أحدث الأخبار مع #الميوسين


الوطن
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- الوطن
دحول الصمان ورسائل الزمن
قبل ثمانية ملايين سنة، لم تكن رمال السعودية الذهبية تبحث عن ظلٍّ يقيها لهيب الشمس، بل كانت تُنبتُ أنهارًا، وتُربتُ على ظهور التماسيح، وتُطلُّ من بين أشجارها على قوافل بشريةٍ سارت من أفريقيا إلى آسيا، حاملةً معها بذور الحضارة. اليوم، تخرجُ «دحول الصمّان» عن صمتها، لتحمل إلينا رسالة من أعماق الزمن: هذه الأرض التي نراها صحراءً، كانت يوماً ما مهداً للخصوبة، وجسراً للتنوع الحيوي، وشاهداً على تحولاتٍ مناخيةٍ صنعت مصائر الشعوب. إنه الاكتشاف الذي لا يكتفي بإثبات مجد التاريخ، بل يفتح نافذةً على مستقبلٍ يُعيدُ للجزيرة العربية بهاءها كحاضنةٍ للوجود البشري. لم تكن الكهوف التي حلّلها العلماء مجرد تشكيلاتٍ جيولوجية، بل كانت أرشيفاً طبيعياً سجّلَ بتفاصيل دقيقةٍ كيف نبضت هذه الأرض بالحياة. تُخبرنا ترسباتُ كربونات الكالسيوم، التي حللتها تقنيات اليورانيوم والثوريوم، بقصة مناخٍ متقلب: أمطارٌ غزيرةٌ حوّلت الصحاري إلى سهولٍ خضراء، وأنهارٌ اختفت تحت الرمال، وكائناتٌ انقرضت تاركةً أحافيرها كشواهدَ على عصرٍ ذهبي. إنها نفسُ الأرض التي شهدت أولى هجرات الإنسان القديم، والتي احتضنت حضاراتٍ اندثرت تحت طبقات الزمن، لتُذكرنا بأن تاريخ السعودية ليس مجرد رمالٍ متحركة، بل جذورٌ ضاربةٌ في عمق الإنسانية، جعلت من هذه البقعة مركزاً لالتقاء القارات، ومختبراً طبيعياً لتكوين الحياة. هذا الاكتشاف العظيم ليس حدثاً علمياً عابراً، بل هو تأكيدٌ على أن الجزيرة العربية كانت - ولا تزال - مسرحاً لأعظم الملاحم الإنسانية. فكما حوّل أسلافنا الأمطارَ إلى أنهارٍ، والطينَ إلى قرى، نحن اليوم أمام تحدٍّ جديد: كيف نُحوّلُ هذا الإرث إلى فنونٍ تروي حكايات الأرض، وإلى مساراتٍ سياحيةٍ تأخذ الزائر في رحلةٍ زمنيةٍ من عصر الميوسين إلى الحاضر؟ تخيّلوا متاحفَ تفاعليةً داخل الكهوف، تُعيد بناء مشهد التماسيح التي سبحت هنا ذات يوم، أو مهرجاناتٍ فنيةً تُجسّدُ الهجرات البشرية عبر المنحوتات والضوء. إن كل حجرٍ في «دحول الصمّان» يمكن أن يصير لوحةً، أو قصيدةً، أو مقصداً للعالمين بالتاريخ والطبيعة. كما إنها دعوةٌ لرؤية تراب الوطن بعينٍ جديدة: فما كان يوماً جسراً للكائنات، يجب أن يصير اليوم جسراً بين الماضي والمستقبل. لن تكون السياحة هنا مجرد زيارة مواقع، بل ستصير حواراً مع الزمن، ولن يكون الفن مجرد زخرفة، بل لغة تُحيي ذاكرة الأرض. كما تحوّل كهف «لاسكو» في فرنسا إلى تحفةٍ فنيةٍ تعود لعصور ما قبل التاريخ، يمكنُ لـ«دحول الصمّان» أن تصير أيقونةً ثقافيةً تروي للعالم أن هذه الرمال كانت يوماً أرضَ الخصب، وأن مستقبلها سيُكتب- مرة أخرى- بلونٍ أخضر.


الشرق السعودية
١١-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- الشرق السعودية
يتجاوز 8 ملايين سنة.. السعودية توثق أطول سجل مناخي للجزيرة العربية
أعلنت هيئة التراث، التابعة لوزارة الثقافة السعودية، عن أولى نتائج "مشروع الجزيرة العربية الخضراء"، وهو مشروع علمي مشترك مع فريق بحثي عالمي، يهدف إلى دراسة دلالات الوجود البشري في المملكة على مدى عصور ما قبل التاريخ. شارك في الدراسة 30 باحثاً من 27 جهة محلية ودولية، أبرزها: معهد "بلانك" الألماني، وجامعة "جريفيث" الأسترالية، وعدة جامعات ومراكز بحثية من دول مختلفة، شملت ألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، والولايات المتحدة. وللمرة الأولى، وثَّقت الدراسة العلمية المنشورة في مجلة "نيتشر" (Nature)، التاريخ المناخي للجزيرة العربية منذ أواخر عصر الميوسين قبل نحو 8 ملايين سنة وحتى وقتنا الحاضر. وكشفت الدراسة عن سجل دقيق للمناخ القديم على أرض المملكة، من خلال تحليل 22 متكوناً كهفياً بـ"الهوابط والصواعد"، استخرجت من سبعة دحول تقع شمال شرق مدينة الرياض بالقرب من مركز شَوْية في محافظة رماح، وتُعرف هذه الكهوف محلياً باسم "دحول الصِّمَّان". ويشير هذا السجل إلى تعاقب مراحل رطبة متعددة أدت إلى جعل أراضي المملكة بيئة خصبة وصالحة للحياة، على عكس طبيعتها الجافة الحالية. وتناولت الدراسة حقبة زمنية كانت فيها أراضي المملكة من أكثر المناطق خصوبة على سطح الأرض، حيث كشفت عن وجود أنهار وبحيرات ونباتات وحيوانات متنوعة في دليل علمي يعزز من صورة المنطقة التاريخية. وازدهار بيئة الجزيرة العربية وكثافة غطائها النباتي خلال فترات زمنية عديدة، داعمة الأدلة السابقة التي تشير إلى وجود كائنات منقرضة مثل التماسيح وأفراس النهر والفيلة والزراف والأبقار والخيل، وكذلك العديد من الحيوانات المفترسة من إفريقيا، والتي ساهم وجود البحيرات والأنهار في توفير بيئة مناسبة لها في الجزيرة العربية. وأشارت هيئة التراث السعودية إلى أن الهدف من مشروع "الجزيرة العربية الخضراء" هو الكشف عن الأبعاد البيئية والتغيرات المناخية التي أثَّرت في المنطقة عبر العصور، ودورها في تشكيل الجغرافيا والبيئة الطبيعية، مما يعزز فهمنا للتاريخ الطبيعي للمملكة.


رؤيا نيوز
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- رؤيا نيوز
هيئة التراث: السعودية تضم أطول سجل مناخي في الجزيرة العربية
توصلت دراسة علمية أجرتها هيئة التراث معنية بالسجل الدقيق للمناخ القديم على أرض السعودية عبر تحليل 22 متكونًا كهفيًا تعرف محليًا بـ'دحول الصمّان'، إلى أن أرض السعودية كانت واحة خضراء قبل 8 ملايين سنة. إلى ذلك، أوضح المدير العام لقطاع الآثار بالهيئة الدكتور عجب العتيبي -في مؤتمر صحفي عقد اليوم بمقر الهيئة بالرياض- أن الدراسة كشفت عن أطول سجل مناخي في الجزيرة العربية يعتمد على الترسبات الكهفية، الذي يُعد أيضًا من أطول السجلات المناخية بالعالم، إذ يغطي فترة زمنية طويلة جدًا تبلغ ثمانية ملايين سنة. وبين أن نتائج الدراسة أبرزت أهمية الجزيرة العربية بصفتها منطقة تقاطع حيوي لانتشار الكائنات الحية بين إفريقيا وآسيا وأوروبا؛ مما يسهم في فهم تاريخ التنوع البيولوجي للكائنات الحية وتنقلها بين القارات عبر الجزيرة العربية، مشيرًا إلى أن هذه الدراسة تدعم نتائج التفسيرات حول كيفية تأثير التغيرات المناخية على حركة وانتشار الجماعات البشرية عبر العصور. ونشرت هيئة التراث مقالة علمية في مجلة 'نيتشر' (Nature) العلمية تحت عنوان 'الحقب الرطبة المتكررة في شبه الجزيرة العربية خلال الـ 8 ملايين سنة الماضية' (Recurrent humid phases in Arabia over the past 8 million years)، بالتعاون مع عدة جهات محلية ودولية تحت مظلة 'مشروع الجزيرة العربية الخضراء'؛ الذي يهدف إلى استكشاف التاريخ الطبيعي والبيئي للمنطقة. وشارك في هذه الدراسة 30 باحثًا من 27 جهة مختلفة محلية ودولية، من أبرزها هيئة التراث، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وجامعة الملك سعود، ومعهد ماكس بلانك الألماني، وجامعة جريفيث الأسترالية، وعدة جامعات ومراكز بحثية من دول مختلفة شملت ألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأميركية. وكشفت الدراسة العلمية عن سجل دقيق للمناخ القديم على أرض المملكة، من خلال تحليل 22 متكونًا كهفيًّا تعرف علميًا بـ 'الهوابط والصواعد'، استخرجت من سبعة دحول تقع شمال شرق منطقة الرياض بالقرب من مركز شَوْية في محافظة رماح، وتعرف هذه الكهوف محليًا باسم 'دحول الصمّان'. ويشير هذا السجل إلى تعاقب مراحل رطبة متعددة أدت إلى جعل أراضي المملكة بيئة خصبة وصالحة للحياة، على عكس طبيعتها الجافة الحالية، ووفقًا للنتائج، كانت صحراء المملكة التي تُعدُّ اليوم أحد أكبر الحواجز الجغرافية الجافة على وجه الأرض حلقة وصل طبيعية للهجرات الحيوانية والبشرية بين القارات أفريقيا، وآسيا، وأوروبا. واستخدم الباحثون أساليب علمية مختلفة لتحديد الفترات، وذلك من خلال تحليل دقيق للترسبات الكيميائية في المتكونات الكهفية، شملت تحليل نظائر الأكسجين والكربون لتبيان مؤشرات تغيرات نسبة الأمطار والغطاء النباتي عبر الزمن، مما ساعد على الكشف عن الفترات المطيرة وتقلباتها الرطبة على مدى ملايين السنين. وأجرى الباحثون تحليلًا لترسبات كربونات الكالسيوم باستخدام تقنيتي اليورانيوم-الثوريوم (U-Th) واليورانيوم-الرصاص (U-Pb) لتحديد تاريخ هذه المتكونات وكشف الفترات الرطبة بدقة، ومن خلالها فقد حددت عدة مراحل رطبة تميزت بغزارة هطول الأمطار؛ يعود أقدمها إلى أواخر عصر الميوسين منذ حوالي 8 ملايين عام، مرورًا بعصر البليوسن، حتى أواخر عصر البليستوسين. وأوضحت الدراسة أن هذه المراحل الرطبة أدت دورًا أساسيًّا في تسهيل تنقل وانتشار الكائنات الحية والثدييات عبر القارات المجاورة؛ فنتيجة هذه الدراسة (دليل وجود فترات رطبة متعاقبة عبر الـ8 ملايين عام الماضية) تدعم نتائج الدراسات الأحفورية السابقة في الحاجز الصحراوي العربي التي تشير إلى وجود أنواع حيوانية تعتمد على المياه في المنطقة، ومنها: التماسيح، والخيل، وأفراس النهر، فقد كانت تزدهر في بيئات غنية بالأنهار والبحيرات، وهي بيئات لم تعد موجودة في السياق الجاف الحالي للصحراء. وأوضحت هيئة التراث أن هذه الدراسة تأتي ضمن مخرجات مشروع 'الجزيرة العربية الخضراء'؛ الذي يمثل أحد المشاريع الرائدة لتعزيز البحث العلمي، وتوثيق التاريخ الطبيعي والثقافي لشبه الجزيرة, ويهدف المشروع إلى الكشف عن الأبعاد البيئية والتغيرات المناخية التي أثرت في المنطقة عبر العصور، ودورها في تشكيل الجغرافيا والبيئة الطبيعية، مما يعزز فهمنا للتاريخ الطبيعي للمملكة. وأكدت الهيئة التزامها بدعم البحوث العلمية وتوسيع نطاق التعاون الدولي في هذا المجال، مع تسليط الضوء على أهمية استدامة الإرث الطبيعي والثقافي، وكونهما قيد الاستكشاف، مع وجود دراسات جديدة قادمة ستسهم في إثراء معرفتنا حول هذه الموضوعات؛ ورغم هذه الاكتشافات المهمة، لا تزال الكهوف في المملكة العربية السعودية بحاجة إلى المزيد من الدراسات والاستكشافات العلمية، إذ تمثل هذه النتائج مجرد بداية لفهم أعمق لتاريخها الطبيعي وثرائها البيئي.


Independent عربية
٠٩-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- Independent عربية
صحراء السعودية كانت "واحة خضراء" قبل 8 ملايين عام
كشفت دراسة علمية حديثة نشرت في مجلة ( نايتشر) "Nature" عن سجل مناخي غير مسبوق استناداً إلى تحليل رواسب الكهوف المستخرجة من قلب الجزيرة العربية، يمتد لأكثر من 8 ملايين عام، إذ كشفت عن أن الأراضي السعودية كانت واحة خضراء قبل ذلك التاريخ. وتظهر هذه الدراسة التي أعلنت عنها هيئة التراث السعودية اليوم الأربعاء في الرياض أن المناطق الداخلية للجزيرة، التي تعد جزءاً من الصحراء العربية –واحدة من أكبر الحواجز البيئية الجغرافية على سطح الأرض– شهدت فترات رطبة متكررة على مر العصور، على رغم الاعتقاد السائد بأنها ظلت جافة باستمرار منذ نحو 11 مليون عام. وتعد هذه الصحراء التي تمتد من الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا إلى صحراء ثار في الهند، حاجزاً طبيعياً ضخماً أعاق حركة الكائنات الحية، بما في ذلك هجرات الإنسان القديم وأسلافه بين القارتين الأفريقية والأوراسية، مما أدى إلى تقسيم العالم إلى مناطق بيئية متميزة مثل المملكة الأفروتروبيكية والمملكة القطبية. وعلى رغم هذا الحاجز الدائم تكشف الأدلة الأحفورية من عصور الميوسين المتأخر (11.7-5.3 مليون عام مضت) والعصر الرباعي (منذ 2.6 مليون عام) عن وجود حياة مائية وحيوانات تعتمد على الماء مثل التماسيح، والخيول، وفرس النهر، والفيلة في المناطق الداخلية للصحراء العربية. وكانت هذه الكائنات مدعومة بوجود أنهار وبحيرات خلال تلك الفترات، وهي مظاهر طبيعية اختفت تماماً من المشهد الصحراوي القاحل اليوم. وأظهرت الدراسة أن هذه الفترات الرطبة لم تكن مجرد ظواهر عابرة، بل كانت متكررة وممتدة، إذ سجلت الرواسب الكهفية في وسط الجزيرة العربية تغيرات مناخية كبيرة على مدى ملايين الأعوام. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتشير النتائج إلى أن الأمطار خلال هذه الفترات الرطبة كانت تتناقص تدريجاً مع مرور الوقت، مصحوبة بتقلبات متزايدة في كمياتها، نتيجة ضعف تأثير الرياح الموسمية الجنوبية الغربية التي كانت تجلب الرطوبة إلى المنطقة. وتزامن هذا التراجع مع زيادة التغطية الجليدية في نصف الكرة الشمالي خلال العصر الرباعي، بدءاً من نحو 2.6 مليون عام مضت، عندما بدأت دورات التجلد والهدنة الجليدية تشتد، مما أدى إلى تغيرات جذرية في الغلاف الجوي وأنماط المناخ العالمي. يعتقد أن هذه الظروف الرطبة المتقطعة لعبت دوراً حاسماً في تسهيل هجرة الثدييات الكبيرة بين أفريقيا وأوراسيا، مما جعل الجزيرة العربية بمثابة جسر بيئي حيوي أسهم في التبادل البيئي الجغرافي على نطاق قاري واسع. ومن الأمثلة على ذلك أولى هجرات الإنسان العاقل (Homo) من أفريقيا إلى أوراسيا قبل نحو مليوني عام، والتي تظهر أن الحاجز الصحراوي لم يكن دائماً غير قابل للاختراق. وسلطت الدراسة الضوء على تحولات بيئية كبيرة في النباتات خلال العصر الجيولوجي الحديث المتأخر، إذ انتقلت النظم البيئية من الغلبة النباتية من النوع C3 (مثل الأشجار والأعشاب المحبة للظل) إلى النباتات من النوع C4 (مثل الأعشاب المقاومة للجفاف)، وهو تحول ارتبط بانخفاض مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وزيادة الجفاف العالمي. وعلى رغم أن هذا التحول غالباً ما يعزى إلى التصحر المتزايد، تشير الدراسة إلى أن قدرة نباتات C4 على التكيف مع انخفاض ثاني أكسيد الكربون ربما لعبت دوراً إضافياً في هذا التغيير. سجل مناخي نادر استُخرجت هذه الرواسب من منطقة شديدة الجفاف في وسط الجزيرة العربية، إذ يبلغ متوسط هطول الأمطار نحو 104 ملم سنوياً فحسب، وتتأثر المنطقة بمصدرين رئيسين للرطوبة هما الرياح الغربية متوسطة العرض القادمة من شرق البحر المتوسط خلال الشتاء، والرياح الموسمية الجنوبية الغربية التي تقتصر على الأجزاء الجنوبية من الجزيرة في الصيف. ومع ذلك، تظهر الرواسب أن الرطوبة كانت تصل إلى المناطق الداخلية خلال فترات معينة، مما أدى إلى زيادة الغطاء النباتي وتوافر المياه. ويعد هذا السجل المناخي واحداً من أطول السجلات الأرضية المتوافرة للجزيرة العربية، بل وأحد أطول سجلات السبيليوثيمات في العالم، مما يوفر رؤية جديدة حول تاريخ المنطقة المناخي والبيئي. وتؤكد الدراسة أن الجزيرة العربية لم تكن دائماً صحراء قاحلة كما هي اليوم، بل كانت تشهد فترات رطوبة دورية شكلت تاريخها الحيوي ودورها كمعبر للكائنات الحية عبر العصور. موقع أشباه البشر القدامى وكشف فيصل بيبي وهو عالم كبير في متحف التاريخ الطبيعي في معهد لايبنتز لعلوم التطور والتنوع البيولوجي في برلين، تعليقاً على الدراسة في المجلة نفسها أن الحزام الصحراوي العربي هو أكبر صحراء رملية على وجه الأرض، "عند النظر إليه من الفضاء، تجده عبارة عن بحر واضح من اللون الأصفر يمتد من المحيط الأطلسي شرقاً عبر شمال أفريقيا وإلى شبه الجزيرة العربية". ولفت إلى أنه على رغم الواقع الحالي الذي يجعل قليلاً من الأنواع -بشرية كانت أم غير بشرية– قادرة على البقاء على قيد الحياة في قحطه الصخري وقسوته القاحلة، ويشكل حاجزاً هائلاً أمام انتشار الحيوانات والنباتات بين أفريقيا وأوراسيا، "مع ذلك، قدم ماركوسكا وآخرون في مجلة "نيتشر" أدلة على وجود مراحل رطبة متعددة في شبه الجزيرة العربية على مدى الـ7 ملايين عام الماضية أو نحو ذلك. تتحدى نتائجهم فكرة أن شبه الجزيرة العربية كانت شديدة الجفاف بصورة دائمة، وتشير إلى أن المنطقة ربما كانت بمثابة جسر لانتشار الأنواع بين القارات، بما في ذلك أشباه البشر القدماء.


غرب الإخبارية
٠٩-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- غرب الإخبارية
هيئة التراث: "دحول الصمّان" تكشف عن أن المملكة كانت واحة خضراء قبل 8 ملايين سنة
أعلنت هيئة التراث عن توصل دراستها العلمية المعنية بالسجل الدقيق للمناخ القديم على أرض المملكة، من خلال تحليل 22 متكونًا كهفيًا تعرف محليًا بـ"دحول الصمّان"، إلى أن أرض المملكة كانت واحة خضراء قبل 8 ملايين سنة. وأوضح المدير العام لقطاع الآثار بالهيئة الدكتور عجب العتيبي -في مؤتمر صحفي عقد اليوم بمقر الهيئة بالرياض- أن الدراسة كشفت عن أطول سجل مناخي في الجزيرة العربية يعتمد على الترسبات الكهفية، الذي يُعد أيضًا من أطول السجلات المناخية بالعالم، إذ يغطي فترة زمنية طويلة جدًا تبلغ ثمانية ملايين سنة. وبين أن نتائج الدراسة أبرزت أهمية الجزيرة العربية بصفتها منطقة تقاطع حيوي لانتشار الكائنات الحية بين أفريقيا وآسيا وأوروبا؛ مما يسهم في فهم تاريخ التنوع البيولوجي للكائنات الحية وتنقلها بين القارات عبر الجزيرة العربية، مشيرًا إلى أن هذه الدراسة تدعم نتائج التفسيرات حول كيفية تأثير التغيرات المناخية على حركة وانتشار الجماعات البشرية عبر العصور. ونشرت هيئة التراث مقالة علمية في مجلة "نيتشر" (Nature) العلمية تحت عنوان "الحقب الرطبة المتكررة في شبه الجزيرة العربية خلال الـ 8 ملايين سنة الماضية" (Recurrent humid phases in Arabia over the past 8 million years)، بالتعاون مع عدة جهات محلية ودولية تحت مظلة "مشروع الجزيرة العربية الخضراء"؛ الذي يهدف إلى استكشاف التاريخ الطبيعي والبيئي للمنطقة. وشارك في هذه الدراسة 30 باحثًا من 27 جهة مختلفة محلية ودولية، من أبرزها هيئة التراث، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وجامعة الملك سعود، ومعهد ماكس بلانك الألماني، وجامعة جريفيث الأسترالية، وعدة جامعات ومراكز بحثية من دول مختلفة شملت ألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية. وكشفت الدراسة العلمية عن سجل دقيق للمناخ القديم على أرض المملكة، من خلال تحليل 22 متكونًا كهفيًّا تعرف علميًا بـ "الهوابط والصواعد"، استخرجت من سبعة دحول تقع شمال شرق منطقة الرياض بالقرب من مركز شَوْية في محافظة رماح، وتعرف هذه الكهوف محليًا باسم "دحول الصمّان". ويُشير هذا السجل إلى تعاقب مراحل رطبة متعددة أدت إلى جعل أراضي المملكة بيئة خصبة وصالحة للحياة، على عكس طبيعتها الجافة الحالية، ووفقًا للنتائج، كانت صحراء المملكة التي تُعدُّ اليوم أحد أكبر الحواجز الجغرافية الجافة على وجه الأرض حلقة وصل طبيعية للهجرات الحيوانية والبشرية بين القارات أفريقيا، وآسيا، وأوروبا. واستخدم الباحثون أساليب علمية مختلفة لتحديد الفترات، وذلك من خلال تحليل دقيق للترسبات الكيميائية في المتكونات الكهفية، شملت تحليل نظائر الأكسجين والكربون لتبيان مؤشرات تغيرات نسبة الأمطار والغطاء النباتي عبر الزمن، مما ساعد على الكشف عن الفترات المطيرة وتقلباتها الرطبة على مدى ملايين السنين. وأجرى الباحثون تحليلًا لترسبات كربونات الكالسيوم باستخدام تقنيتي اليورانيوم-الثوريوم (U-Th) واليورانيوم-الرصاص (U-Pb) لتحديد تاريخ هذه المتكونات وكشف الفترات الرطبة بدقة، ومن خلالها فقد حددت عدة مراحل رطبة تميزت بغزارة هطول الأمطار؛ يعود أقدمها إلى أواخر عصر الميوسين منذ حوالي 8 ملايين عام، مرورًا بعصر البليوسن، حتى أواخر عصر البليستوسين. وأوضحت الدراسة أن هذه المراحل الرطبة أدت دورًا أساسيًّا في تسهيل تنقل وانتشار الكائنات الحية والثدييات عبر القارات المجاورة؛ فنتيجة هذه الدراسة (دليل وجود فترات رطبة متعاقبة عبر الـ8 ملايين عام الماضية) تدعم نتائج الدراسات الأحفورية السابقة في الحاجز الصحراوي العربي التي تشير إلى وجود أنواع حيوانية تعتمد على المياه في المنطقة، ومنها: التماسيح، والخيل، وأفراس النهر، فقد كانت تزدهر في بيئات غنية بالأنهار والبحيرات، وهي بيئات لم تعد موجودة في السياق الجاف الحالي للصحراء. وأوضحت هيئة التراث أن هذه الدراسة تأتي ضمن مخرجات مشروع "الجزيرة العربية الخضراء"؛ الذي يمثل أحد المشاريع الرائدة لتعزيز البحث العلمي، وتوثيق التاريخ الطبيعي والثقافي لشبه الجزيرة, ويهدف المشروع إلى الكشف عن الأبعاد البيئية والتغيرات المناخية التي أثرت في المنطقة عبر العصور، ودورها في تشكيل الجغرافيا والبيئة الطبيعية، مما يعزز فهمنا للتاريخ الطبيعي للمملكة. وأكدت الهيئة التزامها بدعم البحوث العلمية وتوسيع نطاق التعاون الدولي في هذا المجال، مع تسليط الضوء على أهمية استدامة الإرث الطبيعي والثقافي، وكونهما قيد الاستكشاف، مع وجود دراسات جديدة قادمة ستسهم في إثراء معرفتنا حول هذه الموضوعات؛ ورغم هذه الاكتشافات المهمة، لا تزال الكهوف في المملكة العربية السعودية بحاجة إلى المزيد من الدراسات والاستكشافات العلمية، إذ تمثل هذه النتائج مجرد بداية لفهم أعمق لتاريخها الطبيعي وثرائها البيئي.