد وفاة أستاذه المعز أيبك، مرورًا بفترة الفوضى السياسية في مصر والشام، ويمكننا إلى حد ما، تفهّم الدوافع التي دفعت بيبرس والمماليك الصالحية البحرية بل وبعض المعزية إلى الحقد على قطز، فقد كان الأخير أحد أبرز من ساهموا في قتل زعيمهم فارس الدين أقطاي، كما كان له دورٌ رئيسي في تشتيت صفوفهم بعد ذلك. ومع ذلك، فإن ما يثير التساؤل الجاد هو موقف بعض المماليك المعزّية، زملاء قطز في العسكرية والولاء، الذين شاركوا في اغتياله رغم كونه قائد الانتصار الساحق على المغول، أخطر أعداء الإسلام آنذاك، فكيف يُعقل أن يتحول الحقد الشخصي أو الغيرة السلطانية إلى خيانة للسلطان المظّفر قطز واللحظة التاريخية، وعقب نصرٍ غير مسبوق أنقذ مصر والعالم الإسلامي من الإبادة؟


اليوم السابع
منذ يوم واحد
- ترفيه
- اليوم السابع
محمد رمضان يروج لفيلم أسد بصورة جديدة
نشر النجم صورة جديدة من فيلمه الجديد "أسد" المقرر طرحه في السينمات خلال الفترة المقبلة، وهو من إخراج محمد دياب، وهو أول تعاون بينهما، حيث أوضحت الصورة أن الفيلم سيحمل مفاجآت من حيث القصة والسيناريو ومشاهد الأكشن، وعلق رمضان على الصورة قائلاً: من أراد استطاع.. فيلم (أسد) قريبًا بإذن الله. محمد رمضان وكان قد توقف تصوير الفيلم لانشغال بطل العمل وباقى أبطاله بعدة مشاريع سينمائية ودرامية خلال شهر رمضان الماضى، ويعود للتصوير خلال أيام في الديكور الأساسى للعمل في مدينة الإنتاج الإعلامى. محمد رمضان يقدم خلال أحداث فيلم أسد السينما التاريخية، حيث تدور أحداثه عام 1280 ميلادية خلال حقبة المماليك، وفترة ثورة العبيد التي يقودها محمد رمضان خلال الأحداث، وقال رمضان عن هذا الفيلم إنه تم التحضير له خلال في 3 سنين، وبسببه لم يقدم مسلسلات جديدة بسبب حاجة الفيلم إلى التفرغ التام لصعوبته والفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث. فيلم أسد من تأليف محمد وشيرين دياب وإخراج محمد دياب، وبطولة محمد رمضان، ماجد الكدواني، أحمد مالك، على قاسم، رزان جمال كامل الباشا، أحمد عبد الحميد بجانب عدد من الفنانين السودانين، ويعد الفيلم ثاني تجارب محمد رمضان بالأعمال السينمائية التاريخية بعد تقديمه بطولة فيلم الكنز بجزأيه الأول والثاني من إخراج شريف عرفة.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- سياسة
- الجزيرة
من أسرار التاريخ.. لماذا اغتال بيبرس السلطان قُطز؟
كثيرة هي حوادث التاريخ التي اختلف المؤرخون حول أسبابها ونتائجها، وبعضها حتى يومنا هذا غامض في أسبابه ونشأته، وفي تاريخنا الوسيط العديد من هذه الحوادث، وخاصة الاغتيالات السياسية الكبرى مثل مقتل السلطان المظفّر قُطز في نشوة انتصاره على المغول وطردهم من بلاد الشام وتحريرها منهم، وتأسيس عهد جديد ستدخل فيه المنطقة إلى فترة من الاستقلال والأمن والازدهار. وكان من الأغرب أن نَصيره وعضده ومن تصالح معه قُبيل معركة عين جالوت وهو الأمير سيف الدين بيبرس البندقداري سيكون قاتلَه، بل وسيصبحُ السلطان الجديد لدولة المماليك، وهو الذي وصفه المؤرخون بالمؤسس الثاني لهذه السلطنة الممتدة من وسط الأناضول وجنوبها إلى بلاد الشام والحجاز ومصر وحتى حدود النوبة. ولهذه الحادثة قصة لا بد من الوقوف عندها وتأمل أسبابها، وآراء المؤرخين فيها، فإذا كان العديد منهم -قديما وحديثا- يعتبرون أسبابها غامضة وغير مفهومة، فإن آخرين استذكروا حوادث التاريخ، وتتبعوا العلاقة بين الرجلين القاتل والمقتول من قديم، وقدّموا بعض الإجابات المهمة في هذا المضمار. من عين جالوت إلى الاغتيال في أعقاب الانتصار الحاسم في معركة عين جالوت، التي وقعت يوم 25 رمضان 658هـ/ سبتمبر 1260م، وتمكّنت فيها القوات المملوكية بقيادة السلطان قُطز من كسر الزحف المغولي والتقدم نحو قلب بلاد الشام، سارع السلطان إلى استثمار هذا التفوق العسكري وتوجه مباشرة إلى دمشق. وكان لاستقباله في المدينة وقعٌ خاصٌّ لدى سكانها، الذين تنفّسوا الصعداء بعد 7 أشهر من الاحتلال المغولي القاسي، والذي وجدوا فيه من الذل والمهانة ما نقلته مصادر تلك الحقبة. وقد أمضى السلطان قُطز في دمشق قرابة أسبوعين، في مهمة هدفت إلى إعادة النظام وترميم الجهاز الإداري الذي انهار تحت وطأة الاحتلال المغولي، وقد وصف المؤرخ بدر الدين العيني في كتابه "عِقد الجُمان" ما قام به قُطز من إصلاحات بالقول: "فنظر في أحوال البلاد، وحسم مواد الفساد، وحدّد إقطاع الإقطاعات بمناشيره"، وهي إشارة إلى تعميماته الرسمية التي أعادت تنظيم الحقوق الإقطاعية والسلطة المحلية في سوريا. وبعد استقرار الأوضاع في بلاد الشام على المستويات الأمنية والعسكرية والإدارية، وبعد غياب دام قرابة شهرين عن القاهرة، اتخذ السلطان المظفر قُطز قراره بالعودة إلى مصر، دون أن يستكمل حملته شمالاً نحو حلب، المدينة الكبرى ذات الأهمية الاستراتيجية. وقد أثار هذا التراجع المفاجئ تساؤلات عدد من المؤرخين، من أبرزهم القاضي والمؤرخ عز الدين بن شداد (ت 684هـ) الذي علّق على القرار في سياق تأريخه لوقائع حكم السلطان بيبرس. ينقل ابن شداد في سرده ما يفيد أن قُطز كان في نيته التوجّه إلى حلب "ليكشف أحوالها، ويُزيح أعدارها من خراب التتار"، غير أن تقارير وصلت إليه تفيد أن الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وعددا من أمراء المماليك البحرية من فرقة الصالحية، وهم المنتسبون إلى السلطان الصالح أيوب، "متنكرون له، ومتغيّرون عليه"، ما دفعه إلى العدول عن حملته ومباشرة العودة إلى مصر. ويضيف ابن شداد: "فصرف وجهه إلى ناحية الديار المصرية، وهو أيضًا مُضمر لهم الشر، وربّما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يُلمح إلى حالة من التوتر المتبادل وسيناريو أزمة سياسية وعسكرية وشيكة. ويختم ابن شداد قوله: "فبلغ ذلك الأمير ركن الدين البندقداري، فخرجوا من دمشق، وكل واحد منهما محترز من صاحبه"، في إشارة واضحة إلى انعدام الثقة بين الطرفين وتوجس كل منهما من الآخر. تُسلّط رواية المؤرخ عز الدين بن شداد الضوء على بُعد بالغ الأهمية في المشهد السياسي والعسكري لما بعد معركة عين جالوت، إذ تكشف خفايا العلاقة المتوترة بين السلطان قطز وبعض الأمراء المماليك، سواء من فئة البحرية الصالحية أو حتى من زملاء السلطان من المماليك "المعزية" الذين انتموا مثله إلى خدمة السلطان السابق المعز أيبك وانتسبوا إليه. وتدلّ تفاصيل الرواية على أن حادثة اغتيال قطز فيما بعد لم تكن مجرد فعل مفاجئ أو نتيجة نزاع عابر في اللحظة التي قُتل فيها في مدينة القُصير القريبة من الصالحية شمال شرقي مصر، بل كانت ثمرة لتراكم من التوجس والاحتكاك السياسي، وربما حتى لمخطط مسبق بين بعض الأمراء النافذين. وكما يقول ابن شداد، فإن قطز نفسه كان "مضمرًا لهم الشر، وربما أسرّ ذلك لبعض خواصّه"، ما يشير إلى شعوره المبكر بالخطر الكامن في دوائر الحكم حوله. مقتل قطز في نظر مؤرخي عصره تعددت الروايات التاريخية حول الدوافع الكامنة وراء مقتل السلطان سيف الدين قطز على يد الأمير بيبرس وعدد من الأمراء المماليك الصالحية، ممن خدموا في عهد السلطان الصالح أيوب. وتتنوع هذه الروايات بحسب المنظور الذي ينطلق منه كل مؤرخ. ومن أبرز هذه التفسيرات ما يورده المؤرخ ابن أيبك الدواداري، الذي يُعَد من مؤرخي العصر المملوكي المقربين من دوائر الحكم، وله كتاب جامع وموسوعي هو "كنز الدرر وجامع الغُرر"، حيث يُرجع الأمر إلى مشهد مشين وقع أثناء معركة عين جالوت، حين فرَّ بعض المماليك البحرية الصالحية المقرّبين من بيبرس من ساحة القتال في مواجهة المغول، وهو ما أثار غضب السلطان قطز بعد النصر، فواجههم بعنف، يقول الدواداري: "فوبّخهم، وشتمهم، وتوعّدهم". ومنذ تلك اللحظة وبحسب روايته، بدأت ملامح الانقسام والعداوة تظهر علنا، "فأضمروا له السوء، وحصلت الوحشة منذ ذلك اليوم، ولم تزل الأحقاد والضغائن تتراءى في صفحات الوجوه وغمزات العيون، وكل منهم يترقب من صاحبه الفرصة". أما المؤرخ المملوكي الآخر بيبرس الدواداري المنصوري، الذي يُعد من أقرب شهود العصر إلى مجريات الأحداث في كتابيه "التحفة الملوكية في الدولة التركية" و"زُبدة الفكرة في تاريخ الهجرة"، فيرى أن اغتيال السلطان قطز لم يكن نتاج خلاف عابر أو رد فعل متسرع على توبيخ بعد المعركة، كما ذهب إلى ذلك ابن أيبك الدواداري، بل هو نتيجة لصراع طويل ومتجذر تعود أسبابه الأولى إلى عهد السلطان السابق عز الدين أيبك التركماني. فبحسب رواية المنصوري، فإن قطز كان مشاركا أساسيا في مقتل الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، أحد كبار قادة المماليك الصالحية، وهو زعيم كان صاحب نفوذ وكلمة ومنافس على العرش المملوكي، ويدين له بيبرس وبقية الأمراء الصالحية بالمودة والزمالة، الأمر الذي خلّف عداء دفينا في نفوس المماليك البحرية الذين اضطروا إلى الهرب والتشتت إثر تلك الحادثة خوفا على أنفسهم، ليستتب الحكم للسلطان المعز أيبك أستاذ قُطز وسيده. ويورد بيبرس المنصوري هذه الخلفية بقوله: "وذلك أنه (أي قطز بعد عين جالوت) رحل من دمشق عائدًا إلى الديار المصرية، وفي نفوس البحرية منه ومن أستاذه ما فيها لقتلهما الفارس أقطاي، واستبدادهما بالملك، وإلجائهم إلى الهرب والهجاج، والتنقل في الفِجاج، إلى غير ذلك من أنواع الهوان التي قاسوها، والمشقات التي لبسوها". ثم يكشف المنصوري أن التقارب والتصالح بين المعزّية وسيدهم السلطان قُطز، وبين المماليك الصالحية بزعامة بيبرس قُبيل معركة عين جالوت الفاصلة؛ كان مجرد صلح تكتيكي مؤقت، أملاه الموقف العصيب، والعدو المشترك المتمثل في المغول، حيث يقول: "وإنما انحازوا إليه لما تعذّر عليهم المقام بالشام، والتناصر على صيانة الإسلام، لا لأنهم أخلصوا له الولاء، أو رضوا له الاستيلاء". إذن تشير هذه الرواية إلى أن العداء بين قطز والمماليك الصالحية لم يكن طارئًا بل كان ممتدًا منذ سنوات، وقد وجد أولئك الأمراء اللحظة المواتية للثأر في طريق عودة السلطان إلى مصر. ويرجّح المؤرخ الشهير تقي الدين المقريزي في العديد من كتبه وعلى رأسها "السلوك لمعرفة دول الملوك"، أن جذور اغتيال السلطان سيف الدين قطز تعود إلى توتر علاقته بالأمير بيبرس، ويُرجِع السبب المباشر إلى رفض السلطان منح نيابة حلب لبيبرس، قائلاً: "فأضمرها في نفسه، ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً". غير أن هذا التفسير، على وجاهته، لا يعبّر إلا عن جانب من مشهد أكثر تعقيدا وتشابكا، فمقتل قطز لا يمكن قراءته فقط كنتاج لخلاف على منصب، بل يجب فهمه ضمن سياق سياسي ممتد يعود إلى حقبة السلطان المعز أيبك، الذي استهدف المماليك البحرية الصالحية، وقضى على زعيمهم أقطاي، مما أفضى إلى ترسيخ سلطة المماليك المعزية، وعلى رأسهم قطز نفسه، وهكذا تبلورت قطيعة عميقة بين الفريقين، ظلت كامنة حتى وجدت فرصتها للانفجار عند الحدود المصرية، بعد نصر عين جالوت. ظل التوتر قائما بين المماليك المعزية والمماليك البحرية حتى فرض الغزو المغولي الوشيك على مصر لحظة إجبارية للوحدة، إذ اضطر الفريقان إلى الاصطفاف في خندق واحد لمواجهة الخطر الداهم. ويؤكد ذلك ما أورده المؤرخ العيني في "عقد الجمان" حين أشار إلى أن المماليك البحرية الصالحية (هنا كلام ناقص فالجملة غير مكتملة الأركان) للنصرة الإسلام والمسلمين، وليس للصلح معه والولاء له. لكن هذا التحالف المؤقت لم يصمد بعد زوال التهديد الخارجي، فبانتصار المسلمين في عين جالوت اختفى مبرر الوحدة، ليظهر العداء الكامن إلى السطح، ويتوّج في النهاية باغتيال السلطان قطز على يد بيبرس، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية. وفي هذا السياق، يورد المؤرخ ابن أبي الفضائل القبطي المصري في كتابه "النهج السديد والدر الفريد في ما بعد تاريخ ابن العميد" تعليقا دالا يعكس حالة القلق العامة عقب مقتل قطز، حيث قال: "فلحِق الناس خوف عظيم من عودة المماليك البحرية إلى ما كانوا عليه من الفساد"، وهي إشارة نكشف منها أن المماليك الصالحية كان يهمهم في فترات الاضطرابات مصالحهم الخاصة. على أية حال، قُتل قُطز، وأُسقط في يد المماليك المعزية؛ لأنهم لم يستطيعوا عمليا أن يمنعوا اعتلاء بيبرس عرشَ دولة المماليك ويثأروا لمقتل زميلهم "خشداشيهم" السلطان قُطز، ولهذا السبب يروي المؤرخ ابن إياس أنه "لما تم أمر بيبرس في السلطنة، رسم بإحضار المماليك البحرية الذين كانوا منفيين في البلاد"، وهو ما يكشف عن حرص السلطان الجديد على ترسيخ سلطته بإعادة أصدقائه القدامى وأهل الثقة الذين لن يخونوه. وفي موضع آخر، يشير ابن إياس والمقريزي إلى محاولة اغتيال تعرض لها بيبرس من قِبل بعض المماليك المعزية فور عودته إلى القاهرة، ما أدى إلى قتل عدد منهم، وسجن ونفي آخرين. وتؤكد هذه الشهادات التاريخية أن اغتيال السلطان قطز لم يكن فعلا طارئا أو نزوة شخصية من بيبرس، بل جاء في سياق خصومة مستحكمة بين جناحين قويين من المماليك: البحرية الصالحية التي مثّلها بيبرس، والمعزية التي انتمى إليها قطز، وهو ما يجعل مقتل الأخير نتيجة منطقية لصراع طويل بلغ ذروته عقب انتصار عين جالوت. مقتل قطز في نظر المؤرخين المعاصرين والأجانب يرى المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم أن التفسير الأقرب لمقتل قطز هو ما أورده المؤرخ بيبرس الدواداري، الذي يُرجع الحادث إلى صراعات قديمة تعود جذورها إلى حقبة السلطان عز الدين أيبك. فبحسب هذا الطرح، لم يكن قطز مجرد قائد عسكري فحسب، بل كان رأس حربة في تصفية فارس الدين أقطاي، أحد أبرز قادة المماليك الصالحية، وملاحقة رفاقه من المماليك البحرية، الذين اضطروا بعد ذلك للفرار إلى الشام وقضاء سنوات في المنفى تخللتها معارك واعتقالات وملاحقات، وكان لقطز دور فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ويلفت الدكتور قاسم النظر إلى أن رابطة "الخشداشية" -أي الزمالة في مدرسة المماليك العسكرية- كانت ذات وزن عاطفي وتنظيمي بالغ، بحيث تحوّلت لدى بيبرس ورفاقه إلى دافع انتقام مضاعف؛ ثأرًا لأقطاي، وانتقامًا لما لحق بهم من إذلال في المنافي، ليغدو اغتيال قطز، في هذا السياق، استعادة رمزية وسياسية لكرامتهم ونفوذهم المهدور. ومن اللافت أن المؤرخ الأميركي الإسرائيلي روفين أميتاي في كتابه "المغول والمماليك"، اعتبر اغتيال السلطان قُطز حادثة غامضة، يقول: "ما زالت الملابسات الدقيقة لاغتيال قطز وما تلاه من أحداث غير واضحة تمامًا، لكن النتيجة النهائية كانت إعلان بيبرس سلطانا على مصر". هذا مع اعتراف أميتاي أن هناك أسبابا قديمة أدت إلى تطور هذه العداوة، وقيادة بيبرس بنفسه عملية اغتيال قُطز قرب الصالحية في الشرقية. أما المؤرخ البريطاني روبرت إيروين في كتابه "الشرق الأوسط في العصور الوسطى.. السلطنة المملوكية المبكرة"، فيرى أن اغتيال قُطز لم يكن نتيجة لحادثة مفاجئة، بل كان تتويجًا لصراعات طويلة الأمد بينه وبين الأمير بيبرس، كما يشير إلى أن قُطز رفض تعيين بيبرس حاكمًا لحلب، مما أدى إلى تفاقم التوتر بينهما. وعلى الرغم من أن المصادر المملوكية تنسب عملية الاغتيال إلى بيبرس، فإن إيروين يوضح أن القتلة كانوا مجموعة متنوعة من الأمراء، بعضهم من المماليك المعزية، ويرى أن سبب اشتراك فريق من الأمراء والمماليك المعزّية -وهم زملاء قُطز في هذه المؤامرة- كان انتقاما منهم بسبب عزل قطز لابن سيدهم السلطان الصغير علي بن المعز أيبك من السلطنة واستئثاره بها. ومهما يكن، ورغم تعدد الروايات التاريخية واختلاف التحليلات حول الأسباب التي قادت إلى مقتل السلطان سيف الدين قطز، فإن جوهر شخصيته العسكرية والسياسية يبقى ثابتا في ضوء ما أنجزه في واحدة من أهم لحظات التاريخ الإسلامي والإنساني، فقد قاد قطز جموع المماليك والعرب المتطوعة بقوة وصبر نادرين، ليواجه التهديد المغولي الذي بدا حينها غير قابل للهزيمة، وساهم بانتصاره في عين جالوت ليس فقط في إنقاذ بلاد الإسلام، بل في درء خطر اجتياحٍ محتملٍ كان يهدد الحضارة الغربية ذاتها. لقد أظهر قطز براعة استراتيجية وحسن تدبير منذ اللحظة التي تولى فيها مسؤولية الدولة المملوكية بعد وفاة أستاذه المعز أيبك، مرورًا بفترة الفوضى السياسية في مصر والشام، ويمكننا إلى حد ما، تفهّم الدوافع التي دفعت بيبرس والمماليك الصالحية البحرية بل وبعض المعزية إلى الحقد على قطز، فقد كان الأخير أحد أبرز من ساهموا في قتل زعيمهم فارس الدين أقطاي، كما كان له دورٌ رئيسي في تشتيت صفوفهم بعد ذلك. ومع ذلك، فإن ما يثير التساؤل الجاد هو موقف بعض المماليك المعزّية، زملاء قطز في العسكرية والولاء، الذين شاركوا في اغتياله رغم كونه قائد الانتصار الساحق على المغول، أخطر أعداء الإسلام آنذاك، فكيف يُعقل أن يتحول الحقد الشخصي أو الغيرة السلطانية إلى خيانة للسلطان المظّفر قطز واللحظة التاريخية، وعقب نصرٍ غير مسبوق أنقذ مصر والعالم الإسلامي من الإبادة؟


سائح
منذ 4 أيام
- منوعات
- سائح
ما هي أشهر القلاع في مصر؟
تعتبر القلاع من أبرز المعالم التاريخية التي تجسد فصولًا حافلة من تاريخ مصر العسكري والسياسي، كما تعكس فنون العمارة الحربية والدفاعية عبر العصور المختلفة. ففي قلب المدن المصرية، وعلى أطراف السواحل أو أعلى المرتفعات، تقف القلاع شاهدة على حضارات متعاقبة، من الفراعنة إلى المماليك والعثمانيين، تحمل في جدرانها قصص الحروب والغزوات وأسرار الحكام. في هذا المقال، نستعرض أشهر القلاع في مصر، تلك التي لا تزال تحافظ على هيبتها وجاذبيتها كوجهات سياحية، وتستحق الزيارة لكل من يهتم بالتاريخ أو يبحث عن تجربة ثقافية فريدة. قلعة صلاح الدين الأيوبي: حصن القاهرة الشامخ تُعد قلعة صلاح الدين في القاهرة من أشهر القلاع ليس فقط في مصر بل في الشرق الأوسط كله. تقع هذه القلعة على تلة المقطم، وتطل على قلب العاصمة، وقد شيدها القائد صلاح الدين الأيوبي في القرن الثاني عشر الميلادي بهدف تحصين المدينة ضد الحملات الصليبية. وتُعد القلعة تحفة معمارية عسكرية تجمع بين القوة والجمال، وتضم داخل أسوارها مجموعة من المعالم الهامة مثل جامع محمد علي، ومتحف الشرطة، وقصور مملوكية. وتتيح زيارة القلعة فرصة لرؤية مشهد بانورامي للقاهرة من الأعلى، إلى جانب التعمق في التاريخ الإسلامي والعسكري لمصر. قلعة قايتباي في الإسكندرية: حصن البحر الأبيض المتوسط على شاطئ البحر المتوسط، تقف قلعة قايتباي شامخة في نهاية كورنيش الإسكندرية، على أنقاض منارة الإسكندرية القديمة، أحد عجائب الدنيا السبع. بُنيت القلعة في القرن الخامس عشر بأمر من السلطان الأشرف قايتباي لحماية المدينة من الغزوات البحرية، وخاصة من جهة أوروبا. وتتميز القلعة بموقعها الخلاب وتصميمها الدفاعي المتقن، حيث تضم أبراجًا وأسوارًا قوية وغرفًا للحراسة والتخزين. ويزورها اليوم آلاف السائحين سنويًا، لما تقدمه من إطلالة ساحرة على البحر وتجربة تأملية في تفاصيل العمارة المملوكية البحرية، مما يجعلها من أهم المعالم في الإسكندرية. قلاع سيناء: شاهدة على المعارك والأساطير في شبه جزيرة سيناء، تنتشر مجموعة من القلاع التي لعبت دورًا محوريًا في الدفاع عن الأراضي المصرية على مر العصور، من أبرزها قلعة نخل وقلعة صلاح الدين في جزيرة فرعون بطابا. قلعة نخل، التي تقع في قلب سيناء، بُنيت في العصر المملوكي وكانت محطة هامة للحجاج والتجار، أما قلعة جزيرة فرعون فهي واحدة من أكثر القلاع إثارة من حيث الموقع، إذ تطل على خليج العقبة وتحيط بها المياه من كل جانب. تتميز هذه القلعة بهندستها الدفاعية الفريدة التي صممت لتصمد أمام الغزوات البحرية، كما توفّر للزوار تجربة نادرة تجمع بين التاريخ والمناظر الطبيعية الخلابة. القلاع في مصر ليست مجرد مبانٍ حجرية قديمة، بل هي سجلات حية لتاريخ طويل من الصراعات والانتصارات، ولكل منها طابعها الخاص وأهميتها السياحية والثقافية. سواء في قلب القاهرة أو على سواحل الإسكندرية أو بين جبال سيناء، تمثل هذه القلاع محطات لا بد من زيارتها لكل من يعشق التاريخ، وتقدم لمحة عن عبقرية البناء القديم وذكاء الاستراتيجيات الدفاعية. زيارة هذه القلاع ليست فقط رحلة إلى الماضي، بل أيضًا فرصة لفهم الحاضر من خلال عبق المكان وروح الزمان.