أحدث الأخبار مع #المودودي


الشرق الأوسط
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
داعية المودودية في ديار العرب
كان الغرض من زيارة معتمد «دار العروبة للدعوة الإسلامية» بلاهور، مسعود الندوي، البصرة والزبير وبغداد والموصل وكركوك والكويت والرياض والطائف ومكة والمدينة، التعريف بـ«الجماعة الإسلامية»، ونشر كتب المودودي في هذه البلدان (العراق، الكويت، السعودية) وفي بلدان عربية أخرى؛ كسوريا ومصر. وكان يحمل معه في هذه الزيارة كتباً للمودودي، منها ما هو مترجم إلى العربية، ومنها ما هو مترجم إلى الإنجليزية، ومنها ما هو بلغة المودودي الأصلية، لغة الأردو، ومنها ما يعمل هو ومساعده محمد عاصم حداد على ترجمته من لغة الأردو إلى العربية، ويحمل معه أيضاً مناشير دعائية في بضع صفحات عنوانها «دعوتنا». هذه الزيارة أو هذه الرحلة دوّن يومياتها في كتابه (شهور في ديار العرب). بتاريخ 14 يوليو (تموز) 1949 - كما سجّل في يوميات هذه الرحلة - انتهى من قراءة كتاب سيد قطب (العدالة الاجتماعية في الإسلام). وكان من الملحوظات التي قالها عن هذا الكتاب وعن مؤلفه، ملحوظة قالها عن مؤلفه تهمنا في موضوعنا، وهي «بداية التسلل المودودي إلى دمشق والقاهرة»، وهي قوله: «ولا يدري المسكين أن هناك في الهند وباكستان من انشغلوا وانهمكوا، وغرقوا في وضع الأفكار الرامية إلى التطبيق العملي لهذا الحلم. إن إطلاعه على هذا الأمر يدخل في صميم أعمالنا». يشير مسعود الندوي هنا إلى «الجماعة الإسلامية» في باكستان والهند، وإلى واضع أفكارها أبي الأعلى المودودي. ويدعي في هذه الإشارة أن «حلم» العدالة الاجتماعية الإسلامية متحقق في مجتمع «الجماعة الإسلامية» الذي حين كتب ملحوظته هذه كان له من العمر سبع سنوات وأحد عشر شهراً! هذا «المجتمع» نشأ أول ما نشأ في مدينة لاهور، وبعد أن أمضى فيها عشرة أشهر «هاجر» بقيادة المودودي إلى قرية نائية سموها بـ«دار الإسلام». «هاجر» من هذا «المجتمع» إليها «ليكون بعيداً عن المدن ووسائل الحضارة الحديثة ومفاسدها»! الباعث على ملحوظة مسعود الندوي التي سلفت، هو أنه لما قرأ كتاب سيد قطب «العدالة الاجتماعية في الإسلام»، رأى أنه في كتابه لم يستعن بكتاب من كتب المودودي التي كانوا في «دار العروبة للدعوة الإسلامية» ترجموها إلى العربية. ما عزم عليه مسعود الندوي من إرادة وهي إطلاع سيد قطب على كتب المودودي تحقق، فلقد اطلع سيد قطب على بعض كتب المودودي، وتابع الاطلاع على جديدها المترجم إلى العربية في دار الفكر بدمشق في أثناء سجنه. في البداية كان سيد قطب لا يشير إلى أنه يستفيد منها كمصدر لتنظيراته الإسلامية، وتالياً صار يفصح عنها كمصدر. تعرّف مسعود الندوي - لأول مرة - على دعوة الإخوان المسلمين في العراق من خلال شبان عراقيين معتنقين لهذه الدعوة، فقرأ الجزء الأول من سيرة حسن البنا التي كتبها عن نفسه، واقتنى أعداداً من مجلة «الإخوان المسلمين»، التي تصدر من القاهرة والتي أهداها إياه بعض أولئك الشبان، فهو كان يجهل أمر دعوة الإخوان المسلمين، علماً بأنه يتقن العربية، ويحسن الكتابة بها والترجمة إليها من لغة الأردو ببيان واضح وأسلوب قويم، إضافة إلى أنه كان ينشر في بعض مجلات إسلامية عربية. في هذه الرحلة وقف مسعود الندوي بنفسه على حقيقة هي: أن الذين قرأوا ما ترجم من كتب المودودي إلى العربية عددهم قليل جداً في المدن العربية التي زارها. ومن هذا العدد القليل جداً السوري محمد كمال الخطيب، المدير المسؤول لـ«مجلة التمدن الإسلامي» السورية الذي التقاه عند الشيخ أمجد الزهاوي ببغداد بتاريخ 16 مايو (أيار) 1949. ذكر مسعود الندوي أنهما تعارفا قبل خمسة عشر عاماً من هذا اللقاء المباشر بينهما عبر المراسلة، فالندوي يرسل له في دمشق مجلة «الضياء» التي تصدر باللغة العربية والتي كان هو أحد كتّابها، ومحمد كمال الخطيب يرسل له في الهند مجلة «التمدن الإسلامي». الخطيب أخبر الندوي في هذا اللقاء أنه قرأ كتاب المودودي «نظرية الإسلام السياسية»، وأنه كتب عنه في مجلة «التمدن الإسلامي»، فأعطاه الندوي في الحال كتابين آخرين للمودودي، ووعده بإمداده بثلاثة كتب أخرى للمودودي فيما بعد. وفي اللقاء الذي أمده بالثلاثة الكتب المودودية الأخرى، كان محمد كمال الخطيب يحمل معه عدداً من مجلة «التمدن الإسلامي» يتضمن عرضاً موسعاً لكتاب المودودي «الدين القيّم». وكانت هذه المجلة - كما يذكر الندوي - قد نشرت في عددين سابقين نبذة مختصرة عن هذا الكتاب. بتاريخ 1 يوليو نشرت مجلة «المجمع العلمي العربي» بدمشق مقالاً لمسعود الندوي - وكان لا يزال زائراً للعراق - عنوانه (ثلاث رسائل من منشوراتنا العربية). قال في مقدمته: «هذه ثلاث رسائل من منشوراتنا العربية: (1) نظرية الإسلام السياسية (2) منهاج الانقلاب الإسلامي (3) الدين القيم، نبعث بها إليكم لتروا فيها رأيكم وتلاحظوها بعين النقد وتنوهوا (Review) بها في مجلتكم الزاهرة». وفي هذا المقال شرح طريقتهم في «دار العروبة للدعوة الإسلامية» في تعريب هذه الرسائل الثلاث، وعرّف بها وبـ«الجماعة الإسلامية» وبدارهم «دار العروبة» تعريفاً مقتضباً. وذكر أنها ستتلو هذه الرسائل الثلاث رسائل أخرى معرّبة من الأردية ومؤلف بعضها بالعربية من غير ترجمة. وأرفق مع المقال فهرساً بالمصطلحات الحديثة المستعملة في الرسائل الثلاثة التي دخلت إلى لغة الأردو من اللغة الإنجليزية، مع ما يقابلهما من ألفاظ في اللغة العربية. بتاريخ 1 ديسمبر (كانون الأول) 1949، نشرت مجلة «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثلاثة مقالات عن رسائل المودودي الثلاث: «نظرية الإسلام السياسية»، «منهاج الانقلاب الإسلامي»، «الدين القيم»، كتبها محمد بهجة البيطار. وحين صدر هذا العدد في التاريخ الذي ذكرناه، كان مسعود الندوي ومساعده محمد عاصم حداد على أهبة الاستعداد للعودة من الحجاز إلى كراتشي بباخرة اسمها بالأردية «جل دركا». في كل مقالة من هذه المقالات الثلاث قدم محمد بهجة البيطار تعريفاً موجزاً برسائل المودودي الثلاث. في المقال الأول، قال عن رسالة «نظرية الإسلام السياسية» من ناحية أسلوب ترجمتها إلى العربية: «إن هذه النظرية مترجمة عن الأردية، وهي فصيحة المفردات، صحيحة الأسلوب، ناصعة البيان، ليس فيها أثر للعجمة، كأنما ألّفت بلغة الضاد». وكان من بين ملحوظات مسعود الندوي على كتاب «العدالة الاجتماعية في الإسلام» ملحوظة أسلوبية؛ إذ قال عن أسلوب كاتبه سيد قطب: «ليس من شك في أنه يتصف بقوة البيان إلا أن أسلوب البيان الغربي يسيطر على الألفاظ العربية، كما في أسلوبه ولغته أيضاً الصراع بين القديم والجديد في اللغة العربية وأدبها، وكاتب هذه السطور يميل بطبعته إلى الأسلوب القديم، ويريد أن يرى اللغة العربية قريبة من لغة القرآن الكريم». وللحديث بقية.


موقع كتابات
٢٢-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- موقع كتابات
أضاءة حول .. فكر ' أبو الأعلى المودودي '
يعتبر المودودي أحد أهم منابع الحركات الأسلامية ، وقد دعا في مؤلفاته أن يكون ' الأسلام نظاما شاملا للبشرية ' ، ومن أهم مؤلفاته كتاب – المصطلحات الأربعة ، التي يتمحور على موضوعة ' الإله والرب والدين والعبادة ' ( هذه الكلمات الأربع أساس المصطلح القرآني وقوامه ، والقطب الذي تدور حوله دعوة القرآن . فجماع ما يدعو إليه القرآن الكريم هو أن الله تعالى هو الإله الواحد الأحد والرب الفرد الصمد ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه ، ولا يشاركه في ألوهيته ولا في ربوبيته أحد . فيجب على الإنسان أن يرضى به إلهاً وأن يتخذه دون سواه رباً ، ويكفر بألوهية غيره ويجحد ربوبية من سواه ، وأن يعبده وحده ولا يعبد أحداً غيره ويخلص دينه لله تعالى ويرفض كل دين غيره / نقل من موقع المكتبة الشاملة). نبذة عن سيرته : أبو الأعلى المودودي هو مؤسس الجماعة الإسلامية في شبه القارة الهندية ( ولد عام 1903م وتوفي عام 1979م ، تلقى تعليمه وتربيته الأولى على يد والده السيد أحمد حسن الذي يرجع بنسبه إلى عائلة قطب الدين مودود الشهيرة بتدينها ومكانتها الروحية .. وفي عام 1941م وجه دعوة لعلماء المسلمين وقادتهم لحضور مؤتمر عقد بلاهور بحضور 75 شخصاً يمثلون مختلف بلاد الهند ، وتأسست في هذا المؤتمر الجماعة الإسلامية ، وأنتخب المودودي أميراً لها . تعرض المودودي للاعتقال وحكم عليه بالإعدام من قبل أعداء الإسلام ، ثم خفف الحكم بعد ذلك ، في عام 1972م أعفي المودودي من منصبه كأمير للجماعة الإسلامية بناء على طلبه .. / نقل باختصار من موقع أسلام ويب ) . الموضوع : سيكون الموضوع على شكل أضاءأت لدوره الفكري بالأسلام كحركة دينية وسياسة ، وساورد التالي على سبيل المثال : * يعتبر المودودي الملهم والأب الروحي لسيد قطب ، الذي استعار منه مبادئه في ' الحاكمية 'و' الجاهلية ' و' الخلافة ' ، والصديق لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا الذي أسس لجماعته الإسلامية بباكستان بعد 13 عاماً من تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر ، والتي نهل منها تنظيم القاعدة و داعش ، بحسب ما تؤكده العبارات ' القطبية ' على جداريات الرقة والموصل ، وإشادة الظواهري زعيم القاعدة بأدبيات قطب والمودودي . ولم يقتصر أثره وتأثيره على جماعة الإخوان المسلمين ، وإنما وإضافة إلى ذلك كله كان لافتاً صلة الوصل ما بين الفكر الثوري للخميني والمودودي نفسه ، والذي بلغ إلى حد الإشادة من قبل المودودي ./ نقل بتصرف مع أضافات للكاتب من موقع العربية نت . * أن التواصل الفكري بين المودودي والخميني ، قد يرجع الى أن الأثنين معا ذو أصول هندية ، وقد جاء بكتاب ' الفروق المنيعة بين مهدى السنة ومهدى الشيعة ' للكاتب محمد طه فويلة ، أنقل منه التالي بأختصار { يوضح أن اسم الخمينى الرسمى روزبة بسنديدة ، ووالده من جنوب الهند من السيخ وأمه بنت أحد كبار كهنة السيخ فى كشمير . هاجر والده إلى بلدة خمين وكان فقيرا فنزل بجوار معمم ينتسب للموسوية ( أحد الفرق الشيعية ) .. وكان والده قبل أن يتحول إلى الشيعة اسمه سينكا وسمى نفسه أحمد خادم الموسوى بعد إسلامه ، بينما ظل أسم شقيق الخمينى آية الله مرتضى بسنديدة .. } . * خطورة المودودي تتمثل بدعوته الى كل العالم بحدوث تغيير جوهري وتحويلهم للأسلام . والدعوة من أن الحاكمية لله ، وسجل ذلك في كتابه ' تذكرة يا دعاة الإسلام ' { جاء فيه بعضا من مطالبه : دعوتنا لجميع أهل الأرض أن يحدثوا انقلاباً عاماً في أصول الحكم الحاضر الذي استبد به الطواغيت والفجرة الذين ملأوا الأرض فساداً ، وأن ينتزعوا هذه الإمامة الفكرية والعلمية من أيديهم .. / نقل من موقع العربية نت } . * الرد التالي ، يبين أن المودودي ، أتبع قاعدة ' الغاية تبرر الوسيلة ' ، في موضوعة من أن ' الحاكمية لله ' فبين أن العبادات ، هي الطريق للوصول لحاكمية الله ، وهنا تقوقع الله ، على أنه مجرد حاكم ، فأنبرى { أبو الحسن الندوي المفكر والداعية الإسلامي الهندي ، بالردّ على شبهة 'إسلاموية' توسّلت بآليات الدين الإسلامي نفسه ، من خلال كتابه الصادر سنة 1978 بعنوان : ' التفسير السياسي للإسلام ' . أفرز ذلك فهما 'محدودا' و'سطحيًّا' للمودودي ، من خلال كتابه المذكور . وبين أيضا ' اختزالٌ لله في حكم وسلطة ؟ .. من أوجه النّقد التي تمّ توجيهها للمودودي ، الاقتصار على حاكمية الإله أو الربّ ، وجعلها محور المصطلحات القرآنية الأربعة الأساسية وفكرتها المركزية الأساسية. أما 'الدين' و'العبادة' ، فهما ، فيما يراه المودودي ، مجرد طرق تؤدي إلى إقرار حاكمية الله . وهنا يحدث اختزال فكرة الله في حكم وسلطة ' } . القراءة : 1 . يظهر أن التطرف فكريا يتلاقى ويتلاقح مع بعضه البعض ، فالمودودي 1903 – 1979وحسن البنا 1906 – 1949 و سيد قطب 1906 – 1966 .. كلهم كفكر ونهج .. في بودقة وطريق واحد ، وهم زخما دافعا ، للتطرف والجهاد في أقامة حكم الشريعة الأسلامية – وهي بشكل أو بأخر تعطي ذات مفهوم الحاكمية ، فالمتطرفون يتشابهون ويتماثلون ، مع الأختلاف في بعض الخطوط الثانوية بينهم ، فقد جاء في موقع / العربية { .. المتطرفون يتشابهون .. وقد وجد حسن البنا في كتاب ' الجهاد في الإسلام ' الذي ألفه المودودي تطابقاً بينه وبين أفكاره التي يحملها عن الجهاد ، وأبدى إعجابه به . كما أن هناك أشبه ما يكون بالأرتباط الروحي بسيد قطب ، حتى بلغ تبني قطب المودودية . فبحسب مارواه ' خليل الحامدي سكرتير الشيخ المودودي ' ، قال : ' في أحد أعوام الستينيات الميلادية ، دخل شاب عربي على الأستاذ المودودي ، وقدم له كتاب ' معالم في الطريق ' لمؤلفه سيد قطب ، وقرأه الأستاذ المودودي في ليلة واحدة . وفي الصباح قال لي : ' كأني أنا الذي الذي ألفت هذا الكتاب ' ، وأبدى دهشته من التقارب الفكري بينه وبين سيد قطب .. } . 2 . قاد فكر المودودي و حسن البنا وسيد قطب ، الى أيجاد مفهوم لثقافة العنف ، التي تبنتها المنظمات الأرهابية الأسلامية / القاعدة وداعش .. في الصلب ونحر الرقاب والرمي من شاهق والسحل . ولم يوجدوا ثقافة للتسامح والمحبة والتعايش . 3 . وأنا لأتعجب وأستغرب من مفهوم الحاكميه لله ، فكل الأديان والمعتقدات ، متيقنة من أن الله هو ' أيمان ' ، وليس الله حاكما ، وأذا كان كذلك ، أين طاقمه السلطوي ، وأرى .. أن رجال وشيوخ الدين – يقنعون العامة ، من أنهم هم هذا الطاقم السلطوي/ نيابة عن الله ، وذلك خدمة لمصالحهم ومنافعهم الشخصية ، وهم بذات الوقت يقتادون من هذه الأفكار الظلامية . خلاصة : * التساؤل كيف لفرد هندي / ثقافة وبيئة ومجتمعا ، أن يسعى على جعل ' الأسلام نظاما شاملا للبشرية ' ، عمليا ومنطقيا ، لو كانت له هذه الأمكانية ، لكان وحد موطنه الهند والباكستان ، تحت راية الأسلام ف ' الأقربون أولى بالمعروف ' . * التساؤل الأخير .. كيف لفرد أن يسحب قيادة العالم الفكرية والعلمية / من الذين وصفهم بالفجرة والطواغيت ، من دول وصلوا للقمر ، وأوجدوا كل الاكتشافات العلمية ، وبنوا حضارة خلاقة ، ليمنحها الى أولئك الذين ، لم ينتجوا ولو ' أبرة للخياطة ' ، وهولاء البشر ، لا زالوا عقليا ، يعيشون في فكر الحقبة الماضوية – التي تمتد لأكثر من 1400 سنة .. وهم متفرقون مشتتون متمذهبون متطاحنون ، ويكفر بعضهم البعض ! . نقطة رأس السطر .


الشرق الأوسط
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
بداية التسلل المودودي إلى دمشق والقاهرة
لم يقرأ سيد قطب من كتب الإسلاميين في نقد الحضارة الغربية سوى أربعة كتب، هي - بحسب توالي زمن قراءته لها -: كتاب «الإسلام على مفترق الطرق» لمحمد أسد، وكتاب «الإسلام والنظام العالمي الجديد» لمولانا محمد علي، وكتاب «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟» لأبي الحسن الندوي، وكتاب «الحجاب» لأبي الأعلى المودودي. فهذه الكتب هي الكتب التي كانت زاده وعدته في نقد الحضارة الغربية. ولم يقرأ من كتب الغربيين في نقد الحضارة الغربية سوى كتاب واحد هو «الإنسان ذلك المجهول» لألكسيس كاريل. وقراءته لهذا الكتاب الواحد والوحيد هي التي جعلت من كتابه «الإسلام ومشكلات الحضارة» مجرد عرض وشروحات قصيرة لكتاب كاريل. بما يتعلق بالإفادة الأولى، ثمة ملحوظة، وهي أن سيد قطب استعان بكتاب المودودي «الحجاب»، ولم يستعن بكتابه الآخر «نحن والحضارة الغربية»، رغم أن أستاذنا الكبير رضوان السيد في دراسة من دراساته التي تناول فيها نقد الإسلاميين للغرب، أخبرنا أن الكتاب الأخير ترجم إلى اللغة العربية عام 1955، وأن الناشر كان «دار الفكر العربي» بالقاهرة. بحثت عن هذه الطبعة في أكثر من مكتبة عامة في الرياض، ولم أعثر عليها، فأقدم الطبعات فيها هي طبعات «دار الفكر» التي في تواريخها ترجع إلى عقد الستينات الميلادية. ومشكلة هذه الطبعات أنها كانت غير مؤرخة. لهذا اختلف الباحثون في إحالاتهم لهذا الكتاب في تحديد تاريخ أول طبعة منه، فمِن قائل إنها كانت في عام 1968، إلى قائل إنها كانت في عام 1965. إلى قائل إنها كانت في عام 1964، إلى قائل إنها كانت في عام 1960! ويعتقد كثير من الباحثين حين يحيلون إلى كتاب المودودي «نحن والحضارة الغربية»، أن «دار الفكر» هي دار بيروتية بينما هي دار دمشقية. هذه الدار الدمشقية لها منذ الخمسينات الميلادية، فرع في بيروت يحمل الاسم نفسه: «دار الفكر». وبسبب الخلط والتشويش الذي خلقته هذه الدار الدمشقية حول نفسها غيرت اسم الفرع البيروتي من «دار الفكر» إلى دار «الفكر المعاصر». ولا أعلم في أي عام ولا في أي عقد غيرت اسمها في بيروت. ويجوز أن كتاب المودودي «نحن والحضارة الغربية» في طبعة من طبعاته في الستينات الميلادية طبع في «دار الفكر» ببيروت. وأقول هذا اعتماداً على سابقة في تاريخ النشر عند هاتين الدارين. فكتاب المودودي «الأسس الأخلاقية للحركة الإسلامية» طبع في «دار الفكر» الدمشقية عام 1952، وطبع في العام نفسه (1952) في «دار الفكر» البيروتية. وطبعُ هذا الكتاب في هذا العام وفي هاتين الدارين ينقض ما تقوله «دار الفكر» الدمشقية عن نفسها بأنها تأسست عام 1957! لا ينتهي التشويش عند هذا الحد، فكتب أو رسائل المودودي المترجمة إلى العربية (الترجمة كان يقوم بها مودوديون من شبه القارة الهندية، ونشر ما ترجموه في القاهرة ودمشق) التي نشرتها «دار الفكر» الدمشقية في الخمسينات الميلادية، نشرتها باسم «دار الفكر الإسلامي»، مع أنها كما في كتاب (الأسس الأخلاقية للحركة) الذي مر ذكره نشرته بدمشق وبيروت باسم «دار الفكر». وابتداء من عام 1960 استقرت على اسم «دار الفكر». كما أن هناك رسائل للمودودي مترجمة إلى العربية نشرت عن طريق هذه الدار باسم «مكتبة الشباب المسلم». هذا الاسم يجعل حتى الباحث المختص بتاريخ الإخوانية (الإخوانية نسبة إلى الإخوان المسلمين) وبتاريخ المودودية (المودودية نسبة إلى أمير الجماعة الإسلامية بباكستان والهند، أبي الأعلى المودودي) يخلط بينه وبين اسم «لجنة الشباب المسلم» بالقاهرة. أستعملُ تعبير «المودودية» وتعبير «المودوديين» لثلاثة أسباب، هي: يسوغ - لغوياً - النسبة إلى المودودي، ويتعذر - لغوياً - النسبة إلى «الجماعة الإسلامية» التي كان هو أميرها منذ تأسيسها، كما هو الحال في النسبة إلى «الإخوان» في اسم «جماعة الإخوان المسلمين». إن المودودي تبلورت أفكاره الإسلامية المحدثة - على نحو كامل - في وقت مبكر من عمره مع تأليفه كتاب «مصدر قوة المسلم» عام 1925، وهو في الثانية والعشرين من عمره وبثه لها منذ ذلك الحين بين جموع مسلمي الهند قبل تأسيسه «الجماعة الإسلامية»، واختياره أميراً لها عام 1941، وقبل تقسيم شبه القارة الهندية إلى باكستان والهند عام 1947. إن المودودي هو الصانع الأول للنظرية الإسلامية الأصولية، وصانع معالمها الرئيسية، وكل من أتى بعده من منظّريها المهمين هم عيال عليه، بمن فيهم أبو الحسن الندوي. وأستثني من هذا الحكم محمد أسد في كتابه «الإسلام على مفترق طرق» الصادر بالإنجليزية عام 1934. فهو في هذا الكتاب لم يكن متأثراً ولا مستلهماً ولا مسترفداً بما قاله المودودي قبله. نعود إلى إيضاح تشويش الأسماء الذي خلقته «دار الفكر» الدمشقية. في كتاب من كتب المودودي منشور في «دار الفكر الإسلامي»، كُتب في بيانات هذا الكتاب في الصفحات الأخيرة منه، هذه المعلومة: «دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، مؤسسة ثقافية تعمل على نشر نفائس الكتب الإسلامية القديمة والحديثة»، ثم كتب رقم صندوق بريدها ورقم هاتفها في دمشق. أي أن «دار الفكر الإسلامي» تابعة للمؤسسة الأم «دار الفكر». «مكتبة الشباب المسلم» كانت تنشر تحت مظلة «دار الفكر»، فهي تابعة مباشرة لـ«دار العروبة للدعوة الإسلامية» بلاهور في باكستان. والدار الأخيرة هي ذراع نشر أفكار المودودي بعد ترجمتها من لغة الأوردو إلى لغات مختلفة، منها اللغة العربية، وكان أول كتابين للمودودي ترجما من الأوردو إلى العربية، هما كتاباه: «منهج الانقلاب الإسلامي»، و«نظرية الإسلام السياسي»، ترجما عام 1946. وبُعث الكتابان المترجمان إلى القاهرة ليُقرآ في مصر، وليقرآ في البلاد العربية. لكنهما وسواهما لم توزع في مصر ولا في البلاد العربية، كما يجب. وهذا ما لمسه أول معتمد لـ«دار العروبة للدعوة الإسلامية»، مسعود الندوي حين انتهى بتاريخ 14 يوليو (تموز) 1949 من قراءة كتاب «العدالة الاجتماعية في الإسلام» لسيد قطب في بغداد في رحلته المودودية التي شملت المدن التالية: البصرة، الزبير، بغداد، الموصل، كركوك، الكويت، الرياض، الطائف، مكة، المدينة. ففي هذه الرحلة - التي صحبه فيها مساعده محمد عصام حداد - كان يحمل معه كتب المودودي المنجز ترجمتها إلى العربية، فيوزع منها على الشخصيات التي التقاها في تلك المدن. وللحديث بقية.


فيتو
٠٦-٠٣-٢٠٢٥
- منوعات
- فيتو
حدث 6 رمضان 1321هـ.. مولد المفكر الإسلامي أبو الأعلى المودودي.. بدأ حياته صحفيًّا
في مثل هذا اليوم، 6 رمضان من عام 1321 هجريا، الموافق 24 سبتمبر 1903، وُلد العالم والمفكر والداعية، أبو الأعلى المودودي، وهو من أبرز أعلام البعث الإسلامي في الهند، ورائد من رواد الصحوة الإسلامية. استهل المودودي حياته محررا صحفيا، وأسس الجماعة الإسلامية يوم 25 أغسطس 1941، وعاش تجربة السجن وحُكم عليه بالإعدام. مولده أبو الأعلى المودودي ولد في مدينة أورنك آباد بمقاطعة حيدر آباد، ونشأ في أسرة متدينة صوفية تنتمي للشيخ قطب الدين مودود الجشتي، مؤسس الطريقة الجشتية في الهند. كان أبوه أحمد حسن محاميا، ووالدته ربة بيت. تعليمه تمسك والده بإبعاده عن المدارس الإنجليزية لأنه كان يكره الاستعمار البريطاني للهند ونظامه التعليمي والتربوي، فكان الأب، بنفسه، هو مُدَرِّسَه الأول، فمنه تعلم العربية والقرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف والفقه، والتاريخ واللغة الفارسية والأوردية. واهتم الأب باصطحاب ابنه إلى مجالس أصدقائه من العلماء والمثقفين والمتدينين. تفوقه ومنذ صغره بدت عليه سمات التفوق فالتحق مباشرة بالمدرسة الثانوية في أورنك آباد ثم المدرسة العليا.. إلا أنه بعد مرض والده، اضطر للبقاء بجانبه في حيدر آباد لخدمته حتى توفي عام 1919، ولم يكن يتجاوز حينها الـ16 من عمره. وبسبب الحالة الاجتماعية وحاجة الأسرة للمال، عمل محررا بمجلة التاج في مدينة بجنور، وبعدما أغلقتها السلطات عمل مع جمعية إعانة وغوث المسلمين. اتجه المودودي بعدها إلى دلهي، وأصدر بمساعدة مدير جمعية علماء الهند جريدة "المسلم"، ثم تولى فيما بعد إدارة تحريرها. وانتهز فرصة إقامته بدلهي بين 1921و1928 للتعمق في الثقافة الإسلامية، بعدما التقى صفوة من العلماء، فدرس علوم العربية والآداب والتفسير والحديث، وحفظ موطأ مالك، وتعمق في الفقه والأصول. أيضا، أجاد المودودي الإنجليزية، واطلع على الأدب الإنجليزي والعلوم الاجتماعية الغربية، واجتاز امتحان "مولوي" الذي يعادل الليسانس (البكالوريوس). وواظب على الثقافة والاطلاع، ويقول عن ذلك: "من عام 1929 إلى 1939 أفرغت عددا من خزانات الكتب والمراجع في ذهني"، استعدادا للمهمة الجديدة، مهمة الدعوة إلى الإسلام. في الصحافة وهو في سن الـ 16، عمل المودودي محررا صحفيا بأسبوعية "المدينة"، ثم محررا بمجلة "التاج" الأسبوعية في بجنور، وفي سن الـ 19 أصبح المحرر الأول بالمجلة، التي تحولت إلى جريدة يومية، وكتب فيها مقالات سياسية دافعت عن فكرة إحياء الخلافة الإسلامية، فواجه المحاكمة وتم إيقاف الجريدة. واشتغل بعد ذلك في جريدة "المسلم" التي صدرت باسم جمعية علماء الهند منذ تأسيسها، ثم تولى إدارة تحريرها. وعام 1924 صدرت جريدة "الجمعية"، ورأس المودودي تحريرها حتى عام 1948.. وأشرف في هذه المرحلة على تحرير مجلة "ترجمان القرآن" التي صدرت عام 1932 في حيدر آباد. وكان المودودي من أبرز مؤسسي رابطة العالم الإسلامي، وصاحب فكرة إنشاء الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وتم تعيينه عضوا في مجلسها. في عالم السياسة وفي ظل سيطرة الاستعمار البريطاني على الهند، انغمس المودودي في سن مبكرة بالشأن السياسي والاجتماعي، وانعكس ذلك في مقالاته وهو لم يجاوز سن 16 عاما. وفي دلهي، والتقائه كبار جمعية علماء الهند، وعلى رأسهم مفتي الديار الهندية الشيخان "كفاية الله" و"أحمد سعيد"، وكانا من كبار جمعية العلماء بالهند، واحتكاكه بحركة "المحافظة على الخلافة العثمانية" التي انطلقت سنة 1919 وكان قلمها والمدافع عنها في مقالاته، كل هذا أدى إلى اتساع دائرة اهتماماته. كما اهتم بمشكلة الصدام بين المسلمين والهندوس لا سيما بعد أحداث عام 1926، بسبب اتهام غاندي للإسلام بأنه دينُ عنفٍ وأنه انتشر بحدِّ السيف. وفي خطاب له بالجامع الكبير في دلهي، تمنى محمد علي جوهر أن يقوم أحدٌ من المسلمين بالرَّدِّ على اتهامات الهندوس وافتراءاتهم على الإسلام. ولم يكن هذا الشخص سوى المودودي الذي جمع ما كتبه من مقالات في الموضوع في كتاب بعنوان "الجهاد في الإسلام". مجلة "ترجمان القرآن" وأصدر عام 1932 مجلة "ترجمان القرآن" التي قامت بدور كبير في تصاعد الحركة الإسلامية وانتشار الثقافة الإسلامية بالقارة الهندية.. وعن طريق المجلة تعرَّف على الشاعر والمفكر محمد إقبال الذي استطاع إقناعه بالانتقال إلى لاهور في إقليم البنجاب عام 1938، ليتعاونا في النشاط الفكري والدعوي والسياسي، ومساندة المسلمين في الهند. وأسس عام1941 الجماعة الإسلامية بمدينة لاهور، ثم انتخب أميرا لها. وانشغل بعد ذلك بالدعوة ومسؤوليات الجماعة، وعمل محاضرا شرفيا بكلية "حماية الإسلام" في لاهور لمدة عام كامل. وأعلنت هذه الجماعة، التي تعتبر ثاني أكبر الجماعات الإسلامية في العالم بعد جماعة الإخوان المسلمين، أنها تعد الإسلام منهج حياة وليس مجرد شعائر تعبدية وعاطفة وانتماء ديني متوارث. وبهذا باتت الجماعة الإسلامية في مواجهة سياسية مع التيار القومي واليسار والعلمانيين الذين تحالفوا في "حزب الشعب". وخاضت الجماعة تجربة نضال مشترك مع حزب الرابطة الإسلامية بقيادة محمد علي جناح، وقادا معا بدعم من المفكر إقبال كفاحا مريرا ضد الاضطهاد الهندوسي حتى حدث تقسيم الهند، وأُعلن في 28 أغسطس 1947 قيام دولة باكستان. بعد مرور 5 أشهر على قيام الدولة الوليدة، ألقى المودودي خطابا في كلية الحقوق بلاهور، طالب فيه ببناء النظام الباكستاني على أساس القانون الإسلامي، وأعاد التأكيد على المطلب في عدد من خطاباته، ومنها خطابه في اجتماع عامّ بكراتشي في مارس 1948. اعتقلته الحكومة يوم 4 أكتوبر 1948 مع عدد من قيادات وأعضاء الجماعة، ولم تفرج عنهم إلا يوم 28 مايو 1950. حكم الإعدام وعلى إثر أحداث عنف طائفي في لاهور، اعتُقل المودودي مرة أخرى يوم 28 مارس 1953، وأصدرت المحكمة العسكرية يوم 11 مايو من العام نفسه حكما بإعدامه بتهمة إشعال العنف الطائفي. وفي مواجهة الضغط الشعبي، ومناشدات كبار العلماء من مختلف الدول الإسلامية للسلطات الباكستانية، خُفِّف الحكم إلى السجن مدى الحياة، وبعد ذلك أُسقط نهائيا بالعفو وأفرج عنه عام 1955. مؤلفاته تجاوزت مؤلفاته 100 كتاب، شملت موضوعات وقضايا مختلفة في العقيدة والمعاملات والفكر والتفسير والسياسة والاقتصاد وعدد من القضايا المعاصرة. الجوائز كان أول من حصل على جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام عام 1979، فتبرع بقيمتها لخدمة الإسلام. وفاته تدهورت حالته الصحية، فاضطر للسفر للعلاج بالولايات المتحدة، وتوفي في نيويورك يوم 22 سبتمبر 1979 عن 75 عاما. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


الشرق الأوسط
١٦-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
إمبريالية الإسلاميين!
حصرَ محمد أحمد خلف الله في بحثه «الصحوة الإسلامية في مصر» المؤثراتِ الثقافيةَ التي حدَّدت فكرَ سيد قطب بنوعين من المؤثرات: «نوع هو الفكر الإسلامي الناشئ في الهند وباكستان، الذي يمثله عند سيد قطب المفكران الإسلاميان: أبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي. أما النوع الآخر من المؤثرات فهو الفكر الذي جاءت به الحضارة الغربية، الذي يمثله عند سيد قطب المفكر الغربي ألكسيس كاريل». ثم مضى بعد ذلك يقارن بين تلقّي سيد قطب أفكارِ الندوي وتلقيه أفكارَ كاريل! لا يصحُّ أن نقول: الفكر الإسلامي الناشئ في الهند وباكستان، الصحيح أن نقول: الفكر الإسلامي الناشئ في الهند أو في شبه القارة الهندية أو عند مسلمي الهند. هذا الفكر هو فكر الأصولية الإسلامية عند مسلمي الهند الذي صاغ أسسه الكلية والتفصيلية صياغة شاملة - بلا منازع - أبو الأعلى المودودي ابتداءً من أواخر عشرينات القرن الماضي. وبعد أن هاجر أبو الأعلى المودودي من حيدر آباد إلى البنجاب (1937)، وبعد أن أسس «الجماعة الإسلامية» واختير أميراً لها (1941) لم تكن هناك دولة مستقلة اسمها باكستان، فباكستان التي مناطقها في الشمال الغربي والشمال الشرقي من الهند في التاريخين السالفين كانت من أقاليم الهند. ولم تنشأ بوصفها دولة مستقلة عن الهند إلا في عام 1947. لنأخذ بعين الاعتبار أن ذلك «الفكر الإسلامي الناشئ» عند خلف الله، تتوزعه في نشأته دولتان هما الهند وباكستان، ولننظر في قوله هذا: «وكان أبو الحسن الندوي يتحدث عن حاكمية الله، وأنها غير مستثمرة في العالم الذي كان يعيش فيه، وهو بلاد الهند التي نعلم أن أكثريتها من غير المسلمين، وأن الحكومات فيها لغير المسلمين». الباكستان - قبل تقسيم الهند إلى الهند والباكستان - كان أکثرية سكان مناطقه من المسلمين، واستناداً إلى هذا الأمر، اقترح محمد إقبال خلال انعقاد المؤتمر السنوي لـ«حزب رابطة المسلمين» عام 1930 تحت رئاسته في خطابه بهذا المؤتمر إنشاء وطن خاص بمسلمي الهند. وتمكن «حزب رابطة المسلمين» تحت قيادة محمد علي جناح، بعد جهود حثيثة بدأت من عام 1940، من تأسيس دولة مسلمة في القارة الهندية عام 1947، تحكمها حكومة من المسلمين، هذه الدولة هي الباكستان. ما قاله خلف الله هو تحليل تكرر قوله في الثمانينات الميلادية عند بعض المثقفين الذين يصنفون ضمن دائرة الإسلام المستنير، لكنه كان يقال إزاء المودودي وليس إزاء الندوي، ويقال حين الحديث عن خطأ سيد قطب في نقله فكرة «الحاكمية» وفكرة «الجاهلية» من المودودي وتطبيقها ما بين أواخر الخمسينات وأول الستينات الميلادية على المجتمع المصري، ذي الأكثرية المسلمة، الذي حكومته من المصريين المسلمين من ضباط الثورة. وربما يكون الرائد في القول بهذا التحليل هو أحمد كمال أبو المجد، وذلك في مقال منشور في مجلة «العربي» بتاريخ أبريل (نيسان) 1981، كان عنوانه «4 وجوه لمأساة الشباب المسلم». يقول في هذا المقال: «والعلامة المودودي - رحمه الله - كتب ما كتب في إطار مجتمع يسعى للتميز، وشعب مسلم يتوجه للانفصال السياسي، وتوكيد الذات في مواجهة الآخرين. أما الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - فقد كتب جانباً كبيراً مما كتبه بعد معاناة هائلة من الاضطهاد والقهر، ومن خلال العزلة التي أحاطه بها جو الاعتقال والسجن». الحق أننا لسنا أمام تحليل أو تفسير أو استكناه، بقدر ما نحن أمام تبرير وتسويغ واعتذار لتطرف المودودي وسيد قطب الديني. بالنسبة للمودودي، تطرفه الديني تربى عليه من طفولته، ونظّر له في كتب قبل أن يطرح محمد إقبال فكرة إنشاء وطن قومي خاص بالمسلمين في شبه القارة الهندية، كان معارضاً بقوة لأن يكون لمسلمي الهند وطن خاص بهم. لأن هذا الوطن كان يراه نقيضاً للأخوة والأممية الإسلامية، فمسلمو الهند - كما كان يرى - ليسوا بحاجة إلى وطن خاص بهم، فديار الإسلام، حيث ما كانت، هي وطنهم. يقول الرئيس الباكستاني الجنرال محمد خان عنه: «لقد لجأ إلى باكستان، ثم ما برح أن قام بحملة لنشر الدعوة الإسلامية بين الشعب الباكستاني السيئ الطالع. فلقد هال هذا السيد الوقور ما شاهده في باكستان: بلد غير إسلامي وحكومة غير إسلامية وشعب غیر إسلامي! كيف يسوغ للمسلم أن يدين بالولاء لهذه الدولة؟ وهكذا شرع يدخل في روع الناس أنهم ضالون مارقون عاجزون، لا أمل فيهم». إن المودودي في تنظيره الإسلامي الأصولي من البداية كان يسعى إلى قيام إمبريالية دينية إسلامية أصولية تحكم العالم. وكذلك كان الندوي. واقتفاهما في هذا المسعى سيد قطب، وتبعتهم فيه طوائف من الإسلاميين. وما قاله أبو المجد في الاعتذار لسيد قطب قاله كثيرون بعده من الإسلاميين ومن العلمانيين. ومن العلمانيين قاله صاحبنا خلف الله في بحثه «الصحوة الإسلامية في مصر». وسأدحض ما قاله أبو المجد في اعتذاره لسيد قطب من المقالة نفسها التي ساق فيها اعتذاره السالف له. يقول أبو المجد: «ولعل من الكلمات التي ساعدت على التوسع في إطلاق وصف الجاهلية على المجتمعات المعاصرة ما ذهب إليه سيد قطب - رحمه الله - من أن الجاهلية ليست فترةً زمنيةً معينةً من الزمان، إنما هي حالة اجتماعية معينة، ذات تصورات معينة للحياة. ويمكن أن توجد هذه الحالة، وأن يوجد هذا التصور في أي زمان ومكان». أبو المجد اقتبس ما قاله سيد قطب من تفسيره للآية 33 من سورة «الأحزاب» في كتابه «في ظلال القرآن». في المقال السابق رأينا كيف تلقى سيد قطب بإعجاب وانبهار وانقياد المعنى اللازمني واللاتاريخي لمصطلح «الجاهلية» في مقدمته للطبعة الثانية من كتاب أبي الحسن الندوي «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين»، الذي تعرف إليه - لأول مرة - من خلال هذا الكتاب. سید قطب في عام 1951، لم يكن يعاني «معاناة هائلة من الاضطهاد والقهر»، ولم يكن يكابد «العزلة التي أحاطه بها جو الاعتقال والسجن». التفسير الذي تردد في الثمانينات الميلادية تارةً باقتضاب، وتارة بتوسع، يفسر فيه سمة خاصة اتسم بها الإسلام الهندي ابتداءً من القرن التاسع عشر، ولا يفسر به لا تطرف المودودي ولا تطرف الندوي الديني. وللحديث بقية.