أحدث الأخبار مع #المنظمةالصهيونيةالعالمية


الجزيرة
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
الصندوق القومي اليهودي.. هيئة استيطانية في ثوب جمعية خيرية
هيئة إسرائيلية شبه حكومية، تأسست أثناء المؤتمر الصهيوني الخامس عام 1901، بهدف تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين ، عن طريق حشد التبرعات لامتلاك الأراضي في "أرض إسرائيل"، وجعلها وقفا أبديا خاصا بـ"الأمة اليهودية" في العالم. وشكّل الصندوق نقطة تحول في تاريخ الحركة الصهيونية ، إذ روَّج لمشروع الوطن القومي ودعم إقامته، وجمع الأموال من المجتمعات اليهودية والمؤسسات والحكومات حول العالم، ولعب دورا محوريا في التطهير العرقي والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتوطين المهاجرين اليهود فيها. وقدّم الصندوق الدعم السياسي والمالي واللوجيستي للعصابات الصهيونية في حروبها ومجازرها التي قادت إلى تأسيس إسرائيل عام 1948، وبعد قيامها أرسى الصندوق دعائمها وغذّى استمرار وجودها، وبات -باسم ما يسميه "الشعب اليهودي"- هو القيّم على 93% من الأراضي داخل الخط الأخضر ، وإدارة مواردها بما يعود بالنفع على اليهود دون غيرهم. ويحقق الصندوق القومي اليهودي دخلا سنويا يقارب 3 مليارات دولار، فضلا عن التبرعات الضخمة التي يجمعها عبر مكاتب يملكها في أكثر من 50 دولة، باعتباره مسجلا رسميا "مؤسسة خيرية بيئية". وقد شكل شراكة مع الحكومة الإسرائيلية عبر العديد من القوانين والاتفاقيات المشتركة، وعمل بالتوازي مع هياكلها الرسمية، معززا سياساتها في الفصل العنصري داخل إسرائيل، ودعم وتوسيع المشروع الاستيطاني في القدس الشرقية و الضفة الغربية. النشأة نشأت فكرة تأسيس الصندوق القومي اليهودي أو ما يُسمى بالعبرية "كيرن كايمت ليسرائيل" (كاكال) في أواخر القرن الـ19، وكان أول من دعا إليه عالم الرياضيات الروسي تسفي هرمان شابيرا، عضو حركة أحباء صهيون، حين طالب بإنشاء صندوق تبرعات، بهدف امتلاك الأراضي في فلسطين لتوطين اليهود فيها. وكان شابيرا متحمسا للفكرة، فطرحها منذ العام 1884 في التجمعات والمؤتمرات الصهيونية مرارا، ولم تحظ الفكرة بالتأييد الكافي حتى عام 1901، حين تبنى المؤتمر الصهيوني الخامس في بال بسويسرا قرارا بإنشاء صندوق قومي يهودي، يتولى مهمة شراء أراض في فلسطين و سوريا وشبه جزيرة سيناء ومناطق تركيا الآسيوية. وفي المؤتمر الصهيوني السادس عام 1903، تقرر أن الصندوق القومي اليهودي هو أداة المنظمة الصهيونية العالمية لجمع التبرعات من اليهود حول العالم، وشراء الأراضي في "أرض إسرائيل"، وجعلها ملكية أبدية "للشعب اليهودي"، قابلة للتأجير دون البيع. وفي عام 1907، اتخذت خطوتان حيويتان لتفعيل عمل الصندوق، فقد تم تسجيله رسميا في بريطانيا جمعية خيرية، هدفها تقديم المساعدات للفقراء اليهود، مما فسح مجالا أوسع لجمع التبرعات، وتم فتح مكتب فلسطين بناء على قرار المؤتمر الصهيوني الثامن، وهو الأمر الذي نشّط شراء الأراضي على نطاق أوسع في فلسطين. وبواسطة ما سماها حملات "الصندوق الأزرق"، التي انتشرت في أنحاء العالم، جمع الصندوق القومي اليهودي أموالا ضخمة، وأدى دورا دعائيا مؤثرا، إذ استخدم القائمون عليه صندوقا معدنيا صغيرا أزرق اللون، رُسمت عليه خريطة فلسطين تحت عنوان "أرض إسرائيل". وأصبح ذلك الصندوق رمزا للوطن القومي "للشعب اليهودي"، وتم توزيع ملايين النسخ منه حول العالم، وكان حاضرا في جميع التجمعات اليهودية والصهيونية وفي المنازل اليهودية والمعابد والمدارس. وإلى جانب الصندوق الأزرق، تم الترويج للمشروع عبر استخدام طوابع زرقاء ضمت صورا لحاخامات مؤسسين ورسوما لمزارعين وبنائين يهود وخرائط للمستوطنات الأولى على أرض فلسطين. فضلا عن ذلك، استُخدمت وسائل دعائية أخرى مثل المجلات والملصقات وعروض الفوانيس والأفلام لاحقا، وعبر تلك الوسائل، صُورت فلسطين أرضا قاحلة بلا سكان، إلا من الرعاة البدو، الذين يمرون بالأرض دون أن تربطهم بها صلة. وقد افتُتح المقر الأول للصندوق القومي اليهودي في مدينة فيينا ، ثم نقل لاحقا إلى مدينة كولون الألمانية، وأثناء الحرب العالمية الأولى ، انتقل إلى مدينة هاغ ببولندا، وإضافة إلى المقر الرئيسي، تم افتتاح فروع عديدة، وصلت بحلول العام 1920 إلى 50 فرعا حول العالم. التمهيد لإقامة الوطن القومي أسهم الصندوق القومي اليهودي بشكل مباشر في دعم حركة الاستيطان اليهودية في فلسطين ، فمنذ تأسيسه وحتى قيام إسرائيل عام 1948، دأب على شراء الأراضي واستصلاحها وتهيئتها لإقامة المستوطنات بكافة أنواعها، ثم توطين المهاجرين اليهود فيها وتوظيفهم. وعمدت إدارة الصندوق إلى تهويد الأراضي التي يحوزها، فيمنع من العمل فيها والانتفاع منها غير اليهود بشكل قطعي، وفور استيلاء الصندوق على الأراضي، كان الفلاحون الفلسطينيون يُطردون منها ويُمنعون من العمل فيها. وفي العام 1904، بدأ نشاط الصندوق في فلسطين، فاشترى الأراضي التي أُقيمت عليها مستوطنة بن شيمن على أراضي قرية عرتوف، غربي القدس، واشترى 4 آلاف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) في قرية حطين غربي طبريا، ثم أتبعها بشراء 2.4 ألف دونم في قرية خُلدة جنوب مدينة الرملة ، والتي تم استصلاحها للزراعة. وفي غضون 10 سنوات، مول الصندوق بناء العديد من المستوطنات على أراضي فلسطين، وطور شبكات الري فيها، مثل: مستوطنات دجانيا وكنيرت قرب بحيرة طبريا ، ومرحافيا في مرج بن عامر وبن شيمن وخولدة قرب الرملة وغان شموئيل في السهل الساحلي. ومع ذلك، لم تتقدم حركة الاستحواذ على الأراضي حتى العام 1920 بالسرعة التي ترضي طموح الحركة الصهيونية، وابتداء من العام 1921، كثف الصندوق نشاطه في شراء الأراضي، واحتفظ بملكيتها، وكان سابقا قد نقل ملكية كثير منها إلى يهود بملكية خاصة. وفي عام 1922، نُقل المكتب الرئيسي للصندوق إلى مدينة القدس، وهو ما عزز النشاط الاستيطاني وشراء الأراضي، ومع أوائل الثلاثينيات أسس الصندوق 5 مكاتب احترافية في شراء الأراضي، بغرض الوصول إلى مناطق لم يصل إليها الوجود اليهودي آنذاك، مثل جبال الخليل والجليل الغربي وسهل الحولة و صحراء النقب. وإبان الانتداب البريطاني استحوذ الصندوق على الأراضي بالتحايل تارة، وبدعم سلطات الانتداب تارة أخرى، فضلا عن شراء أراضي الإقطاعيين العرب والمُلاك الغائبين، وكان معظمهم لبنانيين وسوريين. وقد سيطر أولئك الملاك على أكثر من نصف مليون دونم من أراضي فلسطين، وكان من أشهرهم عائلة "سرسق" اللبنانية، التي يُذكر أنها باعت في العقد الأول من القرن الـ20، نحو 400 ألف دونم لليهود، بما فيها أراضيها في مرج بن عامر. التطهير العرقي شارك الصندوق القومي اليهودي بدور أساسي في أحداث النكبة عام 1948، وكان يوسف فايتس، مدير دائرة الاستيطان في الصندوق القومي اليهودي، ضمن هيئة ديفيد بن غوريون الاستشارية، التي كانت تدير هجمات العصابات الصهيونية في تلك الآونة. وقد حمل فايتس لواء التحريض على التطهير العرقي للفلسطينيين بطردهم إلى الدول المجاورة، وتدمير قراهم والاستيلاء عليها، وفي مذكراته اعتبر أن طرد الفلسطينيين، الذي عبر عنه بالنقل، أمر لا مفر منه لقيام إسرائيل، وقال إنه آلية سريعة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، لاستيعاب المهاجرين اليهود. وشارك الصندوق القومي في التطهير العرقي في فلسطين بشكل مباشر، فقد أعد للعصابات الصهيونية ملفات شاملة عن القرى والبلدات الفلسطينية، تضمنت خرائط ومعلومات مفصلة، مثل: مواقع القرى والطرق إليها وطبيعة أراضيها والمياه فيها وتركيبتها الاجتماعية والدينية والاقتصادية وأعمار الرجال ودرجة العداء للمشروع الصهيوني، وخاصة المشاركين في الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، وغيرها من المعلومات التفصيلية. وقد استخدمت العصابات الصهيونية تلك المعلومات أثناء اجتياحها للقرى والبلدات الفلسطينية واستهداف الثوار والمعارضين، وعمل الصندوق على تحديث الملفات باستمرار، مما مكن الجيش الإسرائيلي لاحقا من استخدامها. واستحوذ الصندوق على أراض واسعة في تلك الفترة، وكانت الغالبية العظمى من تلك الأراضي مما استولت عليه العصابات الصهيونية بعد طرد أهلها منها، ومع بلوغ العام 1947 أواخره، كان الصندوق قد وضع يده على نحو 933 ألف دونم. وكانت "لجنة أسماء الأماكن" التابعة للصندوق تهوّد أسماء القرى والبلدات الفلسطينية التي تستولي عليها، واستخدمت أسماء جديدة يهودية، استمر استخدامها بعد إعلان دولة إسرائيل. سرقة الأرض كان للصندوق القومي اليهودي دور أساسي في استيلاء إسرائيل على أراض واسعة عام 1948، وقد استمر في الضغط على الحكومة من أجل طرد سكان القرى وهدم منازلهم لمنعهم من العودة. وفي كتابه "التطهير العرقي في فلسطين"، تحت عنوان "سرقة الأرض"، ذكر المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه أن دائرة الاستيطان في الصندوق القومي اليهودي كانت هي من قررت مصير القرى المدمرة، وقد أخبر رئيس الدائرة يوسف فايتس في يونيو/حزيران 1948 الحكومة الإسرائيلية ببدء عملية التطهير وإزالة الأنقاض وتهيئة القرى للزراعة والاستيطان، وقال إن بعضها سيصبح حدائق عامة. وبعد صدور قرار الأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، الذي ينص على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، أرادت إسرائيل منع تلك العودة، فأنشأت هيئة غير رسمية، تحمل اسم "لجنة الترحيل"، وكانت مكونة من 3 أعضاء، ومن بينهم فايتس. وأصبح الصندوق القومي اليهودي أحد الحلول لمشكلة عودة اللاجئين، فقد تم تسجيله منظمة إسرائيلية مستقلة، وتم بيعه الأراضي التي استولى عليها الجيش الإسرائيلي بالقوة. وفي العام 1953، كان الصندوق يملك ما يقارب 3.4 ملايين دونم، اشترى معظمها من مديرية التطوير الإسرائيلية، وكانت الأراضي معظمها قرى فلسطينية مهجرة، استولت عليها إسرائيل. وفي العام 1953، سن الكنيست "قانون الصندوق القومي اليهودي"، وبموجبه تم الاعتراف به رسميا مالكا للأرض نيابة عن الدولة، ومنح صلاحيات سلطة عامة وامتيازات مالية منها تخفيض الضرائب، مع بقائه مستقلا غير مُدمج في هياكل الدولة الرسمية. وفي العام التالي، حدد الكنيست نطاق عمل الصندوق ضمن المناطق الخاضعة للقوانين والسيادة الإسرائيلية، وهو ما أثر على طبيعة مهام الصندوق، إذ تحول نشاطه بدلا من شراء الأراضي إلى التركيز على استصلاحها وتشجيرها، وتوطين المهاجرين الجدد، وتوفير فرص عمل لهم، وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية، وبناء المستوطنات العسكرية (الناحال). ولحجب آثار التطهير العرقي، وجعل عودة اللاجئين مستحيلة، أخذ الصندوق تحت ستار التطوير البيئي بتحويل مئات القرى المدمرة إلى غابات وحدائق وخزانات مياه، ونفذ مشاريع بيئية ضخمة، غيرت جغرافيا البلاد، بما في ذلك مشروع تجفيف بحيرة الحولة ونقل المياه إلى صحراء النقب لتشجيرها، واستخدام التشجير بين القدس الشرقية والغربية. وفي العام 1961، وقعت الحكومة الإسرائيلية ميثاق تعاون مع الصندوق، بموجبه تولت مديرية أراضي إسرائيل (أو سلطة أراضي إسرائيل لاحقا)، وهي هيئة حكومية رسمية، مهمة إدارة أراضي الصندوق القومي اليهودي. وفي الوقت نفسه حظي الصندوق بتمثيل ما نسبته 50% في مجلس أراضي إسرائيل، وهو الأمر الذي منح الصندوق سلطة إدارة 93% من الأراضي داخل الخط الأخضر (80% مملوكة للدولة، و13% مملوكة للصندوق القومي اليهودي). ومع ذلك، استمر الصندوق في محاولة الاستيلاء على ما تبقى للفلسطينيين من الأراضي، وقد ذكر إيلان بابيه أن الصندوق القومي اليهودي "شن حملة في أوائل ستينيات القرن الـ20، هدفت إلى تجريد الفلسطينيين من مزيد من الأراضي التي كانت ما زالت في حيازتهم في الجليل"، واستخدم الشدة مع القرى الصامدة، وأقام مواقع عسكرية على باب كل قرية منها. الاستيطان في الضفة الغربية على إثر حرب النكسة عام 1967، امتد نشاط الصندوق القومي اليهودي إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية، وعبر التشجير وإنشاء الغابات والحدائق أو إقامة المستوطنات وتوسيعها، استغل الأراضي التي استولى عليها الجيش أثناء الحرب، كما عمل على تشجيع إقامة البؤر الاستيطانية. ويُعتبر نشاط الصندوق في الضفة الغربية مخالفا للقانون الإسرائيلي لعام 1954، والقانون الدولي الذي يعتبر الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية خارج دولة إسرائيل. وقد أفاد تقرير لمنظمة "السلام الآن" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، بأن للصندوق دورب محوريب ومهما في النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية منذ احتلالها، عبر الاستحواذ على الأراضي وتمويل مشاريع المستوطنات بمختلف أنواعها. وجاء في تقرير المنظمة، الذي نُشر في أبريل/نيسان 2020، أن الصندوق زاد من نشاطه الاستيطاني في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، وخصص ملايين الدولارات للمستوطنات، وسمح للمستوطنين بتوسيعها وتطويرها على حساب ممتلكات الفلسطينيين. وقد اشترى الصندوق ما لا يقل عن 65 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية بين العامين 1967 و2020، عبر شركة "هيمانوتا" التابعة له، وأقام العديد من المستوطنات على تلك الأراضي، من بينها مستوطنات إيتمار وألفي منشيه وعيناف وكدوميم وجفعات زئيف وبيت ياتير وعتنئيل. وفي مطلع العام 2021، صادقت إدارة الصندوق على قرار يقضي بشراء أراض فلسطينية بالضفة، بهدف توسيع المشروع الاستيطاني، وخصص الصندوق ميزانية أولية لهذا الغرض، حددها بـ1.2 مليار دولار. وخصص الصندوق نحو مليون دولار بين العامين 2021 و2023 لمشروع دعم المستوطنين الشباب الذين تركوا التعليم، ويقيمون في بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية المحتلة، ويهاجمون الفلسطينيين ويضرون بممتلكاتهم. ويمارس الصندوق بشكل متكرر ضغوطا لهدم منازل وعقارات فلسطينية ويستولي على ممتلكات وأراض أخرى، لا سيما في القدس الشرقية بحجة أنها أملاك غائبين، مع العلم أن بعضها يعود لفلسطينيين يقطنونها منذ عقود. صفقات مشبوهة واستيلاء غير قانوني تعد صفقات شراء الأراضي في الضفة الغربية والقدس الشرقية مشبوهة، وغير شفافة في الغالب، وتتم المعاملات العقارية فيها عادة دون رقابة، وقد ذكر تقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في الأول من فبراير/شباط 2016، أن تحقيقا أجرته وحدة مكافحة الاحتيال الإسرائيلية، كشف أن شركة إسرائيلية زوّرت 14 من أصل 15 عملية استحواذ على أراض فلسطينية في الضفة الغربية. وأنشأ الصندوق القومي اليهودي شركة تحمل اسم "هيمانوتا"، للالتفاف على القيود المؤسسية والقانونية على تقييد أنشطته، وقد استحوذ عبرها على أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لا تقل مساحتها عن 65 ألف دونم، وفق تحريات منظمة السلام الآن. وتشتري هيمانوتا في كثير من الأحيان الأراضي الفلسطينية عبر وسطاء لا يكشفون للمالكين الفلسطينيين أن المستوطنين الإسرائيليين هم المشترون الحقيقيون، وأثبتت التحريات أن بعض الأراضي التي استولت عليها "هيمانوتا" قامت على التزوير والاحتيال والابتزاز، ومن ذلك الاستيلاء على مئات الدونمات في منطقة أريحا بين أواخر العام 2000 ومطلع العام 2003. واستولت هيمانوتا، بشكل غير قانوني على أراض ومنازل في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، ومن ذلك الدعوى القضائية التي رفعتها للمطالبة بأراضٍ في منطقة غوش عتصيون جنوب بيت لحم ، استنادا إلى وثيقة شراء تم إجراؤه قبل عام 1948. وقدم كلا الطرفين إلى المحكمة وثائق ملكية من عهد الانتداب تشير إلى ملكيتهما، وعلى الرغم من أن الوثيقة الخاصة باليهود تنص على أن الأرض مساحتها 74 دونما، فقد كسبت هيمانوتا القضية عام 2012، وحصلت على مساحة بلغت 522 دونما. وادعى الصندوق أنه اشترى أرضا تبلغ مساحتها 1200 دونم في وادي المخرور ببيت جالا عام 1969، وتسكن الأرض عائلة القيسية الفلسطينية، التي تقول إنها اشترت الأرض من المالك نفسه في ذلك العام. وقد استخدمت العائلة الأرض لسنوات، بعد أن بنت عليها منزلا ومطعما، دون أن يشكك أحد في ملكيتها، ومع ذلك، وبسبب ضغوط الصندوق هدمت السلطات الإسرائيلية المنزل والمطعم، وبعد أيام أقام مستوطنون بؤرة استيطانية غير قانونية على بعد 70 مترا من الموقع، وادعوا أنهم استأجروا الأرض من هيمانوتا. وفي القدس الشرقية، وبالتعاون مع منظمة إلعاد (جمعية مدينة داود) الاستيطانية، يهجّر الصندوق الفلسطينيين ويستولي على منازلهم وعقاراتهم في أحياء القدس الشرقية المختلفة، وخاصة وادي حلوة وسلوان، ويوطّن اليهود فيها، ضمن مشروع "مدينة داود"، بحجة أنها ممتلكات ليهود ومنظمات يهودية قبل العام 1948. التهجير القسري في الجليل والنقب يشارك الصندوق في العديد من المشاريع في المناطق داخل الخط الأخضر باسم التنمية، وتهدف في حقيقتها إلى التهجير القسري للمواطنين الفلسطينيين، وإقامة مشاريع سياحية ومستوطنات أو أعمال التشجير والغابات، لا سيما في النقب والجليل. وفي التسعينيات من القرن الـ20، سيطر الصندوق على سهل الحولة، ووطن فيه أكثر من مليون مستوطن روسي وإثيوبي، وعمل كثير منهم في مشاريع الصندوق، التي من ضمنها مشاريع التشجير والغابات. وفي عام 2009، وقّعت الحكومة اتفاقية تبادل مع الصندوق القومي اليهودي، بموجبها سلم الصندوق الحكومة الأراضي التابعة له في مناطق "مأهولة بكثافة" مقابل أراضٍ تقع في مناطق تعتبرها الحكومة "غير مأهولة" في النقب والجليل، إضافة إلى تعويضات مالية تقدمها الحكومة للصندوق "لمواصلة نشاطاته الرامية إلى تحقيق الرؤية الصهيونية" وفق ما جاء في الموقع الرسمي للحكومة الإسرائيلية. وفي المناطق التي اعتبرتها الحكومة "غير مأهولة" في النقب، يجبر الصندوق البدو الفلسطينيين على إخلاء قراهم واستغلالها لأغراض استيطانية وبيئية، ويديرها وفق سياسته في حصر الانتفاع بها على الشعب اليهودي، والحيلولة دون وصول المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل إلى أراضي الدولة للاستخدامات السكنية أو التجارية أو الزراعية ونحوها. وقد شيّد الصندوق غابة السفراء على الأراضي القريبة من قرية العراقيب، التي هُدمت وشرد سكانها أكثر من 100 مرة، وفي عام 2016 قدّم تمويلا لدعم إنشاء غابة وبلدة حيران في موقع قرية أم الحيران بالنقب، بعد إجبار سكانها البدو الفلسطينيين على الإخلاء القسري. ويركز الصندوق على العمل في المناطق الشمالية والجنوبية من البلاد، وتطوير الزراعة والسياحة، وتوطين اليهود فيها، ضمن مشروعي "اذهب شمالا" و"مخطط النقب". وأعلن الصندوق القومي اليهودي عام 2020 عن خطة "إعادة توطين دولة إسرائيل 2040″، التي تهدف إلى ترحيل البدو الفلسطينيين من صحراء النقب، لاستيعاب مليون مستوطن فيها، وإسكان نصف مليون مستوطن في الجليل، وجلب 150 ألف يهودي من الخارج وتوطينهم في الجليل والنقب.


مصر 360
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- مصر 360
الترانسفير…أو هولوكوست الفلسطينيين ٣- اللحظة الخليجية والخذلان العربي !!!
في مقال الأسبوع الماضي، ونحن نفكر كيف يواجه الفلسطينيون والعرب مشروع الترانسفير (التطهير العرقي للفلسطينيين) من أرضهم، قلنا إن احباط هذا المشروع ممكن، بشرط ألا يتعرض الصمود الفلسطيني لأي درجة من درجات الخذلان العربي، وأشرنا إلى أن لهذا الخذلان- الذي نخشاه- سوابق في كل مراحل القضية، وهي سوابق ساهمت بقوة في إجهاض نضال الفلسطينيين، بل وفي إلحاق خسائر فادحة بهذا النضال. لعل أول أشهر الوقائع في تاريخ إضرار العرب أنفسهم بالموقف الفلسطيني هي واقعة قبول الهاشميين سرا لوعد بلفور، في اتفاقية وقعها كل من الأمير فيصل بن الشريف حسين، وحاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية عام ١٩١٩ في باريس، وقبل أعمال مؤتمر فرساي الشهير للصلح بعد الحرب العالمية الأولى. واقعة الخذلان العربي الثانية لنضال الفلسطينيين، كانت في استجابة الملوك والزعماء لطلب بريطانيا إليهم التوسط لتهدئة (أي لإنهاء) الثورة العربية الكبرى ضد تكثيف وتوسع الهجرة والاستيطان اليهوديين، وذلك بتشجيع وتسهيلات من سلطات الانتداب البريطاني، والتي اندلعت عام ١٩٣٨، وتوالت مضاعفاتها طوال عامين تاليين، وذلك أيضا دون ضمانات كافية لتنفيذ تعهدات الكتاب الأبيض لعام ١٩٣٩ المترتب على أحداث تلك الثورة، وخاصة ما يتعلق بالحد من الهجرة اليهودية إلى ٧٥ ألفا فقط كل عام لمدة سنوات، ومنع اليهود من تملك المزيد من الأراضي العربية، إلا في مساحة من أراض الانتداب، لا تزيد عن ٥٪، إذ رغم أن غالبية الزعماء الفلسطينيين رأوا أن هذه التعهدات تُبقي الباب مواربا أمام استمرار تدفق المهاجرين اليهود، وأمام مزيد من استيلاء اليهود على أراضيهم، فإن المسئولين البريطانيين والزعماء العرب لم يستطيعوا الوفاء بهذه التعهدات، لأن الولايات المتحدة كانت قد دخلت على خط القضية الفلسطينية تأييدا للمشروع الصهيوني، وضغطت بشدة لإزالة أو تخفيف القيود على الهجرة اليهودية إلى فلسطين. أما الكارثة الأكبر في تاريخ الخذلان العربي للشعب الفلسطيني، فكانت خلال حرب عام ١٩٤٨ التي دخلتها الدول العربية بهدف معلن، هو منع قيام دولة إسرائيل (التي كان قد أعلن قيامها)، وذلك بعد أن رفض العرب في الأمم المتحدة وفي جامعتهم العربية قرار الجمعية العامة بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، إلا أنه اتضح فيما بعد من الوثائق البريطانية، أن جميع هذه الدول كانت قد اتفقت سرا مع الدول الكبرى، وخاصة بريطانيا على أن لا تتجاوز جيوشها حدود المنطقة المخصصة للدولة العربية في قرار التقسيم الصادر من الأمم المتحدة، وهذا هو ما يفسر المآسي أو المهازل التي وقعت من العرب، وفيما بين العرب وضد العرب بعضهم البعض في ميدان القتال، وقد نشرت تلك الوثائق البريطانية في كتاب العروش والجيوش للأستاذ محمد حسنين هيكل. إذن كان بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل محقا في نصيحته للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بداية فترته الرئاسية الأولى- كما أشرنا في المقال السابق- بألا يهتم بالمواقف والقرارات العلنية للزعماء العرب، لأنهم يحبون ويدمنون الهمس في الظلام بمواقفهم الحقيقية. تأسيسا على ذلك، فمن المحتمل بنسبة كبيرة ألا تكون قرارات قمة القاهرة الأخيرة هي الكلمة النهائية والموقف الأخير من مشروع الترانسفير أو التهجير الجماعي، أو بمعنى أصح التطهير العرقي للفلسطينيين، ليس من غزة فقط، لكن وهذا هو المطلب الأكثر إلحاحا من الضفة الغربية، تنفيذا لما أطلقنا عليه في المقال الأول من هذه السلسلة بحل ترامب النهائي للمسألة الفلسطينية، ولكنه ليس الحل النهائي بالمعني الإيجابي، ولكن بالمعنى السلبي، أسوة بنظرية الحل النهائي النازي للمسألة اليهودية، أي المحرقة أو الهولوكوست، مع استبدال المحرقة بالتطهير العرقي الشامل، أو الإبادة الجماعية، كما يحدث في غزة. نحن نعلم، أن قمة القاهرة رفضت مبدأ ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة بذريعة تسهيل إعادة الإعمار، الذي كان قد اقترحه الرئيس ترامب، وأن هذه القمة قد تبنت الخطة المصرية لإعادة الإعمار، ولإدارة غزة بعد الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار، وأخيرا على شق مسار لإقامة الدولة الفلسطينية، وفقا لمبدأ حل الدولتين، لكننا نعلم أيضا، أن تقارير عديدة منسوبة إلى مصادر عليمة تحدثت عن تحفظات من دولة الإمارات العربية المتحدة على الرفض المطلق الجامع المانع لمبدأ هجرة (أو تهجير) الفلسطينيين طوعا أو كرها، بحيث يبقى باب الهجرة الطوعية مفتوحا، وبالطبع فمع الديناميات والإغراءات وضغوط الاحتلال بالعنف الدموي والقمع والحرمان الاقتصادي، فلن يكون هذا الطوعي محدودا، ولكنه سيصبح بلا حدود، ولن يبقي الأمر مقصورا على غزة، ولكنه سيمتد إلى الضفة لا محالة. أحدث التقارير الواردة من واشنطن على موقع ميدل إيست آي يوم الثلاثاء الماضي، تقول إن الإمارات تضغط هناك من أجل عدم تبني الخطة المصرية. وتأتي أهمية هذه التقارير، مما يسمى باللحظة الخليجية، وهذا مصطلح صكه أستاذ علوم سياسية إماراتي؛ ليؤصل من خلاله ملاحظة انتقال مركز قيادة الأمة العربية من دول الأنهار والثقل السكاني، والأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي (أي مصر وسوريا والعراق) إلى دول النفط والوفرة والاستقرار أي دول الخليج، ومن ثم انتقال عملية صنع القرار، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعلاقات مع إسرائيل إليها، خاصة على خلفية فشل تلك الدول النهرية في مواجهة إسرائيل، و الحصول للشعب الفلسطيني على حقوقه. وأحدث التطورات هي استئناف إسرائيل حرب الإبادة في غزة منذ فجر الاثنين، وإعلانها انتهاء وقف إطلاق النار، وتأييد الرئيس ترامب العلني لاستئناف هذه الحرب، وعودة الوزراء اليمنيين الغاضبين من وقف إطلاق النار السابق إلى حكومة نتنياهو… وهي كلها تطورات تنذر، بأن التالي أسوأ، وربما يبدأ تنفيذ مشروع الترانسفير بأسرع كثيرا مما نتوقع. على أية حال، ربما نكون قد عرفنا المزيد قبل كتابة المقال التالي. اقرأ أيضا : الترانسفير.. أو هولوكوست الفلسطينيين ا- حل ترامب النهائي في الشرق الأوسط اقرأ أيضا: الترانسفير.. أوهولوكوست الفلسطينيين ٢- ماذا يفعل العرب؟


أخبار اليوم الجزائرية
٢١-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- أخبار اليوم الجزائرية
كيف تم تصنيع لحظة وعد بلفور سياسيا
بقلم: إبراهيم نوار حصل اليهود على وعد بإقامة وطن قومي في فلسطين منذ أكثر من 100عام وبدأ تنفيذ الوعد مع تفويض بريطانيا من عصبة الأمم بفرض الانتداب على فلسطين عام 1920 لكن قرنا من الزمان ما يزال يصيح فينا بأن نعيد قراء التاريخ لمحاولة استخلاص العبر. خلال قرن من الزمان أصبح الفلسطينيون غرباء في فلسطين بل إن اسم فلسطين نفسه تجري المحاولة تلو المحاولة لاغتياله. *ثقافة معادية لليهود في أوروبا كانت الثقافة السائدة لدى الأرستقراطية الحاكمة في أوروبا عشية الحرب العالمية الأولى تنظر إلى اليهود بشكل عام نظرة سلبية وتراهم مجتمعا مغلقا شديد السرية وأنهم على الرغم من تناثرهم في بقاع العالم من روسيا إلى الولايات المتحدة يقيمون في ما بينهم صلات قوية ويتآمرون على البلدان التي يعيشون فيها من أجل السيطرة عليها لمصلحتهم. لكن الجاليات اليهودية لم تكن تستنزف قوتها في عداءات مقابل تلك النظرة السلبية وإنما في بناء جسور للتعاون مع أفراد من النخبة الأرستقراطية في مواقع الحكم والسيطرة. ولعبت مجموعة من اليهود المقيمين في بريطانيا دورا حاسما في تأمين مصالح اليهود ليس في بريطانيا فقط ولكن في العالم أجمع. هذه المجموعة ضمت اللورد روتشيلد سليل أغنى أسرة في العالم وهربرت صامويل سليل عائلة من أكبر تجار الذهب والمال في بريطانيا وحاييم وايزمان عالم الكيمياء المهاجر من روسيا والمفكر والصحافي ناحوم سوكولوف المهاجر من بولندا إلى جانب الحاخام (الحكيم) موسى جاستر الروماني الأصل حاخام طائفة اليهود الشرقيين. وكانت نظرية صامويل التي لخصها في مذكرة بعنوان مستقبل فلسطين قدمها للحكومة عام 1915 تقول إن هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى ستجعل أملاكها في آسيا عرضة للتقسيم وسط تنافس شرس بين القوى الأوروبية المنتصرة بعد أن تم فعلا اقتطاع أملاكها الأوروبية في حرب البلقان 1913 وفي شمال افريقيا من قبل. وحذر من أن كل واحدة من القوى الأوروبية ستريد الحصول لنفسها على فلسطين نظرا لمكانتها الدينية والتاريخية والسياسية وأن هذا التنافس الشرس قد يفضي إلى حروب لا نهاية لها. ولتجنب هذا المصير اقترح أن يتم حجز فلسطين لإقامة دولة لليهود فلا تكون لأحد من القوى الأوروبية المتنافسة على أن تخضع مؤقتا للحماية البريطانية حتى تعديل ميزان القوى الداخلي لأن ما يقرب من نصف مليون من السكان العرب لن يقبلوا بحكم 100 ألف من اليهود. وقد تحدث صامويل باستفاضة عن مشروعه لمستقبل فلسطين مع السير إدوارد غراي وزير الخارجية ووجد المشروع تأييدا من رئيس الوزراء ديفيد لويد جورج الذي كان يضع تفكيك الدولة العثمانية على رأس أولوياته السياسية كما كان لا يقبل على الإطلاق فكرة اقتسام فلسطين مع فرنسا. *اتصالات روتشيلد – بلفور بعد احتلال القوات البريطانية بقيادة الجنرال اللنبي لفلسطين واطمئنان الحكومة للوضع هناك طلب رئيس الوزراء من آرثر بلفور وزير الخارجية أن يدرس كيفية تنفيذ فكرة توطين اليهود في فلسطين التي كان قد طرحها أيضا اللورد روتشيلد انطلاقا من أفكار ثيودور هرتزل. وفي عام 1917 طلب بلفور من روتشيلد إعداد الصيغة التي يمكن أن ترضي المنظمة الصهيونية العالمية. وعلى الفور تم تكليف فرع الفيدرالية الصهيونية في بريطانيا برئاسة حاييم وايزمان بإعداد صيغة البيان كما طلب روتشيلد من وايزمان ضرورة التعاون مع هربرت صامويل الذي أصبح وزيرا للداخلية فكان أول وزير يهودي في حكومة بريطانية. ودارت العجلة بسرعة خلال الأسابيع الأولى من عام 1917 لصياغة ما عرف بعد ذلك بـوعد بلفور. وعُقد الاجتماع التأسيسي لخلية العمل في 7 فيفري في منزل حاخام (حكيم) طائفة اليهود الشرقيين موسى جاستر وضم كلا من مارك سايكس (شريك اتفاقية سايكس- بيكو) الذي كان قد تم تعيينه سكرتيرا سياسيا لرئيس الوزراء وحاييم وايزمان وناحوم سوكولوف. وعرض وايزمان صيغة وصفها مارك سايكس بأنها مترهلة وغير صالحة فتم الاتفاق على أن يتولى هو إعادة صياغتها. وانتهى مارك سايكس إلى صياغة الإعلان في فقرة واحدة فقط تم إرسالها إلى مكتب رئيس الوزراء وإلى روتشيلد الذي اعتقد وقتها أن الإعلان سيصدر خلال أيام قليلة لكن ذلك لم يحدث لأن المشروع بأكمله وجد معارضة شديدة من جانب اثنين من قيادات رابطة اليهود البريطانيين المعادية للصهيونية. هما الصحافي لوسين وولف والسياسي أدوين مونتاغو وزير شؤون الهند. وقد عرض مونتاغو مذكرة تستحق أن توصف بأنها وثيقة تاريخية تدفع بأن الصهيونية هي أساس لإشعال العداء للسامية وأن اليهود لا حق لهم في استيطان فلسطين وإقامة دولة لهم هناك. وعارض بشدة مشروع إعلان بلفور. وتسببت معارضته في تأخير موافقة الحكومة على البيان وسط جدل حاد قال مارك سايكس أنه كاد يؤدي إلى دفن المشروع بأكمله في أرشيف التاريخ. *تهديد لندن بباريس ومع تأخر إصدار إعلان بلفور زاد قلق اللورد روتشيلد وراح قادة الحركة الصهيونية العالمية يبحثون عن سبيل للضغط على بريطانيا فتوجهوا إلى باريس لطلب تعهد بتأييد توطينهم في فلسطين. وساعدهم على ذلك أن مارك سايكس كان قد أقام علاقة بين ناحوم سوكولوف وفرانسوا بيكو استثمرها الأول بسرعة لإقامة علاقة مع وزارة الخارجية الفرنسية. واستطاع في 4 جوان من العام نفسه أن يحصل على خطاب مكتوب من جول كامبون السكرتير العام لوزارة الخارجية بتأييد فرنسا توطين اليهود في فلسطين. وعندما علم سايكس بذلك أبلغ رئيس الوزراء أن حصول الفيدرالية الصهيونية على وعد من فرنسا بتأييد الاستيطان اليهودي في فلسطين ليس في مصلحة بريطانيا وطالب بإصدار إعلان بلفور على وجه السرعة. ومع ذلك فقد استمر الجدل خلال صيف عام 1917 واستمر حتى أكتوبر فقرر رئيس الوزراء إجراء مناقشة أخيرة لمشروع البيان في مجلس حكومة الحرب وتمت الموافقة فعلا عليه في اجتماع عاصف يوم 2 نوفمبر. وقال مارك سايكس أنه فور موافقة الحكومة خرج ليلتقي حاييم وايزمان الذي كان ينتظر خارج مقر الاجتماع وهتف: مبروك.. مولود ذكر . لكن وايزمان لم يبتهج كثيرا بالإعلان لأنه من وجهة نظره لم يتضمن أي صيغة تنفيذية وأسرع إلى روتشيلد لإبلاغه. *الدور التنفيذي لهربرت صامويل انطلاقا من مذكرته بشأن مستقبل فلسطين التي كان قد أعدها منذ سنوات بدأ هربرت صامويل يتهيأ لممارسة دور كبير لتحويل ما جاء في المذكرة إلى حقائق وذلك بوضع خطط تفصيلية لإقامة سلطة يهودية مستقلة في فلسطين وفتح باب الهجرة لليهود على مصراعيه وإصدار قانون للجنسية يمنح اليهود المهاجرين حقوق المواطنة الكاملة بالمساواة مع الفلسطينيين (المسلمين والمسيحيين واليهود) من حيث التملك والعمل ومقومات الأهلية المدنية كافة وجعل (العبرية) لغة رسمية إلى جانب العربية والإنكليزية وفك ارتباط فلسطين بالجنيه المصري وإنشاء سلطة نقد فلسطينية مستقلة وإنشاء شركة عقارية لشراء أملاك وأراضي العرب وبيعها للمهاجرين اليهود وإنشاء الوكالة اليهودية العالمية والجامعة العبرية. وتسلم صامويل منصبه كأول مندوب سامي لبريطانيا في فلسطين اعتبارا من أول جويلية 1920 حنى نهاية جوان 1925. *لقاء حاييم وايزمان بالأمير فيصل بمجرد إقرار إعلان بلفور بدأ مارك سايكس في إعداد خطة لتشكيل مفوضية صهيونية تتألف من قيادات الفيدراليات الصهيونية الأوروبية على أن تقوم هذه المفوضية بالسفر إلى مصر وفلسطين للقاء الزعامات العربية والإسهام في خلق مناخ ودي بين اليهود والعرب خصوصا الشريف حسين وأبناءه ومشايخ القبائل. وتم اختيار حاييم وايزمان لرئاسة هذه المفوضية. ومن أجل منحها مكانة سياسية رفيعة رتبت الحكومة مع القصر لقاء للمفوضية مع الملك جورج الخامس قبل سفر الوفد إلى القاهرة. وفي الاسبوع التالي سافر وايزمان إلى الإسكندرية في مارس 1918 ثم توجه بعد ذلك إلى القاهرة وأمضى هناك عدة أسابيع التقى فيها قيادات اليهود والجنرال اللنبي والمندوب السامي البريطاني ثم سافر إلى فلسطين وهناك رتب له أحد مساعدي الجنرال اللنبي لقاء مع الأمير فيصل بن الشريف حسين. وقد أبدى وايزمان إعجابا شديدا بفيصل وقال إن تلك كانت المرة الأولى التي يلتقي فيها شخصية عربية قومية ومع ذلك فقد لاحظ أنه ليس معنيا كثيرا بمستقبل فلسطين ولكنه كان شديد الحرص على معرفة مستقبل دمشق وأعرب عن أمله في أن يحصل على سوريا بأكملها. ونظرا لأن لورانس كان صديقا للشريف حسين وأبنائه فإن الانكليز لم يكونوا قلقين كثيرا من ردود فعل العرب تجاه إعلان بلفور لثقتهم بقدرته على احتوائها تماما كما حدث عندما أبلغهم جمال باشا بتفاصيل اتفاقية سايكس- بيكو بعدما نشرها البلاشفة. حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة


أخبار مصر
١٧-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- أخبار مصر
حاييم وايزمان: 'أقود أمة من مليون رئيس'
يقول حاييم وايزمان الذي كان انتخب في 17 فبراير 1949، أول رئيس لإسرائيل، إن اليهود ليسوا فقط أبناء تجار، بل وأحفاد الأنبياء أيضا.وايزمان الذي وُلد ببلدة موتول في بلاروس وكانت وقتها ضمن الإمبراطورية القيصرية الروسية في 27 نوفمبر 1874، يعد أحد آباء إسرائيل المؤسسين. هاجر إلى فلسطين في عام 1934، وتولى قيادة المنظمة الصهيونية العالمية لفترتين متقطعتين بيع عامي 1920 -1946، وكان دائما في الطليعة. انضم إلى الحركة صهيونية منذ وقت مبكر، وشارك في العديد من مؤتمراتها. خلال دراسته، تخصص في الكيمياء في ألمانيا وسويسرا، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة فريبورغ السويسرية عام 1900. عمل لاحقا في تطوير تقنيات فيما يعرف بالتخمير الكيميائي، وهي عميلة يتم من خلالها تحويل مواد كيميائية إلى معقدة إلى مواد بسيطة بواسطة البكتيريا. هذه العملية أسهمت في صناعات من أهمها، المتفجرات.هذا الأمر استغله وايزمان للترويج للمشروع الصهيوني عن طريق اكتساب النفوذ ونسج علاقات مع المسؤولين وخاصة في بريطانيا التي كان حصل على جنسيتها في عام 1910 وخدم في جيشها، كما دعا لاحقا اليهود إلى القتال في صفوفه.في تلم الفترة ارتبط وايزمان بعلاقة وثيقة مع رئيس الوزراء البريطاني لويد جورج والورد، وكان أيضا صديقا مقربا من اللورد بلفور وونستون تشرشل.خلال الحرب العالمية الأولى، اكتشف الكيميائي حاييم وايزمان طريقة جديدة للحصول على الأسيتون المستخدم في إنتاج بارود عديم الدخان. هذه المادة كانت بريطانيا تحصل عليها من الولايات المتحدة إلا أن عملية الاستيراد انقطعت بسبب الحصار الذي فرضته الغواصات الألمانية.وايزمان اكتشف وقتها بكتيريا لم تكن معروفة تقوم بتحويل السكر والنشا والكربوهيدرات…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر 'إقرأ على الموقع الرسمي' أدناه